Skip to main content

Full text of "barbar"

See other formats


kitabweb-2013.forumsmaroc.com 


غابرییل کامب 


: هذا الکتاب ترجم عن النص الأصلي‎ 
Titre : Les berbères. Mémoire et Identité 
Auteur : Gabriel CAMPS 
Editions : Babel, Actes Sud, Paris, 2007 


طبع بدعم من مصلحة التعاون الثقافي 
التابعة لسفارة فرنسا فى المغرب 
Publié avec le concours du Service‏ 


de Coopération et d'Action Culturelle 
de l’ Ambassade de France au Maroc 


© افریقیا الشرق 2014 

حقوق الطبع محفوظة للناشر 

تاليف : غابرییل کامب 

ترجمه : عبد الرحیم حزل 

عنوان الكتاب: البربى ذاكرة وهوية 

رقم الإيداع القانوني : 2010/2843 

ردمك : 978-9981-25-752-8 

آفریقیا الشرق - المخرب 

9 مكررء شارع یعقوب النصور - الدار البیضاء 
« الهاتف : 04 95 25 0522 / 0522259813 الفاكس : 20 29 25 22 05 
e‏ الهاتف : 0522296754 / 53 67 29 22 05 الفاكس : 72 38 48 22 05 


E.mail : africorient@yahoo.fr : البرید الالکترونی‎ 
www.afrique-orient.com 


غابرییل کامب 


8 آفریقیا الشرق 


مقدمة الترجمة 


او لا او لف : 

غابرییل کامب مؤرخ وعالم إناسة فرنسي (الجزائر» 20 ماي 1927 - فرنساء 6 
شتنبر 2002). بدأ عمله مدرساً بالستویات الثانوية في الجزائر خلال السنوات من 
0 إلى 1956. وتقلد فیها مجموعة من الهام العلمية» كان مبتدژها بالاشراف 
على أحد الختبرات الکبری التابعة ل«المركز الوطني للبحث الاجتماعي» (CNRS)‏ 
وهو الختبر الذي كان ضم بين جنباته پومثذ لفیفاً من الباحثين» صاروا في ما بعد 
یکونون ما یعرف ب «مدرسة الجزائر»» وأبرز أعضائها كان کامب . ولقد لمع نجم الرجل 
خاصة من يوم أسس لیونیل بالو «الرکز الجزائري للبحوث الأنثروبولوجية وما قبل 
التاریخ والائنوغرافیة» (CARAPE)‏ في سنة ۰1955 ثم آلت ادارته بعد ذلك إلى 
كامب» وظل على رأسه إلى سنة 1969. وعين LAS‏ كذلك أستاذاً بجامعة الجزائر 
سنة ۰1962 وامتد عمله بها إلى سنة 1969. وفي هذه السنة أنشأ بجامعة إكس آون 
بروقونس «مختبر البحوث الأنثروبولوجية وما قبل التاريخ لبلدان غرب الأبيض 
المتوسط» .(LAPMO)‏ وخلال تلك الفترة تولى كذلك إدارة «المتحف الوطنى 
للإثنوغرافيا وشوّون ما قبل التاريخ بباردو» (MNEPB)‏ وإدارة مجلة ليبيكا 
.(Libyca)‏ كما تولى إدارة «معهد الأبحاث الصحراوية وعلوم الإنسان» (IRS)‏ 
وتقلد كامب كذلك مجموعة من الهام العلمية ذات الصبغة الدولية؛ فكانت له 
عضوية في «اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لعلوم ما قبل التاريخ وقبيل التاريخ» 
«(CEUISPP)‏ وفي «الجمعية الدولية لدراسة أديان ما قبل التاريخ والعراقات» 
«(AIERPA)‏ وفي «الاتحاد الدولي لعلو م الإناسة والعراقة» (UISAE)‏ وعضوية 
في مكاتب جمعيات عملية عديدة» من جملتها «جمعية دراسة علوم الانسان في 
شمال افریقیا» «(AESHAN)‏ و«مركز أبحاث ودراسة الجتمعات المتوسطية» 
(CRESM)‏ و«أكاديمية علوم ما وراء البحر» (ASOM)‏ 


5 


لاحظ کامب من تقلیبه النقدي في الابحاث السابقة» التي خاض بها آصحابها 
في شؤون التاريخ خ البشري خلال الحقبتين قبل التاريخية وقبیل التاريخية. أن الحقبة 
اال 
تلاها من عصور الانسان في منطقة شمال إفريقيا. فكانت من الدوافع إليه (كماوجد 
دافعاً في الاطروحة التي أنجزها يومئذ ليونيل بالو في موضوع «شمال إفريقيا قبل 
التاریخ» (1955))» إلى إنجاز أطروحته الرئيسية للدكتوراه عن بلاد البربر في حقبة 
قبيل التاریخ في موضوع «أصول بلاد البرببر : معام وطقوس مقابرية من الحقبة 
قبيل التاريخية» (۰1961 628 ص). ثم أتبعها بأطروحة تكميلية» كرسها لمنطقة 
شمال Lau‏ خلال المهرد dé E‏ انلیب في E‏ 
الملك النوميدي العظیم ماسينيساء وأسماها «أصول بلاد البربر : ماسينيساء أو 
بدايات التاريخ» )41962 320 ص). فكان بهذين الكتابين» اللذين أنشأهما في بداية 
مساره في البحث الجامعي» قد رسم لنفسه السبيل التي ستظل ديدنه في الدراسة 
والبحث والتأليف لزمن مدید قد طال به أربعين سنة» ثبت خلالها بأعماله الزاخرة 
والرائدة لركائز البحث فى منطقة شمال إفريقيا خلال الحقبة قبيل التاريخية» وما 
فتی يهدي السبل إلى دراسة البربر» بعد أن كانت الأبحاث في هذا الموضوع يعتورها 
الكثير من الانقسام والتسعت: 

ولقد تنوعت المجالات التي ضرب فيها كامب بسهامه في التاريخ البشري 
لکنه آثر بدراساته خاصة الحقبة ما قبل الرومانية في منطقة شمال |فریقیا . وظل عالم 
البربر آهم الحاور التي استقطبت اهتماماته وانشخالاته. كما تشهد علیها كثرة مؤلفاته 
ودراساته فيه» ومن آبرزها مدخل إلى ما قبل التاريخ (۰1982 448 ص). ولذلك 
یجزم أحد رفاق کامب في الدراسة والبحث جیهان دیسانج» OÙ‏ ذلك التنوع 
الکبیر في أعمال الرجل لا يخفي أن مرکزها وقطب الرحی فيها إنما كانت دراسة 
العالم الليبي البربري عبر العصور . 

ومن الاطوار الرئيسية في مسار کامب العلمي تعتبر سنة 1970 منعطفاً حاسماً 
في جهوده لتحريك البحث في شوون البربر. ففي تلك السنة أطلق کامب وفریقه 
العلمي مشروعه العظيم» التمثل في الوسوعة البربرية. لکن هذا الولود لم یلق في 
حينه الترحیب الستحق من آوساط اللسانيين والعراقيين الشتغلین بالعالم الغاربي 
وعالم البربر؛ فکثیرون منهم کانوا یعتبرون قضية البربر لا تزید عن دعوی من 


1 - Jehan Desanges, «In memoriam G. Camps. Témoignage», Encyclopédie berbères, tome 25, 
p. 3788. 


اختلاق الأباء البیض» الذین عرفوا خاصة بدفاعهم عن لغة القبائل وثقافتها ولقي 
هذا الوقف کذلك سنداً من الحكومة الجزائرية» هی التی آدرجت العراقة فى سلة 
«العلو م الاستعماریة». ولقد ابر کامب نها sel‏ الوسوعة في طبعة 
مؤقتة بطريقة الاستنساخ إلى ما بعد عددها العشرین» ویومها لقي هذا الجهود 
الالتفاتة والتنویه من الیونسکو» 22 الصدور للعدد الأول عن Edisud‏ سنة 
4 وقدم له کامب بمقدمة وافية من أربعين صفحة. هي في الحقيقة إجمال لكتابه 
هذاء الذي نقدم Elan‏ العربية» وختمها ببيان لماهية هذه الموسوعة وعرض 
لأهداف هذا المشروع . فهذه الموسوعة جاءت لتساعد في تذليل الصعاب المتصلة 
بقضايا البربر وتسعف الباحثين في شؤون بلدان المغرب» والصحراء والساحل 
والمناطق المجاورة للنيل بتصنيف منهاجي للمعارف المتعلقة بمجموع ساكنة هذه 
المناطق. والموسوعة تنشد نفض الغبار عن العناصر الداخلة في تكوين الإنسان 
الإفريقي والتوسطي؛ بتعميق البحث خاصة في من سموا «الليبيين» في العصور 
القديمة» و«البربر» في العصور الوسطى» و«الأمازيغ» اليوم. ولذلك شدد كامب 
على وجوب تمييز الوسوعة البربرية عن موسوعة الإسلام؛ فهذه الأخيرة تظل هي 
الأداة التي ليس عنها استغناء لدراسة كل ما يتصل بالبلاد الإسلامية”. 

ولقد شكلت الموسوعة البربرية ملتقى للفيف من دارسي البربر» وكان 
كامب أكثرهم إسهاماً في هذا المشروع العلمي الک فا وشن لها ات 
والدراسات (بلغت أعداد المجلدات الصادرة من هذه الموسوعة قيد حياة كامب 
أربعة وعشرين؛ با مجموعه 000 4 صفحة أنشأ هو نصفها)ء وبعضها كان يحرره 
بأسماء مستعارة» من جملتها : «C. Agabis :EB‏ أو JC. El Briga‏ أن توفى 
عتهاء قتولاها من تلیده ورفقه سالم شاکر3. | 

وکان لمنطقة الغرب الکبیر (بلدان الغرب فى الوقت الحاضر) ایثار خاص فى 
الأبحاث والدراسات التي أنشأها کامب؛ خاصة خلال الحقبتين قبل ی 
وقبيل التاريخية. ون متاك نيه بخ رو E‏ مريت MU ER‏ باب فيل 
التاريخ (2336:1974). والمعين ني الأبحاث التاريخية ,)24601979 وطبعة ثانية 
سنة 1990( وما قبل التاريخ. في البحث عن الفردوس الفقود )11982 3 ص 
وقد توج من لدن الأكاديية الفرنسية وترجم إلى الإيطالية في 1985(« وإفريقيا 


Gabriel Camps, «AVERTISSEMENT», Encyclopédie berbères, tome 1, pp. 47-48.‏ - 2 
3 - واصل سالم شاکر إصدار «الوسوعة». التي بلغت أعدادها الصادرة إلى اليو م )2013( ستة وثلائین. 


بصيغة التأنيث (۰1992 353 ص)» وهو مجمع du‏ سر SN AS,‏ 
EN‏ تار ls‏ 5 کامب كذلك على إصدار مؤلفات 
جماعية لباحثين یشارکونه بعض اهتماماته. كما أنشأ سلسلة آطالس ما قبل التاریخ 
لحوض البحر الأبيض التوسط (صدرت منها عشرة آجزاءع)» وکانت كذلك ثمار 
آبحاث آنجزها طلابه (برسم شهادة الأستاذية ودبلوم الدراسات العمقة). كما أطلق 
سلسلة آخری هي أطلس تونس لما قبل التاريخ (صدرت منها کذلك عشرة آجزاء). 

وإذا كان کامب قد ابتداً آنشطته العلمية في النطاق الجزائري؛ وخاصة الجال 
الصحراوي. فاهتم بالتقلیب في النقائش والرسوم الصخرية خلال مهام عديدة 
كانت له إلى الهقار وتاسيلي نعاجرء فلقد اهتم بتلك الأمور کذلك خلال بعثاته إلى 
الغرب وتونس. وکانت له مشارکات متواصلة للبحث فى جبال الأطلس الغربية 
خلال عهود ما قبل التاریخ. وقاده فضوله في الأخير إلى الاهتمام باللاحة في البحر 
الأبيض التوسط» وسكان الجزرء والاهتمام خاصة بتجارة السبج» وقد كانت من 
الظواهر البارزة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوشط خلال العصر الحجري 
الأوسط؛ فهذا تأدى به بطبيعة الحال إلى كورسيكاء وقد كانت آخر مجال غني 
بالیحث ai‏ فخصها بمقالات عديدة» LS‏ تناولها بكتاب هام أصدره سنة 1988 
(أصول جزيرة کورسیکا في ما قبل التاریخ» 1988 283 ص). 

وکانت لکامب مشارکات فى العدید من الجلات الفرنسية والأجنبیة» وفی 
العدید من المؤتمرات» آثمرت فى ما بين سنوات 1952-1945 و2002 أكثر من 
50 ودرا حاط وزيا رف اس واه ا ان ف تاه ای 
عبر مختلف الأژمنة. لکن کامب یظل بأبحائه ودراساته العديدة التي تناول بها 
دري اسان عام :و a‏ عه جا يه + لي de de‏ يؤئر في تلك 
الأبحاث والدراسات الحقبة قبيل التاريخية؛ وهذا آمر قد نوه إلى أهميته ووجاهته 
ابتداء من كتابه الثاني عن ماسینیسا. فقد ميز في مقدمته بين الهتم بدراسة الحقبة 
ما قبل التاريخية؛ فهو يراه متقيداً بدراسة الوثائق المادية» وبين المهتم بدراسة الحقبة 
التاريخية» وهو يراه ينساق با يملى عليه سحر النصوص» وأما الدارس المشتغل 
بالحقبة قبيل التاريخية فهو عنده ملزم بأن يعرف كيف يستخلص من الحفريات أكبر 
قدر من المعلومات» Dis‏ يستقرئ النصوص النادرة التي تخلفت من تلك الحقبة 
ليمسك من خلال ذلك كله بالخيط الرفيع الذي بدونه لا يتحقق شيء من فهم تلك 
الحقبة الدقيقة في تاريخ الانسان*. 


4 - Gabriel Camps, Massinissa, Arts et métiers graphiques, 1960, p. 3. 


لکن غابرییل کامب. مع كثرة فتوجاته في مجال البحث الاكاديي؛ وربا بسبیها 
کذلك (ومن جملتها ذلك الاکتشاف منه لعصر برونزي في منطقة شمال افریقیا 
وذلك الوصل البتکر منه للبربر بالانسان العاقل في منطقة شمال افریقیا (إنسان 
مشتی العربي)» وتلك الاستقراءات الذكية منه للنقانش والاثریات التخلفة من 
غابر الأزمان)» لم يسلم من الاختلاف حوله من الباحثین الجتمعین وإياه على 
الاهتمامات نفسها؛ سواء في ما قدم بين آيدي البحث الأكاديمي من براهين وأدلة 
أو في ما خلص إليه من نتاتج. ولعل من أول ما يكن مژاخذته به» کمعظم الدارسین 
الأجانب لما يتصل بعالنا العربي والاسلامي» قلة العرفة بالصادر العربية» والاقتصار 
منها عامة على الترجمة إلى اللغات الأجنبية» وفداحة الاخطاء التي يكن أن تنجم 
عن ذلك النقص العرفي في ما یتعلق بقضایا الانسان في العالین العربي والاسلامي 
واخصوصیات الثقافية والاجتماعية للعرب والسلمین. ومن قبیل ذلك أن القاری 
یلحظ أن جل القارنات التي یعقدها المؤلف في سياق مقاربته للبربر قديماً وحديثاً 
يكاد يقتصر فيها على نطاقات جغرافية دون غيرها (إيثاره على سبيل التمثيل للظواهر 
التي تسعفه بها صقلية وقبرص والجزيرة الإيبيرية)» انسجاماً والأطر النهاجية التي 
توسلها إلى مقاربة هذا الوضوع » الذي يقر هو نفسه بتعدديته وغلبة الرجم والشك 
فيه على الجز م واليقين. 


خانیاً الكتاب 1 

يكتسي هذا الكتاب أهمية خاصة لاعتبارات عديدة؛ يأتي في مقدمتها ما صار 
للبربر (الأمازيغ) اليوم من تواتر الاهتمام في البلدان الغاربية عامة» وفي المغرب 
بوجه خاص؛ كما نرى بعض أوجهه في اتساع نطاق الحضور الثقافي والاعلامي 
الذي صار يحوزه المكون البربري (الأمازيغي) في هذه البلدان والاهتمام الكبير 
الذي صارت تلقاه اللغة البربرية (الأمازيغية) في دساتيرها وفي برامجها التعليمية. 
فهي اعتبارات قد عززت من الحاجة إلى مزيد تعرف على أصول البربر» ورحلتهم 
المديدة في التاريخ» وإبراز ما كان لهم فيه من ألوان المساهمات» والتعرف إلى 
تقاليدهم. وأساليبهم في العیش» واستكناه العناصر المكونة لثقافتهم واجتماعهم. 
فلقد أثبت البربرء والناطقون بالبربرية» في منطقة شمال إفريقياء على امتداد تاريخهم 


9 


الطويلء آنهم لیسوا بالاقلية «الزهيدة»» التي یسهل إقصاؤهاء أو غض الطرف عنها 
أو احتوازها بشتی آنواع الغزو والهيمنة”. 

ولعل بعض شيء مما یدلنا على المكانة الرموقة التي يتبوأها هذا الکتاب بين 
آعمال کامب طبعاته التتالية (آربع (مر کزیة» (في فرنسا)» وثلاث «محلية» في 
کل من الجزائر» وتونس» والغرب)؛ فهو يمثل بحق موسوعة مصغرة JR‏ ما یتصل 
بالبربر في سائر ما طبعوا من الأزمنة» وعمروا من الأمكنة . وحتی لیصح أن نقول إن 
المؤلف قد أجمل فى هذا الكتاب عملّه الوسوعی الجبار فى هذا المضمارء والذي أدار 
عليه تلك الوسوعة البربریة. | i‏ 

وفوق هذه الاعتبارات الراهنة» هنالك اعتبار آخر بالغ الأهمية» وقد كان كذلك 
من موجهات كامب إلى الاشتغال بالبربر؛ نريد خصوصیتهم المائزة لهم بين سائر 
الاقوا م التي عمرت عالنا من قدي الأزمان. فالبربر قد عمروا فوق ما عمر سواهم 
کثیرون. والبربر قد صمدوا لتقلبات التاریخ» وغزو الغزاة» ومحاولات الاحتواء 
والطمس» والتذویب؛ فكأنهم الجری الثابت الذي ظل موصولاً بعد انقضاء 
احضارات. والدول. والامبراطوریات التي تعاقبت على منطقة شمال افریقیا. 
ولا تزال تری للبربر وجوداً إلى اليو م في آکثر من ائني عشر بلداً» وعلی نطاق شاسع 
يمتد من غرب مصر إلى أقصى الشمال الافريقي» ومن البحر الابیض التوسط إلى 
جنوب النيجر. وإذا كان البربرة والناطقون بالبربریه؛ يشكلون مع ذلك آقلية بين 
ساكنة منطقة شمال إفريقياء فهي أقلية لها وزن وأهمية» هم الذین s‏ ابم 
اليو م با بين 20 و9025 من ساكنة الجزائر» وبين 35 و9640 من ساكنة الغرب*. 

ولقد اختلف المؤرخون في رصد آصول البربر» وان غلب عندهم الرجوع 
بتلك الأصول إلى الشرق؛ يستوي بینهم القدامی والحدون والأجانب والعرب . 
كما ویکادون یتفقون على التأريخ لمجيئ البربر إلى منطقة شمال إفريقيا قبل تسعة 
آلاف سنة . لكن بين المشتغلين بالبربر كذلك من يجعل لهم أصولاً إغريقية» وإيجية 
(نسبة إلى بحر إيجة)» بل إن منهم من يرتدٌ بالبربر إلى الشمال الأوروبي» فيدخلهم 
في السلتيين . ومن المعلوم أن البربر قد استوطنوا منطقة شمال إفريقياء وشكلوا فيها 
قبائل» واتحادات قبلية» وأقاموا لهم فيها مالك عديدة. ثم ابتلوا في ما بعد بالاحتلال 
الروماني» وعرفوا التمسيح» ودخلوا تحت الهيمنة الونداليةء والبيزنطية بعدها 
وتعرضوا للغزو العربي» فانقلب منهم كثيرون إلى الإسلام . 


5 - Salem CHAKER, «La question berbère dans le Maghreb contemporain : éléments de 
compréhension et de prospective», Diplomatie - Magazine, 3, mai-juin 2003, p. 75. 
6 - Salem Chaker, op. cit. 


10 


وکما اختلف البربر أصولاً وأنساباً عند الژرخین. فکذلك اختلفوا آسماء عبر 
تاریخهم المديد؛ فهم «الليبو» و«التمحو؛ا. وهم «الماكسيس») و«المازيس». وهم 
«الجيتول» واالنومیدیون» الخ. وإذا کانوا قد اشتهرواء ولا یزالون باسم «البربر» 
(الذي یژثر عليه آبناء جلدتهم اليو م اسم «الأمازيغ»)» فلأنه الأنسب لتعریف هذه 
الاقوام؛ فربما كانت لا تشترك في غير لهجاتهم اللغوية (فهي US‏ تقوم لهاء برأي 
غير قلیل من الدارسین» ممايزاً عن الاقوام الاخری)؛ مع إنكار کامب نفسه أن تکون 
اللغة البربرية تسعف في التعرف إلى البربر ورحلتهم في الزمان بأكثر ما قد تسعف 
عليه غیرها من العطیات الإناسية والعرقية. فالبربر قد دخلت في تكوينهم الکثرة 
الكثيرة من الاقوام یجتمع فیها السريان» والعرب. والیهود؛ والکوشیون» والاریان 
والفینیقیون والکنعانیون والایبیریون» والوندال» والاغریق واللاتين» والزنوج 
(حسب الترتیب الذي جاء لهم به بویتش وفيري)" وسواهم کثیرون» وکذلك 
اندخلت لغتهم بالکثیر من اللغات التي اتصلت بها بشتی آنواع الاتصالات. 

ویسودبین البربر تنوع آخر كبير في العادات. والتقاليد» والادیان؛ وما استوطنوا 
من جهات ومناطق (وكثيرة هي البلدان التي استوطنها البربر في قدي الزمان 
ثم صاروا لا یکادون یذ کرون بهاء کمصر والسنغال» وجزر الكناري» إلخ (C.‏ 
والتي یخطی من يقصرها على منطقة شمال إفريقياء أو یختزلها في بلدین اثنين من 
هذه النطقة؛ الغرب والجزائر. 

وفی مقابل هذا الوجود التمیز الذي كان للبربر» أو بسببه أيضاًء تری الهتمین 
ER‏ الأقوام كأغا يعجزون عن الاحاطة بالجرد والوصف بادة على هذا القدر من 
التنوع ؛ فلا یسمهم إزاءها إلا أن ير كبوا مراکب التجزيء والاقتطاع السف . ولذلك 
فقد JE‏ معظم تصور الدارسین للبربر قاصراً عن تعمق هذه الاقوام والاحاطة 
بخصوصیتها. فتراهم - بتعبیر س. شاکر = یقطعون بهامشية البربر» وعجزهم 
السياسي المتأصل» الذي يرونه یسفر في حالة من التشرذم» وعدم القدرة على 
تشکیل دولة لهم» وغيابهم التام بالعنی التاريخي. فالبربر إذا ما قیسوا إلى قرطاجة 
وروماء آو قورنوا De‏ بدوا أقواماً غير ذات شأن أو أهمية؛ فكأنهم لا یزیدون 
عن «مادة سالبة» كانت تشكل ويعاد تشكيلها Le‏ يقع عليها من غزو الغزاة!؟ 


7 - Gilles Boetsch et Jean-Noël Ferrie, «Le paradigme berbère : approche de la logique classifi- 
catoire des anthropologues français du XIX" siècle», In: Bulletins et Mémoires de la Société 


d'anthropologie de Paris, Nouvelle Série, Tome 1, fascicule 3-4, 1989. pp. 266. 
.37 هنا بالذات» ص.‎ -8 


11 


ثم ele‏ غابرییل کامب. فنحا منحی مغايراً في مقاربة هذا الوضوع . فالرجل 
قد جاء متسلحاً برؤية جامعة إلى البحث التاريخي عامة والدراسات البربرية بوجه 
خاص؛ فهو فيه يأخذ بمختلف العلوم السعفة على دراسة الانسان. ولقد أكد من 
خلال مجموعة من الأبحاث في عالم البربر» يعد هذا الکتاب Ge‏ زبدتها ومحصلتها 
على وحدة هذا العالم» وعلى الاستمرارية البربرية في منطقة شمال إفريقيا. وكامب 
يروم في هذا الكتاب استجلاء تاريخ هذه الأقوام» بعد أن كان الجهل يسود بمعظم 
جوانب تكونها وخصوصيتها؛ وهي التي تمثل اليوم ساكنة من حوالي ستة عشر 
مليوناًء ویبحث خاصة في الأسباب من وراء تلك السيطرة التي وقعت على البربر 
من أكثر من حضارة وقومية» ويتوقف خاصة عند ذلك الاحتواء الكاسح الذي وقع 
عليهم من الحضارة العربية الإسلامية. وجاء كامب يفكك الأساطير والخرافات التي 
نسجها الأجانب والعرب سواء بسواء بشأن البربر» وثقافتهم وأصولهم. والكتاب 
يمثل أول محاولة في مقاربة تاريخ البربر بالتوسل بجماع من العلوم - تدخل فيها 
احفریات. والجغرافياء والعراقة» الاناسة» واللسانيات» إلخ. - وهاجس تركيبي 
لائح للملمة شعث تاريخ من الصراع لصون الهوية البربرية من رياح الاجتياحات 
الاجنية التي توالت على هذه الأقوام الضارية بجذورهافي أعماق التاريخ الانساني. 

فالبربر الذين عرف عنهم» بتعبير کامب. أنهم يتلقون بسهولة لكن يهجرون 
بصعوبة”» قد استطاعوا الصمود والبقای على الرغم مما نابهم من صنوف الغزو 
والاجتياح» والتذويب» وإن يكن متهم من صاروا في وقت من الأوقات بونيقيين 
ومن صاروا روماناء ومن باتوا اليوم معدودين في الغرب. والبربر قد استطاعوا 
الاستمرار على عاداتهم؛ والحافظة على لختهم» وتقنياتهم التقليدية (كما نری بعض 
أوجهها في الأثاث» وفي الزراعة» وفي المصنوعات اليدوية» إلخ.). ولعل في هذه 
العوامل مجتمعة تفسيراً كذلك لكثرة الدراسات التي تناولت البربر» حتى ليجزم 
كامب أنه لا توجد أقوام قد وقع البحث في أصولها من الاجتهاد والتلفيق بقدر ما 
و LA‏ 

ولقد سعی کامب إلى مقاربة موضوع على هذا القدر من التشابك والتضارب 
في الصادر والاراء» فنحا في تناوله له بكتابة سلسة بديعة» وتوخی فيه جهد الامکان 


9- هنا بالذات» ص. 320. 
0 - هنا بالذات» ص. 55. 


12 


بناء الوقائع المؤسسة لتاریخ البربر بالتسلسل الزمني 6 وهو شيء لائح من مجرد 
التمعن في الفصول التي وزع إليها کتابه. كما ونلمس هذا النهاج لدیه في التجریح 
الذي تناول به النظریات التي سبقته إلى البحث في موضوع البربر» والعودة على 
أكثرها بالتفنيد؛ ففقهاء اللغة» والمستشرقون في العصر الحديث لم يكادوا يزيدون 
على اختلاف توجهاتهم في البحث» وأساليبهم في الاستقصاء عن الإمعان» في 
تلبيس البحث عن الحقيقة في موضوع البربر وذلك لأسباب تكاد تكون واحدة 
فهي تجتمع في نقص المعارف بقضية اليربر'. ومع ذلك فكامب لا يزعم أنه يقبض 
في هذا الوضوع على الحقيقة التي تفلتت من بين أيدي من سبقه إلى التقليب فيه 
لكن أفضلية مساهمته في الحرص الشديد الذي كان منه على استيضاح التشابكات 
الكثيرة التي تحف بهذا الموضوع . 


الفصل الأول 

عرض في البداية للأساطير التي حيكت في أصول البربر» وقد ارتد فيها إلى 
عهد هيرودوت» الذي نسب البربر إلى الطروادیین. وتدرج مع الأساطير التي 
نسجت في تعقب أصول البربر؛ فكانت الأسطورة التي تردهم إلى الأصلين 
اليدي والفارسي (سالوستيوس وهیمبسال) والأسطورة التي تردهم إلى الأصل 
الكنعاني (بروکوبیوس). كما عرض لاساطیر آخری من العصور القدية» وتدخل 
في جملتها تلك التي ترد البربر إلى الهنود (سترابون)» والتي تردهم إلى الموسينيين 
(بطليموس). وكلها أساطير قد تناولها كامب بالبسط والاستعراض» ثم عاد عليها 
بالتجريح والتفنيد. فأكثر هذه الأساطير أقامها أصحابها بوهم أن البربر يشكلون شعباً 
(أو جنساً)ء فصاروا يتكلفون البحث له عن أصول؛ عمدتهم فيها ما وقفوا عليه من 
تشابهات في الأسماء بين مجموعة من الأقوام ومجموعة من الأماكن. ولا يش 
عن هذا التصور لأصول البربر ما جاء عند المؤلفين العرب (ابن خلدون والبكري 
والسعودي) إلا في المنحى الأبوي الذي درج عليه هؤلاء النسابة (ويعزوه كامب 
إلى البونیقیین)؛ في ارتدادهم بأصول سائر الاقوام re à‏ 
في شتى أنحاء المعمور. غير أننا لا نعدم عن ابن خلدون نفسه ميلاً في الخروج عن 
تلك الأحادية فى تصنیف أصول البربر. قهو:]ذا كان يرد البربر إلى كنعان ابن نوح 


11 - Lucien Golvin, «G. Camps, Berbères aux marges de l'Histoire», In : Revue de l'Occident 
musulman et de la Méditerranée, N°32, 1981, p. 166. 
12 - Golvin, Op. cit., p. 163-164. 


13 


فانه يستثني منهم صنهاجة وكتامة» فیردهما إلى اليمنية» وبعض نسابة البربر یردهم 
إلى العرب (حمیر)"!. غير أن تلك الاساطیر في بحث أصول البربر لم تقتصر على 
القدامى» بل وقع فيها كذلك الباحثون والمستشرقون الأوروبيون العاصرون» وحتى 
لقد فاقوا في جموح الخيال كتاب الأساطير القديمة» وان يكونوا توسلوا في بحث 
هذه الأصول بالمنهاجين الفقهي اللغوي والحفري الأثري“'. 

فأما الأول فقد اختص به دارسون ألمان» وهؤلاء استندوا إلى مجموعة من 
القرائن المتشابهة بين البربرية ولغات عديدة؛ فمن رد البربر كذلك إلى الكنعانيين 
(موفرز) ومن ردهم إلى الهنود (كاتبرونر» وریتر» وهي الدعوى نفسها التي كان 
سبقهم إليها سترابون)» بل ردهم آخرون إلى الإغريق (بیرئولون). لكن هذه 
الدعاوى لم تصمد لا آرید لها من نتائج عرقية؛ ذلك بأنها تقطع بثبات ما وقع 
الاحتجاج به من أقوام على مديد القرون. 

وأما الثاني فقد برز فيه دارسون فرنسيون» وهو يبدو للوهلة الأولى أقل شطحا 
من المنحى الأول ذي الطبيعة اللغوية» لأن الأطروحة الاثرية تقوم على مرتكزات 
مادية تتمثل في المخلفات الأثرية لهذه الأقوام. لولا أن هذا المجال قد غلبت عليه 
المسبقات القومية والنوازع الإديولوجية. وما أكثر علماء الآثار الذين انبروا يتنازعون 
في رد الدلمنات والأنصاب القابرية في شمال إفريقيا إلى ما يؤثرون ويستحبون من 
الأقوام. وتظهر النزعة الاستعمارية سافرة لدى بعض هؤلاء العلماء لا يفلحون في 
حجبها بما يتوسلون من وسائل وأدوات علمية. فمن رد تلك المآثر إلى الدرويديين 
(روزي وگویون) ومن أرجعها إلى الغاليين (فیرو) ومن نسبها إلى الأرموريكيين 
(بیس). ولعل أبرز الأمثلة في هذا الباب ذلك الاستبسال الذي كان من البعض لرد 
الدلنات التي في الجزائر إلى السلتين» با يعني أنهم يردونها إلى الأصل الفرنسي". 

وفي مقابل هذه النظريات» التي تبحث في أصول البربر بالاعتماد على 
الأطروحة القائلة بهجرتهم وانتشارهم» با كان يقع عليهم من أشكال الغزو وصنوف 
الهيمنة» وبالأخذ با لاعد له من التشابهات اللغوية والأثرية» يرجح كامب جانب 
الأبحاث والدراسات التي تتجه في بحث أصول البربر إلى التمعن في البقايا البشرية 


14 - هنا بالذات» ص. 64. 
15- هنا بالذات» P‏ 66. 


14 


المتخلفة عن عصور ما قبل التاريخ . «فالمنطق يقتضي أن نجعل الأولية للإناسة»” sie‏ 
أن ن التمعن ينبغي أن يكون في البربر أنفسهم» والقارنة ينبغي أن Ja‏ لهم بالبقايا 
المتخلفة LJ‏ من الانسان القد یم . وحتى ليطلق تساؤله الصارخ المنقلب به على كل 
ما سبقه إلى بحث أصول البربر : «وماذا لو أن البربر لم يأتوا من أي مكان)”! 
أي أن تكون هذه الأقوام ترجع بأصولها إلى منطقة شمال إفريقيا نفسهاء وأنها لم 
تهاجر إليهاء أو تنتشر فيهاء من أي واحدة من تلك الجهات والأصقاع المزعومة لها؟ 
وإذا كان البحث الإناسي - بإقرار كامب - لا يسعف فى التعرف على أقل خاصية 
ابريرية 4 أصيلة في مجموم سکان جنوب البحر التوسط: فانه یسمف علی مذا 
البحث في کل ما یتصل بالکون الثقافي pd‏ 

ولذلك فقد ارتد کامب إلى العصر الحجري الاعلی؛ أي إلى 000 30 سنة قبل 
نیلاد؛ للبحث في آصول آوائل البربر الذين استوطنوا منطقة شمال افریقیا. وان 
في هذا السعی لا يشهد لکامب بالجراءة العرفیة؛ خاصة والرجل paie‏ على الحفر 
في موضوع قد کشفت الصادر الكثيرة فيه عن نقص كبير في المعلومات» وخلط 
كبير فى العناصر والکونات. فلقد ارتد إلى امحدود التی كانت تنحد بها الأبحاث 
التاريخية والإناسية» بتعبیر لوسیان گولفان "!+ أي إلى الانسان العاقل؛ وقرینه 
في شمال إفريقيا؛ إنسان مشتى العربي. فسعى إلى الإحاطة بخصائصه. وتتبع 
تكوينه وتحولاته في الزمان والمكان. لكنه نفى عنه مع ذلك أن يكون السلف الباشر 
للبربر؛ فقد تدخل في وقت من الأوقات المكون «المتوسطي». متمثلاً في «أوائل 
التوسطیین» الذین استوطنوا هذه النطقة في الالف التاسعة فقاموا RL‏ سكانها 
etc‏ لیقوم فاصلاً بينهم وأن یکونوا الاسلاف الباشرین للسلالة البربرية. 
ذلکم هم القفصیون الذين استوطنوا ما یعرف حالياً تونس» خلال القرنین الثامن 
والخامس قبل الیلاد. فان لهم خصائص إناسية تقربهم إلى البربر كما نعرفهم في 
الوقت الحاضر””. وكامب يعود بأصول القفصيين إلى المشرق» ويعتبرهم الأسلاف 
الحقيقيين لقدامى البربرء والذين صاروا في انتشار في منطقة شمال إفريقياء ثم 


.58 هنا بالذات ص.‎ - 16 
.57 هنا بالذات. ص.‎ -17 
.72 هنا بالذات. ص-‎ -18 
19 - Lucien Golvin, Op. cit., pp. 163-166. 
20 - Lucien Golvin, Op. cit. 


15 


تعرضوا لشتی العیقات ومن جملتها العیقات الجغرافية» واصطدموا بغیر قليل 
من الاقوام ومن آسماهم «القادمین الجدد» إلى هذه النطقة. لکن آمکن لهم أن 
یتغلبوا علیها جميعاً؛ فلم يمنعهم مضیق طارق ولا مضیق صقلية» عن أن یشکلوا 
جسراً واصلاً بين ساكنة آوروبا وساكنة إفريقيا فى ذلك الزمان. وان فى مخلفات 
المصنوعات الخزفية وشتى أنواع الأثاث المقابري لما يشهد على وثاقة الصلة التي 
كانت تقيمها هذه الأقوام بين سائر تلك المناطق والجهات. 

ويتمم المؤلف هذا الجهود الإناسي في التعرف على أصول البربر ببحث آخر 
في اللغة. لكنه بحث محفوف هو الآخر بالكثير من الصعاب ؛ بحكم القابلية المعروفة 
في البربرية للاقتراض من اللغات الأخرى. ولذلك اختلف الدارسون كثيراً في 
بحث أصول هذه اللغة؛ فمن زعم لها قرابة إلى المصرية (شامبولیون)» ومن جعل 
قرابتها إلى الهلينية (بيرثولون)» ومن زعم لها تلك القرابة إلى السومرية» والطورانية 
والباسكية... لكن من ينحو هذا المنحى لا يبعد أن يجد للبربرية كذلك قرابة إلى 
اللهجات الهندية الأمريكية» وحتى الفنلندية! ولعل هذا الهذيان قد بلغ بالمنكرين له 
حد الشك في أن تكون للبربرية وشيجة حتى بالليبية نفسها (وهو الرأي الذي قال 
به أندري باسي27)؛ على الرغم من كثرة الشواهد الناطقة بتلك العلاقة. وظهرت 
طروحات أخرى أكثر تماسكاً؛ كالتي جاء بها م. كوهين» في رد البربرية إلى الاسرة 
الحامية السامية» التي تلتقي فيها ولغات أخرى كالمصرية والقبطیة**. وكامب يشدد 
خاصة على أن أسباب الزلل فى مقاربة أصول اللغة البربرية يعود إلى الاستخفاف 
الذي كان من الدارسين بالنقائش الليبية» التى تخلفت لنامن العصور القديمة. فالذي 
يجدر بالإشارة ههنا أن في العصر الحجري الوسيط اجتاحت الصحراء أقوام من 
البیض («البقريون» ثم الخيليون»)ء فاكتسحت ساکنتها من أشباه الزنوج الذين 
عرفوا بصناعة للخز ف سابقة على العصر الحجري الحديث» ولم يكن لها من جذور 
خارجية متوسطية» وأدخلت إليها «الخيول» و«العربات الصحراویة» واستعبدت 
الساكنة السوداء. وصارت تعرف عند مؤرخي العصور القدية باسم «الجيتول» 
و«الجرمنتيين»؛ وهم الذین یعتبرهم کامب الاسلاف الباشرین للبربر (الطوارق). 
وإليهم ينسب الأنصاب القابرية التي تعمر وسط الصحراء وغربها”. 
21 - هنا بالذات؛ ص-. 90. 


22 - هنا بالذات؛ ص. 91. 
3 - هنا بالذات» ص. 91. 


16 


الفصل الثاني 

عقد المؤلف هذا الفصل للبحث خلال الحقبة قبیل التاريخية فى الآثار التى خلفها 
أوائل البربر في منطقة شمال إفريقياء واتجه اعتمامه خاصة إلى مقابرهم ومدافتهم 
في هذه النطقة» وهي فيها كثرة كثيرة. ومن الخلاصات التي انتهى إليها من نظره 
فى محتويات تلك البازينات (ذات الأصل «(lt‏ والدلنات والنواویس (ذات 
EN‏ ارج الو Rare‏ رات ارت ولخت التحاسية والبروترية 
تفای الناطق المشتملة علیها مع ما لا یزال يصنع منها في الناطق نفسها في الوقت 
الحاضرء واتفاقها مع مناطق زراعة الحبوب . لیخلص إلى يقين بأن من عمروا هذه 
الناطق کانوا من السکان القیمین . 

هذه الخلاصة قادت الولف إلى البحث في | خصائص الاقليمية لبلاد البربر 
وهي بلاد يجتمع الدارسون على آنها لم تشهد وحدة ثقافية أو سياسية“. وكامب 
يرى أن ما أعاق من تلك الوحدة السياسية والثقافية إغغا يعود إلى عوامل جغرافية 
والی افتقار بلاد البربر إلى مركز جاذب لكل الأطراف. ولقد اعتمد كامب على الآثار 
المقابرية التى حفلت بها هذه البلاد فى نظره إلى اختلافها بين الجهات» التى جعلها 
tx‏ | | 

فشرق بلاد البربر» وهي النطقة التي اعتبرها قد كانت خلال حقبة قبیل التاریخ 
بوابة هذه البلاد الفتوحة على الحضارات المشرقية» على الرغم من تضاریسها 
الوعرة وغاباتها؛ خاصة في شرق الجزائر. وتتمیز هذه الجهة بقابرها العروفة باسم 
«الحوانيت». وغرب بلاد البربر» وهي منطقة أقل وضوحاً بکثیر؛ وتمتاز جناخها 
وقربها إلى شبه الجزيرة الا کا ار باحتوائها نوعاً آخر مختلفاً من القابر 

هو المتمثل في «الجثوات الکبیرة». والنطقة شبه الصحراويةء وتتميز ب «المصليات 
Er‏ . ویظهر من خصائص هذه المنطقة ضعف الا al‏ یه الدي 
یعوض عنه حضور افريقي. ومنطقة وسط بلاد البربر وتتمیز بوجود ما یعرف 
ب *البازينات»» التي تجتمع فیها تأثیرات الجنوب وتأثیرات البلدان التوسطية. 

وکامب ينوه من خلال هذا التقسیم لبلاد البربر إلى آطروحته القائمة على اعتبار 
ذلك التنوع العرقي في البربر» وآنهم لم يشكلوا في يوم من الأيام عرقاً واحداً تکون 
له صفة التجانس والانسجام. كما وأن بلاد البربر لم تشهد على مر تاريخها وحدة 


24 - هنا بالذات: ص. 114. 


17 


سياسية أو ثقافية» وان عرفت شيئاً من الوحدة الجغرافية (كما في بلاد الأطلس) 
وشيئاً من الوحدة العرقية» كما تجلت فى اللهجات البربرية. | 

وانتقل كامب إلى العصور القديةء فقلب النظر في اسم «البربر»» ونفی عنه 
أن يكون تحريفاً للصفة اللاتينية «بارباروس»؛ أي الأجنبي عن الثقافة الكلاسية 
عمدته في ذلك أن الأقوام البربرية ظلت» وهي تحت السيطرة الرومانية» تتسمى 

باسمه» ويجمعهم الجغرافيون على النوميديين»» ف «الجيتول)» ثم «الموريين»). 
وكان هيرودوت يجمع سائر الأقوام البيض من غير الفينيقيين والإغريق تحت اسم 
«الليبيين». Lis‏ الاسم الحقيقي للبربر فهو عنده «الامازیغ» الوارد كذلك عند 
هيرودوت نفسه (بصيغة «المازييس») وعند هيكاتي (بصيغة «المشوش»2)» وكامب 
يرجح أن يكون اسماً عرقيأء بحكم الانتشار الكبير الذي كان له في منطقة شمال 
إفريقيا في صيغ كثيرة. 

وانتقل المؤلف إلى الحقبة التاريخية» فنوه إلى أن فترة الأوج التي بلغها البربر في 
شمال إفريقياإ ا كانت الحقبة «الموريتانية»» السابقة على الحقبة الرومانية» والممهدة في 
القرن الرابع قبل الميلاد لقيام ثلاث مالك رئيسية في بلاد البربر. ففي الشمال الغربي 
أي في ما یعرف حالياً بالمغرب» قام اتحاد للأقوام والقبائل البربرية» تولدت عنه مملكة 
موريتانيا - أو المملكة المورية - المممتدة من المحيط الأطلسي حتى وادي ملوية. وفي 
النطقة بين وادي آمساگا - الوادي الکبیر - وأقليم قرطاج HU et‏ 
وفی المنطقة بين ملوية ووادي آمساگا قامت المملكة الماسيسيلية. وقد صارت الملکتان 
إلى اتحاد فی D‏ الثالث قبل الميلاد فى ملکة واحدة؛ هى الملکة النوميدية. 

Les‏ یجدر ذکره من افاج السياسية أو ماسینیساء رئیس الاسیلیین؛ قد صار 
في 148 ق. م. حليفاً لروما؛ فهذا مکن له أن يوحد الملكة النوميدية بضمه الملكة 
الماسيسيلية. وأما في أقصى الشرق فقد بقیت موریتانیا لبعض الوقت في استقلال. 
وفي 113 ق. م. انخرطت روما في حرب شاملة ضد الملك النوميدي يوغرطة أمنت 
لها السيطرة على قسم كبير من المغرب الكبير. ثم عرفت موريتانيا تحت حكم يوبا 
الثاني )25 ق. م- 23 «Ce‏ وتحت حكم ابته بطليموس )23 ق. م- 40 GLs Ce‏ 
عظيماً. وقد كانت عاصمة المملكة يومئذ هی قيصرية - شرشال حالياً - فيما ارتقت 
وليلي إلى مرتبة الاقامة الملكية. ثم اندلعت الثورات في 40 م. فقام الامبراطور 
کلود بسحقهاء وتقسیم التراب الوريتاني إلى قسمين؛ فکانت موریتانیا القيصرية - 
في القسم الغربي Le‏ یعرف حالياً بالجزائر؛ أي آنها قامت في موضع ما كان یعرف 


18 


بالمملكة الماسيسيلية - وموریتانیا الطنجية الوافقة للمغرب الحالي» ومرکزها مدينة 
طنجة. ثم لم يض وقت طویل على إفريقيا حتی تعرضت للغزو العربي الاسلامي. 

ولذلك فقد تتبع کامب رحلة البربر في العصور الوسطی؛ فأبرز الاختلاف في 
النظر إلى هذه الاقوام بين مژرخي العصور القدية ومژرخي العصور الوسطی 
خاصة من العرب . فبینما نظر الأوائل إلى البربر بأنهم انتقلوا من آماکن إلى أخرى 
يرجعهم المؤرخون العرب (النسابة) إلى جد واحد؛ وهو تصور آبوي یرجعه کامب 
إلى الفينيقيين. وقد اهتم من هذه الحقبة خاصة با آسماه «خطر الجمالين»27؛ الذي 
وقع على منطقة شمال إفريقيا في القرن الرابع الميلادي» كما اهتم بالغزو العسكري 
العربي الذي وقع على المنطقة في القرن السابع . فلقد كانا عاملين في زعزعة هذه 
المنطقة» والقضاء فيها على حياة الاستقرار» وتقويض الحدود الرومانية التي كانت 
تقوم سداً منيعاً يصد زحف الرحل. وانتهى إلى الغزو الهلالي الذي وقع على 
المنطقة فى القرن الحادي عشرء ومعه زالت تلك الحدود والترسيمات. فهذه قبيلة 
لتونةء حدق قبائل الرحل» قد أقامت دولة المرابطين» وهذه مصمودة الصنهاجية 
قد آقامت دولة الموحدين. ثم صارت هذه الممالك إلى تآكلء با داخلها من عوامل 
التفکك (مداخلة العناصر الاسبانية الموريسكية للمملکتین) . وعبثاً سیسعی الرینیون 
بعد ذلك في إعادة توحید الغرب الکبیر. وانضاف إلى هذا التأکل الداخلي الخطر 
الخارجي» متمثلاً في الحملات الصليبية» فالبرتغالية» ثم الخطر التركي. وتلك كانت 
نهاية سلطان البربر» ودخولهم مرحلة الانکماش والسعي المستميت للحفاظ على 
استقلال ذاتي (قبلي) مهدد على الدوام**. 


الفصل الثالث 

هذا الفصل عقده المؤلف للتمعن فى طبيعة العلائق التى قامت بين البربر ومن 
اتصل بهم من الأجانب» وما جمعهم وإياهم من صنوف الصراع» وألوان الاختلاط 
والتثاقف. واهتم كامب كذلك برصد مختلف ردود الفعل التي كانت من البربر تجاه 
الثقافات الوافدة عليهم بالسالة والاکراه . وتوقف عند أربع محطات كبرى في هذا 
الباب ؛ علاقة البربر بالبونيقيين» وعلاقتهم بالرومان» علاقتهم بالوندال والبيزنطيين 
وعلاقتهم في الأخير بالعرب المسلمين. ومن الأمور التي خالف فيها كامب مؤرخين 


5 - هنا بالذات» ص. 162. 
6 - هنا بالذات» ص.180. 


19 


كثراً؛ ذلك التنویه منه إلى الاتصال الذي كان للبربر بالبونیقیین؛ فهو لم يكن في رأيه 
بالاتصال العابر بل كان تداخلاً مكيناً؛ حتى إن البربر قد كانوا على عهد البونيقيين 
يدينون بالديانة البونيقية» ويتكلمون اللغة البونيقية (وحتى إن بعض أسماء آلهة 
قدامى البربر لا يمكن تفسيرها إلا بالرجوع إلى هذه اللغة)» وأنهم قد استمروا على 
تلك الديانة» وعلى تلك اللغة خاصة لقرون مديدة من بعد التخريب الذي وقع على 
a‏ وحن ee LES‏ قد يلت تيع OSA S‏ جر باب علب 
الطابع الديني السامي والبونيقي». فما قام بين البربر والبونيقيين لم يكن سيطرة 
محکمة. بل انسیجا فضفاضاً من العلاقات بين ثلاثة آقطاب : الستودع القرطاجي 
(آو الدينة الفينيقية القديمة الخاضعة لقرطاج)» وا حاضرة البونيقية والمالك المحلية». 
فلذلك وصف کامب الثاقفة بين البربر والبونیقین بأنها كانت «ناجحة» لکن لا تزال 
«مجهو BY‏ 

و کذلك خالف کامب معظم المؤرخين بشأن رؤيتهم لعلاقة الرومان بالبربر من 
حيث یجمعون على تسفیه الحقبة الرومانية في منطقة شمال إفريقياء والانتقاص من 
آهمیتها. فكأغا غلب علیهم في نظرهم إلى السيطرة الرومانية استحضارهم لقضية 
الاستعمار الذي وقع على بلدان شمال إفريقيا في العصر الحديث . فما كان المجتمع 
الروماني في هذه المنطقة بالجتمع الاستعماري المنغلق في وجه البربر» على الرغم 
من كثرة الحروب التي جمعتهم بروماء وطالت بهما قرناً من الزمن» بل كان مجتمعاً 
منفتحاً؛ قد احتضن البربر» وأتاح لهم فيه فيه سبل الترقي الاجتماعي» وحتى الارتقاء 
السياسي. ولقد اختلفت الأنظمة الإدارية التي اتبعها الرومان في سوس المقاطعات 
الإفريقية؛ فالنظام الذي اتبع في مقاطعة إفريقيا في الجهة الشرقية» وكان ذا طبيعة 
جبائية غالبة» بحيث لم يكن يتيح للوالي فرص الظفر بالمراتب العليا في سدة الحكم 
وهي التي لم يكن إليها سبيل غير القناة العسكرية» قد اختلف كثيراً عن النظام المتبع 
في ولاية نوميديا في الجهة الغربية؛ فقد غلبت عليه الطبيعة العسكرية. وعلى الرغم 
من تلك السيطرة «النسبية» التي وقعت على البربر من الإمبراطورية الرومانية» فلقد 
فشلت روما في إتمامها بالاحتواء والتذویب . وعلى الرغم من اعتماد روما في تلك 
العملية علی et‏ نقد كان الخال بها وياد ا مامت انو Non‏ 
الاقالیم الافريقية. ولذلك عزا بعض المؤرخين (ش. کورتوا) فشل عملية الرومنة 


7 - هنا بالذات» ص ٠.‏ 195 
8 - هنا بالذات» ص. 187. 


20 


نی عجز روما عن التوغل في الناطق الجبلية» فصارت لذلك بورا للهمجية””. 
و کذلك یعود ذلك القشل إلى عوامل اجتماعية وسياسية عديدة» وعوامل تدخل 
في الإدارة والتنظيم. فما كانت إفريقيا الرومانية بالإمبراطورية الواحدة الوحدة؛ بل 
كانت مجموعة من القاطعات المتمايزة els si‏ والتباينة ‏ ساکنات. والمتخالفة : نوازع 
T‏ . فما انخرط في عملية الرومنة» وما قبل بنزعة اللّتننة» غير النخبة المحظوظة 
لبربر الإفريقيين بينما قام لها السواد الاعظم منهم بالمانعة والرفض . ولذلك فما 

کد الاضطرابات التي واجهت ت روما من البربره وما أكثر الفسيفساءات التي تصور 
لأسرى الافریقیین في مقاطعة موریتانی وهم يساقون إلى الوحوش في المسارح. 
ونکن فى مقابل هذا الفشل الذي منيت به عملية الرومنة يستغرب المرء لذلك 
Gate Qi des‏ الذدى كاك من التر Mie‏ ال رمات الرسمية: وهل 
دير عليه أعظم من أولئك الآباء الكبار للكنيسة المسيحية ذوي الأصول الإفرقية 
سيبريانوس» وتیرتولیانوس» وأعظمهم جميعاً أغسطينوس؟ وما يتجلى فيه اتساع 
نطاق عملية التمسيح التي وقعت للبربر تحت الحكم الروماني أن تلك العملية قد 
زروت رت ره لتر ee‏ ی و ی منية 
سحکم الروماني. فلقد استمر البربر على اللاتينية (أو ما آسماها الإدريسي 
ب«اللسان اللطيني لافريفي»)» کما استمروا على اا لقرون طويلة بعد زوال 
السيطرة الرومانية عنهم» وإلى ما بعد الغزو العربي. لكن بلاد البربر لم تصر إلى 
بعد لاتيني على غرار ما وقع لإسبانياء وذلك للعامل الجغرافي الذي كثيراً ما نوه إليه 
كمب في تفسير كثير من أوضاع البربر في العصور القديمة؛ فبينما ارتكزت عملية 
نستتنة الإيبيرية على خلفية من آوروبا الإقطاعية والمسيحية» » لم يكن لها في بلاد البربر 
مر estelle nes‏ شان الردل اللمالوة الذي اسعمروا علن الوثتية 
ثم الهلالیون والعقلية البدوية!”. 

وعلی خلاف الحضور الروماني في بلاد البربر» كان حضور الوندال» ومن 
بعدهم البیزنطیین. فلقد غزا الوندال شمال [فریقیا في القرن الخامس اليلادي 
وسندهم الغاضبون من الحكم الروماني في الاطاحة با تبقی من الامبراطورية. 
فأمكن لهم السيطرة على نوميدياء ثم قرطاج» التي صارت العاصمة للمملكة 
À‏ - هن بالذات ص. 210 


:2 - هنا بالذات» ص. 217. 
:3 - هنا بالذات ص. 217 


21 


الوندالية الجديدة. ومع مایری کامب للعهدین الوندالي والبيزنطي من آهمية على 
موضوع هذا الكتاب” ذلك بأنهماء وخاصة العهد البيزنطي. قد مكنا لانبعاث 
التقالید البربرية» بعد أن تعرض بعضها للطمس من الحكم الروماني فان القاری 
لاشك یستغرب للحیز الضیق الذي آفرده کامب لهما في هذا الفصل من كتا 
بحیث لم يزد عن صفحتین يتيمتين !! 

وآخر هذه المثاقفات التي وقعت للبربر هي المتمثلة في الغزو العربي» الذي 
تعرضوا له في القرن السابع الميلادي. وكامب یستغرب كما يستغرب غيره كثيرون 
للبربر بعد طول اعتناقهم للمعتقدات الوثنية» ومن بعدها المسيحية» كيف كان منهم 
ذلك الانقلاب إلى الإسلام» والانقلاب من معظمهم إلى العربية. ويستغرب كذلك 
للبربر بأعدادهم الكبيرة» وبعدهم عن مركز الدعوة الإسلامية» كيف لم يتأبوا عن 
الدين الجديدء وإلا لفحل في ار نم البقاء على هویتهم و اف هانق 
لختهم وتنظيمهم الاجتماعي”. وأا الأسياب:وزاء ذلك الانقلدت gl‏ كانت 
في الضعف الذي كان من البیزنطیین» والفوضی التي كانت تعصف La il‏ منذ 
قرنین من الزمن» والانهیار الذي وقع لخطوط الدفاع التي كانت تصد زحف الرحل 
والنزاعات اللاهوتية التي لم تكن عند مسيحيي إفريقيا بأخف منها عند نظرائهم في 
الشرق. فهذه العوامل - وغيرها كثيرة - قد يسرت للغزاة العرب سبيل القضاء 
على المسيحية» ونشر الدين الجديد بين البربر. ولكن القول بسهولة تحول البربر إلى 
الإسلام لا يعني أن بلاد البربر قد انقلبت عن بكرة أبيها إلى الدين الجديد؛ فلقد بقيت 
منها أطراف كثيرة ة (خاصة في المناطق الجبلية) على المسيحية؛ وحتى ليجزم كامب 
بأن التحول الأول من البربر إلى الإسلام لم تكن له من نتائج» ولربما لم يعد عن 
خرافة . وأما النشر الحقيقي للإسلام لديهم فإنغا وقع في قرن الخامس عشر!! وحتى 
إن بعض البربر (القونشيين في جزر الكناري) قد كانوا إلى ذلك العهد لا يزالون 
ENP‏ 

با رو COS‏ لهم مع العربية. فالتعریب كما 
الاسلام؛ نما هم في البداية الحواضر دون البوادي. وأما التعریب الحقيقي فإغا وقع 
لبلاد البربر مع الغزو الهلالي في القرن الحادي عشر اليلادي. وتدخل في العوامل 


3 - هنا بالذات ص. 223 
4 - هنا بالذات ص. 230 


22 


التي یسرت عملية التعریب تلك الضربة التي وجهها هؤلاء الرحل إلى حياة الاستقرار 
عند البربر. ولعل في هذا الأمر تفسيراً كذلك للغلبة التي كانت من بني هلال - وهم 
الذين لم تكن أعدادهم تزيد.عن بضع عشرات الآلاف - على ساكنة بربرية تفوقهم 
تعداداً بكثير. وجدير بالتنويه أن التعريب الذي هم في البداية» قبائل الرحل» لم 
يشملها جميعاً؛ فلا تزال تجد مناطق كثيرة في بلاد البربر يتنقل فيها الرحل الناطقون 
البربرية» و کذلك لا تزال البربرية هي لغة البربر سکان ابحبال. 


الفصل الرایع 

اهتم کامب في هذا الفصل بالبحث في العتقدات التي كانت للبربر قبل أن 
يتعرضوا للتمسيح من الرومان. واهتم خاصة بالعتقدات الشعبية لديهم» مع إقراره 
بصعوبة البحث فيها؛ إذ لم تقيض لها الوسائل التعبيرية التي توفرت للدين الرسمي 
المسيحية. وإذا كان كامب قد عاد على السيطرة ة الرومانية بالتجريح» فلقد نوه في 
لمقابل إلى آهمية القرون التي عمرها الحكم الروماني في منطقة شمال إفريقيا في 
التعرف إلى المعتقدات ما قبل المسيحية لدى البربر”ة. 

ولقد استند كامب في بحث تلك المعتقدات إلى مصدرين رئيسيين؛ النقائش 

عنی الرغم من قلتهاء وما تعرضت له من تحریف. وإفراغ من مكونها الدينيء WY‏ 
کتبت z‏ بغير أيدي معتنقي تلك العتقدات. والصدر الثاني هو الکتابات التي خلفها 
نا الكتاب السیحیون» وهي كذلك ليست بالكثيرة» فمعظم تلك النصوص كانت 
من إنشاء قساوسة وآباء للكنيسة» فلا يرد عندهم ذكر لتلك العبادات في غير ثنايا 
نعظات والنصوص المدينة لتلك المعتقدات. 

وفي مقدمة ما حصه البربر بالعبادة والتقدیس في العصور القديمة النتوءات 
نتضاريسية» ویدخل Les‏ خاصة الجبل» وقرینته الغارة؛ D‏ آنهم یصلون 
نی الله بالارتقاء إلى السمای أو الغوص فى باطن الارض؟*. والنقائش التى على 
جنان الأطلمى lun‏ رو ال ال رزوی اعد عل A‏ 
كن من البربر لهذه الظواهر الطبيعية. والعنصر الثانی فى عبادة قدامی البربر هو 
seu‏ وتدخل فيه كذلك مارساتهم النسحرية لاستذار الامطار» مغ ضرورة التنویه 
لى العلاقة الوطيدة التي كانت لتقدیس الاء عند قدامی البربر وطقوس تخصیب 


35 - هنا بالذات» ص. 239. 
4 - هنا بالذات» ص. 242-241. 


23 


الارض والمارسات الجنسية. والعنصر الثالث في عبادة قدامی البربر یتمثل في 
الکواکب والنجوم. والشواهد كثيرة LS)‏ عند هیرودوت) على التقدیس الذي كان 
من قدامی البربر للإله الشمس والاله القمر. والکون الرابع في ديانة قدامی البربر 
تشکله احیوانات؛ فقد عرف قدامی البربر عبادة بعض الحيوانات» ووقع الولف 
على شواهد لکن قليلة» لتقدیسهم للثيران» والقرود والثعابین. لکنه يستثني من 
هذه الحيوانات الکباش» وینبه إلى الخلط الذي وقع في تفسیر الرسوم التي تظهر 
عليها الكباش ذات الرؤوس الكروية» ونسبتها إلى قرص الشمس عند المصريين. 
ويرجح كامب أن تكون الكباش عند قدامى البربر لا تزيد عن حيوانات قربانية. 
وأما عبادة الكباش في منطقة شمال إفريقيا فلم يتحدث بها - حسب المؤلف - غير 
مؤرخنا العربي البكري. وكذلك كان الثور عند قدامى البربر ضحية مهیبة؛ فهم 
يتقربون بها إلى الإله ساتورن. وكان للأسد لديهم ایثار خاص» وحتى ليأخذ مكان 
الإله ساتورن على بعض المنحوتات. غير أن كامب لا يستبعد أن يكون الصحراويون 
الرحل أسلاف الطوارق عرفوا بشيء من عبادة الحيوان. وكذلك كان لقدامى البربر 
مجموعة كبيرة (قرابة الخمسين) من الآلهة الصغارء التي ربا كان نفوذها مقصوراً 
على الضغيد الحلی أو الاقلیمی. ومن هذه الالهة ما يحمل أسماء تعرف بها كذلك 
بعض الواقع ca ad‏ خاصة منها القمم cdi‏ وهي تجمع باسم «الآلهة الوریة». 
وهنالك آلهة آخری قد تسمت بأسماء بشرية» وهي تأتلف في مجامع من ثلاثة وخمسة 
أو سبعة. غير أن هذه الالهة كثيراً ما احتلطت بالجن الحلیین؛ کجن القمم» لاقتصار 
سلطانها على النطاقات الحودة. وإذا كان قدامی البربر لم یقیموا لهذه الالهة النقانش 
الكثيرة» فان الرومان» الذین سعوا في استمالتها قد جعلوا لها اسم «الآلهة الوریة» 
ذلك بأنها قد ظلت متأبية عن عملية الرومنة. شأنها شأن آتباعها الموريين. 

وعرض کامب فى هذا الفصل كذلك لا آسماها تعارضات المسيحية الافریقیة) . 
وقد نوه في البداية إلى فضل السيحية في تحفیز الیول التوحيدية لدی البربر علق 
الظهور. وهي التي كانت إرهاصاتها لدیهم قد بدأت باجتماعهم على عبادة الإله 
ساتورن» الوحد لالهتهم السابقة. لکن السيحية جاءتهم کذلك بتناقضات. لم 
يكن أهوتها ذلك الالتباس الواقع في طبيعة السیح. كما وأن الكنيسة السيحية قد 
عجزت عن القضاء على آلهة قدامى البربر والجن الذين كانوا يقومون لهم بالعبادة 
فصيرتهم إلى قوى وكيانات شريرة. وجاءت هذه الكنيسة للبربر كذلك بعبادة 
القدیسین أو بالأحرى تقديس الشهداء. وهو الأمر الذي كان له شيوع في معظم 


24 


أنحاء افریقیا. فقد كانت الكنيسة الافريقية زاخرة بالشهداء؛ قد اءتلفوا من كافة 
نشرائح الاجتماعية. والسيحية الافريقية انطبعت بالزاج البربري التسم بالتشدد 
فنم يكن لها بد من أن تعرف الانشقاقات الكثيرة» كما تجلت فى حرکات الونتانیین 
والبیلاجیین» والانویین؛ والاریان ومعظم هذه الانشفاقات كانت لاسباب تنظيمة 
وان لم نعدم فیها الاسباب اللاهوتية. وآبرزها هي التمثلة في الدوناتية (وقطبها 
خركي *الدوارین!) التي ظلت تقسم مسيحيي افریقیا لثلائة قرون ونصف من 
نزمن. ثم لم يلبث ذلك النزاع اللاهوتي أن تحول إلى صراع سياسي واجتماعي 
خاصة بعد أن صارت الكنيسة تخضع لمشيئة الامبراطور الروماني . 

وآخر تحول ديني كان من البربر إلى الاسلام. وفضلاً عن العوامل التي أسلفنا 
ذكرهاء والتي ساعدت على تحول البربر بکثرة إلى الدین الجديد (علی الرغم مما 
یصمهم المؤرخون من الردات الكثيرة (as‏ فلقد كان في بساطة هذا الدین خاصة 
أكبر داقع إلى البربر إلى اعتناقه؛ فليس فيه ذلك الالتباس الذي يطبع المسيحية» ومن 
تجنياته مسألة الثالوث. لكن إسلام البربر لم يعدم كذلك بدعاً تشذ عن أصوليته 
Las‏ ل آبرز تلك البدع هي التي عرف بها برغواطة. . ثم وقع الانشقاق الخوارجي 
فکان له في نفوس البربر عظیم التأثیر؛ فكأنه الوریث للدوناتية التي عرفها أسلافهم 
من حيث نزوعهما إلى الفردانية والانفصالية» واتسامهما باخشونة» ومیلهما إلى 

نبوادي دون الحواضرء وانطباعهما بالطابع الثوري. وفي هذه الاعتبارات كذلك 
mis‏ ر للنجاح الذي لقيته لدی البربر المالك التي قامت على الذهب الخوارجي 
کباضية والرستمية والفاطمیة. لكن اهب الخوارجي لم یلبث أن ابتلي هو 
لا خر بالانشقاقات؛ ومن غاذجها الصفرية والنکارية. فالولاء عند البربر یغلب فيه 
جنب الاشخاص لا جانب العقيدة نفسها. ونقع على ذلك الیل الفطري إلى التشدد 
اخلاقي والی البساطة الذهبية اللذين کانا المیزین للحرکات الدينية التي قامت 
في بلاد البربر في تلك الصورة التي قامت بها دول کالرابطية وا موحدية» خاصة في 
مراحلهما الأولى c‏ قبل أن تبتليا بالترف من الاختلاط الذي وقع لهما بالأندلسيين. 

والخلاصة أن الدين عند البربر ظل ديناً Lust‏ تتعايش فيه العقيدة التوحيدية 
مع معتقدات بدائية؛ كالإيمان بالجن» وتقديس الأولياء» الذي يعتبر امتداداً لتقديس 
لأسلاف» والذي لا يزال ممارسة جارية في منطقة شمال إفريقياء لدى البربر» خاصة 
.ى الیوم. 


37 - هنا بالذات» ص. 299. 


25 


الفصل الخامس 

عاد کامب في هذا الفصل لینظر بمنظور تركيبي إلى جوانب عديدة من وجود 
البربر ماضياً وحاضراًء خاصة ما دخل منها في تقالیدهم وعارساتهم الحرفية» وعاداتهم 
الاجتماعية والسياسية. وعاد کذلك یراجم ما كان لهم من ذلك الحضور التمیز في 
مختلف الحضارات التی تعاقبت على منطقة شمال إفريقياء من خلال تقلیب النظر 
في ما آسماه #الاستمرارية البربریة» عبر التاریخ» والتمعن في معالمهاء التي لا یزال 
بعضها قائماً إلى الیو م حيثما لا یزال للبربر وجود. و کامب یعتبر الاستمرارية البربرية 
قد تکونت خاصة من قابلية خارقة لدی هذه الأقوام لتقبل الساهمات الخارجية. 
لکن سهولة تقبل البربر لتلك الساهمات توازیها سهولة استیعابهم وتمثلهم لها. 
والاستمرارية البربرية التي يريدها کامب هي التمثلة في محافظة البربر في الوقت 
الحاضر على مجموعة من الکونات التي تميز بها أسلافهم القدامی من قبل أن یتصلوا 
بالإسلام» لم تبدلهم عنها ما مر بهم من صنوف المثاقفات» وظهر خلالها البربري كان 
منفتحاً على كل الثقافات» ومساهماً فيها في غير ما استلاب *”. 

وأول تلك العناصر في الاستمرارية البربرية التي وقف عندها كامب هو المتمثل 
في اللغة؛ فالبربرية قد کتب لها البقاء من خلال بقاء التيفناغات» وهي الحروف الليبية 
التي كانت تكتّب بها اللغة البربرية القديمة» مع قلة استعمال البربري نفسه للغته. 
لكن تحديد أصول هذه الكتابة لا يزال يعتوره اللبس وا لاف لكثرة الأبجديات 
الداخلة في هذه الكتابة» وتنوعها بتنوع الجهات في بلاد البربر. كما لا يزال الغموض 
يحول دون الاهتداء إلى تاريخ لادخال هذه الكتابة إلى بلاد البربر. 

والشاهد الثاني على الاستمرارية البريرية يتمثل في «الفن البربري»» وهو 
في مجمله فن من صميم العصر الحديدي؛ أي أن الطابع البربري أكثر تجلیه في 
الفنون الصغرى الزخرفية» وليس یستثنی منها غير بناء القلاع ومخازن المؤن. كما 
نلحظ تلك الزخرفة على الأنسجة. وتتمثل هذه الاستمرارية الفنية كذلك في فنون 
الخزف؛ فصناعة الفخاريات المغاربية لا تزال جارية على أغاط لا تشذ Les‏ عن 
صورها المعهودة في عهود ما قبل التاریخ. وتتجلى تلك العلائق خاصة في الزخارف 
المزينة لهذه المصنوعات الخزفية. ومعظم القرائن تجتمع على العودة بالفخاريات 


8 - هنا بالذات ص. 320. 


26 


البريرية» والقبائلية بوجه خاص ON)‏ أكثر شیوع هذه الفخاریات في منطقة القبائل) 
se‏ 
وتظهر هذه الاستمرارية الفنية عند البربر کذلك في فن الزخرفة على الخشب 
وقد اقتصر منها المؤلف على الصنادیق القبائلية بالتمعن خاصة في الزخارف الزينة 
نواجهاتها وقوائمها. ومن اخصائص الدالة على الاستمرارية البربرية في هذه 
نصنادیق تلك ال زخارف السداسيةء والصلیب متساوي الأضلع ؛ > لکن المؤلف ينفي 
عنه آن یکون من مواریث الاضي السيحي للبربر؛ فقد وجدت له في الاطلسین 
تکبیر والصغیر خاصة أشكالٌ وتصاویر ترجع إلى ألف سنة قبل الیلاد. 
ومن معالم الاستمرارية الفنية عند البربر كذلك ما نطالع لدیهم في فنون الحدادة 
والصنوعات الحديديةء الشتهرة منها خاصة تلك الصوغات الطوارقية التي يجتمع 
عنى التحلي بها الرجال والنساء Lee‏ وهذه الصنوعات قليلة أنواع» ومعظمها 
أنواط وقرب للتعاويذ» وتدخل فیها كذلك الأقفال والملاقط المستعملة برسم الحلي 
والمطارق النحاسية. . وتفوق هذه الصنوعات تنوعاً تلك الحلي القروية في منطقة 
شمال إفريقياء وأکثرها تتخذ من الفضة . وقد آمکن بفضل آعمال ه. کامب فابرر 
حصر الصوغات الغاربية فى صنفین اثنین : الخرمة المشكلة بالايدي والرصعة 
والصنفان یختلفان کذلك نطافً؛ من حيث عموم الأول لكافة الناطق الغاربية 
واقتصار الثاني منها على فری مخصوصة. وتشترك الحلي الرصعة في کثیر من 
زخارفها مع الفخاریات والنسوجات البربرية» بما یجعل من الصعب التمییز فیها 
بين ما یرجع إلى أصول بربرية قديمة وما یدخل في الاضافات البلوية الطارئة علیها. 
à un‏ ی ی وه ی ای ی تام 
كي الت وه والسات و en‏ . وللحلي البربرية وشائج لائحة با كان pes‏ 
منها في المشرق وفي آوروبا على عهود المالك الفرنكية» والباربارية» والوزقوطية. 
وبعض الدارسين (خاصة ج. مارسي وج. مونيي) يتفقون على أن أول دخول لهذه 
خني إلى منطقة شمال إفريقيا كان مع قدوم الوندال» ثم كان لها دخول آخر أعظم 
بايدي المسلمين الملتجئين من الأندلس إلى بلدان الغرب في القرن السابع عشر“. 
والمكون الثالث الذي نظر به كامب إلى الاستمرارية البربرية هو مكون 
«السلطة». فقد نظر في أشكال الأنظمة السياسية التي عرفها البربر» وقلب النظر في 


29 - هنا بالذات» ص. 336. 
“د - هنا بالذات» ص. 349 


27 


تاریخها وفي خصائصهاء ليخلص إلى أن الغالب عندهم كان نظاماً آشبه بالجمهورية 
القروية» وهو نظام یغلب انتشاره في القری والبوادي دون الحواضر» وتراه عند 
المقيمين من البربر أكثر سفوراً ما عند الرحل. فلذلك كانت الحركات الانشقاقية 
والمجدة خاصة للأشخاص (قدیسین. ودعاة وشهداء) عظيمة التأثیر لدیهم كما 
تدلنا علیها حركة «الدوارین» والحركة «الدوناتیة» لدیهم في الحقبة الرومانية» ثم 
حركة «الخوارج» لدیهم في الحقبة الاسلامية. ولقد ساق المؤلف مجموعة من 
النماذج البينة لهذا النوع من الانظمة السياسية لدی البربر. فنظر في «الجمهورية 
القروية في منطقة القبائل»» وهي تنظیم تشاوري تتولی فيه الجماعة تسيير الجتمع 
القبائلي من خلال «لعبة محكمة من العلاقات والضغوط والرجعیات التاریخیة» (*. 
فهي تقوم بشؤون القضاء. وتحدد العلاقات مع الاجانب» وتشرف على شؤون 
احياة الاجتماعية اليومية. والمؤلف يرى في هذا التنظیم القبائلي بوادر للديمقراطية 
لكن مغلفة بإهاب تقديسي بدائي. 

وعرض المؤلف ععلّم من معالم التنظيم السياسي الذي عرفه البربر» وكان 
يتجاوز الصعيد الأول (صعيد الجماعة) بكثير؛ فهو تنظيم أكثر تطوراً؛ إذ يقع على 
الصعيد البلدي. وأهمية هذا التنظيم أنه كان بربرياً أصيلاً» ولم يكن من فعل الغزاة 
ذلك هو التنظيم البلدي الذي Les‏ لمدينة دقة على عهد الملك النوميدي ماسينيسا 
فهو نظام انتخابي سنوي» يحكم فيه الملك» يسانده قاضيان وجماعة قبلية تضطلع 
بالشؤون المحلية. والعبرة التي يريدها كامب ههنا أن يكون البربر عرفوا هذا التنظيم 
التطور ثم لا يكونون يديئون فيه لا للفينيقيين ولا للرومان. 

وفي مقابل هذا التنظيم القديم ضرب كامب JU‏ بنموذج من الجمهورية 
احضرية قائم على التقاليد القروسطية» وهو نظام عرفته الجمهورية الترببية المزابية. 
إنه نظام خماسي (بعدد مدن «(D je‏ أفلح المزابيون به في صون استقلالهم. وأما 
وصف هذه «الجمهورية» بالتريبية» فلأن السلط الفعلية فيها بأيدي رجال الدين. 

والنموذج الثالث الذي توقف عنده كامب في هذا الباب هو المتمثل في ما 
استهاه (التنظيم المجزأ عند آيت عطا». فنظام السلطة لدى هذه القبيلة يقوم على 
رکیزتین؛ فواحدة آشبه بالقاطعة الاتحادية» والثانية تتمثل في تلك الفروع الخمسة 
المؤلفة لهذه القبیلة؛ فهی تنتخب عنها شیخاً سنوياً بالتناوب » للحيلولة دون استتثار 
العشاثئر القوية تن ووجه الاستمرارية السياسية في هذا التنظیم أن له شبهاً 


1 - هنا بالذات» ص. 353. 


28 


بالنظام الذي عرفه هذا القسم من موریتانیا القيصرية في القرن الثالث الميلادي» في 
صورة ذلك التنظیم امخماسي. وله کذلك آشباه ونظائر في منطقة القبائل الجزائرية 
وفی جهات آخری من الغرب (لدی آيت وریاغل في الريف» ودکالة في الغرب 
الأطلنتى). | | 

والنموذج الرابع الذي عرض له كامب في سياق هذه الاستمرارية السياسية 
يتمثل في الاتحادات النوميدية والوریة». تمثيلاً للأنظمة السياسية التي تكون فيها 
القبائل القوية تتحكم في ما دونها قوة. فهذا تنظيم عرفته المملكة النوميدية» كما 
عرفته الموريتانيتان (خاصة لدى الباكوات فى موريتانيا الطنجیة)» وكان ما يسر لها 
rasée tue‏ ی في العصيو الو سیو کان لها سيد 
إلى إنشاء مالك عديدة (ككتامة» والمملكتين الزيرية والحمادية). 

ويعتبر التنظيم «الارستقراطي» لمجتمع الطوارق نموذجاً للتنظيمات القبلية التي 
عرفها البربر» ويراها المؤلف كانت حاملة لبذور الدولة. وصفة «الأرستقراطي» التي 
يجعلها لهذا التنظيم مأتاها من انقسامه إلى طبقتين؛ طبقة «الاموهاق» الأرستقراطية 
وهي المستأثرة بالسيادة» وطبقة «التبع »» أو الكل أولي» ويدخل عامة الشعب. فهو 
نظام يقو م على تراتبية محكمة لخدمة مصلحة المجموعة الغالبة. وعلى خلاف النظام 
التراتبي الأرستقراطي لمجتمع الطوارق» يقوم النظام الذي تسیر عليه مجموعات 
البربر في الشمال؛ فهو نظام إقطاعي» يتولى فيه «الأمينوكال» الحكم بمعية مجلس 
من القضاة. 

والخلاصة أن المجتمع البربري عرف استمرارية سياسية لم تقيض للدول الكثيرة 
التي توالت على المغرب الكبير. وتعتبر مشكلة تناقل السلطة من أهم أسباب 
الضعف التي ظلت تعتور تلك الدول» وتقضي عليها بالزوال. وأما القبائل فلا ba‏ 
في تشكل؛ فأقوام تندغم في أخرىء وقبائل بربرية تتعرب لساناً وأسماء”“. ومهما 
بدت الدول قوية في بلدان المغرب فهي لا تفتأ تتخللها انقسامات وتكتلات قبلية 
من قبيل «الصفوف» و«اللفوف» b‏ فى المغرب seu‏ ار ی ان ای 
فهي لا تقتدر على بسط سلطانها على - جميع القبائل؛ فتراها تركن منها إلى بعض 
ل لا a‏ ۱۳ 207 التى استنته هذه 
الدول» بل خضعت له من ميراث موغل في القدم؛ فان له سوابق لدی الرومان» فقد 
كان عندها «الوسونیون» واالسوبوربور» يشكلون أشبه بقبائل الخزن في مقابل 


La - 42‏ بالذات ص. 373. 


29 


القبائل الاخری. فیکون الجتمع البربري قد ضمن لنفسه استمرارية النظام في خضم 
ا ااه کامت افوص AS‏ 

وكذلك تتجلى الاستمرارية البربرية في ما أسماه كامب «العيش في الجتمع » 
يريد الحياة الاجتماعية عند البربر. وهي حياة تحكمها عادات وتقاليد لم يجد فيها فتيلاً 
ما تعرض له البربر من صنوف الغزو وألوان الهيمنة» Le‏ فيها الإسلامية. والشواهد 
عليها أكثر من أن يحيط بها العد؛ فحق للمرأة في تطليق نفسهاء ودخول لها في 
الميراث» وحرية كبيرة تتمتع بها المطلقات والأرامل في الأوراس. كما نلمس تلك 
الاستمرارية «الاجتماعية» في استمرار مجموعة من القوانين «العرفية» البربرية 
سارية في مناطق كالقبائل. وما يبعث على الاستغراب في هذا الصدد أن يقيض 
التدوين إلى الفرنسية لبعض هذه القوانين تحت الإدارة الفرنسية» وهي المخالفة 
لقان ااي الد ي ,دو ناشين Ro EN a‏ ام pan‏ 
من الأعراف القدية تعکم le‏ البربر في الوقت الحاضر؛ bou‏ 
المؤلف «الانف الأشم»ء و«الدية»“ . 


ثالثاء الترجمة : 

ظهر الكتاب موضوع هذه الترجمة في طبعته الأولى سنة 1980 ووسم آخر 
هو البربر : آقوام على هامش التاریخ (وهو الذي صار عنواناً للفصل الثاني في 
طبعاته التالية). وعاد اللف فأصدره في طبعة ثانية سنة 1987 وثالثة سنة 1995 
ووسم آخر (هو الذي آثرناه لهذه الترجمة) : البربر : ذاكرة وهوية. وجاء على هذه 
الطبعات الجديدة بتحویرات کثيرة LS)‏ فى التصحیحات التی عاد بها على الکثیر 
من آسماء الاعلام والاماکن» Cle‏ علی ge‏ الکتاب بالعدید من امحذوف 
وان لم ينوه إليها بشيء؛ فلم یغیر في شيء من مقدمته بين تلك الطبعات الثلاث !). 
ثم قام تلميذه ورفيقه سالم شاكر من بعده على إصدار طبعة رابعة من هذا الكتاب 
سنة ۰2007 واعتمد فيها الصيغة المعدلة في الطبعتين الثانية والثالثة» وجاء لها بتوطئة 
وقفى عليها بملاحظتين. 


43 هنا بالذات» ص. 369. 
44 هنا بالذات ص. 385-382. 


30 


وأما الترجمة فقد اعتمدنا فیها بادئ الأمر الطبعة الاولی» قبل أن نعدل عنها إلى 
الطبعة الرابعة» لكن من غير الاقتصار عليهاء حين رجوعنا على الترجمة بالتشذيب 
النهائي» غير مستبعدين لاحتمال العودة إلى النسخة الأولى من هذه الترجمة 
وإصدارها لتكون مكافئة لطبعة الكتاب الفرنسية الأولى» ولاسيما مع كثرة التغييرات 
التي وقعت في الطبعات التالية عليها (وحتى لم يسلم منها كذلك حذف الكثير من 
الفقرات!)» لتمكين القارئ من الوقوف على صيغة التفكير الأصلية التي كانت من 
المؤلف في هذا الموضوع . 

غير أننا وان اعتمدنا في الترجمة النهائية الطبعة الأخيرة من الكتاب (فلم نشأ 
أن نغض الطرف عن الإضافات التي جاء بها س. شاكرء أو نهمل توطئته للكتاب 
وملاحظاته الختامية علیه» وما جاء له من تصويبات» خاصة ما دخل منها في الكلمات 
الأمازيغية““)» فاننا لم نهمل من طبعته الأولى الکون Hal‏ وهو فيها عنصر 
رئيس؛ فلذلك أبقى عليه المؤلف في الطبعتين التالیتین؛ وان تناوله ببعض التبديلات 
(وآثرناه بصيغته الأصلية» ولم نأخذه بتلك التبديلات» وربا استه و انا فيه حجمه الذي 
تضاءل في الطبعتین الأخريين؛ فقد وجدناه هثل آهمية کبری على هذا الوضوع !) 
ثم جاء س. شاکر فأسقط تلك الصور بالكلية من الطبعة التي قام على إصدارهاء ثم 
لم يأت لهذا الحذف بإشارة» أو یعضده بسوغات! ولاشك أن في إسقاط الصور 
من هذه الطبعة الأخيرة انتقاصاً فادحاً من كتاب تقوم تدليلات المؤلف على كثير ما 
يسوق بين يديه من طروحات على العنصر الصوري» وكذلك يستمد أهميته» بل 
ضرورته» من المنهاج الاناسي الذي اتبعه فيه. 

ولامندوحة من التنويه إلى العنت الشديد الذي لاقيناه في هذه الترجمة؛ خاصة 
أنها تقلب في موضوع لا يزال الاختلاف بل التضارب» يخلب فيه على الاتفاق 
والانسجام» والستجدات الطارئة تغلب فيه على الأعراف والسلمات. فهذا مم 
يورد الترجم المشتغل بموضوع على هذا القدر من التجدد والتغير موارد الاضطرار 
وتكلف الابتكار الدائم في كل ما يتصل باللغة الواصفة له ومن أجلى مظاهرها 
5 - لم تسلم طبعة شاكر كذلك من هنات كثيرة؛ بلغت أحياناً إلى حد البتر من متن الکتاب ؛ كما في سهوه عن العنوان 

«تطور إنسان مشتى العربي»» الوارد في ص. 39 من الطبعة الأصلية الأولى» وفي ص. 27 من الطبعة الثانية. 


وانتقاصه من العنوان الفرعي *أصول إنسان مشتى العربي»» كلمة «أصول». انظر الطبعة الاولی» ص. 36 
وطبعة شاكر ص. 53. كما أننا خالفناه في التغييرات التي جاء بها لبعض الأسماء. 


31 


المعضلة الصطلحية وآسماء الأعلام26. ولقد اجتهدنا في تذلیل هذه الصعاب 
والعقبات الكأداء ما وسعنا الاجتهاد» دون eleal‏ البلوغ من هذا الکتاب إلى کل ما 
كنا ننتوي منه ونومل. 

ولئن كان الجال یضیق عن استعراض آلوان الصعاب وصنوف الضایق مما 
آوردتنا هذه الترجمةء فلا أقلّ من التنویه إلى بعض الأمور التي لاشك أنها ستستفز 
القاری وتستثیره في قراءته لهذه الترجمة. ومن ذلك آننا جعلنا معظم آسماء الاعلام 
وفق الصیغ العربية (الجرمنتيون» والقونشیون والاوستوریون» والاوسیسیون 
والأولبیون» والاولولیانیون» والاسیسیلیون» والاسیلیون» إلخ.)» مع ما قد يبدو 
فیها من تمحل. وتوخینا التیسیر على القاری في إيراد تلك الاعلام» وقد حفل 
الکتاب منها بالشيء الکثیر؛ فأوردناها بأصلها الاجنبي» تعريفاً للقاری بأصولها 
وتوخياً للدقة فى إيراد مقابلاتها (وإتاحة الجال للمخالفة والانتقاد!). ومیزنا فى 
تلك الکلمات الأجنبية بين ما يعود إلى الاعلام» وما یدخل في العبارات من اللغات 
الاجنبية (اللاتينة» والليبية» والبربريق إلخ)» فنقلنا هذه الأخيرة ببنوطها الائلة أو 
جعلناها بين أقواسء مراعاة لصيغها الأصلية في الورود. 

وواجهتنا صعاب أخرى. ربا بدت للقارئ هينة لا تستحق التنويه» لكنها لم تخل 
من إكراهات» بعضها ثقيل وجسیم. حتى ما هم منها أسماء في بساطة) Maghreb‏ 
فالقاری يرانا نراوح في ترجمتها بين «المغرب الكبير»» إذا كان المؤلف يريده في زمن 
سابق على انقسامه و«بلدان الغرب»؛ متى كان يريده فى الوقت الحاضر ! وميزنا 
بين «Paléoberbères‏ فجعلناها «أو ائل البربر»)» و Berbères‏ 5 فجعلناها 
«قدامی البربر»» إلخ . وميزنا بين (Préhistorique?‏ فجعلناها «الحقبة قبل التاريخية» 
و (Protohistorique?‏ فجعلناها «الحقبة قبيل التاريخية» (بدلاً عن مقابلها الشائع 
«الحقبة شبه التاريخية» الذي لا نرى له من معنى !)۰ مع ما فيها من استثقال 
و (Historique)‏ (الحقبة التاريخية). وواجهتنا مات أخرى من قبيل الأولى» كما 
في 5 جمة الكلمتين (Punique?‏ و ttPhénicien?‏ فقد وجدنا الكثيرين يحملونهما 


46 - لعل من أبرز ما وقفنا عليه في هذا الصدد ذلك الخلاف في كتابة اسم علم في أهمية JYI‏ «ماكورتام» Macurtam‏ 

: انظر في هذا الصدد‎ .Macurtum في تلك النقيشة الشهیرة» فیجعله (ماکورتوم»‎ 
Alfred MERLIN, «Divinités indigènes sur un bas-relief romain de la Tunisie», Comptes 
rendus des séances de l’Académie des Inscriptions et Belles-Lettres, Année 1947, Vol. 
91, N° 2, pp. 355-371. 


32 


على مقابل واحد؛ «فينيقي!. والحال أن بینهما فروقا؛ فباللفظ الأول نرید الأصل 
الفينيقي الشرقي لهذه الأقوام» وبالثاني حضورها وحضارتها في منطقة شمال 
إفريقيا. فلذلك توخینا Gui‏ في نقل الصطلحین» وراعینا فیهما کذلك التمییز 
الذي يقيمه المؤلف. وراوحنا في مصطلحات آخری بین العنیین العام والخاص 
ومن قبيلها مصطلح ۱ فقد جمعنا فيه بين العبادة» و«التقدیس» مراعاة 
لقتضی السياق. وخالفنا في مصطلحات آخری عديدة مألوفها في الترجمة 
ومن قبيل ذلك أننا جعلنا «مقابري» مقابلا «(Funéraire) J‏ ولم 3a‏ لها على 
مقابلها الشائع «جنائزي»؛ لأنها إغا تهم المؤئئات المقابرية» ولا صلة لها بمراسيم 
الجنائز ! 

وجئنا على النص في ترجمته بمجموعة من الإحالات؛ فميزنا فيها بين 
الإحالات إلى المصادرء التي كان المؤلف يعود إليهاء فيدرجها في بطن الكتاب 
(وكأننا أردناء من حيث لم نقصدء أن ندفع عن المؤلف المؤاخذة التي نالته من 
بعض القراء التسرعین بترخصه في تبیان مصادره ۱) وتلك التي جثنا بها للشرح 
والتفسيرء والتعريف» والتصحيح. فجعلنا الأرقام للأولى» والنجیمات للثانية 
(ونوهنا في خاتمة هذه المقدمة إلى أن الإحالات من النوع الثاني كلها من وضع 
الترجم). وأزلنا من النص المعقوفات التي جاء بها المؤلف» واستبدلناها بنقاط 
الحذف» وجعلناها بين قوسين» وجعلنا تلك المعقوفات لزياداتنا التوضيحية» وهي 
كما سيرى القارئ» نما كانت تدعونا إليها الضرورة» وما كانت من الفضلات التي 
يمكن عنها الاستغناء. 

ولم نجد بدا من التوسع في ثبت الاعلام» الذي قفينا به على الترجمة» بعد 
أن كان في أصل الكتاب مختصراً لا يحيط القارئ بالزخم الهائل لما اشتمل عليه 
من أعلام (أشخاصاًء وقبائلء وأعراقاًء وجماعات els‏ وثقافات إلخ.). 
وما حفل به من أماكن (مالك. وبلدان ومدنء ومناطق. وجهات» وآثاراًء إلخ.). 
وجثنا كذلك بفهرس للصور التى اشتمل عليها هذا الکتاب؛ لقناعة لدينا أن 
الکون الصوري في هذا اللو مو الدراسات بل لرا عنصراً عظيم الأهمية 

ع # 

وحتى ليستحق أن يفرد بالبحث والتحليل! 


33 


وارتأينا في الاخیر أن نزید إلى هذه الترجمة ملحقاً یتمثل في الثبت الشامل 
بأعمال غابرییل کامب 7 وقد كان ثمرة قيمة لجهود کبیر من تلامذته ورفاقه» وهو 
يمثل أفضل نافذة يطل منها القاری على اهتمامات الوّلف؛ فهو يحيطه بالاسهام 
الباهر الذي كان منه على درب التأسیس لصرح العرفة الرصينة بجوانب عديدة 
من تاريخ الانسان» وثقافته. واجتماعه؛ والبربر یتبوآون في ذلك الصرح العرفي 
مکانة مرموقة. 


عبد الرحیم حزل 
کف E‏ 


تنویه : 
الاحالات النجمية (*) كلها من وضع الترجم. 


47 - عدنا في هذا الثبت إلى الکتاب الجماعي الذي وضع في تكريم کامب : 
L'Homme méditerranéen, Université de Provence — Aix-en-Provence.1995,‏ 


34 


يها ع هه 


(غابرييل کامب. رج ل الاستمراریات البريرية) 


يتبوأ غابرييل كامب في حقل الدراسات الهتمة بمنطقة شمال افریقیا مكانة 
خاصة ومتفردة. فمما لاشك فيه أن الرجل قد فتح بأعماله العلمية ‏ عهداً جدیدا 
ومهد السبیل لقاربة مبتكرة لتاریخ الوقائع الثقافية» ستظل لها صحة ووجاهة لزمن 
طویل. وملّفه الذي بين أيدينا عن «البربر» هثل محطة رئيسية في سياق تلك القاربة 
الأصيلة. فقد جاء فيه بترکیب لابحاثه ودراساته في عالم البربر لا یقرب من نصف 
قرن» وهو العالم الذي ضرب فيه طولا وعرضاء وقلب النظر فيه من سائر الازمنة 
والامکنة. وتوسل إليه بمختلف العلوم والتخصصات. وقبل آن یطلق AS‏ مژلفه 
هذا عن البربر كان قد لمع بمجموعة من الاعمال الحاسمة» نذکر من جملتها : «أصول 
بلاد البربر : أنصاب وطقوس [مقابریة] من الحقبة قبیل التاریخیة» ‏ سنة 1961 
و«أصول بلاد البربر : ماسینیسا أو بدایات التاریخ» ۰ سنة 1962... فما فتی 
يؤسس لرحلة بعد أخرى وجمیعها على انسجام وتکامل لاعادة بناء الاتصال 
والاستمرارية البربرية في منطقة شمال إفريقيا 

وبل ريل سامت كان مجعوع العارف حول البربر في منطقة شمال إفريقيا 
في سائر أبعادها — التاريخية والعرقية واللغوية... - يشكل فى أصله متنا لا يُستهان 
به. فابتداء من الاستیلاء على الجزائر (سنة 1830(« te‏ الابحاث الغربية 


کا أنشئت العدید من الشهادات والقالات التأبينية في حق غابرييل کامب على أثر وفاته في 6 شتنبر 

2002. ديمكن لعو في التعرف على المسار العلمي للرجل إلى الموسوعة البربرية في عددها 

Encyclopédie berbère, t. XXV (Aix-en-Provence, Edisud, 2003). 

فقد اشتمل على أربع شهادات علی اتساق وتکامل» JS‏ من مارسو کاست وحیهان ¿o‏ 
وإدمون بيمو» وأنا نفسي . 

* - Aux origines de la Berbérie : Monuments et rites protohistoriques 

* - Aux origines de la Berbérie : Massinissina ou les Débuts de l'Histoire 


35 


وخاصة منها الفرنسية» تراکم LS‏ هائلاً من العارف» والافادات. والوثائق بشأن 
هذه النطقة وساکنتها. ثم ما كاد ينتهي الغزو العسكري وطور الاستکشاف» حتی 
صار النظام الأكاديمي الفرنسي يولي اهتماماً كبيراً إلى هذه الجالات. فصعُدا مع 
آواخر القرن التاسع عشر أخذ جهاز علمي هائل بالتکون - خاصة من حول الدرسة 
العلیا للاداب في الجزائرء التي لم يض على إنشائها وقت طویل حتی تحولت إلى 
كلية للآداب - في جميع التخصصات. وأخذ ينتج أولى تركيباته الکبری. ولا تزال 
أسماء [أدولف] حانوتو و[إميل] ماسكيراي» وروني باسي» وستيفان كزيل 
وسواهم كثر - ممن أصدروا أعمالهم في الفترة ما بين 1860 و1930 - تعتبر إلى 
اليوم مصادر لازمة ليس عنها استغناء. 

بيد أن تلك المعارف بقيت إلى حين مجيء غابرييل كامب - وفي ما عدا بعض 
الساهمات لباحثين متفرقين» لم تسلم كذلك من أوجه نقص عديدة - مطبوعة 
كلها بالتجزيء وإقامة الحواجز بين العصور التاريخية الکبری وبين العلوم 
والتخصصات. 

ومن أبرز ما يدلنا على تلك الحواجز أن منطقة شمال إفريقيا كانت تبدو من 
خلال هذه المعرفة الأكاديمية في صورة وكأنها مكونة من أقسام مفككة ومتنافرة 
وأنها لا تزيد عن مجموعة قد ضمت عوالم متباعدة إلى بعضها؛ تجتمع فيها عصور 
ما قبل التاريخ» والعصور القديمة - التي يجزئونها هي نفسها إلى قطع متمايزة - 
والعصور الوسطى... والعالم القرطاجي... ثم يجمعون هذا الشتات كله في 
تعاقب ومجاورة فيهما الكثير من التمجل والتعسف. فتبدو هذه العصور المختلفة 
وهذه العوالم المتباينة في صورة وكأن بين عناصرها انفصالاً Y‏ اتصالاء وكأننا بمنطقة 
شمال إفريقيا في حقبة ما قبل التاریخ» وفي الحقبة القرطاجية» والحقبة الرومانية 
والحقبة السيحية والحقبة الوندالية» والحقبة البيزنطيةء والحقبة العربية اللإسلامية 
والحقبة العثمانية؛ والحقبة الفرنسية» كانت تعود في كل حقبة من هذه الحقب إلى 
التشكل فوق فراغ بشريء أو كأنها في كل مرة كانت تقوم في لمح البصرء ومن 
غير أي طور انتقالي أو من غير أي وشيجة با يسبقهاء بتجديد لمحيطها البشري 
جملة وتفصيلا. 

وكانت الوضعية نفسها تسود بين العلوم والتخصصات؛ فقد عرفت علوم 
التاريخ تطوراً هائلاً في ظرف قرن من الزمن» فكان ينبغي أن يحدث الشيء نفسه 


36 


في كل ما یتصل باللغة البربرية» على اختلاف تنوعاتهاء ویحدث الشيء نفسه 

في العراقة المتوسلة إلى دراسة البربر. E‏ 
والعارف الداخلة في تلك العراقة قد ظلت تتشكل وتتطور في استقلالية شبه كاملة 
عن بعضها؛ وما ذلك ON‏ الأفراد. ومعظمهم من كبار العلماء» كانوا يجهلون با 
يحدث خار ج مجالات اختصاصهم» بل لأنهم كانوا في أعمالهم يكادون ينعزلون 
عن بعضهم ولا یتصلون فيها بشيء. فا لمؤرخون» وعلماء احفریات» ee‏ 
وعلماء العر اقة. .. کانوا یسیرون کل في سبیله» من غير أن يقو م اتصالٌ بين 
التعخصصات. ولا نزال نرانا مذهولین للجهل التام re‏ 
المهتمين بتلك العصور والحقب؛ جهل بالبيئة البشرية واللغوية لدی البربر. وبالوازاة 
ولذلك فلن dé‏ إلا في ما ندر - من إحالات إلى التاریخ» أو إلى السیاق العراقي 
عند أكبر اللسانیین الدارسین للبربر» آمثال آندري باسي. . 

ومن المؤكد أن هذه الوضعية قد نجمت عن آسباب عديدة» نذکر منها جملة 
من الإكراهات الموضوعية التي أملاها ذلك العصر؛ فقد كان التجزيء الموسوم به 
هذا الجال يوافق طور الانتقال إلى الدراسة الأكاديمية؛ فكان آمراً لازماً لیس منه 
مناص» مثلما كان يدل على تضارب وتنافر عميقين في المصادر وفي أدوات العمل. 
فقد كان «المهتمون بالعصور القديمة» متقيدين بالصادر الكلاسيّة. لاتينية ويونانية 
وكان المهتمون بعصور ما قبل التاريخ متقيدين بالحفريات لعصور ما قبل التاريخ 
وكان المهتمون بالعصور الوسطى متقيدين بالصادر المكتوبة باللغة العربية» Lis‏ 
المهتمون بالبربر فقد كان كل انشغالهم بضرورة وضع جرد ووصف بادة على هذا 
القدر العظيم من التنوع . 

بيد أن هذا الوضع ساهمت فيه كذلك» وبطبيعة الحال» مجموعة من الإكراهات 
الإديولوجية : إفراط في تقدير المصادر الخارجية» ومغالاة في تقييم العوامل الأجنبية 
وصعوبة في التعرف على البربري من حيث هو فاعل في التاريخ... لقد تشكلت 
تلك الفترة من تأكيدات قاطعة عن «هامشية البربر ۷ وعن «عدم قدرتهم على تشكيل 
دولة لهم»؛ وعن «غيابهم التام بالعنی التاريخي». .. فالبربر إذا ما قيسوا إلى قرطاجة 
وروماء أو قيسوا إلى العرب. بدوا أقواماً غير ذات شأن أو أهمية» فكأنهم لا يزيدون 
عن مادة سالبة»» كانت تشکل ويعاد تشكيلها ا يقع عليها من غزو الغزاة. وجملة 
القول إن المرتكز والأدوات المعول عليهما في فهم تاريخ شمال إفريقيا وثقافته قد ظلا 


el © 


lé 


37 


ولیس من شك فى أن القاربة العلمية التی جاء بها غابرییل کامب تعتبر على 
هد Lea‏ أك القاریات اا ون مساهمته هي الاکثر نفاذاً واقناعاً - ولقد 
كانت أكثر ما أثر في شخصياً من الساهمات الداخلة في هذا الضمار. فکامب قد 
كان بجبلته دارساً مختصاً بعصور ما قبل التاريخ» بيد أنه لم يكن ينأى بنفسه عن كل 
ما يتصل بعالم البربر» وحتى ليذهب بي الاعتقاد إلى أن حياته كانت كلها مجهوداً 
موصولاً للم شتات المساهمات الداخلة في تخصصات ذات صلة ببعضها ووصلها 
بغیرها من العارف» ومجهود موصول لتحطیم الحواجز ز التي ظلت تفصل ين 
العلوم والتخصصات. وتفرق بين العصورء وظلت إلى الیوم تعمل التجزيء في 
منطقة شمال افریقیا وفي عالم البربر. 


ولم يكن غابرییل کامب بالعالم اللساني ولا الهتم باللغة البربرية بعناها الضیق 
غير أنه كان آول من تنبه ببصيرته النفاذة (منذ أن أطلق موّلفه ماسینیسا سنة 1962( 
إلى كل ما يمكن للمهتم بعصور ما قبل التاریخ أن يفيد من العطیات البربرية» على 
الصعيد الاجتماعی اللغوي بطبيعة الحال» ولكن كذلك فى ما يتعلق بأصل الثقافة 
se eos It‏ تقد كان سافاً لل إلى أف وجرد قاوس 
واحد لدی البربر علی امتداد مجال ترابي شاسع یصطلحون به على الحبوب قرينة 
على pit‏ الکین لهذه الزراعة في شمال إفريقياء وقرينة من دون شك على آنها 
زراعة أصلية في هذه النطقة. وإذا كنا لا نری ما يوحي إلينا بتأثر مباشر من صاحبنا 
بجور ج دومیزیل» فان مقاربته للعلاقات بين اللغة والثقافة والجتمع تتلاقی والقاربة 
التي جاء لها بها هذا العالم الكبيرء وإنها لقاربة في غاية الغنی والثراء» على عالم 
یندر أن نقع فيه على الأثار الکتوبة. فلقد كانت اللغة والاثار التعددة التي تحملها 
وتشف عنها أداة أساسية عند کامب لبناء العارف بشان البربر. 

وما كان غابرییل کامب كذلك قد حاز تکویناً في علم العراقة؛ بيد أن اهتمامه 
بالعراقة الادية وبالتقنیات التقليدية التى كانت عند البربر معا قد آتاحا له أن يمد 
ابحسور مم العراقات الهتمة بعصور ما قبل التاریخ» في میجال ازف والمارسات 
الزراعية والعدانة وسواها ETT‏ 
لدی البربر قد تأدیا به الی الكشف عن شبكة واسعة من الاتصالات والعلائق 
ed ce dau‏ 
الطقوس القابرية عند البربر في عصور قبيّل التاریخ من تسلیط الضوء على بعض 


38 


الممارسات والمعتقدات التي لا تزال متداولة لديهم في الوقت الحاضرء أو ا 
كان لا یزال لها عندهم وجود إلى عهد قريب . وفي المقابل فان تمعنه في مارساتهم 
[المتعددة] في الوقت الحاضر قد مكن له أن يسلط الضوء على شعائرهم القديمة 
وكانت له فائدة عظيمة. 

وكذلك - وهذا موقف مؤسس لسار غابرييل كامب العلمي- فإن أعماله 
الكبرى التي تناول بها الطقوس المقابرية في عصور قبیل التاريخ لدى البربر» وقيام 
مالك بربرية فى العصور القديمة» واهتمامه بالفترات المفصلية» والفترات «المظلمة» 
التي لا نجد بشأنها من مصادر تاريخية کلاسية والا فالصادر بشأنها یعتورها الکثیر 
من العیوب والنواقص. عثل آجلی صورة لتلك الارادة التي كانت تحرك الرجل 
لوصل الخيوط الجامعة للحمة التاریخ والارض والانسان ببعضها. وهي آمور تدلنا 
علیها کتاباته الكثيرة وا حاسمة؛ تلك التي تناول بها المالك والامراء البربر في آواخر 
العصور الوسطی وبدایات الحقبة العربية الاسلامية» خاصة ما تعلق بعملية التعریب 
الذي وقع منطقة شمال إفريقيا. 

وهي في الأخير استمرارية ووحدة في الجال؛ لأن غابرييل كامب قد اشتغل 
بصورة موصولة ومعمقة باعتباره دارساً لعصور ما قبل eu‏ وعالم عراقة» على 
المناطق التوسطية والتلية من منطقة شمال إفريقياء مثلما عني بالناطق الصحراوية 
حتی أبعدها وأقصاهاء مؤكداء من ثم وبصورة قاطعة؛ على الوحدة الجقرافة لعالم 
البربر. 

إن أعمال غابرييل كامب» با تحفل من وشائج واتصالات عبر الأزمنة» ووحدة 
جغرافية في مجال الاهتمام» وتعبئة جامعة للعلوم والتخصصات. تؤكد مجتمعة 
على الاستمرارية والوحدة البربرية لشمال إفريقيا. ففيها یطالعنا البربر بلغتهم 
وثقافتهم من قد الزمان» ومن عهود ما قبل التاریخ؛ فهم المعالم المحددة على 
الدوام لشمال إفريقيا. فمن وراء جميع الاسهامات الخارجية» البونيقية» والقرطاجية 
واللاتينية» والعربية الإسلامية» وبجانبها... يوجد على الدوام» وفي كل مكان 
خيط رابط واحد : البربري أو اللغة البربرية. 

ونزعم أن كامب هو الباحث الذي وضع البربر في المركز من تاريخ شمال 
إفريقيا وثقافته» على مديد الأزمان» وعبر كل التحولات وتحت شتى أنواع الأقنعة. 

2 2f f 


39 


هذا التموقع وهذه القاربة یتجلیان بقوة في العمل الذي شکل الخاتمة لمسار 
غابرییل کامب الحياتي [والعلمي]ء وأعني الوسوعة البربرية. التي كان يريد لها 
أن تکون محفلاً بجمیع العارف التي تهيأت حول البربر» عبر العصور واختلاف 
الجالات التخصصات العلمية. 

ولقد شرفنی. قبل وفاته» بأن طلب إلى أن أعمل على ضمان الاستمرارية 
لهذه الوسوعة. في حال عرض له ما بُقعده عن القيام بنفسه على هذا الامر. وقد 
كنت لدى وصولي* إلى إكس أون بروفونس في سنة ۰1970 وتعرفي على Jante‏ 
کامب. وأنا بعذ طالب مبتدئ» أقبل بجماعي على تحصيل تكوين في اللسانيات 
العامة واللسانيات البربرية. ومع ذلك فسرعان ما أصبح غابرييل كامب من بين 
الشخصیات" العلمية القلائل المتميزين في جامعة بروقونس. الذين وجدت منهم 
التشجيع والتوجية . فلم يتردد في أن یفسح مکاناً في مختبره لشؤون ما قبل التاریخ 
والإناسة لهذا الدارس اللغوي الشاب المهتم باللغة البربرية. وكان الرجل من قبل 
احتضن العراقة في بيئته العلمية؛ فكان يومئذ يحتضن بالقدر نفسه من الانفتاح 
اللسانيات البربرية» بالتوسيع لي بين فريقه. 

لقد اضطلع غابرييل كامب» بالنسبة ال في تلك السنوات؛ سنوات التكوين 
وسنوات الاستعداد لهنة الباحث» بدور خاص ومتفرد» بل كان دوراً حاسماً في 
تو جيهي الوجهة التي صرت الیها. ۱ ۱ 

فهو من جهة باحتضاني في مختبره » قد أتاح لي الظروف المادية» وهيّأ لي بيئة 
ثقافية وعقلية متميّزة من كل الوجوه» كان لها الفضل الكبير على باحث شاب في بداية 
مساره؛ ومکن لي سبل الوصول إلى وثائق قيمة ونفيسة في وقتهاء عن عالم البربر. 

وآما من جهة آخری فإنني باشتراكي في مشروع الوسوعة a‏ 
طبعتها الموّقتة سنة 1970 والتی كان کامب یشجعنی على الكتابة لها ببعض الافادات 
اللغوية» قد ساعدني على آن آشرع في استجماع أولى مکونات العدة اللازمة لي 
في مجال البحث . 


*- لم تكن لي عن غابرييل كامب في الجزائرء قبل سنة ۰1969 غير صورة غامضة وملتبسة على 
الرغم من أنني كنت أتردد على «مركزالبحوث الاأنثروبولوجية وماقبل التاريخ والإثنوغرافية 
6 في تلك الفترة» وكنت على اتصال وثيق بمارسو گاست» الذي ساعدني في الإعداد 
لرحلتي الأولى إلى الصحراء؛ وأنا بعد تلميذ في المستوى الثانوي . ثم إن مارسو كاست هو من 
شجعني على مغادرة باريس للالتحاق بالفريق في إكس. 
- آفکر ههنا كذلك وخاصة في كل من جورج مونان وماريو روسي. 


40 


ثم إنه بتمکینه لي من الاندماج في نسیج علمي متعدد التخصصات من العلو p‏ 
صوب العلوم التاريخية وصوب العراقة. فلقد مکن لي غابرییل کامب أن أضرب 
لأعمالى فى اللسانیات بجذور فى تلك التربة الانسانية والاجتماعية التی بدونها قد 
لايلبث کل بحث لساني أن ینحط إلى شكلانية جافة وعقيمة. 

وکانت لي الوسوعة البربرية ولغيري متخصصین کثر في عالم البربر» على 
امتداد السنین الثلائین الأخيرةء مجلاً للتعاون والتلاقي الدائمین بين المؤرخ وعالم 
العراقة واللغوي... 

مد د د 


لقد ظل غابرييل كامب يبت في أعماله الشخصيةء كما في عمله الجماعي - 
باعتباره مديراً لفريق وموجهاً لمشاريع - من فكره وروحه ونحيزته التركيبية» حتى 
أواخر أيامه» كما بث فيها ثقافة علمية موسوعية» وهي أمور نراها أجلى ما يكون في 
كتابه هذا عن البربر» الذي سيظل؛ لزمن طویل» المنهلَ لكل من يرغب في الاطلاع 
على مصدر محكم رصين عن هذه الأقوام وهويتها عبر العصور. 


سام شاكر 
اینالکو» باريس 


41 


1. رأس محارب ليبي. نحت مصري من عصر رمسیس الثاني (متحف اللوفر). 


42 


دمهید 
عالم مه يه 2 


نحن في سنة 1227 قبل الميلاد؛ السنة الخامسة من حكم منيبتاح .Mineptah‏ 
وقد أمر الفرعون بإقامة الصلوات في سائر أنحاء المملكة» وتقديم قرابين لم يسبق 
لها نظير إلى الآلهة التي تقوم على حماية أرض بتاح Ptah‏ وتقدیها إلى بتاح نفسه 
وتقديمها خاصة إلى آمون رع Amon RÂ‏ وإلى الإلهتين الطیبتین؛ الساحرة الكبيرة 
إزيس Isis‏ والخيرة نفتيس .Nephtys‏ 

لم يسبق للأرض المحبوبة من رع أن تعرضت لخطر بذلك العظم. فلأول مرة 
يتحالف باربار Barbares‏ الشمال القادمون من الجزر والأراضي التي يغمرها تري 
فرت Très-Verte‏ [البحر الأبيض التوسط ef‏ وبرابرة الغرب قاطنو الصحراء؛ حيث 
يسود التیفون المهلك» تحت قيادة مري «Meryey‏ ابن دد Ded‏ ملك الليبو Lebou‏ 
(اللیبین (Libyens‏ اللعون من آمون» ویجتاحون آراضي حورس .Horus‏ فقد 
صعدت سفن الشمالیین الفرع من النيل حيث خوابي الأموات» وانتشر الآخرون 
بأعداد هائلة كأنهم حبات رمل الصحراء في الدلتا؛ مرادهم فیس „Memphis‏ 

لم يكن مُري وأتباعه من الليبو أول البربر الذين ورد ذكرهم في التاريخ. فمنذ 
قرونء بل منذ آلاف السنين» اتصل المصريون بعلاقات من المحاربة وعلاقات من 
سالة بجيرانهم من الغرب » أولئك الليبو أو الليبيين» من التحنو Tehenu‏ 
Temehu gae! s‏ والمشوّش «Meshwesh‏ المنقسمين إلى قبائل عديدة. لكن اجتياح 
تدلتا والانتصار الذي تلاه مكنا LI‏ سبیل الوصول إلى معلومات موثوقة بشأن هؤلاء 
نیبو» وجاءانا لهم بأسماء لشخصیات. وتمئيلات عن طريق الصورء أو الكتابات 
الهيروغليفية ذات قيمة تاريخية وعراقية. وقد كنا توصلنا من خلال بعض الوثائق أقدم 
عهدا ببيانات واضحة» كأنها صور فوطوغرافية» عن الجوانب الجسمانية لليبو» وعن 


43 


معذاتهم ولباسهم وأسلحتهم؛ بل جاء‌تنا كذلك بتصاویر لا کانوا یصطنعون من 
آوشام. 

وعلی الرغم من مرور آلاف السنین والتقلبات التي شهدها تاريخ قد حفل من 
صنوف الغزی والاحتلال ومحاولات الاحتواء والتذویب التي وقعت على البربر 
E‏ لجموعة وجودافي اقيم شامع مترامي الأطراف 
مبتدژه من غرب مصر. ففي الوقت الحاضر تنتشر آقوام من متكلمي البربرية في 
اثني عشر بلداً إفريقياً تد على نطاق من البحر الأبيض التوسط إلى جنوب النیجر 
ومن اط الأطلسي إلى مشارف النيل. 

لکن هذه النطق التي تغطي الربع الشمالي الغربي من القارة الافريقية ماعاد 
جميع سكانها یتکلمون البربرية» بل العكس هو الصحيح! فالیوم قد صارت اللغة 
العربية فى هذه النطقة هى اللغة السيارة؛ فهى لغة التجارة» ولغة الدين» ولغة 
الدولةء إلا في الطرف الجنوبي المتد من تشاد إلى الستغال؛ حيث الفرنسية هي 
اللغة الرسمية. فالناطقون بالبريرية یکونون مجموعات منعزلة عن بعتضهاء وتسیر 
في تطورها على صور شتى وأوجه عدیدة. وهي تتباین DES‏ أعدادهاء كما 
تتفاوت في آهمیتها. فالجموعات القبائلية في احزائر» وجو E‏ البر ابر braber‏ 
والشلوح في الغرب يقدر آفرادها بمئات ال لاف وربا عدوا باللایین بینما لا يزيد 
عدد التکلمين ببعض اللهجات البربرية في الواحات الصحراوية عن بضع عشرات 
الافراد. ولذلك فالخرائط المبيّنة لانتشار اللغة البربرية لا تفیدنا شيئاً ذا بال . فالجال 
الصحراوي الناطق باللهجات الطوارقية (التماشق) ”في الجزائرء وليبياء ومالي 
والنیجر مجال شاسع » لکن عدد الرحل المتنقلين خلاله والزارعین القلیلین المقيمين 
فيه والناطقین جميعاً بالبربرية لا يكاد يزيد عن 000 250 إلى 000 ۰300 با لا يزيد إلا 
قليلاً عن سكان مزاب الذين يشغلون في شمال الصحراء مجالاً أقل Le‏ لا يقاس 
عن النطاق الذي يشغله الطوارق. كما أن منطقة القبائل تضم ساكنة تزيد بعشرة 
أضعاف عن ساكنة منطقة الأوراسء التي تفوقها اتساعاً بكثير» ويتكلم أهلها لهجة 
بربرية مختلفة. 

والواقع أنه لا توجد اليو م لغة بربرية» بمعنى أن تكون هذه اللغة انعكاساً لجماعة 
بشرية واعية بوحدتهاء كما لا يوجد شعب بربري» وأحرى أن يكون وجود لعرق 


* - ۰12002029 ويقال لها كذلك «تماشق» واتمازيغت». 


44 


بربري. . وان جمیع الختصین لتفقون حول هذه احوانب السالبة. .. ومع ذلك 
فالبربر موجودون. 


mr‏ توت تس 


ومن الحتمل أن اللغة البربرية» تلك اللغة المشتركة بين البربر» والوغلة في 
القدم» والتي لم توجد في غير أذهان اللغويين» والأرجح أنها لم تكن تزيد عن 
مجموعة من اللهجات المتقاربة فى ما بينهاء بخلاف اللهجات البربرية الحالية» قد 
كانت تتداول في مجموع المجال الترابي الذي بيّنا نطاقه وحدوده» لا نستثني منه غير 
تيبستي 11615]1» التي تسودها التيدا Téda‏ (لغة التوبو)". 

وقد استعمل قدامى الإفريقيين في المغرب الكبير نظاماً في الكتابة» هو النظام 
الليبي» وعنه تولدت أبجدية التيفناغ المتداولة عند الطوارق . والحال أنه قد تم الوقوف 
على الكثير من الكتابات الليبية ومن التيفناغات القديمة في مناطق باتت اليوم معربة 
بالكامل (في تونس» والشمال الشرقي من الجزائرء وفي الغرب ومنطقة طنجة من 
الغرب» وفي شمال الصحراء. ..(. وقد تعرضت هذه الكتابة في بلدان الشمال 
للمنافسة من اللغة البونيقية ثم من اللغة اللاتينية. ویسلّم البعض OÙ‏ هذه الكتابة 
كانت قد صارت إلى إهمال ونسیان من قبل أن یکون دخول الكتابة بالعربية فى القرن 
السابع الميلادي. وفي المقابل بقي للكتابة الليبية وجودء وعرفت التطور مع المحافظة 
على خصوصيتها وفرادتها في البلدان الصحراوية؛ حيث لم يكن لها أن تلقى من 
منافسة. بل إن نطاق هذه الكتابة قد سار إلى اتساع » وصولاً إلى جزر الكناري» التي 
كان سكانها القدامی» القونشيون «Guanches‏ يتكلمون لهجة أقرب إلى البربرية. 

فيمكننا التأكيد بأن أسلاف البربر كان لديهم في وقت من الأوقات نظام في 
الكتابة أصيل» وأن هذا النظام قد سارء كما ساروا هم أيضاًء في انتشار من البحر 
الأبيض المتوسط إلى النيجر. 

والحجة الأخرى التي يمكن أن ندفع بها في مواجهة أولئك الذين ينكرون ضداً 
على كل الأدلة» عن اللغة البربرية أن تكون عرفت الانتشار منذ القدم» أو الذين 


د 


* - ۰1000 مجموعة عرقية تقيم شمال تشاد. وحول جبال تيبستي» وفي أقصى جنوب ليبيا 
والسودان والئیجر. 


45 


هم حذق منهم» فیتساء‌لون عن القرابة الفعلية بين اللغة بربرية واللغة الليبية التي 
كانت متداولة عند قدامی الافریقیین» هذه الحجة نجدها في آسماء الأماكن؛ فحتی 
البلدان التي عُرّبت بالکامل لا یزال فيها وجود لاسماء آماکن لا يكن تفسیرها الا 
باللغة البربرية. 

وعلیه فان اللغة البربرية التي كان لها من قبل ذلك الانتشار الواسع قد صارت 
بمضي القرون إلى تراجع آمام اللغة العربية» لکن هذا التعریب اللغوي» الذي ساعد 
عليه دخول الاسلام إلى شمال |فریقیا والصحراء قد صاحبه ابتداء من القرن الحادي 
عشر اليلادي تعریب اجتماعي وثقافي أدى إلى تذویب حقيقي لغالبية سکان الدول 
الغاربية. ولقد كان تذویباً هائلاً إلى درجة أن سکان بعض هذه البلدان (کتونس 
ولیبیا) أصبح السواد الأعظم منهم یقولون ویعتقدون آنهم عرب؛ فهم لذلك یعذون 
في العرب . والحقيقة أن القلة القليلة منهم من يجري في عروقهم شيء من الدم 
العربي؛ ذلك الدم الجديد الذي جاءهم به الغزاة في القرن السابع اليلادي أو نقله 
إليهم البدو الذين اجتاحوهم في القرن الحادي عشر اليلادي؛ بنو هلال وبنو سلیم 
وبنو معقل؛ وهم الذین لم تكن آعدادهم تزید عن 000 200 في آکبر تقدیر. 


2 رؤساء من التمحو (اللیبیین)؛ في رسم من قبر سيتي الأول (الأسرة التاسعة)» حوالي 1300 ق.م. 


46 


لکن المغاربيين؛ وان عربوا» لا یزالون یتمایزون عن عرب شبه الجزيرة العربية 
وعن عرب الشام الذین عَرّبوا قبلهم بکثیر. فالواقع أن الجتمع السلم في شمال 
إفريقيا وفي الصحراء یوجد ضمنه مغاربیون یتکلمون العربية» أو بربر من الستعربة 
ومغاربیون ناطقون بالبربرية لا یزالون یعرفون باسم البربر الذي سماهم به العرب . 

والبربر المستعربة » الذين لا یشکلون كياناً مجتمعیاً کمثل ما هم البربر» نیز فیهم 
مجموعة قدية» من اضر معظمها مختلط الاصول؛ إذ ينبغي أن نعتبر في الدن 
بالعناصر التي انضافت إليهم قبل الاسلام واللاجئين السلمین من |سبانیا (الأندلس) 
والقادمین الجدد الذین جرت العادة على تسميتهم بالاتراك من غير تمييز» وهم الذین 
كانوا في معظمهم من البلقانيين» والإغريق سكان الأرخبيل اليوناني. كما وينبغي أن 
نعتبر هجموعات أخرى من المزارعين المقيمين. وينبغي أن نعتبر في الأخير بالرحل 
وهم یعدوّن في شمال الصحراء (الركيبات» والشعانبة» وأولاد سليمان) الأقرب 
لغوياً وثقافياً إلى قبائل البدو العربية. فبين ظهراني هؤلاء يمكننا أن نقع على الأحفاد 
الحقيقيين لبني سليم وبني معقل. 

وإلى جانب هذه الأقوام من العرب أو المستعربة» تعيش مجتمعات بربرية 
هي» مثلهاء مسلمة كلهاء باستثناء قدامى القونشيين ساكني جزر الكناري 
وهم الذين تمسحوا ثم اندمجوا في الإسبان» وبعض الأسر القبائلية القليلة التي 
انقلبت إلى المسيحية في أواخر القرن التاسع عشر. وان هؤلاء البربر لأكثر تنوعاً 
وتعدداً من مجموعات البربر الستعربة. ويمكننا أن نمیز لدى هذه الأقوام الناطقة 
بلهجات شتى لكن لها ببعضها وشائج وعلائق با يجيز نعتها بالبربرية من غير 
تردد» شتى أغاط العيش التقليدية الشائعة في البلدان المتوسطية والبلدان شبه 
الاستوائية. فأنت تجد بينهم المشتغلين بزراعة الأشجار» وهم فلاحون حقيقيون 
شديدو ارتباط بأراضيهم كما تجد بينهم سكان الجبال في منطقة القبائل وفي منطقة 
الريف [في الغرب]» وهم المشتغلون بأشجار الزيتون والکروم؛ وتجد بينهم 
المزارعين في الواحات المشتغلين بأشجار النخيل» وأشجار الشمش وأحواض 
الخضارء كما تجد بينهم المشتغلين بزراعة الحبوب في الجبال الجرداء» كمطماطة في 
الجنوب التونسي» والشلوح في الأطلس الصغير في المغرب» وهؤلاء خبيرون 
ببناء المدرجات في السفوح شديدة الانحدار ليحفظوا بها التربة والرواء. وهنالك 


47 


مناطق أخرى یقطنها الشتخلون بزراعة الاشجار والرعي من آشباه الرحل» آمثال 
الشاوية في الأوراس» الذین استمدوا تسمیتهم العربية من حیاتهم الرعوية 
(فالشاوية هم الرعاة). فما أعظمه من تعارض نراه بين هؤلاء الجبليين الأجلاف 
وهذه المجتمعات الحضرية الصحراوية التي اختصت بالتجارة الصحراوية الكبرى 
والتجارة الصغيرة في منطقة التل الجزائري؛ وأولئك المزابيين الذين يعود السبب 
في انعزالهم وتخصصهم الاقتصادي إلى تفرّدهم الديني (الإباضية)! وهنالك 
رعاة جبليون آخرون يقومون بتنقلات طويلة» كما يفعل التجمع القبلي القوي 
لآيت عطا من حول جبل صاغرو (جنوب الغرب) أو بني مكيلد في الأطلس 
التوسط . وهنالك في الأخير كبار الرحل الصحراويين» وبأيديهم القطعان السَغبة 
من الابل والماعزء وهؤلاء كانوا يعتبرون الغزوات» وحتى مطلع القرن العشرين 
عند الطوارق» هي المكمل الطبيعي للموارد الفقيرة ينتزعونها من برائن طبيعة قاسية 
ضنينة بأسباب الحياة. 

فأي رابطة تجمع بين الجمال ذي اللثام الأزرق النيلي» والضامر كأنه فرع من 
السنط الشائك» وبين البقال المزابي» الربيل المرح الحساب» وبين البستاني القبائلي 
والراعي البرابري؟ يربط بينهم أكثر Le‏ يقال أو يعتقد. 

تربط بينهم أولاً اللغة» التي إليها تنتسب لهجاتهم المختلفة . فالوحدة المعجمية بين 
هذه اللهجات شيء ليس فيه مراء؛ تستوي فيها المناطق من جزر الكناري إلى واحة 
سيوة في مصر» ومن البحر الأبيض المتوسط إلى [نهر] النيجر. وقد صمدت المبادئ 


الأساسية لهذه اللغة من نحو وحتى جرس مجرد» بصورة لافتت لتفرقة موغلة في 
القدم» كما صمدت للتباين الحاصل فى أغاط العيش. والحال أن الوحدة الأساسية 


في اللغة تكون توافق بالضرورة تقارباً شديداً في أغاط التفکیر» ولو مع الاختلافات 
الظاهرة في السلوك. وهذه القرابة المكينة نجدها كذلك في التنظيم الاجتماعي. وفي 
الأشكال الفنية تر جد قواعد مشترکة» وهی فى الحقيقة شديدة البساطة) قد زینت 
للبعض الاعتقاد بوجود فن بربري لکن تلك القواعد نلاقیها کذلك لدی الناطقین 
بالعربية. إنه فن قروي مغاربي وصحراوي شدید انطباع بالاشکال الهندسية وتغلیب 
للمستطیلات على القوسات وعلی الاحجام. والاشکال لا تخضم للتقنیات بل 
تخضع للقواعد نفسها التبعة في الهندسة الصارمة والعقدة آحیانا؛ وهي أشكال 
نراها على الخزف كما نراها على النسيج» وامحلد» وعلی الخشب» والحجر. والحال 


48 


أن هذا الفن الوغل في القدم يبين عند المقيمين عن استمرارية لافتة؛ فهو مرتبط 
بهذه الأقوام لا تبدله عنهم القرون ولا التقلبات الدينية» ولا آشکال الاحتواء 
الثقافي . فهو دائم احضور في لاوعي الغاربیین» أشبه بنهر قوي يجري تارة على 
وجه الارض وتارة أخرى یکون غويراً. وما أكثر ما تحجبه الغلبة تتحقق للثقافات 
الوافدة عند المقيمين» لكنه قادر على الانيثاق فی صو ر مثيرة» وربا بدت 35LS‏ 
وغريبة» ما أن يضعف العنصر الخارجى» فى أشكال فنية شديدة التعقيد. فهو فن 
یتابی عن التاریخ. 

وعلی الرغم من أن الجنس البربري شيء ليس له وجود» وآن هذا الجنس لم 
يوجد في يوم من الأيام» فان علماء الاناسة یسلمون اليو م OÙ‏ السکان البیض في 
الشمال الغربي من إفريقياء سواء منهم الذین استمروا على اللغة البربريق أو الذین 
عربوا كلياً في لغتهم وتقالیدهم یعودون جمیعا إلى أصل واحد أساسي؛ فمعظمهم 
ینحدرون من الجموعات ما قبل التوسطية التی جاءت من الشرق فى الالف الثامنة 
وربا قبلهاء ثم آخذت بالانتشار رویداً رويداً في الغرب الکبیر وفي الصحراء. 


ولا يبدو أن البربر حصل عندهم الوعي في أي مرحلة من تاریخهم الطویل 
بأنهم یشکلون وحدة عرقية ولغوية. والحقيقة أن تلك الوحدة البربرية لا يكن أن 
نقع علیها إلا في مجموع السمات السالبة. فالبربري هو ما لا یعود إلى أي أصل 
أجنبي؛ فما هو بالبونيقي ولا اللاتيني» ولا الوندالي» ولا البيزنطي ولا العربي 
ولا التركي ولا الأوروبي (الفرنسي والاسباني» والايطالي) . فلتزیلوا هذه الطبقات 
الثقافية العديدة» وبعضها زهيد القیمة» وبعضها عظیم الاهمية والتأثیر» وستجدون 
النومیدیین Numides‏ وایتول «Gétules‏ الذین استمر النحدرون منهم بعناد 
ماکر» وحت آسماء أخرى» وبمعتقدات مختلفة؛ یسیرون على أسلوب واحد في 
العيش» ویحافظون على تقنیات قد تحققت لها استمرارية مثيرة في مغالبة طبيعة 
شحيحة مصادر العیش. ولهذه الاستمرارية تفسیر بسیط جدا؛ وهو أن الزارعین 
والرحل من البربر لم یعرفوا الثورة الصناعية التي تقلب العادات والتقنیات إلا في 
نطاق ضیق من مجالهم الترابي. غير أن هذه الثورة قد صارت منذ بضعة عقود إلى 
استشرای حتی عمت أقصى القری والصحاري. فاذا الخصوصیات الائزة قد آلت 
بفعل ذلك إلى تلاش وزوال» ووقع الشيء نفسه في عادات ترجع بأصولها إلى ما 
قبل التاریخ. 


49 


ihs $‏ بلاد البربر 
3 -خريطة ب 


51 


وفي الوقت نفسه» وکما لو بفعل تعويض رات صرنا نری مشاهد من 
الفولكلور تقيمها مجموعات قد جُردت من آدميتهاء وتساق عند الحشود من الحضر 
كأنها حيوانات خبيرة قد جرى تدريبها بصبر وأناة. ألا ما كان أجمل تلك الوسیقی 
البسيطة النفاذة» النبعثة من بين الصخور يطلقها الراعي من مزماره الأغن! 

ويل البعض إلى الاعتقاد بأن تاريخ شمال إفريقيا والصحراء إن هو إلا تاريخ 

من الغزو والاحتلال الأجنبي الذي وقع على البربرء [وتلقوه] بدرجات متفاوتة من 
الصبر والتحمل. أو يرى أن دورهم في التاریخ قد اقتصر على «مقاومة» كان أفضل 
ما توجت به الحقاظ علی au‏ والقانون العرفي» والاشکال العتيقة في التنظیم 
الاجتماعي . لکن التاریخ يرفض التبسیط خاصة عندما یکون هذا التبسیط تعسفياً 
يفرغ على القرون الاضية من الفاهیم السياسية الراهنة. 

فیمکننا أن نقلب تلك القدمات. ونتساءل كيف لهذه الأقوام» وهي شديدة 
التأثر بالثقافات الأجنبية؛ حتی إن من البربر من صاروا بونيقيين» ومن صاروا رومانا 
إفريقيين» ومن صاروا عربا قد استطاعت أن تستمر على وفائها لعاداتها ولغتها 
وتقنیاتها التقلیدیة؟ وصفوة القولإن البربر بقوا هم آنفسهم. وهذا هو معنی أن 
تکون بربریا. 

إن الحكم على البربر بن دورهم في التاریخ كان سلبياًء أي كأن لم يكن لهم 
من دورء من حيث يختزلون فى جنود بواسل وفرسان صناديد فى خدمة المتسلط 
الاجنبي» حتى وإن سلمنا بأن مقاتليهم قد كانوا هم الفاتحين الحقيقيين لإسبانيا في 
القرن الثامن» ولصر في القرن العاشرء هذا الحكم لا يعدو عن خطإ شنيع لا يخلو 
من عنصرية. فينبغي طرحه بالكلية. 

إن تلك القرون المديدة من التاريخ لم يكن كل ما فيها ديمومة بربرية فاقدة للمعالم 
بل كان بين البربر رجال ونساء من ذوي العزم» قد وسموا زمنهم في أماكن كثيرة 
بميسم مکین» لكن التاريخ الذي يكتبه الأجانب لم يحتفظ لهم دائماً بالذكر الذي 
يستحقول. 

وهذا الكتاب يروم الکشف عن معالم تلك الديومة وتسليط الضوء على تلك 
الشخصيات البربرية. 


52 


الفصل الأول 


الأصول 


اساطیر قد دمة وحديثة 


یندر أن تجد أقواماً قد جری البحث 
في أصولها من الاجتهاد والتلفیق بقدر 
ما حدث مع البربر. فقد كانت الروایات 
تتداول من أقدم العصور في أوساط 
العلماء ولدی رواة الاساطیر عن أصول 
سکان افریقیا. وأكثر ما یعرف الناس من 
هذه الروایات هي تلك التي جاء بها 
سالوستيوس Salluste‏ لأن تلاميذ الثانوي 
كانوا لا يفتأون طوال أجيال يطالعونها 
على صفحات [روایته] حرب بوغرطة . 


هرقلیس وأسطورة الأصلين الفارسي واليدي 


كان سکان |فریقیا الأوائل» حسب ما یفیدنا سالوستیوس» هم الجيتول واللیبیون 
وقد کانوا برابرة جلافا؛ يطعمون لحو م الوحوش» أو یعیشون على أعشاب الراعي 
5 بالبهائم. وانتقل بعض الیدیین «Mèdes‏ والارمن 5 والفرس 
5 في وفت لاحق» تحت قيادة هرقليس Hercule‏ إلى إسبانياء ثم جازوا إلى 
إفريقياء واختلط الميديون والأرمن بالليبيين» واختلط الفرس بالجيتول. فأما الميديون 
واللیبیون فسرعان ما صاروا يعرفون بالموريين Maures‏ دون تمييز» وأقاموا لهم في 
De bello Jugurthino‏ _* 

انظر طبعة منه ثنائية اللغة : 

Salluste (bilingue latin-français, trad. Alfred Ernout et Jean Hellegouarc'h), La Conjuration 


de Catilina. La Guerre de Jugurtha. Fragments des histoires, Les Belles Lettres, Paris. 
2003 (1" édition 1941). 


55 


وقت مبکر بعض المدنء وصاروا یتبادلون منتجاتهم مع إسبانيا . وأما الجيتول والفرس 
فقدر علیهم أن يظلوا يحيون حياة الترحال» فسمو| بالرحل Nomades‏ لکن سرعان 
ما تعاظمت قوة هؤلاء الأخيرين» فأمكن لهم أن يبسطوا سيطرتهم على سائر تلك تلك 
البلاد. وصولا إلى مشارف قرطاجء وصاروا يعرفون باسم «النومیدیین» Numides‏ 
أكرق ال سوت NT‏ هت fee‏ :لیا الك 
البونيقية للملك هیمبسال .Hiempsal‏ وأما س. کسیل Gsell‏ .5 فيعتقد أن الملك 
هیمیسال هو دولك تلك الکتب» ولم کن مجرد متلك نها فلم یکن هنالك ما نم 
ملكا نوميدياً أن يهتم بتوثيق بعض الروایات الأسطورية بالكتابة» أو يقتصر فیها على 
النقل الحرفى من الأرشيفات القرطاجية التى استنكف منها العسكر الرومانی وتركها 
بين آيدي أسلافه. | | 
لقد جاء سالوستيوس للحقبة الأولى» السابقة على هرقليسء أو هو على وجه 
للدقة ملقرت Melqart‏ الاله الفينيقى الذي اختلط على الناس بابن ألكمينا Alc-‏ 
6 بالصورة المعتادة التي يرسمها الباحث غير الخبير بطريق الخطإ للعهود البدائية. 
فأولئك الليبيون والجيتول المشتغلون بالصيد والقطاف ينتمون بطبيعة الخال إلى 
ما قبل التاريخ» وأما سالوستيوس» أو هو بالأحرى هيمبسال» فيردهم إلى الأزمنة 
الأسطورية.غير أن الذي ينبغي لنا أن نأخذ عن هذه الرواية أن سكان إفريقيا كانوا 
فى الأزمنة الغابرة من عنصرين. وأي شىء قد أجاز القول بهذا التمييز غير الاختلاف 
في أنماط العيش» الناجم هو نفسه عن الظروف الجغرافية» وبالتالي عن المواطن التي 
عاشت فيها هذه الأقوام؟ والحال أن المؤرخين القدامى والحدئین يجمعون على أن 
الجيتول كانوا رحاك لا تزال تجد لهم بقايا وآثاراً دارسة بدءاً من شواطئ المحيط 
وحتى خليج سرت. وحيث إن الجيتول كانوا رحلا فهذا يدفعنا إلى استنتاج أن 
من أسماهم هيمبسال بالليبيينء وقال عنهم إنهم «اقاموا لهم في وقت مبكر بعض 
المدن»» كانوا هم أسلاف السكان المقيمين. 
هذا التمييز البسيط والشائع يعود إلى ماقبل سالوستيوس وهيمبسال بوقت طويل 
فقد وجدنا آبا التاريخ هيرودوت "Hérodote‏ نفسه جاء بوصف لسلسلة طويلة من 
الأقوام كانت تقطن في المناطق من مصر وحتى بحيرة تريتون". ثم عادیکتب موضحاً: 
Hérodote (IV, 181, 186, 191).‏ - 1 


- 005 وهي بحيرة كانت توجد في ليبيا القدييةء أو ما كان يقو م 2 D sd‏ التونسي الیو م . . ومن 
ti‏ اه . وهیرودوت یجعل مساحتها 300 2 کلم . 


56 


«لقد تحدئت عن اللیبیین الرحل القاطنین على امتداد البحر. ومن فوقهم في 
الأراضي الداخلية توجد ليبيا حيث الحيوانات التوحشة... لكن في غرب بحيرة 
تریتونیس (أي في الشمال» بسبب من الفطا الواقع في تحدید الساحل من آراضي 
قرطاج) یسکن اللیبیون القیمون؛ فقد ترکوا حياة الترحال وتخلوا عن عادات 
الرحل... بل صاروا من الزارعین... فهم یژوون إلى منازل ویعرفون بالکسیس 
.(Maxyes‏ وجاء هیرودوت بحدیث آخر على اختصار وابتسار شدید» لکنه حدیث 
صحیح؛ يقابل فيه بين الیبیا الشرقية (حیث ) یقطن الرحل» (وهي) آرض منخفضة 
ورملية تمتد حتی نهر تريتون» وليبيا الواقعة غرب هذا النهر» ویسکنها الزارعون 
و(هی) أرض كثيرة الجبال والغابات...4. 

TRR‏ الأخيرة بالغة الدلالة؛ فهي لا تنطبق على أراضي قرطاج الساحلية 
وحدهاء وهي سهول شديدة استوای بل تصح کذلك على ساثر أراضي شمال 
إفريقياء وهي بلاد الأطلس. 

والافتراضات الاکثر استساغة تجعل موقع بحيرة تریتون في منطقة محدودة جدا 
نعرف أن هیرودوت نفسه حصر موقعها بين کنبس 61005" (وهو نهر یوجد في 
شرق لبسیس (“Lepcis Magna LL‏ وجزر قرقنة (جزيرة كيرونيس .(Cyraunis‏ 

وما زلت تری اجغرافیین إلى اليوم یجعلون الحد الجنوبي لنطقه شمال إفريقيا 
عند شط الجريد التونسي؛ وقد كان هذا التوافق سیکون شيئاً يدعو إلى الاستغراب 
لو لم يكن هو ما أملت الطبيعة على وجه التحديد. 

لكن ما الذي أتى بالفرسء والیدیین والأرمن في رواية تدور حول أصول 
التوميدين الوه هة جرت اة ي dsl, dede 2 al‏ 
[ساثر] الاقوام إلى الشرق؛ للاعتقاد الذي كان لدی القدامی بأن حضارتهم جذوراً 
في شرق العمور dis «Oekoumène‏ في غربه كان يمتد الحیط حتی حدود العالم 
غير العروفة على وجه اليقین . ولکن ما شأن الفرس والیدیین [في هذا القام]؟ فلنعد 
لنزيد تمعناً في نص سالوستیوس» فنحن نقرأ فيه : «جاز الیدیون والفرس والارمن 
الذين کانوا (في جیش هرقليس» هو الذي ستکون وفاته في إسبانيا) إلى إفريقيا 
على الراکب واحتلوا البلدان الجاورة لبحرنا. وانخد الفرس منستقزهم da‏ من 
الآخرين» بازاء الحیط (...) ثم آخذوا یختلطون رويداً رويداً عن طریق الژواج 


*- وادي كعام حالياً. 
2 لبدة حالياً. 


57 


بالجيتول». وان في استیطان من يزعم لهم آنهم الفرس في الناطق الجنوبية ما يحمل 
لناء ويا للغرابة تفسيراً لوجودهم غير التوقع في الجزء الغربي من موریتانیا. وقد 
تحدث العديد من المؤلفين الإغريق والرومان» كسترابون Strabon‏ وبلين Pline‏ 
نقلاً عن بولیبوس «Polybe‏ وبومبونیوس ميلا «Pomponius Mela‏ وبطلیموس 
6 وجغرافی رافينا Fee‏ وبريسيانوس القيصري Priscien de‏ 
660 نقلاً عن دو نیس البیر يجي 16 6 Denys‏ ۰ و سواهم کثر من آعاد 
ج. دیسانج J. Desanges‏ قراءتهم بكثير من التمعن» تحدث هؤلاء المؤلفون عن 
وجود قومین؛ هما الفاروسیون Pharusiens‏ والبیرورسیون .Perorsi‏ وقد كان 
es‏ ب أسميهما وتقارب مكانيهما مما دنع ب ببعض المؤلفين - خاصه منهم س. 
EAR‏ لكن ال ن EE a E‏ 
التجانس المصطنع بين الکلمات افاروسيون» «Pharusii‏ و ابیرورسیو Perorsi (à‏ 
وایرشبو۵؟ Perse‏ هو الذي كان من ورام الزعع بوضول الفرس إلى مورا 
فهذا بلين الأكبر يذكر عرضاً أن الفاروسيين» وهو یسمیهم Gti‏ بير وسيين 
Perusii‏ قد کانوا «قبلئذ من الفرس»2. 
وهنالك جناس آخرء وهو طريقة قياسية في التفكير كانت أي 3 Le‏ الولفین 
ا ا ا ا ا RAE‏ وكيا 
al‏ القدية Masices ae‏ وقرف ا ت ce‏ البربر 
على آنفسهم : إمازيغن Imazighen‏ (مفردها آمازیع (Amazigh‏ . وقد نقل الأجانب 
كج أو ماكسيس | «Maxyes‏ وجعله اللاتین مازیس Mazices‏ ومادیس .Madices‏ 
وذكر المؤرخ الكبير ابن خلدون في القرن الرابع عشر الميلادي أن فرعاً من البربر 
هم البرانس» ينحدر من مازيغ Matigh‏ . وليس من الغريب في شيء أن يكون 
«L'Anonyme de Ravenne —*‏ اسم جفرافي من القرن السابع» وتشتهر به دراسة جغرافية في خمسة 
أجزاء وُجدت مخطوطانها في رافيناء وقام على نشرها لاول مرة دوم بیرشیرون dom Porcheron‏ باسم 


.1688 à. في‎ «d’ Anonymi Ravennatis de geographia libri V? 
2 - Pline L'ancien (V, 46). 
كتب ابن خلدون في هذا العنی : «وقال سالم بن سلیم المطماطي وصابي بن مسرور الکومي و کهلان‎ - 
بن أبي لوء وهم نسابة البربر : البرانس بتر» وهم من نسل مازيغ بن كنعان»» عبد الرحمن بن خلدون‎ 
تاريخ ابن خلدون المسمى ديوان البتد| والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن‎ 
الأكبر ضبط المتن ووضع الحواشي والفهارس الأستاذ خليل شحادة» مراجعة الدكتور سهل بكارء دار الفكر‎ 
.117 القاهرت ۰2000 ج. 6 ص.‎ 


98 


بعض سکان افریقیا في العصور القديمة قد رجعوا بسلاسل آنسابهم إلى أسلاف 
يتسمون بمازيغ أو مادیغ؛ ذلك بأنهم قد کانوا یتخذون لانفسهم هذا الاسم من 
قد الزمان. ولیس ببعيد أن تكون هذه التسمية هي التي جاء منها اسم «الميديين») 
أسلاف الموريين» ومعهم الفرس الذين أصبحوا يُعرفون ب«الفاروسيين». 


الأصول الكنعانية 


الروايات السابقة تفوقها شهرة تلك الروايةء الأقرب منها عهداً بكل وضوح 
إذ تعود إلى القرن السادس الميلادي» وهي التي جاء بها بروكوبيوس «Procope‏ عن 
أصل الموريين. و«الموريون» لفظ عام كان sl‏ في ذلك العهد على سائر الإفريقيين 
الذين حافظوا على تقاليدهم وأسلوبهم في العيش» بمعزل عن الثقافة الحضرية التي 
أشاعتها روما. فبروكوبيوس يذهب إلى إن غزو يوشع JOSUÉ‏ للأرض الموعودة أدى 
إلى رحيل الأقوام التي كانت تقطن على الساحل. وقد سعى هؤلاء إلى الاستقرار 
في مصرهء لكن وجدوها كثيرة السکان؛ فتوجهوا صوب ليبياء فاحتلوها وما حولها 
من المناطق إلى أعمدة هرقل (مضيق جبل طارق)» وأنشأوا لهم مدنا عديدة. ويزيد 
بروكوبيوس مبيناً : ولبث فيها خلّفهم» وما زالوا يتكلمون لغة الفينيقيين حتى اليوم. 
ولقد أقاموا لهم كذلك حصنا في نوميديا Numidie‏ في الموضع حيث تقوم مدينة 
تيجيسيس 1181515. وهنالك. بإزاء العين الكبيرة» تنتصب مسلتان من حجر آبیض 
قشت عليهما كتابة بأحرف فينيقية» وفي لغة الفينيقيين» Le‏ معناه : نحن الذين هربنا 
JA‏ من وجه الشرير يوشع (Josué=) Jésus‏ ابن ناقي70211076. 

وقد كان بروکوبیوس رافق إلى إفريقيا الجنرال البيزنطي بیلیزیر Bélisaire‏ 
aá y‏ سولومون «Solomon‏ اللذين كانت لهماحروب في منطقة تيجيسيس جنوب 
سريتا Cirta‏ (قسطنطينة). وليس ببعيد أن يكون رأى بعض المسلات البونيقية» أو 
هي على الأرجح ليبية» أو سمع بوجودها؛ ذلك OÙ‏ هذه المنطقة (سيقوس Sigus‏ 
وسيلا Sila‏ وتيجيسيس) عامرة بالمسلات الكبيرة» وبعضها pale‏ حقيقية منحوتة 
کتبت عليها تكريسات بالليبية. هذه الحجارة العظيمة (يوجد منها اثنان في متحف 


Procope (II, 10, 22).‏ - 3 
Menhir -*‏ وهی صخور ذات آشکال عامودية ضخمة مرتفعة. 


59 


قسطنطينة ) الحاملة لکتابات غامضة أو أساء فهمها رجال الدین الساکین فى وسط 
نومیدیا» ربا کانت هي الصدر للرواية *التاریخیة» التي جاء بها بروکوبیوس. 

وتستند هذه الرواية کذلك إلى معطی آخر وجدنا له أثراً» قرناً فبل» في رسالة 
للقدیس أغسطينوس Saint Augustin‏ 

فقد جاء في تلك الرسالة : «اسألوا فلاحینا من يكونون» وسیجیبونکم بالبونيقية 
آنهم شنانیون .Chenani‏ أفلا یکون هذا الشکل الحرف في طريقة نطقهم یتفق 
وشنانيسي Chananeci‏ (الکنعانیین)؟». 

ولقد تداول الدارسون طويلاً في ما ذا كان الفلاحون الإفريقيون سکان الناطق 
الجاورة لهیبون “Hippone‏ قد استمروا یتکلمون اللغة البونيقية إلى القرن الخامس 
اليلادي؛ أي بعد ما يزيد عن خمسمائة سنة من تخریب قرطاج. وتساءل 
مم. کورتوا C. Courtois‏ هل كان القدیس آغسطینوس يريد باللفظ ابونیقی» pu-»‏ 
٤‏ لهجة من لهجات البربر. غير أن الحجج التي جاء بها کورتوا في هذا الصدد 
لم تكن بالمقنعة . وإنني لأعتقد. مثل ش. سومان «Ch. Saumagne‏ وأ. سيمون A.‏ 
7 أن القديس أغسطينوس إغا كان يريد في الحقيقة لهجة سامية» غير آنني لن 
أستغرب إذا ما جيء في يوم من الأيام بالبرهان على أن اللفظ «بويقي» كان يجعل 

في التراث الاي الرفريقي في ذلك العضرة ومن غير مییز» لوصف کل ما لیس 
2 وسنری [في ما یقبل من كتابنا] كيف أن الحضارة البونيقية كانت 
شدیدة التأثیر علی أستلاف البربر. ومن المرجح أن يكون الفینیقیون هم أنفسهم الذين 
أدخلوا اسم «الكنعانيين» إلى إفريقياء مع أننا لا نجد نصا واحداً یعزز هذا الافتراض. 
بل إن علماء كثراً أمثال أ . دي فیتا di Vitta‏ ۰ یعتقدون أن رواية بروکوبیوس ينبغي 
ردها إلى ذكرى مشوشة عن آقدم تغلغل كان للفينيقيين في الغرب» وهو الذي وقع 
قبل تأسيس قرطاج بوقت طويل. 


أصول أخرى أسطورية من العصور القديمة 


إن الأصل الذي ذكرنا للبربر لم يكن هو الوحيد الذي جاءنا من العصور 
القديمة. ويعود الفضل فى تصنيف هذه الأصول إلى س. كسيل وسعة معرفته 


*-عنابة حالیا. 


60 


وخبرته. فلنتوقف عند آهم تلك الاصول. فهذا سترابون یقول إن الوریین کانوا 
هنوداً قدموا إلى لیبیا تحت قيادة هرقلیس cHéraklès‏ الحاضر على الدوام. وسنری 
أن بعض المؤلفين قد سعوا في تعضيد هذا الاصل الأسطوري بالحجج العلمية. وجاء 
المؤرخ اليهودي فلافیرس جوزیف Flavius Josèphe‏ للجیتول بأصل مشرقي أقرباً 
عهداً. فقد أكد جازماً لدی تعليقه على الإصحاح العاشر من سفر التكوين أن حويلة 
ئاEui»‏ أحد أبناء کوش «Koush‏ هو pi‏ الأويلايوا «Euilaioi‏ الذين أصبحوا 
يعرفون اليو م بالجيتو لوا eGaituloi‏ أي الجيتول». 

لكن جيء للبربر بأصول أخرى» خاصة من لدن المؤلفين الإغريق. فهذا 
هيرودوت يقول إن المكسيس» الذين يكن اعتبارهم من البربر المقيمين والمزارعين 
یزعمون أنهم ينحدرون من الطرواديين .Troyens‏ وقد كانت لهذه الرواية 
الشائعة في العالم الکلاسي آصداء في تأکیدات کثيرة. فهذا هيكاتي Hecatée‏ 
یتحدث عن مدينة تسمی کوبوس Cubos‏ بناها ù gy YI‏ 1021625 على مقربة من 

هيبو أكرا cHippou Akra‏ في منطقة عنابة حالياً. وفي النطقة نفسها جعل موقع 
مدينة مشالة «*Meschela‏ التي قال دیودوروس الصقلي Diodore de Sicile‏ إن 
من بناها الإغريق . ولقد توسّمت أن في إمكاني اقتراح تفسير لهذا الوجود الأيوني 
للی الساحلين الجزائري والتونسىي. ففى شمال نوميدياء وفى غرب تابراكا Tabra-‏ 
ca‏ (طبرقة حالياً) - أي في المنطقة نفسها - يوضع بطليموس قبيلة إيونتي 10/41 
فليس ببعيد أن هذا التشابه في الأسماء كان سبباً في وقوع شيء من الخلط جعل 
الرجحان لدى بعض نساخ هيكاتي لأشهر تلك الأسماء» ويكون هذا الخلط زين 
لديودوروس بوجه من الوجوه أن يقول إن هذه المدينة» التي توجد في موطن من 
يزعم لهم آنهم أيونيون» تعود إلى الاغریق. ویبدو أن هذا التقارب بين إيونتي» 
و«أيونيون» يدخل فى سلسلة من الاستيهامات والأخلاط التاريخية واللغوية التى 
ddr lee‏ | 

ومن ذلك أن بلوتارك Plutarque‏ فى ما استوحی» حسب Le‏ یبدو» من يوبا 
الثاني 11 Juba‏ ملك موریتانیا؛ ذلك اللك العالم الذي كان معاصراً للامبراطور 
آغسطس «Auguste‏ قد قال إن هرقلیس - مرة أخرى! - ترك في شمال موریتانیا 
الطنجية Tingitaine‏ بعض الاولبین 0101605 والیسینیین .Mycéniens‏ والحال 


*- کتب شاکر: «Merchela‏ بخلاف اسمها الصحیح عند المؤلف! 


61 


أن بطلیموس یذکر من بين الأقوام التي سكنت هذه الناحية الوسونیین Muceni‏ 
الذين يبدو أن اسمهم كان السبب في نشوء هذه الاسطورة الاخری. ولست أجرؤ 
على الدفع بتقريب آخر... وهو الذي يطالعنا بين الأولوليانيين “Ouoloubiliani‏ 


(سكان فوليبليس Volubilis‏ الذين ورد ذكرهم عند بطليموس نفسه) والأولبيين 


4. جرة مزوقة من تيرميتين في القبائل (الجزائر). 


أساطير قروسطية عن أصول البریر 

لقد استمر مؤرخو القرون الوسطى على هذه الطريقة القديمة في التفكير من 
خلال صور وأشكال عديدة» وجاءواء وهم المشرقيون المحكومون بالنظام الأبوي 
والمولعون كثيراً بسلاسل الأنساب اللامتناهية» بأساطير كثيرة حول أصول البربر 
أو اقتصروا على ترديدها. فهذا ابن خلدون» وهو أعظم هؤلاء المؤرخين» قد أفرد 
فصلاً کاملاً من کتابه الكبير العبر للعديد من سلاسل آنساب البربر التي آوردها قبله 


*- كتبها شاكر «Ouolouliani‏ فأهمل ذلك الجناس مع كلمة «Volubilis‏ والذي عليه مدار حديث كامب. 
*- وليلي حالياً. 


*- يكتبها كذلك Musuni‏ انظر في ما یقبل ص. ص 374. 


62 


کتاب باللغة العربية معظمهم من صول بربرية. وجمیم هؤلاء المؤلفين قد جاءوا 
لختلف أقسام البربر وفروعهم بأصول مشرقية. وآشهر تلك السلاسل من الأنساب 
هي التي تدخل في ما سبق ان ذکره بروکوبیوس. فهذا البكري یقول إن الیهود 
طردوهم من سوریا وفلسطین بعد موت جالوت "Goliath‏ . وهو يت یتفق والسعودي 
00 
بن خلدون نفسه یتخذ له موقفاً قاطعا [بهذا العنی] فال فیه : «والحق الذي 
ا ا ا ا 1 A‏ 
تقدم في أنساب الخليقة» وأن اسم أبيهم مازيغ وإخوتهم أركيش وفلسطين إخوانهم 
بنو كسلوحيم بن مصرايم بن حام» وملكهم جالوت سمة معروفة لهم. وكانت بين 
فلسطين هؤلاء وبين بني | سرائيل بالشام حروب مذكورة . وكان بنو كنعان وواكريكيش 
شيعاً لفلسطین فلا یقعن في وهمك غير هذاء فهو الصحیح الذي لا یعدل عنه»" ۱ 
وعلی الرغم من هذا ال جزم من ابن خلدون» فينبغي لنا أن نأخذ في الحسبان كذلك 
رأياً آخر عنده» لأنه لا يخلو من توابع » وقد ساقه إلينا في كثير من البيان» إذ كتب : 
«ولا خلاف بين نسابة العرب أن شعوب البربر التي قدمنا ذكرهم كلهم من 
ا ل سروس بیاعم 
ا ا ا ا 
لع م E‏ 
حول أصول البربر. ومهما اصطنع هؤلاء المؤلفون من الحجج العلمية في دعم ما 
جاءوا به من فرضیات. فإنهم لبثوا على قدر سابقيهم في العصور القديمة والقرون 
الوسطى ركوناً إلى الخيالء وربا فاقوهم جموحاً فيه. 
*- يريد قول البكري : «وأما البربر فان ديارهم كانت فلسطين من بلاد الشام وكان ملکهم جالوت» وهذا 
الاسم سمة لسائر ملوكهم إلى أن قتل داود جالوت. فساروا إلى بلاد المغرب إلى موضع يعرف بالونية 
ومراقية. .0« کتاب المسالك والممالك لأبي عبيد البكري» حققه وقدم له وفهرسه أدريان فان ليوفن 
وأندري فيري» الجزء الارل الدار العربية للکتاب» قرطاج» 1992« صء 328. 
*- يفهم من قول المسعودي : «واشتد سلطان جالوت وكثرت عساكره وقواده وبلغه انقياد بني إسرائيل إلى 
طالوت؛ فسار إلى جالوت من فلسطين بأجناس البربر إلى مصر». انظر السعودي؛ مروج الذهب 
ومعادن الجوهر» عني بتنقيحه وتصحيحه شارل بيلاء انتشارات الشريف الرضيء الجزء الأول بيروت 
1422-1380« ص 61. 
*- ابن خلدون» تاريخ ابن خلدون» م.ذ.»ج. 6 صص. 128-127. 


4 - نقسه. 


63 


ويمكن تصنیف مختلف الشروح والقترحات التي جاء بها المؤلفون خلال القرن 
التاسع عشر وبداية القرن العشرین إلى نوعين من الأبحاث؛ فأما النوع الأول فتکونه 
أبحاث ذات طبيعة فقهية لغوية» ویثله خاصة البحائة OUI‏ وأما الثاني فتکونه 
آبحاث ذات طبيعة أثرية وإناسية» وهي من إنجاز فرنسیین. 


کنعانیون ai‏ هنود S‏ 
سعی فقهاء اللغة والستشرقون إلى تعزیز قولهم بالأصل الشرقي للبربر بمحجج 
جديدة؛ فبعضهم اعتمدوا على الروایات الاغريقية واللاتينية» وبعضهم اعتمدوا 
على النصوص العربية. فهذا [ف. ک .] موفرز [F. K.] Movers‏ قد كان کل تعویله 
على روایات سالوستیوس وبروکوبیوس. فهو يرى أن الکنعانیین الهاربین [من 
سوریا وفلسطین] قد جازوا إلى إفريقيا على مراکب الفینیقیین» واختلطوا باللیبیین 
البدائيين» وأنهم علموهم الزراعة وصاروا اللیبیین الفينيقيين Libyphéniciens‏ 
الذين ورد ذكرهم في العديد من النصوص القديمة. ورأينا أن بعض المؤلفين من 
العصر الحاضر أمثال أ. دي قيتا يعتقدون بالفعل أن الرواية الكنعانية تحتفظ بذكرى 

قد بات باهتة لتوسع فينيقي وقع في وقت سابق على تأسيس قرطاج. 

ولقد ساهم تطور علم المصريات كذلك في تعزيز القول بالرواية المشرقية 
ذلك بأن علماء كثراً قد ذهبوا إلى الاعتقاد OÙ‏ قسماً من الهيكسوس 11(1505» وهم 
النحدرون من سوريا ومن آسيا الصغری» قد التجأوا بعد طردهم من مصر إلى 
إفريقياء واختلطوا بالليبيين. 

وأما [د.] كالتبرونر [D.] Kaltbrunner‏ و[ك .] ريتر [C.] Ritter‏ فقد جاءا 
من «الحجج Le‏ يعضّد القول بالأصل الهندي للموريين» وهو الأمر الذي كان قال 
به سترابون. فهما یریان أن اسم البربر نظیر لاسم الوارلیقارا 2 وهي 
آقوام سكنت منطقة دکان (Dekkan)‏ في قدي الزمان. ورأى هذان المؤلفان في 
اسم بربیرا» Berbera‏ وهو میناء في الصومال واسم «باربارا» Barbara‏ (مفردها 
(بربري» (Berberi‏ وهي أقوام تقطن بين الشلالين الأول والرابع على النيل» واسم 
الوضع (بربیر» Berber‏ في السودان إشارات لغوية على الاتصال الذي كان بين 
شبه القارة الهندية والغرب الکبیر. 


Dekkan-*‏ أو 0 وهي منطقة من الهند جنوب سهل الغانج. 


04 


وفي القابل دافع الدکتور [ل .] بیرئولون [L.] Bertholon‏ بکثیر من الحماس 
في بداية القرن العشرین عن القول إن للبربر أصلاً إغريقياً أو ایجياً . وقد انبری في 
غير ترو یعدد الأسماء والكلمات البربرية التي يراها تعود إلى أصول إغريقية أو ما 
قبل هلينية. ولقد أنشأ بیرئولون بتعاون مع !. شانتر E. Chantre‏ كتاباً كبيراً أسمياه 
أبحاث إناسية في شرق بلاد الربر )1913( e‏ وفيه عزز رأيه الذي قال به في أصول 
هذه الأقوام من الحجج الإناسية» وحتى العرقية» وحتى لم يتورع الولفان عن كتابة 
ما يلي : اینقسم الخزف البربري إلى ثلاث مجموعات كبرى : 1 - خزف خشن 
يصنع بالايدي ويذكرنا بالخزف الذي على الدلمنات”» وهو نوع أكثر ما تختص 
به القبائل من العرق الطويل مستطيل الرأس» ويتوافق المجال الذي انتشر فيه هذا 
النوع من الخزف والجال الذي عاش فيه هذا العنصر العرقي. و2 - خزف يصنع 
بالأيدي» ويذكرنا بالنماذج البدائية التي عثر عليها في بحر إيجة... وهذا النوع من 
الخزف يتوافق والتوزيع الذي عرفته الأقوام المشتملة على نسبة لا يستهان بها من 
ذوي الرؤوس المستطيلة قصار القامة. و3 - خزف ذو حواش ومزين بحزوزء يعود 
بأصله إلى جربة» وهي الموطن لقصار الرؤوس» وقد انتشر إلى نابل ثم إلى مدينة 
تونس» وهو مستوحى من الخزف القبرصي» ويقل خشونة عن الخزف من النوع 
الثاني»”. 

فما أغربها من استنتاجات خلصت إليها أبحاث تقوم على افتراضات وعلى 
يقين باستمرارية ثابتة لأنواع بشرية وتقنيات لآلاف السنين ! 


البريرء والغاليون» والدشنات 


كان يمكن للبحث في أصول البربر في ما يبدو أن يفيد فائدة من 
التطور الذي تحقق للأبحاث الأثرية التناولة لمنطقة شمال إفريقياء خاصة التنقيب 


*- نسبة إلى بحر إيجة. 
Recherches [anthropologiques dans la Berbérie orientale]‏ -* 
والعنوان الکامل لهذا الکتاب هو : 
Bertholon (L.) & Chantre (E.), Recherches Anthropologiques Dans La Berbérie Orientale -‏ 
Tripolitaine, Tunisie, Algérie, Lyon, A. Rey, 1912-1913, 2 vol.‏ 
*- 10170605 وهي أنصاب من الحجارة الكبيرة ا مسطحة 55 ضع فوق حجارةمنصوبة» تعودالی ماقبل التاریخ. 
Bertholon (L.) & Chantre (E.), op. cit. p. 560.‏ -5 


65 


الذي وقع على الأنصاب القابرية العظيمة» الوجودة بکثرة في شرق الجزائر 
وفي وسط تونس. لكن ويا للأسف! ففي هذا المجال أكثر ما في أي مجال 
آخر آدت الأحكام السبقة العرقية» وحتی القومية» إلى cul‏ الأخطاء. 
ولقد أثارت الدلمنات التي في منطقة شمال إفريقيا إليها اهتمام الرحالة 
من الأوروبيين منذ وقت مبكر. فهذا [ج. ك. م.] شو C. M] Shaw‏ .[] قد 
أشار منذ منتصف القرن الثامن عشر إلى الدلمنات التي في بني مسوسء بالقرب 
من مدينة الجزائر. وهذا القبطان [ک. [Í‏ روزي [C. A] Rozet‏ قد تحدث 
عنها في سنة 1843 بقوله : «الأنصاب الدرويدية بجوار سيدي فرج»*. وكان 
الجراح [ج. ل. ج.] گویون L. 6.[ Guyon‏ .1] ول من باشر التنقيب عنها في 
سنة 1846. وقد رفع تقريراً على قدر كبير من المعقولية إلى أكاديمية المخطوطات 
والاداب جاء فيه : «إنها أشبه ما تكون بالأنصاب الدرويدية التى رأيتها فى سومور 
07 وفي مواضع آخری من فرنسا. ولذلك ینسب ۳ علماء الآثار هذه 
الأنصاب إلى الغالیین Gaulois‏ الذین کانوا قد جندوا فى الجيوش الرومانية» لکن 
يجوز لنا کذلك أن ننسبها إلى الوندال....». | 
وان هاجس البحث عن أشياء أثرية متماثلة على جانبي البحر الأبيض المتوسط 
قد كان هو المفسر والمبرر بوجه من الوجوه للقول بالوجود الذي كان للسلتيين” 
ثم للفرنسيين في الجزائر. وهذا آمر يقول به كذلك واحد من أفضل علماء الآثار 
والمستعربين من الإمبراطورية الثانية؛ ذلك هو ل. ش. فيرو Ch. Féraud‏ ..آ» الذي 
كان ابتداً أبحاثه في سنة 1860. وثلاث سنين بعد باشر فيرو رفقة عالم الحفريات 
والمستحثات القدية الأنجليزي [ه.] كريستي [H] Christy‏ (وقد كان هو نفسه 
قد شرع بمعية إ. لارتي E. Lartet‏ في التنقيب عن آثار ما قبل التاريخ في وادي 
لافيزير (La Vézère‏ بالتنقيب في المقبرة اليغاليثية" الشاسعة في رأس عين بومرزوق 
بجوار قسطنطينة» وتولدت لديه قناعة بأن الدلنات كانت مقابر ل «الغاليين الرومان» 
1-5 الذين استوطنوا إفريقيا. 
«monuments druidiques voisins de Sidi Ferruch».‏ —* 
«Celtique -*‏ وهي قبائل بدائية استوطنت في 700 ق . م. آرجاء متفرقة من وسط آوروبا وشمالها وغربها. 


ومنها ينحدر البریطانیون والبلجیکیون. 
«mégalithique -*‏ وهی مقابر صخرية كبيرة. 


66 


وفي هذا العصر الذي شهد آکبر ازدهار لعلم آثار ما قبل التاریخ» جيء بکل 
الحجج» حتی آشدها مدعاة للشك والارتیاب للتأكيد على الاصل السلتي للدلنات 
الجزائرية؛ با يعني آنها ذات أصل فرنسي . . وظهر في سنة 1862 ميعن سلسلة 
مرشدات جوان " الشهيرة ة كتيّب *السار التاريخي والوصفی للجزاثر»" لصاحبه 
د. بيس .L. Piesse‏ وقد اشتمل هذا الکتیب في صفحته 71 على وصف مختصر 
لدلنات بني مسوص: الت تسیها الولف إلى «فیلق آرموريکي"*». فلذلك نری أن 
التقريبات التي جاء بهال. بيس اعماداً علی كتابة لاتينية في آومال Aumale‏ لم تكن 
تعذو عن سلسلة مضحكة من التناقضات. 


أصول «شمالية» 

أخذت الفكرة القائلة إن الدلمنات سابقة زمناً على السلتيين والغاليين في الانتشار 
رويداً رويداء لکن هذه الفكرة» إن كانت أدق من الناحية الزمنية» فإنها لم ترفق 
بانتحاص متمعن للوقائع . فهذا أ A. Bertrand OlT at‏ )1863( كما عدد كبير من 
معاصريه» يعتقد بوجود «شعب الدلنات۲» الذي طرد بالتدريج من آسيا ومن شمال 
أوروباء ومن الجزر البريطانية» و من بلاد الغال» وإسبانياء ثم جاء ليستقر في شمال 
إفريقيا. ويدخل فى هذا التيار نفسه من الاراء ما قال به ه. مارتان Martin‏ .11؛ هو 
الذي استند إلى علم المصريات الوليد حينذاك» ووجد أن بين الأقوام الليبية التي 
هاجمت مصر على عهد منيبتاح ورمسيس الثالث «Ramsès MI‏ كان هنالك بعض 
للتمحو الشقر. فقد بين ه. مارتان أن بعض الغاليين» جاوزا جبال البرانس Pyré-‏ 
5 ومروا بإسبانياء ثم غزوا شمال إفريقياء وأقاموا هنالك الحضارة الميغاليثية قبل 

وان الوجود المحقق لاقوام» أو بالأحرى أفراد» من الشقر ذوي العيون الفاتحة 
في كثير من المناطق الجبلية القريبة إلى الساحل والناطقة اليوم بالبربرية» قد أعطى 
لزمن طويل مصداقية للأسطورة القائلة إن هذه الأقوام ذات أصول شمالية؛ ففريق 


«Adolphe Joanne جوان‎ wi وهی سلسلة مرشدات للسفر شرف علیها‎ «Guides Joanne -* 
Bibliothèque des chemins de fer في إطار‎ Louis Hachette وأصدرهالوي هاشیت‎ 
*- L. [ouis] Piesse, Itinéraire historique et descriptif de l'Algérie [(: comprenant le Tell et le 
Sahara)], L. Hachette, Paris, 1862. 8 
الاسم الذي عرفت به في العصور القدية المنطقة الساحلية من يلاد الغال الواقعة بين بورنيك‎ ¿Armorique -* 
.Diep وديب‎ Pornic 


67 


قال إنهم آوروبیون بناة للميغاليثات» وفریق آخر قال إنهم مرتزقة غالیون من قرطاج 
وفریق ثالث قال إنهم غالیون رومان جندوا في فیالق الامبراطورية. وال آخرون 
كذلك إنهم أحفاد للقراصنة الفرنجة» الذين کانوا في القرن الثالث یغیرون على 
نواحي مضيق جبل طارق. وقال سواهم إنهم من الوندال» الذين لا يتصور أنهم 
زالوا ولم يتركوا أثراً في السكان بعد سيطرة طالت قرناً من الزمن. 

وجيء بحجج إناسية أخرى» قد زاد بها أصحابها إمعاناً في هذا الهذيان التاريخي 
الأثري؛ ومن ذلك أن ج. بوركينات J. Bourguignat‏ قد أقر» إسوة بعالم الوناسة 
[ف.] برونر بي [F] Bruner-Bey‏ أن الدلنات التي في الركنية هي من إنشاء قبائل 
بربرية اختلطت بالصریین والزنو ج «وکان يسوسها جنس من أرياس Arias‏ نزل من 
إيطاليا إلى صقلية وانتقل من صقلية إلى إفريقيا» (1868). 


5. صخور بازلتية في تيجمايين (الهقار). 


من القوقاز إلى الأطلنتيد 

استأثر شبه الجزيرة الايبيرية بمكانة مرموقة في الأبحاث التي اهتمت بالأصول 
الأوروبية للبربر. وإن بعض التطابقات الباعثة على الحيرة في أسماء المواقع بين ضفتي 
المضيق كأسماء الأنهار والدن لمما يدعم هذه الحجة. وتسمح بعض التقريبات» وإن 
تكن أوهى منها بکثیر» مع اللغة الباسكية بالتذكير بأن البربر والایبیریین متقاربون 
في الاسم بقدر ما هم متقاربون في الجغرافيا. وبما أن العصور القديمة قد عرفت 


68 


كذلاكة وین يكلو ا القوفازة وهم الذين يعشرهم عص AA AN‏ أسلافاً لايبيريي 
الغرب . فربما كان في هذا أصل آخر محتمل للبربر. وجاء فقه للغة يقوم على القارنة 
والتقريب» وعرف الازدهار خاصة فى أوساط أنصاف البحائة فى المغرب» بدعوى 
شديدة امحماسة بالاعتماد على تقريبات ومقارنات شديدة النهافت..۰. ومفادها أن 
البربر ينحدرون من... السومريين! 

وبذلك يكون الحديث عن أصول البربر قد نسبهم إلى المشرق بمعناه الواسع 
(الیدیین» والفرس)» وسورياء وبلاد کنعان والهند» وجنوب شبه الجزيرة العربية 
وطراقيا «Thrace‏ وبحر إيجة» وآسيا الصغرى» كما نسبهم إلى شمال أوروباء وشبه 
الجزيرة الإيبيريةء وجزر الكناري» وأشباه الجزر الإيطالية... والأصعب من ذلك 
كله بکل تأكيد أن نبحث عن البلدان التي لم يأت منها البربر ! 

والحقيقة أن بعض المتعالمين يتأدون بسهولة إلى حل لهذه المسألةء إذ يقولون 
إن البربر هم بكل بساطة بقايا الأطلنتيين Atlantes‏ ولم تعوزهم «الحجج» على 
هذا القول؛ فقد كانت الأطلنتيد Atlantide‏ تقع في القسم من المحيط القريب إلى 
ليبياء وما جزر الكناري إلا بقایا منها. a S‏ 0[ 
القونشیون» يتكلمون اللغة البربرية؟ 

٠‏ ویژثرآحرون آن یجملو موق تلك الامراطورية الأسطورية في قلب الصحراه 

فى الهقار Hoggar‏ الملغز (فالهقار كان ملغزاً على الدوام والا لا كان هو الهقار) 
وهو يلد رالات 


69 


المحطيات الاناسية 


لا یزال تكون الساكنة البربرية» أو بتعبير أدق» تکون مختلف الجموعات 
البربرية» موضوعاً لخلاف وجدال» بسبب من طرحه المغلوط. وقد كان للنظريات 
القائلة بانتشار البربر من شتى الأماكن تأثير قوي منذ البداية على الأبحاث الداخلة 
في هذا الباب» حتى لقد صارت كل محاولة للتفسير تستند تقليدياً إلى الاجتياحات 
والهجرات» والغزوات» وأشكال الهيمنة [التي وقعت على البربر]. وماذا لو كان 
البربر لم يأتوا من أي مكان؟ 

فبدلاً من البحث عن تشابهات مبهمة من شتى الأصناف والألوان» وهو بحث 
قليل توفق» أو الجمع والدمج بين معطيات متباينة في دلالاتهاء بل متناقضة» آلیس 
يحسن البدء بالتمعن في البربر آنفسهم؛ وتفحص البقايا البشرية المتخلّفة من العصور 
السابقة على الحقبة ما قبل التاريخية؛ وهي الحقبة التي كانت الساكنة [البربرية] كما 
تعرف في الوقت الحاضرء حسبما نعلم» قد توطنت قبلها [في منطقة شمال إفريقيا]؟ 


71 


وباختصار فالنطق يقتضي أن نجعل الأولوية للاناسة. غير أن هذا العلم لایسعف 
اليوم في التعرف على أقل خاصية «بربرية» أصيلة في مجموع سكان جنوب البحر 
الأبيض التوسط . وأما ما لا يزال يسعف إلى اليوم في التعرف على الوجود الذي 
كان لبعض المجموعات البربرية في الربع الشمالي الغربي من إفريقيا فهو من خاصية 
أخرى؛ إنها خاصية ثقافية أكثر ما هى خاصية جسمانية. ويظل العنصر الأساس بين 
هه العطات اضاقت هی الا 

ولذلك سیکون مبتدونا بالحديث عن العطیات الإناسية» ثم نقفي عليها 
بالعطیات اللغوية. 


الانسان العاقل في الفرب الکبیر : الانسان العاتيري" 

ليس علینا أن نتکلف البحث عن آصول الانسان نفسه في منطقة شمال La il‏ 
بل حسبنا أن نرتد بسرعة إلى الوراء آلاف السنین؛ لنفهم LS‏ تکون سکان هذه 
المنطقة الشاسعة. التي باتت الیو م محصورة بين الصحراء والبحر الابیض التوسط . 
ولیکن مبتدنا من مستهل العصر الذي يسميه مؤرخو ما قبل التاریخ في آوروبا 
بالعصر الحجري الاعلی Paléolithique Supérieur‏ أي حوالي 000 30 سنة 
قبل الیلاد. ففي تلك الحقبة تأکد بشکل نهاتي وجود نوع الانسان العاقل الأول 
Homo Sapien sapiens‏ وشكله الأكثر شیوعا Lys‏ كان الاقدم في آوروبا هو 
إنسان کرومانیون .Cro-Magnon‏ وقد ظهر انسان کرومانیون من بعد انسان 
نياندرتال Neandertal‏ الذي یدخله علماء الحفريات اليو م في نوع الانسان العاقل 
«Homo Sapien‏ لکن لا یبدو؛ فى آوروبا على الاقل» أن منه كان انحداره الباشر . 
وأما في شمال إفريقيا فلا يبدو أن الوقائع سارت على الرسيمة نفسها. فههنا لا يكن 
أن ننسب الصناعات والزراعات التي ظهرت في الفترة نفسها إلى العصر الحجري 
الأعلى» كما وقع تحدیده في آوروبا الغربية. ففي تلك الفترة كانت التقنیات التي 
یسمیها مژرخو ما قبل التاریخ بالتشذیب الرقائقي والتهذیب غير التناسق لا تزال 
قليلة ونادرة [فی هذه المنطقة]» بينما كل التقنیات الوستيرية moustérienne‏ 
واللیقالو ازية *Levalloisiennes‏ من العصر الحجري الاوسط Paléolithique‏ 
0 كان لا يزال لها فیها وجود. 


*-نسبة إلى مدن ومواقع في فرنسا. 


72 


ومع ذلك ففي سائر البلدان التي سیقطنها البربر» ولیس في أي مکان آخر 
ستنتشر صناعات أصيلة» سيكون فيها امتداد وتجويد للتقنيات الوستیریة» سميت 
بالعاتيرية .Arérien‏ وقد تم في الشمال الغربي من إفريقياء وربا على الساحل 
القريب من وهران على وجه التحدید. ابتكار شكل من أشكال وضع المقابض مميز 
لهذه الصناعة وهو التمثل في إبراز ما يشبه ZI‏ أو السويق» بلمسات متتالية 
في الجزء الأسفل من الأداة الحجرية. وهذه التقنية في تثبيت الأداة إلى مقبضها 
وهي شيء غير معروف في الصناعة الموستيرية الأوروبية» تم إعمالها في سائر أنواع 
الأسلحة والمعدات» من أسنة» ومكاشط » ومحاك وأزاميل» ومثاقب.. 

ولقد بقينا إلى هذه السنين الأخيرة لا نعرف إلى أي نوع بشري تنتمي هذه 
الصناعة. فمظهرها العام؛ الشبيه با في النتجات الموستيرية» قد دفع بالمتخصصين 
إلى الاعتقاد بأن لها صلة كذلك بإنسان نياندرتال» ذي الشبه الكبير بالإنسان الذي تم 
اكتشافه في وسط موستيري واضح)؛ وذلك في جبل إرحود 17000 (في المغرب). 
وقلة قليلة من العلماء (کامب 1974( من قالوا إن الإنسان العاتيري قد يكون 
يشكل البداية لإنسان عاقل من النوع الحديث. وقد كان في الاكتشاف الذي قام 
به Li‏ ديبيناث Debenath‏ [.4] في دار السلطان (منطقة الرباط) سنة 1975 دليل 
على أن الإنسان العاتيري هو بالفعل نوع من الإنسان العاقل الأول Homo Sapien‏ 
7 أقدم من إنسان کرومانیون؛ وله قواسم شبه كثيرة مع الانسان الوستیری 
من جبل إرحود؛ با يحمل على التسليم بأن منه كان انحداره . وأكثر أهمية مما ذكرنا 
كذلك أن نتعرف على صلة لهذا الإنسان العاتيري بخلفه الذي عرف منذ زمن بعيد 
في المغرب الكبير باسم إنسان مشتى العربي. 


أصول إنسان مشتى العربي" 

لانسان مشتی العربي شبه بإنسان كرومانيون» فهو يشترك وإياه في الملامح 
Soi aie ii‏ طول القافة )1.74 نع فی des‏ ف سعال )2 وشنده ds‏ 
ابحمجمة )1650 سم)؛ وانعدام التناسق بین الوجه العریض والقصیر بحجریه 
الستطیلین اللذین یفوق عرضهما ارتفاعهما» وبين الجمجمة ذات الشکل الستطیل 
إلى متوسط الطول. 


*- أسقط س. شاکر كلمة «أصول» من هذا العنوان. 


73 


ولقد ارتبط إنسان مشتی العربي في بدایاته بنوع من الصناع هي السماة 
(الايبيرية اطوریة» ۰106۲01020۳05160 كان له انتشار فى سائر الناطق الساحلية 
والتلية. و کانت الصناعة الايبيرية الورية» العاصوة للصناعتین الأوروبیتین الگدلينية 
Magdalenien‏ الازيلية Azilien‏ تتمثل Les‏ حصائص صناعية ما یدخل في العصر 
الحجري الأعلى» بحكم صغر قطعها الحجرية. فأکثر هذه القطع نصيلات قد طرق 
أحد جانبيهاء بحيث يشكل ظهراًء وأبقى على الجانب الآخر حاداً قاطعاً. وقد كانت 
هذه الأشياء عبارة عن أدوات» من قبيل قطع الغیار؛ فهي ثبت إلى أذرع من الخنشب 
أو من العظام» فتصير أدوات أو أسلحة فتاكة. 

ولقد درج الناس على الاعتقاد بأن إنسان مشتى العربي» القريب إلى إنسان 
كرومانيون» يعود إلى أصول خارجية. فقد خيل إلى البعض أن إنسان مشتى العربي 
جاء من أوروباء ثم اجتاز إسبانياء ومضيق جبل طارق» لينتشر بالتزامن في المغرب 
الكبير» وفى جزر الكناري» وهی التى ظل سكانها الأوائل» القونشيون» يحتفظون 
بمعظم ee‏ الجسمانية» قبل آن Luis‏ بالغزاة الإسبان. 

وحسب آخرون أن إنسان مشتى العربي ينحدر من الإنسان العاقل الذي ظهر 
في الشرق (انسان فلسطين Home de Palestine‏ وأن من هذا الموطن الأصلي 
خرج فرعان؛ ففرع آوروبي نشأ عنه إنسان کرومانیون» وفرع افريقي» نشأ عنه 
إنسان مشتی العربي. 

إن الأصل الشرقی والأصل الأوروبی عنصران لا يكن الاعتداد بهما هما 
الاثنان» وقد سبق لنا أن تعرفنا علیهما k‏ الروایات الأسطورية للعصور القدية 
وفي الشروح الارتجالية التي ظهرت في الزمن الحديث» كما نلاقيهما في الفرضيات 
العلمية التي يؤتى بها في الوقت الحاضر. وما يؤسف له أن الأطروحتين تعانيان 
انتاهما من عيوب ونواقص تجعل من الصعب القبول بهما. فلا سبيل إلى ترسم 
هجرة إنسان كرومانيون عبر إسبانيا. وليس يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل إن الجماجم 
التي تعود إلى العصر الحجري الأعلى في أوروبا تبين عن خصائص أقل بروزاً من 
تلك المميزة لجماجم من يقال إنهم أحفادهم الغاربیون. ويمكن أن نسوق الحجج 
نفسها في رد الفرضية القائلة إن إنسان مشتى العربي يعود بأصله إلى الشرق الأدنى 
* - كتب abattre?‏ والصواب : «630156»!! فقد جاء في أصل هذه الفقرة : 


«Ce sont très souvent de petites lamelles dont l’un des tranchants a été abattu pour former un 
dos», p. 37. 


74 


فليس هنالك وثيقة إناسية واحدة من النطقة ما بين فلسطین وتونس من شأنها أن 
تدعم هذه الفرضية . ثم ننا نعرف بسکان الشرق الادنی في آواخر العصر الحجري 
الاعلی؛ فهم النطوفیون “Natoufiens‏ من النوع ما قبل المتوسطي» وهو نوع 
ed‏ ای عو اش وین . ولو سلمنا OÙ‏ إنسان مشتی العربي 
یعود بأصوله إلى الشرق الأدنى فيم نفسر أن یکون أسلافه رحلوا جميعاً عن هذه 
الناطق من دون أن یترکوا فیها أي آثر من طبيعة اناسیة؟ 

یتبقی لنا إذاً الأصل الحلي؛ [أي أن یکون انسان مشتی العربي یعود إلى منطقة 
شمال إفريقيا نفسها]ء وهي الفرضية الابسط (ولربا تکون بساطتها هي التي منعت 
من الأخذ بها!)» لکنها الیوم قد صارت الأكثر بداهة؛ منذ أن وقع اکتشاف الانسان 
العاتيري. ویسلم الیوم علماء الاناسة التخصصون في منطقة شمال افریقیا؛ آمثال 
د. فيريمباخ D. Ferembach‏ وم. ک. شاملا M. C. Chamla‏ بوجود نسب مباشر 
وموصول بين النياندرتاليين في منطقة شمال إفريقيا (ومثالهم إنسان جبل إرحود) 
وآأشباه الكرومانيون (ومن جملتهم إنسان مشتى العربي). ولا ds‏ أن يكون 
الإنسان العاتيري المكتشّف في دار السلطان هو الوسيط بينهماء لکن بعد أن اکتسب 
خصائص الإنسان العاقل الأول. 


8 و9 جمجمة إنسان قفصي من النوع التوسطي شبه القديم (موقع الجاز إثنان) من قبُل ومن جنب. 


*- نسبة إلى وادي النطوف شمال غربي القدس» وتعتبر الخطوة الأولى للإنسان على طريق بناء أولى 
المجتمعات الزراعية في التاريخ. 


75 


تطور إنسان مشتی العربي" 

بين آیدینا عدد وافر من بقایا انسان مشتی العربی» ویکن تقدیر العدد [التبقی 
لدینا من] الأفراد الداخلین في هذا النوع البشري ل قبل التاریخ بخمسمائة فرد 
وقد تم أخذ تلك البقایا أو التعرف عليها في مواضع شتی من منطقة شمال |فریقیا. 
ولا یمود هؤلاء جمیعاً إلى العصر الايبيري الوري؛ فحوالي الائة منهم قد عاصروا 
صناعات أحدث cage‏ وأعمارهم دون العشرة آلاف سنة. وقد كان الأفراد النتمون 
إلى إنسان مشتی العربي كثيري العدد في العصر الحجري الحديث » خاصة في 
غرب الجزائر وعلى الساحل الاطلنتي. ففي تلك الحقبة عبرت إحدى المجموعات 
الشرم الذي يفصل القارة الإفريقية عن جزر الكناري واستوطنت هذا الأرخبيل. 

وقد عرف إنسان مشتى العربي التطور في عين المكان. فأما الأفراد منه الذين 
استوطنوا الساحل LS)‏ في كهوف وهرانء ونواحي مدينة الجزائر) فقد ظلوا 
آشداء إلى أن صاروا إلى اندثار وزوال» وأما أولئك الذين استقروا في المناطق 
الداخلية LS)‏ في كولومناتا «Columnata‏ وجبل فرطاس والداموس الأحمر) فهم 
يبينون عن ميل وان ضح إلى النحافت وكذلك نقصت قاماتهم» وصارت عظامهم آقل 
es‏ وجماجمهم أقل استطالة» والنتوءات العظيمة لديهم أقل بروزا» والأسنان 
أصغر حجماً. وأظهرت الابحاث التي قامت بها م. ک. شاملا منذ وقت قريب أن 
تلك النحافة ليست نتيجة للاختلاط مع آنواع بشرية أحدث عهدا بل هي بفعل 
تطور داخلي. وهذه ظاهرة ليست مقصورة على إنسان مشی العربي ولا على منطقة 
شمال إفريقيا. 

وما يزيد في الاستغراب اکتشاف À‏ دیتور Dutour‏ .0 لقوم من العصر 
الحجري الحديث بملامح من إنسان مشتى العربي واضحة ومحققة» وذلك في حاسي 
الابیض. في أغوار الصحراء المالية". 

ولقد أخذ نوع إنسان مشى العربي في الاندثار رويداً رويداً أمام أنواع أخرى 
من البشرء لكنه لم يزل بالكلية؛ فقد وجدنا نسبة %8 من الجماجم الشبيهة با عند 
إنسان مشتى العربي بين مجموع الجماجم التي وصلتنا من مقابر قبيل التاريخ والمقابر 
* - هذا العنوان سقط من طبعة س. شاكر !! 
Neolithique - *‏ وهي الفترة المحصورة بين الألف الخامسة والألف الثالثة قبل الميلاد. 


* - هذه الفقرة لم نجدها في طبعتي المؤلف لسنتي 1987-1980 فربما يكون ألحقها بطبعة 1995 التي لم يتسن 
لنا لاطلاع عليها !. 1 


76 


البونيقية (شاملا» 1976). وکذلك نتعرف فى العصر الرومانی الذي لطالا لقیت 
البقايا البشرية التى تعود إليه التجاهل والاستخفاف من علماء الحفريات «الکلاسیین» 
على بعض الجماجم في شرق ابمزاثر لها خصائص شبیهة با كان عند انسان مشتی 
العربي. ولا نزال إلى اليو م نستبین بعض العناصر النادرة من نوع مشتی العربي بين 
سکان [هذه المنطقة]؛ هم الذين تنتمي غالبيتهم العظمی إلى مختلف أجناس النوع 
التوسطي. وقثل هذه العناصر نسبة لا تکاد تزید عن %3 من سکان بلدان الغرب 
وهم أكثر عددا بکثیر في جزر الكناري. 
غير أننا لا نستطيع مع ذلك أن ندخل إنسان مشتى العربي في أسلاف البربر 

المباشرين 


المتوسطيون الأوائل القفصیون: 
أكلة الحلزونات 

ابتداء من الألف الثامنة ظهر في القسم الشرقي من ال مغرب الكبير نوع جديد 
من الانسان العاقل قد تمثلت فيه خصائص بعض السکان المتوسطيين كما نعرفهم في 
الوقت الحاضرء وهو كذلك [نوع] طويل القامة (1,75م للرجال في الجاز إثنان 
«Medjez I‏ و1,62م للنساء)» لكنه يتمايز عن إنسان مشتى العربي في أنه يقل 
عنه صلابة بكثير» وأنه يفوقه تناسقاً في جمجمته ووجهه؛ فهي جمجمة مستطيلة 
تتناسب والوجه المرتفع والمائل إلى الضيق. وأن محاجره يغلب عليها شكل المربع 
وأنفه أضيق . والنتوءات العظيمة لدى هذا النوع البشري الجديد غير بارزة؛ وأخص 
ما يميزه أن زاوية الفك لديه ليست بمنحرفة إلى الأمام» وهذه خاصية كانت شديدة 
الشیوع» بل ربا كانت خاصية ثابتة» لدى إنسان مشتى العربي. 

اطلقت على هذا النوع صفة ما قبل المتوسطي وقد 
وجدت مجموعات على شب كبير به من لناحية الإناسية في الحقبة نفسهاء أو قبيلها 
في المشرق (أولئك هم النطوفيون)» وفي مختلف البلدان المتوسطية» وهي تنحدر 
في ما يبدو من نوع کومب Combe-Capelle JAS‏ (الذي e‏ في وسط أوروبا 
إنسان برنو (Bo‏ وله تمايز واختلاف عن إنسان کرومانون. 

ومن الستبعد في ما يبدو أن يكون من إنسان مشتى العربي تحذر الإنسان ما 
قبل المتوسطي . فهذا الإنسان» الذي سيأخذ يخلّفه بالتدريج» قد ظهر أولاً في الجهة 
الشرقية» وأما إنسان مشتى العربي فقد كان إلى العصر الحجري الحديث لا تزال 


77 


أكثر آعداده في الجهة الغربية. وان في هذا التقدم التدر ج من الشرق صوب الغرب 
ما یدعو بالفعل إلى ضرورة أن نبحث عن ظهور هذا النوع البشري ما قبل التوسطي 
في ما یتعدی نطاق الغرب الکبیر. ويقع الیوم (جماع GA‏ التخصصین من إناسيّين 
ومهتمین با قبل التاریخ على أن ٍنسان مشتی العربي إنما كان مقدمه من الشرق 
الأدنى . 

ویکن أن نتعرف الیوم في الانسان ما قبل التوسطي» وحسب ما تری م. ك. 
شاملا» على نوعين ائنین. فأما آکثرهما شيوعاً فهو النوع الفرعي من الجاز إثنان 
ویتمیز بجمجمة مرتفعة؛ وهو نوع یغیب لدیه الانسیاب في الفکین. وأما النوع 
الثانی وهو أقل انتشاراء فیمثله إنسان عين الدكارة «Aïn dokkara‏ ویتمیز بجمجمة 
شديدة انخفاض القحف» وبعضه یکو ن طویل الفكين» لکن دون أن يبن عن خصائص 
أشبه با عند الزنو ج» وهي الخصائص التي أخطأ الباحئون بالتنویه إليها. 
الحضارة القفصية 

عرف هذا الانسان بصناعة ما قبل تاريخية جُعل لها اسم القفصية Capsien‏ 
نسبة إلى الاسم القديم لكافصا (قفصة (Capsa‏ التي عثر بالقرب منها لأول مرة على 
العناصر المكونة لهذه الثقافة. والعصر القفصي يمتد على ما دون العصر الايبيري 
الوري زمنا؛ فهو يمتد من الالف الثامنة إلى الالف الخامسة. 

ولقد أتاحت لنا الواقع الكثيرة التي عثر فیها على تلك الکونات؛ والتي سمیت 
على سبيل 5 بالحلزات ان كما أتاحت لنا التنقیبات الجيدة 
التي أجريّت في تلك الواقع » أن نكون معرفة مرضية بالقفصيين وأنشطتهم . فيمكننا 
أن نتحدث في ما يخصهم عن حضارة تبين لنا مكوناتها المحلية العديدة» التي تم 
التعرف علیها في آنحاء تونس وال جزائرء عن بعض اللامح وا خصانص الثابتة. . ومن 
غير أن نطیل التوقف عند صناعة الحجرء وهي التي تتمیز باستعمال آدوات ذات 
شفرات. أو صیلات مطرقة أحد الجانبين” » ومنافیش» وهياكل ذات أشكال هندسية 
(فيها الأهلةء والگلغات» والربعات المحرّفة)» تجدر الاشارة إلى أنها في الجمال 
ومثيرة للاهتمام بجودة التقطيب الذي كان ee‏ اانا خلال العصر القتفصي 
الأعلى عن طريق الضغط » فتتحصل عنه نصيلات متقنة خالية من أي نشاز. وهي 
تلفت الأنظار كذلك بما فيها من دقة تنميق» كما نراه على بعض القطع فائقة الصنع. 


*- الملاحظة نفسها كما في ص. 74. 


78 


۳ ۰ ۰ ۰۰۰ ve € 


الات 


PRLS 


10. مصنوعات حجرية من العصر القفصي النموذجي (موقع الواد» 


شرق الجزائر). 


79 


لکن الفن القفصي یتمیز بخصائص آخری لها آهمية آکبر عند علماء الآثار وعلماء 
الاعراق؛ أريد الاعمال الفنية. وهي تعتبر الاقدم في إفريقياء ويمكننا أن نؤكد آنها 
كانت الاصل للتحف الفنية التي ظهرت خلال العصر الحجري امحدیث. بل إنها 
كانت - وهذا شيء له آهمیته - هي الأصل للفن البربري. وتتوزع هذه الأعمال 
إلى نوعين؛ النحت والنقش. والأحجار القفصية المنحوتة في غاية الندرة» وأكثر ما 
عرف منها في موقع المقطع بالقوب من ui dns‏ وهی Mt‏ وسات 
مخروطية من الجير الناعم» بعضها مزين بحزوز» وأقنعة بشرية» أورؤوس لحيوانات. 
والأثر الأكثر لفتاً للانتباه بينها هو تمثال بشري لا يزيد عن رأس» وينتهي عنقه بشكل 
مخروطي» وملامح الوجه غير مبينة» لكن الوجه يحمل بعض الحزوزء وأما الشعر 
فطويل قد اعتني بعال جته» ومن فوق الجبين خصلة شعر كثيفة مقطعة بعناية» وهي 
تتصل بخصلتين ثقيلتين تتدليان من الجانبين وتغطيان الأذنين. 

وأكثر إثارة للاهتمام هي النقائش لقفصية. التي نادراً ما تطالعنا على حيطان 
المخابئ» وأكثر ما تكون على الألواح الجيرية . والشائع فيها كذلك أنها تبعل على مادة 
فد کان لها دور عه لدى ts ne‏ اقب الا زهي قور یی تام 
وبعض هذه النقائش تکون رسوماً وصوراً على غير إتقان كبير لبعض الحيوانات 
وهي التي كانت ممهدات للفن الكبير لرسوم الحيوانات الذي تيز به العصر الحجري 
الحديث في إفريقياء لكن معظم تلك الرسو م یغلب عليها الطابع التجريدي 
والهندسي . وذلك هو الشأن في معظم الزخارف التي تری على قشور بيض النعام. 


1. منحوتات قفصية صغيرة من المقطع . 


80 


فنحن نلاحظ بين مجموعات الخطوط المستقيمة والنحنیات و النقّطات كثرة التربیعات 
والشاریات» والثلثات. ویلوح أن هنالك قرابة معينة بين بعض هذه الزخارف 
القفصية؛ أو الزخارف التي تعود إلى العصر الحجري الحديث» وال زخارف التي 
لا تزال متداولة لدى البربر إلى اليوم في ما يصطنعون من آوشام وأنسجة أو 
يأنون من رسوم على الفخار» أو على الجدران؛ بحيث نستبعد ألا يكون هنالك 
من استمرارية في هذا الميل الفطري إلى الديكور الهندسيء ولاسيما أننا لا نعدم 
نشواهد الدالة على وجود تلك الاستمرارية من عصور قبيل التاريخ خ إلى العصر 
خدیث . 


استقرار آوائل البریر 

لا تکاد العناصر البشرية القفصية تختلف من الناحية الاناسية الا قليلاً عن 
سکان شمال افریقیا في الوقت الحاضر؛ من بربر واعرب»» وهم الذین آهمل 
عنماء الحفريات» في بداية أبحاڻهم» أن يحتفظوا لنا بهیاکلهم العظمية الکتشفة في 
نحلزات» لاعتقاد منهم أنها لدخلاء ومتطفلين دفنوا في زمن متأخر. بل إن إحدى 
تنك اجماجم بقيت لخا الوقت في للم محكمة مين عليلة» is‏ ندب ضغيرة 
في شرق الجزائرء إذ اث شتبه في أنها ما تعود إلى عملية دفن سري أجريت لقتيل! 

ومهما يكن من أمر فإننا دحل في ما قبل التوسطیین القفصیین أوائلَ المغاربيين 
وهم الذين يكن لنا في غير ما تهور أن نجعلهم على رأس سلسلة النسب البربري 

ي إلى 000 9 سنة 5 تقريباً! وجميع المعطيات تتفق على التسليم» وکما ذکرنا من قبل 


2. قطع من قشور بيض النعام مزينة بنقوش هندسية من العصر القفصي الأعلى 
(مواقع كف المزاوي» وبثر الحمايرية» وخبية کلاریون» شرق الجزائر وفي تونس). 


81 


بأن هؤلاء القفصيين یعودون بأصولهم إلى الشرق. ولکن وصولهم إلى الغرب 
الكبير يعود إلى غابر الأزمان؛ بحيث لا يبالغ في شيء من يصف أحفادهم في هذه 
المنطقة بالسكان الأصليين الحقيقيين . 

فإذا ما انتقلنا إلى العصر الحجري الحديث لم يعد في الإمكان أن نقف على 
أي تغير واضح في سياق التحول الإناسي الذي عرفه المغرب الكبير. فنحن نلاحظ 
استمراراً لنوع مشتى العربي في جهة الغرب» بل نلاحظ كذلك تقدمه صوب 
الجنوب» بطول السواحل الأطلنتية» وآما ما تبقى من الصحراء أو على الأقل 
المنطقة الواقعة جنوب مدار السرطان» فلم يكن يقطنه حينئذ غير آشباه الزنوج. 
وقد سار أوائل المتوسطيين في انتشار حثيث . فإذا جثنا إلى فجر التاريخ لاحظنا أن 
الدفونین من بني البشر تحت الجثوات"» وغيرها من الأنصاب الصخرية العظيمة 
هم من النوع المتوسطي» مهما اختلفوا مواقع » ما عدا في المناطق الجنوبية؛ وهي 
التى يكن أن يز فيها العناصر من ذات الأشكال الزنجية. فيكون الغرب الكبير من 
الناحية الإناسية قد «توسط » بل تبربرء منذ ذلك الزمان. 

لكن هنالك ملاحظة أخرى تفرض نفسها في الحال؛ وهي أن بعض هؤلاء 
المتوسطيين آقصر قامات»ء وخصائصهم العضلية أقل بروزا وعظامهم أقل سمكاً 
وصفوة القول إن هياكلهم أكثر نحافة. والحقيقة أن اختلافاتهم عن أوائل المتوسطيين 
ليست بالاختلافات البينة؛ فهنالك أشكال وسيطة ومراحل انتقالية عديدة بين 
المتوسطيين الأشداء والمتوسطيين الضعاف. كما وأنه لم يقع زوال في بعضهم بسبب 
من البعض الآخر؛ فلا يزال لهذين النوعين الفرعيين من العرق المتوسطي هما 
الاثنان وجود إلى اليوم. فأما الأوائل فيكونون النوع الفرعي المتوسطي الأطلنتي 
الذي یحضر بوضوح في آوروبا بداية من شمال إيطالياء وحتى گالیسیا «Galice‏ وأما 
النوع الثاني فهو المعروف باسم الإيبيرى الجزيري cibéro-insulaure‏ وله غلبة في 
القسم الواقع جنوب إسبانياء وفي جزر [الكناري]» وشبه الجزيرة الإيطالية. 

ولهذا النوع الفرعي انتشار واسع في شمال إفريقياء وذلك في منطقة التل 
وخاصة في المرتفعات الساحلية في شمال تونس» وفي منطقة القبائل وفي الريف 
شمال المغرب . وأما النوع القوي فأكثر من حافظ عليه البربر الرحل في الصحراء 
(الطوارق). لكن هذين الفرعين لا يزالان يتعايشان إلى اليوم في المناطق 
المذكورة. 


Tumulus —*‏ وهي ركام من التراب» أو بناء حجري مخروطي» کان يجعل فوق القبور. 


82 


ففي منطقة القبائل؛ وحسب Le‏ تفیدنا دراسة حديثة لم. ک. شاملا» يمثل النوع 
التوسطي %70 من السکان» لکن ینقسم إلى ثلاثة آنواع فرعية : النوع الأول هو 
الایبیری الجزيرى» وهو الغالب» ویتمیز بقامة بين قصيرة ومتوسطة ووجه ضیق 
وطویل. والنوع الثاني هو الاطلنتي التوسطي» ویحضر کذلك بأعداد كثيرة» وهو 
آقوی من الأول» وأطول منه قامة» وله رس متوسطة الطول. والنوع الثالث هو 
النوع الفرعي الصحراوي وهو أقل عدداً )%15( ویتمیز بقامته الطويلة» ورأسه 
المستطيلة» ووجهه الطویل. وهنالك عنصر ان یسمی بالالبيني Alpin‏ بسبب من 
ضیق جمجمته ووجهه» والقصر النسبي في قامته» وهو یثل حوالي %10 من السکان . 
ولکن م. ک. شاملا ترفض أن تدخله في الألبينيين الحقيقيين» وتميل بالاحری إلى أن 
تضمه إلى فرع «قصار الرژوس» من النوع المتوسطي. وهنالك عنصر ثالث ذو صلة 
بالشكل الأرمينى وعلى قدر العنصر الثاني تواتراً؛ وهو يتميز بطول وجهه وقصر 
جمجمته. وينضاف إلى هذا كراد كفي دارا المعدودين الذين حافظوا على 
خصائص من إنسان مشتى العربي» وبعض المولّدين المنحدرين من عنصر زنوجي 
قديم نسبياً وبعض الأفراد من ذوي اللون الفاتح في البشرة والعينين والشعر. 


تعقد وتنوع 

هذا المثال يبين لنا التنوع في سكان الغرب الكبير. لكننا ما عدنا بعد في الزمن 
الذي كانت فيه الصنافة العرقية هى الهدف النهائى للبحث الإناسى. وقد كان 
الباحكون حینها يغرون بحمل «الأنواع » أو (الأغراق» عل عات بشرية قد 
ندمجت على مر القرون في نوع» أو آنواع کثیرة E‏ ولقد بينت 
الأبحاث الحديثة في العالم أجمع مدی القابلية الكبيرة التي كان یتمتع بها جسم 
الإنسان للتأثر بالتغيرات» وقابليته خاصة للتلاؤم مع التحسن الذي د على ظروفه 
المعيشية. وتعتبر الزيادة في طول القامة التي وقعت خلال الأجيال الثلاثة الأخيرة 
ظاهرة عامة قد لمسها وعرفها الرأي العام وهي كذلك ظاهرة بالإمكان قياسها بسهولة 
سي وان اج . فخلال أقل من قرن من الزمن زاد متوسط طول 
القامة عند الفرنسیین بسبعة س: ت هي زيادة مهمه )ولا هکن تفسیرها لا بفزو 
[من آناس طوال القامة]؛ ولا re‏ لأناس من قصار القامة. إن مرد هذا 
لنمو إلى التحسن الذي طرأ على ظروف العیش» وإلى تغذية قد صارت أغنى من 
ذي قبل» وهو يعود خاصة إلى زوال الأعمال الشاقة التي كانت تقع على الأطفال 


83 


واليافعين. ولذلك فهذه الزيادة في القامة غير متناسبة بين الأم» ولا هي متناسبة في 
صلب الأمة الواحدة بين الجهات» بل إن لها علاقة مباشرة بالتنمية الاقتصادية. ومن 
قبیل ذلك أن متوسط الطول في تیزی آوزو (منطقة القبائل» الجزائر) قد زاد خلال 
بضع سنين» وتحديداً من 1927 إلى ۰1958 من 164,6 سم إلى 167,4 سمء بینما لم 
يزد متوسط الطول فى المنطقة المجاورة» الأخضرية (بالسترو Palestro‏ سابقاً)» وهی 
منطقة أفقر من الأولى» إلا ب 1,2 سم خلال الفترة من 1880 إلى 1958» وهي في ما 
يبدو زيادة غير ذات أهمية. 

وأظهرت أعمال أخرى أن شكل الجمجمة قد أخذ فى التباين بفعل «حيد ورائی» 
کما ينتمية المیاویون» ولیس في الامکان تفسیر هذه الظاهرة بأى مساهمة أجنبية 
مهما تكن زهيدة. 

هذه المرونةء وهذه القابلية للتأثر بالعناصر الخارجية» كالظروف المعيشية 
وتوجه غير متوقع وليد للصدفة الوراثية» عوامل تبدو لغير قليل من الاناسیین 
المعاصرين كافية لتغنيهم عن الأخذ بالهجرات والاجتياحات الوهمية الكثيرة التي 
يقال إنها كانت من وراء تكوّن الأقوام القديمة في العصور التاريخية. ویبدو لنا اليوم 
من الراجح أن يكون هذا التطور وليد المكان نفسه وليس خارجي النشا. 

على هذه الصورة تفسر م. ک. شاملا ظهور الفرع الايبيري الجزيري في صلب 
المجموعة المتوسطية الإفريقية بمجرد حدوث عملية ضمور في هذه المجموعة. فلم 
يظهر أي اختلاف في أشكال الجماجم بين تلك التي تعود إلى العصور القفصية 
والتي تعود إلى عصور قبيل التاريخ*؛ والتي تعود إلى العصور الحديثة؛ وما تتباين 
في غير الاحجام؛ وفي مظهر عام هو وليد ذلك الضمور. 

وأما أن يظل التغير الجرد» والمقصور على عين المكان» هو العامل الأساس 
فذلك شىء لا يمكن أن يتفق ومجموعة كبيرة من المعطيات الثقافية والأثرية التى 
لا Re‏ الجدال في أنها ذات منشا خارجي. i‏ 


شغط مستمر من الشرة 
إذا كان القفصیون ما قبل المتوسطيين هم الأساس لسکان بلدان الغرب في 
الوقت ا اضر فان الحركة التي جاءت بهم من الشرق الادنی إلى شمال إفريقيا ظلت 


*- انظر مقدمة الترجمة» هنا بالذات. ص 33- 


84 


موصولة لم I‏ تتوقف» ولو للحظة 
طوال عصور ما قبل التاريخ. 
فما أولئك القفصيون ما قبل 
التوسطیین غير آسلاف لسلسلة 
طويلة من الجموعات بعضها 
قليلة العدد» وبعضها كثيرته. وقد 
جری تقسیم تلك الحركة الوصولة 
لاف السنين» للاستجابة إلى 
حاجات البحث للاثري أو 
التاريخي» إلى «اجتیاحات» أو | 
#غزوات»» وما كانت إلا لحظات 
في ديمومة ليس فيها انقطاع . 

فان أدخلت إلى خط یال إقريقيا قل عاك الست الققع » وشل العصير 
الحجري الحديث» الحيواناثٌ الأليفة؛ كالأغنام والماعز ذات الأرومات الغريبة» كما 
أدخلت إليها أولى الأغراس» وكانت كذلك خارجية المصدر. لكن تلك الحيوانات 
والنباتات لم تصل لوحدهاء حتى وإن كان يُحتمل للاناسي الذين جاءوا بها أن 
يكونوا قلة قليلة. وقد كان القسم الأكبر من الصحراء يعمره في ذلك العصر رعاة 
من آشباه الزنوج. ومن المحتمل أن تكون مجموعات منهم انتقلت نحو الشمال 
وصولاً إلى الغرب الكبير» بدفع من الجفاف الذي حدث بعد الالف الثالثة . وقد تم 
التعرف على بقايا لبعض النماذج من أشباه الزنوج في المواقع التي تعود إلى العصر 
الحجري الحديث في الجنوب التونسي. ووجدنا ديودوروس الصقلي» حتى القرن 
الرابع » یتحدث في روايته التي صور فيها حملة أكاتو كل ۸8۵000016 عن أقوام 
تضبه الاڈ A‏ (آي آنهاآقوام من سود البشرة) في منطقة es el‏ في ما 
یعرف حالياً بكروميري Kroumirie‏ لکن هذه الساهمة الافريقية الخالصة تبدو شيئاً 
زهيداً بالقياس إلى الحركة الكتيمة » لكنها ظلت جاریة؛ لك الحركة التي تواصلت في 
عصر المعادن بظهور المريّين للخیول» («الخيليين» «Equidiens‏ فى الفن الصخري) 
وسائقي العربات» ثم الفرسان الذين غزوا الصحراء واستعبدوا الإثيوبيين. 

بل نحسب أنه وقعت خلال الحكم الروماني» ثم الوندالي والبيزنطي» كذلك 
نسلالات طويلة لقبائل على شيء من المشاغبة إلى خارج خطوط التحصينات 


s . 7F ES: a pet AL, 
د توم‎ on M7 Te 1 CES AT, ° PEs 


3. إناء من نوع الزخرف الصدفي من أشقار (الغرب). 


85 


الرومانية" بل وصلت الى الاراضی الكونة كا كان یعرف بالامبراطورية. فالاتحاد 
القبلي الذي A Pas‏ الرومان PAL‏ 6 (ونطقه «لیواتة» (Leouathae‏ 
والذي كان یوجد خلال القرن الرابع في طرابلس الغرب قد Lo‏ ف فى العصور 
الوسطی یتسمی eLouata (I‏ ویستوطن الناطق بين الأوراس والونشریس. 
ولواتة هؤلاء» کمثل قبائل أخرى عديدة» ینتمون إلى مجموعة زناتة» وهی الأحدث 
بين الجموعات الناطقة بالبربرية» والمختلفة بلغتها كثيراً عن لغة الجموعات الاقدم 
والتي يكن تسميتها آوائل البربر .Paléoberbères‏ وقد كان في الاضطرابات التي 
أثارها ظهور زناتة» كما كان فى الاضطرابات السياسية والدينية والاقتصادية التى 
نابت المقاطعات الإفريقية» ما ساعد کثیرا على نجاح مشاريع الغزو العربية في القرن 
السابع . ثم وقعت الا جتیاحات التعاقبة من البدو؛ من بني هلال وبني سلیم وبني 
معقل» أربعة قرون بعد» وقد حفظها لنا التاريخ بسبب ما كان لها من نتائج لاتعد 
ولا تحصى؛ وما كانت تزید عن حظات في حركة واسعة ابتدأت قبل ذلك بعشرة 


آلاف سنة. 


المساهمات المتوسطية 

إذا كان سكان المغرب الكبير قد حافظوا على أصالة محققة عن سكان الشرق 
الأدنى؛ سواء من الناحية الجسمانية أو من الناحية الثقافية» فلأن تياراً ثانياً قد جاء من 
الشمال والجنوب وتداخل مع التيار الأول» وترك بصماته بارزة على هذه الأراضي 
عر 

يعود ظهور هذا التيار المتوسطي إلى العصر الحجري الحديث. وقد عرف 
الساحل المغاربي يومئذ كمثل الزراعات وأساليب الخزافة التي كانت متداولة في 
المناطق الأخرى من غرب المتوسط . وبينما ظهرت في جنوب مضيق جبل طارق 
تقنيات مائزة؛ کالزخرف الصدفي الذي يستعمل فيه صدف الرخويات البحرية 
وهو أسلوب أوروبي امتد إلى شمال الغرب. فان في شرق المضيق انتشرت 
صناعات السبج التي جيء بها من [أشباه] الجزر الإيطالية. وان عودة الأنصاب 


cimes -*‏ الاسم الذي أطلقه المؤرخون المعاصرون على التحصينات التي أقامها الرومان على حدود 
إمبراطوريتهم. ولهذه التسمية معنيان : معنى الحد» أو السور الفاصل للإمبراطورية عن سواهاء ومعنى 
الطريق التي تقود إلى الأراضي حديثة غزو من الرومان. 

*- حجز زجاجي أسود. 


86 


dual‏ الات وال اوي la‏ فور اوت الا كر امک 
تفسيره إلا بالاستقرار الدائم في هذه lb)‏ جر ف ا اذك 
من أوروبا. والحقيقة أن تلك المساهمة المتوسطية الخالصة كانت لها أهمية ثقافية تفوق 
أهميتها الإناسية. لكن إذا كان يكن لبعض العناصر الثقافية» إذا جاز لى التعبير» أن 
تتنقل لوحدهاء فإن الأنصاب والطقوس المقابرية تبدو لى وق ارتباطاً بالمجموعات 
العرقية. با لمكن أن نتصور لبناء الدلنات of‏ حفر النواویس آن یجوزا مضیق 
صقلية» وینتشرا في شرق الغرب الکبیر من دون أن تکون جاءت بهما أقوام على 
قدر کبیر من الانسجام. 

وإذا لم يكن في نيتنا أن ننتقص من شأن الاسبقية التي كانت لجموعة آوائل 
المتوسطيين» وهي مجموعة قارية تعود بأصولها إلى الشرق. ثم اغتنت با داخلها من 
مساهمات متعاقبة» فلا ينبغي لنا كذلك أن نهمل تلك المساهمات المتوسطية الخالصة 
وهي أحدث منها عهدا وأقل أهمية من الناحية الإناسية» لكن تفوقها ثراء من الناحية 
الثقافية. 

ومن تداخل هذين العنصرين الأساسيين» وما انضاف إليهما من مساهمات 
ثانوية من إسبانيا ومن الصحراء نشأت بتوالي القرون الساكنة والحضارة القروية 


87 


العطیات اللغوية 


لا يكن أن نغض الطرف عن الساهمة التي كانت من الدراسات اللغوية في 
اجهود الرامية إلى التعرف على أصول البربرء بحكم أن اللخة تعتبر اليوم الخاصية 
الأكثر أصالة والأشد تمييزاً للمجموعات البربرية التناثرة في الربع الشمالي الغربي 
من القارة الم فريقية. 


تحوط لازم 

ما أسهل ما تتبنى اللهجات البربرية الكثير من الكلمات الأجنبية وتسبغ عليها 
الطابع البربري. فنحن dé‏ اللغة البربرية قد احتوت على كلمات لاتينية وعربية 
(تمثل الفردات العربية نسبة 9035 في لغة منطقة القبائل)» وفرنسية وإسبانية.. 
ويبدو أن اللغة الليبية كانت على القدر نفسه من سهولة التأثر بالغزو اللغوي. 

ولذلك ينبغي لنا أن نتحفظ كثيراً بشأن التقريبات الكثيرة والعشوائية التي 
يؤتى بها للبربرية مع مختلف اللغات القديةء والتي جاء بها دارسون من الهواة أو 
باحثون من غير المتمرسين. فهذا بيرثولون يرى أن اللغة الليبية كانت لهجة هلينية 
أدخلها الثراسيون .Thraces‏ ویری آخرون أن هذه اللغة تعرضت لتأثیرات من اللغة 
السومرية sumérienne‏ أو اللغة الطورانية -touranienne‏ وظهر في وقت أقرب من 
يعتد بالنموذج الباسكي» الجامع ویستند فيه إلى حجج ج أقل سخافة . فقد حسب بعض 
الدارسين من الهواة في بداية القرن العشرين ن أنهم أقاموا علاقات القرابة التي جاءوا 
بها على أساس مكين من خلال تكوينهم لقوائم طويلة من مفردات اللغة الباسكية 
ومقابلتها بمفردات من اللغة البربرية. وان من اليسير أن نأتي بثل هذه التقريبات ومن 
ذلك أن في الإمكان أن نسجل وجود توافقات غريبة للمفردات اللغوية البربرية مع 
اللهجات الهندية الأمريكية» كما توجد تلك التوافقات بينها واللغة الفنلندية. 


89 


وان هذا الهذیان الثقافي لهو الفسر للموقف التحفظ الغالي الذي كان من 
المتخصصين في البربر؛ فهم یذهبون أحياناً إلى حد التشكيك في وجود علاقة 
بين اللغتین البربرية والليبية» بل إن التحوط بلغ بهؤلاء التخصصین حداً جعلهم 
یتوخون التأکد من أن اللغة 
الکتوبة بحروف ليبية هي بالفعل 
شکل من أشكال البربرية القديمة. 

یظهر هذا الوقف الحذر في 
نص شهير ل. 1 باسي A. Basset‏ 
جاء فيه : «وعلى وجه الإجمال 
فإن التصور السائد القائم على 
اعتبار اللغة البربرية كانت لغة 
محلية» واللغة المحلية الوحيدة 
حتى فترة معينة مما قبل التاريخ 
(...) يستند في المقام الأول 


البربرية Ii‏ بكونها لغة دخيلة 
ولم يؤت لا أبداً با یثبت 
وجود أي لغة محلية أخرى أو 


اختفاء‌ها» 1 . 
4. نصب ليبي من منطقة هیبون cike)‏ الجزائر). 
الکتابات النقوشية الليبية 


لا تزال معظم الکتابات النقوشية الليبية عصية على القراءة والفهم» على الرغم 
من الابحاث الکثيرة التي تناولتها على امتداد قرن من الزمن. وهذا؛ كما آشار س. 
شاکر due 5. Chaker‏ وقت قريب» وضع في غاية الغرابة؛ ولاسیما بعد أن Le‏ 
للغويين الکثیر من الامکانیات الساعدة کالکتابات النقوشية ثنائية اللغة التي تجمع 
بين البونيقية والليبية» أو بين اللاتينية والليبية» والعرفة بالشکل الحديث للغة. ذلك 


1 - A. Basset, La Langue berbère. L'Afrique et L'Asie, 1956. 


90 


بأننا إذا كنا لا فلك الدلیل القاطع على الوحدة اللغوية لدی الأقوام التي استوطنت 
شمال افریقیا قدياًء فان العطیات التاريخيةء والعطیات التعلقة بأسماء الأماکن 
وأسماء الاعلام والفردات اللغوية» وشهادات المؤلفين العرب تثبت مجتمعة وجود 
قرابة بين اللغتین الليبية والبربرية. وبالعودة إلى الحجة النافية التي ینکرها أ. باسي 
لكنني آراها قاطعة حاسمة!» فإذا لم تكن الليبية شكلاً قديماً من البربرية فکیف يا تری 
ومتی تکون نشأت اللغة البربریة؟ 

ولسوء الحظ فلا یسعفنا النظام الكتابي للغة الليبية» التکون من الحروف 
الصامتة وحدهاء في إعادة تکوین اللغة التي ینقلها بالتمام والکمال. 


قرابة البريرية [الی لفات آخری] 

على الرغم Le‏ تقدم» فان وجود وشائج قرابة للغة البربرية مع لغات أخرى قريبة 
إليها من الناحية الجغرافية آمر قد ظهر القائلون به فى وقت مبکر جداً» بل ریا أمكننا 
القول منذ بداية الدراسات [التي اهتمت لزي نیزا شامبولیون Champollion‏ 
قد قال منذ 1838 بوجود قرابة بين البربرية واللغة الصرية القديمة» وذلك في سياق 
المقدمة التي وضعها لمعجم اللغة البربرية لصاحبه فینتور دي بارادي”. وقال 
آخرون» وهم أكثر clone‏ بوجود علاقة للغة البربرية باللغة السامية „sémitique‏ 
ولزم أن ننتظر التقدم الحاسم الذي تحقق في دراسة اللغة السامية القديمة ليخرج 
علينا م. كوهين M. Cohen‏ في سنة 1924 باقتراحه اعتبار البربرية تدخل في أسرة 
كبيرة» هي المسماة الحامية السامية «chamito-sémitique‏ والتي تضم كذلك اللغة 
المصرية [القديمة] (والقبطية copte‏ وهي شكلها الحديث )» والكوشية couchitique‏ 
والسامية. ولكل واحدة من هذه المجموعات اللغوية میزات تشكل أصالتهاء لكن 
توجد بينها عناصر قرابة كثيرة» Le‏ حمل مختلف المتخصصين فى هذا المضمار على 
الانحیاش الى الأطروحة التي قال بها م. کوهین . | 


*- [Jean-Michel de] Venture de Paradis, Dictionnaire de la langue berbère. 
: وعنوانه الکامل هو‎ 
Grammaire et dictionnaire abrégés de la langue berbère composés par feu Venture de Para- 
dis (a cura di Amédée Jaubert), Paris, Impr. royale, 1844. 


91 


ولا تقتصر تلك التقاربات على التشابهات المعجمية» بل تتعداها إلى بناء اللغة 
نفسه ما تعلق بنظام الأفعال» والتصریف. والهيأة الثلائية في جذور الکلمات 
وذلك على الرغم من أن الکثیر من الجذور في البربرية هي جذور ثنائية» لکنه مظهر 
مصدره "البلی» الصوتي الذي وقع بشکل بالغ القوة في البربرية» وهو أمر يقر به 
جميع المتخصصين. 


5. منظر نموذجي لتاسيلي نعاجر. 


ومهما يكن من أمرء فان القرابة التي لاحظها البعض في صلب المجموعة ا حامية 
السامية بين اللغة البربرية واللغة المصرية واللغة الساميةء لا يمكنها إلا أن تؤكد 
المعطيات الإناسية» وهي التي تزيد كذلك في تعزيز الفكرة القائلة إن البربر يعودون 
بأصولهم البعيدة إلى المشرق . 


52 


غزو أوائل البریر للصحراء 


تحد بلدان الغرب اليو م آکبر صحاري العالم. وفي الوقت الذي بدأت الغامرة 
البربرية بوصول آوائل التوسطیین القفصیین قبل حوالي سبعة آلاف سنة من میلاد 
السیح إلى الصحرای كانت هذه النطقة لا تزال لم تصر بعد قاحلة ماحل بل كانت 
في الوسط منها مركزاً حضارة أهم ما كان في شمال بلاد البربر. 


الصحراء في العصر الحجري الحدیث 

بدأت الظواهر الثقافية شديدة التعقيد» التي یجمعها مژرخو ما قبل التاریخ في 
عبارة ا حياة فى العصر الحجري الحديث ) «Néolithisation‏ ذ في الظهور في مرتفعات 
وسط الصحراء قبل قرابة ألفي سنة من ظهورها في الجهات الشمالية. ولئن كانت 
متاطق شا du‏ هن أكثرها التقخاضاء قد صارت برمذاك del deb‏ 
في جنوب تيبستي وجنوب تاسيلي نعاجرء وفي جنوب الهقار وغربه» كما في الجزء 
الجنوبي من موریتانیا؛ كانت هنالك بحیرات یصل عمق بعضها إلى عشرات الامتار 
وكانت تغطي مساحات شاسعة قد باتت تغمرها الیوم کثبان من الرمل وأجراف من 
a 22 ue‏ تقاف هله ی EN‏ 

لتي كانت تغذیها بدفق موصول في معظم الاوقات قد اشتمل بعضها على بقايا 
أسماك معظمها من ذات الأحجام الكبيرة وأدوات للصید؛ کالصنانی والخاطیفت 
العظمية» وهي أشياء قلما نتوقع العثور عليها في مثل هذا البحر من الرمال. ينين 
من تحليل حبوب اللقاح» وان كانت لا تقدم لنا نتائج محققة في الصحراء» أن في 
الألف السابعة كان يسود الجبال في هذه المنطقة مناخ شديد الرطوبة» بحيث إن القمم 
الجبلية» وهي بحق شديدة الارتفاع (يصل ارتفاع جبل تاهات Tahat‏ إلى 2910م) 
كانت تغطيها الأشجار الوارفة؛ أشجار البلوط والزیزفون والجوزء والمغث 
والدردارء بينما كانت أشجار الصنوبر تغطي السفوح والمناطق النخفضة. وفيها كانت 
تنمو كذلك أشجار الوزال» والیس والمصطكاء والزيتون. 


53 


في هذا الاطار الطبيعي قامت آول حضارة قد 
تهیأت لها صناعة الخزف» ولا يبدو آنها آخذت شيئاً 
من مکوناتها من الخارج. انها حضارة سابقة على 
العصر الحجري الحديث (فأغلب تواریخها الأقدم 
تقع بين 7000 و6000 قبل «CSA‏ أو هي على 
الأقل في قدم العصر الحجري الحديث في بلدان 
حوض النيل. وفي جميع الأحوال فإن هذه الحضارة 
الأولى لم يكن لها من جذور متوسطية» وكانت الأقوام 
ساكنة وسط الصحراء حينئذ من أشباه الزنوج. 
وقد ؤجدت لهم بقايا بشرية في جنوب خط يتراوح 
بين الدرجة 25 والدرجة 27 درجة الموازية ويفصل 
العصر الحجري الحديث ذا الطابع القفصي عن العصر 


الحجري الحديث الصحراوي السودانی. 6. خطاف عظمي من العصر 
F =‏ الحجري من أراوان (مالي). 


g ۳ 1 ۳ 
Er 


A TE de 
راك د‎ 


7. منظر لطقوس من الرقص والقفز البهلواني حول ثور. رسم من 
الأسلوب البقري. تين. هانا كاتن. (تاسيلي نعاجر). 


*- جاء في الأصل ابین 6000 و7000 قبل الميلاد»؛ والصواب ما أثبتنا. ومن غريب أن التصحيح الذي جيء 
به في الطبعة الثانية للرقم الثاني؛ بعد أن كان 600 7 لم يُتنبه فيه إلى هذه الهفوة! 


94 


8. صيد الاسود. أسلوب بقري حدیث من إيهرن (تاسيلي نعاجر). 


الفنانون «ا لبقریون» وظهور التوسطیین 
في العصر الحجري الوسيط ٠”‏ الذي یوافق في الفن الصخري الطور الکبیر 
ا البقري» لكثرة الرسوم الممثّلة لقطعان الأبقار الأليفة فيه» وقع تخیر ملحوظ 
في السکان. فقد ظهرت أقوام من ا لجنس الأبيض في تاسيلي» وإليها تعود أجمل 
الجدرانيات (أسلوب إهرير 1۳67:۲). لكن الغلبة من الناحية الكمية كانت لذوي 
البشرة السوداء؛ فالرجال عامة ممشوقو القوام» ومعظمهم ذوو لحى صغيرة؛ فهم 
على شبه كبير بالفولانيين cPeuls‏ الذين كانوا يتنقلون في منطقة الساحل. وبعض 
النساء قد جعلن شعورهن على هيأة خوذة» شبيهة بتلك التي لا نزال نراها عند سكان 
حوض النيل إلى اليوم. لكننا نتعرف في هذه الجموعة كذلك علی 955 € حقیقیین 
طويلي الفكين» وبارزي الأسنان ومقلوبي الشفاه» وقصيري الشعر ومجعديه. 
في الجموعة الأخرىء التي تبدو أقرب عهداء تطالعنا الوجوه بملامح متوسطية 
بارزة. فالرجال ذوو شعور طویلت ومعظمهم ذوو خی رقيقة Aus‏ وتظهر وجوه 
الرجال والنساء والأطفال في بعض التصاویر» کتلك التي في ناحية إهرير (آبري 
خين «(Abri Khène‏ وقد اکتست رسوماً أو أوشاماً. وبینما لا يزيد الرجال في 


. وهی الفترة الواقعة بين 5750 و 4700 ق . م‎ «Néolihique moyen-* 


95 


19 . متأنقات من تاسيلي» من الأسلوب البقري احدیث» في إيهرن (هذا الشهد والذي قبله 
مأخوذان من جدارية واحدة» وهو يمثل أشخاصاً من النوع التوسطي). 


لباسهم عن تنانير» وقد يزيدون إليها أحياناً قبعات مستديرة» ترتدي النساء أثواباً 
توحي زخارفها بأنها من نسيج. وتبدو النساء في بعض الناسبات وقد تزين على 
صورة باذخة» وارتدين تنانير ذات حواش» وأوشحة طويلة الأطراف. فاذا أقبلن 
على الأشغال النزلية ثبتن إلى لباسهن عند مستوى العجيزة ما يشبه الميدعة من جلد 
الماعز أو جلد الغزال. 

إن هذه الرسوم تجيئنا بصورة واضحة لأوائل السکان المتوسطيين الذين توغلوا 

في الصحراء. ولا يزال يصعب تحديد تاريخ معلوم لوصول هذه الأقوام إلى 
خم أو التثیت من آماکنها ei‏ وقد عمرت المرحلة وباي م 
الرابعة إلى منتصف الألف الثانية» ولا نزال غير عارفين في أي لحظة من تلك الحقبة 
كان أول ظهور للبيض. والذي يبدو (غير أننا لا غلك من إحصائيات فى هذا الباب) 
لب go‏ 

لماشية الصغيرة أقل تطلباً من تربية الأبقار» فهذا يجيز لنا الاعتقاد بأن وصول البيض 
9 الصحراء إنما كان في أواخر الفترة الأسلوبية لدى البقريين ‘Bovidiens‏ مع 
بداية اشتداد احفاف. وان في وجود بعض السمات المشتركة للبيض مع الخيليين ما 
يعزز هذا الر أي. 

وأما عن أصول البقريين فالاعتقاد يذهب إلى أنهم ينحدرون من الشمال. 
فيكون هؤلاء الرعاة» حسب هذا الرأي» قد صعدوا من صحراء الجزائر وتونس 


96 


20. ثيران حمّالة في إيهرن (تاسيلي نعاجر). 


وصاروا باتجاه المرتفعات في وسط الصحراء؛ حيث قد يكونون اتصلوا بأحفاد أشباه 
الزنوجء الذين عاشوا في الصحراء السودانية خلال العصر الحجري الحديث . 

ولكن لا يبدو أن المغرب الكبير كان مجرد محطة توقفت عندها الأقوام من 
البیض قبل أن تتوغل في الصحراء. ومن الممكن أن تكون هذه الأقوام جاءت رأساً 
من الشرق» وأنها التفت على تيبستي من جهة الشمال. بل ربا تكون إنما جاءت إلى 
وسط الصحراء» عبر فزان» بعد أن سارت بطول شواطئ برقة. 


«الخيليون» سائقو العريات 

لقد صارت الأهمية الاجتماعية» وربا الديمغرافية» للأقوام المتوسطية في تزايد 
خلال الرحلة اللاحقةء التي توافق العصر الحجري الحديث الأخير والأزمان قبيل 
التاريخية. وتعرف هذه المرحلة على الصعيد الفنى بالعصر الخيلى caballine‏ 
HALL ss‏ الاقوام التي صارت منذ ذلك الوقت تشتغل بتربية الخيول وتُعنى 
بتصويرها في رسوماتها الجدارية. 

ويمثل ظهور الحصان في إفريقيا ظاهرة تاريخية سابقة بقليل على غزو الهيكسوس 
لمصرء وهو أمر كشفت عنه أعمال التنقيب التي وقعت في النوبة. وقد صار احصان 
معروفاً على نطاق واسع في مصر ابتداء من القرن السادس عشر قبل الميلاد. ويسلّم 
الباحثون بأنه أخذ في الانتشار سريعاً من هناك عبر الصحراءء ليصل بعدئذ إلى 


57 


21 راع وصیاد Lee‏ من النوع التوسطي مزين برسوم وجهيةء ومسلح برمح وعصا 
للقذف. الخروف ينتمي إلى النوع الکبیر Ovis Longipes‏ على غرار الخراف الطوارقية 
والسودانية في الوقت الحاضر. إيهرن. (تاسيلي نعاجر). 
شمال إفريقيا. ومن هذا الحصان الأول بقي نوعان متشابهان إلى اليوم» أحدهما 
على النيل السوداني» وهو نوع الدونجولا Dongola‏ والآخر في بلدان المغرب 
وهو النوع البربري. وهذا الحصان الإفريقي» بنوعيه الدونجولي والبربري» يتاز 
ببعض الخصائص؛ فلا تزيد فقرات عنقه؛ مثل الحمار» غير خمس» بخلاف سائر 
الخيول التي تكون عندها ستاً. ورأس هذا الحصان بالغة الکبر» ومحدية الجانب 
وكفله قصير وضامرء ومثبت الذيل واطئ. وانحصان يفتقر إجمالاً إلى الرشاقة» لكن 
صفات التحمل والصبر على الجوع والعطش وتأمين السير في الأراضي الجبلية قد 
جعلت مته رکوبة عظیمة الأهمية. زاحضان البربري كا هو الركوبة للخيالة المهرة 
البارعین الذین اضطلعواء من ماسینیسا Massinissa‏ وإلى الأمير عبد القادر» بدور 
حاسم على امتداد تاريخ الغرب الكبير! 

و يسلم مدجنو الحيوان zootechniciens‏ وغالبية علماء الآثار بأن احصان 
البربري يعود بأصوله إلى الشرق الأدنى . لكن منهم من زعم أن هذا الحصان هو ذو 
أصل محلي في شمال إفريقيا أو يعود إلى أصول أوروبية. وهما آطروحتان لا يكن 
القبول بهما معاً. فليس هنالك ما يدل على وجود أي حصان حقيقي Equus)‏ 
5 في منطقة شمال إفريقيا في بداية العهد الهولوسيني ؛ بينما لا نعدم فيها 
بقايا للحصان الحماري. 


«Holocène - *‏ وهوأحدث عهود الحقبة الرابعة. 


58 


99 


ومن الیسیر التعرف على الرسوم والنقائش التي آنجزها الخيليون» وذلك 
بفضل أسلوبهم الفرید. ومع ما تمتاز به هذه الاعمال من جودة فنية كبيرة» فإنها 
أقل مطابقة للواقع من الشاهد البقرية الکبیرة. فهیئات احیوانات» وحرکات 
الأشخاص المرسومة فیها شديدة الخشونة» وهنالك جزئية مهم وهي آن 
الوجوه فيها غير مبينة» بل يُستدل عليها في جميع هذه الرسوم بألواح» أو 
أعواد مفلوقة؛ فالأمر يتعلق بمحظور حقيقي . وأصبحت البقريات بنقص أعدادها 
الناجم عن اشتداد الجفاف تصور وهي واقفة على قوائم متصلبة: وأما الخيول 
فمعظمها مرسومة وهی فى حالة «عدو طائر»» وعلی هيأة مسکو كة لا تتبدل » لکن 
uses‏ کات ی يقودها dila‏ 

ولقد آولی المؤرخون اهتماماً إلى هذه العربات الصحراوية» ویکننا القول 
ail‏ اهتمام یعود إلى بدایات التاریخ؛ فهذا هیرودوت قد آشار إليها مرتین؛ $ فمرة 
في قوله إن الجرمنتيين «Garamantes‏ الذين استوطنوا ما يعرف حالياً بفزان 
وتاسيلي نعاجرء كانوا يطاردون الاثيوبيين وهم ركوب على عرباتهم ذات 
الأربعة جياد. وثانية في تأكيده أن الليبيين هم من علم الإغريق كيف يشدون 
إلى العربات أربعة جياد. وربا كانت هذه الدعوى الأخيرة لاتخلو من أهمية 
بالنظر إلى التشابهات الواضحة بين رسوم الآنية لدى الإغريق في المرحلة 
الهندسية (خاصة آنية ديبيلون ههالام8)» والرسوم «الخيلية»؛ بل إن الرسوم 
العامة غير المبينة لملامح الخيول وجهاز سائقي العربات لا تعدم تشابهات مثيرة. 

إلا أن العربات الصحراوية أكثر ما تكون بحصانين» ولكن في فزان» وهي 
بلاد الجرمنتيين على وجه التحدید. توجد نقائش Est‏ عليها ele‏ 
ذات الاربعة خیول. وقد تم الوقوف منذ وقت قريب يب على [رسوم ل] بعض 
رت من ab Ge‏ کل من GA‏ سل و 
تبدو أحدث fags‏ من العربات ذات الجوادين و«التحليق الطاثر ». وان في خفة 
العربات الصحراوية ذات الجوادين ما يفند الفكرة القائلة إن هذه العربات كانت 
تستّعمل في نقل البضائع ؛ بل إن من المتعذر أن يركبها شخصان اثنان؛ بسبب من 
ضیق القعد الصنوع من سيور الجلد الضفورة. وما يزعم أنها اطرق العربات» 
المرسومة بصورة عشوائية على اخرائط» من خلال ربط الواضع حيث توجد 
رسوم العربات ليست حتی سبلاً للسیر فیها على الأقدام. فالذي يبدو أن 
العربات قد رسمت في مواضع لا يكن أن تکون مرت بها؛ مثل الأراضي التي 


100 


تملؤها الأنقاضء والرتفعات التي لا تقدر الجمال والحمير على بلوغها إلا بعسر 


ومشقة. 


فمن هذا الذي ذكرنا يوحى إلينا أن العربة الصحراوية كانت آلة للتباهي أكثر مما 
كانت وسيلة للاستخدام النفعي. أوَلم يكن كذلك شأنها في الالياذة ؛ التي تصور 
لنا الأبطال وهم يركبون عرباتهم ليذهبوا إلى ميدان القتال» لكنهم يتقاتلون وهم 
راجلون؟ 

والطريقة الصحراوية في شد الخيول إلى العربة طريقة في غاية الفرادة» وهي 
تختلف عن الطريقتين المصرية والإغريقية. وقد كانت تلك الطريقة موضوعاً لدراسة 
تفصيلة منذ وقت قريب من لدن ج. سبرويت cJ. Spruytte‏ كما جاء لها بإعادة تکوین. 
والطريقة الصحراوية في شد الخيول إلى العربة في منتهى البساطة؛ فالدواب ليس 
عليها أكاليل ولا تشدها آلباب . وعريشة العربة مثبتة إلى الثير الشدود إلى الرأس أو 
مثبتة إلى قضيب عرضاني يمر من تحت رقبة احصان حسب ج. سبرویت» والوثاق 
ليس واضحاً كفاية في الرسوم» بحيث يبدو كأنه حبل على قدر من المرونة» والأعنة 
تتصل مباشرة من شدق الحصان إلى يدي سائق العربة» فهي لذلك تكون متهدلة 
إذ لا تمر بحلقات. ولعل هذا هو السبب في أننا نرى الخيليين (حسب ما يظهر من 
الرسوم) كثيراً ما يقطعون ذيول خيولهم حتى لا تشتبك أعرافها بالأعنة. وقد يكون 


23 عربة بأربعة خیول من رسوم وادي زفزة (فزان). 


*- Iliade 


101 


السبب نفسه هو ما كان یجعلهم یقصون آعراف الخيول فیجعلونها شديدة القصر . 
لکن ربا کانوا یقطعون تلك الأعراف کذلك لیسخروا شعرها في بعض الاغراض. 

كان هؤلاء الخيليون یتسلحون بالحراب والرماح» وکان الرجال یلبسون تنانير 
أو جلابیب قصيرة متصلبة تنتهي عند منتصف الفخذ وتتسع في طرفها. وتبدو هذه 
التنانیر مشابهة في كل شيء للتبتك 1۸ء76 التي كانت حتی وقت قريب یلبسها 
الفقراء والعبید في الهقار . والنساء يرتدين لباساً طويلاً يتسع أحياناًء ویبقی مستقيماً 
في أحيان آخری» ويستطيل حتی العرقوب . وتوحي بعض الرسوم کتلك التي في 
کهف تامجرت «Tamadjert‏ بأن الفتیات كن یلبسن تنانیر قصيرة بثنيات مثيرة! 

فالذي يبدو أن الخيليين» سائقي العربات» قد كونوا طائفة محاربة فرضت 
هيمنتها على الأقوام من آشباه الزنوجء أو بتعبير أدق من سود البشرة» التي سبقتهم 
إلى الظهورء وكانت على عهدهم لا يزال لها وجود. ثم صارت هذه الأقوام لا تظهر 
في الرسوم والنقائش الصخرية. لكنه أمر ليس فيه ما يدعو إلى الاستغراب؛ فالقاعدة 
العامة تقوم على أن العرق الحاكم هو وحده الذي يظهر في الفن الرسمي. ولا نزال 
إلى اليوم نرى النقائش في الصحراء تصور جمالين من البربر المستعربة قد تسلحوا 
بالحراب والبنادق» ولا يظهر عليها مزارعو الواحات السود» وهم الذين یثلون 
ثمانية آعشار سکان الصحراء. 


الفرسان اللیبیون البرین أسلاف الطوارق 

Et,‏ ن الف وا عدوا سر د هان کون ال اروا رون 
عند مؤرخي العصور القديمة بالجيتول والجرمنتيين. وقد صار هؤلاء الفرسان من 
أسلافهم ذوو البشرة السمراء لا يستطيعون بسبب الجفاف أن يستمروا على تربية 
قطعانهم العظيمة من البقرء وسيصيرون ينزلون بها صوب البلدان المنخفضة» وهي 
النيجرء والسنغال» وتشادء أو انحصروا بأنفسهم في نطاقات ضيقة من الواحات 
القليلة» وارتضوا أن يدخلوا تحت سيطرة الرحل البيض من أوائل البربر. 

لقد ترك هؤلاء الغالبون» وهم محاربون كانوا يتسلحون بالحراب والخناجر 
ذات المقابض» ثم بسيوف الطوارق الكبيرة» آثارهم على صخور الصحراء. وقد 
كانوا أصحاب فن شديد البساطة؛ فهم يكثرون فيه من تصوير دوابهم الركوبة 


102 


وعملیات صیدهم للنعام» والوعول» أو الأسود. وأكثر مایحبون أن یرسموا آنفسهم 
على جبهیّات ساذجة. قد آهملوا فيها دقاتق الأسلوب البقري وحتی الخيلي القديم 
والرأس یجعلون فوقها من ريش النعام» ویلبسون قمصاناً تضیق عند الخصور 
فیظهرون بها في شکل غريب ؛ فكأنهم الساعات الرملية. ویکون هوّلاء السادة على 
الصحراء والأسلاف الباشرون للطوارق» متسلحين دائماًء أو في معظم الاحیان. 

ولن نتردد أن ننسب إلى هؤلاء الرژساء الأنصات المقابرية» أو التعبّدية 
الهمة المصنوعة من الحجر لا يشده شيء في تاسيلي نعاجر» والبالغ طول 
بعضها 300 متر. وهي بين بلاطات عظيمة على هيأة هلال مفتوح إلى الشرق 
وقد يزيدون إليها بعض التفرعات» وأنصاب ذات نطاقات دائرية» أو بيضاوية 
تكون ممراتها الموصلة إلى الجثوة المركزية موجهة كذلك ناحية الشرق 
ونافيناك ‏ یر هه تام a ne‏ فك بمختلف المكونات التعبدية 
من رات وکوی ومذابح» وحجارة منتصبة... والأنصاب القابرية كثيرة 
ومتنوعة في وسط الصحراء وغربها؛ فقد كان بسطاء الناس یکتفون بالجثوات 
أو ببعض الأنصاب الصغيرة الدائرية. 


4. محارب وحصانه. نقيشة من إكادن آزّرني» [جبل ] آثیر (النیجر*). 


«Bazinas - *‏ نصب دائري خفیض. مفرغ الوسط cle‏ لیسمح بالولو ج إلى غرفة مقابرية تسدها بلاطات. 
* - ورد «مالی» والصواب ما آثبتنا. 


103 


امزارعون السود 


نصل 151 إلى خلاصة أن السود قد سکنوا الصحراء من غابر الأزمان» لکنهم 
صاروا یخضعون بالتدریج لسيطرة أوائل البربر؛ من خیلیین؛ وجرمنتیین؛ وجیتول 
وطوارق» كما خضعوا لسيطرة البربر» ثم البربر المستعربة» في شمال الصحراء. ولم 
یختف الصحراویون سود البشرة لا قبل التاریخ» ومن AS SU‏ أن أحفادهم الحراثين 


rw 


» ` 0 1 


5. أدبني (نصب مقابري من الحجر لا يشده شيء) بتفرعات على الحور؛ من منطقة عين إيكر (الهقار). 


RAT] ©‏ 
6. أدبني بأسوار على شکل ۷ من منطقة عين إيكر. 


104 


(الذين یسمون في التماشق «إزغارن»؛ ومعناها CALD‏ لم يكن لهم أن يحتفظوا 
بخصائص الإثيوبيين دون أن يلحقها تبدل» وهي خصائص عديدة وغير واضحة. 
ومن المؤكد كذلك أن الحراثين اندخلوا عبر القرون بمكونات كثيرة جاءتهم خاصة 
من الزنوج من ذوي الأصول السودانية. وإذا كان علينا أن نبحث بين الجموعات 
البشرية الحالية عن تلك التي حافظت على خصائص قدامى الإثيوبيين من غير تبديل 
فينبغي أن نبحث عنها بين التوبو والفولانيين. 


بيو > تا يم 
T‏ 


E كيم‎ ۳ S 
FAC 0 $ 
g £ کج بسا مس‎ aies DES 394 NET ۳ 
1 32 Brrr .و‎ TE SAS ARS 2027071 R 
~% pJ 
3 
١ ۲ 
3 اس‎ 7 
& کي‎ 
s? 
ا‎ 
ںید“‎ 


7 . نصب كبير في مسوّر فضنون (تاسيلي نعاجر). الحور الكبير يبلغ 78 مترا. 


تعيش هذه الأقوام على وجه التحديد في النطقة الواقعة مباشرة إلى الجنوب 
من مدار السرطان» وهو خط وهمي يقسم الصحراء إلى جناحین آحدهما يغلب 
فيه البيض والآخر يكاد قطانه يكونون جميعاً من السود. وقد ساد الاعتقاد لوقت 
طويل بأن هاتين المجموعتين يدخل فيهما مولّدون تكوّنوا من الاتصال الذي وقع بين 
المجموعين الکبیرین؛ المتوسطيين والسودانيين» ومنهم اكتسبوا خصائصهم المائزة. 
وعلى هذا الوجه يقال إن التوبو تجري لديهم دماء بربرية في أجسام سودانية. والحقيقة 
أن الدراسات الحديثة صارت تهتم كثيراً لفرضية قد باتت متجاوزة وهي التي کانت 
تقوم على التسلیم بأن هذه الجموعات على اختلافها تکون «مخزوناً بدائياً لم تطرأ 
عليه اختلافات لا باتجاه المكون الأسود. ولا باتجاه المكون الأبيض وأن التزاوجات 
بين هذين المكونين لم تقع إلا في وقت لاحق. فأدخلت التغير في مواضع شتى على 
ا لجنس المحلي» لتصيره قريباً أحياناً إلى السود وأحياناً أخرى إلى البيض»'. 


1- Vallois (1951). 


105 


28. زوج من الحراثين» الزارعین السود في الواحات. 


وعلیه فنحن نعتقد أن احرائین LE‏ هم من أصول افريقية خالصة وآنهم أحفاد 
الإثيوبيين» الذین تهجنوا بنسبة معينة خلال الالاف الاخيرة من السنین؛ بفعل 
الاختلاط الذين وقع لهم بعناصر من البیض التوسطیین (اللیبیین البربر» ثم البربر 
المستعربة) في شمال الصحراء ووسطهاء وبأشباه الزنوج السودانیین في قسمیها 
الجنوبي والغربي. 

ولیس في نيتنا أن ننکر النصيب الذي كان للدم السوداني في الصحراء 
على امتداد قرون أو نبخسه. لكن ينبغي مع ذلك أن نیز مناطق قد كانت لها 
حظوة معينة في نطاق هذا المجموع الممتد على مساحة قارة. ومهما يكن الرق 
بلغ عظماً وشناعة في كل من موريتانياء وتوات» وفزان» فلا ينبغي أن ننسى أن 
الغالبية الساحقة من الرقيق السودإنا كانت تمر بتلك الواحات للوصول إلى المدن 
والموانئ في المغرب الكبير. 

فيكون الجغرافيون وعلماء الأعراق بتعميمهم للفظ «الحراثين» على جميع ذوي 
البشرة السوداء في الناطق الصحراوية LE‏ كانوا يؤثرون جانب السهولة اللغوية في 


106 


تلك التسمية وکانوا إنما یقعون في ما وقعت فيه الادارات [الاستعماریة] من زیغ 
وضلال. 

وأياً ما يكن الأصل في كلمة «الحراثين» فلا أعتقد آننا ينبغي لنا بالضرورة أن 
نحعل للفظ ذي مدلول اجتماعي واقتصادي محتوى عرقياًء فا حرثاني هو البستاني 
الذي وقع في ما يشبه الاستعباد من لدن الغزاة البربر» ثم من لدن البربر المستعربة. 
وقد اتفق أن كان هؤلاء الغزاة (الذين يقول الكثيرون إنهم غلبوا في نهاية العصر 
الحجري الحديث ) من الجنس الأبيضء وأن المستعبّدين كانوا ملونين يختلفون عن 
الزنوج الحقيقيين ساكني المناطق السودانية. 

إن ol EI‏ وهی ي آقوام مقيمة» قد قضت الظروف الناخية والسياسية عليها 
بالانحصار الضیق في الواحات» بینما لم يعرف أسلافهم الائیوبیون الذین لاشك 
آنهم کانوا مختلفین في ما بينهم» حياة على ذلك القدر من الاستقرار الصعب 
الشدید. وخضع الرائین فضلاً عن ذلك لعملیات تهجین عديدة» فصاروا بها 
یتمایزون عن الجموعات الأخرى من ذات البشرة السوداء من غير الشبيهة 
بالزنو ج في شمال القارة الافريقية. 

ولا ينبغي لنا أن نستغرب كثيراً لهذه الاختلافات البينة بين الحراثين 
والفولانیین؛ والتوبوء وهي مبجموغات نراها ترجع ثلاثها إلى الإثيوبيين من العصر 
الحجري الحديث» وعهود قبیل التاریخ والعصر القديم؛ فالوثائق الأدبية والفنية 
والعظامية النادرة التي في حوزتنا تبين أن أولئك الإثيوبيين القدامى كانوا هم 
نفسهم شديدي اختلاف لاما بینهم. وعلاوة علی ذلك فالتباین في DU‏ العیش 
(وبالتالي في الانظمة الغذائیة) بين الحراثين المقيمين في واحات شمال الصحراء 
ووسطهاء والتوبو البدو في تيبستي والفولانیین الرعاة في منطقة الساحل» لا يكن 
إلا أن تکون له نتائج جسمانية متباينة على هذه الجموعات الثلاث المنحدرة من 
آقدم سکان الصحراء. 


107 


8 4 24 à 
iR یه‎ 
€ Fa À 


É‏ در فا 
4 + 0 


9. قواسون زنوجیون من عصر البقریین. الثيران تحمل فوق قرونها هیاکل آکواخ؛ وهي 
ممارسة ظلت جارية عند الفولانیین . مخباً جبارین (تاسیلی نعاجر). 


108 


الفصل الثاني 


اقوام على هامش التاریخ 


أوائل البریر 
في عهود قبیل التاریخ 


تسمح العطیات الإناسية واللغوية 
بالتعرف على مبلغ قدم الاقوام البربرية. 
فهل من المکن أن نزید تعمقاً في معرفتنا 
بهذه الاقوام قبل أن Lt‏ نصوص ال حقبة 
التاريخية ببعض الایضاحات؟ إن علم آثار 
الحقبة قبیل التاريخية لایتوفر في شمال 
إفريقيا إلا على مصدر واحد؛ هو التمثل في 
تفت ی ق تن 
آن تلك القابر والدافن فى هذه النطقة کثیرة 
وعديدة؛ فاگثوات والدلنات والنواویس 
توجد فيها بالالاف. 


الأنصاب انقابرية 

تتوزع الجئوات بانتظام في سائر مناطق شمال إفريقياء وهي في ما يبدو ذات 
صول محلية. وبعضها ذو تنسیق خاص» يضفي علیها أحياناً طابعاً معمارياً؛ فکذلك 
هو الشأن في «البازينات» ذات الأدراج» أو البازینات الأسطوانية الخروطية. وأما 
لدلمنات والنواويس فلا تجدها فى غير مناطق محدودة فى شرق الجزائر» وفى تونس 
وهي ذات أصول خارجية متوسطية. ولا تقع علی آثر لهذه الدلنات في الصحراء 
ولا في الجزء الأكبر من المغرب الكبير. والدلمنات التي نلاقيها على الساحل بسيطة 
نیس فیها غير مر رمژي من درن غطاء وأا فی GLUL‏ الداخلية فتجدها ماتحمة 
بلبازينات المحلية ذات الادراج؛ مكونة الدلنات ذات القاعدة والدلنات ذات 
نعطای وحتى «الشوشیتات» " البرجية الوجودة في الأوراس. والأنصاب الصخرية 


«Chouchet - =‏ وهي تسمية محلية لهذا النوع من الأنتصاب . 


111 


الکبيرة التي تعود إلى آزمنة قريبة إلينا یتصف بعضها بکثیر من التعقید؛ فاحجرات 
فیها كثيرة» وتتصل بأورقة ومقتصورات مخصصة للتعبد» كما نلاقیها في مکثر وفي 
اليزي Ellez‏ في وسط تونس 

وأما التواویس فهي ذات ri nids fe‏ السفوح الصخرية أو في 
الأجراف» وتعرف في العريية باسم ۱8 حوائیت» (جمع : ااحانوت»). وهي شبيهة 
من کل الوجوه بالدافن التي في صقلية الجاورة» ونلاقیها على الساحل من شرق 
بلاد البربر. 


الأثاث القابري وأسالیب في العیش 

سیتجه اهتمامنا إلى الأثاث الذي كان یوضع في مقابر الحقبة قبیل التاريخية أكثر 
مما سنهتم لأصناف هذه المدافن شديدة التنوع . فذلك الأثاث يشهد على شدة قدم 
ما يمكن أن نسميه بالحضارة القروية البربرية» التى كان لها وجود منذ ذلك العهد. 
ومعظم الأثاث الوضوع في المقابر يتألف من فخاريات مشكلة بالأيدي» علاوة على 
الحلي غير المألوفة» والمشتملة على الأساورء والخواتم» والأقراط المصنوعة من النحاس 
أو من البرونزء وبعض الأسلحة القليلة من الحديد أو البرونزء والقتصر وجودها 
على المدافن التي في وهران وفي شرق المغرب . 


0 . حوانيت (نواويس) محفورة في حجر صواني في سجنان (تونس). 


112 


وعلی الرغم من أن هذه الفخاریات قد جری تشکیلها وحرقها تخصیصاً Jaai‏ 
في بعض الدافن» فانها تشتمل على ماذج شديدة التنوع ومختلفة التو ظیفات. 
وسنتجاوز مؤقتاً عن الأشياء النذرية التمثلة في القطع الخزفية الصغيرة» والتي نجد لها 
اليوم أشباهاً ونظائر توضع في الأضرحة القروية» والآنية الطقوسية» من قبيل الآنية 
البيضية التي في قسطل Gastel‏ والآنية الكأسية التي نجدها في تيديس 110015 غير 
نها تتميز بزخرفة صباغية مطابقة للزخرفة التي تحملها الفخاريات الريفية في الوقت 
الراهن (انظر الفصلين الرابع والخامس). وسنتوقف قليلاً لتقليب النظر في أشكال 
هذه الفخاريات الشبيهة بالآنية المنزلية [في بلدان المغرب]. وأكثر هذه الفخاريات 
تكونها أقداح» بينها نوع ذو شكل انسيابي يسمى «جفنة» ونوع آخر أغور يسمى 
«کأسا». إنها آنية بدائية لا تزال تشكل الوحدة الأساس للفخاريات المنزلية في بلدان 
المغرب. . وهنالك صحون واسعة جداً قد جعلت لها حواف مرتفعة» وتظهر على 
قيعانها نتوءات حلقية كمثل ما نرى في «الطواجين» التي تصنع في الوقت الحاضر 
وتنك هي الصحون [الطينية] التي ما زالت تستخدم إلى اليوم في إعداد الفطائر. 

وهنالك عدد كبير من الصحون. والكؤوس» وأغطية الآنيةء وبعض الأقداح 
والقصعات تتميز بأن على حوافها قد توزعت بعض الثقوب مثنى مثنى. فقد 
حملت تلك الثقوب لتعلق منها تلك الانية ولها عند علماء SI‏ وعلماء الاعراق 
قيمة استدلالية. وحسبك أن تدخل أي منزل في القری التونسية أو الجزائرية أو 
في جنوب الغرب» فسترى على جدرانه قد علقت معظم الآنة المنزلية؛ التي بقيت 
تقنياتها وأشكالها وزخارفها كمثل ما كان في أزمنة قبيل التاريخ؛ لم تكد تبدل عنها. 
وهذه الجزئية» التي لا تتعدی مسألة التعلیق؛ تجیز لنا أن نتسب القبور التي وجدت 
فيها هذه الفخاریات إلى أقوام من المقيمين غير الرحل. 

ويزيد فى تعزيز هذه الملاحظة أن الأنصاب المقابرية من الحقبة قبيل التاريخية 
لاتشتمل جميعاً على فخاريات» وأن التي تحتوي منها على تلك الفخاريات لاتراها 
موزعة بصورة اعتباطية. فالمقابر الكبيرة الستون من الحقبة قبيل التاريخية التى تحتوي 
تاها غل قارات إذا نما de te‏ فكل سلسلة من DN‏ 
يندرج أولها في مثلث واسع ؛ رؤوسه خليج الحمامات في تونس» وجنوب غنشة 
على الحدود الجزائرية التونسية» ومدينة الجزائر. فإذا زدنا اتجاهاً إلى الغرب وجدنا 
مجموعة أقل اتساعاً تمتد من مرتفعات الشلف إلى منطقة وهران. ثم إذا تجاوزنا عن 
فراغ يوافق شرق المغرب وجدنا أنصاباً تحنوي على فخاريات في منطقة تحدها 


113 


تازة» وطنجة ومصب وادي سبو. فتکون هذه القابر تقع جميعاًء في ما عدا أرب 
كبيرة» في نطاق حد e plao‏ للجغرافیین وعلماء الزراعة؛ ذلك هو النطاق الذي 
تکونه الزراعة البورية للحبوب . وإنه لتوافق عظیم؛ با یجعل من الستبعد أن یکون 
نتيجة للصدفة. فهذا یفرض علینا أن نخلص إلى استنتاج واضح وصریح یتأبی عن 
أي تفنید؛ وهو أن الانية التي تم العثور علیها داخل الانصاب القابرية للحقبة قبيل 
التاريخية تحمل خصائص الآنية النزلية للساكنة الستقرة حالیا في هذه الناطق» وأن 
القبور التي تحتوي على هذه الآنية توجد داخل منطقة الزراعة البورية للحبوب 
ولذلك فالسکان الذین قاموا بصنع هذه الآنية» وکانوا یضعونها في قبورهم. إنما 
کانوا من السکان القیمین؛ أو من آسماهم هيكاتي دي ميلي Hicatée de Milet‏ 
أكلة القمح. 
الخصائص الاقليمية لبلاد البرير قبیل التاریخ 

یظهر علم الاثار كما تظهر التصوص. أن منطقة شمال إفريقيا لم تشهد وحدة 
سياسية أو ثقافية طوال عصور ما قبل التاریخ وقبیل التاریخ فوق ماعرفت منها خلال 
الأزمنة التاريخية. 

ومع ذلك توجد وحدة جغرافية في بلدان الاطلس. وتو جد كذلك وحدة عرقية 
كما تتجلی في اللهجات البريرية. 


2/۵ 


لحتو راز 
/ 
A‏ 


1/2 f ANV 
pE” as 


300 0 
HE E 


31. تقع القابر الكبيرة من الحقبة قبیل التاريخية المشتملة على فخاریات 
فى منطقة الزراعة البورية للحبوب . 


114 


لکن تلك الوحدة العرقية لم یتسن لها أبداً أن تحقق وحدة ترابية أو سياسية إلا 
من بعض العقود في آواخر القرن الثاني» عشر تحت سلطان الوحدین. فماذا كان 
السبب الحقيقى وراء هذا العجز التاصل؟ 

تبدو امخرافیاهی وحدها السوولة عما ینسب عادة إلى بن البشر. فلیس لبلاد 
البربر مركز جاذب یقدر على أن یجمع من حوله الاقالیم الواقعة على الاطراف. 
فلا تزيد النطقة الزراعية بين البلدان الطلة على شرق التوسط والبلدان الحاذية 
للمحیط عن شریط ساحلي ضیق تتخلله الجبال» وما عداه مجموعة من الهضاب 
العلياء التي تعمرها السهوب. وتشکل سبلاً مواتية للمرور... فکان الغزاة لا يفتأون 
علیها یترددون. وقد كانت السافات الکبيرة التي تفصل بين الإقليمين التميزین 
تقضي بالفشل على کل محاولة من آحدهما لاحتلال مجموع البلاد» بفعل بعد 
السافات وإعاقتها لسبل الاتصال» وبسبب من العقبات التمثلة فى اخصوصیات 
الإقليمية» ولن يُكتب النجاح لتلك الحاولات إلا أن یکون مأناها من الخارج. ثم إنه 
متی آفلحت قوة من القوی الأجنبية في بسط سیطرتها على شمال إفريقيا كله لزمها 
أن تحسب حساباً للخصوصیات الاقليمية فيه» بل أن تحسب حساباً للطباع التعارضة 
بين مختلف أقسام الغرب الکبیر. 

وإذا كانت الحدود لم تعرف من ثبات عبر القرون» وکانت الاسماء تتغیر بوتيرة 
التقلبات التاريخية فلقد كانت هنالك منذ القدم جهة شرقية من بلاد البربر تمتد في 


2. دلن على قاعدة متدرجة في بونواره (احزاثر). 


115 


حدها الأقصی حتی الحضنة Hodna‏ والبابور «Babors‏ وجهة وسطی یحدها من 
الغرب ملوية والاطلس التوسط. وجهة غربية تنتظم فیها السهول الاطلنتية والجبال 
الأطلسية العظيمة في تناسق» وجهة شبه صحراوية تتصل هضابها السهبية بالقارة 


شرق بلاد البریر 

كان شرق بلاد البربر منذ العصر الحجري الحديث على علاقة ببلدان شرق 
التوسط » وخاصة بالجارة الباشرة؛ صقلية. 

وقد عبر من الجزر الإيطالية وجنوب شبه الجزيرة الإيبيرية إلى إفريقيا نوعان 
من المدافن المميزة؛ ذانکما هما الحوانيت والدلمنات» وبعض الأشكال الخزفية 
والفخاريات المزوقة التي مازالت تصنع إلى اليو م بأيدي العديد من السكان القرويين. 

وتتميز الجهة الشرقية من بلاد البربر بالقبور المحفورة على هيأة نواويس 
خاصة في الوطن القبلي «Cap Bon‏ وبلدان شمال مجردة» وفي القسم من 
الجزائر الواقع بين الحدود وسيبوس .Seybouse‏ وقد ظهرت هذه القبور في 
صقلية وسردينيا «Sardaigne‏ بداية من العصر الحجري النحاسي*» وكانت لا تزال 
تفر كذلك فى العصر الحديدي. 

والحوانيت التي في الجزائر وتونس» بأحجامها الضيقةء وأشكالها المكعبة وغياب 
المداخل المستطيلة فيها (أو ما يقوم مقامها من مرات قصيرة): تذكرنا خاصة بقبور 
السيكول* من العصر البرونزي المتأخر Bronze terminal‏ ([المقبرة الكبيرة] بنتاليكا 
«Pantalica‏ و [المقبرة الكبيرة] كاسيبيلي .(Cassibile‏ ولذلك فهذه الحوانيت تفصح 
عن العلاقات التي كانت لبلاد البربر بصقلية إلى وقت قريب من ظهور الفينيقيين. 
ولقد تواصل حفر مثل هذه القبور في العهد البونيقي» وان تكن تدخل في تقليد 
مقابري سابق» يختلف عن التقليد الذي درج عليه سكان الدن الفينيقية في إفريقيا. 
وربا كانت هذه الحوانيت تمثل قبور من كان المؤلفون القدامى يسمونهم ب الليبيين 
الفينيقيين) . 

«Chalcolithique -‏ وهي الحقبة التي بدأ فيها استخدام الأدوات المعدنية إلى جانب الأدو ات الحجرية. وتقع 
ا A‏ 


Sicules - *‏ وهو شعب قديم من صقلية» وباسمه غرفت هذه الجزيرة. ويحتمل أن يكون من أصول هندية 
أوروبية. 


116 


À ۳ 
NY 


k7 
2 


3. تصمیم ومقطع لنصب مركب من الحجر الکبیر من مکثر (تونس). 
وان في الامکان استبیان عملیات مبادلة آخری سابقة على هذا العهد كانت لبلاد 
البربر مع صقلية وسردینیا؛ وجنوب إيطاليا. فمن الحتمل أن تکون دخلت بعض 
آنواع الخزف من العصر البرونزي إلى الأوراس» لا نزال نتعرف على آشکالها 
المميزة إلى اليوم في الآنية ره اي قد RAR‏ ریت QE‏ اليك مع ایور 
السيكول التي تعود إلى أواخر العصر البرونزي وبداية العصر الحديدي» تعتبر 
الدلنات التي في الجزائر وتونس نسخاً من نماذج أصلية تتمثل في المدافن الصخرية 
الكبيرة المتوسطية من العصر الحجري النحاسي» بل ومن العصر البرونزي أيضاً. 
ولقد تغلغلت الدلمنات» شأنها شأن A‏ انت في المناطق الداخلية» لكن إغا 
أمكن لها بطول الساحل أن تصل إلى المواقع أبعدها عن المنطقة التي كان منها دخولها 
والتي يبدو من المرجح أنها تقع على سواحل شرق الجزائر وشمال تونس. ولذلك 
فيمكننا أن نتعرف في «بلاد الدلنات» على مناطق عديدة تتمايز عن بعضها بأشكال 
الأنصابء كما تتمايز في التنظيم الذي يجعل للمقابر. 
وقد كانت أول منطقة وصلت إليها الدلنات هى منطقة النفيضة فى شرق تونس 
والدلنات التي في هذه النطقة صغيرة ا وتکون یتقدمها جمیعا مت وأكثر ما 
تکون متجاورة. وأما الدلنات التي على الساحل الشمالي فهي تخطي بصورة متقطعة 
شريطاً يمتد من طبرقة إلى جیجل, ثم ینقطم فجاة في غرب هذه الدينة. والدلنات 
التی فى هذه الناحية آکبر حجماًء ومجمعة فى مقابر صغيرة. وینبغی أن ندخل النطقة 
الثالثة» وهي ملاصقة للمنطقة السابقة» لنقع على القابر الشاسعة التي تحتوي على 


117 


ee کی‎ 


RL مس‎ > 3 


MTL [TU‏ دان 


0 NT PPS ASS 


PALLES. 


4. إناءان جرسیان من نوع «كازويلا». الذي إلى اليمين من ألابرايا (البرتغال)» والذي 
إلى اليسار من سيدي سليمان الغرب (المغرب). 

آلاف الدلمنات (فى الركنية وبونوارة). وتّمتد هذه المنطقة كذلك إلى وسط تونس 
وتتميز بالأنصاب اليك ا الك 5ت ال ات الد والأروقة. 

فإذا وجب أن نصف هذا القسم من شمال إفريقيا خلال الحقبة قبيل التاريخية 
بإيجازء فیمکننا القول انه كان البوابة لبلاد البربر المفتوحة على الحضارات المشرقية 
على الرغم من تضاريسه الوعرة وغاباته» خاصة في شرق الجزائر. وإذا كانت قرطاج 
قد وسمت بميسمها المكين الجزءَ الأبعد إلى الشرق من هذا المجموع » فلأنها وجدته 
مجالاً مهدا من قبل. فالاتصالات التى كانت لهذه المنطقة خلال عصور ما قبل 
التاريخ مع صقلية. ومالطاء وإيطالياء وسردينيا قد يسرت إليها دخول العناصر الأولى 
من حضارة متوسطية. وأنت ترى الفخاريات القروية البسيطة» التي ما زالت تصنع 
وتزوق إلى اليوم في قسم كبير من شمال إفريقياء تقوم ذكرى نابضة بهذه العلاقات 
ما قبل البونيقية. 


and» O 02 Oi 


5. أنواع مختلفة من الأطبار محفورة على الأطلس الكبير (المغرب). 


118 


غرب بلاد البریر 

وأما صورة القسم الغربي من بلاد البربر فهي أقل وضوحاً بکثیر؛ فهي منطقة 
تمتاز بقربها إلى شبه الجزيرة الايبيرية ومناخها الشبیه بناخها. وقد تعرضت منطقة 
طنجة منذ بدایات العصر الحجري الحديث لتأثیر الحضارة الكارديالية من جنوب 
إسبانيا. وکذلك آدخلت في بداية العصر الحجري النحاسي آنية جرسية الشکل ذات 
أصل برتغالي إلى منطقة أكثر اتساعاًء تمتد حتی الغرب الاطلنتي. وشهد العصر 
البرونزي في مرحلة آوجه اتساع نطاق التغلغل الايبيري إلى هذه النطقة؛ فقد 
اکتشفت الاسلحة من نوع الارگار cEl-Argar‏ من قبیل الأطبار والخناجر ذات 
الدسارات» مرسومة بالعشرات على الصخور القصية في جبال الأطلس الكبير. 

Lis‏ الانصاب القابرية فان ما يميز هذه النطقة منها هي الجثوات الکبیرة» ومن 
جملتها الجثوة التي في مزورة» وتتمیز باحزام الذي يحيط بها من صخور أحادية 
وهي تبدو الأقدم بين تلك الجثوات. وأما الجثوة التي في سيدي سليمان فهي تعود 
إلى القرن الرابع » وتشتمل على قبر حقيقي مستطيل الشكل ذي ممر وفناء وحجرة 
مغطاة بجذوع أشجار العرعر. وهنالك نوع آخر من القبور ذات الأصل الايبيري 
يكثر وجودها في وهران» وهي عبارة عن خنادق مدفنية على هيأة أهراء. ولا تقع 


36. . جثوة ذات مصلی في ۳ (تافیلالت؛ yem‏ 


«Cardiale- *‏ نسبة إلى حقبة من العصر الحجري الحديث تميزت خاصة في فرنسا وجنوب إيطاليا وإسبانيا 
بالخزفيات التي یدخل في زخرفتها الحار -Cardium‏ 
* -الطبر: سلاح قدیم يشبه الفأس. 


119 


علی بعض الدلنات الصغيرة والنواویس التي تعود إلى العصر البرونزي» في غير 

والوجود الفينيقي على سواحل الغرب یعود إلى قدي الأزمان؛ فذلك آمر 
کشفت عنه أغمال التنقیب التي وقعت في مدينة موکادور [الصویرة]؛ كما توحي 
به الروایات ذات السحة الأسطورية التي تفیدنا أن بناء لیکسوس Lixus‏ [العرائش] 
الشرقیون في تعزیز البادلات مع اسبانیا. 


الجهة شبه الصحراوية من بلاد البریر 

تمتد فى جنوب منطقة التل فى كل من الجزائر وتونس مساحات شاسعة ذات 
تضاریس بارزة» وتتوزع إلى أحواض مغلقة؛ وتجد لهذه السهوب امتدادات في 
جنوب الغرب وصولاً إلى مصب وادي درعة. والترحال والرعي هما غط العیش 
الاکثر ملاءمة للظروف الجغرافية الحيوية لهذه الناطق» ولکن الجهود الکبيرة 
التي یبذلها الفلاحون» كما نراها في ٍعدادهم للمدرّجات على سفوح الأطلس 
الصحراوي ووجود عیون الاء قد ساعدت على إقامة زراعة محدودة في ابال . 

ونلمس في الأنصاب التي تعود إلى الحقبة قبل التاريخية في مناطق السهوب 
هذه تطوراًء وفي بعضها تطوراً مهم قد تحقق في العناصر العمارية الخصصة 


7 قبور جرمنتية (فزان). 


120 


0 4 2 5 4 5m 


38. آنواع مختلفة من «البازينات» في مرتفعات الشلف وفي آولاد نايل (وسط الجزائر). 


للتعبد القابري أو الکرسة بوجه خاص» فى ما يبدوء لمارسة الحضانة* (الجثوات 
ذات الصلیات)» وقد سبق لهیرودوت أن ذکر وجودها عند الرحل في الصحراء 
ولا تزال تری لها وجوداً حتی الیوم لدی الطوارق . 


9. مدخل لمر مغطى في منطقة القبائل؛ إباريسن (الجزائر). 


Incubation -*‏ وهي مارسة كانت تقضي بالنوم في مکان العبادة» أو قريب منه» للحصول عن طریق الحلم 
على وصفات علاجية. 


121 


وفي مقابل الغیاب التام للدلمنات» والنواویس» والحوانيت» والقبور الشبيهة 
بالأهراء» في هذه النطقة تطالعنا الكثرة النسبية للاذرع» والتفرعات والذایح 
والمشاكي» والصلیات القرونة إلى آنصاب یغلب علیها شکل الستطیل» أو الجتمعة 
وإياها. وهذه هي المیزات الرئيسية لناطق السهوب ‏ وهي تبین عن ضعف التأثیرات 
ال متوسطية» الذي یعوض عنه حضور إفريقي. ولم تفتأ ظاهرة التمخل في الصحراء 
تحد من الدور الذي كانت تلعبه بلدان شرق إفريقياء ووادي النیل وليبياء وفزان. 
ولکن قبل أن يصير الجمل وسيلة التنقل الوحيدة في الناطق الصحراوية» كانت 
النباتات المزروعة والحيوانات الأليفة قد دخلت من الجنوب الشرقي لبلاد البربر إلى 
السهوب التي باتت اليوم كأنها الأرض الموات. 


وسط بلاد البربر 


تمتد بين خط الزوال في جیجل» أو بسكرة» ووادي ملوية منطقة سنسميها وسط 
بلاد البربر. وهي» بعكس الناطق الثلاث الأخرى» ليست لها صبغة خاصة تميزها 
فكأنما هي مكان تلاقت فيه عناصر ثقافية وافدة عليها من خارج. 

وإن في وجود مركز ثان للقبور الصخرية الكبيرة في منطقة القبائل ما يحمل 
على اعتبار هذه المنطفة ملحقة حقيقية بشرق بلاد el‏ فیما تحقق لوهران تفرد 
قوي بفضل العلاقات التي كانت لها من غابر الأزمان باسبانیا. لکن تأثیرات 
مناطق السهوب الجنوبية لم تلبث أن امتدت إلى هذه النطقة من خلال شط احضنة 
ومرتفعات الشلف ووادي ملوية» واتسعت نطاقاً في السهول. 

ولقد استفادت منطقة وهران کمثل ما استفاد الغرب» من قربهما إلى إسبانيا. 
وتبین الفخاریات التي تعود إلى العصر احجري الحديث» والرسومة على الکهوف 
في وهرانء والفخاریات التي وجدت في جنوب إسبانيا عن تطابق كبير» با یجعل 
من الصعب عدم التسليم أن النطقتین قد اتصلتا في ما بينهما بمبادلات مهمة 
ومتواترة. والشواهد على دخول الآنية ذات الشكل الجرسي» والأسلحة النحاسية 
والبرونزية المكتشفة في منطقة وهران تدلنا على أن تلك البادلات بين المنطقتين ظلت 
مزدهرة إلى عهود قريبة. فنحن dé‏ في منطقة وهران القبور على هيأة أهراء» وهي 
التي لایبعد أن تكون ذات أصل إيبيري. ومن الملامح الأصيلة في هذه النطقة التي 


122 


كانت الهد للقوة الماسيسيلية «Masaesyle‏ شیوع عملیات حرق الوتی» وهو شيء 
يكاد يكون مجهولاً في المناطق الأخرى من المغرب الكبير» وكذلك الشأن في عملية 
وضع الأسلحة داخل القبور. 

وهكذاء فكما فى الناطق الأخرى من وسط بلاد البربر تضافرت على هذه 
الناحية التأثيرات الآتية من الجنوب مع التأثيرات الآتية من البلدان المتوسطية 
الجاورة لكن التضاريس القليلة انقسام وانفصال في منطقة وهران» وفي شرق 
الغرب بوجه خاصء قد أتاحت نوعاً من الاندماج بين تلك التأثیرات وهي التي 
وقعت بصورة منفصلة على مناطق أخرى. 


123 


البريرفي العصورالقد یمه 


لقد استوطنت ساكنة من البیض من النوع التوسطي لالاف السنین من عصور 
ما قبل التاريخ» ولقرون مظلمة من الحقبة JS‏ التاريخية: بلاد البربر وکانت تشترك 
في لغة واحدة قد تفرعت دون شك منذ بدایاتها إلى لهجات شتى» وهي التي نسمیها 
البربرية. 


اسم ملغز: «بريرء أم «باريار»؟ 

إن أصل هذه الكلمة هو نفسه مثار للخلاف؛ فهي قد انتقلت إلينا عن طريق 
العرب؛ إذ ميزوا لدى وصولهم إلى إفريقية (تونس) بين عنصرين في السكان 
فقد ميّزوا من جهة بين الروم أحفاد الإفريقيين المترومين والموظفين البیزنطیین 
وهم مسيحيو الديانة ولاتينيو الثقافة» والبربر من جهة أخرى؛ وهم مؤتلفون في 
مالك صغيرة» أو مجمعون في اتحادات أو قبائل» وقد بقوا خارج الحضارة اللاتينية 
ومعظمهم وثنيون» وبينهم التهودون وكانت لا تزال توجد بينهم مجموعات صغيرة 
منعزلة من الحضريين والمسيحيين. 

ولقد درج الدارسون على القول إن اسم «بربر» Berbère‏ تحريف للصفة 
اللاتينية «برباروس» barbarus‏ (ومعناها الأجنبي عن الثقافة الكلاسية). 

ولست بقتنع كل الاقتناع بهذا التفسير. فقد ظل الإفريقيون غير التروّمین 
طوال القرون التي عاشوها في ظل الامبراطورية الرومانية يتسمّون كل باسمه فقد 
كان لكل «قوم» (ولنقل «قبیلة» على سبيل التيسير) اسم قد بينه ا جغرافيون وللإدارة 
الإمبراطورية به علم ومعرفة. فإذا عن لهم أن يجمعوهم تحت اسم جماعي استعملوا 
التسميات القديمة» من قبيل «النومیدیین» (التي سقطت من الاستعمال) و«الجيتول) 
وخاصة «الموريين» التي لا يفتأ نطاق القبول بها في اتساع . 


125 


ولقد سبق لنا أن لاحظنا أن اسم «البربر» كان یظهر بين الفينة والاخری في 
تسمیات الواقع الجغرافية وأسماء الاعلام في الجالین الحامي والسامي. وهذه 
اللاحظة. مقرونة إلى الملاحظة السابقة تبعثني على التشكيك في صحة التفسیر 
التقليدي. ومع ذلك فقد بقي البربر إلى وقت قريب جداء وبتأثير من التعليم 
يضربون عن تسمية أنفسهم بهذه التسمية. 


«الليبيون» : اسم بقدم التاريخ 

يجمع هيرودوت سائر سكان إفريقياء بشرط أن يكونوا من البيض» ومن 
غير الفينيقيين أو الاغریق» تحت اسم «الليبيين». لكنه يقسم هؤلاء الليبيين إلى 
مجمو LORS‏ رح ومقيمين. والشيء نفسه يقول به سالوستیوس لدی حديثه 
عن الجيتول والليبيين» لکنه یجعل لهذه الكلمة العرقية معنی أضيق ما یجعل لها 
هیرودوت؛ ذلك بأنه یقصر معناها على سکان السواحل. وکما Cu‏ س. گسیل, فلفظ 
«ليبي» له معان عديدة حسب المؤلفين وحسب العصور. 

ولقد درج الدارسون منذ وقت طویل على الاعتقاد OÙ‏ لهذا الاسم أصلاً 
|فریقیا؛ وأن آول من استعمله الصریون منذ الالف الثانية» و کانوا یسمون به الاقوام 
الستوطنة غرب النيل. 

و کان الریبو ۰۲0 أو اللیبو یقطنون فى ناحية الشمال» ویشتملون على عدد من 
القبائل (بینها الا یو كيهيك «Imukehek‏ والكيهيك ۸ وال کبت .(Ekbet‏ و ظل 
الریبو یستوطنون شمال لیبیا حتی العصور الكلاسية E‏ وقد وسع الاغریق - إغريق 
برقة دون شك - من اسمهم في آخر الامر لیشملوا به سائر سکان شمال افریقیا. 
ولربا یکون اسم لبسیس (Leptis) Lepcis‏ ۰ الذي یکتب في البونيقية LBKY‏ 
يشترك في جذر واحد واسم 6 [السکان]. وبالفعل فالاسمان LBKY‏ 
و LBT‏ بطالعاننا في الکتابات النقوشية البونيقية والبونيقية الجديدة. 

ثم لم يض وقت طویل حتی صار هذا العنی العام يحل محله عند الاغریق 
والقرطاجیین معنی آخر أضيق؛ إذ صار مقصوراً على سکان الشمال الشرقي من 
*- هي الحقبة من التاریخ الإغريقي المتدة بين الحقبة القديمة والحقبة الهلينستية € ما بین القرنین الخامس وال رابع 


قبل الميلاد. 
*- لبدة حاليا. 


126 


الغرب الکبیر دون غيرهم» با يعني أنه صار مقصوراً خاصة على الافریقیین في 
الناطق الخاضعة لقرطاج. ثم صار هؤلاء السکان في ما بعد یعرفون عند اللاتين 
باسم «الأفري» 4/٣‏ وبلدهم باسم «مقاطعة إفريقيا» Africa‏ ونحن نجهل بالاصل 
الصحیح لهذا الاسم وهو الذي لا یبعد أن یکون اسماً محلياً. 

بل إن كلمة «اللیبی» قد اكتست فى مملكة الماسيليين Massyles‏ النوميدية معنى 
جغرافياً خاصاً إذا ما اعتبرنا بالكتابة النقوشية مزدوجة اللغة في مكثر؛ فقد بيّن فيها 
ات ا ن اا de das te RH‏ 
جداً إلى مکش بل الراجح أن تکون إقليماً خاصاً من الملكة الماسيلية» وربما كانت هي 
منطقة لبسيس. وأياً ما يكن المعنى الصحيح لهذه التسمية» فالذي يجدر بالملاحظة 
أن قسماً من رعايا الملك الماسيلي كانوا يحملون من الناحية الإدارية اسم «الليبيين» 
وهي التسمية التي أفرغها عليهم بعض الأجانب. ولا تزال تجد بين الأقوام ساكنة 
السنغال اليوم واحداً يسمى «الليبو»؛ والمؤكد أنها الكلمة العرقية القديمة» التي قد 
تكون انتقلت بالتدريج صوب الجنوب الغربي من العالم الناطق بالبربرية. 


الاسم الحقيقي للبرير 

لكن يوجد [اسم] عرقي آخر أوسع انتشاراً في البلدان البربرية» بل إن انتشاره 
واقترانه بأسماء الكثير من المواقع یجیز لنا أن نعتبره الاسم الحقيقي للبربر. نريد الجذر 
م.ز.ك. ۷۲20 أو م.ز.ك. MZ‏ الذي نجده كذلك في كل من اسم «المازيس» 
فى العصر الرومانى» و«الکسیس» الوارد عند هيرودوت. و«المازييس» الوارد عند 
هیکاتی» و«المشوش» Meshwesh‏ الذي جاء فى الكتابات النقوشية المصرية. 
ولایزال کل من الاموهاق (Imouchar = Imushagh)‏ فى غرب فزان» والاماجیکن 
Imagighen‏ في [جبل] يي والامازیغ في الاوراس والأطلس الکبیر 
يحافظون على هذا الاسم. و«التماشق» (tamachek = tamasek)‏ هي لغة الطوارق 
وهم الذين يسمون أنفسهم كذلك إموشار .Imouchar‏ غير أنك لا تجد القبائلین 
ولا الشاوية (في الأوراس) يعرفون حالياً بهذا الاسم. والمؤكد أنه اسم عرقي قد كان له 
في شمال إفريقيا انتشار كبير خلال العصور القدية؛ فالكتابات النقوشية والنصوص 
تجیئنا له بمجموعة من الرسو م ليست كلها بالصحيحة؛ تجتمع فيهاء Maxyes s Mazyes‏ 
Mazices s‏ و Mazacenses s Mazicei  Madices‏ و .Mazazenes‏ 


127 


ویکننا أن نزيد إلى هذه القائمة الکلمتین «مازيك» Mazic‏ و «مازیکا» Mazica‏ 
كثيرتي الورود في الکتابات القابرية. وان في إطلاق المؤلفين كلمة «مازیس» على 
آقوام مختلفة؛ بعضها من البدو الرحل وبعضها من الجبليين» وفي عصور مختلفة 
ومناطق متنائية» لا یدلنا بالفعل على أن هذه تسمية محلية كان لها معنی عام وشائع . 

وقد كان الأصل في اسم «آمازیغ»(وجمعه : إمازيغن)) مثاراً لبعض الجدال 
كما هو الشأن في كل ما له صلة بالبربر. فقد درج الناس على أن يأخذوا هذه 
الصفة بمعنى «النبيل» و”الحر»؛ فهي معادل لكلمة (franc‏ التي كان يتحلى بها 
الجرمان» ثم جعلوها اسماً لشعبنا [الفرنسي]. SU Gore‏ 
گسیل. واستند فیها إلى نص للحسن الوزان؛ فهي الترجمة التي جاء بها لاسم 
(الازیس» . وجاء ت. سارنیلی Sarnelli‏ .1 بمحاولة آخری فى هذا الباب؛ فقد 
رد هذا الاسم إلى الجذر ZWG‏ الدال على الحمرة. وإذا كان هذا الجذر یسمح 
بتفسير اسم «الزوكس» 22۱0601665 الذين كانوا يستوطنون تونس في قديم الزمان 
إذ ورد ذكرهم عند هیرودوت. واسم «إزاكارن» 0 في الهقار فان ك. ج. 
براس K. G. Prasse‏ يرى من المستحيل أن تكون لهذا الجذر صلة باسم «إمازيغن» 
وذلك لأسباب صوتية وصرفية على حد سواء. 

ويرى ش. دو فوكو Ch. De Foucauld‏ أن الكلمة الطوارقية «أماهق» Amaheg‏ 
(وجمعها «إموهاي» (imouhay‏ تعود إلى الفعل ahaa (ai‏ ومعناه «سلب» 
فتکون amahey PAL‏ تعنی (السلاب 4 آي الغازي؛ وبالتالی فهى تدل على 
المحارب والنبيل والحر (franc)‏ . ومن سوء الحظ أن هذا التفسير التقليدي» الذي قد 
يكون فيه تسويغ للترجمة التي جاء بها الحسن الوزان [لكلمة «الازیس»]» لا يتوافق 
والمعطيات الصوتية؛ ففي لهجات الشمال يفترض أن يكون الفعل الموافق ل (ahey)‏ 
هو «(awey)‏ يما يفترض أن تكون تلك الكلمة amawy‏ لا camaziy‏ وهذه الأخيرة 
هي الوحيدة المحققة. وعليه فالتحوط يقتضينا أن نعزو كلمة amahey‏ الطوارقية إلى 
نطق خاص عند بربر الجنوب» وآن نرد الاسم :7202 (حسب ما يرى س. شاكر) 
إلى الجذر iziy‏ الذي زال واندثر وما فضل منه غير هذه الكلمة العرقية 


*— - كتب الحسن الوزان : «إن هذه الشعوب الخمسة المنقسمة إلى مئات السلالات وآلاف المساكن تستعمل 
لغة واحدة تطلق علیها اسم آوال آمزیغن من أي الکلام النبیل eE‏ وصف إفريقياء ترجمة محمد حجي ومحمد 
الأخضرء دار الغرب الاسلامي» بیروت ط 2۰ ج. . 1 ص. 39. 


128 


أصل اسم «النومیدیین» 

كان النوميديون يقطنون مناطق شاسعة بين إقليم قرطاج وأرض الموريين» وهي 
المناطق التي سميناها شرق بلاد البربر ووسطها. ولذلك فليس من المستغرب أن 
کو تالو مدر 5 see Re‏ رقت أن كرفت الممالك في الحقبة التاريخية : 
المملكة الماسيلية التي كانت تقوم في المناطق الأقرب إلى الإقليم القرطاجي وتمتد 
حتى منطقة سيرتا (قسطنطينة)» وهي تتوافق تقريباً وشرق بلاد البربر» والمملكة 
الماسيسيلية وهي أكثر اتساعاًء إذ كانت تمتد على ما تبقى من القسم الشمالي مما 
یعرف OL‏ بالجزائر؛ أي أنها كانت تشمل وسط بلاد البربر. ولقد رأينا كيف أبرز 
علم الآثار للحقبة قبيل التاريخية الأساس المكين الذي قام عليه هذا التقسيم. 

وتجيئنا بعض الكتابات النقوشية ذات اللغتين اللاتينية والبونيقية» أو اللاتينية 
والليبية» التي تعود إلى محاربين في الجيش الروماني بالشكل اللاتيني للكلمة العرقية 
أو الصفة انو ميدا» Numida‏ (ومعناها «النوميدي»). 

ومن سوء الحظ آننا ليست لنا معرفة بالاسم الليبي ولا الاسم البونيقي الموافق 
لكلمة «نومیدا» اللاتينية. ومع ذلك فليس هنالك مسوغ للاعتقاد OÙ‏ هذه الكلمة 
كان مأتاها من الكلمة الإغريقية Nouadec‏ (11002065-الرحل). فلو كان الرومان 
أخذوا هذه الكلمة Li,‏ عن الإغريق لكانوا أدخلوها في النظام الاعرابي بالحروف 
من الصنف الثالث. وإذا كان اللاتين قد سموا «نوميديين» Numidae‏ الأقوام 
نفسها التي أسماها الإغريق «نوماد» Nomades‏ بفعل تجنيس [على الكلمة الأولى] 
فلأنهما کانا يتبعان معا نموذجاً من شمال إفريقيا يبدو أنه كان غموذجاً بربرياً 
أكثر مما هو بونيقي. فنحن نعرف عدداً كبيراً من أسماء الأعلام الليبية تبتدئ 
بالحرفين NM‏ ثم إن هنالك اليوم مجموعة فقيرة من الصيادين البدائيين في 
موريتانيا تعرف باسم انيمادي» .Nemadi‏ وعلى الرغم من الاحتمال الكبير لان 
يكون اسم «النوميديون» يعود إلى أصل بربري» فسوف لا نأخذ بالتفسير القديم 
الذي جاء به [ل.] رين [L] Rinn‏ في منتصف القرن التاسع عشرء فقد أراد أن 
يترجم هذه التسمية العرقية بالعبارة N'Middeln‏ ومعناها امن الرّحل». 

ومهما يكن من أمرء فلا يكن أن نعتد بالتفسير الذي جاء به سترابون» وقال فيه: 
اتمتد هذه البلاد من قرطاج إلى أعمدة هرقل» وهي تتسم عامة بالغنى والخصوبة 


129 


0. نصب کبیر بممر مکشوف في اليزي (تونس). 


لکن بدأت تغزوها الحيوانات التوحشة. كشأن کل الناطق الداخلية في لیبیا. وحتی 
تسین أن اسم انوماد» Nomades)‏ من «النومیدیون» (Numides‏ الذي یحمله 
دج الأقوام إنما جاء‌ها من واقع أن امحیوانات الفترسة الکثيرة كانت قدياً 

تترك لها سبيلاً إلى الاشتغال بالزراعة»۱. وقال كذلك : «وقد فضلت هذه Les‏ 
بودي يي الطرق» وترکت الأرض للهوام والحيوانات التوحشة 
وآثرت حياة التيه والترحالء تماماً كفعل الأقوا اا E‏ 
العيش بالبؤس ووعورة الأرض وقسوة الناخ»*. 

وان في تمييز هيرودوت في اللیبیین رحلاً nomades‏ (وهم لا يمتون بصلة إلى 

النوميديين Numides‏ بأي حال) وفلاحين (وهم یسکنون مناطق نعرف أن قطانها 
من النوميديين)» ما يثبت أن التسمية الإغريقية لم تأت بأي حال نتيجة لملاحظات 
عراقية لأساليب هذه الأقوام في العيش. وعندما يتحدث هيرودوت عن AUÔVES‏ 
۶ فمن الواضح أن لاأحد يفكر بأي حال أن يترجم ذلك الاسم ب «الليبيين 
النوميديين». وإنما كان التشابه الحاصل بين الكلمة الليبية والكلمة الإغريقية 
6 هو دون شك ما دفع بالکتاب الاغریق» واللاتين من بعدهم؛ إلى Lol‏ 
في تفسیر الكلمة العرقية الليبية بحياة الترحال التي كانت تنسب إلى هذه الاقوام. 


1 - Strabon (II, 5, 33). 
2 - Strabon (XVII, 3, 15). 


130 


وف كان db‏ ن یط Li ot Ste‏ بقل ن SIL‏ 
في أجود الاراضي" فتراه یجهد كثيراً لیفسر حياة الترحال الفترضة لهم بكثرة ما 
ضمت آراضیهم من حیوانات متوحشة. وسنلاحظ أن الحيوانات المتوحشة نما تعیق 
من حياة الرعی وتربية الاشية أكثر ما تعیق من الزراعة. 


مملكة ماسینیسا ویوغرطهة الماسيلية 

يبدو أن تملكة الاسیسیلیین كانت هی الأقوى بين الملکتین العروفتین لدینا فى 
بداية التاریخ» وهو الذي یبتدی عند التومیدیین SALE‏ البونيقية الثانية. غير أن 
هذه المملكة لم تقو على البقاء لما بعد الفشل الذي منیت به السياسة التي كانت من 
ملكها سيفاقس Syphax‏ في إفريقيا. فبعد أن حاول هذا الأخير أن يلعب دور الحكم 
بين روما وقرطاج» لم يلبث أن آثر في نهاية الأمر جانب البونيقيين» ثم استولى على 
المملكة الماسيلية» فأمكن له أن يحقق لبضع سنين الوحدة النوميدية تحت حكمه. لكن 
فيض للمملكة الماسيلية في آخر الامر أن تخرج معززة الجانب من تلك المحنة» وأقام 
ماسينيساء ملك الماسيليين» دولة نوميدية موحدة. 


بلاد الماسيليين. بلاد الدلمنات 


هل يعود نجاح الماسيليين إلى القوة التي كانت لشخصية ماسينيساء وإلى 
الرفق الذي كان من الرومان فقط؟ ألم تكن هنالك من قبل عوامل قوة وروابط 
تلاحم مكنت للماسيليين أن يصمدوا للضغط الذي كان يقع عليهم من جيرانهم 
القرطاجيين والماسيسيليين بشيء من النجاح؟ فنحن نلاحظ بداية أن بلاد الماسيليين 
المتدة على شرق الجزائر وغرب تونس كانت أكثر اتحاداً من الجزء من بلاد البربر 
الذي احتله الماسيسيليون بالتدريج. كما وأن بلاد الماسيليين تملؤها JLH‏ والغابات 
بما يجعلها ملائمة لتربية المواشي الكبيرة» لكنها تشتمل كذلك على هضاب وسهول 
في سفوح جبلية ذات تربة مواتية لزراعة احبوب . وقد کشفت لبا القابر النوميدية 
الكبيرة أن هذه الناطق ضمت ساكنة من الفلاحین من المؤكد آنهم کانوا أكثر ارتباطاً 
بالارض من النومیدیین فى البلدان الغربية. واذا كانت الظروف الجغرافية عاملاً ذا 
شأن وأهمية» فان الظروف التاريخية كانت عاملاً آقوی وآهم. فقد كان الاسیلیون 


1 - Strabon (XVII, 3. 11). 


131 


جيراناً للقرطاجيين» وما أكثر ما تعرضوا منهم للتعدّيء لکنهم اقتبسوا منهم من 
عناصر احضارة الشيء الکثیر. فقد ورد الحديث منذ القرنین الرابع والثالث عن 
وجود مدن في شرق بلاد البربر؛ فخار ج إقليم قرطاج. الذي كان لا یزال قلیل اتساع 
كانت هنالك دقة «Dogga‏ وتبسة 1606552 وربا كانت هنالك قسطنطينة أيضاً. 
وتدفع القابر الصخرية الکبيرة التي في منطقة مکثر إلى الاعتقاد OÙ‏ بناء هذه المدينة 
النوميدية يعود إلى ما قبل سقوط قرطاج. ومن الحتمل أن الاسیلیین کانوا یسیطرون 
على سيرتاء وقد كانت مركزاً مهماً للحضارة البونيقية في القرن الثالث . وما وقعت 
هذه المدينة تحت حكم سيفاقس إلا قبل وقت قصير من حكم ماسینیسا. 

وان ما ذكر تيت ليف Tite-Live‏ وأبیانوس Appien‏ من محاولات ماسینیسا 
لاستعادة مملكة والده يدلنا على التعلّق الموثوق الذي كان من الماسيليين بملوكهم. 
لكن إذا لم يكن لنا أن نبالغ في الحديث عن ذلك الإخلاص - فهذا ماسينيسا لم يسلم 
من الخيانات - فلا يمكن أن ننکر أنه قد كان من عناصر التلاحم لدى الماسيليين. 


الأسرة الماسيلية ومدينة دقة 


قد يكون هذا التلاحم ووجود بعض التطابق بين الأقاليم التي كانت تؤلف 
المملكة الماسيلية هما ما جعل من الصعب معرفة الموضع الأصلي لقبيلة الماسيليين 
[بين تلك الأقاليم]. وكذلك تعيقنا التعديات القرطاجية عن معرفة إلى أي نطاق كان 


1. دلن في الركنية» شرق الجزائر. 


132 


حکم الاسیلیین يمتد ناحية الشرق» على افتراض أنه كانت هنالك مملكة ماسيلية 
سابقة على التوسع البونيقي في وسط تونس وغربها. ومع ذلك فان دقة Tokar‏ 
لم تكن داخلة تحت نفوذ القرطاجیین في عصر آگاتو کل. فقد كان في ذلك الوقت 
للیبیین ملك يسمى إيليماس ۸1۷۲025 یبسط سلطانه على هذا الاقلیم. لکن هنالك 
مؤشرات أخرى تجيز لنا الاعتقاد بأنه قد كان للأسرة الماسيلية وجود قبل ذلك العهد. 
فمن المعلوم أن أسلاف ماسيئيسا قد كانوا حكموا الماسيليين» وأن أميراً نوميدياً 
هو مازيتول «Mazetule‏ وقد كان منافساً لكابوسا Capussa‏ وماسينيساء لم يكن 
يشاركهما الانتماء إلى السلالة الواحدة» با يحملنا على البحث عن جدهم المشترك 
قبل أجيال عديدة سابقة. وإن مطامع مازيتول» والعروض التي قدمها له ماسينيسا بعد 
أن تغلب cale‏ لتظهر بجلاء أن هذا الأمير كان بين أسلافه كذلك بعض اللوك . ولقد 
بين تيت ليف" أن هذا الأمير ينتمي إلى فرع من الأسرة الملكية معاد للسلالة الحاكمة . 
وكانت قواعد توارث الملك في المملكة الماسيلية» كما وقف عليها كسيل» تجري بحق 
على منوال نظام تانيستري" : "كان الملّك تختص به أسرة. بالمعنى الواسع لهذه 
الكلمة؛ أي مجموع أنسباء يرجعون عن طريق الذكور إلى جد مشترك... ورئیس 
هذه الأسرة يكون هو الأكبر سناً بين الذكور الأحياء المولودين من زواج شرعي 
وإليه یمود الملك. فإذا توفي انتقل الملك إلى الذي صار الأكبر سنأ في مجموعة 
الأنسباء». وتسعفنا الكتابة النقوشية مزدوجة اللغة في دقة» وهي التي تفصح لنا عن 
اسم والد گايا «Gaïa‏ ومعرفتنا بالقواعد التي كان معمولاً بها في توراث الملك عند 
الاسیلیین؛ في وضع الجدول النظري التالي» الذي أقمناه على الإمكانات أشدّها 
بساطة في الوارثة : 


Tite-Live (XXIX, 29, 7).‏ - 1 
«Tanistry -*‏ وهو نظام عرف في ایرلندا القديمة» في توارث الالقاب والاراضي» ویقوم على جعل الیراث 
للأكبر Ce‏ بين آفراد الأسرة. 


133 


كايا - ملكا آوزالسیس — ملكا 
ماسينيسا - ملکا کابوسا - ملکا اکومازیس ‏ مازیتول 


وهذه الاعتبارات تقودنا إلى الاعتقاد بأن الأسرة الماسيلية كانت على عهد 
ماسينيسا تسود منذ ما لا يقل عن أربعة أجيال. فليس ببعيد عن الاحتمال أن الملك 
الليبي إيليماس» الذي تحالف مع أ گاتوكل» ثم انقلب عليه بالعدای قد كان أحد 
أجداد ماسینیسا. وربا كانت دقة» التى استولى عليها أوماك Eumaque‏ بعد سنتين 
من موت Li‏ اللك» هي عاصمة ملکه. 


سیرتا مهد 39211 الماسيلية 

يبدو من الصعب أن نأخذ بالاعتقاد أن دقة ومرتفعات التل كانت هى الهد للقوة 
الماسيلية. فقد كانت هذه النطقة تحت نفوذ القرطاجیین منذ احرب is‏ الأولى 
فى أقل تقدیر . ویصعب علینا أن نذهب إلى الاعتقاد بأن المملكة الاسيلية قد آمکن لها 
البقاء والاستمرار بعد احتلال الإقليم الاصلي للقبيلة التي كانت تنتمي إليها الأسرة 
الحاكمة. ومع أن قرطاج كانت تمارس نوعاً من الحماية على المملكة الماسيلية» فان 
حاكماً مثل گايا قد ظل؛ على الرغم من انحسار أقاليمه؛ بسبب التعديات التي كانت 
تقع عليه من جيرانه» يحتفظ لنفسه بقدر من الاستقلال» ولا يولي حلفاءه البونيقيين 
إلا ولاء مشروطاً. وما كان یکن LÉI‏ ولا لابنه ماسينيسا بأي حال أن يستمرًا على مثل 
هذه السياسة لو كان إقليم الماسيليين قد وقع في أيدي القرطاجيين. 


134 


وإنني لامیل إلى البحث عن آصول أسرة ماسینیسا في الطرف الغربي من 
المملكة [الماسيلية]؛ أي في منطقة سیرتا. ومن المؤكد أن هذه الدينة قد صارت 
العاصمة لماسيئيسا وميسيبسا Lis «Micipsa‏ كايا فلم يكن له أي حكم على هذه 
الدینة؛ فقد كانت يومها تابعة لسیفاقس. وأن يكون ميسيبسا - وربا هو ماسينيسا 
نفسه - دفن في الخروب عنصر يرجح أن تكون أصول هذه الأسرة تعود إلى سيرتا. 
وتجيز لنا الأنصاب الكثيرة من الحجارة الكبيرة التي توجد في منطقة سيرتا الاعتقاد 
إلى حد ماء بأن ساكنة كثيرة العدد كانت تقيم من حوالي جبل فرطاس؛ وهو على 
وجه التحديد المكان الذي اكتشفت فيه مسلات كبيرة مبيّنة عليها صور الرؤساء 
المحليين في وادي الخنقة وفي سيلا. ویتبین من بعض الوثائق الأثرية أن النوميديين 
في هذه المنطقة كانوا منذ القرن الرابع أو الثالث» Les‏ كانوا قبل ذلك» على علاقة 
بالتجار البونيقيين. 


2 الضريح النوميدي في دقة (تونس). 


135 


لکن هنالك وقائم آخری تدعونا إلى البحث عن الموطن الأول لهذه القبيلة في 
موضع آبعد قليلاً إلى الجنوب زرا اه ی ی ها و و ا 
عظيمةء أو للك لم 5 تكن ذکراه قد تلاشت ان و ی 
الذي أقام هذا النصب في القرن الرابع أو الثالث تعود بأصولها إلى الأوراس 
کرت عاضر A‏ لاف sas‏ علدا صو أن یکوت حدم LA‏ ا 
حاكمة آخری. 


43. قسطنطينة» سیرتا القديمة؛ تشرف على الحلوق العميقة في الرمل. 


ولقد آفرغ الهندس الذي قام ببناء الدراسن على هذا النصب عناصر معمارية 
كان لها إيثار لدی القرطاجیین» مع المحافظة على تقاليد البناء في المقابر البربرية .فم 
ثم نستنتج أن الأمير الذي أقيم لأجله الدراسن كان على علاقة بالقرطاجيين على 
الأقل» وأن إقليمه كان يمتد حتى قريب من إحدى المدن البونيقية. وتظل أقرب مدينة 
إلى هذا الإقليم استوطنها الفينيقيون في القرن الثالث هي سيرتاء ولكن من المشكوك 
فيه أن تكون الأسر القليلة ساكنة هذه المدينة استطاعت أن تنجب مهندساً يقتدر على 
إقامة هذا النصب. وعليه فیمکننا التسليم بأن الملك الذي دفنت رفاته في المدراسن 
كان يبسط حكمه حتى سيرتا في أقل تقدیر» والأرجح أنه كان يبسط حكمه إلى ما 
بعدهاء ناحية الساحل وناحية الشرق . 


136 


فهذا یقودنا إلى استنتاج أن الاسیلیین کانوا یستوطنون إقليم سيرتاء وأن القوة 
الماسيلية تکونت في ما بين هذه الدينة والأوراس 

وكان الاسم (ماسول» Massul‏ (نسبة إلى ماسيليا (Massyle‏ لايزال متداولاً 
في العصر الروماني. فقد أمكن التعرّف عليه في كتابة نقوشية تأبينية في سيلا وفي 
كتابتين نقوشيتين أخريين على مقربة من وادي جرمان .Djermane‏ ومن اللافت 
للنظر أن هذا الاسم لم يكن كثير الرواج خارج هذه المنطقة؛ فما جد الا في كتابة 
نقوشية واحدة في سيليوم Cillium‏ (القصرين). ولا يزال هنالك واد صغير في 
جنوب قسطنطينة يحمل الاسم مسيل 591 . 

وقبل أن تصير المملكة الماسيلية 
إلى شريط ضيق محصور بين 
إقليم قرطاج والمملكة الماسيسيلية 
كانت هذه المملكة تشمل في جهة 
القرت: Miss les‏ ولا dns‏ 
أن یکون إليها یعود أصل الاسرة 
الحاكمة. والی جهة الشرق حيث 
الظهیر التونسي الذي يبدو أن 
القرطاجيين تخلوا عنه» كانت 
هذه المملكة تغطي القسم الأكبر 
من حوض بگردا Bagrada‏ 
(مجردة). ولا يبدو أن النزاعات 
الطويلة التي قامت بين ماسینیسا 
وقرطاج كان السب إليها الطمع 
من جانب الملك النوميدي 
بل كانت تعود في الواقع إلى 
مطالبات ترابية لها مبرراتهاء قد 


VEENA ET رواداد‎ LE LS يعسن‎ ln ما‎ JE 
. عرش الخنقة» منطقة قسطنطينة‎ 


137 


كانت الملكة الاسيلية ضيقة نسبیاً في قسمها الشمالي» لکنها ضمت في مناطقها 
الجنوبية أقاليم شاسعة كانت تتنقل فيها بعض قبائل الجيتول» وکانت تمتد إلى ما 
يعرف حالياً بطرابلس الغرب» وتشمل مدينة لبسيس. وليس LI‏ من علم بالعلاقات 
التي كانت بين الملك وهولاء الرحل» ولا نعرف كيف كان هؤلاء يقرون عليهم 
بالسيادة النوميدية. لكن هذه المسائل الدقيقة تصير تتضح لنا قليلاً متى سلمنا بأن 
مفهوم السيادة عند البربر يقوم على السيطرة على الأشخاص أكثر ما يقوم على 
حيازة الأرض. ولذلك فلم يكونوا يهتمون كثيراً لضياع الأراضي إذا ما ظلت القبيلة 
السائدة تحافظ على تلاحمها. 
مملكة سيفاقس الماسيسيلية 

خلال الحرب البونيقية الثانية» وقت أن كان سكيبيون Scipion‏ يحارب الجيوش 
القرطاجية في إسبانياء كان سیفاقس» ملك الماسيسيليين» هو أقوى الملوك الإفريقيين. 


5. مسلة بونيقية من الحفرة (قسطنطينة) تمثل مجموعة أسلحة تطابق 
الأسلحة الموجودة في ضريح الخروب (مقبرة میسیبسا؟). 


138 


وان أوضح نص وضع في هذه الملكة هو الذي أنشأه سترابون» فقد جاء فيه : امن 
بعد إقليم الموريين ياش إقليم الماسيسيليين» فمبتدؤه من وادي ملوية Molochath‏ 
اء lie‏ فریترن 18658 55 ; 


لن أعود إلى مسألة المطابقة بين مولو شا Mulucha‏ وملوية. فموقع سيجا Siga‏ 
عاصمة سيفاقس» على الضفة الشمالية لتافنا Tafna‏ يجعل من اللازم أن نبحث 
عن مولوشا على الضفة الغربية من هذا الوادي؛ فلا يكن أن يكون الاختيار إلا 
بين ملوية وواديين ساحلیین صغیرین (وادي كيس ووادي الثلائاء). وقد رأينا في 
ما سبق أن ملوية وان لم يكن یشکل حداً طبيعياً حقيقياًء إلا أنه كان يقو م فاصلاً 
على قدر كبير من الوضوح بين المقاطعتين الأثريتين؛ غرب بلاد البربر ووسطها. 
وما لا جدال فيه أن رأس تريتون Gilles‏ رأس بوقارون Bougaron‏ في شبه جزيرة 
كولو ‘Collo‏ وسيصير الحد الفاصل بين نوميديا وموريتانيا القيصرية يقع في ما 
بعد علی مقربة من شبه جزيرة کولو: عند الوادي الكبير (أمساكًا .(Amsaga‏ 


1 - Strabon (XVII, 3, 9). 


139 


وقد كان هذا المر المائي یشکل الحد الشرقي لمملكة يوبا الثاني» ويطابق کذلك من 
الناحية الأثرية احد الغربي لبلاد سیرتا الغنية بالأنصاب الصخرية الكبيرة» وهي التي 
لا تلبث أن تختفي فجأة في غرب هذا الوادي. ولذلك فالتحدید الذي جاء به 
سترابون لا يعدو أن یکون تقريبياً؛ فمن غير الحتمل أن الحد الفاصل بين الاسیلیین 
والاسیسیلیین كان حداً ثابتاً ومبيناً في وضوح لا لبس فيه. 

وعليه فان الماسيسيليين كانوا يقيمون على مساحة شاسعة تغطي ثلثيّ الجزائر 
وقسماً من شرق الغرب. بل إن بعض النصوص وكتابة نقوشية باللاتينية تفيد 
وجودهم حتى في الريف. ومنذ أن جاء ذكر سیفاقس ملك الماسيسيليين» للمرة 
الأولى» في رواية تيت لیف وحتى سنة 203» وهو التاريخ الذي تحدد فيه مصير هذا 
الملك ومصير ماسينيسا أيضاًء ظلت الأراضي التابعة لسيفاقس في امتداد واتساع 
على حساب الماسيليين؛ فلذلك يكون من الصعب وضع رسم بالحدود الأصلية 
لمملكته. والذي يبدو أن الحد المتمثل فى ملوية من جهة الغرب. والذي سيظل قائماً 
بين بوخوس الأول 1 Bocchus‏ وميسيبساء ثم بين بو جود 1300 وبوخوس الثاني 
«Bocchus I‏ لم یطراً عليه تغير من عهد باجا Baga‏ وعهد سيفاقس المعاصرين 
لبعضهما. وقد اتجه هذا الأخير في التوسيع من نفوذه ناحية الشرق في سنة 205. 
واهتبل النزاعات التي قامت بين الأمراء الاسیلیین؛ فحسم لصالحه خلافة كابوسا 
بطرده لماسینیسا وملاحقته له بواسطة قادته العسكريين. فهل في ذلك الوقت تم له 
ضم سيرتاء أم أنها كانت قبل ذلك قد صارت معدودة في أراضي الماسيسيليين؟ 

وفى المقابل فإن الشواهد التى تعود إلى ما قبل سنة 205 تبين لنا كيف أن 
سيفاقس كان منحصراً في غرب ماسيسيلياء وأنه كان مهتم للمسائل الاسبانية بقدر 
اهتمامه بالشؤون النوميدية. وعليه فان ظهور سيفاقس في المناطق القريبة إلى بلاد 
ماسلا قك جاء فن وقت ماع ركان غلل ide‏ بالآضطرانات الى فجرت ى 
فده المتلكة يعن اال كابر و قلت steel‏ ان الما اة لاف 
کانت هي سیجا؛ وما صارت سیرتا له العاصمة إلا بعد ضمه آراضي الاسیلیین. 


سيجا واندن الماسيسيلية 

كانت سيجا أهم مدن ماسيسيلياء والحديث يرد عنها دائماً بكونها عاصمة 
سيفاقس. ففي هذه الدينة استقبل في سنة 206 سكيبيون وأسدروبال Asdrubal‏ 
معاً. وفيها قام دون شك بضرب جزء من نقوده وقد ظلت التقاليد في ضرب 
النقود جارية في هذه المدينة؛ ثم زاد إليها بوخوس الأصغر ورشة جديدة. 


140 


والقطع النقدية التي تعود إلى سیفاقس والتي تم العثور علیها باعداد كبيرة 
نسبياً في هذا الموقع» تبين بجلاء أن سیجا كانت» على عکس سيرتاء هي الرأس 
الحقيقية للمملكة الماسيسيلية. وعلى مقربة من سيجا كانت تقوم الجثوة الملكية لبني 
رنان. ولم يشر سترابون» الذي كان يتوسل بوثائق سابقة على عصره بکثیر» في 
شرق سيجا إلى غير مرسى الآلهة Port des Dieux‏ (المعروف عند الرومان باسم 
Portus Divini‏ ویعرف حالياً باسم «المرسى الكبير»)ء ومدينة إيول 101 (شرشال) 
وصلدا 531036 (بجاية). ومعنى ذلك أن الوثائق التي استند إليها كانت في غاية 
الفقر؛ فهي قد اقتصرت على المستودعات التجارية البونيقية الرئيسية. وهذا ج. 
فویلومو G. Vuillemot‏ قد تناول بالدراسة المرافئ البونيقية La‏ على الساحل الوهراني 
وهي التي یحق لنا اعتبارها النافذ لتجارة ماسيسيليا ومراکزها الاقتصادية. وشن 
تلك الرافی يعود إلى تاريخ ضارب في القدم؛ ومن ذلك أن المقبرة المكتشفة في 
جزيرة رشقون «Rachgoun‏ قبالة مصب وادي تافناء قد أمكن رد تاريخها إلى 
القرنين السادس والخامس [قبل الیلاد]. وكذلك أمكن الاهتداء إلى تاريخ بناء موقع 
مرسى مداخ Mersa Madakh‏ فمّد كان احتله التجار الفينيقيون في عهد ضارب 
في القدم bai‏ ثم هجروه في القرن الثالث» بعد أن تعرضء في ما يبدوء لتهديم 
أول» ثم عادوا لاحتلاله من جديد. ولقد تبين لنا من وثاتق قريبة العهدء تم العثور 
علیها على مقربة من وهران» وفي الاندلسیات " » وفي سان لو eSaint-Leu‏ مدى 
أهمية المبادلات التي كانت تجري مع إسبانيا. ومن جملة الأشياء التي كان يقع فیها 
الاستیراد ينبغي أن نذکر النتجات العدنیة» وهي من آکثر النتجات التي JA‏ 
إليها في إفريقيا. وأما الأشياء التي كان یقع فیها التصدیر فنعرف من جملتها اثنين : 
العاج وقشور بيض النعام. غير أننا لا نعرف هل كان التصدير مقصوراً فيهما على 
الواد الخام» pi‏ أن الأشياء التي تم اكتشافها في إسبانيا قد كان يجري تصنيعها في 
إفريقيا. والذي يبدو أن تصنيع العاج كان يقع في المدن الفينيقية الكبرى في منطقة 
الشام» وفي قرطاج وربما كان يقع كذلك في قادس 5 فالزخارف التي تزين 
الأمشاط والقابض الصنوعة من هذه الادة ذات طابع مشرقي من غير استثناء. 

فإذا انتقلنا إلى قشور بیض النعام صار الامر أشد تعقيداً. فهذه م. أستروك M.‏ 
Astruc‏ تذهب في کتاب بدیع حول مقابر فیلاریکوس HS Villaricos‏ 


*- Astruc, Miriam, La necropolis de Villaricos. Informes y memorias, Comisaria General de 
Excavaciones arqueologicas 25 (Madrid 1951). 
-Castrum Puerorum منتجع جزائري في شمال وهرانء كان یعرف لدی الرومان باسم کاستروم بویروروم‎ -* 


141 


التي ضمت الثات من قشور البیض الزخرفة إلى الاعتقاد جازمة أن الزخارف 
المزينة للغالبية العظمى من تلك القشور كانت تتم على الارض الإسبانية. لکن 
هنالك عینات آخری من تلك الزخارف تبین عن شبه كير بالز خارف الهندسية 
a en à‏ 
يجري تصديرها بعد أن تکون زي ينت بتلك الزخارف» وأن المدن الإيبيرية والفينيقية 
قد صارت في ما بعذ تفضل الحصول على قشور بيض النعام وهي بعد خام ثم 
یتولی أهلها تزيينها حسب الأذواق المحلية» والحقيقة أنها لم تكن تختلف كثيراً عن 
الأذواق التي كان لها الشيوع والغلبة في المدن الإفريقية 

وهنالك منتج آخر كان يجري تصديره من ماسيسيليا (التي صارت هي 
موریتانیا القيصرية في العهد الروماني) نريد خشب العرعر (المسمى Citrus‏ عند 
المؤلفين اللاتین) الذي كانت جذوعه تسخر في صنع طاولات نفيسة. وقد كان 
شیشیرون Ciceron‏ اشتری واحدة منها ودفع فیها ملیون سيسترس”. وآهم میزات 
خشب العرعر. بالاضافة إلى مقاومته الفائقة للبلى» أنه يحتوي على عروق عسلية 
اللون بين متمو ج (tigrinae)‏ وحلقي .(pantherinae)‏ وقد كانت کبری مراکز 
إنتاجه تقع غرب شرشال (في الظهرة ووادي الشلف). 

غير آننا لا نعرف شيئاً عن مدن الداخل؛ فقد كانت العرفة بإفريقيا حتی العهد 
الروماني تکاد تقتصر منها على الناطق الساحلية. ومع ذلك فان من الصعب التسلیم 
بألا تکون بعض الواقع مره لین سجها الرنسات من eN be‏ قد 
ات یومها مواقع محصنة أو أسواقاً» ولربما تکون صارت إليهما في وقت واحد. 
ya‏ شقاف الفخاريات البونيقية من القرن الرابع » تلك المكتشفة على مقربة 
من مدينة الاصنام 6 في حدود ما نعرف إلى اليوم» أقدم الشواهد 
وأكثرها قارية على تغلغل التجارة الفينيقية في آراضي الملكة الاسيسيلية. وتدلنا 
بعض المنشآت من القرن الثالث في منطقة تيارت على عظم ذلك التغلغل. 

وأما في آقصی الشرق. في وسط الجزائر» فلم نقع على شواهد تدلناعلی زمن 
سیفاقس أو على ما قبله» في غير الحواضر البونيقية على الساحل. 


Sesterce -*‏ وهی عملة ووحدة عد رومانية قديمة. 


102 


تنظیم المملكة الماسيسيلية 

لا نعرف شيئاً عن التنظیم السياسي والاداري للملكة الاسيسيلية. وکل ما 
نعرف أن الملك وحده هو من كان یضرب النقود» ولم يكن لأي تابع أو مرژوس 
آخرء أو حتی لأي مدينة من الدن. أن يحظيا بهذا الامتيازء فى ذلك العصر على 
الاقل. ومن جملة سلسلتي النقود الاك لرأس سیفاقس فان السلسلة التي تبدو 
الأقرب عهداً هي التي يظهر علیها اللك متوجاً باکلیل» كصنيع اللوك الهلینستیین 
.hellénistiques‏ وكذلك هی نقود aul‏ فیرمینا Vermina‏ (قیرمیناد : (Verminad‏ 
وهي نقود مضروبة كذلك بعناية؛ فهي تظهر الملك الشاب آمرد ومتوجاً باکلیل. ومن 
ال وه قر كانت د mate‏ ندر كينا esse‏ 
كان قيرمينا يتولى قيادة الجيوش الماسيسيلية . غير آننا لا غلك أن نذهب بعيداً فى هذه 
الاستنتاجات فنقول إن سیفاقس قد آشرك فيرمينا في ملکه. | 

وان تنوع الناطق التي تکونت فيها المملكة الاسيسيلية شيء یدفع إلى ترجیح 
الرأي القائل إن هذه الدولة كانت تأتلف من مجموعة من القبائل التابعة التي 
اف بل ركم تیا وی ارم أن هؤلاء ینحدرون من 
وهران ومن شرق الغرب وفي هذه النطقة بقیت إلى العهد الروماني قبيلة تعرف 
باسمهم!. وفي هذا الوضع کانت تقع عاصمتهم سیجاه ومن مذه امقاطعة الغربية 
کانوا يأخذون القوات التي مکنت لسیفاقس أن یضطلع بدور تاريخي لا یستهان 
به. ویتذ کر سترابون. AG‏ دون شك عن بوسیدونیوس «Posidonius‏ هذا التفوق 
الذي كان من قبل للمقاطعات الغربية؛ فقد کتب عن ماسیسیلیا : في وقت من 
الاوقات كان القسم من البلاد الجاور لوریتانیا Maurusie‏ يد الملكة من النقود 
ویدفع إليها من الجنود بأكثر Le]‏ يأتيها من الناطق الأخرى]. وآما الیوم فقد صارت 
العازل المتاخمة لحدود قرطاج وبلاد الاسیلیین فوق غیرها من الناطق ازدهاراً وأوفر 
مؤونة في جمیع الاشیاء». 

فهل كانت السياسة الطموحة والتوسعية التي انتهجها سیفاقس هي السبب في 
الانحطاط الذي تردت إليه المناطق الغربیة؟ إن هنالك قاعدة عامة بينها ابن حلدون 
منذ القرن الرابع عشرء وهي تقوم على اعتبار الجموعات القتالية الكبيرة ال سسة 


1- Pline (V, 17, 52); Ptolémée (IV, 2,5). 


143 


لامبراطوریات سريعاً ما تسیر إلى الاضمحلال. فبعد الفشل الذي انتهی إليه سیفاقس 
استمر ابنه یحکم لبعض الوقت على جانب من غرب ماسیسیلیا» وباکتمال عملية 
التراجع [الاسيسيلي] سيصير الاسیلیون؛ ماسینیسا وآولاده من بعده» یبسطون 


سلطتهم حتی قريب إلى بلاد الموريين. 
الموريون» غربیو افریقیا 


إذا ذکر اللفون الاغریق والرومان السکان الليبيين الأبعد إلى الغرب 
آسموهم بالوریین؛ ولم یسموهم بالنومیدیین. لکن هذا التمییز لم يتحقق له 
الرسوخ النهائي إلا عندما علم الرومان بوجود Le‏ محلية في الغرب . وقد كان 
آرتیمیدوروس «Artémidore‏ فى القرن الثانی قبل الميلادء لا يزال يُدخل اللیبیین 
لقاطنین إلى جوار عمدة هرقل à‏ النومیدیین. غیر آن من الحتمل آن یکون التمییز 
بين النوميديين والوریین أقدم عهداء إن صح أن اسم «الوریین» كما هو مسلم به 
عامة» لم يكن يزيد عن اسم جغرافي ذي أصل فينيقي. 

ولقد صار المؤرخون منذ القرن السابع عشرء وإسوة با فعل بوشار Bochart‏ 
إلى تفسير الأصل في اسم الموريين بأنه احتصار لكلمة سامية : ماهو ريم » Mahaurim‏ 
ومعناها «الغربیون». وقد يكون هو الاسم الذي أطلقه الفينيقيون على سكان شمال 
إفريقيا من القاطنين في الغرب (المغرب عند المؤلفين العرب). ثم إنهم لا تحققت 
لهم معرفة أفضل بالليبيين في شرق بلاد البربر صاروا يقتصرون بهذه التسمية على 
الأقوام ساكنة الطرف الأقصى من الغرب؛ أي ساكنة الغرب (المغرب الأقصى عند 
المؤلفين العرب). 

ولقد نبه س. کسیل» بحذره العهود؛ إلى عدم وجود سبب ليلا نأخذ بالدعوى 
التى جاء بها سترابون فى أن كلمة «موري» Mauri‏ ذات أصل محلی . وليس يقف 
الأمر عند هذا ان فهذا بلین قد کتب أن القبيلة الرئيسية بين القبائل التي سکنت 
موریتانیا الطنجية كانت هي قبيلة الموريين» وأن الحروب لم تبق منها على غير سر 
معدودة !. وسعى بعض المؤلفين بالاعتماد على هذه النصوص إلى البحث لاسم 


1 - Pline (V, 17). 


144 


الوریین عن أصل بربري. فقد رد رين هذا الاسم إلى الجذر Our‏ الذي یو جد في 
اسم جبل عمور ۰۸۲00۷۲ فيكون معناه «ابل»۰ ومن ثم يكون «الموريون» بمعنى 
«الجبليين»؛ أي القیمین» في مقابل الرعاة» وهي الكلمة التي يجعلها رين ترجمة 
لكلمة «النوميديين». غير أن هذا التفسير البتسر وما يرافقه من ترجمة خاطئة من 
لدن سترابون» ليس له [عندنا] من اعتبار. 

وقرب آخرون بين اسم «الموريين» والاسم الحالي (والقدیم) لجبال الأوراس 
(آورس Aoures‏ وآوراسیوس 4105351005 )؛ فیکون فى ذلك تفسیر للحرف الصافر 
الذي يرد في الاسم الااغريقي .Mavpovotot‏ وقد اعتقد المتكئون على هذه 
الافتراضات أنهم أقاموا البرهان على أن مملكة بوخوس المورية - وقد كان بوخوس 
معاصراً ليوغرطة Jugurtha‏ - لم تكن تقوم في المغرب بل في الأوراس. 


7. إناء مصنوع باستعمال الدولاب الدوار» 
de‏ في SU‏ لشرد المترب . 


هذا الانزلاق الهائل بجغرافية إفريقيا القديمة كلها إلى جهة الشرق يصطدم 
بتناقضات تاريخية صارخة لاسبيل إلى القبول بها. فلا يمكنناء في حدود المعارف 
المتوفرة لدينا اليو م» أن تموضع الموريين - الذين نعرف أنهم كانوا يمتدون وجوداً 
حتى المحيط - إلا في غرب بلاد البربر. 


145 


مملكة شبه مجهولة من باجا إلى بوجود 

لا نعرف الشيء + اتکی عن قلکه الزرین» بل إل اللايعين الذي يسم مارو 
يمتد إلى فترة أقدم منها في التاريخ . ومع ذلك فالاسم الواحد الذي ظل یجعل للجهة 
الغربية من بلاد البربر حتى وفاة بوجود. والتشابه فى الأسماء التى حملها سادتها 
Ga Det) dsl‏ يتن على الاعتقاد بأن الأسرة الواحدة 
ف حكنت مدق القرن الثالت A E E‏ يوقاةزوخوس e‏ 

كانت أسرة بوخوس في القرن الأخير قبل الميلاد تسيطر على أقاليم تمتد حتى 
جبال الأطلس في أقل تقدير. وحتى لقد [قيل إن] بوجود ذهب لمحاربة الإثيوبيين. 
لكن هذه الدعوى التي جاء بها سترابون! لا تسمح بالتأكيد على أن ملكة باجا كانت 
قرنين من الزمن قبل» على هذا القدر من الاتساع . غير أنني لا أعتقد أنها كانت 
منحصرة بجوار المضيق؛ فقد كان هذا الملك يهتم بالشؤون النوميدية» فلقد دعم 
مطامع ماسينيسا في وراثة الحكم على ماسيليا وأمده ب 000 4 من الرجال قاموا له 
بالخفر والحراسة. وتسمح L‏ هذه الإشارة الختصرة من تيت ليف” بالتأكيد على 
أن باجا لم يكن ملكاً صغيراًء بل كان ملكاً قد امتد سلطانه على الأقاليم الواقعة 
بين المضيق وماسيسيليا في أقل تقدير. وفي جوار ماسيسيليا تم تحديد موقع قبيلة 
الموريين» التي عرفت باسمها المملكة [المورية]3 . وخلال الصراع النهائي الذي جمع 
بين سكيبيون وهانيبال Hannibal‏ أرسل باجاء الذي كان لا يزال حليفاً لاسینیسا 
بسوقات عسكرية كان لها اسهام في كاق الهزية بالقرطاجیین*. 

ولقد تأكد أن المملكة المورية لم يقيض لها في مابعد تنظيم tS E‏ فهذا أسكاليس 
«Ascalis‏ وهو ملك صغير كان حليفاً أو تابعاً ملك موريتانيا - الذي كان وقتها هو 
بوخوسء أو سوسوس SOSUS‏ - قد كان في حوالي سنة 80 ق . م. يسود على طنجة 
وضواحیها. ثم كان أن أطاح به سيرتوريوس Sertorius‏ ولیس من الحكمة القول إن 
المملكة المورية قد تحقق لها قبيل بذلك التنظيم على عهد باجا. لكن المؤكد أن الممالك 
كانت أقل من ذلك تمركزاً في الأزمنة البدائية؛ فما كان الملوك يزيدون عن رؤساء 
لتجمعات تتفاوت في ما بينها اتساعاً. 

1 - Strabon (XVII, 3, 5). 
2 - Tite-Lite (XXIX, 29,7). 


3 - Pline (V, 17). 
4 - Tite-Lite (XXIX, 30, 3). 


146 


LES .8‏ نقوشية بونيقية في وليلي (الغرب). 


وقد كان الفینیقیون آقاموا منذ قرون عديدة مستودعات تجارية مهمة على 
السواحل الاطلنتية من جانبي مضیق جبل طارق. وفي إفريقيا كانت لیکسوس 
(العرائ تش) هي أقدم وأقوى مدينة تجارية في أقصى الغرب» والحكايات الأسطورية 
سرخ اریخ es LM‏ 1000 "قبل SAAL‏ والواة قع أن المعطيات الأثرية لا تسمح 

في الوقت احالي بالرجوع بتاریخ ely‏ هذه المدينة إلى أبعد من نهاية القرن السابع. 
وفي القابل فان جزيرة مو گادور Mogador‏ قد كان یقبل علیها البحارة الشرقیون 
منذ القرن الثامن» وربا تکون هي القصودة بجزيرة سرني 06176 التي ورد ذکرها 
فى رحلة حانون Hannon‏ وفی رحلة سكيلاكس Scylax‏ وفی رحلة بولیبوس 
وفي رحلة بطلیموس. وقد كانت توجد بين هذه الجزيرة والضیق مرافی من قبیل 
سالا (Salé) Sala‏ [سلا]ء التي ستصیر مدينة ذات شأن تحت حکم يوبا الثاني» ومن 
قبیل بناصة Banassa‏ على وادي سبو . 

وتبقی العلاقات بين المملكة المورية وهذه المدن الفينيقية على الساحلین 
التوسطي وال طلسي غامضة إلى حد کبیر. لکن النفوذ البونيقي» وما كان من التفوذ 


DE TEE S PE ~ 


الايبيري الاقدم منه؛ والذي زاده قوة وتعزیزآ قد كان له آثر عمیق؛ صارت معه 


147 


هذه الدن» وحتی المدن الأخرى الواقعة في الداخل» کمراکز للثقافة البونيقية» قبل 
أن تغدو مراكز للرومنة. ومنذ القرن الرابع كانت الجرار الكبيرة الصنوعة في هذه 
الدن تباع للموریین في القری PT‏ الذين ربما كانوا قد بسطوا سيطرتهم على 
هذه الدن أيضاً. 

وتوجد في وليلي كتابة نقوشية تبين سلسلة النسب لكبير القضاة القرطاجيين 
سويتنكن SWYTNKN‏ وفي هذه الكتابة الدليل على أن المدينة كان لها وجود منذ 
القرن الرابع » وأن وظيفة القاضي قد 5 تقررت فيها منذ بداية القرن الثالث» وريا قبله. 


الاسم الذي کتب له البقاء 

لاشك أن مملكة الموريين» واسم الموريين بشكل خاصء قد سارا بالتدريج إلى 
تسام وانتشار.قأما LI‏ فق جف الوا ذلك الاتساعفي أعفات no‏ 
فقد سلم بوخوس الأول صهره وحليفه يوغرطة إلى سيلاء وحصل في مقابل خيانته 
وتحالفه الجديد على الجزء الغربى من المملكة النوميدية» الذي كانت تكونه ماسيسيليا 
سابقاً. 
أن التقسيمات القديمة التي تعود إلى ما قبل التاريخ ظل لها وجود. وفي هذا تفسير 
لأن يكون الرومان بعدما أعدموا بطليموس» آخر الملوك الموريين (في سنة 40( 
قاموا بتقسيم المملكة [المورية] إلى قسمين؛ موريتانيا القيصرية (ماسيسيليا سابقاً) 

كان روم في هاتين المقاطعتين أقل رسوا ما في مقاطعة إفريقياء التي كانت 
محكومة من وال روماني» وجعلت منطقتها العسكرية في وقت لاحق على تنظيم 
خاص وصارت تعرّف باسم نوميديا. اوت هذا ل جارف بن خی nl‏ و لوب 
الذي وقع بين المجموعتين من المقاطعات تفسیر للتحول التدريجي الذي صار إليه اسم 
#المزريين؟؛ ققد ار خلال القرون الي غمرتها السيطرة الرومانیة» تغلب في معناه 
IY‏ على أولئك الذين لبثواة في إفريقيا خارج الثقافة [الرومانية] السائدة وخارج 
الهياكل السياسية [الرومانية]. فقد كان الموري بالنسبة إلى الروماني أو الإفريقي 
المتروم كمثل ما سيكون البربري بالنسبة إلى الغازي العربي على وجه التقريب. 
وهكذا ستظهر آلهة مورية dii Mauri‏ (انظر الفصل الرابع ) - وسيشتهر ذكرها 


148 


في نومیدیا ومقاطعة إفريقيا أكثر ما في الوریتانیتین - وستصیر العادة عند المؤلفين 
خلال القرون الأخيرة من السيطرة الرومانية» وعلی عهد الوندال» أن یتحدئوا عن 
عصابات» عن (مورية)»› 9 البلدان النوميدية سابقاء وسیذ کرون وجودها 
حتى في قلب ما يعرف حالياً بتونس! 

ولقد حافظ الإسبان في زمن حروب الاسترداد» وحافظ الأوروبيون من بعدهم 
على هذا الاسمء بل إنهم زادوا توسيعاً لدلالته؛ إذ صار يدل على سائر من نسميهم 
اليوم «مغاربيين»ء أو سكان شمال إفريقيا. وقدم الموريون المطرودون من إسبانيا 
للاستقرار في المدن الإفريقية؛ حيث احتفظ لهم البربر المستعربة باسم «الأندلسيين». 

لكن ذكريات العصور القديمة الكلاسية بالإضافة إلى الإيحاء «الانتقاصی» 
الذي تنطوي عليه الصفة الإغريقية» (Mauros) uavpoc‏ قد أعادا الحياة 5 
عهد الاستعمار إلى اسم الموريين Maures‏ واسم موريتانيا Mauritanie‏ (بدلاً من 
«(Maurétanie‏ فصارا يدلان أحدهما على السكان الرحل» وغالبيتهم من المستعربة 
والثاني على البلاد الواقعة في جنوب المغرب؛ والمراد بها موريتانيا الطنجية سابقاً. 


الجينول 

سمى المؤلفون القدامى الجنس الثالث الذي استوطن شمال إفريقيا باسم 
«الجيتول». وتحديد موقع الجيتول أمريغلب عليه التكهن والتخمين؛ فقد ورد الحديث 
عن وجودهم في الغرب» والجزائ ئرء وتونس في وقت واحد» فكأننا بالليبيين سكان 
هذه المناطق كانوا عند نطاق معين من خط العرض یجعل لهم تلقائياً اسم «الجيتول». 
لكن هذا الاسم لم يظهر إلا في وقت متأخر في الأدبيات؛ وكان سالوستيوس هو 
أقدم من ذكره من المؤلفين» وقد نسب إلى الجيتول أنهم اضطلعوا بدور مهم في 
تكون الشعب النوميدي. وذکر تيت ليف أن بعض الجيتول كانوا جزءاً من جيوش 
te‏ 

والذي يبدو أن الجيتول کانوا في موریتانیا الطنجية شديدي التهدید [لجيرانهم]. 
وقد كان لبعض PUS‏ الجيتول» من SUN‏ ر » Baniures‏ و «الأوتو لول» Autololes‏ 
اندفاعة صوب الشمال» فقامت خلالها باحتلال البلاد التي لا یبعد أن یکون منها اصل 
قبيلة الوریین. ثم سار هؤلاء اجیتول في توسع صوب الجنوب» حتی جاءوا إلى 


1 - Tite-Live (XXIII, 18, 1). 


149 


بلاد الإثيوبيين. . ووقع الأمر نفسه کذلك في المقاطعات الرومانية الاخری في إفريقيا. 
ولقد pr‏ الخلاف بشأن دلالة الکلمة (الائیوبیین» Sub (5, Ethiopien‏ يما تعذر 

معه الاتفاق حول تحديد لموقعهم. فهل كان الجيتول يعمُون السهوب والصحراء 
Lu‏ أم كانوا يقتصرون على الاطراف الجنوبية من بلدان الأطلس» فيما الصحراء قد 
ترکت لقوام من اللونین؟ P‏ و ی 
ون a FE‏ الهو یه J JA‏ 
في الوقت الحاضرء وأما الائیوبیون فقد کانوا یستوطنون الواحات» كما الحراثين. 
وربا جاز لنا القول كذلك إن مبتدأ إثيوبيا في شمال الواحات» أو إن جیتولیا تمتد في 
الجنوب إلى الحدود التي كان ينتهي إليها الرحل من البيض. 

ويحق لنا من كل الوجوه أن نذهب إلى الاعتقاد بأن الجرمنتيين» وهم شعب 
من الرحل» كانوا يعيشون في فزان وفي تاسيلي نعاجرء قد كانوا من البربر ولم 
يكونوا من الإثيوبيين» بخلاف ما يذهب إليه س. گسيل» وقد كانوا على علاقة 
موصولة بالجيتول. وإذا زدنا إمعاناً في ناحية الشرق وجدنا الليبيين الرحل الذين 
ذكرهم هيرودوت يتوغلون بعيداً في الصحراء؛ فقد كان الناسامونيون Nasamons‏ 
يخرجون إلى واحة أوجلة ليجنوا منها التمورء أو بالأحرى ليأخذوا نصيبهم من 
محصولها. وق راط prive‏ قن الس خی جاءوا عند الأقوام من السود 
الجاورین في تشاد أو النیجر ! . وفي أقصى الغرب كان الفریسیون الرحل» الذین 


9. فارس يصطاد الها. نقيشة من تینزولین (جنوب الغرب). 


1 - S. Gsell (IV, 172, 182, IT, 22). 


150 


ييزهم سترابون عن الإثيوبيين» يقطنون بلداً «يعرف وفرة الأمطار في الصيف»! 
ولا توجد مثل هذه الظروف المناخية في الوقت الحاضر إلا في جنوب وادي الذهب . 

وليست حدود الأقاليم الجيتولية في الشمال بمعروفة أكثر ما هي في الجنوب . 
وقد رأينا عدم اليقين الذي يسود في تحديد المواضع في المغرب الأطلنتي» وهو 
شيء يزداد تفاحشا في الوسط من بلاد الربر؛ فهذا سترابون لم يزد على القول 
إن بعض الأراضي [هنالك] كان يقوم على فلاحتها الجيتول. ومن الثابت لدینا أن 
قفصة أبعد إلى الشرق» كانت معدودة على عهد يوغرطة فى بلاد الجيتول. وهذا 
ماريوس Marius‏ قد ضم إلى جنده بعض السوقات من الجيتول» وأعطاهم أراضي 
في نوميديا ومقاطعة إفريقياء وبقي أحفاد الجيتول ماريوسيين مخلصين خلال 
الحروب الأهلية. وبعد نصف قرن من الزمن تم لسيتيوس 5111105 الاستيلاء؛ خلال 
اخرب الأهلية» على «مدینتین جيتوليتين»» وذلك بعد احتلاله لسيرتا؛ ولكن ليس 
معنى ذلك أن هاتين المدينتين كانتا قريبتين إلى الدينة النوميدية. 

ويولي س. كسيل أهمية كبيرة إلى دعوى أبوليوس ۸0۵166 الذي يعرف 
نفسه بأنه نصف نوميدي ونصف جيتولي» وأن موطنه مداوروش Madaure‏ كان 
يقع إلى جوار نوميديا وجيتولية. وفي القابل يكتب سترابون أن بين جيتوليا 
والساحل المتوسطي «يوجد الكثير من السهول والجبال» بل توجد كذلك بحيرات 
عظيمة وأنهار» وبعض هذه الأنهار ينقطع فجأة ويختفي في جوف الأرض»”. وهذا 
وصف صحيح للمناطق الواقعة جنوب قسطنطينة» لكن لا يبدو أن فيه مايؤكد صحة 
RAENT‏ وس. گسیل يدرج قبيلة المزالمة Musulames‏ الكبيرة في الجيتول 
واعتقد أنه یعتمد في هذا القول على نص آبولیوس. وإذا ما علمنا OÙ‏ حدود اقلیم 
المزالمة كانت على عهد الامبراطورية [الرومانية] لا تکاد تبعد بأربعة کیلومترات عن 
مداوروش» وأبوليوس يذكر أن هذه المدينة كانت تقع على تخوم نومیدیا وجیتولیا 
يكون من المغري أن نقو م بهذه التقریب . لكننا لم نجد تاسيتيوس Tacite‏ ولا أياً من 
المؤلفين الذين عرضوا للمزالمة» ذكروا قط أن هذه الأقوام تدخل في الجيتول. ولیس 
يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل إن تاسیتیوس. الذي أسهب في الحديث عن المزالمة 
في سياق تناوله لثورة تاکفاریناس «Tacfarinas‏ يصفهم دائمً بالنوميديين. ثم إننا 


1 - S. Gsell (XVII, 3, 7). 
2 - Apulée (Apologia, 24, 1). 
3 - Strabon (XVII, 3, 19). 


151 


لا يمكننا حتی أن نعترض بالقول انه يستعمل هذه الكلمة labag‏ العام والواسع 
ذلك بأنه ييز JR‏ عناية بين النومیدیین (الزالة) الخاضعين لتاکفاریناس والوریین 
المؤتمرين L- jU‏ 1۷۲۵21002 ۰ ویفرق بینهم واطرمنتیین. وهذا بول آوروس Paul‏ 
۵ يجمع في جملة واحدة بين المزالمة والجيتول؛ با يعني أن المزالمة يتمايزون في 
اعتقاده عن الجيتول. ولو كان المزالمة من الجيتول فسيكون علينا أن نسلم OÙ‏ بعض 
الجيتول لم يكونوا من الرحل بأي حال» وأنهم كانوا لا يكادون يتمايزون عن المزارعين 
النوميديين فمن الواضح أن المقابر الكبيرة التي في قسطل وفي جبل مستيري Mistiri‏ 
ضمن بلاد المزالمة» قد كانت مدافن للسكان من المزارعين المقيمين» ولم تكن بأي حال 
مدافن للرعاة الرحل. 

فمن هذا الذي ذكرنا يت يتضح أن كلمة «جیتول» ليس لها من معنى سياسي 
ليس لت من معنى عوقي فقد كانت سل على الدوام تراه يها سا 
الجنوبيون من المحيط إلى سرت بل وحتی جنوب برقة! ؛ أي أنها كانت تطلق على 
آقوام هي بالضرورة من الرحل. 

وقد كان الجيتول على اتصال بالجرمنتيين» الذین یصعب تمييزهم عنهم» وعلی 
اتصال بالوثيوبيين في الواحات وفي السودان» وعلى اتصال كذلك بإخوتهم في 
العرق النوميديين وا موريين في بلدان الشمال السعيدة بمايعني أنهم كانوا يستوطنون 
السهوب الشاسعة في الجهة شبه الصحراوية من بلاد البربر. وربما جاز لنا أن دخل 
المزارعين الذين تتحدث بعض المصادر عن وجودهم في مناطق متفرقة من جيتوليا 
في مجموعات السكان المقيمين» الذين كانوا يستوطنون معظم الأودية الرطيبة في 
الأطلسء وأما الجيتول فكانوا في غالبيتهم العظمى من الرعاة الرحل. وكان هوّلاء 
الفرسان أحفاد «البقريين» البیض الذين عاشوا في أواخر العصر الحجري الحديث 
وأسلاف الجمالين » تعلموا من قبل كيف یصعدون في الأصياف صوب الراعي E‏ 
في الشجاك . وقد آمکن لهم خلال ذلك الصعود التواتر في الصحراء وسط بلاد 
البربر أن يدخلوا إلى المناطق الواقعة بطول تلك الطريق بعض أشكال الأنصاب التي 
يغلب فيها الطابع الإفريقي على الطابع المتوسطي. فالذي يبدو أن هؤلاء الرحل 
المحبين لحياة العزلة والتوحد كانوا يهتمون للعبادة القابرية أكثر مما اهتم لها جيرانهم 
في الشمال. فالمذابح» والعالم» والسرادیب والمصليات الملحقة بالقبور تدل عندهم 
على ممارسات لم يكن عهدٌ بها لدى النوميديين أو عند الموريين. 


1 - Strabon (XVII, 3, 19, 23). 


152 


استمرار التقسیمات الإقليمية 


لقد ظلت الساكنة البربرية» طوال العصور القديمة» أي إلى الغزو العربی أو 
الى از الس کي مادا الت مره یر زارد اتی سرا مدان 
ظلت - ولو لم Les‏ لها سس وقواعد ترابية حقيقية - تتوزع بقدر من الاستمرارية 
تبعاً لرسيمة ابتة من عهود ما قبل التاریخ. فهي بين رحل في الناطق التي تعرف 
حالياً بليبياء وفي جنوب الغرب الكبير حيث سوا بالجيتول» وفي شرق الصحراء 
عن سکیا با جر منتيين » وبين مقيمين وآشباه رحل في مقاطعات الشمال؛ فهم 
اللیبیون الفینیقیون» والأفري في إقليم قرطاج» وهم النوميديون في غرب تونس 
وفي الجزائر» وهم الموريين في الغرب . وكما سبق لنا أن رأيناء فهذه التسمية الأخيرة 
بيست للع تخا حا يسار الأقوام من غير المتروّمة» حیثما وجدت من منطقة 
شمال إفريقيا 


0. مسلة منقوشة من قبر بمصلى في جرف التربة» قرب بشار (غرب الجزائر). 

والحقيقة أن التفريق بين الأفري والنوميديين والموريين يبدو حتى للمؤلفين 
د من الكتابات أكثر ما هو انعكاس لواقع عرقي . . فهذه التسميات 

ز إلى الواقع الجغرافية للقبائل الرئيسية التي اشتقت من أسمائها في بادئ الأمر 
أ المالك الافر يقية» ثم أسماء المقاطعات الرومانية. وقد كان في السياسة التي 
ظلت من ثوابت العمل الاداري الرومائي طوال قرون هديد والقائمة على حصر 
القبائل في نطاقات معلومةء سب في تقوية هذا الأساس الترابي» حتی وان كان قد 
ترجم في انحسار كبير في الجال الخصص لكل قبيلة من تلك القبائل. 


153 


1. بربر شمال افریقیا الاوائل. 


ولقد كان الافریقیون على شيء من الاستعداد لهذا الأمرء بفعل الاتصال الذي 
كان لهم منذ آلاف السنین بالقرطاجیین. فبعد أن زهد القرطاجیون في أن تکون لهم 
سيادة ترابية حقيقية (فقد کانوا حتی القرن الخامس یدفعون جزية. أو کانوا بالأدق 
یدفعون إيجاراًء عن الجال الترابي الذي تقوم عليه مدينتهم» إلى بعض اللوك 
الحلیین الصغار) لم یلبثوا أن كوّنوا لهم مجالاً ترابياً آول انحصر في بادی الامر 
عند النواحي القريبة إلى تلك المدينة» ثم صار إلى اتساع حتی شمل القسم الاکبر 
من تونس, وامتد في وقت من الأوقات حتی منطقة تبسة في الجزائر. وقد جری هذا 
التوسع على حساب النومیدیین الماسيليين» فکان رد فعل هؤلاء أن صاروا یبذلون 
احرص الشدید على ما تبقی لهم من أراض. فالسياسة التي انتهجها ماسینیسا 
والقائمة على استعادة الاراضي على حساب قرطاجء ودب علیها طوال نصف قرن 
من الزمن )150-201 ق. م.)» غا كانت ترمي إلى التقليص من نطاق هذه المدينة 
إلى مجالها الترابي الذي كانت عليه في البداية» ولكنه قام في الوقت نفسه بالتوسيع 
من مملكته في ناحية الغرب» بضمه ملكة سيفاقس ومملكة ابنه فرميناء أي ماسيسيليا. 

لقد كان فى زوال الممالك النوميدية والمورية فائدة لروماء وكان زوال تلك 
المالك غا مراحل ديد افقد مرت قرا آلقوتین من اومن ين قانفیر 
قرطاج (146ق. م.) وضم موریتانیا (240). فلا يمكننا البتة أن نتحدث عن طمع 
[من جانب روما]ء ولا أن نتحدث ولو عن تعجل [منها] للسيطرة على افریقیا. 
فبعد إعدام بطلیموس» آخر ملوك موريتانياء جری تقسیم البلاد إلى مقاطعتین وفقا 
لثابتة ترابية من الهم التنویه الیها؛ فکانت إحدى تينك القاطعتین» نرید موریتانیا 
القيصرية» تطابق بالتمام والكمال المجال الترابي الذي كان من قبل لماسيسيليا (وسط 


154 


الجزائر وغربها) والقاطعة الثانية هي موریتانیا الطنجية. وهي تطابق بالتمام والکمال 


ادارة القبائل في العهد الروماني 

صارت الادارة الرومانية حينئذ ولیس آمامها غير قبائل تکون أحياناً شديدة بأس 
متى كانت تتزعم تجمعات قبلية حقيقية؛ كما هو الشأن عند الباکوات" في موریتانیا 
الطنجية و کما المزالمة فى مقاطعة افریقیا» والباقار 2۷2765 فى موریتانیا القيصرية. 
وقد عرفت القبائل» أو «العشائر»» أوضاعاً إدارية شديدة اختلاف وتباین؛ فبعضها 
كان يخضع للحكم الشديد المجحف من ولاة (praefectus gentis)‏ يكو نون في 
معظمهم من الضباط الثانويين في الجيش الروماني ذوي الأصول المحلية. وكان هؤلاء 
الولاة يلجأون حين الاضطرابات إلى تكوين «قوم» goum‏ من الجنود المساعدين. 

وكانت أراضي القبائل المحكومة من هؤلاء الولاة تقع داخل المقاطعات الرومانية 
لكنها ظلت تحتفظ بتنظيمها السابق؛ فما أسهل ما كانت تستعيد روح الاستقلال لديها 
حين تنشب الاضطرابات» أو حين تضعف السلطة الإمبراطورية» فتتخلص من 
«قياد»هاء ما لم يكن هؤلاء هم من يطلقون تلك التمردات. 

وبعض التجمعات القبلية تکون» حسب الأمكنة والأزمنة» يحكمها رؤساء 
ينح لهم اللقب الملكي المعترف به رسمياً من لدن الولاة الرومان» الذين كانوا 
يوقعون وإياهم معاهدات تحالف» ويسلمونهم في محافل رسمية شارات السلطة. 
وقد كان هؤلاء الرؤساء» على عهد بروكوبيوس (فى القرن السادس) يحصلون 
على تاج OU pes‏ من الفضةء ومعطف» وسترة أبيضين» وحذاء مذهب. والحالة 
المعروفة لدينا أكثر من سواهاء لأنها وردت فى تكريسات عديدة اكتشفت فى 
خرائب وليلي (في موريتانيا الطنجية)ء تتعلق بالملوك و«الأمراء» الباکوات. وان 
في كثرة «هياكل السلام» التي تعود إلى القرن الثالث لما يدل في الحقيقة على 
ضعف میثاق السلم الروماني (Pax Romana)‏ في تلك المنطقة. وكذلك كان 
للجرمنتیین في الصحراء ملك وکانت لهم به علاقات موصولة ورسمية. 


«Baquates -*‏ ویقال لهم كذلك الباغطیون. 


155 


غموض الوظائف الادارية. والرئاسات البربرية 
في آواخر الامبراطورية 

لقد كان من الطبيعي أن یترافق الضعف الذي ران على سلطة الامبراطور في 
آواخر عهد الامبراطورية الرومانية مع انبعاث لقوة الرژساء الحلیین . فقد شهدت 
آواخر القرن الرابع صعود آسر كبيرة جمعت بين مناصب إدارية في المقاطعات 
الرومانية وقیادات تقليدية کبیرة. وأفضل مثال علیها تقدمه لنا تلك الاسرة الأميرية 
فى منطقة القبائل؛ فالاب فلافیوس نوبل Flavius Nubel‏ كان يلك أرضاً شاسعة 
ودارة فطق of‏ ما Se‏ أن نسمیه الیوم «tte‏ في منطقة بلاد گیتون Blad‏ 
Guitoun‏ (مترفیل Ménerville‏ سابقاً)» وأغلب الظن أن یکون لاجله شید الضریح 
ا لجميل في تلك الناحية. ثم كان أن تزعم ابنه الأكبر فیرموس Firmus‏ في سنة 372 
تمرداً واسعاً امتد إلى قسم کبیر من موریتانیا القيصرية» ولقي القائد البربري 
الدعم من قبائل كثيرة في منطقة القبائل» ومن الونشریس» والظهرة. وحتی 
لقد استولی على عاصمة القاطعة؛ قيصرية Caesarea‏ (شرشال (Cherchel‏ 
وأحرق الاکوزیوم Icosium‏ (في مدينة الجزائر). وتطلب الامر إرسال مدير 
ا لجنو د (magister militum)‏ ثیودوس Théodose‏ والد الامبراطور المقبل» الذي 
تسمی بالاسم نفسه» على رأس حملة حقيقية للقضاء على ذلك التمرد. والحال أن 
التاریخ عرف آربعة إخوة لفیرموس قد تقلدوا هم الا خرون آرفع الناصب؛ وهم : 
ساماك «Sammac‏ الذي حاز قلعة بترا Petra‏ في وادي الصومام Soummam‏ 
جنوب بجاية» وجیلدون ۰611002 الذي شارك إلى جانب ئیودوس في محاربة 
آخیه فیرموس» وصارت له على عهد هونوریوس Honorius‏ صفة الکونت على 
إفريقياء وهي آکبر سلطة عسكرية في سائر القاطعات الافريقية. ثم لم یلبث أن 
تمردبدوره على السلطة الإمبراطورية» وكان تمرده خاصة على ستيليكون Stilicon‏ 
الوزير القوي لهونوريوس الضعيف. ثم أعلن جيلدون ولاءه للإمبراطور الآخر 
(الأبعد) أركاديوس «Arcadius‏ وكان 5 في القسطنطينية» فأوقف توريد 
الزيت والقمح الإفريقيين» فكان بذلك يستعمل سلاحاً اقتصادياً رهيباً قد أوشك 
يجوع روما في بضعة آسابیع . وجعل آخوه ماسیزیل Mascezel‏ على راش 
القوات التي أرسلت لمحاربته» فتم له القضاء عليه في ربيع 398. لكن ماسيزيل 
سيعدٌ م بدوره بعید ذلك» وسیقتل معه دیوس Dius‏ آخر أبناء تویل, 


156 


تبين هذه القصة المأساوية إلى أي مبلغ من القوة وعلو القام وصلت آسرة 
افريقية حديثة عهد بالتروّم لکن مسيحية» كان معظم آفرادها یحملون آسماء 
بربرية (نوبل» وجیلدون. وساماك» وماسیزیل). بل وجدنا (dux) Gys‏ سابقاً 
هو السمی ماستیس Masties‏ يقوم» في آواخر القرن الخامس تحت حکم الوندال 
یعلن نفسه إمبراطوراً في الأوراس» ویصدع بولائه لروماء ویشهر صفته السيحية. 

واذا كانت هذه الأمثلة معروفة آکثر من غيرهاء فانها لا عثل حالات معزولة. 
ففي تلك الفترة نفسها أقيمت في البوادي والقری الافريقية فنادق fondus‏ وقلاع 
il> castellum‏ ودارات وبیوت محصنت وکلها شواهد على التفکك الذي وقع 
في السلطة [الرومانیة ]. 

وسوف تؤدي هذه السلطات الاقليمية التى صارت للزعماء البربر فى القرون 
لتي بعذه وتعت حکم الوندال ثم البیزنطیین» إلى نشوء مالك حقيقية مستقلة 
لكن لم تكن أسسها من القوة التي تؤهلها للصمود طويلاً للغزو العربي. ولا تعوزنا 
الشواهد الأدبية والمعمارية» وحتى النقائش الكتابية فى هذا الباب» وهی تساعدنا 
عنی تصور إلى ما كان يمكن أن تصير هذه ll‏ التي جمعت في غير تنسیق 
أخلاطاً من بقايا ثقافة لاتينية» ومسيحية بسيط 6 وتقاليد بربرية راسخة. وكان ماسونا 
8 واحداً من هؤلاء الأمراء [البربر]» وقد أعلن نفسه فى غرب الجزائر ملكا 
على الوریین و«الرومان». أوليست هى الصفة ذاتها التی آعلنها کلوفیس Clovis‏ 
لنفسه خلال الفترة نفسها في شمال بلاد الغال؟ | 


157 


البريرفي العصور الوسطی 


يبدو أن مختلف الاقوام والامارات البربرية التي عاشت في العصور القدية 
کونت مجموعة من الاعراق بقیت أسماؤهاء وحتی بعض مواضعهاء ثابتة لم يكد 
یطالها تغير على مر العصور. وها قد رأينا أن في العهد الروماني كان التصور 
الإقليمي للسلطة عاملاً في ظهور توجه واضح جلي عند الإفريقيين إلى تكوين أقاليم 
خاصة بهم» آلت بعد ذلك إلى (gentes) PLIN‏ ثم إلى الأمراء. 

وشتان ما بين هذه الصورة وتلك التي يأتي بها المؤرخون العرب من القرون 
الوسطى للبربر. وصحيح أن هؤلاء الكتاب» خاصة منهم ابن خلدون؛ وهو المصدر 
الرئيس» لم يكتبوا إلا بعد الغزو العربي بقرون عديدة» وأنهم إذا كانوا يرجعون 
إلى نصوص سابقة عليهم بكثير» بعضها من إنشاء بحاثة من البربر قد تلقوا علومهم 
باللغة العربية» فإنهم يصدرون عن تصورات مختلفة كلياً عن تصورات من كتبوا 
في العصور القديمة. فقد كان هؤلاء يصدرون عن رؤية شمولية وإقليمية معا 
فكان عندهم أن كل شعب يقطن منطقة من الناطق يکن أن يكون جاء إن جزئياً أو 
كلياً من بلاد أخرى. وحسبنا أن نعود في فهم هذه الآلية إلى الأسطورة التي نقلها 
سالوستيوس بشأن أصول النوميديين والموريين» أو نعود إلى نص بروكوبيوس الذي 
أنشأه بعد ذلك بستة قرون عن تلك الأصول. 

وفي المقابل فان المؤرخين العرب یغلب عليهم في ما كتبوا منحى النسابة. 
فالذي هرن دی اا ريشكل تطبدر Su AT‏ لا هو الي 
الحثيث لتكوين أنساب» يسيرون معها ارتداداً فى الزمان للانتهاء إلى الجد الذي 
منه جاء اسم النسب من الانساب . ومذا تصور آبوي نراه ثابتاً عند الشرقیین وقد 
کان الفینیقیون آدخلوه من قبل GA‏ البربر. فبعض السلات في قرطاج» وفي بعض 
الدن الافريقية ذات الثقافة البونيقية» وحتی في وليلي «à ail‏ » تطالعنا بسلاسل 


159 


آنساب لامتناهية» ومن قبیلها السلة التی تخص القاضی سویتنکن فى ولیلی» وقد 
سلفت إشارتنا الیها؛ فهی تبین أسماء حداف عن ستاو اسان اعد سرت 
هذه العادة الفينيقية اا لدی اللیبیین لکنها Cds‏ في العهد الروماني» فأصبح 
يقتصر عامة على ذكر الأب . 

Lis‏ مؤرخو العصور الوسطی فما عادوا يتحدثون عن أقوام» بل صار حديثهم 
عن أسر أبوية كبيرة. فالفخدات» والعشائر» والقبائل تعرف قرابتها إلى بعضها - أو 
تقول بتلك القرابة - عن طريق الاعتراف بوجود جد مشترك بينهاء أو من خلال 
الوجود الثابت لذلك الجد. ومن الواضح أن هذا التصور الْنسبي لا يستند إلى أي 
أساس ترابي» ولذلك فبعض المجموعات تزعم انحدارها من جد واحد تتسمى 
باسمه» وتکون تتوزع على مواضع تبعد عن بعضها بالاف الکیلومترات. فهؤلاء 
صنهاجة أحفاد برنس* تجدهم في منطقة القبائل الکبری» وفي الهقار» وعلی مقربة 
من السنغال (الذي منهم جاء اسمه)» فتكون لهم لذلك أساليب وأغاط في العيش 
في غاية التباين والاختلاف. 

والتفرق» بل التشتت» نراه أكبر وأعظم في «آسرة» آخری؛ ذلكم هم زناتة 
أحفاد ضاري Dari‏ وهو نفسه حفيد لمادغيس .Madghis‏ كتب ه. تيراس 
H. Terrasse‏ : كانت زناتة تمتد متوسعة حيثما لم تلق مقاومة كبيرة» ثم تتراجع 
أو تنتقل عن مواضعها متى منيت بالفشل». فنحن نجد لهذه القبيلة أحفاداً في سائر 
مناطق المغرب الكبير وشمال الصحراء. 

إن هذه الأنساب العديدة التى ظلت محفوظة فى الذاكرة الجماعية [دون أن 
يطالها نقصان]ء وكانت تزداد تشعباء ما يتحتم عليها من تحالفات سياسية» أو ضم 
أفخاد جديدة إليهاء تبعثنا على شعور مض بالتفرق والالتباس يقوم على طرفي نقيض 
مع التوزعات الجغرافية في العصر الكلاسي. وليست هذه التوزعات بأصح [من 
تلك الأنساب]ء لكنها تقوم على ثابتة ترابية تتأبی كلياً عن إدراك النسابة العرب . 

صحيح أننا إذا ما وضعنا أنفسنا في عهد ابن خلدون. مصدرنا الرئیس؛ أي 
في القرن الرابع عشرء سنجد أن هنالك ثلاثة أحداث ذات أهمية كبيرة قد هزت 
المعطيات الجغرافية السياسية والعرقية لافریقیا القديمة. أول تلك الأحداث وأشدها 


*- هو صنهاج بن برنس بن بربر. 


160 


غموضاً یتمثل في ظهور قبائل كبيرة من الرحل الجمالين على الطرف الجنوبي الشرقي 
لإفريقيا الرومانیة» وذلك ابتداء من القرن الرابع . والثاني هو الغزو العسکري العربي 
الذي وقع في القرن السابع . والثالث هو التمثل في وصول قبائل عربية عديدة من 
الرحل في القرن الحادي عشرء أو ما يسميه المؤرخون بالاجتياح الهلالي . 


قيل الإعصار صحراء هادته 


لم تبدا قبائل الجمالين الكبيرة في ممارسة ضغط مقلق حقاً على طرابلس الغرب إلا 
في القرن الرابع . وقد كانت روما أقامت في القرنين الثاني والثالث شبكة من الطرق 
وعززتها بكثير من المواقع الحصينة» سميت بقصد التبسيط خطوطاً للتحصينات. 
وما كانت مجرد خطوط حدودية» بل كانت مناطق عسكرية تتسع في بعض الأحيان 
إلى مائة كيلومتر أو نحوهاء فمكنت من توطين مزارعين على أراضي كانت من قبل 
مناطق للتنقل» كما أتاحت الاتساع لنطاق تجارة للقوافل عبر الصحرای وسمحت 
بمراقبة تنقلات الأقوام من أشباه الرحل. وبين أيدينا شواهد كثيرة على هذه العملية 
من احتلال الصحراء وتعميرها. وان روعة مدينة مثل لبدة الكبرى Lepcis Magna‏ 
وثراءها ليعتبران نتيجة مباشرة لذلك الاحتلال وذلك التعمير. وقد تكون الأكثر 
إثارة [في هذا الصدد] تلك الوثائق البسيطة التي عثر عليها في بونجيم وهي نقطة 
عسكرية فى صحراء طرابلس قد اشتغل ر. ریبوفا R. Rebuffat‏ بالتنقيب فيها 
سنین عديدة. وما كانت هذه الوثائق سوى شقوف من الفخار القديم ostraca‏ 
مسجلة عليها في بضع كلمات كل الأحداث [حتى الصغيرة منها والزهيدة] : 
الإرسال جندي مرتزق في مهمة عند الجرمنتيين»» أو «مرور بعض الجرمنتيين يقودون 
أربعة جحو ش» .(Garamantes ducentes asinos IV...)‏ فمنذ القرن الثانى كان 
الجرمنتيون يستوردون المنتجات الرومانية» من قبيل الجرار والآنية الزجاجية والحلى 
حتى إلى قصورهم البعيدة في فزان» وكان مهندسون من الرومان يقومون على بناء 
الأضرحة للأسر الأميرية فى جاراما .(Djerma) Garama‏ 


161 


لفاتة ولواتة : خطر الحمالین 

تطالعنا هذه الأقالیم في آواخر الامبراطورية الرومانية في صورة من عدم 
الاستقرار. فهذا آمیین مارسولین Ammien Marcellin‏ یفیدنا أن إحدى قبائل 
الرحل» هی السماة آوستورياني EER Austoriani‏ كذلك باسم اجوز 
«Austur‏ و أو ستوريي «Austurii‏ وأو سوریانی «Ausuriani‏ فاللاتین والإغريق کانوا 
على الدوام يشوهون اسم البربر أيما تشویه)؛ حاصرت" في سنة 363 لبدة الكبرى 
وأويا c Oea‏ وربا تكون حاصرت كذلك صبراته» وهي المدينة الثالثة في طرابلس 
الغرب . واضطر الكونت على طرابلس الغرب إلى أن يعود لمحاربة القبيلة المذكورة 
في سنتي 408 و423. وفي الوقت نفسه كان ظهور هذه القبيلة في برقة» حسبما 
یفیدنا ی «Synesius‏ الذي لم يترك مجالاً للشك بشأن هوية هذه الأقوام 
فهو یصفهم بأنهم رحل خبیرون بتربية الجمال» ویقدرون على التنقل لسافات ao‏ 
على أطراف الصحراء. وقرناً بعد ذلك. تحت حکم الوندال» وفي آثناء الغزو الثاني 


52. کلوسترابثر pl‏ علي؛ آحد مکونات خطوط التحصینات الرومانيةفي ابمنوب التونسي. 


*- الاسم القديم لدينة طرابلس الليبية. 
*- كتب: tribu nomade )...( assiègent}‏ ۱۱۵۵6 


162 


البيزنطي» توغل هؤلاء الأوستوریون آنفسهم. ومعهم قبائل آخری» في بیزاسین 
6 («(في وسط تونس وجنوبها) بل تحالفوا مع بعض الموريين» کانوا دون 
شك من سکان الجبال في منطقة الظهیر التونسي وهم الذین کونوا لهم مملكة تحت 
حکم الدعو آنطالاس Antalas‏ *. ومن جملة هوّلاء الرحل الذین توغلوا يومئذ 
بعيداً في البوادي الافريقية» كانت هنالك قبيلة سنؤثرها باحدیث فوق غیرها. 
وقرف هذه القبیلة بتسمیات شتی؛ الأکواس ellaguas‏ ولاگواتان Laguatan‏ 
ولثاتة cLevathae‏ وهي الأقوام نفسها التي تعرف عند المؤلفين العرب باسم 
«لواتة». ويذكر برو کوبیوس وكوريبوس Corippus‏ أن فى سنة 544 توغل لواتة 
في بيزاسين» وبعد آربع سئين حاصروا الأعراش s(Lorbeus) Lares‏ تلك المديئة 
الهمة الواقعة واسطة بين قرطاج وتبسة. وقد وجد البكري وابن خلدون لواتة 
هؤلاء أنفسهم في جنوب الأوراس وحتى قريب من تيارت". فكأننا بهذه القبائل 
الكبيرة من الرحل ظلت تتقدم ببط ء طوال قرون من برقة باتجاه وسط المغرب 
الكبير. فکانت واحدة من تلك الحركات التي كنا نراها من قدي العصور تدفع 
آقواماً من الشرق صوب الغرب الکبیر. 

وتحکي الف الل سا التي آنشآها کوریبوس» وهو آخر الكتاب 
اللاتين في إفريقياء عن المعارك التي لزم Le‏ تروگلیتا «Jean Troglita‏ قائد 
القوات البيزنطية» أن يخوضها ضد هؤلاء الخصوم الأشداءء حلفاء الموريين 
في الداخل. فقد بقي هؤلاء البربر الرحل على الوثنية؛ فهم يعبدون الهاً یثلون 
له بثورء ويسمونه گورزیل ۰0۷۲211 والها للحرب» يسمونه سنیفیر Sinifere‏ 
وكانوا يجعلون جمالهم التي كانت تخيف خيول الفرسان البیزنطیین على هيأة 
دائرة؛ فتقوم للنساء والأطفال الذين يتبعون هؤلاء الرحل في تنقلاتهم بالحماية. 


*- من أبطال المقاومة الأمازيغية المورية» ومن أهم ملوك إمارة الفركسيس في الظهير التونسي. 
*- يريد قول ابن خلدون : «وکان منهم بجبل أوراس أمة عظيمة ظاهروا أبا يزيد مع بني كملان على أمره . 
ولم يزالوا بأوراس لهذا العهد مع من به من قبائل هوارة وكتامةء ويدهم العالية عليهم تناهز خيالتهم 
ألفاً وتجاوز رجالاتهم العدة. وتستكفي بهم الدولة في جباية من تحت أيديهم بجبل أوراس من القبائل 
الغارمة فیحسنون الغناء والكفاية»» تاريخ ابن خلدون. م. 6.5 ج. 6» ص 153 . ولعله يريد كذلك قول 
البكري : «وهذه تيهرت الحديثة (...) وبقبليها لواتة»؛ السالك والمالك م. ذ.» ص. 734. 
Johannide‏ —* 


163 


فأ 
a‏ 


3. الطوارقي» وهو التسلح برمحه العدني (إلير) وسیفه (تاگوبا) بمقبضه ذي الشکل الصليبي 
لا یکاد یختلف عن الجمالين الرحل الذین دخلوا إلى الغرب الکبیر ابتداء من القرن الخامس اليلادي. 


الجمل في الصحراء: استجلاب pi‏ استکثار؟ 

تداول الدارسون طويلاً فى الظهور الفاجی الذي كان للجملء أو على وجه 
التحديد الجمل وحید السنامء في تاريخ البربر. وقد كان هذا الحيوان شيثاً نادراً جداً 
في زمن القفصیین» لكنه لم يكن منعدماً بالكلية. كما وأننا لا نقع له قط على DU‏ 
في النقائش أو في الرسوم التي تعود إلى العصر الحجري الحديث . وإذا كان بلين 
الأكبر لم يذكره بين حيوانات إفريقياء فإنه لم يذكر الحمار كذلك بشيء» وهو الدابة 
الركوبة بامتياز في بلدان المغرب . وفي المقابل كان الجمل في القرن الأول قبل الميلاد 
حيواناً واسع الانتشار [في إفريقيا]» كما یدلنا عليه استيلاء قيصر César‏ على خمسين 
من الجمال كانت تخص الملك النوميدي يوبا الأول 1 Juba‏ كما وأننا نعلم عرضاً 
أربعة قرون eda‏ أن جثمان المتمرد فيرموس قد حُمل إلى ثيودوس موثوقاً فوق ظهر 
جمل. غير أن هذه الوثائق الأدبية» وما يعززها من مائیل صغيرة نادرة مصنوعة من 
الطين أو يسندها من صور على الفسیفساء لا تجيز لنا أن نجزم بأن الجمل كان حيواناً 
واسع الانتشار في إفريقيا خلال القرون الأولى من زمن الإمبراطورية. وإن بين هذا 
الذي ذكرنا وبين الاعتقاد الذي يذهب أصحابه إلى أن الجمل أدخل إلى إفريقيا 


164 


خلال القرن الثالث على أيدي السوقات السورية في الجيش الروماني والاعتقاد 
OÙ‏ البربر آمکن لهم» بعد أن تحولوا إلى مربین للجمال EU‏ [بأولئك السوریین] 
أن یغزوا الصحراء بفضل هذه الدابة الركوبة التوائمة مع البيئة الصحراوية 
بين هذين التصورین مسافة لم يتردد مؤرخون کثر في تخطیها» إسوة با فعل !. ف. 
گوثيي F. Gauthier‏ .ظ. 

فلا يقوم هذا الرأي على أي حجة صحيحة. فمن العلوم (انظر الفصل الأول) 
أن التوسطیین الریین للخیول قد کانوا یسیطرون على الصحراء قروناً عديدة قبل أن 
يقع علیها ذلك الاحتلال الزعوم من البربر امحمالین. والحكمة تقتضینا أن ننظر في 
الاتساع الذي تحقق لتربية الجمال في طرابلس الغرب منذ القرنین الرابع والخامس 
وأن نتتبع التقدم الذي كان من هذه القبائل صوب الغرب» وربا كان منها ذلك 
التقدم كذلك صوب الجنوب. 


البتر والبرانس؛ صنهاجة وزناتة 


قضی هؤلاء الرحل الجمالون في السهول الجنوبية على حياة الاستقرار والزراعة 
التي لم يكن لها أن تتحقق بغير النظام الذي جعلت عليه خطوط التحصينات. وإن 


4 جمّال في تمثال صغير من الطين المحروق في متحف سوسة (تونس). وهو 
واحد من الشواهد النادرة على وجود الجمل في إفريقيا القديمة. 


165 


ظهور رحل حقیقیین في عالم افريقي كانت الإدارة الملكية» ثم الرومانیف قد دفعت 
منذ قرون بالبربري إلى حصر مجاله فيه في ما یفرس من صفوف البصلء وما یقیم 
من خطوط آشجار الزیتون» قد كانت له نتائج عظيمة على البلاد وعلی السکان. 
فلما زال ذلك الخط الفاصل. إذا آشباه الرحل الذین کانوا من قبل یخضعون لراقبة 
وعد و ی ی و و وت و 
والهضاب التي تن تنتشر فیها زراعة الحبوب» قد صاروا یومثذ يتأبون عن أي حصر 
أو تضييق . فلقد صاروا یزیدون توغلاً في الأراضي الزراعية الغنية» مدفوعین 
بضغط الرحل الجمالين» أو مختلطین بهؤلاء القادمين الجدد. وترافق هذا التوغل 

من الجمالين ابتداء من القرد الاس كما ترافق الغزو العربي في القرن السابع 
بتغيّر مناخي» أصبح شيعا مسلماً به عند غالبية المختصين [في البربر]؛ تمثل في 
الجفاف الذي حاق بالأراضي في الشرق الادنی» كما حاق باليونان وتونس. وفي 
هذا الامر تفسیر للضعف الذي صارت إليه تجمعات الزارعین ین التي وطنت في 
الاطراف الجنوبية من الجال الزراعي. كما كان لهذا الامر نتيجة آخری CIE‏ 
في إدخال مجموعات بربرية جديدة قادمة من الشرق في هذا الوسط من آوائل 
وین :وما كاد هو« يتميرول بط عیسهح ودرابهم الركوبة» وحتی حیواناتهم 
فحسب» بل إن أكثر ما كان ييزهم لغتهم. فاللغویون قد تعرفوا على مجموعة 
خاصة. هم زناتة وإليها ينتمي هژلاء القادمون الجدد. فليس لزناتة هؤلاء نسب 
إلى النوميديين والوریین؛ ولقد اکتسحوا ایتول» واحتووهم في تجمعات قبيلة 
جديدة» وجعلوا لهم» من خلال عملية الاستیعاب بغرض التحکم والسيطرة 
نسبا جديدا. 

وأهم مجموعة بين هؤلاء القادمين الجدد هي صنهاجة. فقد أقامت لها في 
مناطق مختلفة من المغرب الكبير والصحراء مالك وإمبراطوريات عديدة. ولقد 
وقع [الباحثون] في تبسيط شديد بالمعارضة القاطعة التي أقاموها بين زناتة 
وصنهاجة. فعلى الرغم من تلك النزاعات المتواترة بينهماء فان من الخطإ الاعتقاد 
أن البربر الرحل كلهم زناتيون وسائر الصنهاجيين مقيمون. فنحن لا نكاد نجد 
في الوقت الحاضر من رحل ينتمون إلى المجموعة اللغوية الزناتية؛ فقد كانوا 
أول المستعربة من البربر. وفي المقابل فإن ما بقي اليوم من لهجات البربر الرحل 
(الطوارق) إنما ينتمي إلى المجموعة الصنهاجية. 


166 


الغزو العربي : الحملات الأولى 

كان الغزو العربي اني آکبر حدث تاريخي هز البنیان الاجتماعي للعالم 
الافريقي. وبعکس الرأي الشاتع في أوروباء والذي لاتزال تری له وجوداً في 
مقرراتها الدرسية. فان هذا الغزو ی یوج ی 
استيطانياً. اد ال الغؤى العربي فى سلسلة من العبلياة المبخرية الفا ما 
آسهل ما یختلط Les‏ الطمع في pl‏ مع الروح الدعوية. وبخلاف صورة أخرى 
تجعل لهذا الغزوء فانه لم يكن كذلك بالجولة البطولية على ظهور الخيل» تکتسح 
أمامها كل مقاومة ببساطة متناهية. 

كانت وفاة النبي محمد سنة ۰632 وبعد عشر سنين احتلت جيوش الخلافة مصر 
وبرقة. وفي سنة 643 توغلت هذه الجيوش في طرابلس الغرب . وقد آرسل بحملة 
من الفرسان تحت قيادة ابن سعد" حاكم مصر وأخي الخليفة عثمان من الرضاعة على 
إفريقية (وهو تحريف عربي للاسم القديم «مقاطعة إفريقيا» «(Africa‏ وكانت يومئذ 
مسرحاً لمواجهات طاحنة بين البيزنطيين والبربر المتمردين» وفي ما بين البيزنطيين 
بعضهم ضد بعض. ولقد كشفت هذه العملية عن ثراء البلاد» وكشفت كذلك عن 


55. الجامع الكبير في القيروان» أول منشأة للمسلمين في إفريقية. 


*- يريد عبد الله بن سعد بن أبي السرح . 


167 


آوجه الضعف فیها. كما وأنها قد حرکت إليها الطامع المتأججة. ویصور لنا المؤرخ 
النويري " السهولة التي تم بها يومئذ إعداد جيش عربي صغير من سوقات ساهمت 
بها معظم القبائل العربية. وکان خروج هذه القوات من الدينة في شهر اکتوبر من 
سنة 647« وربا لم يكن عددها یتجاوز خمسة آلاف رجل» ولکن في مصر زاد إليها 
ابن سعد. الذي تولی قيادتهاء جيشاً من عين الکان؛ با رفع تعدادها إلى عشرین ألفاً 
من المقاتلين المسلمين. ووقع الصدام الحاسم مع الروم (البيز نطيين) بقيادة البطريق 
گریکوار Grégoire‏ على مقربة من سبيطلة (Suffetula)‏ في تونسء وكان فيها مقتله 
ولكن العرب انسحبوا راضينء بعد نهبهم البلاد النبسطة. وتحصلهم على جزية 
عظيمة من مدن بيزاسين (سنة 648). ولم يكن لهذه العملية من غرض آخر. 


6 . مسجد سيدي عقبة من الداخل (الجزائر). 


*- أحمد بن عبد الوهاب النويري؛ تاريخ المغرب الاسلامي في العصر الوسيط (إفريقية والغرب. 
الأندلس. صقلية وأقريطش). من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب» تحقيق وتعليق مصطفى أبو ضيف 
أحمدء دار النشر المغربيةء الدار البيضاءء 1985. 


168 


عقبة الفارس الغامر في سبیل الله 

لم يبدأ الغزو العربي الحقيقي إلا في زمن الخليفة معاوية» الذي اعد جيشاً جدیدا 
بقيادة معاوية بن خدیج في سنة 666. وبعدها بسنین ثلاث" سس عقبة بن نافع 
مدينة القیروان» فکانت آول مدينة إسلامية فى الغرب الکبیر. وتفیدنا الروایات التی 
تناقلها الولفون العرب» مع ما فیها من اختلافات كثيرة» أن عقبة قد زاد خلال ولایته 
الثانية من تکثیف الغارات وتوجیهها ناحية الغرب؛ مکنت له الاستیلاء على مدن 
مهمة. مثل لمبيز «Lambèse‏ التی كانت هی القر للفليق الثالث والعاصمة لنومیدیا 
الرومانية. ثم توجه بعدها صوب تاهرت. على مقربة من مدينة تیارت الجديدة 
ووصل حتی طنجة؛ حیث صوّر له شخص یسمی پولیان Yuliân‏ (أو یولیانوس 
(Julianus‏ برتر سوس (في جنوب الغرب) في صورة Les‏ الکثیر من التحامل. 
فقد حدثه عنهم بقوله: (ٍنهم قوم لا دين لهم یأکلون الجيف» ویشربون من دماء 
مواشیهم ویعیشون عيشة امحیوانات. لانهم لا يؤمنون بالله» بل لا یعرفونه». فأوقع 
فيهم عقبة مذبحة عظمية» وسبى نساء‌هم وقد كن آية في الجمال. ثم تقدم حتی 
غاصت حوافر حصانه في البحر المحيط» وهو يُشهد الله أنه لم يعد من أعداء للدين 
فيحاربهم ولا كفرة فیقتلهم. 

إنها رواية يغلب عليها الطابع الأسطوري. وتوجد بإزائها روايات أخرى تقول 
إن عقبة تقدم حتى آغوار فزان» قبل أن يشن معاركه في المغرب الأقصى» وفيها 
استهانة كبيرة بالمقاومات التى وقفت فى وجه تلك الحملات. والحال أن الحملة التى 
قادها عقبة نفسه قد انتهت إلى کارثة طلت ته لها التشيظرة العريية على [فريقية 
خمس سنین. فقد أعطى القائد البربري كسيلة» وان يكن حول قبلها إلى الاسلام 
انطلاقة الثورة. فکان أن شحقت قوات Lie‏ وهو في طريق العودة» جنوب الأوراس 
وقتل هو نفسه في تهودة» على مقربة من الدينة التي تحمل اليوم اسمه وتضم قبره 
سيدي عقبة . وزحف كسيلة على القیروان فتم له الاستیلاء علیها. وتراجعت بقايا 
الجيش الاسلامي حتی برقة. ثم توالت الحملات والغارات» فکانت لا تکاد تخلو 
منها سنة من السنین. وکان مقتل كسيلة فى سنة 686 وما أمكن الاستیلاء على 
قرطاج إلا في سنة 693* ثم كان بناء مدينة تونس في سنة 698. وتزعمت القاومة 
لبضع سنین امرأة من جراوة» إحدى قبائل البتر سادة الأوراس. وقد كانت هذه المرأة 


*- بل في سنة 693 تمت السيطرة على إفريقية. وأما قرطاج فتمت السيطرة عليها سنة 695. 
*- بل بعد أربع سنين. فبناء القيروان كان في سنة 670. انظر ههناء ص. 227. 


169 


تسمی (الداهیة»» وقد بات معلوماً لدینا الآن آنها كانت على السيحية. لکنها صارت 
تشتهر بالكنية التی جعلها لها العرب؛ «الکاهنة». ویکن القول ان وفاتها حوالی 
ف 270 کات :ها ار ارت تس هه فين التزين ت وا es‏ 
طارق الضیق. الذي صار يعرف باسمه (جبل طارق) لغزو إسبانياء كان معظم جيشه 
يتألف من مقاتلین بربر من الموريين. 


نشرالاسلام وزوال المالك البريرية المسيحية 

كانت النتيجة الرئيسية للغزو العربي أن تحول معظم البربر إلى الاسلام» وهو 
تحول قد تم بوتيرة أخف مما يُقال. وما تبقی من المسيحية غير جزر صغيرة في الدن 
وحتى من تلك التى كانت حديثة إنشاء؛ مثل القيروان وتاهرت. وكانت بعض 
القبائل التي تهرّدت في ظروف غير معلومة؛ هي التي كونت بداية التجمع السكاني 
للأهالي اليهود في شمال إفريقيا. ولقد تحول البربر بأعداد كبيرة إلى الإسلام على 
الرغم من «الردات» الكثيرة التي وصمهم بها المؤلفون العرب. وكان في هذا 
التحول مبتداً الحرص الذي صار من معظم الاسر البربرية الكبيرة على الدخول 
في سلسلة نسب مشرقية. ومع أن النسابة البربر يعرفون أن البربر مختلفون عن 
عرب الحجازء فلقد بحثوا لهم عن أصول حميرية (من شبه الجزيرة العربية) أو 
بحثوا لهم» كما سبق لنا أن رأيناء عن أصول كنعانية؛ وهو الأمر الذي يجزم به ابن 
خلدون”. وقد كان في وجود تقليد ماثل ابتداء من العهدين الروماني والبيزنطي 
قائم على ذكرى بعيدة لأصول بونيقية» ما شجع رجال الدين على ركوب هذه 
المحاولة الاولی ليطمسوا بها هويتهم البربرية. 

وكان للغزو العربي في القرن السابع نتيجة أخرى أبين وأوضح؛ فلقد حال دون 
تطور هذه المالك المورية» التي كانت تعتمد على قوة القبائل» وعلى ما تبقى من 
الثقافة اللاتينية فى الدن» وتختلط بالمسيحية التى كانت مزدهرة فى سائر نطاقات 
ele eut da se le bei‏ 
طويلاً» SET‏ بعضها هائل عظیم؛ من قبیل الأجدار العظيمة (ومن نماذجها تلك التي 
في فرندة» غرب الجزائر)ء والتي يعود أحدثها Tage‏ إلى ما بعد القرن الخامس 
*- هي الملكة ديهيا بنت تابنة. ولدت سنة 585م. وتوفيت 712م. 


*- يريد قوله : «والحق الذي لا ينبغي التعويل على غيره في شأنهم [البربر] أنهم من ولد كنعان بن حام بن 
نوح»» تاريخ بن خلدون. م.ذ. ج. ۰6 ص .117. 


170 


بكثير» وتلك التي في الگور بالقرب من مکناس (الغرب)» والتي أمكن تحدید تاريخ 
بنائها في منتصف القرن السابع )640 + 90 باستعمال کربون 14). وبين هاتين 
با" 

لعثور في مدينة Altava BUS‏ (أو حجر الروم» لامورسییر Lamorcière‏ سابقاً) 
LC  .‏ 
الكتابة النقوشية الشهيرة للملك ماسونا. وفي أقصى الغرب تم الكشف في مدينة 
وليلي على مجموعة فريدة من النصوص النقوشية المسيحية» وكانت لا تزال تحمل 
تواريخ العهد الروماني الأسقفي؛ فتواريخها تقع ما بین 595 و655. 


القرن الخوارجي 

صاحب تحول البربر إلى الاسلام تفاحش في الانقسامات» فكانت أشبه بتلك 
الاضطرابات المتواترة التي رافقت دخول المسيحية إلى إفريقيا. وكانت أهم تلك 
اخرکات هي التي نجمت عن مشكلة تداول الولاية بين الخلفاء؛ خاصة ما تعلق منها 
بعزل le‏ صهر النبي» وتولية معاوية وبني أمية. فلقد ضاق بعض المؤمنين المتشبثين 
بنقاء الإسلام بتلك النزاعات» وما كان يرافقها من أعمال القتل والتدكيل» فخرجوا 
عن جمهور المسلمين (فسمرا بالخوارج : الخارجين أو النشقین)» يدعون إلى مذهب 
ديمقراطي [تشاوري] يقوم على اختيار الخليفة. والمذهب الخوارجيء الذي نشأ في 
المشرق» لقي نجاحاً كبيراً لدى البربر. وما رأى أغلب مؤرخي العهد الاستعماري 
في هذا النجاح إلا أنه مظهر من مظاهر مقاومة البربر للحكم العربي. وقد كان جيء 
بالتفسير نفسه كذلك للانتشار الذي عرفته الدوناتية* أثناء الحكم الروماني على 
إفريقيا . وآما تصوري الشخصي ذ فهو أن الطابع الصارم المتشدد والديمقراطي النسبي 
للمذهب الخوارجي كان يوافق العقلية البربرية إلى حد كبير (انظر الفصل الرابع ). 
ولقد بلغت هذه الحركة من النجاح شأواً بعيداً في الغرب الكبير» با جعل هذه 
المنطقة تظل مضطرمة ردحاً كبيراً من القرن الثامن. فهذه واحدة من تلك الانتفاضات 
الخوارجية قد أطلقها سقاء من المغرب الأقصى . فأمكن لها تمتد بتأثیرها حتى إفريقية. 
وهذه انتفاضة بربرية أخرى للطائفة الصفرية قامت في جنوب إفريقية» فشكلت 
تهديداً خطيراً للحكم العربي؛ فقد تمكنت بها الطاتفة المذكورة من الاستيلاء على 


*- حركة قامت لمناهضة المسيحية والمسيحيين في نوميدياء وتزعمها أسقف قرطاج دوناتوس Dunatus‏ في 


171 


القیروان (سنة 757). ثم تحققت الغلبة سنتین بعد في تلك الناطق نفسها لذمب 
خوارجي آخر؛ هو الذهب الاباضي. الذي لا تزال تجد له بقایا إلى اليو م في مزاب 
وجربة وجبل نفوسة. وفي الأخير جاءت حملة جديدة من مصر. فآمکن بها إعادة 
ادعب ا ا ی مه 
تحت حكم الأمراء الأغالبةء الممثلين للخلفاء العباسيين. وآما ما تبقى من المغرب 
a Ut‏ 
وسط الجزائر» وعلی رأسها إمام من صل فارسيء وأخرى في تافیلالت تتحكم 
بتجارة القوافل في وادي الساورة وبالتجارة البعيدة مع السودان (مالي حالياً) 
وعاصمتها سجلماسة. وقامت تملكة أخرى فى شمال الغرب على آساس دینی بزعامة 
اه ال فا( اک Pr D‏ وه N‏ تا خر On‏ فول 
بمدينة وليلي. ثم أسس ابنه» إدريس الثاني» مدينة فاس سنة 809. وقد استمرت هذه 
الأسرة قائمة حتی نهاية القرن العاشر . 


ملحمة کتامة والخلافة الفاطمية 

في تلك الأثناء كانت تجري في وسط الغرب الکبیر أولأء وبعد ذلك في إفريقية 
مغامرة عجيبة . فبینما ظل البربر ا سرون الى ارق اش او ا 
كان البربر من الفرع الآخرء صنهاجة يحتفظون بالأقاليم الجبلية في وسط الجزائر 
وشرقها. وقد اتفق لإحدى هذه القبائل» تلك هی كتامة» التى كانت تستوطن 
منطقة القبائل الصغری منذ العهد الروماني ss FORAN‏ 
هم آنصار علي» صهر النبي الذي كان قد أقصي من الحكم ثم قُتل. وکان هذا 
الداعية» واسمه آبو عبد الله» يبشر بظهور الامام الهدي الذي لا يكن أن یکون الا 
من ذرية علي وفاطمة. وخلال بضع سنين تمكنت السوقات الكتامية ذات التنظیم 
المحكم تحت قيادة أبي عبد الله الذي ظهر أنه كان مخططأ حربياً محنكاً من الاستیلاء 
عن و ی راق شه عارس كن ن DON‏ ا 
الاستيلاء على القيروان» فأعلنوا عبيد الله الفاطمي إماماً عليهم» وكان لايزال 
سجيناً في الطرف الآخر من المغرب الكبير» في سجلماسة القصية. وقد وجه إليه 
کتامة de‏ بقيادة الداهية آبی عبد الله فاا به ظافراً إلى القيروان (فى دجنبر 
من تلك السنةک وقاموا في طريقهم کذلك بتقویض الامارات اخوارجية. وفي 
سنة 916 آسس الهدي عاصمة جديدة» هي المهدية» على الساحل الشرقي لتونس 


172 


ووجه أتباعه كتامة في حملة على صقلية» ووجههم في السنة التي بعدها في حملة 
على مصر. وبعد أربع سنین قامت هذه العصابات الصنهاجية تحارب من جديد 
فى المغرب الأقصى؛ حيث أمكن لها أن تقوض المملكة الإدريسية بمساعدة قبائل 
مکناسة. 

وعلیه فقد نجحت الأسرة الفاطمية» النتسبة إلى عبيد الله» لبعض الوقت» في 
بسط سيطرتها على القسم الأكبر من شمال إفريقياء ولكن تمردات طاحنة كانت 
لا تفتأ تهز البلاد. وأخطرها كانت تمردات الخوارج التي قادها مخلد بن كيداد 
الملقب بأبي يزيد صاحب الحمار. ولكن کتبت النجاة للأسرة [الفاطمية] مرة 
أخرى بفضل التدخل الذي كان لصنهاجة فى وسط المغرب الكبير» بقيادة زيري. 
ولذلك فلما قام الفاطميون باحتلال مصر بمساعدة صنهاجة واتخذوا لهم القاهرة 
عاصمة (سنة 973(« تركوا حكم الغرب الكبير لقائد [صنهاجة] العسكري؛ بولوقين 
بن زيري. وقد كان هذا القرار الذي بدا قراراً حكيماًء بترك إدارة البلاد لأسرة 
بربرية» سبباً في أسوإ نكبة ستحيق بالمغرب الكبير. 


57. أطلال قصر e LLI‏ قلعة بني حماد» عاصمة المملكة الصنهاجية الحمادية. 


173 


عماب الزيريين» والكارثة البدویه 

لقد حلل الزیریون خلال ثلائة أجيال من روابط التبعية التي كانت تربطهم 
بالخليفة الفاطمي. ففي سنة 1045 تحلل العز من الذهب الشيعي وأعلن ولاءه 
للخليفة العباسي في بغداد. وبالفعل فالغالبية من الغاربیین قد بقيت على المذهب 
السني. وكان عقاب الخليفة الفاطمي للزیریین عن هذا الانفصال OÙ‏ «سلّم» الغرب 
الکبیر إلى القبائل العربية» الشاغبة» التي كانت منحصرة في سایس شرق النیل» في 
صعيد مصر. وهذه القبائل» وهي جشمء والأثبح» وزغبة» وریاح » وربيعة» وعدي 
تنتسب إلى جد مشترك؛ هو هلال ومنه كان اسم الغزو الهلالي» الذي صارت 
تعرف به هذه الهجرة الجديدة لمشرقيين إلى شمال إفريقيا. وقد دخل بنو هلال إلى 
إفريقية» ودخلها في أعقابهم بنو سليم» في سنة 1051. 

وسيكون من الخطإ أن نتصور وصول هذه القبائل في صورة جيش زاحف 
يحتل كل ما يقع عليه من الأراضي فلا يفلت منها شيئأء ويحارب بدون هوادة 
الزيريين» ثم بني عمومتهم الحماديين» الذين كانوا أقاموا لهم مملكة مستقلة في 
الجزائر. كما سيكون من الخطإ أن يذهب بنا الاعتقاد إلى أن ما وقع بين العرب 
الغزاة والبربر كان مواجهة شاملة من طبيعة عرقية أو قومية. فالقبائل التي دخلت 
إلى المغرب الكبير نما قامت باحتلال بلد مفتوح» ثم أعادت تجميع قواتها للاستيلاء 
على المدن؛ فكانت تنبري تنهبها حتى لا تبقي منها على شيء ثم تتفرق من 
جديد» وتصير تتقدم في سائر الأنحاء» وتمعن في النهب وإشاعة الخراب . 

ولم يتردد الأمراء البربر من الزيريين والحماديين» والموحدين من بعدهم» في 
استعمال القوة العسكرية» التي كانت متوفرة بين أيديهم على الدوام» متمثلة في 
هؤلاء الرحل؛ الذين صاروا بذلك يعنون توغلاً في البوادي المغاربية. 

ولئن قام بنو هلال وبنو سليم» وبنو معقل من بعدهمء بنهب القيروان 
والمهدية» وتونس» وأهم المدن في إفريقياء وأن ابن خلدون قد وصف جيوشهم 
بالجراد المنتشر الذي يأتي في طريقه على كل شيء* فان هذه الأقوام كانت با 
بشت من بذور الفوضى في المغرب الكبير أعظم خطراً ما كانت تأتي فيه من أعمال 
السلب والنهب. 


*- يريد قولة ابن خلدون : #وسارت قبائل دياب وعوف وزغب. وجميع بطون هلال إلى إفريقية كالجراد 
النتشر» لا يمرون بشيء إلا أتوا علیه»» تاريخ ابن خلدون» م. ذ.» ج. 6 ص. 20. 


174 


وسنری في الفصل القابل كيف أن وصول العرب البدو قد أحدث» كما يقال 
تغييراً جذرياً في صورة بلاد البربرء وأدى إلى تعريب القسم الأكبر منها. غير أننا 
ss‏ أن نحمل بني هلال الذين لم يكونوا يزيدون تعداداً عن مائة ألف 
السوولية عن الفوضی والخراب اللذین استشریا إلى كل البوادي» من فريقية إلى 
الغرب الاقصی» ونخلي منها مسژولية البربر» خاصة زناتة. والحقيقة أن هؤلاء کانوا 
لدی وصولهم في القرن الحادي عشرء قلیلین تعداداًء لکنهم عززوا بحضورهم 
من جانب السکان الرحل» فصاروا یضطلعون بدور حاسم على الأصعدة الثقافي 
والاجتماعي والاقتصادي [للمغرب الکبیر]. 


مغامرة المرابطین؛ 
البربر الصحراویون في إسبانيا 


ها هي ذي مفارقة جدیدة» من قبیل تلك الفارقات التي یعج بها تاريخ الغرب 
الکبیر؛ فبالوازاة لذلك العامل الخطير من عوامل الفوضی والانشقاق» الذي كنا نراه 
في انتشار مخیمات البدو كنا لا نفتاً نرى كيف تقو م الامبراطوریات البربرية الکبری 


8. الكتبية» مثذنة السجد الوحدي في مراکش. 


175 


قفو بعضها. ففي الوقت الذي كانت الملکتان الصنهاجیتان؛ الزيرية في افريقية 
والحمادية فى وسط الغرب الکبیر» تسیران إلى انهیار واضمحلال بفعل ضربات 
القبائل الهلالية. والاتساع البطيء الذي صار إليه ذلك العامل الخطير التمثل في 
الترحال؛ بسبب من تكالب الخطرين الزناتي والعربي؛ كان المغرب الأقصى مسرحاً 
لغامرة حربية جديدة قامت على أساس ديني» كان نتیجتها السريعة قیام الرمبراطورية 
المرابطية» التي امتدت من السنغال إلى إسبانيا ومن المحيط الأطلسي إلى خط الطول 
عند مدينة الجزائر. والمفارقة تتمثل فى أن المؤسسة لهذه الامبراطورية كانت قبيلة 
بربرية من الرحل في الصحراء الغربية؛ هي لمتونة» إحدى قبائل صنهاجة. فقد كان 
السعي إلى إحياء إسلام نقي وصارم دافعاً لبعض وجهاء لمتونة إلى دعوة رجل 
مصلح من سجلماسة؛ هو ابن ياسين» فكان أن جمع أتباعه في رباط (ومنه جاءت 
تسميتهم : «المرابطون»2). ثم قام اللمتونيون الشجعان يقودهم يوسف بن تاشفين 
مؤسس مدينة مراكشء ويلقنهم أفانين القتال» فغزوا المغرب» والقسم الأكبر من 
الجزائرء وأخضعوا لهم إسبانيا السلمة. 

وهاك مفارقة أخرى؛ فالمرابطون قد أقاموا هذه الإمبراطورية بدافع من الإصلاح 
الديني» فقاموا أولاً بالقضاء على المبتدعة برغواطة» ثم أخضعوا لهم الملوك المسلمين 
الصغار في إسبانياء وهم الذين كانوا يعيشون في ترف واختلاط بالمسيحيين 
لاتجيزهما الخشونة والتشدد اللذان كانا صفة للمرابطين. ولكن بسبب من هذه 
السيطرة على إسبانيا كان المرابطون هم أنفسهم من أدخل إلى المغرب الأقصى بذور 
الثقافة الأندلسيةء بعد أن كان يركن إلى حياة من الشظف والخشونة. فعلى أيدي 
هؤلاء الصحراويين الأجلاف عرف المغرب حضارة هى الأكثر تميزاً بين الحضارات 
الدينية التي قامت في أرض الإسلام . | 

وفي أقل من ثلاثة أجيال لم يلبث أبناء هؤلاء المحاربين الأشداء الملثمين (فقد 
كان اللمتونيون كأغلب الصحراويين ملثمين) أن استلانوا بحياة الترف» وجرفتهم 
ريح أخرى إصلاحية من طبيعة عسكرية وقبلية. 


الإمبراطورية الموحدية 

كانت هذه الحركة الإصلاحية تستمد أصولها من قبيلة صنهاجية أخرى لكن 
جبلية؛ تلك هى مصمودة الأطلس الكبير» ولقد قامت على الطريقة نفسها التى صار 
بها كتامة» ثم لتونة» بناة لإمبراطورية. فكان المؤسس»ء كما في الحالتين السابقتين 


16 


رحالة» هو ابن تومرت» من قبيلة هرغة. وعلی الرغم من أن آسرة ابن تومرت آسرة 
بربرية» فإنها ادعت الانتساب إلى علي» صهر النبي . وعلی الرغم من أن ابن تومرت 
مصمودي» فلقد اختار لخلافته بربرياً آخر من صنهاجة ندرومة (غرب ازائر) 
إحدى قبائل قبيلة كتامة» ذلك هو عبد المؤمن» وکان من آشد الخلصین له. وتستند 
دعوة ابن تومرت. الذي أعلن نفسه الهدي [المنتظر]ء على قاعدة أساسية؛ إنها 
وحدانية الله المطلقة (الوحد : المقر بوحدانية الله). فلفظ «الوحدین» تجتمع فيه 
الدلالة على العقيدة وعلی الأسرة المنحدرة من عبد المؤمن. والموحدون يرفضون 
أي مصالحة أو مهادنة مع الكفارء كما يستنكرون كل أسباب الثراء والترف. ولقد 
كان الموحدون أكثر الحركات الاصلاحية تعصباً في الاسلام الغاربي؛ فقضوا على 
الكفار بحد السيف» ٠‏ وشتتوا آخر المجموعات المسيحية في طول البلاد وعرضها 
وقضوا على الإمارات اليهودية القليلة التى كانت تمثل ذكرى بعيدة للانتشار الذي 
تحقق لليهودية قديماً لدى بعض JS‏ البربر. 


E: 


رگ 


11 


E: à RE 


24 


1 


iN 
1. 


- a 


اما 


t 


-y 


59- رسم تقريبي لثلاثة محاریب موحدية : الأول من الكتبية في مراکش» والثاني 
من مسجد تینمل في ال طلس الکبیر والثالث من الكتبية الثانية. 
وتم لصمودة القضاءء بمساعدة tias‏ بيت عبد المؤمن» علی آخر الرابطین 
والاستلاء سنة 1147 على فاس» وتلمسان» ومراكش. وفي أقل من عشر سنين صار 
الغرب الكبير - ولو بالاسم على الأقل - وقد دخل تحت سيطرة الموحدين» فلقد 
بسطوا نفوذهم كذلك إلى إفريقية» وهي التي كانت قد تأيّت عن المرابطين. وبذلك 
أمكن للمرة الأولى» من عهد الأمبراطورية الرومانية» أن تجتمع منطقة شمال إفريقيا 


177 


بکاملها تحت سلطة واحدة. وللمرة الاولی في تاريخ شمال إفريقيا كانت هذه السلطة 
نابعة من الأرض الافريقية. 

وسیکون من الخطإ الجسيم أن نذهب إلى الاعتقاد أن الوحدین کانوا مهتمین 
لانتصار أي شکل من أشكال «القومية البربرية»؛ فهو آمر لم يكن لیخطر لهم ببال. 
فاذا كان عبد المؤمن ورژساء مصمودة قد أقاموا الامبراطورية بالاقتصار على اعمال 
القانون القبلي في إدارة البلدان التي استهدفوها بالغزو OÙ‏ من جاء بعده من 
الخلفاء قد أحاطوا أنفسهم بوزراء من الأندلسیین. واذا كان عبد المؤمن قد سحق 
في سطيف موجه ورياحًء هي كلها رال هلالية فلقد اتخ له من هؤلاء 
المهزومين جنوداً مساندین» وسار خلفاژه على نهجه. فاتحين الغرب الأقصى في 
وجه هولاء الرحل الأجلاف. فكانت حركة الموحدين المطبوعة بطوابع التزمت 
والتعصب والخشونة في کل مظاهرها 3 تتسق» دون آدنی شك. مع الزاج ج البربري 
ولکن الامبراطورية الوحدية» المتدة كذلك إلى إسبانياء قد انفتحت على الثقافة 
الإسبانية الموريسكية» فمهدت بذلك لازدهار هذه الثقافة» التي ستبلغ أوجها في 
المغرب تحت حكم المرينيين» الخلفاء الزناتيين للأسرة الموحدية. 


نهاية سيطرة البرير على المغرب الكبير 


ظلت الأسرة الحاكمة التي أسسها عبد المؤمن قائمة لم تصر إلى زوال إلا في 
النصف الثاني من القرن الثالث عشرء ولكن التدهور ابتدأها قبل ذلك بوقت 
طويل. ويمكن أن نجعل بداية ذلك التدهور من الهزيمة القاصمة التي نزلت بها في 
لاس نافاس دي تولوزا" فقد صار الحكم الإسلامي في إسبانيا من بعدها ینحصر 
في الأندلس (1212). 


0. فرسان من تينزولين (جنوب المغرب). 


*- معركة «Las Navas de Tolosa‏ وهي المعروفة بمعركة العقاب )15 صفر 609 ه / 1212م). 


18 


ثم كان أن تفککت آوصال الامبراطورية الوحدية في الغرب الکبیر خلال جیلین 
ائنین . فإذا إفريقية» التي صار سکانها منذئذ یکادون یکونون جمیعهم من الستعربة قد 
باتت مملكة مستقلة یتولی آمورها آبناء أحد الحكام الموحدين »هو آبو حفص . والی أحد 
هؤلاء الملوك» ذلك هو الستنصر سيو جه القدیس لويس Saint Louis‏ آخر احروب 
الصليبية (1270). 

لقد تصرمت یومها عن وسط الغرب الکبیر الحقبةٌ الطويلة کم صنهاجة (من 
الحماديين» والمرابطين» والموحدين) إلى غير رجعت ودخلت هذه المنطقة تحت حکم 
بني عبد الوديد» وهم زناتيون من الستعربة» وعاصمتهم تلمسان. وأما المغرب فقد 
أصبح ملکة يحكمها بنو مرين» وهم الآخرون زناتيون كانوا في تنافس دائم وبني عبد 
الوديد . ولقد سعى أحد ملوك الرینیین» ذلك هو أبو احسن. الذي كان بسط نفوذه 
لوقت قصير على تلمسان» في إعادة توحيد المغرب الکبیر» لكن دون طائل. 

یعید هذا التقسيم الثلائي الذي وفع لشمال إفريقيا إلى آذهاننا ما وقع لها في 
أزمنة قبيل التاريخ وفي العهد الروماني؛ وهو التقسيم الذي نلاقي له شبيهاً» مع 
بدي اكع و ار د ی ل ا ای 
وعن فترة الاحتلال الفرنسي ds‏ پنبغی أن نخطی بشأن هذه الاستمرارية وهذا 
الثبات؛ فالتصور المشرقي ا للولاء الشخصيء واتساع نطاق حياة 
الترحال» ورفض القبائل الجبلية» التي استمرت على لغتها البربرية» لكل سلطة 
خارجية تقع على مسجموغاتهاء هذه الأموز مجتمعة لا تسمح بالاتیانبالرسم الصحیح 
للحدود الترابية لهذه الممالك المتحركة. فما أكثر ما كان أولئك الحكام اللاحقون على 
العهد الموحدي» مع أن بينهم ساسة وحكاماً عظاماً؛ ينحصر سلطانهم في ضواحي 
عواصمهم ولا يتعداها. 

والتآكل الذي كان يقع لهذه الممالك من الداخل سرعان ما انضاف إليه خطر 
آخر خارجي. فبعد التراجع الذي وقع للإسلام » شرعت الدول المسيحية الأوروبية 
في مهاجمة بلدان الغرب . وقد كان النورمانديون في صقلية ابتدأوا ذلك الهجوم 
من العهد الفاطمي. وأما الحملة الصليبية الثامنة التي كانت قد وقعت على تونس 
في القرن الثالث عشر فقد ظلت حدثاً عابراً لم يتبع بعقب. ثم جاءت حملات 
البرتغاليين والإسبان من بعدهمء فكانت أبلغ وقعاً وتأثيراً بكثير. وما كانت نهاية 
القرن الخامس he‏ ولا كان:القرن السادس مشر إلا سلسلة طويلة من الغزوات 
والغارات البحرية» بل شهدا كذلك نشوء تحالفات عابرة أدت إلى إقامة مجموعة 


179 


من الستودعات البرتغالية ذات التحصین الکین على الساحل الأطلسى» كما أدت 
إلى احتلال الاسبان للمعاقل presidios‏ الواقعة على الساحل اف ارم وکانت 
النتيجة التوقعة لهذا الوضع أن قام طامع ثالث لیهتبل الضعف ابلق Me‏ 
المالك الغاربية» ويفيد من ذلك الصراع الخارجي ضد الکفار؛ آولئك هم الاتراك 
الذين بسطوا سیطرتهم على الجزائر وتونس وعلی امتدادها [يومذاك] طرابلس 
الغرب . لکن موضوعنا في هذا الکتاب لایتسع لهؤلاء القادمين الجدد. الذین کانوا 
محدودین تعداداً» ولم يكن یجمعهم بالبربر الستعربة في بلدان الغرب غير العقيدة 
الاسلامية (كما وآنهم معتنقون للحنفية فیما الغاربیون مالکیون). وصار البربر منذئذ 
وقد فقدوا كل دور تاريخي. وانتهت الممالك والإمبراطوريات [البربرية] وما عاد 
وجود للأسر الحاكمة منهم» حتى العابرة منها. وصار البربر في الشمال لا يزيدون 
عن مزارعين من المقيمين» أو رعاة من الرحل؛ وانحصر طموحهم السياسي في 
المحافظة على استقلال قبلي مهدد على الدوام. غير أنهم في وسط الصحراء وفي 
جنوبها لا يفتأون يزيدون من سيطرتهم على الاعراق السوداء. 


180 


1. فسیفساء تمثل أسرى موریین؛ كانت تغطي أرضية الكنيسة الرومانية 
الوريتانية الکبيرة في تیبازا (ابحزاثر). 


181 


Laali‏ الثالث 


السیطرات الأجنبية 
وعملیات المثاففة 


لا يزيد تاريخ الغرب الکبیر عند 
كثير من المؤلفين عن أن یکون تاريخاً 
للحكم الأجنبي . + يقتصرون 
فيه على تتبع تعاقب السادة حسب 
العصور والأزمنة : الفينيقيون 
والرومان» والوندال» والبيزنطيون 
والعرب» والاأتراك» والفرنسیون. 
ARRET Ré‏ وذا ما ذکروا البربر في موضع من 
امسر سو ایو د تفسير النزاعات التي كانت تجمع هؤلاء 
المتمردين الأجلاف بالسادة الأجانب الجدد الذين تنتقل إليهم مقاليد السلطة. ولقد 
باتت هذه الرؤية الاستعمارية إلى التاريخ اليوم شيئاً متجاوزاً. وإنني منذ ربع قرن 
وأنا لا أفتأ أنكر هذا الخطل» وهو أمر يسهل فهمه؛ فمما يؤسف له أن الأجانب هم 
وحدهم الذين تركوا لنا الوثائق المكتوبة» وهي الواد التي عليها يبنى التاريخ. 

وإن من اليسير على المدرسة التاريخية المغاربية الناشئة ئة أن تندد» وأحياناً بروح 
تغلب عليها المجادلة الحاميةء بهذا التاريخ المدخول بالنزعة الاستعمارية» ولكننا 
نرى هذه المدرسة تغرق في خطل ماثل؛ إذ يغفل المنتسبون إليها هم الآخرون» من 
حرصهم على الوحدة الوطنية الثقافية» المعطيات الأساسية لسكان شمال إفريقيا 
ولايعتدون بغير المساهمة العظيمة التي جاءهم بها الإسلام» ممتزجاً بالعروبة. 

وجملة القول إن البربر ظلوا منسيين من التاريخ في كل العصور. 

لكن أليس البربر بمسؤولين هم أيضاً عن هذا الوضع ؟ سنسعى من استعراض 
مختلف العصور العتد بها في التاريخ التقليدي لبلدانهم إلى تحليل ردود الأفعال 
التي كانت تبدر منهم على الثقافات الخارجية التي قدّمت إليهم أو فرضت عليهم. 


185 


PR LEON, 
مثاقفة ناحجة ومجهوله‎ 


Lil‏ نحكم على البربر OÙ‏ دورهم كان دوراً سالباً من كل الوجوه؛ عندما 
نتصورهم من مطلع التاريخ مجرد مستقبلين من المشرق لحضارة مكتملة التكوين 
فتقبلوها بشيء من الحماس كثير أو قليل. فتكون تلك الحفنة من البحارة المشرقيين 
مبدعين حقیقیین قد جاءوا خشد لاعضوي» متوحش» ولا يمتلك ذرة من ثقافة» JR‏ 
العناصر المكونة لحضارة قد تحقق لها النضج والاختمار بطول الزمن على الساحل 
الفينيقي. وا حال أن الليبيين لم يكونواء لدى وصول الفينيقيين الأوائل» مجرد أفاقين 
بؤساءء ولا كانوا مجرد مجموعة من السكان المحليين غارقة في بدائية ما قبل تاريخية. 
فالبادلات التجارية التي كانت لهم منذ قرون مع أشباه الجزر الأوروبية» ومع جزر 


2. مسلتان بونيقيتان في مكثر (تونس) وقالة (الجزائر). 


167 


[الكناري]ء ومع الناطق شرق إفريقياء قد كانت عاملاً في تلقیهم للعناصر الأولية 
لحضارة متوسطية ظلت معظم مكونات ثقافتها المادية قائمة على السلاسل الجبلية 
الساحلية» بدءاً من الريف وحتى رأس أم القعود .Mogods‏ ومهماقال بولیبوس» أو 
قال المؤرخون الذين نقلوا عنه» فان النوميديين لم ينتظروا حكم ماسينيسا ليشرعوا 
في زراعة سهولهم الخصيبة. وها إن المقابر الصخرية العظيمة تضم آلاف القبور 
لفلاحين مقيمين قد آودعوها آنيتهم الفخارية» التي بقيت تقنياتها وأشكالها وزخارفها 
ويا للغرابة» على حالتها الأصلية عند أحفادهم في الوقت الحاضر! 


الدولة القرطاجية والممالك المحلية 


لكن يتبين من بدايات قرطاج أن الدينة وان لم تواجه لا عداوة صراحاً فلقد 
واجهت على الأقل مطالبات صادرة عن سلطة منظمة» لا عن مجموعات صغيرة من 
و والواقع أن هنالك إتاوة كانت 
تدفع بانتظام برسم ایجار الارض الغطاة بجلد الثور nn‏ (وهذا تفسیر 
وعدي لابق فرعا قزم ) بل كان یقع ما هو آکثر من ذلك؛ فعندما ضحت 
إليسا ديدون Elissa-Didon‏ بنفسها على المحرقة فإنما فعلت للهرب من طلبات 
حيارباص Hiarbas‏ ملك الماكسيتانيين Maxitani‏ الملحة "Lee‏ ويخبرنا أوسثاتيوس 
Eusthate‏ عن هذه الشخصية أنه كان ملك المازيس. ومن المعلوم أن هذا الاسم 
الذي حملته أقوام كثيرة من إفريقيا القديمة» هو تحريف للاسم البربري «آمازیغ» 
ولإمازيغن»» الذي تتسمّى به هذه الأقوام. وكان الاعتقاد يذهب إلى أن الماكسيتانيين 
الذين ذكرهم جوستينوس Justin‏ كانوا يحملون الاسم نفسه بتحريف فاحش. 
لکن ج. تساج چام مت D‏ جور ار دو ی ر للاهتمام وزاخرا 
بالنتائج؛ فقد ذكر أن الماكسيتانيين كانوا یسکنون إقليماً قريباً بطبيعة الحال إلى قرطاج 
لايزال اسمه باقياً في باقوس موكسي Muxi‏ ۰13۵5 وهو نفسه وريث دائرة إقليمية 
قرطاجية. وبذلك تتطابق الحكاية الاسطورية ويا للغرابة» مع الوقائع السياسية! 

وعلیه فإننا نلحظ منذ بدايات قرطاج أن المدينة قامت على كيانين متواجهين : 
المدينة التجارية المشرقية» وما يشبه السيادة الليبية. ومن التقاء هذين الكيانين 


«Byrsa-*‏ اسم التل التونسي» الذي يقال إنه كان آخر ملاذ للقرطاجيين خلال الحرب البونيقية الثالثة. 
*- فقد كان يطليها للزواج. 


188 


الشرقي والافريقي» نشا الواقع البونيقي» وما كان الأمر مجرد نقل لا كان في صور 
Tyr‏ وصيدا Sidon‏ إلى الارض الافريقية. واذا كانت التقالید البونيقية قد بقیت على 
حيويتها عند قدامی الإفريقيين فلأنها لم تكن عنهم بغريبة» بل تشکلت بين ظهرانیهم 
في المدن حيث أسماء المواضع » ومعظمها سام» لاتفلح في إخفاء الإضافة العرقية 
الا فريقية . 

ينبغي لنا أن نتخلص من الفاهیم التحجرة الرتبطة بتصورنا للدولة والحدود 
والتراب والملكة. فهذه الکیانات لم تكن أشخاصاً قانونیین واضحین ومحققین . وإذا 
كان من الیسیر علینا أن نقابل بين قرطاج وامبراطوریتها» كما عرفناها في القرن الرابع 
من جهة» وبين المملكتين النوميدية والورية من جهة ثانية» فاننامتی تمعنافي العطیات 
الجغرافية أمكننا أن نستبین تداخلاً يكاد یتعذر على الحل بين قوتين. وعندما یقول 
بسودو سكيلاكس Pseudo-Scylax‏ في القرن الرابع إن كل المستودعات أو المدن 
اللببية: بعد أن عذدها؛ من سرت الکبری حتی أعمدة هرقل» تعود الی القرطاجیین 
فربما بعثنا هذا القول على الشك في قوة الملکتین النوميدية والمورية» بل ربا بعثنا 
على الشك في وجودهما أيضاًء لو لم يكن في بناء مآثر في عظمة الدراسن في 
الوقت نفسه ما يقيم الدليل على وجود تينك المملكتين وتقيم الدليل على قوتهما. 

ولو أن عداوة حقيقية وطويلة كانت قد دامت بين قرطاج والإفريقيين» كما 
توحي بها قائمة الحروب والتمردات التي استجمعها س. گسیل من المؤلفين القدامى 
ما أمكن أن نفهم كيف کتب البقاء لبلدات بونيقية صغيرة» ولو كانت محاطة بأسوار 
في سلسلة طويلة وضعيفة بطول الساحل النوميدي والموري. ونحن لانعتقد أن 
ما كان [من الفنيقيين على البربر] سيطرة محققة. بل نعتقد أن ما كان [بينهما] نسيجٌ 
فضفاض من العلاقات بين ثلاثة أقطاب : المستو دع القرطاجي (أو الدينة الفينيقية 
القديمة الخاضعة لقرطاج)» والحاضرة البونيقية» والممالك المحلية. 

ويظهر ضعف السيطرة القرطاجية على الأرض الإفريقية بأكثر وضوحاً في 
معاهدة سنة 201 وما كان لها من عواقب. فمن المعروف أن سكيبيون قد اعترف 
لقرطاج بلكية الأقاليم الواقعة شرق «الخنادق الفينيقية»» لكن ماسينيسا كان مخولاً 
له أن يطالب» في نطاق تلك دود بالأراضي التي كانت تعود إلى أسلافه. وقد 
احتج الملك الماسيلي بهذا البندء الذي اتضح أنه كان السبب الحقيقي وراء الحرب 
البونيقية AN‏ ولقد ين ش. سومان بوضوح أن ماسينيسا استعمل الحجج القانونية 


189 


الدامغة باثبات أن قرطاج لم تحز آقالیمها تلك إلا بالغصب» dis‏ ليس لها من حق في 
علکها «(Proprius ager)‏ وأن هذا التملك يقوم في أصله على أساس غير مشروع . 
فيمكننا القول بلغة اليوم إن ماسينيسا قام بالتنديد بالاستعمار. 

ولكن يجب ألا ننقاد بوهم المقارنات التاريخية؛ فهذا النوميدي قد كان كذلك 
بونيقياً» ولم يكن يختلف لا جسمانياً ولا ثقافياً عن خصومه القرطاجيين. فقد كانت 
تجري في عروقه دماء قرطاجية» بقدر ما كانت تجري في عروق هانيبال دماء إفريقية. 
ولقد كات التداخل بین ما نعتقد E‏ عالان متواجهان من القوة أن كنت تجد حزبً 
نوميدياً في قرطاج في مطلع القرن الثاني. ولا ينبغي أن تغیب عن آذهاننا العلاتق 
الكثيرة التي نسجت بين القادة الافریقیون والارستقراطية القرطاجية عن طریق 
الزواج. فقد حفظ لنا:التاريخ في مالا يزيد من جیلین ذکریات للعدید من الزیجات 


i Wy 
۱ 00 
i 
1 i 
: العا‎ 
He م‎ 
7 کے‎ PA 


64-63 نقوش على قشور بیض النعام من العصر البونيقي في فیلاریکوس. ورسم 
ناتئ على صحن من الوقت الحاضر من منطقة الاصنام (امحزاثر). 


190 


أو الوعود بالزواج بين الفریقین . فهذا هامیلکار Hamilcar‏ قد وعد باحدی بناته 
لنارافاس 272۷25 خلال حرب الرتزقة . وهذا آوزالسیس 5 ) عم ماسینیسا 
قد تزوج من ابنة 3 لهانیبال. ونعرف بالصیر المأساوي الذي كان من نصيب 
سوفونیسب “Sophonisbe‏ وأن ماسینیسا الذي نشأء حسب ما ذکر أبيانوس» في 
قرطاج» قد زوج إحدى بناته لقرطاجي أنمجحب منها ولا سمی آدهربال Adherbal‏ *. 
ولیس من باب الصدفة أن یکون الأمراء والقادة البربر قد اعتبروا قرطاج طوال قرون 
بمثابة العاصمة “ré‏ وأن الاسر الملكية [البربرية] كانت تسعی في الاقتران ببنات 
الأرستقراطية البونيقية» اللائي جئن [البربر]ء مع عطورهن ومجوهراتهنء بآلهة 
شوو انر طاح ناف أذ تكن مناه السياسة فشلت في الأخير؛ فما كانت 
إفريقيا قط بونيقية بالقدر الذي صارت عليه بعد التخريب الذي وقع [على قرطاج] 
في سنة 146. وقد ترك لنا التاریخ» الذي يولي اهتماماً إلى الرموزء صورة لأبناء 
ماسينيسا وهم يستلمون من يدي سكيبيون إميليان المخطوطات التي تم تخليصها من 
النيران عربوناً مادياً للارث الروحي لقرطاج. 

ولم يكن التنافس بين الماسيليين وقرطاج يزيد كثيراً في شراسته وعنفه عن 
التنافس الذي كان بينهم والماسيسيليينء أو التنافس الذي كان قائماً بين الدن ذات 
الأصول الفينيقية. 


الدن, مراكز للثقافة البونيقية 

بودنا لو نستطيع أن نضع الجرد الصحيح بالتفاعلات الفينيقية والليبيية في هذا 
العالم البونيقي أو الليبي الفينيقي . وسيكون في مقدور بعض المتخصصين في قرطاج 
في يوم من الأيام أن یقوموا بحصر ما ييز الثقافة البونيقية بالمقارنة إلى فينيقيي المشرق 
وإلى [الثقافة] الهلينية. والأيسر من هذه الهمة أن نتمعن فى الجانب الآخر من هذه 
المزدوجة؛ نرید تغلغل التأثیرات المشرقية فى الو سط اللیبی وهو شىء كان قد سعى إليه 
ر. باسي R. Basset‏ منذ نصف قرن. 


*- نسبة إلى المرتزقة» الذين جاء بهم نارافاس» وحارب بهم إلى جانب القرطاجيين . وقد طالت هذه الحرب 
من 239 إلى 241 وسفكت فيها دماء كثيرة. 
* - فقد انتحرت بعد إرغام أبيها لها على الزواج من سيفاقسء بدلا من ماسینیسا لهاجمة سيرتا واتخاذه لها 
عاصمة لنوميديا )204 ق . م.). 
* - ههنا خلط فاحش؛ فأما أدهربال فهوابن مسيبسا وحفيد ماسينيسا!! انظر هنا بالذات» ص. 370. 


191 


وينبغي أن نتنبه في القام الأول إلى وجود مدن بونيقية خارج اقلیم قرطاج. 
وسوف لا نعود بالحديث إلى الوضع الغامض للمدن الساحلیة؛ فهي تكاد تکون 
كلها تحمل أسماء فينيقية» وبينها التي تحمل أسماء فينيقية ليبية» مثل روسوکورو 
«*Russucuru‏ وأخرى تحمل أسماء بربرية خالصة. مثل سيجا. ويتبادر إلينا سؤال 
هل تكون هذه المدن لا تعدو كلها عن منشآت بونيقية» أو إيبيرية بونيقية» ثم ألا 
ينبغى لنا أن نأخذ بعين الاعتبار أنها قد تكون منشآت ذاتية» أي إفريقية؟ فأن تكون 
بعض البلدات الساحلية منذ بدايات إنشائها تتلقی منتجات متوسطية قرطاجية 
وأيونية وآثينية» فذلك آمر طبيعي وشائم » ولا یکن أن يقوم حجة علمية صحيحة 
على الأصل الحقيقى لهذه الدن. ولکن أن تکون مدافن سکان هذه الدن تحتوي 
علاوة على ذلك أثاثاً محلیاً من كل الوجوه مطابقاً للأثاث الذي تم العثور عليه 
في القبور القروية وأن هذه المدافن تتکشف عن طقوس مقابرية قليلة شيوع عند 
الفینیقیین؛ فهذه تعتبر مؤقرات لا یستهان بها علی نوعية سکان هذه الدن. فعلی 
الرغم من أن سيرتا عاصمة النومیدیین الاسیلیین» تحمل اسماً قد یکون ذا أصل 
فينيقي وآن ثقافتها كانت بونيقية من کل الوجوه. فانها لم تكن في يوم من الأيام 
تخضع للسيطرة القرطاجية» وأحرى أن تکون من إنشاء الفينيقيين. واستوقفتنا 


5. مسلة بونيقية جديدة في مكثر. 


* - الاسم القديم لدينة بومرداس. 


192 


حالة عاصمة نوميدية أخرى؛ تلك هي مدينة سيجاء التي يأتي ذکرها بکونها ملكا 
للقرطاجيين. والمدينة الثالثة التي تشد انتباهنا هي مدينة وليلي» التي تحتل موقعاً یغلب 
عليه الطابع القاري في سفح جبل زرهون في المغرب . فوجود هذه المدينة من المملكة 
المورية یمود إلى ما قبل يوبا الثاني بقرون عديدة. وتؤكد المسلات البونيقية المكتشفة 
في هذا الوضع ‏ كما تشهد مدن إفريقية آخری كثيرة (مثل سيرتاء تب بوري 
-Thubursicu Bure‏ تبرسق» EA‏ ودقة...) على اجتماع الأسماء الفينيقية 
والاسماء البربرية بانتظام ضمن الاسرة الواحدة. 

وبالاضافة إلى هذه الدن النوميدية والمورية» التي كانت تقوم بو ظائف العواصم 
یجدر بنا أن نذکر مدنا أخرى کانت» على الرغم من آسمائها الفينيقية» تقع في 
الناطق الداخلية» من قبیل are‏ 65 وتيبازا 8 في نوميدياء وقالة 
8 وزو کابار “Zucchabar‏ في ما سیعرف لاحقاً بموريتانيا القيصرية . وا ققة 
أن مدن المملكتين النوميدية والمورية» سواء منها الساحلية أو القارية» وسواء منها 
السماة بأسماء فينيقية أو المسماة بأسماء بربرية» قد كانت جميعاً مراكز أصيلة 
للثقافة البونيقية 


تعايش ناجح وطويل 

كانت هذه المدن مراكز لتلك الثقافة البونيقية» لا بإنتاجاتها من الخزفيات المدعاة 
بونيقية» وهي التي نجدها في سيرتاء كما نجدها في سائر المستودعات على الساحل 
ee es‏ وك الق » بل إن هذه المدن كانت مراكز لتلك الثقافة 
Le‏ هیده ولغها الک ربق ور ها بلغتها الشتقاهية CA‏ . وقد كانت اللغة الرسمية 
للمملكتين النوميدية والمورية حتى (يقول بعض المؤلفين خاصة) بعد تدمير قرطاج 

هى البونيقية. فباللغة البونيقية كانت تكتب التكريسات الدينية» والنصوص الادارية 
النادرة التي قيض لها البقاء» والشاهدات الملكية» والكتابات على النقود» وما كان هذا 
الأمر بمقتصر على النوميديين في الشرق» بل كان عاماً في سائر أنحاء شمال إفريقيا 

كات ني الذي رو سق د رلك للد ne‏ 
ماسینیسا وميسيبساء أن تستعمل اللغة الليبية في کتاباتها الرسمية» وهو أمر فريد في 
حدود ما نعرف» ولیس له نظير. 


*- الاسم القديم لدينة مليانة. 


193 


ولقد بقیت اللغة البونيقية متداولة لزمن طویل من بعد قرطاج» والی ما بعد زوال 
المالك المحلية؛ فقد كان الناس لا یزالون یتکلمون البونيقية تحت حکم مارکوس 
آوریلیوس ۸۵۱6 Marc‏ في مدينة لبسیس ولکنهم یکتبونها بأحرف إغريقية 
(كما نراها فى كتابة نقوشية على أحد الأعمدة فى قوس النصر). وفی النطقة نفسها 
شواهد كثيرة قد استُعملت فیها الأحرف اللاتينية في كتابة باللغة البونيقية. ویقول 
أغسطينوس إن القرويين المجاورين لهيبون كانوا بعد خمسمائة سنة من تدمير قرطاج 
لا يزالون يتكلمون البونيقية. ونعرف بالنقاش الذي أثاره ش. كورتوا حول هذا 
الوضوع. ولكننا رأينا أن بعض الموريين كانوا بعد ذلك بقرن من الزمن لا يزالون 
حسب بروکوبیوس» يقولون بانحدارهم من الکنعانیین؛ وان هي إلا ذكرى بعيدة 
للثقافة التي كانوا يريدون الانتساب إليها. 

ولكن إذا كانت الثقافة في المدن بونيقية» فان الادارة البلدية [فیها] لم تكن دائماً 
مجرد مستنسّخ من النموذج الفينيقي. وحقاً إن نظام القضاة [القرطاجيين] كان شيئاً 
شائعاً في المدن [الإفريقية]» وقد جيء بإحصاء لعشرين من هؤلاء القضاة» ناهيك 
عن المدن التي يأتي على نقودها ذكر لقاضيين يشتركان في الاسم الواحد» ولا يبعد 
أن يكونا من القضاة [القرطاجيين] . لكن التمائل في الأسماء لا يعني بالضرورة 
تطابقاً في الوظائف. فهذه مكثر قد كان يوجد فيها ثلائة قضاة ولم يكن في قرطاج 
من القضاة قط أكثر من اثنين. وفي الأخير فإن بعض الوظائف البلدية في دقة لم تكن 
لها من المكون الفينيقي» سواء في مفهومها أو في تسميتهاء إلا النزر القليل؛ بحيث 
اق علی آسمانها الل Us‏ ترجمة في التصوص البونيقية. 

لم تكن هذه الدن الا فريقية ذات الثقافة البونيقية بالناطق الأجنبية المنعزلة وسط 
الممالك؛ بل كانت بعکس ذلك؛ فهی التی تجلی فيها وجود هذه المالك إذ كانت لها 
العواصمء وکانت فیها احصون He‏ وان السياسة الدينية التي انتهجها 
ماسینیسا؛ ومیسیبسا؛ وبوخوس ویوبا الأول» لتثبت أن الملوك إذا کانوا یستمدون 
قوتهم من قبیلتهم الأصلية» وهي التي مکنت لهم السلطان والسیادة» فان في الدن 
قد جعلوا لسلطتهم المقار. 

وما كان الدین نفسه استثناء من هذا التداخل» ولا كان استثناء من هذا الامتزاج 
للعالین الافريقي والشرقي. فالتفکیر يذهب بنا عند النوميديين في القام الأول إلى 


194 


الانتشار الكبير الذي تحقق لعبادة بعل حمون Hammon‏ 3221 فأصبح [لدیهم] هو 
ساتورن Saturne‏ الإفريقي في العهد الروماني. كما يذهب بنا التفكير إلى عبادة تانيت 
Tanit‏ - أو بالأحرى تينيت Tinit‏ - وهي المطبوع اسمها بنبر بربري. وحتى في الديانة 
الشعبية» بل الريفية» هنالك آلهة أو جن محليون سمُّوا في ما بعد بالآلهة المورية» ولم 
يكونواء بخلاف التوقع» يحملون دائماً أسماء ليبية (انظر الفصل الرابع ). 

ولقد ظلت إفريقيا الرومانية تسبح طوال قرون في جو يغلب عليه الطابع الديني 
السامى والبونیقی» مختلف عن العتقدات الايطاليانية QUI‏ وعن الإضافات 
الهلينستية. وان ما لا عد له من السلات المكرسة لساتورن لتقوم شواهد على 
هذه الحقيقة» سواء أبمحتواها الأيقونى» أو با تحمل من تکریسات موجهة إلى الإله 
الإفريقى ي العظيم. 1 

ويطالعنا التفاعل نفسه بين الممارسات الشرقية والإفريقية فى الديانة المقابرية. 
فهذه الدلنات» وهي الكثيرة في البلدان النوميدية الشرقية (شرق الجزائر ووسط 
تونس»» قد عرفت تحولاً معلوماً صارت به قريبة إلى الكهوف ذات الطراز البونيقي 
الجديد؛ فان فيها مشاكي جانبية» أو تقوم مقام رأس السرير» قد حفرت في الجدران 
علی غرار ما في القبور البونيقية» وجعلت فیها مزالیق على جانبي الغطاء لاجل 
الحاجز الوقائي. وبين الحوانيت» وهي مدافن باطنية محفورة في جوانب الجرف 
الصخرية. التي أخذ بها الافریقیون بمنأى عن أي تأثیر قرطاجي» توجد في القبور 
الأقرب عهداً مقاعد وأسرّة مقابرية محفورة في الصخور. ولا يتبغي لنا أن نفسر 
التحولات التي طرأت على القبر البونيقي فصيّرته من الغرفة ذات PREA‏ 
عميقاً إلى القبو الفتوح نصفهء بسیرورة داخلية نحسب بل ينبفي أن نردها کذلك 
إلى الخرضن على توفير مدخل ميسر للغرفة المقابرية» وهو شي نرى ها يؤكده 
في جميع الآثار قبيل التاريخية لقدامى البربر. وهذا الاختيار الأساسي والحيوي 
التعارض مع الاهتمامات الأقدم للقرطاجيين» والرتبط JR‏ تأكيد ببعض المعتقدات 
الدينية [البربرية]ء نراه جلياً في المرات الكثيرة وفي الاروقة» وبعضها لا يزيد عن 
أن يكون رمزياء وفي المشاكي والمصليات المرافقة للقبور. 

وعملية حرق الأموات» التي كانت تجري بصورة غير منتظمة في قرطاج» خاصة 
منذ القرن الخامس كانت شيئاً مجهولاً لدى نوميديي الشرق. وقد أدخلت هذه 


*- نسبة إلى إيطاليا القديمة. 


195 


العملية إلى الدن الساحلية» وصارت تعمل بها الأسر الأميرية. ولیس یبعد أن یکون 
القبر الذي في الخروب» وهو جثوة كبيرة بالقرب من المدراسن» كما لا یبعد أن تکون 
مقبرة المدراسن نفسهاء يحتويان على مدافن للحرق. 

لم يتبقّ من تذكارات الآثار العمارية البونيقية إلا النزر القليل» وان كانت أعمال 
التنقيب التي وقعت في كركوان (161100326)» وفي الحي الذي تم الکشف عنه منذ 
الروماني. وقد شاءت مفارقات الأقدار أن تكون أهم I‏ تقع خارج إقليم قرطاج 
في تلك المملكة النوميدية التي كانت عاملاً في زوال قرطاج؛ وكانت في الوقت 
نفسه محفظاً أميناً للثقافة البونيقية. ويمكن أن نذكر كذلك الأضرحة الربعة فى دقة 
وفي مكثر وفي الخروب» وهي التي ظلت cb‏ تحتذى لزمن طويل» لکن يجتمع 
في تصميمها المكونان الهليني والفينيقي سواء بسواء. ويجدر بنا كذلك أن نذكر 


6. باب وهمية من المدراسن» ومسلات من قرطاج» وهي التي منها استوحیت. 


196 


الأضرحة البديعة التي في صبراته» وفي بني رنان؛ فهي منشآت هلينستية تقوم فوق 
قاعدة أصلية على هيأة مثلث منحني الاضلاع . 

وسبق لنا أن نوهنا إلى الدراسن؛ وهو ضریح فسیح. لاشك أنه كان مدفناً 
ملكياء يقو م في قلب نومیدیا. إنه ضریح داثري يبلغ قطره 59 متراً» ویتألف من رواق 
أسطواني تعلوه آدراج تضفي عليه شكلاً شبه مخروطي. ویصل الارتفاع الكلي 
لهذا الضریح إلى 19 متراً. والنتوءات. والخرجة التي على الأبواب الوهمية وعلی 
باب الدفن» والافریز ذو الق الصري وسقف الرواق من خشب الأرزء والتیجان 
الدورية " كلها عناصر إغريقية مشرقية نلاقیها كذلك في ماثر قرطاجية آخری» ولکن 
اثدراسن یعتبر في شکله العام ضریحاً بربريا + فهو شبیه ببازينة ذات قاعدة ارا 
وأدراج» وهي القبر البربري القدیم الأكثر شیوعا بنظام مدخل للسرداب یبتدی من 
اعلی البناء. والدراسن كما الاسرة النوميدية التي شيدته في آواخر القرن الرابع أو 
بداية القرن الثالث قبل الميلاد» AUS‏ بدیع لالتقاء التأثیرات الاغريقية الشرقية التي 
أدخلتها قرطاج» والتقالید البربرية قبيل التاريخية. فیستحق لذلك من کل الوجوه أن 
يوصف بالبونيقي. 


3 6 نسبة إلى الفن الدوري الاغريقي. 


197 


رومنة افریقیا؛ فشل ذریع 


تبدو لنا احضارة البونيقية إذاً تکاملاً وثيقاً وناجحاً بين معطیات ثقافية من حقبة 
قبیل التاریخ يحق لنا أن نسمیها بالليبية أو البربرية القدية» ومساهمات مشرقية من 
الحضارة الفينيقية. وإذا كانت هذه الساهمة الشرقية لم تخلف إلا القلیل من الآثار 
المادية على الأرض الإفريقية فلقد أثرت بشكل عميق على العقلية البربرية. 


غرو حدر وطويل 

كانت سيطرة روما على إفريقيا من الفاعلية والاحکام أكثر ما حقق للقرطاجیین . 
وما كانت هذه السيطرة بوليدة الصدفة بل جری الاعداد لها زمناً طويلاً» وتواصلت 
بعناد روماني حقيقي. فبعد الهزية التي لحقت قرطاج في سنة 201 ق.م. وقبل 
حتی أن تخرّب الدينة في سنة 146 ق . م۰ ویْحوّل إقليمها إلى مقاطعة رومانيق كان 
مجلس الشیوخ قد صيّر الدولة النوميدية عمليا إلى دولة «محمية»؛ معهود بها إلى 
ماسینیسا أكثر Le‏ هي معادة إليه. وقد كان ماسينيساء وهو الملك العظيم والسياسي 
الحاذق» يحمل على الدوام رؤية واضحة إلى وضعه الحقيقي كملك تابع» وهو ما 
كان یعرف في ذلك العهد باسم «الصدیق والحليف للشعب الروماني». ويظهر لنا 
هذا الوضع بوضوح عندما قرر ماسينيساء عشية وفاته. في سنة 148 ق .م. وبعد 
نصف قرن من الحكم المجيد» أن يستدعي سكيبيون إميليان للتشاور وإياه في تقرير 
أمر خلافته. ثم لما أدرك ماسینیسا أن هذا الروماني سيصل متأخراً كثيراً» قرر أن يترك 
له أن يتخذ ما يستحسن ويستحب من الإجراءات. وکما کتب س. گسیل : «لقد ختم 
[ماسینیسا] حياته با يشبه الاعتراف OÙ‏ مصير نوميديا يتوقف على الرومان». 

وكان pas‏ فهم يوغرطة لهذه السيطرة ةغير المعلنة» أو محاولته التنکر لهاء سببافي 
هلاكه» ثم استقطع من ملکته قسمها الغربي» وأعطي للك الموريين بوخوس» الذي 
أصبح بدوره» وربا بسبب من هذا الاستقطاع ‏ تابعاً لروما (في سنة 104 ق. Ce‏ 


199 


Les‏ تبقی من ile‏ الاسیلین النوميدية جری تقسیمه کذلك بعد وفاة 
كو ضا .Gauda‏ ثم كانت نهاية الدولتين الصغيرتين اللتين نشأتا عن هذا التقسیم 
وذلك خلال الحروب الأهلية التي جمعت بين القيصريين Césariens‏ والبومبيين 
Pompéiens‏ . فلما تحقق الانتصار لقيصر على يوبا لاول» قام بضم ملكته إلى مقاطعة 
«Africa Nova La, il‏ وأ صبح القسم الآخر امارة محلية یسیطر علیها مغامر | يطالي 
هو سیتیوس. وسرعان ما عاد هذا القسم لیندمج في المقاطعة الجديدة» مع الا حتفاظ 
بتنظیم خاص (الاتحاد السيرتي). وكذلك عرفت الملكة الورية مثيلاً لهذا المصير 
فقد قسمت خلال الحروب الأهلية إلى دولتين» ثم عادت إلى التوحد من جدید 
تحت حکم بوخوس الاصغرء حلیف آغسطس. فلما توفي بوخوس آلت مقالید 
الحكم فیها إلى آغسطس. وبعد محاولة قصيرة من الامبراطور لادارة البلاد بشکل 
مباشر رأى آنها لا تزال شديدة تخلف» فعهد بها إلى يوبا الثاني» ابن خصم قیصر 
ei‏ کلیوباترا سيليني 5616065 «Cléopâtre‏ بنت کلیوباترا العظيمة ومارك 
آنطوان .Marc Antoine‏ وبذلك كُلّف حفدة آعداء روما بأن يزيدوا من فتح موريتانيا 
آمام التجارة الايطالية . وفي الوقت نفسه آدخل أغسطس في هذا الاقلیم الواسع بذوراً 
قوية للْتننة - بل الرومنة -؛ فقد LAS‏ تسع مستوطنات كانت قواعد عسكرية وقواعد 
لتوسع ديغرافي. فقد كانت كل واحدة من هذه الستوطنات جزءاً من روماء یتمتع 
ساکنوها بحقوق الواطنة الکاملة. وهكذاء فعندما تفرعت عن مملكة موریتانیا بعد 
إعدام ete‏ این .يوا الثاني ؛ يقاطيتان SE‏ (في سنة 42(« كانت 
هاتان المقاطعتان معدتين قبلاً» ولو بصورة جزئية» للحياة البلدية التي جعلت لهاروما 
الأولوية في أعمالها. فبين إنشاء مقاطعة إفريقيا وإنشاء الموريتانيتين انقضت 188 سنة. 


المدن والترقي الاجتماعي 

كان للمدن في مقاطعات الامبراطورية أوضاع مختلفة» وكانت على تراتبية 
بالغة الصرامة. فالمستوطنات الرومانية تقع في القمة» وتأتي بعدها البلديات 
5 الرومانية» التي كان سكانها 32 مواطنين رومان لكنهم لم يكونوا 
يتمتعون من الاعفاء ءات الضريبية بثل ما كان یتمتع سکان الستوطنات . ولقد توفرت 
للبلدية اللاتينية المؤسسات نفسها التي اجتمعت للبلدية الوا کن سام م 
يكونوا يحملون لقب المواطنين الرومان وهي صفة كانت JÉ‏ بصورة تلقائية 
للمواطنين المضطلعين بهام بلدية. فقد كان الأعضاء البلدیون (الذين يجوز لنا اليوم 


200 


أن نسمیهم مستشارین بلدیین) يصيرون» حسب آهمية البلدیات» مواطنین رومانا. 
وأما في البلدیات الاخری قليلة السکان» أو محدودة الغنی» فان مهام الدومقیر 
eduumvir)‏ العمدة ومساعده) هي وحدها التي كانت تخول لتقلدها الوصول إلى 
المواطنة الرومانية. 

وکانت هنالك مراکز حضرية آخری خارج هذه الأنواع الثلاثة» وهي : الدن 
الحرة» التي ظلت في مقاطعة إفريقيا تحتفظ بادارة من الطراز البونيقي» والدن التابعة 
«(oppida s civitates)‏ وهي لا تزيد عن بلدات يسكنها الأهالي» ویکن آن یقیم 
فیها مواطنون تابعون للقانون اللاتيني أو للقانون الروماني وقد آمکن لهذه البلدات 
آن تشکل نواة لتنظیم بلد ي (conventus civium romanorum)‏ . 

لقد كان الهاجس من وراء تشکیل مختلف هذه الدن واضحاً جلیا؛ فاذا تحقق 
للمدينة تغییر الصنف البلدي عاد علیها هکسب محقق؛ فتخف آعباژها الضريبية 
ویتحصل سکانها؛ أو يصير بمقدروهم أن يتحصلواء على صفة الواطنة الرومانية 
التي كانوا يجتهدون في نيلها. 

وكانت شهرة أي مدينة» أو مجدها بتعبير رفيع » تترجم كذلك في ثراء مبانیها 
وفي جمال معابدهاء وفي اتساع ميدانهاء وفي عدد تماثيلهاء بل تترجم كذلك في 
طول القنوات المستعملة لنقل المياه فيها وطرافتها. وقد كان النصيب الأكبر في تمويل 
هذه الأعمال بوخ من الثروة الشخصية للمترشحین لختلف الناصب البلدية. ولم 
يكن يفوت هؤلاء أن یذکروا هذه الکرمات فى التکریسات یجعلونها على تلك 
المنشات. وما آسرع ما صار هذا السخاء شيك إلرامياة وحتی لقد أمكن للمؤرحين أن 
یحددوا البالغ (summa honoraria)‏ التي كان یتطلبها الترشح للمنصب من تلك 
الناصب . فمن هذا الذي ذکرنا نفهم السبب وراء ضخامة الخرائب التبقية من الدن 
الرومانیة» وأنها تبدو أحياناً غير متناسبة والأهمية الحقيقية للمدينة وعدد سکانها. 
فلقد كان آثر روما في إفريقيا أثراً مادياً في القام الأول» وكان شيئاً فريداً لا یضاهی . 

وكانت هنالك تراتبية اجتماعية ممائلة في أوضاع سكان إفريقيا. فقد كان يكن 
للشخص الأجنبي”» من بين الرجال الاحرار أن يصير يدخل عن طريق الانتخاب 
أو بفعل معروف شخصي يناله من الإمبراطورء تحت طائلة القانون اللاتيني. وكان 


7 وهو الانسان الجر من سكان المناطق التى احتلتها روماه ولم يكن يتمتع بالمواطنة الرومانية 
ولا كان له الوضع القانوني الذي للاتین. 


201 


يكن للمواطن الخاضع للقانون اللاتيني أن یصبح مواطناً رومانياً بالطريقة 
وکان يمكن للمواطن أن يرتقي إلى ما هو أعلى وأسمی مقاماًء فيتبوأ مرتبة الفارس 
(eques romanus)‏ بشرط أن یکون بلغ من الثراء مستوی معلوما وهو الستوی 
العمول به في سائر آنحاء الامبراطورية. وهکن للمواطن أن یدخل في الادارة 
الامبراطورية ويرتقي إلى أعلى الناصب المدنية أو العسكرية» وأن يغدو حاکماً على 
مقاطعة. وقد ربا تبوأ أعظم منصب» فعين رئيساً للحرس الإمبراطوري”؛ وهي القوة 
الثانية في الإمبراطورية. وكان يكن أن pci‏ درجة الفارس للمواطن برسم المكافأة 
تكرّماً من الامبراطور. وتأتي في قمة التراتبية الاجتماعية هيأة الشیوخ» وهي تقبل 
في عضويتها أصحاب الثروات الكبيرة» كما تقبل من بين الفرسان أكثرهم تميزاً في 
خدمة الإمبراطور. 

وهكذاء فقد أمكن لروماء بتوظيفها الحاذق للتراتبية بين المدن وبين الفئات 
الاجتماعية» أن تقوم بعملية دمج تدريجي للنخبة البلدية الإفريقية فيها. كتب 
!. ألبرتينى E. Albertini‏ : «إن روما تتحكم في حركة الارتقاء إلى الحياة الرومانية 
على صعيد مجموع السكان». ولقد أطلقت هذه الحركة نداء صارت تتجاوب له 
بالتدريج سائر شرائح ذلك الجتمع» الذي لم يكن فيه اعتبار لغير دافعي الضرائب 
ويقوم على تراتبية قاهرق لكنه لم يكن بالمجتمع المحصور ولا المكبوح بأي حال. 


الجيشء أداة للاحتواء 

كان امیش بموازاة لما ذكرناء عاملا فعالاً في عملية الاحتواء. فقد كان الانخراط 
في القوات المساعدة في إفريقياء كما في سائر المقاطعات الأخرى» متاحاً للأجانب 
اآما الفيلق (لم يكن هنالك غير فيلق واحد» هو الفيلق الثالث الأغسطي e-‏ 
gio tertia augusta‏ الذي كان مقره في لبيز في نومیدیا) فقد كان مقصوراً على 
الواطنین الرومان. وکان الجندي من القوات الساعدة» سواء من مشاة الکتائب أو 
من فرسان الاجنحة» یحصل على «الحق في الواطنة»؛ أي أنه يغدو مواطناً رومانياً 
بعد 25 سنة من الخدمة. 


«Préfet du prétoire Fa‏ وهي ترجمة فرنسية للعبارة اللاتينية ««prefectus pretorio»‏ وهو الضابط القائد 
للحرس الرميراطوري في روما. 


202 


وکانت هذه الفرق من الخيالة والأجنحة تحمل آسماء ذات أصول عرقية ومن 
ذلك أن في موریتانیا القيصرية كان هنالك جناح الثراسیین؛ وفرقة السردیین 
65 الثانية من الخيالة» وفرقة البروکیین Breuques‏ من الخيالة وسواها. ولکن 
سرعان ما صارت هذه التسمیات العرقية ولیس لها غير مدلول تقليدي» لأن كل فرق 
القوات الستقرة في العادة في إفريقيا كانت تجند آفرادها من الأهالي. وأصبح هذا 
الأمر باتاً وقاطعاً ابتداء من سنة 150. 

ولم يكن جنود القوات المساعدة جميعاً من ذوي الأصول الحضريةء بل كان 
الضباط القائمون على التجنيد يؤثرون البحث عن الأشخاص الأشداء الأقوياء بين 
النومیدیین والموريين في القرى. وكانت بعض القوات المجندة في تلك الأماكن تحمل 
أسماء إفريقية : فرقة خيالة الزالة» والفرسان الموريون ... 

ويكون لهؤلاء الجندین» خلال ربع القرن الذي تستغرقه خدمتهم» متسع من 
الوقت ليتعلمواء إلى جانب النظام العسكري شيئاً من مبادئ اللاتينية؛ وهي لغة 
كانت لا محالة تختلف كثيراً عن لغة شيشيرون» كما أنهم يتعلمون بعض مبادئ 
الثقافة الرومانية. فإذا عاد الجندي بعد الانتهاء من الخدمة إلى «دوار»ه أو «مشتااه 
بما وفر من مال» وبلقب المواطن الروماني» كان يمثل صورة للنجاح. وقد سبق لنا 
أن رأينا من هؤلاء الجنود السابقين من كان يعهد إليهم بإدارة بعض القبائل [من غير 
الترومة] .praefectus gentis‏ 


7. جميلة (كويكول سابقاً)؛ الجزائر. طاولة للقياس في سوق كوسينيوس. 


203 


كان العدد الكلي للجنود في الوریتانیتین یقدر في الظروف العادية بحوالي 
0 رجل؛ ولا يبعد أن عدد القوات المساعدة في نوميديا كان مساوياً لعدد جنود 
الفیلق» أي 5000 إلى 6000 رجل. وهذا يعني أن حوالي 20000 من هؤلاء الجنود 
هم من كان يمكنهم أن يصيروا مواطنين رومانا. ولكن كم هم أولئك الذين كان 
يتسنى لهم أن يتموا 25 سنة من الخدمة؟ AR‏ من الزمن كان يعيش الجندي السابق 
بعد أن يكتسب حق المواطنة؟ وباختصار ما الأثر الحقيقى الذي كان لهذه الرومنة 
الفردية والنادرة علی جماع الساكنة الافریقیة؟ : 

مهما يكن من آمر» وهذا شيء ذو أهمية» فان الافریقیین آنفسهم هم من قاموا 
تحت العلم الروماني» بالحفاظ» في الأوقات العادية» على النظام في افریقیا. 


مثال من «السياسة المحلية» : طاولة بناصة 

كانت المواطنة الرومانية تنح كذلك لرؤساء القبائل (gentes)‏ سواء منها 
التي تم ضمها أو تمت تهدنتها؛ وقد كان يطلق على هؤلاء الرؤساء لقب الأمراء 
«(princeps)‏ أو يلقبون أحياناً بالملوك» فلذلك كان ينبغى أن يتميزوا عن الولاة 
وهم موظفون تعیّنهم السلطة الامبراطورية. وکان منح الواطنة الرومانية يبدو كنوع 
من المكافأة؛ فهي تسمح لحكام القاطعة الذين یطلبونها من الامبراطور بالتخفیف من 
الضغط الذي يكن أن تمارسه القبائل القوية على احدود. أو حتی داخل القاطعة. 
وهذه اطاولة بناصة» الشهيرة» وهي عبارة عن لوحة من البرونز كانت مثبتة بازاء 
الحامات في :هذه المدينة من مدن موریتانیا الطنجية» د تسمح بالتحلیل الدقیق لهذه 
للسياسة خلال بضع سنين من القرن الثاني. وقد قام كل من و. سيستون W. Ses-‏ 
ston‏ م. أوزينات M. Euzennat‏ منذ وقت قريب على نشر هذا النص الفريد 
الذي وصلنا من الامبراطورية وتناولاه بالدراسة. ولقد احتفظ لنا هذا النص 
بثلاث وثائق رسمية. فأما الوثيقة الأولى فهي عبارة عن رسالة من الإمبراطورين 
ماركوس أوريليوس ولوسيوس فيروس Lucius Vérus‏ إلى كوييديوس ماكسيموس 
Coiïiedius Maximus‏ الحاكم على موريتانيا الطنجية» تمنح المواطنة الرومانية 
لر رسن یدعی پولیانوس Julianus‏ ولزوجته زیدوتینا 21000102 وأبنائهما. 
ويرجع تاريخ هذا القرار إلى سنة 169-168. ويؤكد الإمبراطوران في هذه الرسالة 
علی الطایع ی لهذا القراو الذي عار مر رها ]ليه الوفاء التام من يوليائوس 
وأنهما يؤملان أن يكون قدوة لبني قومه. وأما الوثيقة الثانية التي دونت على طاولة 


204 


بناصة فهي عبارة عن رسالة ثانية من الامبراطورین مارکوس آوریلیوس وکومودوس 
6 إلى الحاكم فالیوس ماكسيميانو س Vallius Maximianus‏ تمنح المواطنة 
الرومانية لفاجو را Faggura‏ زوجة أو ریلیوس پولیانوس al Aurelius Julianus‏ 
الز گرنسیین وأبنائهما. وأما الوثيقة الثالثة فهي نص رسمي (commentarius)‏ صادر 
عن مجلس الامبراطورء وقام على توقیعه ائنا عشر عضواً من الجلس؛ والوثيقة 
مؤرخة في 6 یولیوز 177. 

والنص الذي على طاولة بناصة له آهمیته» وذلك من جوانب عديدة» ونحن 
لن نتوقف منه إلا عند الجانب التعلق بالسياسة المحلية. فقد ميز الحاكم بين العشائر 
المكونة لقبيلة الزكرنسيين القوية» التي كانت تستوطن في ما يبدو سفوح الريف* 
عشيرة یولیانوس ونقل ملتمسه إلى الإمبراطور. وتزوج ابن یولیانوس» الذي أصبح 
بعد بضع سنين أميراً للزكرنسيين» من امرأة أجنبية تسمى فاجوراء ومن أجل أن 
يصير أبناؤه كذلك مواطنين روماناً كان يلزمه الحصول على قرار إمبراطوري جديد. 
وحيث إن حالة الز گرنسیین كانت حالة نموذجية» فقد جرى تعليق تلك الوثاتق ليعلم 


بها الجميع . 


Zegrensis -*‏ أو ۰768760565 نسبة إلى إحدى قبائل موريتانيا الطنجية .وقد ورد ذكرهم في نص بطلموس» 
الذي جعل موضعهم في الحوزء بين الأطلس الكبير ووادي تانسيفت. 


205 


ولقد مکننا هذا النص من معرفة جانب من سياسة الاحتواء التي آعملها حکام 
القاطعات بفاعلية فریدة؛ فما كان هؤلاء سوی مو ظفین فى بيروقراطية امبراطورية 
كانت آرشیفاتها من الدقة والاتقان کمثل ما هی الارشیفات فى الادارة الحديثة. 


area st مدی‎ 

إن من شأن هذه السياسة الاحتوائية» أو سياسة الرومنة على وجه الدقة؛ أن تصدم 
مفاهيمنا عن الديمقراطية في الوقت الحاضرء ولكن لو وضعنا أنفسنا في سياق القرنين 
الثاني والثالث الميلاديين لبدت لناسياسة في غاية الحكمة» ولرأيناهاسياسة فعال وتقدمية 
بحق . ومهما قيل عن المجتمع الروماني خلال الحقبة الامبراطورية (لكن ألا يقال الشيء 
نفسه عن مجتمعنا أيضاً؟)؛ فإنه لم يكن في ذلك العهد بالمجتمع المكبوح أو المحصور. 
فلم يكن بالمكبوح في روما؛ حيث كان بعض الكتاب السوداويين المغترين بنبالتهم 
وهي المحدثة عند بعضهم. يشتكون من الارتقاء الاجتماعي الذي تحقق للمحررين 
والثراء الذي تحقق لمحدثي النعمة. ولا كان كذلك بالمجتمع المحصور في المقاطعات. 
ولكن كيف السبيل إلى قياس درجة الرومنة الحقيقية التي وقعت للبربر؟ تقتضينا 
الإجابة عن هذا السؤال الأساسي أن تكون تتوفر لدينا وثائق أدق بكثير ما بين أيدينا. 

حقاً إننا لا تعوزنا الوثاتق المادية؛ كما وأن ما بين أيدينا من مصادر كتابية تاريخية 
وقانونية شیء لا یستهان به. ونزید الها حصيلة وافرة من الکتابات التقوشیة؛ د 
تقدر بخمسین ألفاً فى ما یتعلق بالقاطعات الرومانية في ٍفریقیا. Lis‏ خرائب الدن 
أكانت عواصم أو مجرد بلدات» فتقدر با مآت» وهي تعطینا صورة واضحة Les‏ كان 
لروما من سطوة ومن سلطان. ثم إن خطوط التحصینات وهي مناطق للاستیطان 
العسكري» قد مکنت للرومنة (romanitas)‏ النفاذ حتی الصحراء فى طرابلس 
الغرب وفي نوميدياء وحتی الهضاب العلیا السهبية في موریتانیا القيصرية. 
وقد كانت هذه النطقة لا تزال حتی عهد الامبراطورية المتأخرة» یسکنها الجنود 
(اللیمیتینیون»" وهم جنود مزارعون کانوا یشتغلون باحیاء تلك الاراضي الجرداء 
وتعرضوا LS‏ رأينا سابقاً للاصطدام مع قبائل الجمالين. وفي ما وراء خطوط 
التحصینات كانت تقوم أراض زراعية قد جری تقسيمهاء ولا تزال آثار هذا التقسیم 
راسخة في الجال التونسي وفي بعض الانحاء من نومیدیا. 


Limitanei =‏ رهم الجنودالمكونون لقوات الحدود. 


206 


إن ذلك الکم من الأحجار القصوبة والدن الفخيمة» والتکریسات. والاسوار 
الصغيرة لا يشد حجارتها شي ء٠‏ والقائمة في سفوح التلال وتلك الخنادق والقلاع 
على خطوط التحصینات. وصوات الالف العسکریة" والآثار الفنية» كما نراها في 
شبكة هائلة من الطرق» كلها آشیاء تبعثنا على كثير من الانبهار. فقد خلفت القرون 
الخمسة التي عمرها الحكم الروماني على الارض الافريقية آثاراً راسخة آکثر بکثیر مما 
خلفت القرون الاربعة عشر التي تلته. 

ونحن ندرك السبب وراء الإعجاب» المطبوع بشيء من السذاجة» الذي 
أثارته الأطلال القديمة لدى أوائل المؤرخين من الحقبة الاستعمارية. فقد كان بحائتنا 
من القرن التاسع عشرء وهم المتشبعون بالثقافة الكلاسية» يجدون خلال غيضات 
Slt‏ أو النخیل القصير [الدوم] کتابات نقوشية تتحدث عن عملیات الاستصلاح 
التي وقعت على هذه الأراضي نفسهاء التي كان العمرون الجدد یجتهدون 
بفؤوسهم لبعث الحياة فيهاء متكلفين من الجهود الضنية والمكابدة ما بات اليوم 
نسياً منسياً. وقد يعثر أولئك البحائة في غير قليل من التأثر» على الأماكن التي ورد 
ذكرها لدی قيصر و حدث عنها سالوستيوس» وتيت لیف. والقديس أغسطينوس. 
وهل كان يمكن لروما ألا تصير هي المرجع البديهي للتننة الجديدة التي كانت قد 
بدأت تتشكل في إفريقيا؟ وكيف لا يكال المديح والثناء لروما التي مكنت لبعض 
الإفريقيين سبيل الوصول إلى ذلك البذخ الذي نراه في تلك المآثر» ومكنتهم من 
بلوغ أعلى مراتب الثقافة؟ ألست ترى ابتداء من القرن الثاني كيف أن ذلك الإفريقي 
فرونتون Fronton‏ المولود في سيرتاء قد صار الأستاذ لأحكم الأباطرة» ماركوس 
آوریلوس» كما وأن أكثر الكتاب اللاتين «حداثة» أبوليوس؛ ذلك الروائى والفلیسوف 
والخطيب Ce‏ افق كان هق لله فون نارول في رز انه كان تقول قر Sd‏ 
نوميدي ونصف جيتولي؟ فما كان هذا اللاتيني لينكر أصوله الإفريقية» بل كان يعتز 
بها ويتفاخر أيما اعتزاز وتفاخر. 

والحقيقة أن إفريقيا كانت من أجمل مقاطعات الامبراطورية. وقد جاءت لروما 
في آواخر القرن الثاني بأسرة حاكمة؛ وذلك بصعود اللبدي" سيبتيموس سيقيروس 
«Septime Sévère‏ وأربعين سا تخر 9 على أرضها كذلك» فى تيسدروس 
(e41) Thysdrus‏ الشیخ گوردیان «Gordien‏ وسرعان ما ألحق به ابنه. وقد كانت 


cbomes -*‏ وهي حجارة تنصب عند كل ألف خطوة على الطرق الرومانية. 
*- نسبةالی لبدة. 


207 


9 . تیمقاد (الجزائر)» الفوس السمی قوس تراجان»» من داخل الدينة. 
تیسدروس آغنی مدن بیزاسین. ویعود الفضل في هذا الثراء الطاریء على الدينة 
إلى ما تحقق لها من تطور زراعي خاصة ما تعلق منه بشجر الزيتون» وهو شجر 
ملائم كثيراً لتربة تلك البلاد ومناخها. 

فلا يمكن أن ننسی الاستصلاح الذي قيض للأراضي الإفريقية؛ فلم يكن العامل 
فيه هو التطور الطبيعي الذي شهدته الزراعة» با تحقق لها من الحماية فحسب» بل 
كانت من ورائه كذلك إرادة سياسية تجسدت في الإدارة الإمبراطورية على مختلف 
الأصعدة. وكان تأثير ذلك على الحياة الفلاحية بالغ القوة؛ كما نراه في بعض الألفاظ 
اللاتينية التي لا تزال متداولة بشيء من التحريف إلى اليوم في معظم اللهجات 
البربرية؛ ما تعلق بأسماء الحراث» أو النيرء أو النباتات الزروعة. أو الأشجار. 
وكذلك لا يزال جميع المزارعين في شمال إفريقيا يحافظون للشهور في التقويم 
اليوليوسى على أسمائها اللاتينية» وتجد الأمر نفسه منهم حتى في الصحراء؛ فالتأثير 
اللاتيني قد امتد إلى ما وراء الحدود الرسمية للإمبراطورية. 

ويعود هذا التوسع إلى عوامل أخرى غير عوامل الرومنة بالعنی القانوني 
للاحتواء؛ فقد جرى خلال القرون التي عمرها الحكم الروماني كذلك تمسيح 
للإفريقيين. وساعدت على انتشار المسيحية في إفريقياء كما في غيرها من المقاطعات 
تلك الیول الروحانية التي حملها ما كان يروج بين جنبات الامبراطورية المتحدة من 
أفكار آتية من المشرق . كما وأن الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتولدة عن المجتمع 
الروماني كانت تيسر النجاح لدين خلاصي يدعو إلى المساواة بين بني البشر ويعلي 


208 


من شأن الفقراء. والی هذه الظروف. التي كانت عامة على سائر آنحاء الإمبراطورية 
انضافت بالنسبة إلى إفريقيا الأهمية الخاصة للتأثير المشرقي» وهو تأثير ظلت تغذيه 
لقرون مدیدة الهيمنة الفينيقية والعلاقات الدائمة مع المشرق السامي. والواقع أن 
القاطعات الافريقية كانت من بين ساثر مقاطعات الغرب هي الأكثر انطباعاً بالیسم 
الشرقي؛ بحکم عقلیتها وأصولها الثقافية. وکانت تلك القاطعات» خاصة مقاطعة 
إفريقياء على استعداد كبير لاستقبال الدین الجديد. ولقد جادت السيحية الافريقية 
بالعدید من الشهداء وجاءت بالکثیر من الکتاب؛ آمثال تیرتولیانوس Tertullien‏ 
وأرنوبیوس 6 وسببریانوس .Cyprien‏ وکان اعظمهم is‏ آغسطیئوس 
الذي أصبح آحد قادة الفکر الغربي لقرون عديدة. والقدیس آغسطینوس ینتسب 
إلى آسرة من تاغاست Thagaste‏ (سوق «(pt al‏ وقد أصبح أسقفاً لهیبون Lis‏ 
الكنيسة» وتبوأ مقاماً عالمياً تجاوز به حدود مقاطعته وحدود الإمبراطورية» وتخطى به 
زمانه. وليس بالأمر الهين أن يكون أعظم مفكري الغرب اللاتيني» ومؤلف مدينة 
لله والاعترافات بربرياً مسيحياً. فكأننا بأغسطينوس يثل النموذج المكتمل لتلك 
الرومنة التي ظلت جارية بصبر ومثابرة طوال أربعة قرون. ومن سخرية القدر كذلك 
أن أغسطينوس الذي توفی أثناء حصار الوندال لهيبون قد شهد كيف كان ينهار ذلك 
العالم الروماني الافريقي الذي کان له الرحم. 


atiy رفح‎ 

يقول المؤرخون من غير المعجبين ب «الاستعمار» إن روما فشلت في محاولتها 
الاحتوائية؛ فالافریقیون رفضوا روما ورفضوا اللتننةء وان تلك النجاحات التي 
حفظها لنا التاريخ لم تكن تعدو عن حالات فردية؛ فما مست الرومنة سوى نخبة 
محظوظة. وأما السكان البربر في القبائل فقد ظلوا في مجموعهم بمنأى عن الثقافة 
اللاتينية. 

والذي يبدو أن الإفريقيين رفضوا الحكم الروماني» واستبسلوا في مقاومته كما 

و 

تشهد بذلك الكثرة الكثيرة من الاضطرابات» والغارات» وحركات التمرد» التى 
كانت تفضح حقيقة میثاق السلم الروماني .Pax romana‏ 


*- Cité de Dieu 
*_ Confessions 


209 


والواقع أن روما واجهت من تاکفاریناس (من سنة 17 إلى سنة 24( إلى جیلدون 
(سنة 396( حرکات تمرد طاحنة وقع معظمها على الوریتانیتین. ویذهب المؤرخون 
امغالون في الانتقاص من الرومنة التي وقعت للإفريقيين» آمثال ش. كورتواء إلى 
القول إن روما لم تتمکن من التوغل كثيراً في الناطق الجبلية» التي صارت لذلك بؤراً 
للهمجية. وهم یعتدون في البرهنة على هذه الدعوی بخطوط التحصینات الداخلية 
التي كانت تقوم حواجز بين القاطعات في الامبراطورية المتأخرة» من قبیل الأخدود 
الذي كان يحيط بجبل بوطالب فى موریتانیا السطيفية. فعندما تضعف السلطة تتدفق 
من تلك الناطق الجبلية حشود من القاتلین الأشداءء فتحطم خطوط الدفاع الداخلية 
وتطبق على الضیعات وعلی البلدات بالنهب والتخریب. ثم تزداد الأوضاع lej‏ 
عندما تری إلى تلك الحركات الحلية كيف تسیر إلى الالتحام ببعضها؛ فتأخذ تتکون 
عندئذ احادات بين القبائل» من قبیل الاحادات التي قامت بين الباکوات والبافار 
في موریتانیا الطنجية. وقد یبرز أحياناً من وسط ذلك السدیم في بلاد البربر على 
حين غرة رجل» فإذا هو بحق قائد عظیم. وقد كان من الشائع في عالم البربر ظهور 
أولئك الحاربین العابرین؛ آمثال مائوس Mathos‏ (أو (Matho‏ الذي قاد التمرد 


70. طنف وافر الز خرف من میدان تیمقاد (الجزائر) . 


210 


الليبي خلال الحرب التي شنها الرتزقة على قرطاج» وأمثال تاکفاریناس في مطلع 
للقرن الاول؛ هو الذي ظل يرهق لسبع سنين الفیالق الإفريقية» وأمثال فاراکسن Fa-‏ 
الذي كانت له أيام مجيدة في موریتانیا القيصرية خلال التمرد العارم الذي 
قام في منتصف القرن الثالث» والدعو آبو يزيد» صاحب الحمار» الذي كاد يطيح 
بالدولة الفاطمية في افريقية في القرن العاشر» وعبد الكريم' الذي تزعم التمرد في 
سنة ۰1920 أو حتی عميروش* في وقتنا امحاضر . 

والناظر إلى تلك القائمة الطويلة من العارك یری كيف تتکدر بشکل غريب 
صورة إفريقيا التي تبدو فیها تلك الارض الغنية والخزن لروما؛ إفريقيا التي قادت 
البربر بالتدریج م إلى ما يبدو لنا مرتبة عالية من امحضارة. فقد عفر رماد الحرائق 
ولطخات الدماء بریق الرخام Gba‏ الفسيفساء . ثم ألا تری بعض تلك الفسیفساء 
تصور في غير استحیاء أسرى إفريقيين قد شذدت لهم القيود» كما في تيباز الموريتانية 
أو تصورهم وهم يدفعون إلى الوحوش في السارح؛ كما في زليتن في طرابلس 
الغرب؟ 


وجها افریقیا الرومانية 

إن هذین القسمین فى اللوحة الزدوجة لافریقیا الرومانية هما من التعارض با 
el D) durs as‏ ها ار انز وأعرف أنه قد تأكد الیوم أن التاریخ 
لا هکن أن یکون منصفاً أو محايداء وأن «السبقات» تؤ #3 في حکم الزرخ إن بوعي 
منه أو بغير وعي . ولكن ليست مهمة المؤرخ * أن يصدر الأحكام» » بل مهمته أن يتناول 
الوقائع بالتحليل والتفسیر» سواء ما تعلق بالاستمرارية الاقتصادية والاجتماعية أو 
بالأحداث. وإذا كان التاريخ لا يقتصر على رواية الاحداث» فان الأحداث وقائع 
تاريخية تكون فى بعض الأحيان زاخرة بالعواقب والتبعات على المجتمعات وعلى 
الذهنيات. ولنفكر في القرار الذي اتخذه الأمير الفاطمي في القاهرة بتسليم المغرب 

ير إلى بني هلال! فلا يكن أن نمحو الوقائع بجرة قلم» فلا نعتد بغير الرؤية 
الاقتصادية الخالصة. 


TE E 0‏ (1959-1926). 
* - كتب : «التاریخ «Histoire‏ وقد جعلناها 7المؤرخ»2. 


211 


والحال أن الوقائع هي الآتية : لم تكن هنالك إفريقيا رومانية واحدة» بل مقاطعات 
عدة» تتمايز أوضاعأء وتتباين ساكنات» وتختلف مصالح. وإذا ما تمعنا في خريطة 
للاستيطان الروماني في إفريقيا خلال القرن الثالث» وهو یثل لحظة الأوج في هذا 
E‏ طالعتا تعارم ين جه al A)‏ فوت وی اد ایس كنا 
نعرفهما في الوقت اضر وهما یقومان مقام مقاطعة إفريقيا وامتدادها العسكري 
نوميدياء کانا قد بلغا شأواً بعيداً فى التحضر. فالدن ومحطات البرید الامبراطوري 
ال انتقلت LUI‏ آسماژها بواسطة ضوات الألف العسكرية والسارات ینبنی أن 
نضيف إليها مثات البلدات التي لا تزال مجهولة الأسماء. لكنها تقوم دليلاً على كثافة 
سكانية استثنائية. وكان يمتد على الحدود الجنوبية لهذه المقاطعات شریط عسكري 
شاسع يأخذ من السهوب. بل يأخذ كذلك من الصحراء في طرابلس الغرب . ولقد 
رأينا كيف أن تلك الأراضي اردای وتلك «المناطق الخالية» (solitudines)‏ التي 
صورها سالوستيوس في القرن الأول قبل الميلادء قد تم لها الاستصلاح والاعمار 
بفضل إدارة سياسية موصولة. 

وأما الموريتانيتان فان شبكة الطرق والمناطق الحضرية فيهما كانت أقل تطوراً 
بكثير. فقد كانت الدن أقل سكاناً وأقل فخامةء لكن تحيط بها أسوارء وهو حرص 
على توفير الحماية لم يكن معروفاً في مقاطعة إفريقيا وفي نوميديا. ولم يصل 
الشريط العسکري. الذي درج الناس لوقت طويل على الخلط بينه ووادي الشلف 
فى موريتانيا القيصرية» إلى حدود منطقة التل إلا فى القرن الثالث . وفى موريتانيا 
الطتجة كان امتداد القاطعة آکثر محدودية» ولم يكق الربط بين الوریتانیتین عن 
طريق البر موصولاً على الدوام بطريق تكون تخضع للمراقبة. لكن متى وقع ما يتهدد 
المقاطعتين جرى وضعهما تحت قيادة عسكرية واحدة. وجملة القول ان الموريتانيتين 
كانتا أقل تروماً بكثير من نوميديا ومقاطعة إفريقيا. وكان انعدام الأمن فيهما أكثر تواتراً 
وكانت التمردات الكبيرة المندلعة فيهما تمتد في بعض الأحيان إلى آطراف نوميديا. 

ولذلك فلكي نتناول بالتحليل الجدي وضعية إفريقيا تحت الحكم الروماني 
والموقف الذي كان من البربر تجاه ذلك الحكم» يجدر بنا أن نیز بدقة بين المجموعين 
من المقاطعات. وهنالك أمر آخر لا يمكن أن يرقى إليه الشك؛ نريد ضعف تعداد 
القوات العسكرية فى بلد مترامى il NI‏ فإذا ما زدنا أعداد جنود الفيلق 
الو حيد (Legio tertia augusta)‏ إلى أعداد الجنود في فرق الخيالة» والجنود في 
أجنحة الخيالة» المتوزعين من طرابلس الغرب إلى المحيط الأطلسيء لم يكادوا 


212 


یزیدون تعداداً عن 000 27 رجل. ولو كان الافریقیون قابلوا الستوطنین القلیلین 
الذين استقروا في الدن» وفي آغنی السهول. بالقاومة الشديدة والتواصلة لقرون 
لكان تم لهم القضاء المبرم على تلك القوات. والحال آنها لم تكن بالقوات قليلة 
العدد فحسب» بل من الستحیل اعتيارهاء من وجهة نظر حدیثة» جیشاً استعماریا 
أو جيشاً للاحتلال. فمعظم القاتلین الکونین لهذه القتوات قد جری تجنيدهم من 
الساكنة المحلية من بين الإفريقيين المترومين بدرجة معينة . لكن الحكومة الإمبراطورية 
لم تكن ڌ تتردد» في حالات الخطر الكبير» في أن ترسل إلى موريتانيا بقوات تجندها من 
المقاطعات الأخرى. 

ويفترض بالمؤرخين المهتمين بإبراز المقاومة الإفر. يقية أن يقارنوا بين أعداد الجنود 
المكونين للقوات في المقاطعات الإفريقية وأعداد القوات في المقاطعات الأوروبية: 
الجرمانيتين» وريثيا 12:6 وبانو نيا Pannonie‏ ۰ وميسيا «Mésie‏ وداسیا Dacie‏ . 
وقد كان یتجمع بطول نهري الراین والدانوب معظم فیالق الامبراطورية. وا حقيقة 
أن الحدود في هذه الناحية كانت تتعرض لضغط متواصل من الأقوام الجرمانية» وقد 


1. سبيطلة (تونس). قوس أنطونان ومعبد الكابيتول. 


Ge -*‏ بی اب ا ان ی جرمانيا. 


2 - منطقة قديمة في لوعي ی فى E e EE‏ 
*— - مقاطعة رومانية كانت تقوم بين الدانوب والبلقان والبحر الا سود. 


*— - إقليم روماني یوافق على وجه التقریب رومانیا الحالية. 


213 


2. إفريقيا الرومانية. الدن الرئيسية» والطرق» وخطوط التحصینات في القرن الثالث . 


كانت شديدة البأس وكثيرة العدد» بینما ظلت أراضي الإمبراطورية في إفريقيا تسیر 
في توسع » بفضل المراقبة التي كانت لا تفتأ تشتد على قبائل الرحل وأشباه الرحل. 

وهنالك آمر ثالث يصعب تحليله» ولكن لا يمكن استبعاده» وهو تعداد كل 
السكان الحضرء أي المترومين» وفى مقابله تعداد السكان الذين أفلتوا من هذه 
الرومنة. فقد رآینا آنهم یختلفون في نسبتهم السكانية كثيراً بين مقاطعة إفريقيا 
والوریتانیتین» ولکن الجبال لم تكن على الدوام تلك اللاذات واللاجی التي توحي 
إلينا بها تعارضات الاستعمار الحديث . فالفراغات التي لا نزال نراها على الاطالس 
الاثرية لا تدل دائماً على غياب آطلال الباني القديمة» بل يشير معظمها إلى قصور 
في Jusi‏ الاستکشاف والتنقیب وهذا آمر يصح خاصة على الأوراس. وعلی 
العکس. فحتی الناطق الأكثر تروماً كنت لا تزال تری فیها وجوداً لأقوام قد حافظت 
على تنظیمها الخاص» وکانت البلدة الرئيسية فیها تتسمی باسم القبيلة Civitas)‏ 
.(...Civitas Nybgeniorums Nattabutum‏ وقد كانت ار اضی هذه القبائل 
واضحة احدود؛ غير أنه لا يمكن اعتبار هذه الأقاليم بثابة الات أو من قبیل 
«البانتولاندات» «Bantouland‏ ذلك بأنها كانت تتروم بوتيرة لا تنقص كثيراً عما 
كان جارياً في أراضي الاستعمار القديم. ولقد تحقق لمدن هذه الأقاليم من التقدم مثل 
ما حقق للمدن الأخری. وتعتبر توبرسیکو نومیداروم “Thubursicu Numidarum‏ 
[خميسة] مثالاً مبيناً في هذا الباب؛ فقد كانت في بدايتها لا تزيد عن تجمع سكاني 


*- المعروفة حالياً بخميسة وتقع في ولاية سوق أهراس. 


214 


على أرض قوم من النومیدیین؛ قد یکون حصل على الاذن بتکوین مدينة أهلية 
(civitas)‏ ثم صارت بلدية تحت حكم تراجان Trajan‏ وصار أمير القبيلة في ذلك 
الوقت وقد اكتسب حقوق المواطنة الرومانية والعضوية في المجلس البلدي. ثم 
صارت مدينة توبرسيكو والإقليم الذي د الود هع ایا ول واس ما قدا 
دود وو وف و و ی ی ووس 
تحيط بها أراض جماعية. ويمكننا أن نت نتتبع هذا التحول التموذجي كذلك على طرف 
الصحراء لدی peds‏ وا التي صارت قريتها بلدية» وشت لها حتى 
اسمهاء فصارت 55 ف بتوریس تاميلاني .Turris Tamellani‏ 


بقاء المسيحية من بعد روما 

هل كان تمسيح إفريقيا من العظم والرسوخ كما تدفعنا إلى الاعتقاد تلك 
اوس لوو لوي بي 
يكن الانشقاق الدوناتي» الذي كثيراً ما جرى تصويره وكأنه JË‏ للمقاومة الإفريقية 
بسبب من أهميته نفسهاء دليلاً على عمق التحول إلى الديانة الجديدة واتساع نطاقه؟ 
ولكن ألم تكن المسيحية محصورة في المدن وحدهاء وأنها قد اعتبرت في الأخير 
شكلاً جديداً من أشكال الاحتواء؟ 

ينبغي أن نقوم بالتفنيد لهذه النظرة التضييقية. فالقوائم الأسقفية الطويلة من 
المجامع الدينية الإفريقية» والكنائس القائمة في بلدات متواضعة نجهل حتى بأسمائها 


3. معصرة للزيت من العهد المتأخر في أحد شوارع سوفيتولة (سبيطلة). في المقدمة إلى اليمين طاحونة 
الزيتون» وفي الخلف مسطحتان للضغط » وقائمان لتثبيت عمود الضغط . 


215 


والشواهد على قبور بسطاء الفلاحين» وحتی الشواهد على قبور رژساء البربر في 
مناطق تبدو قليلة 5 5 46 کما هو الشأن في سلسلة البابور حیث كان ملك الأوكوتامنيين 
Ukutameni‏ (الذين آصبحوا یُعرفون في القرون الوسطی باسم «کتامة») یتسمّی 
في القرن الخامس ب اخدیم الله» «(Servus Dei)‏ تقو م كلها شهادات على تمسيح يبدو 
من بعض الوجوه وقد تجاوز حدود السيطرة الإمبراطورية. وكذلك تجاوز التمسيح 
الحدود الزمنية للحکم الروماني» وظل موصولاً خلال العهدين الوندالي والبيزنطي. 
وهذا الكاتب الإسباني من العهد البيزنطي خوان دي بيكلار Jean de Biclar‏ قد 
تحدث عن التمسيح الذي وقع لجرمنتيّي الصحراء في حوالي 569-568. وإذا كان 
كوريبوس قد جاء في القرن السادس بتصوير للممارسات الدينية» وحتى السحرية 
للرحل الجمالين من لواتةء الذين لبثوا على الوثنية» فلقد تناول تلك الممارسات 
بفضول كفضول عالم الأعراق؛ إذ اعتبرها شيئاً غريباً عن عاله. 

وعلی الرغم من التحول الکف الذي كان من البربر إلى الإسلام» فلقد بقي 
للمسيحية وجود لدیهم دون شك حتی القرن الحادي عشر. فذلك ما تدلنا عليه سلاسل 
كثيرة من شواهد القبور في طرابلس الغرب (النجیلة) وفي تونس (القیروان) 
كما تشهد عليه الراسلة التي كانت من البابا کریگوار السابع ۷11 «Grégoire‏ والتي 


«af f 3 5 E 
mie re 3 LES 


4. نقشان مقابریان من القیروان؛ یعود أحدهما إلى ۰1019 والاخر إلى 1064. 


216 


تفیدنا أن في 1053 كان لا یزال لاحد الأساقفة وجود في قومي Gummi‏ (تونس) 
كما تشهد عليه بعض النصوص القليلة لبعض الکتاب العرب . فهذا البكري قد 
ذکر جماعة مسيحية كانت تعيش فى تلمسان فى القرن احادي he‏ *. وهذا ت. 
لوكي لزاه tune CNE‏ موه تن ین او 
الاباضیین في ورقلة بين القرنین العاشر والثالث عشر. وبوازاة لاستمرار الافریقیین 
على السيحية. فاللاحظ آنهم قد استمروا یتکلمون اللاتينية لقرون ولوقت طویل 
بعد الغزو العربي» وکانت عندهم لاتينية افريقية (یسمیها الادريسي باللسان 
اللطيني * الافريقي)» وربا صارت لغة رومانية. 

ولقد كان في تضافر التعصب الوحدي والفوضی البدوية العامل الوحید في 
القضاء على هذه الذخائ ئر الثقافية والدينية لافریقیا الرومانية .و فى القرن نفسه تهاوی 
الازدهار الزراعي الذي كان قد تحقق من قبل [لنطقة شمال „Al‏ يقيا] بفضل الجهد 
والمثابرة اللذين LS‏ من الليبيين الفينيقيين على عهد قرطاج» وكانا من النوميديين 
زمن الأسرة الماسيلية» وكانا من الرومان الإفريقيين» وهي أسماء تحجب Le‏ حقيقة 
آوائل البربر وتحجب استمراريتهم. 

إن بلاد البربر لم تصر بلداً لاتينياً کمثل إسبانياء وهي القريبة جداً إليهاء وقد 
تعرضت هي الأخرى لعمليات النهب والتبديد من البرابرة الجرمان وغزو بيزنطي 
ثان» وعاشت قروناً مديدة من الحكم العربي الإسلامي. فلقد ارتكزت اللتننة الايبيرية 
إلى آوروبا الإقطاعية والسيحية وأما بلاد البربر فلم تكن لها من خلفية تستند إليها 
غير السهوب . وهي التي تسلل إليها منها أولاً الرحل الجمالون» الذين استمروا على 
الوثنية» ثم الهلاليون والعقلية البدوية. 


*- كتب البكري في هذا المعنى : #وبها [أي تلمسان] بقية من النصارى إلى وقتنا هذا ولهم بها كنيسة معمورة» 
كتاب المسالك والمالك. م. ذ.» ص. 746. 

*- جاء في طبعة س. شاكر cLewichi:‏ وهو تاديوز لويكي eTadeuz Lewicki‏ والغريب أن الاسم ورد برسمه 
الصحيح في طبعات المؤلف! 

*- - كتب الادريسي : «وأهلها [مدينة قفصة] متبربرون وأكثرهم يتكلم باللسان اللطيني الإفريقي»ء وصف 
إفريقيا الشمالية والصحراویت مأخوذ من کتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» تأليف الشريف 
الإدريسي» اعتنی بتصحیحه ونشره هنري بیریس. دار الکتب. الجزائر. ۰1975 ص. 75. 


217 


عابرون دون عقب ثفافي» 
الوندال والبیزنطیون 


سوف لا نطیل التوقف عند ردود الافعال التي كانت من البربر على حکم 
الوندال والبیزنطیین» وهو الذي لم یعمر الا لقرنین من الزمن أو يزيدان قليلاً. 
فلم یخلف هؤلاء العابرون الذین سرعان ما ذهبت بهم رياح التاریخ» في La il‏ 
شيئاًء والا فالنزر الزهید. غير آننا لا يكن أن ننکر أن عملية التمسیح قد استمرت 
جارية خلال العهدین الوندالي والبيزنطي على الرغم من النزاعات اللاهوتية 
التي كانت لا تفتأ تنال من سلطة اللوك واحکام والاساقفة. 

فهؤلاء الوندال» الذين كان عددهم حين نزولهم في إفريقيا یقدر ب 000 80 
حسب فیکتور دي ¿Victor de Vita t$‏ أو 000 160 إذا كان الرقم الأول لا يمثل 
إلا الرجال والاطفال الذکور قد صاروا إلى زوال بعد الهزية التي وقعت لجليمير 
1ص1 وموته. ولم يفلح البيزنطيون» على الرغم من جهودهم العسكرية الكبيرة 
في احتلال غير جزء زهيد من المقاطعات الرومانية السابقة. وأهم ما بقي من مرورهم 
في إفريقيا تلك القلاع العظيمة التي شادوها من الحجر المقصوب الذي استخرجوه 
من المدن المجاورة. فقد كانت هذه المدن كثيراً ما تتعرض للتخريب بسبب الفتن 
والاضطرابات التي ظلت منذ سقوط الحكم الروماني في استشراء واشتداد. 

غير أن العهدين الوندالي والبيزنطي لا يعدمان أهمية على موضوعنا في هذا 
الکتاب . فلقد شهد هذان et‏ انبعاثاً للتقاليد البربرية» بسبب الانحدار الذي 
وقع للنزعة اللاتينية. و تقوت هذه الخاصية البربرية الکامنة على آيدي البدو الجمالين 
من زناتة» بینما تکونت لدی الوریین شتی المالك. وکانت نخبتها تتکون من 
#رومان» الدن. ولقد رأينا أن هذه المالك البربرية السيحية كانت تقوم على قواعد 
هشة واهیت . فلم نجدها فتيلاً فو في الصمود طويلا للضربات القاصمة التي وقعت علیها 

من الجيوش العربية. 


219 


وذهب ش. کورتوا إلى الاعتقاد أن في القرن السادس كانت توجد ثماني مالك 
بربرية» يبدو لي بعضها مثاراً لشك کثیر. وفي تقديري أنه كانت توجد ملكة قامت 
مقام ما كان يعرّف بوریتانیا القيصرية» ونعرف بملكها؛ ذلك هو ماسوناء الذي تولی 
الحكم سنة 508« وخلفه ماستیکاس Mastigas‏ ثم کار مول .Garmul‏ 

ویظهر هذا الانبعاث البربري جلیاً کذلك في فنون الزخرفة؛ التي صارت 
تغلب علیها التخطيطية الهندسية دون سواها. LG‏ هبت على تلك الفنون رياح 
الصحراء الجافة؛ فما آسرع ما ذهبت بتلك الرونة التي كانت تيز الاشکال الزهرية 
فیها» فصارت إلى الاشکال الستطيلة التي لا نزال نراها علیها إلى الوقت الحاضر 
في البوادي الغربية. واستحالت صور الانسان والحيوان فیها إلى تصلب» وباتت 
خیالات هندسية مسكوكة. وهبت تلك الریاح الجافة نفسها على كل مظاهر النقش 
والرسم والهندسة وعلی فن سرعان ما نسي؛ لانه فن شعبي ولانه خاصة فن قروي 
القواعد العقدة التي كانت تقوم علیها الأسالیب الكلاسية. فهذا آدی إلى انبعائات 


5. عمود من كنيسة مسيحية في منطقة تبسة (شرق الجزائر). الزخرفة 
الحفورة مستوحاة من النحت البربري على الخشب. 


>N , à. A + ANT‏ 0 کا 
S‏ ا F LR‏ 
«ce .6‏ أو عارضة مزخرفة؛ من مصلى جوكوندوس (القرن 
السادس) في سبيطلة. ويظهر عليها التشوه الذي لحق 
الزخرفة الكلاسية. 


220 


غریبة؛ فنحن نری النقیشات في هذا العهد آقرب إلى النقائش والنحوتات النادرة 
السابقة على العهد الروماني منها إلى الاعمال ا حضرية التي تعود إلى القرون السابقة. 

آلسنا نجد الظاهرة نفسهاء مع مراعاة جميع الفروق» قد كانت هي المهد في 
بلاد الخال لنشوء هذا الفن الروماني الذي عادت لتطفو على سطحه التقالید 
السلتية القديمة» بعد أن كانت انطمست لبعض الوقت بطغیان معاییر الفن الرسمي 
الروماني؟ 


7 شاهد قبر سویف هیرمینگوند زوجة وندال إنجومارء في هیبون (عنابة» الجزائر). 


221 


الاسلام وتعریب بلاد البریر 


كيف آصبح شمال إفريقياء بساکنته من البربر» المتروّم بعضهم والتمسح بعضهم 
خلال قرون معدودة» مجموعاً من البلدان السلمة بالکامل» والستعربة إلى حد بعید 
والی درجة أن غالبية هؤلاء السکان قد أضحوا یقولون عن آنفسهم أو یعتقدون 
آنهم من صول عربية؟ 

يبدو لي أن السعي إلى بیان آلية التعریب [الذي وقع للبربر] سیکون آکثر نفعاً 

ين اليك هن اا التي كانت من وراء الفشل النسبي الذي منیت به عملية 
الرومنة [التي وقعت عليهم]. 


نشرالاسلام ليس نشر العربية 

من الهم في البداية أن نمیز بين الإسلام والعروبة. حقاً إن هذين المفهومين 
وأحدهما ديني والآخر عرقي اجتماعي قريبان جداً إلى بعضهماء لأن الإسلام ظهر 
لدى العرب» وكانوا هم في البداية من قاموا على نشره. لكن هنالك أقواماً من 
العرب» أو المستعربة» قد استمرت على مسيحيتها (في سورياء ولبنان» وفلسطين 
والعراق» ومصر). وملايين من المسلمين ليسوا من العرب. ولاحتى من الستعربة 
(السود الإفريقيونء والبربرء والأتراك» والاکراد» والألبان» والایرانیون والأفغان 
والباکستانیون والأندونيسيون...). وقد كان يكن للبربر أن يدخلوا جميعاً فى 
الإسلام» مع البقاء على هویتهم. والمحافظة على لغتهمء وتنظیمهم الاجتماعي 
وثقافتهم؛ إسوة بالفرس والأتراك. بل إن هذا الأمر كان من الناحية النظرية سيكون 
عليهم أسهل وأيسر؛ ذلك بأنهم كانوا أكثر عدداً من بعض الأقوام التي حافظت على 
هويتها في صلب أمة الاسلام وأنهم كانوا أبعد عن المركز الذي كانت منه انطلاقة 
الإسلام. 

وكيف نفسركذلك أن تكون مقاطعة إفريقيا ونوميدياء وحتى الوریتانیتین 
وهي التي وقع عليها التمسيح بالوتيرة نفسها التي وقع على القاطعات الاخری من 


223 


الامپراطورية الرومانية» وکانت لها کنائس تتمیز بالشدة والصرامة» كيف نفسر أن 
تکون تحولت بالکامل إلى الاسلام» بینما بعض الأقوام على أبواب شبه الجزيرة 
العربية قد استمرت على السيحية. كالأقباط في بلاد النیل» والوارنة في لبنان 
والنسطوریین واليعاقبة في سوریا والعراق؟ 


نهاية عالم 

دخل الاسلام إلى إفريقياء كما دخل إلى الشرق الادنی» بطریق الغزو العربي 
ومذه من السلمات. ولقد رآینا مدی الجهل الذي يرين على وقائع ذلك الغزو 
وما أكثر الحكايات الأسطورية التي وضعت في الاشادة بالفاخر التي حققها مقاتلون 
جعلوا على رأس سلالات قوية. وان بعض ما آورد ابن عبد الحكم في هذا الصدد] 
نراه قد كان یغلب عليه النفس اللحمي للأناشيد البطولية*. 

وكان في ضعف البيزنطيين ما يسر الغزو الإسلامي. فهذا البطريق گریگوار 
الذي هزم وقتل في معركة سبيطلة» قد كان هو نفسه قام بالتمرد على إمبراطور 


8. الجدار (أ) من الجبل الأخضرء في منطقة فرندة (الجزائر). 


*-[عبد الله بن عبد الرحمن] بن عبد احکم» فتوح مصر والمغرب» لابن عبد الحكم المتوفى سنة 657ه. » 
تحقيق وتقديم علي محمد عمرء مكتبة الثقافة الدينية» القاهرة» 1995. انظر منه خاصة الفصل الموسوم 
«ذكر فتح الاندلس»» صص. 253-232. 


224 


القسطنطينية . و کانت إفريقيا قبل قرنین من ذلك العهد نهباً للفوضی؛ فلقد اجتمعت 
كل عوامل الاختلال والخراب الاقتصادي على هذا البلد البائس. فمن عهد الوندال 
بقي القسم الا کبر من القاطعات السابقة متأبياً عن ادارة الدول وريثة روما. وما كانت 
مملكة الوندال في إفريقيا تغطي الا ما یعرف حالیاً بتونس وجزءاً صغيراً من شرق 
الجزائرء تحده في الجنوب الأوراس وفي الشرق خط الطول في سیرتا. وقد بين 
2 كورتواء بالاستناد إلى روايات بروكوبيوس وکوریبوس» أن الرحل الجمالين 
توغلوا تحت قيادة كاباون Cabaon‏ في بیزاسین وذلك منذ نهاية حكم ثراساموند 
4 في سنة 520 أو نحوها. ومنذ هذا التاريخ كان على الوندال 
والبيزنطيين أن يتصدوا لهجمات الرحل الجمالين المتواصلة یشنونها من الجنوب 
الشرقي. وخلال ذلك الصراع الطويل كان الوندال يجدون في بعض الأحيان 
حلفاء من رؤساء أو ملوك الأقوام من الجبليين المقيمين أو أشباه الرحل» لكن كان 
يتعين عليهم في كثير من الأحيان كذلك أن يواجهوا تحالف المجموعتين البربريتين 
المجتمعتين تحت اسم «الموريين». 

وأما ما تبقى من إفريقياء ذلك القسم الذي أسماه ش. كورتوا «إفريقيا النسیة» 
فلا نعرف منه خلال هذه الحقبة» الممتدة على قرنين من الزمن» غير أسماء بعض 
الرؤساء وبعض الأنصاب المقابرية النادرة» من قبيل الأجدار بالقرب من سعيدة أو فى 
الكور بالقرب من مکناس» وكتابات ماستيس Masties‏ النقوشية الشهيرة فى آریس 
Arris‏ (الأوراس)ء وكتابات ماسونا النقوشية في BUS‏ (منطقة وهران). ويذهب بنا 
الظن» من خلال قراءتنا للنتف التي نقلها إلينا المؤرخون» ومن خلال محتوى تلك 
الكتابات النقوشيةء إلى أن المخاطر وانعدام الأمن لم تكن بالشيء اليسير في هذه 
المناطق «المحرّرة». 

وكان هنالك مصدر آخر للفوضى والتدهور الاقتصادي؛ نريد التفكك الذي 
وقع في خطوط الدفاع والمراقبة التي كانت تصد الرّحل. وقد شكل زوال مناطق 
الزراعة الجنوبية أول إضرار ناب حياة الاستقرار فى المناطق الداخلية من البلاد. 

وفي الأخير فالنزاعات اللاهوتية عند مسيحبي إفريقيا لم تكن بأقل حدة ما كان يقع 
عند مسيحيّي الشرق . فالكنيسة التي كانت تلاقي عنتاً كبيراً في التصدي للدوناتية قد 
ضعفت في مملكة الوندال من جراء عمليات الاضطهاد؛ ذلك OÙ‏ الأريوسية” صارت 


* - مَذْهَب أَرْيُوس الذي ينكر وحدة جوهر الأقانیم الثلاثة وینکر ألوهية المسيح. 


225 


هی الدین الرسمی للدولة. ولئن عادت العقدية الدينية إلى الانتصار من جدید 
تحت حکم هیلدیر يك 66 (في سنة 525(« فالذي يبدو أن خلال هذه الفترة 
صارت أسقفيات كثيرٌ إلى زوال. ولم يقف الأمر عند هذا الحد» بل وقع خاصة أن 
رافق التصدع الذي ناب الدولة الرومانية دخول المقاطعات في انعزال عن بعضها 
وانطواء. 

ولقد كان الغزو البيزنطي الثاني من هذه الناحية أبلغ أضراراً. فقد أدخل 
من جديد إلى إفريقيا نزاعات جديدة بشأن طبيعة المسيح. فقد كانت فاتحة الحقبة 
البيزنطية في إفريقيا بالجدال حول الطبيعة الواحدة للمسيح» ونزاع المجالس الدينية 
الثلائة تحت حكم جوستينيانوس Justinien‏ وكانت خاتمتها المحاولة التوفيقية 
التي جاء بها هرقليوس 05اذ116201*» والقائمة على وحدة الارادة » والتي تعرضت 
بدورها للإدانة؛ إذ اعتبرت بدعة جديدة. بل نشأ مع بداية الغزو العربي نزاع جديد 
من البادرة التي قام بها الامبراطور قسطنطين الثاني 11 Constant‏ نريد الصيغة 
«Type *[Typus]‏ فزاد في تمزيق إفريقيا المسيحية (648). 

وفي الوقت نفسه تزايدت التعقيدات الاجتماعية» بل العرقية» في أرجاء البلاد. 
فالرومان الإفريقيون (المسمون عند المؤلفين العرب بالأفارق) الذين كانوا يسكنون 
الدن والقرىء الموغل بعضها في الجنوب . من قبيل المجتمع الفلاحي الذي كشفت عنه 
الصفائح الألبرتينية tablettes Albertini‏ على بعد مائة كلم جنوب تبسة» والموريون 
غير المترومين والمنحدرون من بعض الأقوام من أوائل البربر» انضاف إليهم الرحل 
من زناتة» وبقايا الوندال» والجنود الغزاة» والإداريون البيزنطيون (أو«الروم» كما 
يسميهم المؤلفون العرب). وصار هذا المجتمع يزداد انقساماً في بلد قد امحى فيه 
حتى مفهوم الدولة. 

وجملة القول إن الغزاة العرب» وقد كانوا قليلي العدد لكن بواسلء لم يجدوا 
في مواجهتهم دولة على استعداد لقاومة ذلك الاجتیاح» بل تصدى لهم معارضون 
متتابعون؛ كان فیهم البطریق البيزنطي» ثم الرؤساء البربر» وإمارات من بعد مالك 
«Monothéletisme -*‏ وهو مذهب ظهر فى القرن السابع ء یقول إن السیح من طبیعتین تعملان بإرداة واحدة» 

لیکون فيه حل وسط بين الارئوذكسية والونوفيزية. وقد لقي التأیید من هرقلیس الاول؛ لکنه لم یعمر 

طويلاء ونقضه مجمع قسطنطينية الثالث سنة 680. 


*- هو Héraclius‏ أو et <Héraclieus‏ اطور بیزنطی )641-575(. 
*- وهي صيغة جاء بها الإمبراطور في الدعوة إلى حرية العبادة. 


226 


وقبائل من بعد اتحادات. وأما الساكنة الرومانية الافريقية» النعزلة خلف آسوار 
مدينتهاء فهي على الرغم من کثرتها الکثيرة لم تكن تملك لا الوسيلة ولا الارادة 
للدخول في مقاومة طويلة لهؤلاء السادة الجدد البعوئین من عند الله. ثم إن الجزية 
التي فرضها علیها العرب لم تكن بأثقل من الضرائب التي كانت تقع علیها من 
البیزنطیین» وقد كانت جبایتها تبدو فى بادی الأمر على الاقل فى صورة مساهمة 
استثنائية في التخفیف من مآسي الحرب أكثر Le‏ هي فريضة دائمة. وأما ما كان يأتي 
فرسان الله من عملیات السلب وأخذ الغنائم فما كانت من الا جحاف إلا بقدر ما كان 
یقع على تلك الساكنة من مارسات الموريين قبل قرنین من الزمن. 


التحول إلى الإسلام 

لقد نوهنا إلى وجوب التمييز بين نشر الإسلام ونشر العربية. فالأول قد وقع 
بوتيرة أسرع بكثير من الثاني. فقد انقلبت بلاد البربر إلى الإسلام في أقل من قرنين 
من الزمن» بينما لا تزال لم تتعرب بالكامل حتى الان» وبعد انقضاء ثلائة عشر قرناً 
على الغزو العربي الأول. 

كان نشر الإسلام وعملية التعريب الأولى ذوي طابع حضري في البداية. فقد 
انغرست ديانة الغزاة في المدن القديمة» التي كان يزورها المقاتلون الدعاة ثم العلماء 
وهم رحالة متمرسون على المناقشات اللاهوتية. وساهم إنشاء مدن جديدة» وقد 
كانت مراكز دينية حقيقية؛ كالقيروان» وهی أول منشأة إسلامية (سنة 670)» وفاس 
التي أسسها إدريس الثاني (سنة 809(« à‏ الترسیخ للإسلام على طرفي البلاد. 

وكان تحول البربر في البوادي والقری» من صهناجة وزناتة» إلى الإسلام في 
صورة شديدة الغموض. فقد كانوا مهيإين للتوحيدية المطلقة التي جاء بها الاسلام 
بفعل الانتشار الذي تحقق عندهم في قريب من ذلك الوقت للمسيحية» وبسبب نوع 
من التبشیر اليهودي الذي كان يجري لدی قبائل اجنوب من الرحل» وربا بسبب 
كذلك من ذکری تلك القدرة الهائلة التي كانت للاله الافريقي العظیم» الذي يسميه 
اللاتین ساتورن» وهو خليفة بعل حمون البونیقی الذي كان تفوقه على الالهة 
الأخرى ممهداً للتوحيدية. | 

وعلى كل حال فإن تحول رؤساء الاتحادات القبلية الكبيرة إلى الإسلام قد أدى 
إلى نشر الدين الجديد بين الساكنة البربرية. كما وأن الغزوات الظافرة التي خاضها 


227 


القاتلون البربر تحت قيادة رژسائهم وراية الاسلام قد كان من الطبيعي أن تتأدی بهم 
للانقلاب إلى الا سلام . 

ولجأ الدعاة السلمون إلى ضرب الثل من آنفسهم لیستمیلوا إليهم قلوب 
السکان فى الدن» وخاصة فى القری. فقد كان ینبغی أن یظهروا لهژلاء الغاربیین 
الذين کانوا شديدي تدين على الدوام» كيف تکون الجماعة الحقيقية للمدافعین عن 
العقيدة. فكان الرباط» وهو حصن أو قلعة يسكنها العباد الجنود الستعدون على 
الدوام للدفاع عن أرض الإسلام ضد الكفار والمبتدعة؛ والمستمدون تعاليمهم من 
منابع العقدية المتشددة. فقد كان هؤلاء المرابطون يعرفون أن يتحولوا عند الاقتضاء 
إلى مصلحين متحمسين ونافذين. وكان أولئك من لموتنة الذين أقاموا رباطاً بالقرب 
من السنغال (أو على جزيرة على نهر السنغال) من وراء تأسيس الإمبراطورية 
المرابطية» التي استمدت تسميتها من اسمهم ولحقها تحريف إلى الإسبانية بإكراهات 
التاريخ”. 

وعندما بات الإسلام مضطراً للركون إلى سياسة دفاعية» صار الرباط العسكري 
يحمي الساحل من غارات البيزنطيين» ثم الفرنجة ونورمانديي صقلية؛ فبعض هذه 
الرباطات كالتي في سوسة وفي الموناستير» تعتبر قلاعاً حقيقية. 

وأما الناطق التي لم تكن معرضة للتهديدات فان الرباط فقد فيها طابعه العسكري 
ليصير مقراً للدعاة الدينيين» الذين يحظون بالكثير من التوقير.فقد قامت فى وقت 
قريب LI]‏ مجموعة من الزؤاياء رجا کان من البالغة أن نعتبرها ali‏ للهیثات الدينية 
السيحية وقد استندت إلى مراکز الدرس الدینی؛ تعتبر الوريثة للرباطات القديمة. 
وترتبط هذه الحركة التي غالباً ما داخلتها صوفية شعبية. بالأولياء أو المرابطين» وهو 
اسم آخر اشتق کذلك من «الرباط». وقد ساهمت ظاهرة «الرابطین» [أو الأولياء] 
كثيراً في إتمام نشر الاسلام في البوادي والقرى» مع إجازتها لبعض الممارسات 
السابقة على الاسلام» لكنها لا تنال من إيمان المؤمن. 

وأما الخطر الأكبر على العقدية السنية فقد جاءها من الدعاة الخوارج» الذين 
وفدوا من المشرق في القرون الأولى للإسلام. فلئن قاموا بنشر الدين الجديد بين 
القبائل» خاصة منها قبائل زناتة» فلقد قاموا بفصل جزء من البربر عن العقدية 
الإسلامية. ولئن تسيب الانشقاق الخوارجي للمغرب الكبير في الكثير من الويلات 


*- فالرابطون يُعرفون في اللغات الأجنبية باسم ۸۱۳072۷1۵65 وهي كلمة إسبانية. 


228 


فان الفضل یعود إلى الخوارج في الحافظة خلال كل العصور؛ با فیها العصر 
الحاضرء على قوة دينية أقلية لکن مثالية» با ييز آفرادها من صلابة الإيمان والتشدد 
الذي ييز طباعهم وعاداتهم. 

وظهر دعاة آخرون ورحالة كبار اضطلعوا بنشر الذهب الشيعي. ونعرف 
بالنجاح الباهر الذي تحقق لاحدهم؛ ذلك هو آبو عبد الله» لدی قبائل کتامة؛ فلقد 
كان من وراء قیام الدولة الفاطمية. وينبغي القول إن تلك العصور التي يبدو لنا 
أن الناس فیها کانوا في أوروباء كما في إفريقياء محكومين بحياة أقرب إلى حياة 
العتقلات بسبب من انعدام الامن» قد كان فيها الدعاة الدينيون يسافرون كثيراً 
ویضربون بعیداً في أنحاء العمور» ویتلقون العلم من مشاهیر العلما وینذرون 
أنفسهم لخدمتهم» إلى الیوم الذي یتحقق لهم فيه الوعي با باتوا یحوزون من معرفة 
ومن سلطان» فیصیرون بدورهم شيوخاً» ومنهم من يستنٌ لنفسه مذهباً جدیدا. : ومن 
جملة هؤلاء كان ابن تومرت. موّسس الحركة الموحدية. وقد كان ابن یاسین من قبله 
اضطلع بهذا الدور في تأسيس ا حركة المرابطية. 

لكن كانت هنالك أجزاء من بلاد البربر لم يدخلها الإسلام إلا في وقت متأخر 
ولا نريد بها الجهات التي استوطنتها المجموعات المتلاحمة من الجبليين المقيمين» فلقد 
وجدنا هؤلاء على العكس سرعان ما صاروا ينهضون بدور مهم في الإسلام المغاربي 
على غرار ما فعل كتامة ومصمودة بل نريد الجهات حيث كان كبار الرحل في أقاصي 
الهقار وفي جنوب الصحراء. والذي يبدو» حسب ما تدلنا تقاليد الطوارق» أن 
مزلا قد غوارا الى ی سك ذا علق ابي موی ی ی 
هذا التحول» مالم يكن شيئاً خرافيأء فإنه لم تكد تكون له من ند نج. ویدخل في تلك 
تک ره إلى ور ama‏ . وبقي 
لعبادة الاوثان وجود عند الاساباتیی * إلى حين تعرضهم للغزو الطوارقي. وقد قام 

بعض الدعاة أو الانبیاء [کذا!]» بإعادة إدخال الاسلام إلى الهقار ولکن لم یحوزوا 
فیه حاحاً کب Yo.‏ يبدو ÿ‏ في الواة قع أن النشر الحيقيقي للاسلام [لدی البربر] قد وقع 
قبل القرن الخامس عشر . 


*-15202060 قوم كان قد غزا مصر في مجموعة من الليبيين لکن هزمه رمسيس» وأقام في صحراء شمال 
إفريقيا قبل أن یتعرض لغزو الطوارق. 


229 


بل إن هنالك بلداً ناطقاً بالبربرية لم يتحول أبداً إلى الاسلام؛ إنها جزر الكناري 
التي كان سکانها الاصلیون» القونشیون إلى حين تعرضهم للغزو الاسباني 
النورماندي خلال القرنین الرابع عشر والخامس عشر لا یزالون على الوثنية. 


آلیات التعریب 

وأما التعریب فقد سلك سبلاً مختلفة» وان يكن جری التمهید له بفرض 
النطق العربي بتلك الجمل العدودة اللازمة للدخول في الاسلام. فالقرآن» وهو 
وحي مباشر من الله إلى رسوله» لا ينبغي أن یلحقه أي تحریف؛ ولذلك فلا تجوز 
ترجمته؛ فیکون اللسان العربی والكتابة العربية بالنتيجة شیئین مقدسین. وقد كان 
هذا الإكراه» وهذه الهالة من القداسة ما ساهم في التعریب اللخوي. لکنه تعریب 
تم خلال الحقبة الأولى (في القرنین الحادي عشر والثاني عشر*) على صعيد الحواضر 
في المقام الأول. وظلت بعض المدن المغاربيةء خاصة من بين الساحلية تحافظ على 
لغة عربية أقرب إلى الفصيحة» تعتبر انعكاساً لذلك التعريب الأول» قد عزز منها 
التدفق الذي كان عليها من الأندلسيين المطرودين من إسبانيا في القرن الخامس عشر. 
غير أن العربية الحضرية» الفصيحة صارت في معظم الأماكن تغلب عليها لغة أخرى 
أكثر شعبية؛ لغة خشنة تخالطها مفردات من البربرية. وتتميز هذه العربية اللهجية 
نفسها بتنوع کبیر» وهي تعتبر في الواقع الصورة اللغوية للتعريب الذي هم المغرب 
الكبير. إنها لغة انحدرت من اللغة البدوية التي أدخلتها القبائل الهلالية في القرن 
الحادي عشر؛ فهذه القبائل هي التي قامت في الحقيقة بتعريب قسم كبير من البربر. 

وإنها لقصة غريبة» بل هي في الحقيقة قصة مدهشة عجيبة؛ نراها في ذلك 
التحول الذي كان إلى الإسلام من ساكنة بربرية تقدر بالملايين على أيدي بضع 
عشرات الالاف من البدو. فلا هکننا أن نبالغ في الاهمية العددية لبني هلال؛ فمهما 
يكن عدد آولئك الذین یدعون الانتساب إليهم» فلقد کانوا عند ظهورهم في إفريقية 
وفي الغرب الکبیر لا یکادون یزیدون عن بضع عشرات الالاف. كما وآن الوجات 
اللاحقة من بني سلیم ثم بني معقل. الذین استقروا في جنوب الغرب. لم تكد 
ترفع عدد الأفراد من الاصل العربي الذین دخلوا إلى شمال إفريقيا في القرن الحادي 
عشر إلى آکثر من مائة آلف. وقد كان عدد الوندال لدی جوازهم مضیق جبل طارق 


*-کتب: «الثانى عشر -الحادي عشر 1×-11×). وورد فى الطبعة الاولی والثانية 2711-1619 ونعتقد أن الصواب 
كما آثبتنا. 


230 


ونزولهم على شواطیء إفريقيا في سنة 429 يقدر بثمانین ألفاً أو ضعف هذا العدد 
إن كان فیکتور دي فیتا لم یقتصر في الأرقام التي جاء لهم بها على الرجال والذکور 
من الأطفال. وهو ما يعنى أن الاجتياحين كانا يكادان يكونان متناسبين من حيث 
الأهمية العددية. ولكن ماذا LES‏ من سيطرة الوندال على إفريقيا قرنين بعد من 
الزمن؟ لاشيء. فلقد محا الغزو البيزنطي كل أثر لوجود الوندال الذين عبثاً قد 
نبحث لهم اليوم عن ذرية» أو عمن قد يدعون إليهم الانتساب . ولننظر الآن في 
النتائج التي كانت لوصول العرب الهلاليين في القرن الحادي عشر؛ فلقد تعرب 
قسم كبير من بلاد البربر» وباتت دول بلدان المغرب معدودة في الدول العربية. 

وبطبيعة ا حال فان هذا التحول البطيء لم يكن السبب من ورائه لا القوة التناسلية 
لبني هلال ولا الوبادة التي وقعت للبربر في السهول. 

لقد وجهت القبائل البدوية في البداية ضربة جديدة إلى حياة الاستقرار با كانت 
تأتی من آعمال النهب» وبالتهدیدات التی کانت ققلها للقری الفتوحة. وبذلك 
رت القبائل من عملیه اتقات الرتعل :قن البرير الحدده لین كارا قه 
دخلوا إلى مقاطعة افریقیا ونومیدیا منذ القرن الخامس. فقد تعرض الرحل الزناتیون 
الذين کانوا المهدین لدخول الهلالیین» للاحتواء بسهولة من هؤلاء القادمین الجدد. 
فاذا القاتلون الرحل العرب. الذین کانوا یتکلمون اللغة القدسة قد اکتسبوا بها 
هيبة عظيمة» وبدلاً من أن یتعرضوا للتذویب الثقافي في الكتلة البربرية من الرحل 
قاموا هم باستمالة dell ol‏ واحتوائهم. a‏ 

ولقد يسر التطابق في أغاط العیش هذا الاندماج. وإنه لشيء مثير أن يصير 
البربر الرحل یقولون عن آنفسهم إنهم هم كذلك من العرب» وآن یکتسبوا بالعروبة 
الاعتبار» ويصير لهم وضع الفاتحين» بل وضع الاشراف. أي النتسبین إلى النبي. 
وزادت في تيسير هذا الاندماج كذلك حيلة قانونية؛ فالمجموعة أو الفخدة [من 
البربر] إذا صارت تابعة للأسرة العربية صار لها الحق في أن تحمل اسم رب هذه 
الأسرة» LAS‏ هوتين جماعي. كما وأن وجود ممارسات ممائلة لدى البربر أنفسهم قد 
زاد فى تيسير هذه العملية. 

وعليه» فالتعريب وقع في البداية على قبائل البربر من الرحل» خاصة قبائل 
زناتة. وقد كان تعريباً كاملاً؛ حتى إنه لم یبق اليوم على شيء من لهجات الرحل 
زناتة. وأما اللهجات التي ما زالت تتمتع بشيء من ال حياة فهي التي لايزال يتكلمها 
زناتة المقيمون إما في الجبال (الونشريس) أو في واحات شمال الصحراء (مزاب). 


2031 


والی الاتفاق فى LU‏ العيش» وهو عامل قوي من عوامل التعريب» انضافت 
اللعبة السياسية التي انخرط فیها الحكام البربر؛ فقد کانوا لا یترددون في تسخیر تلك 
القدرة على التحرك عند القادمين الجدد» وما كان لهم من قوة عسکرية» ضد آبناء 
جلدتهم. وبفعل الضغط الزدوج من نزوح الرعاة والاعمال الحربية» وما یرافقها من 
آعمال النهب والحرق» أو أعمال السرقة في أقل تقدیر» إذا مد الرحل» الذي بات 
بقع يومئذ على القسم الاعظم من الغرب الكبير» بوازاة لتعرب البدو» قد صار 
إلى اتساع مستمرء وبات یتأکل الدول ويقضي على حياة الاستقرار في السهول. 
فاذا الجهات الناطقة بالبربرية قد انحسرت. فما عادت ترید عن جزر جبلية. والی 
هذه الاسباب ذات الطبيعة العرقية والاجتماعية تنضاف التغیرات FEN‏ وهي 
التي صارت» صعداً مع القرن الساب. تساعد على نمط من العيش قوامه الرعي 
والترحال وتضیق على الفلاحین المقيمين. 


تأکیدات وحقائق 

لکن هذه الرسيمة قاطعة بإفراط؛ بحيث لا يمكن أن تصح على التفاصیل. 
فلا يمكن أن تعمل مثل هذه الثنائية على الواقع البشري لبلدان الغرب. فالرحل لم 
يتعربوا جميعاًء ولا تزال هنالك مناطق شاسعة يتنقل فيها الرحل الناطقون بالبربرية. 
ولا تزال لهم كذلك الغلبة في وسط الصحراء وجنوبها كلهما في الدول المغاربية 
الثلاث”. فهذا اتحاد قبائل آيت عطا البربرية الكبيرة» المتمركز حول جبل صاغرو في 
جنوب الغرب. لا يزال مستمراً على حياة الترحال وسط المجموعات العربية في 
تافيلالت» التي كان منها مقدم الأسرة الشريفة. وهؤلاء الرحل من الصحراء الغربية 
الذين يقولون إنهم ينحدرون من قبائل بني معقل العربية» وقد باتوا یخضعون اليوم 
لسيطرة قبائل الرگیبات. وينبغى كذلك أن نأخذ فى الحسبان آشباه الرحل الداخلين 
في مجموعة البرابر ذات الشأن في الأطلس المتوسطء والتي تكونها قبائل زايان 
وبني مکیلد» وآيت سغروشن*. 

ولا ينبغي في المقابل أن يذهب بنا الاعتقاد إلى أن العرب كانوا كلهم من 
الرحل؛ فقبل قرون من مجيء الفرنسیین؛ وهم الذین شجعوا على الفلاحة وحياة 


- جعلها ا ی ۵ وربا يكون خطأ Las‏ والصحیح Aïtsi «Aït Seghrouchen‏ 
«Serrouchen‏ أو Ait Seghrochen‏ . 


232 


الاستقرار؛ ولو لم يكن الا بغرض نشر الامن» كانت بعض الجموعات الناطقة 
بالعربية تعيش حياة الاستقرار من حول OA‏ وفي البوادي؛ والقری القصية. 
وسآضرب لا آقول مثالاًء لانه هو النموذج الابلغ» ولانه يقوم نقيضاً للرسيمة 
الشائعة؛ نريد سكان منطقة القبائل الصغری» وسكان مجموع الجبال» والجبال 
الساحلية المتوسطة في شرق الجزائر وفي شمال تونس. فكل هؤلاء الجبليين وسكان 
التلال قد عربوا منذ وقت طویل» غير أن عيشهم على الغابة» وعلى فلاحة أقرب 
إلى البستنة والتشجير جعلهم يستمرون على نط من العيش مستقر يرتكز على 
تربية الأبقار. ويمكن أن نمثل لهذا الأمر كذلك بنماذج مشابهة من الريف في الشرق 
والونشريس في الغرب. 

لكن هذا الذي ذكرنا لا يمنع من أن كل المناطق الناطقة بالبربرية هي اليوم 
مناطق جبلية» باستثناء الصحراء؛ فكأن تلك المناطق كانت معاقل وملاجئ يلوذ بها 
السكان الذين كانوا يتخلون بالتدريج عن المناطق المستوية للرحل وأشباه الرحل 
المشتغلين بتربية المواشي الصغيرة من العرب والمستعربة. وكان هذا هو السبب 
وراء الانقلابات السكانية العجيبة التي شهدتها منطقة شمال إفريقيا في القرن 


9. زراعات على مدرجات في جبال الأطلس الصغير المغربي. 


233 


التاسع عشر؛ فجبال وتلال ذات تربة فقيرة قد بات یقطنها مزارعون» وهم من 
الكثافة Le‏ يفوق بكثير سكان السهول والأودية الكبيرة ذات التربة اخصیبة؛ وهي 
التي باتت تتنقل فيها مجموعات صغيرة من المشتغلين بتربية المواشي . 

وبعض الجموعات الجبلية قليلة تلاؤم مع ظروف العيش في الجبال» وربا كان 
هذا الأمر مدعاة للبحث عن أصولها فى مناطق أخرى. فبعض الجزئيات المتعلقة 
باللباس لدى هذه المجموعات» وخاصة جهلها ببعض الممارسات الزراعية» من قبيل 
الزراعة على المدرجات في منطقة الأطلس التلي» تحمل على الاعتقاد بأن JLH‏ لم 
تكن حصوناً ومعاقل لمقاومة التعريب فحسب» بل كانت كذلك ملاذات حقيقية قد 
تجمم فيها الزارعون الهاربون من السهول التي تركت لنهب الرعاة من الرحل. 

وإذا كانت الزراعة في المدرجات شيئاً لا يعرف به مزارعو الجبال في منطقة 
التل (بينما نراها واسعة الانتشار في البلدان والجزر المتوسطية الاخری)» فهي في 


0. رباط الموناستير (تونس). 


234 


القابل شيء يتقنه البربر في الأطلس الصحراوي وفي السلاسل ابلية الجاورة 
ويبرعون فيه» ومن المؤكد أنهم خبروا هذه الزراعة منذ العصور القديمة. وتوجد 
أجمل الدرجات لدى الشلوح في الأطلس (المغرب)» والزراعة لديهم في جبال 
القصورء وفي الأوراس (الجزائر)ء ولدى قبائل مطماطة (تونس) تجري بصورة 
طبيعية على مدرجات يتعهدونها بالكثير من العناية. 

ومهما تكن أصول البربر الذين يقطنون الجبال في منطقة التل» فان أعدادهم 
كبيرة» وهم يعيشون على أرض فقيرة وضيقة» با يضطرهم إلى الهجرة. وهذه 
الظاهرة» ذات الأهمية الكبيرة فى منطقة القبائل» ليست بجديدة. والقبائليون 
كما السفویین" في القرنين الثامن عشر والتاسم عشر قد صاروا يشتغلون باعة 
متجولين» أو يختصون ببعض الحرف في الدن» من قبيل تجارة الزيت والخضار... 

ثم كان التزايد الديمغرافي النا تج عن الاستعمار سبباً في توافد الجبليين الناطقين 
بالبربرية بكثافة على السهول الزراعية وإقبالهم على المدن. وقد كان يمكن لهذه الحركة 
أن تؤدي إلى ما يشبه الغزو الثاني اللغوي والثقافی للقضاء على اللغة العربية» ولكن 
لم یحدث شيء من ذلك. وش العکس؛ فالبربري» سواء القبائلي أو الريفي 
أو الشلح أو الشاوي» الذي يجيء إلى البلاد العربية یتخلی عن لسانه» وما أكثر ما 
يهجر عاداته» وما أسهل ما يستعيدهما متى عاد إلى بلاده . 

وبا أن الجبال البربرية لا تزال تعتبر الخزان الديغرافي الكبير في الجزائرء كما 
في المغرب» فهذا آمر يبدو متناقضاً في الظاهر؛ فنصيب الدم العربي النادر أصلاً في 
هذين البلدین يزداد انحساراً وتقلصاً با يتزايد نطاق تعريبهما الثقافي واللغوي. 


ا سكان ساقوا «Savoie‏ وهي من مناطق الألب الفرنسية. 


235 


الفصل الرایع 


البریروالدین 


من ال لهة الورية قدیماً إلى الجن حدینا 


إن القرون التي عمرها الحكم 
لروماني بهي التي تيج أفضل 
إحاطة بالعناصر الرئيسية في 
الديانة التي كانت للبربر قبل أن 
تنتشر لديهم المسيحية. و تحفل ديانة 
قدامى الإفريقيين بجوانب وأوجه 
على تنوع كبيرء ولا تخلو كذلك 
من تناقض؛ باعتبارهاء كما المجتمع 
الصادرة عنه» اجتماعاً وتراكماً 
لعتقدات وممارسات تعود إلى 
أعراق ومستويات ثقافية مختلفة. 


لن نعرض بالدراسة في هذا الفصل إلى غير المعتقدات الشعبية المعبرة عن هموم 
الإفريقيين وآمالهم. بمنأى عن أي تأثير تقليدي. وليس من اليسير أن نسعى إلى تسليط 
الضوء على معتقدات البربر التخفية تحت غطاء الوحدانية الظاهرية للديانة الرومانية 
الرسمية. فنحن لا نعرف الشيء الكثير عن هذه المعتقدات؛ إذ كان طابعها الشعبي 
سبباً حرمها الوسائل التعبيرية التي تهيأت للدين الرسمي الحضري. فآلهة الفقراء 
والجن قليلو الحظ هم في حد ذاتهم كيانات محدودة السلطان وضعيفة النفوذ؛ فهم 
لا یتعدون بتأثيرهم نطاق الإقليم أو القبيلة. فكيف تأتى لذكراهم أن تظل قائمة على 
مر القرونء بينما المؤمنون بهم قد كانوا لا يقدر معظمهم على التعبير بالكتابة؟ فلهذه 
الأسباب المختلفة كان التوثيق النقوشي في غاية الفقر» وقد كان عرضة للتحريف أو 
الافراغ من بعض مكونه الديني»إذوقع التعبير عن تلك المعتقدات في غير لغة معتنقیها. 


239 


والصدر الآخر لعارفنا تکونه بعض النتف الستقاة من الادب القديم» خاصة 
عند المؤلفين من المسيحيين الافريقيين» الذین کانوا هم المؤهلين لینقلوا إلينا هذه 
المعتقدات. لكن من أسف آننا لا نستطیع أن نطلب من الأساقفة أو من آباء الكنيسة 
أن يعملوا عمل المؤرخين أو عمل علماء العراقة. فنحن لا نقع على إلماعات إلى 
المعتقدات الوثنية الإفريقية الصرفة فى غير cie se LUS‏ أو فى Gil‏ لممارسات 
مدخولة بالوثنية المحلية» أو في تسفيه لالهة زائفة» تجتمع فيها الشياطينء والأوثان 
الخشبية أو والحجرية التي لا تنفع ولا تضرا. فلذلك يظل جماع هذه التدوینات 
الكتابية النقوشية والأدبية دون الكفاية. ولا ينبغي كذلك أن أن نغالي بالبحث فيها 
للخروج منه بحجة دامغة على المقاومة الإفريقية للحكم الروماني. 


جبال» وکهوف. وصخور مقدسة 

نتعرف في التصورات السحرية والدينية لدی قدامی الافریقیین على خليط 
شدید التنافر من ظواهر طبيعية قد فرغ عليها طابع التقديس» وجن غفل» وکیانات 
قد ارتقت إلى مصاف الآلهة التفردة. ونتعرف فیها على موقف أساسي قوامه الحذر 
والخوف والتقدیس» نستدل بها على عبادة قد تحقق لها قدر معين من التنظیم. فقد 
كان الإفريقيون» کمثل معظم الاقوام البدائیق مدرکین لوجود قوة منتشرة في 
الطبيعة» ويمكن أن تسفر عن نفسها في كل حظة في نتوء تضاريسي كما في ظاهرة 
غير مألوفة. لكن التقديس قد يقع على حيوانء أو یلحقه» من غير أن يصير هذا 
الحيوان بالضرورة إلهاً جديداً. ويمكن للإله أن يظهر كذلك للإنسان من غير وسيط 
فهو يتمثل له بدرجات متفاوتة في الأحلام والرؤى والتجليات. 

وأكثر تجليات المقدس بروز وأكثرها انتشاراً في العالم» وأكثر تلك التجليات 
التي قیض لها أن تحفظ فوق غيرهاء هي ما سندعوه بالنتوء التضاريسي؛ ويأتي في 
مقدمته الجبل» وتدخل فيه حتى الصخرة من الصخور. فهل يكون شكل الجبل هو 
ما يجذب إليه الالوهية أو يكون ارتفاعه الذي يقرّب الإنسان إلى السمای مقر 
الإله الجبار هو ما يبرر التقديس الذي يحاط به؟ إن هاتين الوضعتين المتناقضتين 
فى الظاهرء OÙ‏ إحداهما أرضية باطنية والأخرى سماوية» يمكن أن تكونا ساهمتا 
مجتمعتين في إضفاء طابع القداسة على الجبل. 


1 - Tertullien, Ad Nationes (I, 36: II, 8). 


240 


سنقتصر من هذه الأماكن الرتفعة على العابد البونيقية» أو النتمية إلى التقالید 
البونيقية» من قبیل معبد ساتورن. السمی بعل القرنن «Balcaranesis‏ على جبل 
بوقرنين Bou Korine‏ الذي ينتصب خياله المائز على خلفية من خليج قرطاج. وربا 
ذهب بنا الاعتقاد إلى أن تلك المعابد التى أقيمت لبعل أو لساتورن فوق المرتفعات 
توه إلى العقاليد العامة غير آن احفر الى كانت تصير إليها عة الايد حف 
تجتمع فیها أحياناً العابد القديمة الفتوحت Las‏ البونيقي» أو الروماني» والكنيسة 
السيحية البدائية» والاضرحة» تکشف لنا عن عمق هذا التقدیس وعن قدمه. وتشهد 
على الطابع المحلي لتقديس هذه الأماكن المرتفعة FL‏ أخرى عديدة» PER‏ شدید 
القدم» من قبيل النقائش الصخرية ذات الدلالة الدينية» نراها مجمعة فوق بعض 
القمم في جبال الأطلس الكبير في المغرب (ياغور Yagour‏ وراث .(Rhat‏ وهذه 
التصاويرء التي باتت اليوم معروفة للجميع» منها ما يعود إلى العصر الحجري 
الحديث» لكن معظمها يعود إلى العصر البرونزي وبداية العصر الحديدي. وقد 
استمرت زيارة الناس بوتيرة كبيرة نسبياً لهذه الأماكن» حتى بعد أن انتشر الإسلام 
فحافظت لها على طابعها الديني المكين. 
وقال بلين الاکبر" عن جبال الأطلس كذلك إنها تأتلق في الليل بألف شعلة 
وتتصادی فیها أصوات آلهة الرعاة Egipans‏ والساتیریین Satyres‏ النافخين في 
الزامیر والضاربین على الطبول. فکیف نستغرب للرهبة الدينية تستولي على من 
یقترب من تلك الأماکن؟ وزعم ماکسیم دي تير أن الاطلس معبد واله معا. وقد 
آخذ القدیس آغسطینوس آتباعه بعادتهم في تسلق الجبل لیکونوا قریبین إلى الله”. 
ثم نجد القونشیین في جزر الكناري؛ وهم الذین لم یتمسحوا ولا أسلمواء قد 
حافظوا على العتقدات الاساسية لقدامی الافریقیین» مع احدائهم لديانة أصيلة 
فکانوا يسمون الإله» حسب الاسباني [آلبرتو فلوریس] گالندو Galindo‏ باسم 
FUN‏ كد أنه قد أسيئت کتابته» هو «أتغو ایشافو نتمات» Atguaychafuntaman‏ 
أي هرافع السماوات» وهو الاسم الذي كان یبطق کذلك على رأس تبنیریف 
6 وقد كانت تقوم في جزيرة كناريا الكبرى Grande Canarie‏ صخرتان 
مقدستان فوق قمتين منفصلتين» تانكما هما (تيسمار) Tismar‏ و (قیمینیا» Vimenya‏ 
Pline L'ancien (Y, 1, 7).‏ - 1 


2 - Maxime de Tyr (VIII, 7). 
3 - Saint Augustin, Sermones (XLV, 7). 


241 


اللتان کانیقبل علیهما الزوار. فاذا جاء الزاثر إلى هذا الکان القدس صب 
حليباً وزبدة على الصخرتین وهو يترم بأنغام شجية» ثم یتوجه إلى شاطی البحر 
فيجعل يضرب الماء بعصيات وهو يطلق صيحات قوية. وكانت تجتمع في هذه الزيارة 
بعض الممارسات لاستنزال المطر (كصبٌ الخمر والصراخ» وضرب البحر...) 
التعبد بالصخور . 

ولا یزال الجبل إلى الیوم موضعاً لعتقدات ملتبسة وغامضة. ومن تلك القمم 
السکون بالجن» حتی لیکاد یکون محظورا عن بني البشر وهذا اعتقاد نجده قوياً جداً 
لدی الطوارق فى الهقار (قارة الجنون «(Garaet ed-Djennoun‏ كما فى آییر (جبل 
جریبون .(Greboun‏ فكيف لا نستبين فى هذه المحلورات فى ذا دكر بلق عد 
جال IN‏ 2000 تقبیه عباده الیل أو الحيافة فرق الكل EN)‏ قد كرون 
لايد ن :راقعة للمعداش)0بالتقديس الت کانمن الور تارات والكهو فت 
في سائر العصور. فوجود الغارة أو الكهف في جوف الأرض يتيح الاتصال بالالهة 
الأرضية؛ وربا أتاح الاتصال كذلك بالإله الأعلى ؛ فقد كان بعض معاصري القديس 
أغسطينوس يعتقدون أنهم يقتربون من الله إذا غاصوا في أعماق الأرض. 

ونحن لا نعرف من أسماء الآلهة التى كان قدامى الإفريقيين يتعبدون بها فى 
الغارات والكهوف إلا اسماً واحداً؛ هو الرب باكاكس Baccax‏ فى جبل طاية 
[بوحمدان] على مقربة من. المدينة الرومانية ثيبيليس Thibilis‏ (عنونة). وفي سفح 
الجبل يوجد «غار الجماعة» الذي كان واليا magistri‏ المقاطعة يحجان إليه في فصل 
الربيع من كل سنة. ولاشك أنهما کانا يقدمان قرباناً وينقشان تکریسا للإله باکاکس 
أغسطس .Baccax Augustus‏ ومثيلة لهذه العبادة كان يقوم بها والي كاستيلوم 
فوینسیوم Castellum Phuensium‏ في جبل شطابة بمنطقة قسطنطينة . one‏ 
لهذه المارسات الرتبطة بالنتوءات التضاريسية الطبيعية شيوعاً وانتشاراً في قری 
شمال إفريقيا. ولاجد إلا القلة القليلة من الثقوب في الصخر أو التجاویف في 
الغارات» التي لم تتحول إلى معابد بسيطة (مزارات» أو حویطات) يضع فيها الزوار 
بعض القرابين» والنذور الفخارية والقنادیل» والبقجات بل الحلاوي والقلال لأن 
تلك الثقوب یتردد علیها بعض ان آو أحصيص («1لحراس»)» الوا توس 
إكرامهم» أو ينبغي على الأقل اتقاء شرورهم. 


Grotte de l’Eglise-*‏ ۰ أو غار الكنيسة لكائوليكية» لأنها كانت تحتضن الصلوات أثناء الثورة الجزائرية. 


242 


ماء السماء ونسغ الأرض 

إن البلاد الطبوعة ناخ شبه جاف» لا یسلم منه غير شریط ضیق ینعم بالناخ 
التوسطی تكو ن فیها مشكلة المياه مبعثاً لقلق وانشغال دائمین لدی الجماعات الزراعية 
cb‏ كانت ای الحامية للمنابع » JYS‏ نیبتون Neptune‏ وحوریات الاء 
والغاب Nymphes‏ تحظی فى العهد الرومانی بالکثیر من التوقیر. وکانت المقار التی 
شیدت لتلك اوریات في العهد الروماني غاية في العظم. وآشهر هذه القار هو 
المعبد الکبیر للمیاه فى زغوان [تونس]؛ ومنه تنطلق القناة الرئيسية التی تزود عاصمة 
الإقليم بالياة :وفك كان للمیاه البرئة کذلك نصیبها من مظاهر التقدیس» His‏ 
هذه الظاهر هي المتعلقة ب [حمام] (أكوا سبتميانا» Aqua Septimiana‏ في تيمقاد. 
ويصور تکریس مؤرخ في سنة 213 LAS‏ بناء أروقة فریداریو م Varidarium‏ مزين 
بالرسوم» ومقدمة هيكل» وواق مكون من حاجز برونزي من حول عين الماء. كما 
كانت بعض الأبار موضوع تقديس» فكذلك شأنها في کاستیلوم ديميدي Castellum‏ 
«Dimmidi‏ ولا تزال تری لها وجوداً إلى اليوم في بثر بروطة في القیروان. 

وفي ما خلا هذه العبادات الرسمية؛ لا یبعد أن السکان الافریقیین کانوا كثيري 
الاقبال» کفعل البربر الیو cp‏ على المارسات السحرية لاستدرار الطر. وأشهر هذه 
المارسات وأوسعها انتشاراً هو الطواف ب «عروس الطر». وهي لا تزيد عن مغرفة 
من الخشب تلبس من الخرق والأسمال. إنه تمثيل ساذج یقوم على تقد العروس 
نفسها لتحبل من الطر (أنزار»» الذي هو اسم مذکر). وفي الاطار نفسه یقبل الناس 
على التراش بالیاه المباركة في النقلب الصيفي؛ ویْعرف هذا الطقس باسم «أوسو»" 
وهو شيء معروف في ليبيا وفي تونس, وله شيوع كذلك في الغرب . ولقد استنکر 
القدیس آغسطینوس هذه المارسة؛ فقد آخذ أهل زمانه أن کانوا یستحمون عراة فى 
المنقلب الصيفي. فیثیرون شهوة التفرجین. وان هذا التراش بالاء والاستحمام فيه 
اللذین يتم خلالهما رح أدفاق الاء» بل ضرب القونشیین للبحرء إغا كان الهدف 
الاخیر منها إسقاط الطر من السماء. وکانت النساء في هیبون یستحممن في الاء 
عاریات؛ فهي دعوة إلى [تخصیب] الارض الجدبة. 


*- «أوسّو» اسم يُطلّق على موسم من مواسم فصل الصیف. ويتد من 7/25 إلى ۰9/2 حسب التقویم 
الكريكوري «الشمسي »۰ وهو ما یعرف با حساب الاول» أو من 7/17 إلى 8/27 في الحساب القدیم «قبل 
الکريگوري»» وهو حساب أمازيغي. و«أوسّو» تعني بالأمازيغية «الشرب». 


243 


إن لهذه المارسات اتصالاً وثيقاًء عن طریق سحر قائم على المحاكاة» بالرمزية 
الجنسية. فالطر» وتخصیب الارض» وتلقیح الاشية هي في تصور الناس آمور مترابطة 
ببعضهاء يعتقد بنو البشر آنهم یحدئونها ممارساتهم الجنسية. وقد وجدنا الدیانات 
آکثرها تطوراً تجيز هذا الترابط » سواء أكان فى فجاجته» أو بتقنیعه بحجب شفافة 
من الخرافة. ویری ج. کار کوبینو Carcopino‏ .ل أن الشیوع الذي كان لعبادة آلهة 
الخصب والفلاحة Cereres‏ عند النومدیین مردها على وجه التحدید إلى محافظة 
هذه الالهة على مخزون طبيعي قدیم من الحضارة المتوسطية القديمة» التي تضرب 
فیها هذه العبادة الهلينية بجذور بعيدة. وقد كانت عبادة تیلوس Tellus‏ وكوري 
6 (إلهي الخصب والفلاحة)؛ بحکم منزعها الاتحادي الجنسي» وذلك التواصل 
فيها مع القوى التي تلقح الطبيعة» هي أقرب العبادات إلى الانشغالات السحرية 
عند المزارع الافريقي. ولقد انصرف البربر عن أعياد ديميتر Thesmophories‏ التي 
باتت في بلاد الإغريق ليس لها غير طابع رمزي» وصاروا يفضلون الاحتفالات 
ذات الطابع الواقعي الملموس» كما تجسدها «ليلة الخطيئة»» التي صورها نيقولاس 
دي داماس «Nicolas de Damas‏ وهي مطابقة من كل الوجوه لا لا يزال يجري 
منها إلى اليوم في بعض القرى والبوادي» كما في الظهرة [في الجزائر] وفي جنوب 
الغرب . وقد اعترف الحسن الوزان فى القرن السادس عشر بوجود هذه المارسات 
كذلف a‏ 


الكواكب والنجوم 

الماءء مثل الحياةء يأتي من السماء» وفي السماء مقام کبار الآلهة التي عرفها 
قدامى الإفريقيين. والشواهد على هذا الأمر قدية» وهی تحاط بالكثير من التوقير. 
فهذا هيرودوت! یقول إن كل اللیبیین کانوا یقدمون القرابین للاله الشمس والاله 


*- کتب الوزان في هذا العنی : «کانت [عين الاصنام ] مدينة أسسها الأفارقة قدياً في سهل بين جبال عديدة 
على مر الطریق الدية من صفرو إلى نومیدیا؛ ويعني اسمها منبع الأوثان» یحکی أن الافارقة عندما کانوا 
وثنيين» كان لهم قرب هذه المدينة معبد يجتمع فيه الرجال والنساء عند غروب الشمس في فصل معين 
من السنةء وبعد أن ينتهوا من تقديم القرابين كانوا يطفئون الأنوار ويستمتع كل واحد بالمرأة التي توجد 
على مقربة منه. وإذا أتى الصباح منعت كل امرأة قضت تلك الليلة في المعبد من أن تقترب من زوجها لمدة 
سنة والأطفال الذين تلدهم أولئك النساء في تلك الفترة يربيهم كهان المعبد؛؛ وصف إفريقياء م .ذ.ج. 

.364 ص.‎ cl 
1- Hérodote (37). 


244 


1 تاغنجاء اعروس الطر»؛ وتُتخذ من مغارف NS te‏ چو 
ویطاف بها استدرارا للامطار . تبلبالا (الصحراء الجزائرية). 


القمرء في ما خلا آولئك الذین کانوا یقیمون على ضفاف بحيرة تریتون. وقد جاء کل 
من بلین SN‏ وديودوروس” با يؤكد هذه الأطروحة. وكذلك قال بها ابن خلدون 
إذ أكد أنه قد كان بين البربر في إبان الغزو العربي من يعبد الشمس والقمرة. وأما 
النص الرئيس [فى هذا الباب] فهو فى ما نری ذلك الذي يعود إلى شيشيرون*. فقد 
جاء فيه أنه عندما استقبل ماسينيساء وهو المتشبع مع ذلك بالثقافة البونيقية» سكيبيون 
Pline L Ancien, (II, 103).‏ -1 
Diodore (HI, 57).‏ -2 
Ibn Khaldoun, (I, p. 157).‏ -3 

کتب ابن خلدون في هذا العنی : «وكان منهم [البربر] من تهوّد ومن تنصر وآخرون مجوسایعبدون الشمس 


۰123 والقمر والأصنا ۷ م. ذ.ءج. 6 ص.‎ 
4- Ciceron (De Republica, IV, 4). ET 


245 


إميليان لم يذكر لا بعل حمون. ولا تانیت» ولا ملقرت» بل قال : «أحمدك آیتها 
الشمس العالية» وأنت أيتها الالهة الأخرى في السمای على أن مكنتني قبل أن آترك 
الحياة الدنيا من أن أرى ب. كورنيليوس سكيبيون تحت سقف بيتي وعلكتي .۷.۰. 
وبطبيعة الحال فلا يمكننا أن نجز م بصحة هذا النص» ولكن إذا كان شكله قد أسبغت 
عليه بعض المحسنات من قلم شيشيرون فان مضمونه يبقى محتمل الصدق. ثم نه 
لا یخلو فى مجموعه من نفحة عظمة. 

وأما الآثار الدالة على عبادة [البربر] للنجوم فتبقی شيئاً نادراًء لا تزيد عن رسوم 
الآله الشمس والاله القمر التي تظهر في صورة موكب ساتورن على شواهد عديدة 
من العهد الروماني. 

ولا ينبغي أن نهمل الصلات التي توجد بين الشمس والأسدء وهما اللذان 
OÉ‏ على الكثير من الرسوم ذات الطابع النجمي اللائح. كما يجدر بنا أن نذكر 
برسوم قرص الشمسء أو رسوم النجمية» التي تزين بعض الحوانيت» والكهوف 
المقابرية» وشواهد الدلمنات. 

والتكريس الذي جعل للإله إيرو leru‏ هو الكتابة النقوشية الوحيدة التي 
تتحدث عن إله القمر في شكله البربري الذكوري «Cour, Eior)‏ ومن غير حاشية 
من النجوم. 

إن نقص الشواهد المتعلقة بالآلهة التي تعيش في بطن الأرض والآلهة التي تعيش 
في الاء والتي تعيش في السماءء أو بالأحرى عدم دقة تلك الشواهد. يعيقان من 
كل محاولة للتثبت من العتقدات الأساسية لقدامى البربر. غير أن هذا النقص فى 
الشواهد لا يدل بالضرورة على فقر في تلك المعتقدات. ولا يجوز لنا أن نجزم» كما 
فعل کثیرون بأن البربر لم تكن لهم غير ديانة أولية بسيطة. فمعناه أننا نحكم على 
البربر بأنهم بين سائر الأقوام الناطقة باللغة الحامية السامية» هم وحدهم المبتلون بهذا 
النقص أو العجز الميتافيزيقي. 

والحقيقة أن التقديس كان ولا يزال واسع الانتشار في الطبيعة؛ وعلى الرغم من 
الغلبة التي تحققت للإسلام فلا يزال هنالك اعتقاد إلى اليوم بأن عدداً كبيراً من الجن 
يسكنون الصخورء والکهو ف» والأشجارء والينابيع. ومع أن الإسلام لا ينكر وجود 
[الجن أو] «الجنون»» فإنه لم يتمكن من القضاء على الكثير من الممارسات المشوبة 
بالسحر الجبري والتقديس» والدائرة حول هؤلاء الجن. فهی مارسات موغلة في 
القدم؛ ولذلك فليس من الستغرب أن يقع عالم الآثار في المقابر التي تعود إلى عهود 


216 


قبیل التاریخ على نذور من الفخاریات الصغيرة مطابقة من كل الوجوه للنذور التي 
تقدم في الوقت الحاضر لهژلاء الجن في مزاراتهم البائسة. 


الحیوانات والقدس 

فهل عرف الافریقیون عبادة الحيوانات فى العصور القديمة؟ يجيب الولفون عامة 
عن هذا السؤال بالتأكيد» على الرغم من أن الوثاتق المكتوبة والرسومة الدالة على 
هذا الأمر خلال الحقبة التي عمرتها الإمبراطورية الرومانية ليست بالوفيرة ولا المقنعة 
كثيراً. ولا ترى المؤلفين يهتمون كثيراً للتسلسل الزمني» أو يعتدون باستمرارية 
العتقدات ولذلك تراهم يحتجون في دعم دعواهم بالنقائش الصخرية» خاصة منها 


2. نقش صخري من العصر الحجري الحديث يصور 
كبشا برس شبه كروية» في بوعالم (الجزائر). 
الرسوم الكثيرة؛ تلك التي تظهر فيها الكباش برؤوسها شبه الكروية» الزينة بالريش 
أو بأغصان الاشجار» وقد كانت هذه الرسوم واسعة الانتشار في سائر جهات 
الأطلس الصحراوي مصدراً للكثير من الكتابات. فبعض أولئك المؤلفين قد رأى في 
تلك الرژوس صورة للاله الصري آمون رع 132057-83 » واعتبروا تلك الرأس شبه 
الكروية معادلا لقرص الشمس في [الاله] الصري. وقد بات التقدم متعدد الأوجه 


217 


الذي تحقق في النظر إلى التسلسل الزمني لما قبل تاريخ شمال إفريقيا يا یحتم الرفض 
التام لهذه التأويلات. فتلك النقائش تنتمي إلى حقبة قديمة من العصر الحجري 
eo‏ وس cn‏ يكير على en ait La‏ قات عب انل إن 
طيبة آمون مع الإله الشمس. 

ولا يسمح لنا تحليل المشاهد التي تظهر فيها الكباش ذات الرؤوس شبه الكروية 
بالتأكيد على أن هذه الحيوانات كانت معدودة في الآلهة. ففي معظم الحالات تكون 
هذه الحيوانات تتبع رجلاً على هيأة المصلي» فيكون لذلك يدير لها ظهره. فهذا 
يحملنا على الاعتقاد بأن فعل الصلاة يكون موجهاً إلى كيان آخرء وأن الكبش المغطاة 
رأسه بغطاء باذخ» والمحلّى أحياناً بعقد مجدولء لا يزيد عن قربان يقدم إلى الآلهة. 
وتلك الصورة هي ما بقي لنا بالفعل عبر آلاف السنین» خاصة في الطقوس السامية. 


3. كباش «برؤوس شبه كروية» في گلموز الأبيض (الجزائر). 


وینافس الکبش قربان آخر کانت له حظوة ایثار» على عدد كبير من الشواهد 
الکرسة لساتورن؛ ذلك هو الثور. وتفیدنا النصوص الشهيرة ة في نقاوس 02005 ۲ 
(الجزائر) أن الإقريقيين cat‏ ظلوا لوقت طویل یداومون على تقد القرايين الوااجية 

في البواكير قد ارتضوا في القرن الثالث الميلادي بشيء من التردد» وبالاستمساك 
بالاحتیاطات الطقوسية» التی كانت أشبه بالشيء القانوني» أن يستبدلوا الطفل 
المولود الأول الذي كان یطلبه لاله بالحمل؛ نفساً بنفس» ودماً بدم» وحياة بحياة. ولم 
يكن في هذا الاستبدال من أثر لعبادة الحيوانات. 


248 


والحقيقة أن الاشارة الوحيدة الواضحة إلى عبادة الکبش في شمال افریقیا 
جاءت عند البكري» وهي تهم قبيلة من سکان الجبال في جنوب الغرب . وقد جاءت 
هذه الاشارة شديدة اختزال؛ فلا تفیدنا بالفحوى الحقيقي لهذه العبادة» لکنها مارسة 
كانت فى غاية الشذوذ والخزي» بحیث إن أولئك الکفرة کانواتضطرون إلى اخفاء 
هویتهم عندما یذهبون عند القبائل الاخری*. 

وقد كان الثور معدوداً في الحيوانات القدسة. وكان كذلك الضحية المهيبة» التي 
تقدم قرباناً إلى ساتورن كما تقد م إلى جوبيتر Jupiter‏ 

وتحدث کوریبوس" في القرن السادس الميلادي عن معتقد خاص كان عند 
لاكوتان (أسلاف لواتة) في سرت؛ فقد كانوا يطلقون على عدوهم ثوراً يمثلون به 
لإلههم كورزيل الذي ولد من تزاوج بين آمون وبقرة. وكانت لدى لاكوتان أصنام 
من خشب ومعدن ترمز إلى گورزیل. وهذا هو النص الوحيد المتعلق بعبادة الثور 
[لدى قدامى الإفريقيين] مع وجوب اعتبار أن هذا الحيوان لم يكن يزيد عن صورة 
للإله» وليس في هذه الممارسة كذلك ما يذكرنا بالتوقير الذي كان المصريون على 
سبيل التمثيل يحملونه للثور أبيس „Apis‏ 

ويفيدنا ديودوروس” أن القرود كانت تتمتع في منطقة يُحتمل حسب هذا النص 
أن يكون موقعها على تخوم الجزائر وتونس» في ما وراء سلاسل الجبال الساحلية 
من عظيم المكانة» Le‏ يحملنا على اعتبارها مخلفات في هذه المنطقة لطوطمية حقيقية. 
ويقول ديودوروس إن تلك القرود كانت تحتل المساكن ومخازن المؤن دون أن يسعى 
أحد إلى طردها منها؛ لأن السكان يعتبرونها بثابة آلهة» فيكون في قتلها انتهاك لمحرم 
يجر على مقترفه عقوبة القتل. 

وکانت الثعابين» وهي مصدر للخوف والتقدیس lee‏ موضوعاً لبعض 
العبادات. ونعرف بوجود العديد من التكريسات التي جعلت لدراكو Draco‏ 
وبينها واحدة في تگنیکا Tighnica‏ وأخرى في نوملولي Numluli‏ يمكن أن نجد لهما 
نسباً إلى الخرافة التي 7 تقول إن فيالق ريكولوس Regulus‏ قد اضطرت» حسب ما 
*- كتب البكري في هذا المعنى: : ويلي بني لاس قبيل من البربر في جبل وعر مجوس يعبدون كبشاً لا يدخل 

أحد منهم السوق إلا مستترآ»» ep‏ 6.3 ص.853. 


l- Corippus (V, 12-26). 
2 - Diodore (XX, 58). 


249 


ذکر بلین» الى محاربة ثعبان عظیم! في وادي بگردا (مجردة) نفسه. وقد كانت 
عبادة دراکو تتسع نطاقاً إلى نومیدیا والی موریتانیا. وکانت الحية في أكوا فلافیانا" 
جمع إلى الحوريات. ونستفید من آلام القديسة سالسا" أن في تیبازا الوريتانية كان 
یوجد صنم من البرونز يمثل حية برس مذهبة. 

ویوجد في العبد البونيقي الجديد في ثينيسوت Thinissut‏ القریب إلى 
بثر بورقبة JEE‏ من الطین الحروق يشل الهة بجسم انسان ورس آسد. ونری 
الصورة نفسها على نقود میتیلوس سکیبیون Metellus Scipion‏ مصحوبة 
بالأحرف الشارحة GTA‏ التی تفر Í‏ فى العادة Genius Terrae Africae‏ 
[جن أرض إفريقيا]. والاسد ۳ أكثر احیوانات حظوة بعلامات التقدیس. وقد 
كانت لبدته المتموجة السعفة على توظیفها فى التشکیلات الاشعاعیة» تسعف منذ 
وقت مبكر على التمثیل به للإله الشمس. لکن الأسد كانت له كذلك دلالات أخرى 
فهو يلعب دوراً مهماً على الزخارف المنحوتة فى كثير من الأنصاب المقابرية. كما 
ينبغي أن نأخذ في الحسبان الجمع الشائع للأسد بساتورن علی الشواهد المكرسة 
للإله الإفريقي العظيم. وقدكان الجمع بينهما شديد الوثاقة» حتى إن الاسد 
ليأخذ أحياناً مكان الاله بين دیوسکوریس"* أو بين الاله الشمس والاله القمر. 
ولقد بين أرنوبيوس” بما لا يقبل الشك ذلك الاقتران الذي كان يقوم بين الأسد 
وفروجیفیر A «Frugifer‏ ساتورن. 

وربا جاز لنا الاعتقاد أن الأسد والشمس» وهي التي تظهر کذلك على زخارف 
tente al‏ ور اة bia Det)‏ رر الت و نود 
ویجمّله؛ هو الذي جعل تحت حماية الاله العظم» سيد الزمن والحياة والوت. 

وعلیه فقد بقیت عبادة الحيوانات عند قدامی الافریقیین. أو على الأقل خلال 
العصور القدية أمراً یتنازعه الغموض والالتباس. وأن تکون بعض الحيوانات لشتی 
الأسباب تتصل بالقدس بروابط متينة» وأن تکون تمتعت بامتیازات خاصة (کالقرود 


Pline (VIII, 37).‏ - 1 
Passion de Sainte Salsa‏ — * 
* - ویمرف باسم #حمام الصالحين»؛ وهو حمام روماني من العهد الفلافياني یوجد في بلدية الحامة في 
الجزائر» أنشأه في 69م الامبراطور تیتوس فلافیوس قیسباسیوس Titus Flavius Vespasiaus‏ مؤسس 
الحضارة الفلافيانية. 
* - وهما الإلهان التوأمان كاستور Castor‏ وبولوكس «Pollux‏ ابنا زيوس Zeus‏ وليدا „Lida‏ 
Arnobe, Adversus nationes (IV, 10).‏ - 2 


250 


والثعابين» وبعض آنواع الطیور) فوق 
ما تمتعت à‏ حیوانات اخری» وان 
یکون الناس اعتادوا أن يؤثروا تقدیها 
برسم القرابين» وخلاصة القول آن 
تکون هذه الحيوانات استفادت من 
العلاقة الوطيدة التي كانت تقوم بینها 
والالهة (خاصة منها (ALII‏ وأن 
حیوانات أخرىء مثل الثور في صورة 
الاله گورزیل؛ أو الاسد في صورة 
الاله الشمس» أو ساتورن» قد جعلت 
صوراً حية لتجسید الالهت فذلك 
لايكفي إثباتاً لوجود عبادة للحیوانات 
لدی قدامی الافریقیین. ولقد كان 
لبعض الحيوانات القدسة. أو الوقرة 
في أقل تقدیر» في شمال افریقیا 
ولایزال لهاء ذلك الوجود إلى الیوم 
لکن هذه النطقة لم تعرف وجود آلهة 
من الحيوانات. وهل كان للقدیس 
أغسطيتوس؟ آن يؤكد. أن المصريين 
هم وحدهم الذين كانوا يعبدون 
الحيوانات لو أن عبادة الحيوانات كان 
لها على زمنه وجود عند الإفريقيين؟ 
لكن الوضع كان على خلاف 
هذه الصورة في العصر الحجري 
الحديث» أو على الأقل في المناطق 
eala‏ فقذ م SES‏ فنها علي 4. مسلة مكرسة لساتورن» في سيليغ (بني فوجة). 
عدد كبير من المنحوتات الحيوانية ببري جالساً فوق أسدء حيوائه الوصوف به» وعسکا 


على الصخور والجلاميد؛ تدخل فيها المحطبء رمز الوت والخصب. 


1- Augustin, Sermones (CXCVII, 1). 


251 


الکباش؛ والثيران» والوعول» التي لا يمكن أن تکون إلا أصناماًء بالاضافة إلى النقائش 
والرسوم الصخرية التي ليس في الإمكان استبانة دلالتها الدينية جميعاً. ولكن يجدر 
بنا أن نكرر القول إن هذه التصاوير سابقة بزمن طويل على العهد الروماني با 
لايجوز الأخذ بها في هذا الباب. بل إن من المحتمل أن يكون الصحراويون الرحل 
أسلاف الطوارق» عرفوا بشکل معين من عبادة احیوانات» أو التوقير الشديد لبعض 
الحيوانات. ولا تزال تجد هؤلاء الرحل إلى اليوم يحملون أسماء بعض الحيوانات 
أمياس (الفهد) وإيلو (الفيل)» وآبیجی (الذئب). كما أن لبعض العشائر فى كل 
ریلا *Kell Rela‏ آسلافاً من اطيوانات آو من آشضاص یحملون آسماه حیوانات 
( کالغزال والارنب» إلخ...) 


الانسان. أساس القدس 

الحقيقة أن الانسان يمكن أن یکون هو نفسه الرتکز للمقدس» بل ربا كان تمثيلاً 
حياً للآلهة. وأفضل مثال على هذا الأمر فى ما يبدو لى هو الذي جاء به هیرودوت. 
فقد تحدث عن المكليين Machlyes‏ وا وه „Auses‏ الذين كانوا يقطنون بإزاء 
بحيرة تريتون (منطقة جربة» أو الجريد)» فكانوا يقيمون احتفالاً على شرف آئینا 
Le) ۵‏ تكون تانیت» والأكثر احتمالاً أن تكون إلهة ليبية اختلطت على الناس 
بهذه الإلهة). ويكون مبتداً ذلك الاحتفال بأن : تقوم البنات في مجموعتين بتمثيل 
يعركة بضرب العصي والحجارة؛ فاللائي منهن يقتلن عن غير قصد من الضرب 
الواقع علیهن یعتبرن غذارى راهان . ثم تتوقف المعركة ویختار کل فریق أجمل 
بنت فيه فّزين بأسلحة إغريقية» ویطاف بها على عربة في أرجاء البلاد؛ فتکون تلك 
البنت تمثل الإلهة'. 

وقد كانت مثيلة لهذه المعارك الدائرة بين فتيات» ذات الصبغة الطقوسية النسبية 
لا تزال مارسة جارية إلى خمسينيات القرن العشرين أو نحو ذلك فى واحات فزان 
(عيد اللح في غات). i‏ 

وبتعبير أبسط إن الانسان يمكنه بعمله أن یسهم في الحركات الکبيرة للطبيعة. 
فقد عزز تطور الزراعة من الاعتقاد بأن أعمال الإنسان تكون لها انعكاسات وتأثيرات 
على الصعيد الكوني. وذلك هو التفسير لكل الاحتياطات التي يأخذ بها المزارعون 


* - قبيلة من الطوارق. 
Hérodote (IV, 180).‏ -1 


252 


في اليو م الذي ینفتح فيه آول شق في الارض بدفع من الثیران. وهو الذي یفسر لنا 
المارسات الغريبة التي تسمح للأناسي» في صورة |باحة مطلقة العنان» بالمشاركة 
خلال «ليالي الخطيئة» ذ في خصوبة والولادة الکونیتین. 


جمهرة الآلهة الصغيرة المحلية 

إن المقدس المنتشر في الطبيعة يتجسدء إن لم يكن على درجة عالية من التدين 
فعلى الأقل على درجة عالية من تكوين المفاهيم؛ ونحن نجد من الكيانات التي 
نتعرف علیها في بعض التکریسات. أو بعض التنويهات» التي وصلت إلينا ما 
جعلت له أسماء. وبعض هذه الالهة تتبوأ مكانة مرموقة» من قبيل ساتورن» الذي 
يدلنا حضوره في سائر المقاطعات الإفريقية على أنه قد كان بحق السید على تلك 
الأراضي وعلى تلك الأقوام. وكثيرة هي الآلهة الثانوية التي حافظت على أسمائها 
الإفريقية وتأبّت عن أي تاه مع تلك المكونة لمجمع الآلهة الإغريقي اللاتيني. وبعض 
هذه الآلهة تجتمع على الكتابات النقوشية الصخرية» كشأنها في باجة Vaga‏ أو في 
ماجيفا Magifa‏ (قصر البو م)؛ حيث تشكل مجامع حقيقية للآلهة» وربا كان نفوذها 
مقصورا على الصعيد الاقليمي. لکن معظمها في ما يبدو لنا آلهة محلية؛ ؛ فلا تكاد 
تميز عن الجن المحليين إلا Le‏ أسيغ علیها من آسماء. 

ونحن نعرف بأسماء قرابة الخمسين من هذه الا له ومعظم تلك الأسماء جاءتنا 
بها النقانش؛ وبعضهاء وهي تخص دون شك آلهة وإلهات من منزلة رفيعة» وردت 
عند الكتاب المسيحيين. ومعظم هذه الآلهة تحمل أسماء إفريقية يمكن الوصول إلى 
معاني بعضها من العرفة باللغة البربرية. 

وهنالك آلهة أخرى تحمل أسماء قد جعلت كذلك لبعض المواقع ؛ من قبيل الالهة 
جيلدا ¿Gilda‏ التي أشركت إلى تیلوس في تکریس بقالةء وهو اسم نجده لوضع 
في موريتانيا القيصرية” 3 وماسيديسي Masidicce‏ إله ماجيفاء ويبدو أن هنالك 
موضعاً في مقاطعة إفريقيا یعرف بهذا الاسم (النقيشة الوحيدة المعروفة يرد فيها 
ام بالرسم ليسي 199101606 . وأوزيوس Auzius‏ هو الإله الذي يعبد في 
آوزیا ۵ وسوجن 25118867 وهو اله آخر فى ماجیفا» قد استعیر اسمه للقمة 
الطلة على المنطقة العروفة اليوم باسم دوکان «Doukkan‏ وکان في القرن التاسع 


*- الجملة الثانية أسقطها المؤلف بعد الطبعة الأولى» واحتفظ بها شاکر فى طبعته!! 


253 


عشر یکتب سوگان Souggan‏ 
el pans‏ الآلهة الافريقة 
لايمكن تفسیرها الا بالرجوع إلى 
اللغة البوئیقیت. من قبیل آبادیر 
Abbadir‏ (الأب القوي) وبونشور 
5 (وهو اختصار لبودملقرت 
el : Bodmelquart‏ ملقرت) 
وبالیدیر Baliddir‏ (وهو اختصار 
لبعل آدیر ۸0:۳ Baal‏ : السید الجبار) 
وماتیلام Matilam‏ (خادم الالهة). 
وهي برهنة جديدة على التنافذ المكين 
الذي كان قائماً بين الثقافتین البونيقية 
والليبية. ويمكن التمييز في هذه الآلهة 
بين أصناف عديدة؛ إذ تطالعنا في 
القام الأول تلك التي جعلت في 
مجموعات من سبعة» وخمسة. وثلاثة 
وهي تمثل مجامع لالهة محلية. 
فكذلك هو الشأن في آلهة باجة 
وهنشير رمضان Henchir Ramdan‏ 
التي تتشابه بينها التكريسات. 
فهي تكريسات قد جعلت لآلهة 
بينها اثنان هما في ما يبدو لنا إلهان 
مشترکان؛ ذانکما هما فارسیسیما 
(Varsis) = Varsissima‏ وماكورتو م 85. إلهة برأس آسد في ثيئيسوت (بثر بورقبة» في 

.Macurtum‏ وكذلك هو الشأن في توشسس). فتال من الطين المتروق من اشنم اليشري: 

إحدى الإلهات في ماجيفا؛ هي السماة ثيليلوا eThililua‏ والتي يبدو أنها تعرف 
بشكلها الذكوري في مداوروش : ليلو Lilleu‏ (اشتقاقا من 7/۷ وهو ماء الطر). 
وتجيز لنا الكتابة النقوشية التي في هنشير رمضان الاعتقاد بأن غالبية هذه الآلهة 
تسمى كذلك في بعض الأحيان مجتمعة بالالهة M‏ رية „dii mauri‏ 


254 


وات حر عل ی ی 
لكن یسوغ لا آن نتناولهابقارية مختلقة. إنها تضم آلهة وإلهات لها أسماء يحملها 

بنو البشر أيضاً. فاما أن هذه ال laiit‏ رجان ونساء 
وهو الأقرب إلى الاحتمال» قد تسموا بأسماء تلك الآلهة. وتضم هذه الفئة عشرة 
أسماء هي : باکاکس؛ وبونشورء وإيمسال 1600521 ويوباء وماکو رگو م Macurgum‏ 
وماکورتوم» ومسکاف «Masgav (a)(1)‏ وماتيلام» ومو نا Monna‏ وسوجن. 

وبعض آسماء الآلهة تکون صفات تضاف إلى الاسم العتاد للاله في مجمع الا لهة 
اللاتینی؛ من قبیل مارتی كانابفاري Marti Canapphari‏ ( صيغة الا (GLS‏ وهی كو لي 
ار سیتی Herculi Irsiti‏ ) ت اللإضافة)» وبلوتو فاري یکالا „Pluto Variccala‏ 
وقد تشرك الآلهة الافريقية أحياناً مع له أو عدة آلهة رومانية» لکنها, تظل 
محتفظة بشخصياتها؛ ومن هذا القبيل أن يوبا قد أشرك مع جوبيتر» وأشرك 
مو تمانيوس ۳۹ مع میرکور «Mercure‏ وسیساس Sesase‏ - هو الذي 
لايزيد عن جني - قد جعل في مرتبة واحدة مع ميركور وبانثي -Panthée‏ وفي 
الأخير فان هنالك آلهة أكثر أهمية» وعلى شهرة غير ciga‏ قد ورد ذكرها لدى 
المؤلفين المسيحيين بكونها آلهة خاصة بالموريين» من أمثال تیسیانیس Tisianes‏ 
وبوكوريس الوري «Puccures Mauri‏ وقارسوتینا المورية Varsutina Maurorum‏ 
مثلما أن هنالك تكر شبات ele‏ لديانا المورية «Diana Maurorum‏ وللإلهة 
مورا Dea Maura‏ ولئومين المورية «Numen Maurorum‏ ونومين الموريتانية 
.Numen Mauretaniae‏ 

لکن معظم الالهة التي تعرّفنا بها الکتابات النقوشية لا تزيد عندنا عن آسماء 
وبعضها قد اختزلت آسماژها إلى آحرفها الاولی (من قبیل GDAS‏ في جبل شطابة 
على مقربة من قسطنطینة). وسلطان هذه الالهة مقتصر على نطاق ضیق ومحدود 
ولیس من الیسیر قييزها عن الجن المحليين . والحقيقة أنه ينبغي تتمیم القائمة الطويلة 

من الآلهة المحلية بقائمة الجن الحلین الذين ما أكثر ما يطمس طابعهم الحلي تحت 
اللقب الرسمي الذي يمُرَّغ عليهم في العبادة البلدية. ومن أولئك الجن نذكر جينيوس 
سوبتابارتي Genius Subtabarti‏ (في العلمة)» وجینیوس أو سوم Genius AUSUM‏ 
(في سعدوني)» وجینیوس آوبوروتینسیوم Genius Auburutensium‏ (في قطار 
العیش) وجینیوس ثيسيكتي Genius Thesecti‏ (في هنشیر بوسكيكين)» وآخرین 
سواهم. وهنالك جن آخرون هم سادة غير معروفین على القمم؛ مثل جینیوس 


255 


6. مسلة ليبية أعيد استعمالها في العهد الروماني. على الجبهية 
غثیلات لقرابین. منطقة عنابة (احزاثر). 
مونتیس Genius Montis‏ (فی شمتو «(Chemtou‏ وجینیوس مونتیس روفینا 
Genius Montis Rufinae‏ (في خنشلة) وجینیوس سوموس ثاسوني Genius‏ 


Summus Thasuni‏ (في آفلو)؛ وجن آخرون هم جن الأنهار. 


تکریسات الا لهة الورية 

كانت هذه الجمهرة من الالهة الصغيرة والجن تتمتع عند قدامی البربر بقدر کبیر 
من الإجلال والتوقیر» من المؤكد أنه یفوق بکثیر الجال الذي كان يقع عليه سلطانها 
كما نستدل عليه من العدد القلیل جداً من النقانش [الکرسة لها]. فما كان المؤمنون 
الکثیرون بهذه الالهة یهتمون OV‏ يتركوا شواهد مکتوبة بولائهم لها. وأما الرومان 
والافریقیون الترومون فقد دفعت بهم الرغبة في الحصول على بركة تلك الالهة أو 
على الأقل ضمان حيادها إذا تعذر عليهم الحصول منها على تلك البركة» إلى سلوك 
سبيل فعالة» وان تكن في غاية البساطة» وذلك OÙ‏ يذكروها مجتمعة فيتحاشوا 
المخاطر التي قد يجرها عليهم نسيان أحدها أو بعضهاء وهي الغيورة وغير المعروفة 
على أوسع النطاقات. فلذلك سموها الآلهة المورية. 


256 


وم قرف نة خر كينا لت للذلية الأورية ونار ها أن 
نضیف إليها نقيشتين آخریین مکرستین لکیانات إفريقية» من قبیل الالهة الجيتولية 
dii gaetulorum‏ ونومين المورية الملتبستين المحيّرتين هما الائنتان. 

ویتبین من الکتابات النقوشية آن من غير الممكن أن نحمل الالهة الورية علی 
الآلهة الرئيسية فى الأولمب . وفی القابل تجيئنا النقيشة التی فى هنشیر رمضان بأسماء 
نثلائه منهاء هي : فودینا «Fudina‏ وماکورتوم» ييل 5 وكذلك یرد 
ذكر لاثنين منها ویرد رسماهما في باجة؛ فهما فیهما یسمیان ماکورتام وفارسیسیما. 
ویظهر على هذه النقيشة الاخيرة إلهان فروسیان» هما ماکورتام وإيونام lunam‏ 
يمكن أن نجد لهما شبهاً بالإلهين التوأمين» أو كاستوريس Castores‏ والحال آن في 
موستي Musti‏ تكريساً يعود إلى السنوات الأولى من القرن الثالث قد جعل على 
وجه التحديد لموريس كاستوريبوس .Mauris Castoribus‏ 

تؤكد هذه التقاطعات أن الآلهة المورية التي تذکر جماعة هي بالفعل الآلهة 
الإفريقية المتعددة» وهي ترد في بعض الكتابات النقوشية بتسميات محلية. فيكون من 
الهم أن نقارن بين سلسلتي التكريسات التي وصلت إلينا؛ سلسلة التكريسات التي 
جعلت للآلهة المحلية المذكورة بأسمائها والمميزة عن بعضهاء وسلسلة التكريسات 
ال لتي جعلت للآلهة المورية. 

ولا تأتينا الصفات التي تبعل للآلهة الحلية با يسعفنا على أن نحيط معرفة 
بأشخاصها؛ فهي ما تدلنا على أن هذه الآلهة كانت تعبد كما تعبد غيرها من الآلهة 
ولم تكن تزيد عليها شيئاً؛ فهي تذكر بالصفات أوغو ستيوس Augustius‏ [«العظيم»] 
وسانكتيوس [CAD] Sanctius‏ وباتريوس Patrius‏ [«الوطني»]» با يو کد لنا 
طابعها المحلى. ووحده أوليسمًا cAulisva‏ الاله الذي جاء ذکره على لسان أحد 
Dokad‏ یاف له صفة إنفيكتو س Invictus‏ [«الذي لا بقهر ۷]. 

شلك bus AE EPET‏ بذ كو كلك بالا E‏ 
أو غو ستي AMES‏ وباتر يي ¿Patrii‏ و سانكتي «Sancti‏ وإمو تاليس Immortales‏ 
[«الخالد»]. وتزاد إليها قائمة من النعوت فيها تنويه إلى صفة الرعاية والرأفة لدى 
هذه الالهت نذكر منها: سالوتاريس Salutares‏ [«الحفى»)]» وکونسیرفاتوریس 
Conservatores‏ [«النجي»]۰ وبر وسبيري Prosperi‏ [«الغني»]» وهوسبیتس Hos-‏ 
۱۳/5 لضیاف »] . لکنها کثیرآماتسمی كذلك بارباري 8675478[ «الغريب»2]ء بمايفيد 
ن منشتي تلك التکریسات کانوا یجدون الا لهة التي یجعلونها لها غريبة عن ثقافتهم. 


257 


هذه الاختلافات في الصفات التي تبعل للالهة ® الورية تبين لنا 
عن اختلاف في طبيعة هاتین المجموعتين من الالهة» كما تشف لنا عن اختلاف في 
عقلیات منشنی تلك التکریسات. فالالهة الحلية السماة کل واحد باسمه والالهة 
الورية التي pal‏ كلها تحت مسمی واحده كان یختلف بينها التعبدون. ویتبین 
من العلومات التی آمکن استجماعها عن نوعية منشئی تلك التکریسات أن عبادة 
الالهة المحلية کانت لها شعبية أكبر Le‏ لعبادة الالهة ا والتمعن في هذا الأمر 
یکفی وحده ليبين لنا أن عبادة الالهة الحلية أكثر من كان یقبل علیها الدنیون 
)15 4 وأما عبادة الالهة الورية فأكثر من كان یقبل علیها العسکریون 
والوظفون الامبراطوریون» والولاة (بنسبة 9673). ولذلك فعلی خلاف آولئك 
الذين کانوا يرون في عبادة الالهة الورية مظهراً من مظاهر الوطنية المورية» أرى أن 
هذه العبادة كان يغلب عليها الطابع الرسمي والعسكري» وأنها كانت وثيقة الصلة 
بمحاربة القبائل المتمردة. 
ولیس من قبیل الصدفة أن تکون هذه الالهة على الرغم من آسمائها؛ تذکر 
في القاطعات الاخری بقدر ما تذکر في موریتانیا. وتکثر هیاکلها خاصة في لبیز 
وهي مقر الفیلق [الروماني]. فمن جملة الهیاکل الواحد والعشرین التي آنشئت 
لهذه الالهة تقوم ستة منها في هذه الدينة. كما نجد بعضها في مدينة آخری من 
مدن نومیدیا (مصقلة*)» وفي خمس من مدن إقليم قرطاج» وهي : تبسة 106۷6506 
ومداوروش وباجة» وهنشیر رمضان وموستی. وأما التکریسات ذات الطبيعة 
الغربية الغالبة في موريتانيا القيصرية» والتي جعلت للآلهة الورية فهي التي نجدها 
في مدينة OU‏ ولم يسن العثور حتى الوم على أي كتابات نقوشية مكرسة للآلهة 
الورية في موريتانيا الطنجية» وهي الأكثر «مورية» بين المقاطعات الإفريقية» OÙ‏ 
| 
عليه» فليس هنالك صلة تربط بين الصفة «موري» (mauri)‏ والتقطیع الذي 
وقع 1 إفريقيا الرومانية وصيرها إلى مقاطعات. فقد رأينا أن الصفة «موري» 
كانت أكثر ما تجمعل في إفريقيا الرومانية لكل ما هو محلي» ولم يتم استيعابه» بل غير 
قابل بوجه من الوجوه , للاستيعاب [في الإمبراطورة الرومانية]. ولذلك نفهم كيف 
أن الآلية المورية كانت تحت أحيانا بالباربارية: 


«Mascula —*‏ وتعرف كذلك باسم خنشلةء وتقع في منطقة الأوراس الأمازيغية. 
*— تغرف الیوم باسم آولاد ميمون» في ناحية تلمسان. 


258 


وکما أن هنالك قبائل مورية بقیت خار ج عملية الرومنة ولبثت غريبة بوجه من 
الوجوه داخل إفريقيا الرومانية نفسهاء فكذلك كان هنالك آلهة وجن إفريقيون والهة 
من طبيعة ملتبسة لم تجد لنفسها مکاناً في مجمع الآلهة اللاتيني. وقد كانت جميعاً 
آلهة مورية. 

وربا كانت هذه الجموعة من الالهة إذا ما زدنا الیها بعض القوى الثانوية 
تمثل قوة لا بستهان بهاء والرومان» خاصة منهم أولئك الذين تعين علیهم أن یحکموا 
القبائل «الوریة» أو يحاربوهاء قد سعوا في استمالتها؛ فجعلوا لها اسم الآلهة 
الوریة»؛ ذلك بأن هذه الالهة لم تتروم» شأنها شأن الوریین. فلذلك كانت عبادة 
الالهة الورية عبادة عسكرية في القام الأول. 

فتکون الالهة المورية» وتلك التي دعوناها آلهة محلية» ولنا معرفة بأسمائها 
هي الآلهة نفسهاء بيد أن الاولی تحظی بالتوقیر بالصفة الجماعية» خاصة من لدن 
العسکریین والموظفين الامبراطوریین وأما الأخرى فالتوقیر العقود لها یکون على 
الصعید الحلي من لدن العامة أو من لدن القضاة البلدیین. فالالهة هي الالهة نفسها 
وإغا یختلف بینها منشئو التکریسات. | 


الاله آمون ومکانته في مجمع الا لهة الافريقية 

هل وضع الافریقیون فوق هذه الدهماء من صغار الألهة والجن لها علی لم 
تكن هذه الآلهة الثانوية في النهاية إلا خدية له ومساعدة؟ كان هذا السؤال في العهد 
الروماني يؤّتى له بجواب لالبس فيه : أن ساتورن یحکم سيطرته على إفريقيا بمثل ما 
يسيطر الإمبراطور على العالم الروماني . وإذا كان من المحقق أن ساتورن قد خلف 
بعل حمون البونيقي» جاز لنا أن نتساءل هل إن التوقير العظیم المعقود لساتورن في 
إفريقيا اغا كان مأتاه من مصدر آخرء وهل يكون L‏ حمل على إله آخر أعلى مقاماً 
وذي أصل محلي خالصء قد اختلط على الناس ببعل حمونء فيكون هيأ الأذهان 
سلفاً لما يقرب من التوحيد؟ يجمع المؤلفون عامة على الجواب عن هذا التساؤل 
res‏ تجدهم يأنون باسم لهذا له إنه آمون الذي تحققت له الشهرة في العام 
الإغريقي منذ القرن السادس بفضل وساطة الوحي ي التي كان يقوم بها في واحة 
و 

إنها مسألة بالغة التعقید. لأن هذا الاله قد ارتبط بعلاقات مع آمون رع الصري 
ومن بعده مع بعل حمون البونيقي» ومن بعده مع زیوس ZEUS‏ الاغريقي» ومن 


259 


بعده مع جوبیتر الروماني. وقد كان الاعتقاد لدی الناس في بداية القرن [العشرین] 
أن مصرء أم الحضارات» وزعت آلهتها على آنحاء إفريقيا. فکانوا یحملون الکباش 
ذات الرؤوس شبه الكروية فى النقانش الصخرية التى فى الأطلس على إله طيبة. 
فهذا ر. باسي قد وجد اسم «أمان» Aman‏ لدى القونشیین» وأنه يعنى لديهم السيد 
وأنهم يجعلونه للإله الشمس. فيكون آمون الإله الكبش» الذي أصبح الها شمسياً 


7. نصب لساتورن. الكباش والثور هي القرابين المقدمة في العادة إلى 
الإله الإفريقي العظيم. 


260 


باندماجه مع رع » قد صار یبسط سیطرته رویداً رويداً على مجموعات الالهة غير 
النظمة لدی الباربار في الغرب الافريقي. ویکون آمون سيوة» وهو الاله الوسيط 
لا یزید عن حول او انقلا لاله طيبة العظیم Lis‏ الافریقیون في الغرب» وهم 
الذين لبثوا في طور شدید البدائية» فقد کانوا یعبدونه على هیأته احيوانية. 

وهذه آطروحة مفرطة فى التبسیط . فقد رأينا أن الکبش ذا الرأس شبه الكروية 
لیس هو حیوان آمون رع ؛ بل كان سابقاً علیه بوقث طویل» بحکم أن نقانش الاطلس 
تنتمي إلى العصر الحجري القديم. 

وأما في ما يتعلق بأصول آمون سيوة فإن هنالك رأيين يتعارضان منذ زمن 
طويل. فأما الرأي الأول فيعتبره هو نفسه آمون طيبة» ويقول أصحاب هذا الرأي 
إنه تملك الواحة قبل القرن السادس بكثير» وهی حقبة نمتلك بشأنها بعض الشواهد 
الاغريقية. وأما الرأي الثاني فهو أكثر ا الذي قال به أو. بيتس Bates‏ .© 
إذ رأى أن الإله المصري اندمج في إله محلي كان يقوم بوساطة الوحي. وهوإله كان 
على صلة بعبادة الأموات. 

وأياً ما تكن الأصول الحقيقية لآمون سيوةء فينبغي الإقرار بأنه قد حاز بوساطته 
في الوحي شهرة عالية تجاوز بها الإطار الجغرافي الليبي بكثير. فاسمه وشهرته ورسمه 
وهی الى اکتست بفعل التأثیر الهلینی طابعاً SUIS Lil‏ قد تحقق لها عن طريق 
el‏ رق الانتشار الكاسح في العالم المتوسطي. فنحن نرى آمون. الذي سيصير 
في ما بعد یتسمی بزیوس «Zeus-Ammon ù pel-‏ یر رغ هيأة شخص ملتح 
طیب» وما احتفظ من الکبش الطیبی" بغیر القرنین اللذين صارا لا یکادان یبینان 
لديه من خلال الشعر الکث اند وقد حاز هذا الرسم BE‏ بالقرون نجاحاً 
كبيراً في العالم الهلينستي» خاصة من بعد زيارة الإسكندر Alexandre‏ لواحة آمون 
وإعلانه نسبه إلى هذا الإله. 

وذهب بعض المؤلفين إلى الاعتقاد OÙ‏ الحظوة التى كانت لآمون عند الليبيين هى 
المفسر للمكانة الرفيعة التي صارت لبعل حمون في الجال البونيقي» بحيث يحملونه 
کلیا le‏ إله سيوة:وسيط الوحى : وأماف. لوکلی Le Glay‏ 16 فلا يذهب إلى حل 
الأخذ بهذا العاف برش هو الا غر آن بع مون (البونيقي البربري» قد استعار 
من الاله الليبي الصري قرني الکبش وجزء من شخصیته ليصير إلهأ شمسياً. 
enéolithique ancien -*‏ أقدم العصور الحجرية وأطولهاء فمبتدژه في 000 2,300 ومنتهاه في 12,000. 


261 


واذا كان آمون قد حاز في شکله الاغريقي. ثم اللاتيني» في برقة وفي طرابلس 
الغرب. نجاحاً دائماً تترجمه نقوش وافرة وآثر موصول في آسماء الواقع » ووجود اله 
«(خحديم لامون» في جولا Golas‏ (بونجیم) فان القاطعات في غرب سرت الصغری 
فقيرة جداً إلى الشواهد على عبادته. فلا يكن أن نذکر له هنالك غير تكريسين 
آحدهما في قرطاج قد جعل جوبيتر حمون «Jupiter Hammon‏ والاخر في آوزیا 
وهو يصفه بکورنیفیر Cornifer‏ وبتونانس .Tonans‏ كما أننا لا نكاد نجد له ذکراً بین 
al‏ الالهة الافريقية؛ فلا نعرف بینها غير خمسة تحمل اسم آمونوس Ammonus‏ 
أو آمونیانوس Ammonianus‏ . وانه لعدد زهيد بالنسبة إلى اله يراد له أن يتبوأ قمة 
مجمع الالهة الإفريقي لا قبل العهد الروماني. 

وخلاصة القول إنه لا يبدو أن اله سيوة قد لعب غير دور محدود جداً في ديانة 
الإفريقيين الذين كانوا يستوطنون غرب سرت الصغرى. 

والشكوك نفسها تحوم حول وجود إلهة عظيمة ليبية خالصة تتمايز عن الإلهة 
تانيت البونيقية. ولیس من شك في أن تانيت» التي خلفتها كاليستيس Caelestis‏ 
والتي ما أكثر ما وقع الخلط بينها وبين جونون Junon‏ قد كانت الالهة الرئيسية 
الانثی في مجمع الآلهة البونيقي غير أن هذه الإلهة لم تكتسب أولوية حقيقية إلا 
نی فرطاح وني مود جاخ شیاه ورها نم تقيض لها تلك الأولرءة زاین آن مرش 

تعتبر إلهة أمأء على غرار هیرا Hera‏ في جنوب إيطاليا. 

ففي العهد الروماني كانت کالیستیس هي الواجهة لساتورن. مثلما كانت تانيت 

هي الوجه» لبعل حمون. ولذلك عرفت عبادة کالیستیس الانتشار الواسع في 
إفريقيا الرومانیة؛ غير أن عبادتها كانت في [قلیم قرطاج وفي نومیدیا أوسع انتشارا مما 
في موریتانیا. وکما هو امحال بالنسبة لساتورن بقیت عبادة کالیستیس مطبوعة بطابع 
السامية» وليس هنالك من شي ء يح یجیز الاعتقاد بأن هذه الالهة تعود إلى أصول محلية. 
بل إن اسم «تانيت»» وهو ذو الما البربرية بسبب من اشتماله على علامة التأنيث 
الكل DES‏ و D NE‏ 
وأنه يدل حسب ج. دوسان G. Dossin‏ على معنی «الجديدة» و«العروس»؛ وهو 
الفسر للصفة العذرية التي أكدها تیرتولیانوس لكاليستيس Caelestis)‏ 1)1720 أو 


1- Tertullien, Apologeticus (23). 


262 


8. ضریح الخروب في الوقت الحاضر. 


أكدتها الكتابات النقوشية (Dea Magna Virgo Caelestis)‏ في البولاي Albulae‏ 
وهنالك إلهة أشد غموضاً؛ تلك هي الإلهة مورا ۵ 6 التي كانت تحظی 
في البولاي بعبادة يغلب عليها الطابع الرسمي» وكان لها فيه معبد. ولسنا نعرف على 
وجه اليقين هل تكون هي الإلهة نفسها التي نراها على النقيشة الشعرية في صلدا 
“Saldae‏ (جن «(Gens Maura | j ga‏ أم ينبغي أن نحملها على الإلهة ديانا أوغوستا 
المورية Diana Augusta Maurorum‏ في ثناراموزا Thanaramusa‏ (برواغية) . 
ويميل بعض المؤلفين إلى الخلط ببساطة بين الالهة مورا وکالیستیس» وقد ربا 
آمکن الجمع بينهماء لکن یجدر التنبیه إلى أن الصفة «مورا» لم تجعل قط ء في حدود 


*— الاسم القديم لمدينة بجاية . 


263 


اا و فى البولاي» هو الذي یو جد فيه معبد للإلهة مورا 
غير آن فیها توقیر í‏ للإلهة ماگنا فير كو کالیستیس .Dea Magna Virgo Caelestis‏ 

وهنالك تقريبات أخرى تبقى تمكنة؛ إذ تحضرنا المحيّرة فارسوتيناء التي قال عنها 
تيرتوليانوس! إنها إلهة مميزة للموريين» كما هي كاليستيس عند الأفري» وكأتاكارتيمس 
5 لدی السوريين. 


الملوك المؤلهون: الشواهد 
لقد شاع عند الناس أن قدامى البربر كانوا يضعون ملوكهم في مقام الآلهة. 
والواقع أن الشواهد كثيرة على أن الملوك الموريين كانوا موضع عبادة. ومعظم 
هذه الشواهد مصدرها المؤلفون المسيحيون. فهذا مينوسيوس فيليكس Minucius‏ 
×ا٥۴‏ قد کتب : اوأنتم تتصورون آنهم بعد موتهم بصیرون آلهة. .. وهکذا فیوبا قد 
ضار بارادة الورین ا . وكتب تیرتولیانوس SC‏ ۱302 
فلسوریا عشتروت Astarté‏ ولافريقیا کالیستیس ولموريتانيا ملو که ٠‏ ویبالغ 
انقدیس سیبریانوس في تأکیده علی أن الوریین کانوا بجهرون بعبادانهم للوکهم 
ولایخفونها. ويكرر لاكتانس Lactance‏ في مژلفه الأنظمة القدسة“ أن يوبا كان 
یعبد من الموريين» الذین کانوا یقومون لملوكهم بالتخلید . وفي JU‏ لا نجد وثيقة 
اوه مد ور قرب ا ساسا پا الیل 
ووو 
فهل تسعفنا الوثائق النقوشية من التفاصيل [بأكثر Le‏ تمدنا الوثائق الادبیة]؟ يمكن 
تصنيف هذه الوثاتق إلى مجموعتين : الکتابات النقوشية البونيقية من عهد ملوك 
الماسيليين» والکتابات النقوشية اللاتينية المتأخرة عنهم بزمن طويل. 
والأشهر بين وثائق المجموعة الأولى هو التكريس الذي جعل فى دقة على معبد 
ري 0 
وصف الملك المتوفى بالأمير .CHMMEKT)‏ 
وتجيئنا الكتابة النقوشية البونيقية الجديدة في شرشال Cherchel‏ والمكرسة 
المي وريد لقان لون كد see‏ المع EE‏ 
Tertullien Ad Nationes, (IL, 8).‏ -1 
Octavius (21, 9).‏ -2 


3- Apologeticus (24). 
4- Institutions divines (I, 15, 6). 


264 


89. سوت راکوب من a‏ آه qu‏ میمیسا 


الأحياء میسیبسا ملك الماسيليين». فالقائم بذلك التکریس» الذي سمی نفسه «آذن 
to‏ قدم Yez‏ والنصب المقابري وعدة العبادة. فتكون هذه الكتابة النقوشية 
دليلاً على عبادة مقابرية كانت تجعل للملوك النوميديين» لکن لیس فیها دلیل على أن 
هؤلاء كانوا في حياتهم يؤلّهون. 

وأما الكتابات النقوشية اللاتيئية فتوجه خاصة إلى بطلیموس» وهو آخر ملوك 
موريتانياء لكنها توجه كذلك إلى أحد أبناء ماسينيساء هو المسمى گولوسا Gulussa‏ 
ملك نوميديا (گادیوفالا Gadiaufala‏ : قصر صباحي)» كما توجّه إلى الملك هيمبسال 
(في توبرسيكو نوميداروم : خميسة). والواقع أن «عبادة» الملك هيمبسال في هذه 
المديئة تجد تفسيرها خاصة فى الحرص على التذكير بالأصول النوميدية لهذه المدينة 
التي تقدس كذلك الجن النو میتی .(genius gentis Numidiae)‏ وفي هذه العبادة 
الاستيعادية كذلك تفسير للتوقير الذي كان يحظى به گولوسا في الدينة المجاورة 
کادیوفالا. فوحده الشعور الوطني الشوفيني كان يبعث «النوميديين» في هاتين 
المدينتين على توقير الأمراء الذين لم يتركوا إلا ذكرى زهيدة ومتواضعة. 


265 


0 الدارسن» ضریح ملكي في نومیدیا. قطر القاعدة 59 مترا. 
وأما يوبا الثاني» agil‏ يقول الکتاب السیحیون انه كان إلهاً یعبده الوریون 
فان كتابة نقوشية واحدة اکتشفت في منطقة برج بوعريرج تفيدنا | سوا سقوية 
كانت تتعقد في هده المنطقة تحت حماية بعض الآلهة؛ كجوبيتر ويوباء» وجن المكان 
والالهة انگیروزه گليزيم urds .dii ingirozoglezim‏ بالضرورة أن يكون يوبا هذا 
ملك المؤلّه» بل تراني آمیل إلى رأي أنه إله (فريقي قد عرف باسمه يوبا الأول وابثه. 


الأسماء الثيوفورية عند البریر 

لا يمكننا أن نجزم où‏ الأسماء الليبية أكثرها من طبيعة ثيوفورية”. فمعظم 
اللوك وكذلك رعاياهم من العامة» كانوا یحملون في ما يبدو اسم له مجرداً 
لا یصحبه نعت أو بدل. وقد كان البربر یقتصرون من الاله» ولو كان فينيقياًء على 
اسمه الجرد. فنحن نری في کتابتین نقوشیتین ثنائيتي اللغة في دقة كيف أن الاسم 
البونيقي آبدیشمون Abdeschmun‏ (خدیم إشمون) قد صار في اللغة الليبية 
«سمن» SMN‏ (إشمون). فلذلك كانت الاسماء الثیوفورية البربرية لا تتمایز في 
شيء عن آسماء ال لهة نفسها. ومن قبیل ذلك أن الكتابة النقوشية النذرية الوجهة 
في هنشیر البلدة Henchir Belda‏ إلى مسکافا لیس الراد بها ذلك الابن الغامض 
من آبناء ماسينيساء الذي عرفنا باسمه سطر ورد عند تيت لیف» بل الراد بها الاله 


*- الثيوفوري الذي يحتوي على اسم إله. 
*— القصور حاليا. 


266 


الذي كان هذا الامیر تسمّی باسمه. والامر نفسه ینطبق على اله آخر» یدعی 
يمسال )= هیمبسال) یحظی بالتوقیر في تكلات 11116 في منطقة القبائل» خارج 
حدود مملكة هیمبسال الثاني 11 .Hiemsal‏ وهنالك dla,‏ قاطع على الاستعمال 
الذي كان لهذه الاسماء الثیوفورية من غير تمییز عن أسماء الآلهة» نجده في القابلة 
بين جملة لأميين مارسولين والكتابة النقوشية التي في ماجیفا على مقربة من تبسة 
والتي كذلك سبعة آلهت ؛ تھا dons‏ هو موجن قد صازت تحرف باسعه» كنا 
رأيناء أعلى القمم في هذه المنطقة . JU‏ أن آمیین مارسولين يذكر من بين الأمراء 
المازيس حلفاء فيرموس» أميراً يسمى سوجن". فيكون أحد الرؤساء الموريين من 
منطقة کاستیلوم تنجیتانوم Castellum Tingitanum‏ (أور ليانفيل سابقاً) قد حمل 
في القرن الرابع اسم إله بربري كان يعبد قرناً بل في ماجيفاء على بعد حوالي 
خمسمائة کلم إلى الشرق. 
ولم تكن الأسماء الثيوقورية مقصورة على الأشخاصض وحدهم؛ فرواية أميين ميين 

مارسولين نفسها تعرّفنا على قوم كان یعرف باسم يوباليني Zjubaleni‏ » وكان 
يستوطن المنطقة الجبلية البیبان» على مقربة من برج بوعريرج. والحال أنه قد تم 
العثور في نواحي هذه المنطقة على الكتابة النقوشية الوارد فيها ذكر الإله يوبا. فيجوز 


1 . قبر السيحية. ضريح ملكي في موريتانيا. قطر القاعدة 62 متراً. 


1- Ammien Marcellin (XXIV, 5, 21). 
2- Ammien Marcellin (XXXIX, 5, 44). 


267 


لنا الاعتقاد أن اللك يوبا كان يحمل اسماً ثيوفورياًء على غرار مسکافا وهیمبسال 
وسیفاقس. لکن يوبا ترك لنا ذکری راسخة. لیس بين ذرية رعایاه» بل ترك لنا تلك 
الذکری بين المثقفين» ویغلب علي الظن أن الکتاب السیحیین الافریقیین کانوا 
یعرفون بوجود إله محلي» هو يوباء ویعرفون أن اللوك القدامی کانوا موضوعاً 
لعبادة مقابرية» فخلطوا بين هذا الاله والملك الذين کانوا لا یزال بإمكانهم أن يقرأوا 
أعماله. ذلك بأنني لا أميل إلى الاعتقاد بأن البربر ظلوا يحفظون ذكرى ملك يبتعد 
بطبعه المسالم والنشيط عن صورة ملك من سادة الحرب» ويخلصون له ويستمرون 
على عبادته بعد وفاته بثلاثة قرون أو أربعة. 

وأما في ما يتعلق بالعبادة المقابرية التي كانت تقام للملوك المحليين» فليس من 
شك في أنها قد كان لها وجود عند النوميديين الماسيليين (ضريح ماسينيسا ومعبده 
في دقة» وضريح الخروب. والمدراسن» والكتابة النقوشية المكرسة لميسيبسا)؛ كما كان 
لها وجود عند الماسيسيليين وعند الملوك الموريين (جثوة بني رنان» وقبر المسيحية). 


2. معبد سیمیثو (شمتو. تونس). معبد نوميدي من المحتمل 
أنه يعود إلى زمن يوبا الأول. إعادة تكوين لف. راكوب. 


268 


قرابین وشواهد للآلهة 

تعرفنا الکتابات النقوشية» أكثر ما تعرفنا النتصوص التي وضعت في الدفاع عن 
السيحية وان بصورة جزئية ومحدودة على الحياة الدينية لقدامی الا فریقیین. 

ولئن كانت الصیغ المسكوكة في التکریسات تعجز أن تحیطنا بالجانب الاساسي 
في الحياة الدينية؛ توید se‏ اراد ؛ والطبيعة الحقة للعلاقات بين المؤمن والهه فان 
ضعف الوثائق لا ينبغي أن یقعدنا عن البحث والتفکیر. 

ولم يكن كل شأن تلك الآلهة التي ظل [قدامى الإفريقيين] يقبلون عليها بحمية 
ويقدمون لها القرابين» ويقيمون لها الهياكل والمعابد» أنها مجرد جن» وان لم تحز 
الشهرة الواسعة. فمن هذه الآلهة» مثل باکاکس» التي et‏ دغل اض 
الرسمي من لدن القضاة البلديين خلال مواسم للحج سنوية حقيقية. وهذا JYI‏ 
باليدير قد أقيمت له في سيقوس* تماثيل في وسط الميدان. 

ونحن لا نحيط معرفة بالقرابين التي كانت AS‏ م إلى هذه الآلهة» غير أننا نحسب 
أنها لم تكن لتختلف كثيراً عن القرابين المقدمة إلى الآلهة البونيقية والرومانية. وقد 
كان الكبش» الذي يكثر ظهوره في المسلات المكرسة لساتورنء هو أكثر الحيوانات 
القربانية شیوعا ولا يعدم دلالة أن يكون هو الحيوان المرسوم في منظر القربان 
الوحید البین في تكريس قد جعل لبعض الالهة الافريقية؛ نرید النقيشة التي في 
باجة. کما لایبعد OÙ‏ تکون القرابین القدمة إلى الالهة تشتمل على رسوم للبقریات 
والحمام» والأطعمة المهيأة» والحلويات» وأكاليل الزهور» وسعف النخیل. 

ولم يكن کل شأن هذه الالهة آنها تستجیب إلى الادعية الوجهة إليهاء والتي 
يتم التأکید علیها بقرابین الامتنان بل ربا اتفق لها أن ظهرت لاتباعها على حين 
غرة؛ سواء آکان في رؤياء أو في حدث غير متوقع . وبهذا العنی ينبغي أن نأخذ 
كلمة «النذر» في بلاد تشيع فيها الأوهام الخادعة» ویسمع فيها على الدوام صخب 
in‏ الجن والأرواح. فالتجلیات التي كانت تقع من بعض الالهة كانت on‏ 
إلى بناء معبد الالهة الذي في ماجيفاء وکانت کذلك من وراء الرسم الذي جعل 
لهرقل إرسيتي Hercule Irsiti‏ والسبب إلى التکریس الذي جعل للالهة الورية 
في تبسة. ولقد بقیت مثل هذه التجلیات اللحوحة حکراً على الجنون وغیرهم من 
الجن التقلیدیین الذین لا یعدمون نشاط وهم الذین لا یزالون یتمتعون في القری 
والبوادي الغاربية بمكانة کبیرة» خاصة في العتقدات النسائية. 


*- اعا5» تقع على بعد 40 کلم جنوب شرقي قسطنطينة. 


269 


المحابد وتمثيل الالهة 

كان قدامى البربر لا یستنکفون أن يقيموا لآلهتهم الهياكل» وقد يشيدون لها 
المعابد أحياناً. وبعض هذه المعابد تعتبر صروحاً حقيقية؛ كالمعبد النوميدي الكبير 
في شمتوء وقد أقيم على الطراز البونيقي الهلينستي» وكمعبد الإلهة مورا في 
البولاي» والذي أعيد بناؤه في سنة ۰299 وكالمعبد الذي أقامته حامية جولا (بو نجيم) 
لمارس Mars‏ كانابفاري في سنة 225. وأما بعضها فأغلب الظن أنها لم تكن تزيد 
عن مصليات متواضعة؛ LAS‏ الذي أقامه ك. بوليتيكوس Q. Politicus‏ لآلهة 
ماجيفا؛ فلم تكلف إقامة هذا النصب وصنع تمائيل الالهة الخمسة غير ثمانية آلاف 
سيسترس. وأغلب الظن كذلك أن «المعبد» الذي أقيم لبلوتو” ثاريكالا في طبرقة 
من لدن شخص لم يكن يزيد عن كهنوتي sacerdos‏ غير ذي وظيفة بلدية» لم يكن 
بالصرح العظيم. وربا كان يفوق هذه Llall‏ حجماً معبد الآلهة المورية الذي أعاد 
جابي exactor‏ منطقة مصقلة بناءه وترميم أطلاله على نفقته. 

والعبد الذي قام سالوستیوس ساتورلینوسن Sallustius Saturninus‏ على 
زخرفته في ساتافیس 581265 هو معبد قد کرّس للالهة الورية وللجني الراعي 
للبلدية معاً. وفي المدينة نفسها أقام ک. !قلیوس نوقيلوس C. Ivlius Novellus‏ 
معبداً لنومين المورية وقام على تبييضه. وهذه مارسة ما زالت جارية في بلاد البربر 
فقد يأتون أحيانا على الأماكن القدسة والصخور وجذوع الزياتين المجوفة بطلاء 
من dt‏ 

ورسوم هذه الآلهة الصغيرة المحلية أو الإقليمية قليلة ونادرة؛ فنحن نعلم أنه 
قد كان لباليدير فى سيقوس تاثيل عديدة من البرونز کلف أحدها بقاعدته أربعة 
الأ ۲ وزسمت آلهة ماجيفا الخمسة في اعد الصغير الذي كُرس له 
وفي باجة رسمت الآلهة السبعة المكونة لمجمع الالهة الإقليمي على نقيشة تعتبر 
أهم عمل فني du‏ لنا عن الآلهة المحلية في إفريقيا الرومانية. ولذ كانت تقاسيم 
وجوه هذه الالهة تبدو جمیعاً غير واضحت فان في الامکان as‏ ملامح 
كل واحد منها. فماکورتوم يحمل مصباحا؛ وهو مثل نظیره إيونام له فارس» فقد 
جعل آمام کل واحد منهما حصان. ولقد أسلفنا الاشارة إلى آنهما ربا اختلطا على 


*- کتب : بلوتون -Ploton‏ 


270 


الناظر بكاستوريس موري اللذين في موستي. ویری ماکورکوم جالساً يسك في 
یناه volumen LES‏ وفى يسراه عصا قد التفت عليها حية. ولا ندري هل يحض 
الصدفة أم عن عمد جعلت إلى جانب هذا الإله الطبيب [الالهة] فیهینام Vihinam‏ 
وقد تغطت بغفارة من قشور وريش» وامسکت في يديها ملقاطاء وجلس عند رجليها 


3. نقيشة وتكريس للآلهة السبعة في باجة (تونس). 


طفل» با يظهر بوضوح آنها ربة تشرف على التوليد. ويبدو بونشور وهو الشخصية 
نتوسطة لهذه الآلهةء كأنه السید على هذا الجمع ؛ فقد آمسك في يده sit se‏ 
هراوة. ويرتدي فارسیسیما مثل الغفارة التي على فيهينام» غير أنه لايحمل شيئاً مائزاً 
بينما يقف ماتيلام يشرف على قربان الكبش» وقد أمسك في يده اليسرى مبخرة 
ويقدم اليمنى فوق هيكل. وقد رسمت هذه الآلهة وسط الطبيعة» ولم ترسم داخل 
معبد؛ فلا يفصلها غير ستار جعل خلفها عن روضة نستبین فيها أشجار النخيل مثقلة 
بالعراجين وأشجاراً أخرى قد انحنت فروعها من ثقل الثمار. وترى رماح قد وضعت 
على ذلك الستار؛ فهي تقوم إطاراً لكل واحد من تلك الآلهة. وعلى الرغم من بعض 
أوجه الارتباك الظاهرة في إنجاز هذه التماثيل» خاصة ما تعلق بعدم التناسب في 


271 


الطول بين ماکورتوم* وایونام ودابتیهما الرکوبتین الصغیرتین الضحکتین. فان 
هه اه تفر امامت فقد اعتني كثيراً بتكوينهاء وعلی الرغم من أن 
الالهة السبعة قد جعلت جمیعاً في وضعة مقابلة فان الواضیع السبعة قد عوجت 
من الهارة Le‏ يكفي لتخلیص تلك الوضعات من الرتابة واحفاف. كما ورسم الستار 
بمرونة كبيرة تبرز في التموجات التي توفق الفنان في الا تیان بهاء لإظهار التبدلات في 
الرسوم التي على النسج. 

لقد جاء هذا العمل الفني تغلب عليه التقاليد الهلينستية» فكانت النتيجة بعيدة 
بشكل لائح عن الصورة التي كانت لإفريقبي باجة عن آلهتهم. 

وليست رسومات الالهة الافريقية dea Africa‏ استثناء» لولا أن ظهور هذه 
اا يعود إلى آواعر اميد ادير بيار آن لها مى هله ن بسک 
الليبيين» وإن يكن يوبا الأول ويوبا الثاني قد جاءا برسمها على نقودهما. 

وهنالك إله آخر مجهول الاسم لسوء احظ نراه مصوراً على مسلة ببناصة 
في موريتانيا الطنجية. ولكن لاسبيل إلى الخلط بين هذا الإله ذي القرنين المستقيمين 
وآمونء كما وأن في التشبيه الذي جُعل له بالإله الثور گورزیل مجازفة كبيرة. وهذا 
هو في ما يبدو الرسم الوحيد لاله إفريقي في هذه المقاطعة» التي لم تجعل من تكريس 
لهذه الآلهة ولا للآلهة المورية. 

ورسم الإفريقيون من العهد الروماني كذلك آلهتهم على جوانب الصخور 
وذلك اتباعاً لتقليد قدي يعود إلى عهود ما قبل التاريخ. وقد أرفق OLSI‏ من هذه 
الرسوم بتكريس : هرقل إرسيتي في عين رقادة» وإيرو في قشقاش. 

ولا نعرف على وجه التحديد إلى أي عصر نرجع رسوماً أخرى أقل big‏ 
في أسلوب إفريقي واضح» لاله فارس نعرف له ستة نماذج في منطقة القبائل الكبرى. 
وأجمل تلك الرسوم هي التي على مسلة أبيزار tAbizar‏ فهي تصور شخصاً ملتحيا 
وعارياً في ما يبدو» قد ركب حصاناً من غير سرج وحمل في عنقه نوطاً غريباً من 
فصين . والشخص مرسوم كجري العادة من قبل» ولحيته الطويلة المدببة تتدلی على 
صدره» والوجه في رسم مبسط وخلو من فمء واليد الیسری تشهر ثلاث حراب 
ودرعاً دائرية صغيرة واسعة القمة umbo‏ أقرب شبهاً إلى الدروع التي تزين السلات 
الليبية في منطقة برج القصر والمسلات البونيقية في وليلي. وهسك هذا الشخص 


* - جاء في الأصل الفرنسي : .Macultum‏ وهو خطأ مطبعي لم يتنبه إليه سس. شاكر أيضاً !! 


272 


4. مسلة آبیزار (منطقة القبائل الجزائر). 


في يده اليسرى بشيء ء كروي الشكلء ربا كان شعار الحكم. والحيز الأيسر تملوه 
كتابة ذات حروف ليبية. ويرى شخص متناهي «ral‏ أغلب الظن أن يكون جنياً 
من درجة ة أدنى أو خادماًء قد استند إلى جانب الفارس بين ذراعه اليمنى وكفل الدابة 
الرّكوبة . وتری حبارة أو نعامة في حجم مصغر قد رسمت تحت رس احصان الذي 
يتقدمه كلب . والرسوم التي على هذه المسلة جميعها في نقيشات خفيفة مسطحة 
جریا على تقنية الحفر التي كانت لها حظوة وإيثار لدى الفنانين البربر. 

وعلى الرغم من الصعوبة الكبيرة التي نجدها في تحديد عمر المسلات القبائلية 
كشأن أغلب الكتابات النقوشية الليبية» فإننا نعتقد أنها تعود إلى ما قبل العهد 
الروماني. ذلك بأن الأسلحة فيها تبدو مختلفة عن الأسلحة التي كانت في عهود 


273 


الامبراطورية» وتشابه الاسلحة التى كانت بأيدي الموريين والنومیدیین فى القرون 
الأخيرة قبل بداية العهد الميلادي. ١ ٠‏ 

وتطالعنا على المسلات الكبيرة التي في منطقة سيلا جنوب قسطنطينة شخصيات 
يبدو أنها من الا لهة. فعلی مسلة برج والقضر یری شخص عار من جانبه الاین» وفوق 
رأسه درع شبيهة بدرع آبیزار» لولا آنها عند هذا الشخص ریا اختلطت على الناظر 
برسم للشمس! ویتقدم هذا الشخص حیوانان بقریان من حجم صغیر جداً» LG‏ 
یحمیهما بيده الیسری» فیما اليد الیمنی مرفوعة LS‏ مسك بشيء كروي. والجانب 
الأيسر من المسلة تملؤه كتابة ليبية . وفي الوقع نفسه مسلتان آخریان علیهما التصاویر 
نفسها في نقيشات مسطحة أيضاًء وأما نص الكتابات فمختلف عن الأولى. 

وفي المنطقة نفسهاء وهي شديدة الغنى بالأنصاب النوميدية» يقوم على الضفة 
الیمنی من وادي الخنقة» في الموقع المسمى بوشين «Bouchène‏ نصب قد نحت من 
الحجر الجيري الصدفي» بطول يزيد عن آربعة آمتار. وعلی واجهته الرئيسية نحت 
لشخص يزيد عن الطول الطبيعي (2,14 متر)؛ وقد لبس قميصاً يصل حتی رکبتیه 
وأمسك بيده ee‏ مقف ونه الیسری بإزاء صدره فكأنها مسكة سیف 
كمثل ما يظهر في صورة أوضح على مسلة أخرى كبيرة مهشمة قد اکتشفت على 
بعد حوالي خمسمائة متر من الأولى. وعلى جانبي هذا الشخص خطان عموديان 
من كتابة ليبية. والقسم العلوي من السلة جعل عليه رسم غريب US‏ هو جبهية 
قد أسندت إلى بعض جذوع الأشجار غير المقصّبة مصورة من قبل وعثلة بدواثر 
متماسة. وان في هذه الجزئية المعمارية الاستثنائية في فن النوميديين وفي الطول 
الفرط في الشخص كذلك. ما يجيز لنا الاعتقاد OÙ‏ هذا الرسم كان لاله أو على 
الأقل لأمير معدود في الأبطال. 

ويمكن أن ننوه من العهد البيزنطي كذلك إلى الإله كورزيلء الذي كان حسبما 
يفيدنا كوريبوس. يُعبد من لاكواتان في طرابلس الغرب . إنه إله مولود من آمون 
ومن بقرة» وقد كان یرمز إليه بثور» وكان لاکواتان يجعلونه في صور يتخذونها من 
الخشب والمعادن. 

ولسنا نزعم أننا أقد أحطنا ههنا بكل الرسوم التي كانت تجمل للآلهة المحلية في 
العهد الروماني أو أننا تأدينا إلى كل النصوص المتعلقة بالممارسات الدينية للإفريقيين 
فلا يمكننا إلا أن نقر بضعف ما اجتمع لدينا من وثائق وبقلة ما وقفنا عليه من أنصاب . 


274 


والحقيقة أن معظم الآلهة الافريقية کانت» کمثل ما هم ابنون في العصر اخضر. في 
غنی عن التمائیل» وعن العابد» وعن القسیسین والکهنة. 


الديانة المقابرية» زخرفة الحوانیت 


لقد عرف قدامی البربر دیائة مقابرية حقيقية یطلعنا علیها العدد الکبیر من 
الانصاب ذات التنسیق الحکم العدة لعبادة الأموات» وتعرفنا علیها زخارف بعض 


5 نصب عظيم في عين الخنقة (الجزائر). 
الارتفاع الأصلي لهذه المسلة الحجرية من 
العصر الحجري الحديث كان يصل إلى 


3 أمتار. 


القبور والائاث التى اشتملت عليها 
الدافن. | 

وأقدم هذه الدافن هي تلك 
النواویس الصغيرة المكعبة المحفورة 
في جوانب الأجراف أو على الصخور 
المنعزلة» وتعرف بالاسم العربي «حانوت» 
(جمعه احوانيت»» انظر الفصل الثاني). 
وتبين الرسوم التي تزين جدران هذه 
النواويس المتركزة في شمال تونس» عن 
شبه كبير مع الرسوم المزينة لبعض القبور 
البونيقية ذات البثر» حتى ليتعذر التميز 
بينها. ومعظمها رسوم مغراء قد اشتملت 
أشكال هندسية بسيطة» وحيوانات ذات 
طابع وقائي من الأمراض. وهنالك علامة 
للولهة تانيت محفورة على مدخل حانوت 
في جبل الزیت» وفي المقبرة نفسها وحشان 
منحوتان على جانبيَ مدخل لناووس 
وهي 55 AS‏ مجتمعة SH‏ البونيقي للسیاق 
الثقافي والديني. ولکن الزخارف التي 
في الحوانيت ليست كلها بذات الاصل 
الفينيقي أو المتصل رأساً بالأصل الفينيقي 
[لهذه المدافن]. 


275 


وتطالعنا على قبرین في جبل الزیت منحوتات لثیران على الجدار الداخلي. 
ولهذا التزیین قيمة دينية» كما یدلنا علیها شکل القرنین في آحد تلك الثیران؛ فقد جاء 
على هيأة كوة للتعبد جعلت في الجدار الداخلي» على غرار ما نری في النواویس 
الأخری. l ١‏ 1 

والرسم الجداري الشهیر في كاف البليدة منطبع هو الآخر بهذا الجو التوسطي 
غير الفينيقي؛ فنحن نری فيه الشخصية الرئيسية ترفع فأساً مجنحة وتقي نفسها 
بواسطة درع دائرية علیها زخرفة في شکل حرف ۰۷ وهو نط يعود إلى ما قبل القرن 
السادس» وینتشر من جزيرة کریت Crète‏ حتی جنوب إسبانيا. 


6. جدارية في ناووس (حانوت) من كاف البليدة (تونس). 


إن العنی القابري والديني لهذا الزخرف على قدر کبیر من البیان. فمن 
الواضح أن رسم السفينة والسلم الذي یتیح للروح الوصول إليها يرمز للسفر إلى 
العالم الاخروي. والاشخاص الثمانية السلحون الوجودون على ظهر السفينة هم 
الجن الحماة الذین سیرافقون الروح وسیقومون لها بالحماية في تلك الرحلة. وأما 
الشخص اللتحي والسلح بفأس مجنحة فیمکن اعتباره إلهاً أعلى؛ كأن یکون بعل 


276 


حمونء الذي سيغدو في وقت لاحق هو ساتورن الإفريقي. وأمامه يطير أو یسقط 
شخص غامض. يكن أن نحمله على جني شرير يتعرض للطرد أو للضرب من الإله 
صاحب السيف الجنح» وقد يكون في ذلك تفسير لتلك الحركة التوعدية وتفسير 
تلك العدة الحربية. 

والحوانيت آنواع من الدافن آدخلت إلى شمال إفريقيا قبل العصر الحديدي 
واستمر تداولها آثناء العهد البونيقي ثم الروماني. بل إن بعض آشکالها الأكثر تعقيداً 
قد عادت تلقی الرواج الکبیر لدی الیهود والسیحیین في هذه النطقة خلال القرون 
لأخيرة من عمر الامبراطورية. 


A 7‏ تهون (تونس), 


البازینات والجثوات ذات ا لصلیات 

هنالك آنصاب آخری آکثر تمییزا لقدامی البربر» من قبیل البازینات التي كثيراً 
م تلحق بها أبنية مخصصة للعبادة القابرية. وأكثر هذه الأبنية بساطة هي «هیاکل» 
د ثرية بارتفاع ما بين 0,8 متر و1 مترء قد جعلت قبالة البازینة» من جهة الشرق 
بعذاد متغيرة. 

والوضعة نفسها نری علیها تدعيماً في حرم البازینة؛ فهو یشکل كوة تتخذ 
نسعبادة. وقد تشتمل البازينة أحياناً على مقدمتین على هيأة ساریتین مستطیلتین 
ومتباعدتین» أو تشتمل على مقدمة ely‏ ذات أربع زوایا متوازية الاضلاع e‏ فتشکل 


277 


نطاقاً لا يتصل مع الدفن؛ ويقع في وسط النصب. وقد اکتشفت في بعض هذه 
النطاقات بقايا قرابين. وتكثر هذه الأنصاب ذات السواري أو القدمات في المناطق 
الصحراوية. وقد تكون تلك المقدمات ملتصقة بأنصاب ذات هيأة مربعة (كما 
في الطاوزء في تافیلالت)؛ ويكفي حينها أن تخضع تلك المقدمة AE ch‏ 
à‏ إلى داخل ذلك التطاق ليتجول.يها إلى ختعرة ية واذا غطیت هذه 
الحجرة ة اندمجت كلياً في النصب وصارت مصلى» ويمكن أن تعتبر كذلك تعميقاً أو 
توسعة لكوة التعبد. 

ونجد الجئوات ذات المصليات في شمال موريتانياء وفي الساقية احمراء وفي 
تافيلالت» وفي جنوب وهران (منطقة بشار)» ونجدها كذلك في أقصى الشرق في 
السهل الأوراسي. ونلاقي مثيلة لهذه الأنصاب في منطقة جلفة» بما يؤكد اقترانها 
بالمجموعة الغربية. 


8. مسلة مرسومة من جرف التربة. 


ولقد كشفت LI‏ هذه الجثواث عن آثار لعبادة مقابرية تبدو على أهمية كبيرة. 
والمصليات في موريتانيا وفي الصحراء الغربية لا تزيد عن حجرات بسيطة مستطيلة 
وكذلك هو الشأن في الأنصاب التي في جرف التربة (على مقربة من بشار). لكن 
معظم هذه المعابد قد جعلت على تصاميم معقدة؛ فأنت تجدها في منطقة نقرين 
على هيأة مصلى نفلي ذي آعمدة. أو على هيأة قاعة مستطيلة قد زيدت إليها كوة. 
والمصليات في الطاوز» بتافيلالت» كما في البوية ۳02 مقسمة إلى زوايا عديدة 
تتسع لتمدد الانسان فيها أو قعوده. ولا يخلو الأثاث الذي عثر عليه في هذه 


278 


الصلیات من دلالة؛ ففي الغيطي (موریتانیا) تجد مائة لويحة من الحجر الجيري قد 
زینت بأشكال هندسية وصور لحيوانات مرسومة باللون الأمغر أو بالفحم. وتجد في 
جرف التربة لوحات کبيرة قد جعلت في رسم مبهر وأسندت إلى الحوائط الزينة 
کذلك بز خارف مغراء» وبعضها محفور . 

والشاهد في هذه اللویحات متنوعة؛ فهي تشتمل على صفوف من الأشخاص 
في أفخم لباس قد صوروا من قبل» وتری فیها آمهار تهاجمها ثمرة» وظباء» وخیول 
متواجهة ومشاهد احتلاب. Julie‏ هی الاکثر clous‏ قد رسمت ببراعة» وجعلت 
ذیولها في دقة متناهية. فكأنها جناح طاثر؛ فهي تدل على وحدة في الأسلوب؛ فکانها 
من إنجاز رسام واحد. وتکثر كذلك الظباء والخيول (فيما یغیب أي رسم للجمل) 
على لویحات المغيطي» Lis‏ الصلیات التي في فج الكوشةء وفي وادي جرش 
(منطقة نقرین) فان جدرانها ذات الطلاء الامغر علیها نقوش AG‏ تقتصر الرسوم 
فیها على خيول» مركوبة وغیر مركوبة. ونجد في الأخير الکتابات النقوشية التي في 
جرف التربة» كما الكتابات النقوشية التي في فج الكوشة ذات الحروف الليبية» تؤكد 
الحداثة النسبية لهذه المدافن. ونقع في هذه المصليات على أرمدة وآثار مواقد» ونقع 
في بعضها على عظام حيوانات» وعلى حوض (في البوية) مخصص للقرابين أو 
لإراقة الخمورء وهي تدلنا كذلك على أهمية هذه المصليات في الطقوس المقابرية. 
وكثيرة هي الادلة التي تجیز لنا الاعتقاد بأن هذه Lee‏ كانت على صلة 
مباشرة عمارسة حضانة التي وصفها هيرودوت عند الناسامونيين» والتي لا نزال 
نری لها وجوداً عند الطوارق. بل يمكن أن نفسر وجود اللویحات والبلاطات الزينة 
في آنها آلوان من النذور كان يأتي بها الترددون على هذه الصلیات. 


الفخاریات المقابرية المزوقة في قسطل وتيديس 

وأما ابحشوات البسيطة والبازینات الخالية من أي تهيئة فهي أكثر عدداً بکثیر من 
الانصاب ذات الصلیات. وعثل تلك الجثوات مع هذه الأنصاب القابر الاکثر تمييزاً 
لأوائل البربر. وقد كان لقبرتین کبیرتین» تعود کلاهما إلى منتصف القرن الثالث 
قبل الميلاد» إسهام في زيادة معرفتنا بهژلاء البربر القدامی» الذين کانوا قد بدأوا 
يكتسبون البادی الأولية حضارة مدينية. فقد كانت قسطل فى جبل الدير شمال 
تبسة مدينة محصنة تعود إلى أحد فروع قبيلة الزالة الكبيرة. ولم يكن هؤلاء المزالمة 
بالرحل؛ فما كانت خزفياتهم ذات القيعان السطحة والأشبه أشكالاً بالخزفيات التي 


279 


نلاقیها لدی الفلاحین في الوقت الحاضرهء بالآنية التي تستعمل في الخيام؛ بل إن 
بعض فخارياتهم المشكلة بالأيدي تبدو نسخاً من الآنية الصنوعة باستعمال الدولاب 
الدوار ذات الأصول البونيقية أو الإغرقية. وتتمثل أهمية بعض هذه الصحون وهذه 
الآنية البيضية في أنها تشتمل على رسو م» بل إن بعضها قد جاء يحمل زخارف ملونة 
يجتمع فيها الأحمر والأسود. وهي زخارف شديدة البساطة» تغلب عليها المقوسات 
والخطوط النقطت والاشرطة. والإكليليات. والعناصر الوحيدة المصورة فيها هی 
النخیل» كما نری على واحد من هذه الاطباق خیالات طیور. | 

وتفوق هذه الآنية إثارة للاهتمام تلك الآنية المزوقة في تیدیس» والتي عثر 

عليها داخل بازينة أمكن رد تاریخها إلى سنة 250 ± 110 ى. م. . فقد حمل أحد 
هذه الآنية ثلاثة أحرف ليبية مرسومة على الجانب المحنى » والأخرى زخرفت في 
أسلوب هندسی مثلثى» مطابق للأسلوب الذي لا نزال نراه على الفخاريات المسماة 
قبائلية» وهو في الواقع أسلوب jar‏ لجماع فن الزخرفة البربري. إنه زخرف شديد 
الصرامة تغلب عليه المثلئاث ذات الترابيع أو متنوعة الزخارف» لكنه ليس بخال US‏ 
من الرسوم؛ فهو قد اشتمل منها على نباتات» وطيورء وتمثيلات لآدميين» وتصوير 
لقرص الشمس. ولكن على الرغم من النمنمة الطاغية على الزخرف الذي يزين 
آنية تیدیس» فان لها دلالات على قدر كبير من الوضوح. فمعظم هذه الآنية تتمثل 
فیها الرغبة الواضحة في تشخيص مختلف مكونات الطبيعة. ففي الفراغات التي 
JS‏ الات رى القن مرشومه pile‏ طيورا تعفر cine‏ 
لخاوك وبانات على دين اليه زعي طلم من الأرض. وللمثلئات» أو على 
الأقل تلك التي ترى على هذه الآنية» دلالة خاصة؛ فهي ترمز إلى الجبال؛ أي أنها 
ترمز إلى الأرض. وتقوم قاعدة هذه المثلثاث فوق شريط من الشاريات» أو المعينات 
ا لممدة» يكن أن نستبين فيها عنصراً آخر؛ إنه الماء الجاري. فتكون فخاريات تیدیس 
بأقل الوسائل والامکانیات وبتكوينها الصارم» توحي بعناصر الطبيعة الأربعة : الماء 
والتراب» والنارء والهواء وما ینتسب إلى هذه العناصر تما يدخل في عالم الحيوان 
وعالم النبات. والحال أن هذه الشخصات لا تنحصر قيمتها في الجانب التصويري 
بل إن لهذه الآنية وظيفة مقابرية» ولا يمكن فصل زخرفتها عن هذه الوظيفة. فهل كان 
الراد منها أن JRE‏ للميت في قبره صورة للعالم؟ 

وتسمح كثرة تمثيل الطیور» وهي رموز للتنقل السهل اليسير وللحرية بالاوتيان 
بافتراضات أخرى. آلیست تدل على رسم روح الیت؟ عدا أننا نرى الميت في رسم 


280 


واضح على أحد الآنية وهو يلوّح بسعفات ونری فخارية آخری تحمل اسم الشخص 
الذي جعلت له داخل القبر قد رُس علیها بحروف ليبية. 

وكانت الآنية الكبيرة» وهي الأكثر زخارف» تحتوي كل واحدة منها على فخارية 
نذرية صغيرة» وعلى عظام صغيرة» قد اجتمعت فيها أصابع من اليدين» والرجلين 
والسلامی والأبواع » وأصابع راحة اليدء وفقرات من العنق» واحتوى بعضها على 
قطع من جذر الجمجمة وأسنان» واشتمل واحد منها على فك سفلي كامل. والمفسر 
لوجود هذه العظام في الظروف التي تم فيها نقل بقايا الرفات العارية من اللحم إلى 
القبر الأخير» الذي هو كهف البازينة. وقد كان نوميديو تيديس إذا جمعوا العظام 
الصغيرة والبقايا في الآنية» يأتون على فوهاتها بجماجم بینما يجمعون العظام 
الطويلة في قاع الكهف . ويحمل التنسيق الذي توجد عليه العظام والائية والجماجم 
على الاعتقاد بأن عملية النقل تكون في صورة جماعية أثناء احتفالات ربما كان يرمز 
إليها بحلقة الراقصات التي نراها في رسم مبسط على أحد هذه الآنية. 

إن هذه الأمثلة القليلة المستقاة من زخارف بعض الحوانيت» ومن النذور التى 
توضع في الجثوات ذات المصليات» ومن الآنية المزوقة في بعض البازینات» تبين لنا 
عن تعقد الديانة المقابرية لدى قدامى الإفريقيين . فقد عرف هؤلاء حيثما وجدوا على 
الدوام وسواء منهم اللیپون الفیقیون فى جال تونن خلال المد HN‏ 
أو النومیدیون فى تیدیس العاصرون لاسينيساء أو الجيتول فى مناطق السهوب 
في ظل الامبراطورية الرومانية» Eole‏ مقابرية اضطرتهم إلى إقامة الأنصاب» وهي 
كل ما خلفوا لنا من آثار. وإن التوقير الذي كانت pol‏ به في القبور الثانوية Boot‏ 
جزيئة من رفات التوفی» ذلك الغائب دائم احضور قد كان یهیی الإفريقيين منذ 
زمن طويل لتقديس الرفات» وهو التقديس الذي عرف الانتشار الواسع في العهد 
السيحي. 

لکن هذه العطیات تدفع مجتمعة إلى الاعتقاد بأن قدامی البربر کانوا من وراء 
حفظهم لتلك البقایا الجسمانية» الهشة العطوبة. ومن وراء حرصهم على مد الجسم 
بالزاد الادي والسحري الضروري لبقائه» إنما کانوا یژمنون OÙ‏ جزءا روحانیا؛ ولیکن 
الروح أو نفث الحياة یستقل سفينة رمزية أو ینطلق کالطاثر في السماء. أو يمتطي 
فرساً مرق به في السهلء لیلتحق بالالهة في العالم الاخر. 


281 


تعارضات السیحیه الا قریقیه 


لقد أمكن بمجيء السيحية لبعض الیول في الروح البربرية أن تترسخ بأشد قوة 
ما كانت تتيح لها العتقدات الموروثة عن الأسلاف؛ فهي معتقدات لم تكن تخلصت 
بعد كلياً من الممارسات السحرية الأصلية. كما وأن عقيدة التوحيد الکامنة» والتي 
كانت قد بدأت تسفر عنها حينها القدرة الكلية للإله ساتورن الإفريقى قد ساعدت من 
دون أي شك على انتشار الدین الجديد. i‏ 


نقديس الشهداء 

لكن الحاجة كانت ماسة إلى وسطاء يقومون بين الإله القادر على كل شيء 
ومخلوقاته الضعيفة» ولاسيما أن طبيعة المسيح لم تكن قد اتضحت JR‏ جلاء 
خلال القرون الأولى من ظهور الكنيسة. وقد عمر الإفريقيون عالهم كما الغالبية 
العظمى من الأقوام في العصور القدية» بحشد من الجنء أو الآلهة الثانوية» لم تفلح 
العقدية التوحيدية في القضاء عليها سريعاً. فالعادات الذهنية لاتفلح في جبّها مثل 
تلك الثورات. وبدلاً من أن تنكر الكنيسة وجود أولئك الجن وتلك الآلهة» قامت 
بتحويلهم إلى شياطين وكيانات شريرة. ثم لمحاربتهم وتأمين العلاقة الضرورية مع 
اله في انتظار مجيء الروح القدس» ظهر تقديس القدیسین أو بالأصح تقديس 
الشهداء؛ إذ لم يكن ييز في البداية بين الاثنين. 


9. آنية مزوقة من جثواث قسطل (منطقة تبسة الجزائر). 


283 


كانت الكنيسة الافريقية زاخرة بالشهداء. وأقدم من نعرف منهم الشهداء 
السکیلیون scillitains‏ الذين آعدمو اسنة 180« تحت حکم كو مودوس „Commode‏ 
وهم ینحدرون من مدينة صغيرة من إقليم قرطاج» تسمی سكيلي eScilli‏ أو سکیلیوم 
eScillium‏ لا نعرف لها موقعا" . وقد کانوا اثني عشر؛ بينهم خمس نساء» اقتیدوا إلى 
قرطاج وفطعت رژوسهم . ویبدو أن ذلك العصر عرف شهداء آخرین ینحدرون من 
مداوروش, فقد عرفنا القدیس آغسطینوس بأسمائهم الافريقية والبونيقية. وان في 
الحمية التي تميز البربر والعناد الشتهر به هذا القوم عندما یتعلق الأمر بعظائم الأمور 
| یفسر کثرة شهداء الكنيسة الإفريقية» وفیهما تفسیر کذلك للشدة التی كانت من 
الولاة الرومان؛ الحريصين على حفظ النظام في القاطعات العروفة بکثرة التمردات. 
وتعتبر آلام بیربیتو وفیلیسیتی" الصورة لعذابات هاتين الشهيدتين ورفاقهما؛ وهم 
الذین قضوا جمیعاً سنة ۰203 خلال الاضطهاد الذي كان من سیبتیموس سیفیروس 
من أقدم الروایات وأجملها في تاريخ الشهداء اللاتين. وقد جاء النص الذون لهذه 
الالام في صورة بدائية» يبدو فیها تأثره بالونتانية"» وجاء في حيوية أسلوب» وفي 
بساطة شديدة» با لايدع من سبیل تشكيك في صحته. وقد جاء قسم من هذه 


N 


> کی 4 


*- بعض الآراء تذهب إلى جعل موقعها بالقرب من مدينة سبيطلة في تونس 
La Passion de Perpétue et de Félicité‏ _* 
«Montanisme -*‏ وهو مذهب فى السيحية أسسه مونتانوس Montanus‏ في القرن الثاني اليلادي» ويقوم 


على دعوة المسيحيين إلى الزهد في متاع الدنیا والاستعداد للاخرة. 


284 


الرواية على هيأة سيرة ذاتية؛ فهو يصور بیربیتو «Perpétue‏ امرأة فى مقتبل العمر 
من مدينة ثوبوربو مينوس e Thuburbo Minus‏ تتعرض للاعتقال وقت أن تكون 
ترضع طفلها. ويحكي هذا القسم رژاها للجنت. والتي تبدو لنا كانها تعاليق على 
مشاهد مرسومة فى سرادیب الأموات. وجاء هذا النص تعبيراً ساذجا لکن قوياً 
عن ذلك (التعطش إلى الشهادة» الذي ربا كانت افریقیا تعبر عنه من العمق والحمية 
في تلك الارواح المتطلّبة أكثر من أي مقاطعة أخرى. كما وسلّم ساتوروس Saturus‏ 
وجارية أخرى تسمى فيليسيتى Félicité‏ وائنان من مريدي التنصر إلى الوحوش 
بموازاة لتسلیم بیربیتو إليهاء في السرح الدائري لقرطاح plis‏ مصارع فأجهز 
عليهاء وكانت في سن الثانية والعشرین. 

وکان الشهداء الافریقیون من cad‏ شرائح المجتمع . فهذه بیربیتو » وهذا 
سیبریانوس eSyprien‏ أسقف قرطاح» US‏ من الطبقة الارستقراطیة» وهذا 
تیباسیوس دي تیجافا Typasius de Tigava‏ كان من قبل جندياًء وهذا مارسیلورس 
«Marcellus‏ الذي حکم عليه بالاعدام في طنجة زمن الولاية الرباعية قد كان 
من قواد المئة» وهذا ماكسيميليانوس Maximillianus‏ كان مجنداً من تبسة» وهذه 
فيليسيتى كانت من الرقيق» وهؤلاء شهداء مداوروش كانوا جوالين يحملون 
آصماء بونيقية أو بربرية. وآمامارسين Marcienne‏ من قيصرية» وسالسة Salsa‏ من 
تيبازا فقد كانتا من البورجوازية البلدية. والواقع أن المسيحية الافريقية لم تقتصر 
منذ البداية على عرق غالب ذي ثقافة إغريقية لاتينية» ولا هی انحصرت فى طبقة 
اجتماعية معخصوصة. 

وكان تقديس الشهداء مارسة شعبية واسعة الانتشار في معظم أنحاء إفريقيا. 
فقد كان وضع رفات القديسين الموقرين في الكنائس ممارسة جارية» حتى في الکنائس 
البسيطة في البوادي القصية. وقد تجد في بعض الأحيان إناء فخارياً بسيطاً مثبت 
الغطاء بالجبص» قد احتوى على رفات قديس» يكون فوق ذلك غير معروف» وقد 
حمر على الاناء اسمه بمسمار. 

و 

كانت لهذه الآنية الرفاتية مهدات وسوابق فى الفخاريات المقابرية التى وجدت 
داخل البازينات خلال الحقبة النوميدية. ولقد رأينا أن فى تيديس كانت الرفات 
*- هي مدينة GED‏ التونسية الواقعة في الشمال؛ على بعد 35 كم غرب مدينة تونس. 


«Tetrarchie -+‏ وهي نظام سياسي وضعه دیو كليتيانوس Dioclétien‏ أواخر القرن الثالث الميلادي» وكان 
يقوم فيه أربعة حكام على إدارة الإمبراطورية الرومانية. 


285 


الحقيقية 5 توضم بوقار في آنية قد شکلت ورسمت تخصيصاً لهذا الغرض. وبذلك 
يلتقي تقدیس الشهداء بتقدیس الأسلاف. 

وکانت هنالك مارسة آخری [لدی قدامی الافریقیین] لم تزل US‏ عن إفريقيا 
السلمة إلى الیوم؛ نرید بها الولائم القابرية. ولیس یندر إلى الیوم أن تری النساء 
یتناولن بعض الاطعمة» خاصة البیض؛ فهو plab‏ يحمل من الأمل والوعد بالبعث 
فوق قبر شخص عزيز أو موقر. وقد كانت هذه عادة شديدة الرسوخ في افریقیا 
لمسيحيةء بحيث كانت فيهاء أكثر ما في غيرها من الأماکن» سبباً إلى ظهور نوع 
خاص من المعمار ری ذلك هو القبز ثلاثي الاسرة. . ففي جوانب ثلاثة من 
حول التابوت الحجري تقام دكة یجعل سطحها في مثل أنحناء المقاعد» ويُتخذ غطاء 
التابوت مائدة «(mensa)‏ وقد تجد فى بعضها أحياناً كما فى تيبازاء كتابة نقوشية 
تدعو إلى هذا الا تحاد بين الميت والاحیاء. 

وكان الحرص الشديد من المسيحية الافريقية. وان لم يكن مقصوراً عليهاء » على 
التقرب إلى الأموات من القدیسین والشهداء آشدهم توقيراً» دافعاً لها إلى دفن 
موتاها في أرضيات الکنائس» ثم إلى إنشاء مقابر کبیرة؛ فهي ترصف فیها توابیتها 
الحجرية أحياناً بعضاً فوق بعض في طبقات عديدة» فأنت تراها LS‏ تتأهب للاطباق 
على تلك الكنائس. ومن غاذج مقابر القديسين ad Sanctos‏ البديعة هذه بإطارها 
البديع» نذكر المقبرة البحرية في كنيسة القديسة سالسة» شهيدة تيبازا الموريتانية. 


286 


الدوناتية. أبرز مثال للانشقاقات 

إن من شان السكينة التي تطبع المقابر الافر بقية والمهابة التي تبعثها آطلالها 
البائسة أن تقدما لنا صورة مغلوطة عن المسيحية الإفرد يقية. فهذه المسيحية لم يكن 
لها بسبب صرامتهاء وخاصة بسبب مزاج البربر الذين تحولوا إلى الدين الجديد 
أن تظهر بالظهر الملائكي أو الظهر الرحيم» بل الفردوسي» الذي كان يطيب لمدرسة 
السلبيسية Sulpicienne‏ أن تجعله لبدايات الكنيسة فى إفريقيا. فقد كانت المسيحية 
التي اعتنقها البربر في مبتدئها مطبوعة بالتشدد» وكان مسيحيو إفريقيا بحكم تعطشهم 
للمطلق يبدون مولعين بالمنازعات» ومطبوعين بالعنف والتعصب. ليس مع الوثنيين 
وحدهم» بل ومع أبناء جلدتهم أيضاًء وكانت الأسباب في الانشقاقات العديدة التي 
مزقت الجماعات الإفريقية من قبل حتى أن تنتهي عمليات الاضطهاد» وطالت بها في 
الواقع إلى مجيء الغزو الإسلامي. 

لقد عرفت إفريقيا معظم حركات الابتداع التي ظهرت في صلب الكنيسة 
البکرة. وكان للمونتانيين 284082143215665 والبيلاجيين «Pélagiens‏ والمانويين 
Manichéens‏ والأريان Ariens‏ تسوعات حنم في المقاطعات الإفريقية. ويعود 
السبب في كثرة هذه التنوعات إلى شتی آنواع الشك والغموض التي بقیت تحف 
بطبيعة المسيح. aus‏ لا لمعل ر E EAE‏ (الموتوفيزية ۸6 وبعض ييل 
ال الجمع بين الأب والابن في شخص واحد (السابليانية «(Sabellianisne‏ وأما 
الأريان» وهم الأكثر تطرفاء فیبالغون في الرد على الفريقين الأولین» ویذهبون إلى 
حد القول باختلاف السیح كلياً عن الاب الذي هو وحده الاله لأنه «لم يولد». 

غير أن الكنيسة الافريقية لم تخلق» بعکس كنيسة الشرق» من بدع » بل ساهمت 
في تثبیت العقيدة بفضل آولئك الأساتذة الکبار؛ وهم تیرتولیانوس» وسیبریانوس 
واغسطینوس. ومن أسف أن الكنيسة الافريقية كانت هى الجال الفضل للانفصال 
والانشقاق. وما كانت تلك التمزقات شبه الدائمة فيها تنتج عن النزاعات اللاهوتية 
أو تنتج عن الخوض في حياة السیح» بقدر ما كانت نتيجة لأمور بشرية خسيسة. 
وتعتبر الدوناتية أكثر تلك الانشقاقات بروزاء كما تعتبر أخطرها وأطولها عمراً؛ فهي 
حركة انشقاقية ظلت تقسم مسيحيي إفريقيا لثلاثة قرون ونصف من الزمن. 


«Monophysisme -*‏ أي أن السیح واحد» وأنه من طبيعة إلهية لابشرية. 


287 


sopt; 


وین BEN‏ و ا 
PS 102‏ سا 

یعود الأصل (305) في هذا الانشقاق إلى التشدد الذي كان من بعض أساقفة 
نومیدیا» ورفضهم الاعتراف بالانتخاب الذي تم في غیابهم لسیسیلیانوس Cécilien‏ 
أسقفاً لقرطاج وكبيراً لأساقفة F1‏ 2 يقياء إذ كان بين منتخبیه - حسب قولهم- بعض 
«Traditores akadi‏ وهم الذين امتنعوا من الاستشهاد خلال الاضطهاد الاخیر 
وسلموا الكتاب المقدس إلى ولاة الإمبراطورية. وعليه فقد قام أولئك «الخلّص» 
الذين سموا أنفسهم «أبناء الشهداء» بانتخاب أسقف آخر بدلاً عن سيسيليانوس 
هو ماجوریانوس «Majorien‏ ثم خلفه بعد وفاته دوناتوس Donat‏ (313). ومع ۳ 
فقد اعترف الإمبراطور قسطنطين Constantin‏ واعترفت مجامع كنسية عديدة 
خاصة مجمع أرلس Arles‏ في سنة 314 بسيسيليانوس كبيراً للأساقفة» وأدانت 
الانشقاق الدوناتي. ولكن لم يضعف ذلك الانشقاق» بل صار يزداد قوة ورسوخاً 
فى سائر القاطعات» خاصة فى نوميديا وموريتانيا القيصرية. فالدوناتيون اعتبروا 
التكريسات التي قام بها المسلّمون ومن جاءوا بعدهم لاغية وباطلة. ولقد كان أمراً 
في غاية الخطورة» ولاسيما أن سيسيليانوس لم یخطی» ولا أخطأ منتخبوه (بل اختلق 


288 


لهم الدوناتيون أكاذيب للنيل من مصداقيتهم)؛ وأن تقييد قيمة التکریس بجدارة 
رجل الدين الذي يقوم به فيه تنسيبٌ لعمل المسيح نفسه؛ فهو وحده الذي يصدر 
عنه التکریس. وکان الجدال الذي قام على الدوناتیین مناسبة للقدیس آغسطینوس 
لیعلن أن قيمة التکریسات مستقلة عن شخص رجل الدین الذي يمنحهاء ولا یزال 
هذا مبدأ راسخاً في الكنيسة الكاثوليكية. 

يطل ازا من pe pe‏ ماسر 
إلى الصعيد الاجتماعي . وقد شكل تدخل الإمبراطور قسطنطين» وخلفائه من 
بعده» إلى جانب الكاثوليك أول تجل للحكم المطلق الذي أخضع الكنيسة للمشيئة 
الإمبراطورية وقيدها بالضرورات السياسية. ولم يكن للدوناتيين» الأصوليين - 
بتعبيرنا اليوم - أن يقبلوا بمثل هذا التدخل الدنيوي [في شؤون الدین]» كما وأن 
تشددهم العقائدي لم يكن ليتراجع أمام مخاطر أخرى. فما كانت الدوناتية مجرد 
حركة دينة. 

وربا كان المؤرخون المعاصرون يميلون إلى المبالغة افي الحديث عن الطابع 
الاجتماعي والسياسي للدوناتية» إذ رأوا فيها تجلياً ل «مقاومة» البربر للهيمنة الرومانية 
ولكن من الواضح أن الدوناتية كان لها دور أساسي في تفكك المجتمع الروماني 
الإفريقي. 


3. قبور من مقبرة القديسة سالسة في تيبازا (الجزائر). 


289 


كانت الدوناتية» التي نشأت في إفريقياء بشعبیتها التي فاقت شعبية الكنيسة 
الرسمية» وشدة قربها إلى الطبقات أشدها دونية ووضاعت وجذرها المكين فى 
القاطعات أقلّها تزوماء تبدو أكثر إفريقية من كنيسة قرطاج الدعومة من 2 
والدوناتية أحذت عن الم فريقي» البربري العناد والإيمان التشدد» والولاء الطلق 
لرجل أو حزب. وأخذت عنه كذلك روح الانفصال التي كانت من وراء استشراء 
تلك الانشقاقات. ولم يكن للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في الامبراطورية 
المتأخرة إلا أن تسهم بوجه أو بآخر في اتساع نطاق الدوناتية. ولذلك فابتداء من 
a‏ بع تحالفت الدوناتية رسمياً مع حركة احتجاج اجتماعي وتمرد 
EE‏ باسم «الدوارين» 5 ولطلما أثير السؤال بشأن هؤلاء 
«الدوارين حول مخازن احبوب »؛ وکان هذا اللفظ يدل من الناحية القانونية» في 
البداية على الأقل» على فئة اجتماعية» هي فثة العمال الزارعیین هن رو 
في مواسم الحصاد أو قطاف العنب» وقد كان في القرنين الثاني والثالث ال ميلاديين 
نشاطاً مجزياء مكن لبعضهم أن يمتلكوا أراضي ويصيروا في شيخوختهم ملاكا 
يحظون بالاحترام؛ ؛ ومن Jui‏ ذلك الحصاد من مکثر» وقد ترك لنا نصا نقوشیا 
طویلا ذائع الصيت» بسكي فيه عن حیاتهالتي صرفها في العمل الشاق» إلى أن 
توجت بالنجاح . ولكن في مقابل الواحد من هؤلاء العمالء الذي كان يتحقق ى له 
امتلاك الأرض» وقد ربا تحقق له شرف الوضع أيضاء کمثل صاحبنا الكثري؛ كم 
هم أولئك من رفاقة الذین کانوا يهلكون من الارهاق من غير أن یصیبوا نجاحاً 
اجتماعیاً مهما يكن زهیدا؟ 

ومن هؤلاء الدوارين كان يُجِنّد الدافعون عن القضية الدوناتية آشدهم تعصباً. 
فقد جمع هؤلاء «الرافضون» (المناضلون) الاحتجاج الاجتماعي إلى الجدل الديني. 
فكانوا يشون code‏ مطلقين حناجرهم بصيحات Deo Laudes?‏ ويزيدون 
إليها ضربات من دبابيسهم» يريدون بها تقويم الأخطاء. ثم يجعلون باسم الإنجيل* 
ينهبون حقول الأسياد «domini‏ ويحرضون العبيد على التمردء ويلقون بالملاك فى 
السراديب» وقد يلقونهم في الأبار. ولا سبيل إلى التقليل من ا معنى العميق لهذا 
الاقتران الذي انعقد بين الحمية الدينية والاحتجاج الاجتماعي لأول مرة في إفريقيا 
وأدى إلى إطلاق النضال المنظم على النظام الروماني. 


*- Evangile 


290 


لقد أدت الحركة الاجتماعية والدينية بصورة طبيعية إلى العمل السياسي. 
فقد اعتمد بعض رؤساء البربر» آمثال جیلدون» وفیرموس. على الدوناتية وعلی 
الدوارین في مسعاهم إلى بسط سیطرتهم على إفريقيا. 


4. حوض التعمید في كنيسة فیتالیس في سبيطلة (تونس). 


بل إن الكنيسة الدوناتية كانت تقدس الشهداء شهداءهاء بأکثر حتی ما تفعل 
الكئيسة الرسمية. وما أكثر آولتك «القدیسین» الذین کانوا یقبلون على الانتحار 
الجماعي . وكذلك كان التمردون یلقون القتل بسیوف الجنود» الذین يستد عیهم 
الأساقفة الدوناتيون أنفسهم أحياناً وقد ضاقوا ذرعاً بتجاوزات الدوارين فيعلنهم 
المؤمنون شهداء. ثم یدقنون كما يدفن القديسون داخل الکنائس» وان يكن هذا 
الأمر قد صدر فيه منع من أحد المجامع الدينية الدوناتية. وكثيرة هي الكتابات 
النقوشية من اللهجات الدوناتية التي تحفل بها البلدات وكلها تمجيد لهؤلاء 
القديسين المجهولين. 


291 


قادة الفکر 

لقد اتضحت شخصية الكنيسة الافريقية خاصة من خلال مقاومتها لعملیات 
الا ضطهاد» ومحاربتها لصنوف البدع والانقسامات» وکانت لها من خلال ذلك 
كله مساهمة فعالة» آکثر من أي كنيسة غربية آخری» في تثبيت العقيدة الكاثوليكية 
والترسيخ لها. وقد أمكن لإفريقيا أن تنهض بهذا الدور بفضل ثلة من المعلمين نبعوا 
من أرضهاء وتمثلت فيهم صرامة المسيحية الإفريقية» بقدر ما تجسد فيهم عمق عملية 
الرومنة. وهم يقومون كذلك شهودا صارخين ومفندين للحكم المسبق العنصري 
الذي ينكر عن البربر كل مقدرة في المجال التصوري أو الفلسفي. 

والأدب السيحي الإفريقي يتميز ثراء؛ وقد كان من كتابه الجذابون» ذوو 
الأسلوب الأنيق» آمثال مينوسيوس فيليكس (من التصف الأول من القرن الثالث) 
هو الذي وضع [كتابه] الحواري الدفاعي أوكثافيوس” لإقناع الكفار من المثقفين 
وذلك بالتوسل بقواعد البلاغة الكلاسية وقواعد الفلسفة. وهنالك كاتب آخر 
من طينة مختلفة؛ ذلك هو آرنوبیوس )325-240( من سیکا SIKKA‏ (الکاف) 
الخطيب ذائع الصيت» النقلب في آواخر حیاته إلى المسيحية» والذي تصدی بقوة 
للمعتقدات الوثنية في کتابه ضد الامیین " في سنة 300 أو نحوها)؛ لکن لم يكن له 
شأن کبیر في مجال اللاهوت ویبدو آن هذا التحول التأخر إلى التصرانية لم يكن 
على معرفة كبيرة بالعقيدة التي انبری للدفاع عنها. ونذکر کاتباً آخر كان مجایلا 
لارنوبیوس؛ ذلك هو تلمیذه لاکتانس )325-240( وهو آغزر انتاجا وقد تحول 
إلى السيحية فى سنة 300 أو نحوهاء وتصدی هو الاخر للشرك بالدحض والتفنید 
واظهار ما فيه من جهل وضلال. واشتهر لاکتانس بکتاباته الذهبية حول العناية 
الالهية وعقاب الذنبین (غضب اله*)» ومن جملتها موت الضطهدین" والولفات 
السبعة الموسومة القوانين القدسة" (سنة 320 أو نحوها) التي استحق ق بها لقب 
شيشيرون المسيحي. 


* _ Octavius 
*_ Advertus nationes 
*_ De ira Dei 
*_ Mort des persécuteurs 
.De Mortibus Persecutorum وأما العنوان الاصلی لهذا الکتاب فهو‎ 
*_ Institutions divines 


292 


لکن ثلاثة عمالقة هم من هیمنوا على الفکر السيحي لافریقیا الرومانية؛ ذلکم 
هم تیرتولیانوس وسیبریانوس» وأغسطينوس. فقد ساهم هؤلاء الإفريقيون الثلاثة 
بشخصياتهم المختلفة في بناء العقيدة [المسيحية]» وهم یعون بحق آباء للكنيسة 
[ نسيحية]. فأما أقدمهم فهو تیرتولیانوس؛ وربا كان أحسن من يمثل؛ وأحياناً إلى 
حذ الغلوء الزاج الافريقي في حدته» وتعصبه» و رده ۳9 سبتيميوس فلوروس 
Q. Septimius Floreus‏ تیرتولیانوس في قرطاج لاحد قواد المئة في LES‏ الوالي 
نروماني على إقليم قرطاج بين سنتي 155 و160. وتلقی تعلیمه باللغة اليو نانيةء كما 
ae‏ اللاتينية» وكان يهيء نفسه للاشتغال بالخطابة والمحاماة. ثم كان أن حول إلى 
نسيحية في ظروف غير معلومة لديناء وقد كان منه تحولا تام وكاملاً. . وانبرى يدافع 

ا dues‏ لكن هذا الدفاع کان. إذا جاز لي التعبير» هجومياً مفقالیا؛ فما أسرع 


5. الكنيسة القديمة الأولى في حيدرة (تونس). كانت المدينة تشتمل 
على خمس منها على الأقل. 


ما تتحول مرافعته في الدفاع عن المسيحيين المفترى عليهم إلى قرار اتهامي. وقد 
كان هجاء قل نظير له في حدة الهجاء؛ فهو يستعمل السخرية؛ لكنه يقدم بين يديه 
في الوقت نفسه الحجج مبنية على المنطق المفحم. فيهاجم اليهود المحرّضين للحكام 
والشعب على اضطهاد المسيحيين» ويهزأ بالفلاسفة الذين يجانبون الحكمة» ویسخر 
من الخطباء الذين يخلطون بين الفصاحة والصدع بالحقيقة. ولم يسلم من ضرباته 
المسيحيون أنفسهم؛ حتى قيل عنه إن روحه تلد بالمطلق» ومزاجه يلتذ بالصراع». 


293 


وسیکون من الخطإ ألا نری في تیرتولیانوس إلا مدافعاً عن العقيدة النصرانية 
والرجل كان لاهوتیاً وراعياً بارزاً. حتی إذا أصبح قسيساً صار يكرس نفسه للرعوية 
وأظهر تشدداً في النظام وفي الأخلاق؛ فأمر الأبكار من البنات بالحجاب» وتشدد 
في استنكار تبرج النساءء ومنعهن من ارتياد [أماكن] الألعاب العمومية. وبالغ إلى 
أقصى الحدود بالقول بمنطق خلاصي ووثوقي بقرب نهاية العالم. ولم يكن يتصور 
المسيحية إلا نقية ومتشددة. ولما كان الإنسان لا يستطيع أن يخدم سيدين في وقت 
واحد؛ فقد أوصى المسيحي بالامتناع من الخدمة العسكرية» وحرض الجنود على 
ترك العلّم الروماني» كما أوصى الجميع OÙ‏ يطرحوا عنهم العالم القديم الوئني 
ویجنبوا أنفسهم أسباب التلوث به. 


6 . الراعي الصالح. لوحة من الرخام من سراديب الأموات في سوسة (تونس). 


كان مزاج تيرتوليانوس يتأدى به دوماً إلى الغلو؛ فبعد أن صارع البتدعة 
المارسيونيين 65 والبراكسيين «Praxéenes‏ لم يلبث أن انجذزب إلى 


البدعة المونتانية. ولو عاش بعد زمنه بقرنين لكان أصبح دوناتياً» وأما لو كان عاش في 
القرون الوسطى فقد كان سيصير خوارجياً! 


294 


وأقل غلوا من تیرتولیانوس هو سیبریانوس. وهو الآخر فرطاجي؛ من أصول 
أرستقراطية» تلقی تعلیماً في الخطابة وأصبح محامياً. ثم كان أن انقلب بتأثیر من 
قسيس كاسيليانوس 2260111205 إلى المسيحية في سنة 245 وقام بتوزيع معظم 
متلكاته. وقد كان يحظى بتقدير كبير من رجال الدين ومن سكان قرطاج. ثم سمي به 
ضد رغبته في سنة 248 إلى الكرسي الأسقفي» وسرعان ما أبان عن حنكته في مجال 
«دارة. ونحن نستنتج من کتاباته أن المسيحيين والقسیسین الذین کانوا في إفريقيا 
في منتصف القرن الثالث لم یکونوا كلهم قدیسین ولا کانوا قدوات في الفضيلة. 
فکان سیبریانوس یذکر الابکار الکرسات بنذورهم للدين» ویدعوهن إلى التزام 
نعفة والاحتشام» ویدعو رجال الدین إلى الخضوع وترك آسباب الثراء الدنيوي. 
فقد آدت آربعون سنة من السلام من جانب الكنيسة إلى ارتخاء النظام وانحلال 
GES‏ فکان سیبریانوس یشتکی برارة من هذا الارتخاء. ولذلك فعندما عاد 
اضطهاد Jan)‏ من جدید على عهد دیسیوس Decius‏ (في سنة 250( كان عدد 
عنبي الشهادة آقل بکثیر من آعداد الرتدین. وحتی إن البعض لم يكن ینتظر أن 
بستذدعی للشهادة لینقلب جهاراً إلى اتباع آلهة الکابتیول" وإلى عبادة الامبراطور. 


7 . إناء رفاتی من فخاریات منطقة قسطنطينة . 


- .هي جوبیتر وجونون ومنیرفا. 


295 


وأما سیبریانوس فلم يسع إلى الشهادة» ثم كان أن تواری في مخبا قريب دون شك 
إلى مدینته» واستمر من خلال رسائله يدير أسقفيته. وسرعان ما عرضت له مشكلات 
ثيرة؛ فكان عليه أن يتصدى للمشكلة العويصة؛ مشكلة المرتدين laps)‏ أولئك 
الذين ضعفوا أثناء الاضطهاد» غير أنهم عادوا يطلبون الصفح. ولاقى 
سيبريانوس عنتاً كبيراً في تغلیب الموقف الخيري؛ فلم يتبعه التشددون» فكان 
الانشقاق - الإفريقي الخال ص - الذي خرج إليه الجددون والذي لم يكن يقوم إلا 
على مسائل تدخل في الانضباط ونزاعات بين الاشخاص . وكان هذا الانشقاق سبباً 
في دخول سیبریانوس في صراع مفتوح مع البابا إتيان الأول "1 «Etienne‏ فما كانت 
كنيسة روما وكنيسة إفريقيا تصدران وقتها عن مذهب واحد فى صحة التعميد الذي 
قام به بعض البتدعة. ولقد بدا الإفريقيون في هذا الأمر كذلك أكثر تشدداً. 

ولقد أنشأ القديس سيبريانوس آثاراً عظيمة الأهمية» وأحاط بسائر أنواع الدفاع 
عن الدين وعن الحياة الرعوية في ما وضع من دراساته وكتاباته العديدة» كما في 
رسائله البديعة» في لغة ثرة ومتأنقة JE‏ هذا الأب بين آباء الكنيسة موقعاً بين مصاف 
الكتاب العظام . 

ثم كان استشهاد سيبريانوس في 14 شتنبر 258 تحت حكم فالیریانوس Valerien‏ 
فتحول به إلى نصر حقيقي» ورافقه جمهور من المؤمنين يقودهم نواب الکهنة» حتى 
المكان الذي أعدم فيه ثم حمل مااي ی بهيية إلى یه وظل على 
نفوذه وعظيم o SE‏ على امتداد القرون اللاحقة» فكرست له ثلاث كنائس في مدينة 
قرطاج. 

ويعتبر أغسطينوس» أسقف هیبون بحق» أعظم هؤلاء العمالقة جميعاً. ولقد 
أمكننا بفضل اعترافاته أن نحيط معرفة بمراحل شبابه الضطرب. وفترة تيهه لدى 
المانويين والأفلاطونيين الجدد» من قبل أن يبدأ في تحوله البطيء نحو المسيحية 
باتصاله بأمبرواز Ambroise‏ ثم القرار الأخير الذي استقر إليه في حديقة ميلانو. 
ولقد صار للقديس أغسطينوس» وقد أصبح أسقفاء تأثير كبير على الكنيسة الإفريقية 
وعلى الكنيسة في العالم أجمع . وهو يعتبر اللاهوتي الافريقي الحقيقي الوحيد 
والأكبر والأعظم تأثيراً! فلقد تأدى من مصارعته للدوناتين إلى إعلان ثبات الأسرار 
السيحية وعدم قابليتها للتغير Le‏ يخالف التقاليد الإفريقية. وكذلك كانت مصارعته 
للبيلاجيين مناسبة له ليحدد بدقة كبيرة أهمية النعمة» التي بدونها لا يقدر الإنسان 


296 


عنی شيء. وفي مصارعته للأريوسيين مکن لذهبه القائم في التثلیث . ولئن كانت 
آعماله اللاهوتية عظيمة» فإن آعماله التي وضعها في الرعوية والدفاع عن الدین لم 
تكن تقل عنها عظمة. ولقد أحاط في دراساته وفي خطبه (وقد حفظت لنا الرواية 
منها المئات!)» وفي رسائله وفي مناجاتمه " بمشكلات الحياة الدينية والحياة العملية. 
فلقد كان هذا الأسقف رجلاً متوقد النشاط» وکانت السلطة التي تحققت له هي 
انمهد للقوة التي ستصير للأساقفة في العصور الوسطی . وعلی الرغم من استغراق 
القدیس آغسطینوس في الحياة العملية والادارية في زمن کثرت فيه الخاطر» فانه 
یبقی فى أعماق روحه متأملاً عظیماً فى شوون الدین. وقد كان فى ذهنه آول الأمر أن 
يكتب مستذكراً الأيام السعيدة التي أمضاها مع أصدقائه وإلى جوار والدته مونيك 
Monique‏ في كاسيسياكو م <Cassiciacum‏ فإذا به يستغرقه الوقت ليكتب قاعدة 
وبذلك أسس أول رهبانية إفريقية. 

ويبقى آغسطینوس. أبو الكنيسة وأحد قادة الفكر المسيحى فى الغرب 
المؤلف الخالد» صاحب مدينة الله التي كانت حلم السيحية في العصور الوسطی 
والاعترافات المؤثرة» التي صارت لها بدفتها اللانساني قيمة عالمية. 


*- Soliloques 


297 


يلاد البرير المسلمة 
وحدانية الله وانقسام الأناسي 


انقلب البربر بأعداد غفيرة إلى الاسلام» على الرغم من الرّدات الكثيرة التي 
يصمهم بها المؤلفون العرب. ولقد رأينا الظروف التاريخية التي وقع فيها ذلك 
لانقلاب السريع من الإفريقيين إلى المسيحية. وسنسعى الآن في فهم كيف كان 
عتناق البربر للإسلام. 


8 . أحد الأروقة الجانبية من الجامع الكبير في مدينة الجزائر العاصمة (العصر المرابطي). 


299 


دين بسيط 

لقد عانت المسيحية الإفريقية كثيراً من . الانشقاقات العديدة التي کات ا 
الفينة والأخرى بسبب مسائل نظامية» أكثر ما تنشأ بسبب استشكالات عقائدية. 
وكانت المانوية هي البدعة الوحيدة التي لاقت بعض النجاح في إفريقيا؛ وقد كانت 
بعيدة عن العقدية» ما جعلها تظهر بمظهر الديانة الجديدة. وأما التفصيلات الدقيقة 
في قرامية الديائة المنييسية التي كاك امن ot‏ بارع کیره فى المشرق. فلايبدو 
آنها لقیت اهتماماً Les‏ من البربر. فقد کانت الماش تعتبر شهادة أن الله واحد 
وقادر» وغفور رحیم» هي آساس OLY‏ وأما ما عداها فمسائل تخص رجال الدین. 
والحال oi‏ الاسلام كان pa‏ في بساطته اللاهوتية» باعتباره خاتمة للمسار الروحي 
الطويل الذي سارت فيه البشرية» انتهاء إلى الوحدانية المطلقة. فقد جاء محمد ليتم 
الوحيء غير منكر للأنبياء السابقين عليه أو منكر للمسيح. وجاء بالرسالة الخاتمة 
التي ليس بعدها جدال؛ والقائمة على مبد! أن الا إله الا الله». 

إنها حقيقة تقترب من البداهة» ولكنها تأخذ بمجامع النفوس الأقل انفتاحاً على 
الأمور الميتافيزيقية» وتغلق الباب أمام أي تأويل. فإعلان الانتساب إلى العقيدة 
الإسلامية (الشهادة) يتم بوضوح ومن غير لبس : «أشهد أن لاإله إلا الله وأن 
محمداً رسول الله». 

لقد كانت البساطة المميزة للعقيدة الاسلامية مما يناسب البربر كثيراً. وكان 
للإسلام ميزة أخرى تتصل ببساطته اللاهوتية؛ نريد انعدام رجال للدين بالمعنى 
الحقيقي فيه؛ فلا نرى لهم دور يكن أن يضطلعوا به؛ ما دام ليس في الاسلام 
أسرار يخص بها البعض. وأن تعاليمه قدمت من الناحية المبدئية دفعة واحدة فى 
القرآن» الذي آوحي به ولم یکتب . ثم جاء النظام الذي eus‏ ۷ 
منذ القرن الأول للاسلام» فحدد عدداً من الفرائض التمثلة في الصلوات الخمس 
اليومية» مسبوقة بالوضوء وصوم شهر رمضان» وال الشرعية والحج إلى 
مكة. - Dies‏ فمن يطع الله (الإسلام) ويتبع تعاليمه التي انزلت 

وعلى خلاف اللبس الذي يشوب المسيحية» من حيث قيامها على مسألة 
الثالوث؛ التمثل في إدخال ثلائة أشخاص في اله واحد؛ في المسيح الذي يجعل 
إلهاً وإنساناً يقوم مقام جوهر الأب» والذي ولد ولم يخلق» تحقق للاسلام النفاذ 


300 


ببساطته اللاهوتية إلى نفوس البربر. لکن من سوء احظ أن الأناسي لا یعدمون 
على الدوام آسباب التنازع؛ ولم تكن وحدانية الاسلام نفسها لتحضنهم من 
التنازع والتشرذم. 


البدعة البريرية عند برغواطة 
قلما يتيح الإسلام المجال لظهور البدع؛ بسبب البساطة التي تطبع العقيدة 
والحقيقة أنه لم تظهر في إفريقيا ولدى البربر غير بدعة وحيدة» ولا تزال غير 
معروفة من جميع الوجوه؛ إنها البدعة التي جاء بها برغواطة في المغرب الأطلنتي. 
me aies‏ سا دق ا 
المغاربي في القرن الثامن . وكان برغواطة شاركوا ف في الحملات العسكرية التي شنها 
میس اقا على pe NE‏ 
صالحاًء الذي جمع في شخصه النبوة إلى القيادة العسكرية. فقد قرر صالح أن يأتي 
بدين جديد يكون بثابة إسلام خاص بالبربر. غير آننا لا نعرف هل كانت القواعد 


9. قبور قديمة في مقبرة بني يزقن (مزاب). 


301 


الأساسية لهذا الدين من اختلاقه» أو - وهو الأرجح في ما يبدو - من اختلاق 
حفيده یونس. وعلی الرغم من أن تلك التعالیم لم تتأت معرفتها جيداً» فان ما یعرف 
منها آنها كانت تبتعد بشکل واضح عن الاسلام الاصیل. فقد آفادنا البکري" أن 
برغواطة استعاضوا في صلواتهتم عن اسع الله ياسم (یاکش» 7 والذي يبدو أنه الاسم 
الذي كان البربر يجعلونه ل لله ور Le‏ كان معناه «المعطي». وكان برغواطة ياخحدون 
كذلك بمحرمات لا تمت بصلة إلى الاسلام الاصیل» بل هي مستوحاة JR‏ تأكيد 
من العتقدات البربرية القديمة؛ فكانوا یجعلون صلواتهم على خلاف الصلوات 
الإسلامية الصحيحة. لكن تلك البدعة كانت تقوم على منكر أعظم؛ يتمثل في ذلك 
القرآن الجديد الذي جاء به صالح في لغته [البربرية]. 
وإذا كنا لا نكاد نحيط بشي ء من هذه البدعة *» فلقد کتب لها مع ذلك أن تعمر 

لاأقل من ثلاثة قرون. فلقد ضيّق برغواطة GLL‏ على الولاة الأمويين في طنجة 
وعلى من جاء بعدهم من الأدارسة في فاس. بل استطاعوا أن يقفوا في وجه 
المد المرابطي» وقتلوا في إحدى المعارك داعيتهم والمؤسس لحركتهم عبد الله بن 
ياسين (1059). فهذا دعا أبا بكر [بن عمر] إلى أن يأخذهم بالشدة ویعمل فيهم 
السيف ليعيدهم إلى الطريق القويم. 


حركة الخوارج؛ انشقاق آخر نموذجي 

وعلاوة على هذه البدعة التي بقيت محصورة في المغرب الأقصى » عرف البربر 
من الانشقاقات المذهبية كمثل ماعرفت الأقوا م الأخرى التي دخلت في الإسلام» إلا 
ات سل لانن لك ل ( 


فلم يُقَيّض للمذهب الخوارجي في أي موضع آخر من أرض الإسلام من القوة 
والسلطان كمثل ما تحقق له عند البربر. فقد كان ينسجم إلى أبعد الحدود مع خصائص 
الروح البربرية؛ لكن منع أن يكون له القبول عند جمهور المؤمنين. لقد كان ذلك 


*-كتب البكري : وهم يسجدون ثلاث سجدات متصلة ويرفعون جباههم وأيديهم عن الأرض مقدار نصف 
شبرء وإحرامهم أن يضع إحدى يديه على الأخرى ويقول : یسَمّن یاکش؛ تفسيره بسم الله مقر ياكش 
تفسيره الكبير الله (...) ثم يقول مقر ياكش خمسا وعشرين مرة» إيحن ياكش مثل ذلك ومعناه : الواحد الله 
وردام ياكش مثل ذلك ومعناه: لا أحد مثل ed‏ السالك والممالك» م. ۰.3 ص. 824. 

Yakouch -*‏ هو اسم الله في الأمازيغية. 

*- انظر تفاصيلها لدى البكري وصاحب الروض» من جملة آخرين. 


302 


دين يضرب بأصوله عميقاً في التنظیم؛ أو بالأصح اللاتنظيم» الذي تقوم عليه 
لأمة الإسلامية. فالإسلام قد عانى من غياب القواعد التي كان ينبغي اتباعها في 
ختيار الخلفاء من بعد الرسول. 

فقد وقع الاختيار على الخلفاء الثلاثة الأوائل أبي بكرء وعمرء وعثمان بالاتفاق 
العلني» وأما اختيار علي بن أبي طالب» بعد مقتل عثمان سنة ۰656 فقد كان مثاراً 
خلاف وشقاق. وعلى الرغم من أن علياً هو ابن عم الرسول وصهره؛ فهو زوج 
بنته cibli‏ فان الاختیار لم یقع علیه» واختیر بدلاً عنه معاویة الذي كان عاملاً 
على الشام (سوریا) ثم دبر لقتله. وکان ذلك العزل الذي ناب Cle‏ سبباً في وقوع 
صراعات طاحنة» ظلت تقطع أوصال الإسلام قروناً من الزمان» ولا تزال عقابیلها 
وتبعاتها موصولة إلى الیوم؛ فكل الذاهب التي RS) pese]‏ السني (من 
شيعة» واسماعیلیین» واباضیین. ..) قد كان مبتدزها من مقتل «ee‏ ومقتل ولده 
حسین من بعده ببضع سنين. 


0. غرداية» عاصمة مزاب . النارة المطلة على المدينة الاباضية القدسة 
والسوق في الخارج یرمزان بوضوح إلى وظائف هذه الدينة. 


ولقد سعی موّلفون کثر في إيجاد أوجه شبه بين الحركة الخوارجية والدوناتية. 
والحقيقة آننا نجد مذهب الخوارج یشتمل على العطیات الأساسية نفسها التي 
كانت من وراء re‏ الذي تحقق للدوناتية عند قدامی الافریقیین. فنحن تطالعنا 

في الحركتين الانشقاقیتین معاً نوازع إلى الفردانية» والانفصالية» وتنظیم للسلطة 


303 


ذو صبغة ديقراطية. وزيادة على ذلك فالخوارج قد رفضوا سلطة الخلفاء الأمويين 
عليهم وانحاشوا إلى قضية استقلال المغاربيين عن السادة الجدد القادمين إليهم من 
الشرق . وتلك قضية كان لايزال لها قوة ونفوذ. غير أن العقيدة الإسلامية كانت قد 
تجذرت في نفوس البربرء فلم يتبق للخوارج وسائل يؤثرون بها فيهم غير السياسية. 
فقد أعلن الخوارج منذ البداية احتقارهم للثراء الدنيوي» ودعوا إلى الخشونة؛ وإلى 
الصرامة في العقيدة» وهي مبادئ لم يكن لها إلا أن تستولي على قلوب السكان 
البربر. , 0 

وكانت النزعة الخوارجيةء كما الدوناتية» عند البربر دينا شعبياء يحضر في 
البوادي والقری» أكثر ما یحضر في الحواضر والمدن» وقد ينقلب في بعض الأحيان 
إلى دين ثوري . فقد كان معظم قادة الخوارج من المغامرين ذوي الأصول التواضعة. 

ففي القرن الثامن ظهر ميسرة [السقاء] في غرب الوا به ان ابن 
vu‏ الحمار» الذي كاد يطيح بالامبراطورية الفاطميةء وكان ابناً لتاجر من 
الجريد. 

والخوارج يؤكدون أن في الإمكان أن يقع اختيار الجماعة المسلمة على أي 
شخص مسلم ليكون عليها خليفة؛ متى كان أهلاً للخلافة» ولو كان «عبداً أسود). 
فلا ينبغى أن يعتبر فى الخليفة OUEN‏ وحده» بل لابد من اعتبار الأفعال والأعمال 
ds LAN‏ و هزه العقيدة الثورية إقبالاً شديداً من البربر» خاصة زناتة فى 
ومع PEAR‏ | 

وهؤلاء الإباضيون» وهم الکونون للفرع الاقوی في حركة الخوارج» قد آقاموا 
في هذه المنطقة ملکة تاهرت. وكان إمام هذه ال تسيل شن E‏ بان 
ابن رستم؛ لكن أصله لم يمنعه أن يحيا حياة الخشونة؛ بل الزهد . وقد كان الإعلان 
عن AU: tres ut‏ ج المتفرقين في أنحاء العالم الإسلامي 
ولكم كانت عظيمة دهشة مبعوثي تلك الجماعة العراقية حين وصلوا امت 
توجعدوا ابن ر پستمل one‏ نی مققت den‏ ثم قدم لهم 
الخبز والزبدة الذائبة» في حجرة لم يكن بها من أثاث غير حشيته التي عليها ينام . 

لقد قامت المملكة الرستمية على التزمت وعلى نوع من الديمقراطية» الظاهرية 
أكثر Le‏ هي حقيقية. لكن ذلك التزمت لم يكن یصحبه» لدى الإباضيين على الأقل 
من تعصب تجاه غير المسلمين. فقد بقي قسم لا یستهان به من ساكنة تاهرت يدين 
بالمسيحية» وظل على وفائه للاباضین. . ثم تبعهم تبعهم إلى منفاهم في الصحراء. 


304 


ومکنت للاباضیین صرامتهم العقائدیة» ووفرة من الکتابات الدينية SENi‏ 
الکین بالحركة الخوارجية سبیل البقاء بعد التقویض الذي وقع لملکتهم في وسط 
الغرب الکبیر بأيدي الفاطمیین. ثم التجأوا إلى الصحراءء فأقاموا في سدراتة 
ومزاب . وبقيت منهم جماعات أخرى في المناطق شبه الصحراوية» في كل من ورقلة 
في اجزاثر» وجربة في تونس» وجبل نفوسة في طرابلس الغرب . 

لکن الانشقاق الخوارجي نفسه لم یلبث أن ابتلي» على غرار الدوناتية» الشترك 
فرعه البربري وإياها في طبيعة واحدة» بانقسامات وتمزقات دامية. فالاباضیون وجدوا 
مدافعة من الصفرية. وقد کانوا یفوقونهم ثورية ویزیدون علیهم تشدداً. بل قام 
كذلك إباضيو جبل نفوسة یحاربون قبیلة ورفجومة الصفرية في الجنوب التونسي 
بعد أن استولت على القیروان وارتکبت فیها من العسف الفادح والذابح الشنيعة. 
وأسست مکناسة. وهی قبيلة زناتية من الصفرية» فى سنة 757 مملكة سجلماسة فى 
آطراف الصحراء» فتحکمت بها في الواحات وطرق القوافل التوجهة إلى السودان. 
وقد كان للشعب في هذه الملكة الترببية والتجارية أن یقوم بصفة شرعية بخلع 
الإمام» وكثيرا ما قام الشعب في ما يبدو باستعمال هذا الحق. 

وقامت فرقة أخرى من فرق الخوار ج٠‏ هي «النكارية»؛ فأصابت بعض النجاح 
في الأوراس. والنكارية مذهب متطرف ينزع نحو العقلانية» فيما المعتزلة كانوا 
يجردون أميرهم من أي سلطة فعلية. 

ولقد كان للحركة الخوارجية تأثير عظيم في الاسلام المغاربي؛ إذ أسهمت في 
الإسباغ عليه من تلك الخشونة المناسبة للبربر من كل الوجوه والمتعارضة بشكل 
لائح مع حياة الترف والبذخ التي أشاعها الاسلام في المشرق كما في الجارة إسبانيا. 


أبو عبد الله وولاء كتامة 

كان البربر علی امتداد العصور الوسطی ینحاشون بسهولة وأحیاناً بحماس 
إلى كل حركة إصلاحية تأتي لقلب السلطة القائمة. ویبلغ ذلك الحماس لدیهم آقصی 
مبالغه عندما یکون الداعية يدعو إلى الولاء الشخصی. ولیس من تفسیر للأعمال 
البطولية التى حققتها كتامة فى منطقة القبائل الصغرى؛ هى التی رأيناها تغزو بلدان 
الغرب ومصر فتقیم لاحد حفدة علیم الامبراطورية القاطمية غيز ذلك الاستعداد 
السق للولاء الطلق E‏ علیالاشخاخن. 


305 


Lis‏ الشيعة فلا یرون شرعية لأي واحد من الخلفاء الذین جاءوا من بعد 
محمد ووحده Éde‏ وذريته» أبناء فاطمة» من بعده یعتبرون لدیهم القادة الذين 
يحق لهم أن یروا الخلافة على الجماعة الاسلامية. 

ولقد لقي الشيعة الاضطهاد؛ is‏ الاسباب» من الأمويين والعباسيين 
فتفرقوا و تحولوا إلى حزب سري. وقام بعض الروجین» وقد کانوا من الدعاة 
ا حقيقيين» > بنشر مذهب مواس يبشر بمجيء الهدي الامام الخائب» والاخر 
في ذرية علي ليكون المنقذ الحقيقي للعالم» ويضمن النصر النهائي للمؤمنين 
الصادقين. 

والمذهب الشيعي يعود بأصوله وقواعده إلى المشرق» ومع ذلك ففي الغرب 
الكبير تحققت له الغلبة والانتصار. وكان الفضل فى ذلك الانتصار يعود إلى 
الشخصية القوية للداعية آبي عبد الله. | 

كان مبتدأ تلك القصة فى مكة سنة 893 أو 894؛ فهنالك تعرف وجهاء من 
قبيلة صنهاجة إحدى قبائل كتامة على رجل يني واسع العلم والبيان» كان يبدي 
ببلدهم كبير الاهتمام. وان هي إلا أيام قليلة» حتى نحج هذا الرجلء واسمه أبو 
عبد الله» في إقناع أهل كتامة بتفوق الذهب الشيعي؛ وجعلهم يوافقون على 
اصطحابه وإياهم. . وكان هذا الداعية خبيراً بشوون النفس» وماهراً في شؤون 
التنظيم» فسرعان ما صير إيكجان» تلك القرية في جبال البابور» إلى حصن شيعي 
منيع منيع . و تجمع كتامة» المفتونون بأبي عبد الله» في جيش شديد تعصب ووفاء لهذا 
الرجل. حتى إذا تمكن الرجل من القسم الأكبر من المغرب الكبير وإفريقية سلم 
مقاليد الحكم إلى المهدي عبيد الله. 

غير أن الولاء الشخصي عند كتامة كان آقوی من الإيمان بالمذهب الشيعي 
وهو أمر نراه جلياً عندما أعلن المهدي» على غير توقع من أبي عبد الله» نفسه 
حاكما مطلقاً واستحف بنصائح قائده العسكري» ورفض كل محاولة للدخول تحت 
وصايته. فالذي يبدو أن LÍ‏ عبد الله قد تآمرء بتحريض من شقيقه أبي العباس على 
المهدي عبيد الله. لكن قتله هذا الأخير (سنة 911). فلم يلبث كتامة أن خرجوا 
إلى التمرد ولم يترددوا في الإعلان عن مهدي آخر مزعوم. لكنهم لقوا الهزيمة 
فعادوا إلى الطاعة» ثم أصبحوا الأعمدة للدولة الفاطمية. فقد حاربوا لأجلها في 
المغرب وإسبانياء وصقلية» وقاموا لأجلها بغزو مصر. 


306 


ابن ياسين» الصوت الواعظ في الصحراء 

وهنالك حركة آخری آبلغ دلالة في هذا الباب» إنها حركة الرابطین. فقد قام 
هؤلاء اللمتونیون» وهم رحل من صنهاجة الصحرای یدعون إلى اسلام نقي 
یعیدون ابتعاثه بطبعه بالخشونة والتشدد فاحتلوا قسماً كبيراً من الغرب الکبیر 
واسبانیا. وما كان مؤسس حركة الرابطین» عبد الله بن یاسین» بذي الثقافة الواسعة 
بقدر الداعية أبى عبد الله لكنه كان مثله قائداً قوياً. وكان مثله غريباً عن المجموعة 
التي قادها على طريق الحكم. 

فقد كانت تعيش في أغوار الصحراء الغربية في القرن الحادي عشر مجموعتان 

من الرحل الصنهاجیین» هما لمتونة IAS y‏ اللتان نجد فيهما بعض المنحدرين من 
الجيتول» وربا نجدهم باسمهم القديم. ثم مجح رئيسهم والوجهاء الذين رافقوه إلى 
مكة في أن يأتواء عند عودتهم بفقيه من جنوب ال مغرب . ويبدو أن الرجل لم يكن 
له من العلم الشيء الکثیر» لكنه كان في أعين أولئك اللمتونيين الأجلاف يتمتع 
بعاملين قد جعلا له عندهما هيبة ومكانة؛ أنه أجنبي ومتعلم. ثم بدأ الرجل يجمع من 
حوله بعض الخلصین. كما ضم إليه اثنين من رؤساء لمتونة وسبعة من رؤساء كدالة 
فكانوا يجتمعون في رباط بإحدى جزر السنغال أو على الساحل الموريتاني. وكان 
الرجل يحث أتباعه على ازدراء الثراء» ويدعوهم إلى التزام نظام صارم كان يعاقب 
على كل خطا بضربات السياط» التي نجد عند البكري GLS‏ لعددها حسب آنواع 
الأخطاء" . وسرعان ما اجتذب النظام الجماعي الذي يقوم عليه الرباط ذوي النفوس 
البسيطة المتعطشين إلى القداسة. ثم انطلقت بعد ذلك الغزوات العسكرية. وهذا 
حلم آخر لمتعصبين قد تحول إلى إمبراطورية... 
ابن تومرت» مصلح ورجل دوله 

لا یزال الاصلاح الموحدي الذي دعا إليه ابن تومرت يبدو هو النموذج الابرز 

والأبلغ دلالة [في هذا Jeu‏ فشخصية ۵ a‏ تسمی هو الآخر m‏ 


عاك ا ال ا ا در ررك 


*-کتب البكري في هذا المعنى: «فيضرب حد الزاني مائة سوط وحد المفتري ثمانين سوطأ وحد الشارب 
مثلها»؛ السالك والمالك. م. .45 ص. . 864. 


307 


أي من بيت النبي» فالعروف أنه ينتمي إلى إحدى قبائل سوس؛ هي قبيلة هرغة. 
وقد آمکننا بفضل البيدق*» أحد تلامذته الأوائل وکاتب أخباره التفاني في خدمته 

أن نتتبع مسار حياته» من اليوم الذي ترك فيه قريته» وقد كان وقتها معروفاً بحماسته 
الدينية وسعة علمه» ليأخذ في التردد على المراكز الثقافية والعلمية في أرض الإسلام . 
فقد يكون زار قرطبة ودمشق. والمؤكد أنه زار بغداد» والإسكندرية» وتونس. وبدأ 
يومها يدعو إلى إصلاح العادات من الحمية والشدة با كان يعرض حریته» بل وحياته 
أحياناً للمخاطر. فرأى من الأسلم له أن يرحل عن بجاية. ليتخذ له مستقراً في بلدة 
مجاورة هي ملالة؛ حيث كانت البداية الحقيقية لمهمته. . فقد أنشأ فيها مذهبه وجمع 
من حوله أوائل تلامذته. وكان أقربهم إلى قلبه هو عبد المؤمن» وکان Eu‏ لخزاف 
من ندرومة (في غرب ال جزائر)ء كان ابن تومرت يعده الرجل الذي أرسلته العناية 
الإلهيه ليكون خليفة من بعده . وقد ترك لنا البيدق رواية مؤثرة لطريقة اختيار الخليفة 
القابل. ففي إحدى الليالي أخذ المصلح بيد عبد المؤمن وقال له : الا يقوم الأمر الذي 
فيه حياة الدين إلا بعبد المؤمن بن علي سراج الوحدین» فبكى الخليفة عند سماع هذا 
القول وقال يا فقيه ما كنت في شيء من هذاء إنا أنا رجل أريد ما يطهرني من ذنوبي 
فقال له المعصوم : إنما تطهيرك من ذنوبك صلاح الدنيا على یديك»". 

وكانت محادثة جمعته بحاجين من الأطلس لدى مرورهما ببجاية» هي المناسبة 
لرحيل أوائل الموحدين إلى المغرب الأقصى . وقد وصلت تلك المجموعة الصغيرة 
المتألفة من عشرة أشخاص إلى مراکش» بعد أن نشرت في طريقها شيئاً من الدعوة 
بالقول الحسن» وأثارت بعض الاضطرابات في المدن التي مرت بهاء وهي تلمسان 
ووجدة» وتازة» وفاس؛ حيث انتشرت أخبار ابن تومرت بما كان يهدم من حوانيت 
باعة الأدوات الموسيقية» الذين كان يحمل لهم» في ما يبدو بغضاً وحقداً دفينين. 
ثم كان منه الفعل نفسه في مراکش؛ إذ أنشاً يحطم بعصاه ه الآلات الموسيقية وجرار 
الخمرء وكذلك طارد في سورة من الهياج آخت الأمير المرابطي التي كانت تتجول 
فوق صهوة جوادها وهي سافرة في شوارع العاصمة. 


*- هو أبو بكر بن علي الصنهاجي الشهير بالبیدق. أحد تلامذة ابن تومرت» ومؤلف کتاب أخبار المهدي 
بن تومرت وبداية دولة الوحدین. انظر منه طبعة راجعها عبد الوهاب بنمنصور» المطبعة الملكيةء b‏ .۰2 
الرباط 2004. 

*- البیدق م 5.« صص .17-16 . 


308 


1 . تاج عمود حفصي (تونس). 


ویومها آعلن ابن تومرت أنه الهدي. فلما عاد عند آبناء جلدته من قبائل مصمودة 
شرع ینظم جماعة الوحدین ویتقصی العناية والدارية في انتقاء الرجال» ما جعل 
من هذا الفقیه رجل دولة عظيماً. فقد أنشأ دولة جبلية حقيقية» محكمة التنظیم 
وزوّدها بجيش من التعصبین» الذين قاموا على نشر الذهب الوحدي بلوغاً به إلى 
إفريقية وإلى إسبانيا. 

ونحن نتعرّف في هذا الإصلاح على الیل الفطري نفسه إلى التشدد الأخلاقي 
وإلى البساطة المذهبية» اللذين كانا سمة مميزة لكل الفرق والبدع التي نشأت في بلاد 
البربر على مر القرون. 

لقد كان صوت ابن تومرت ينطلق مدوياً بالادانة الطلقة لثراء الدنيا وترهاتها 
فكأنه ترديد لصوت لا يقل عنه حمية؛ هو صوت تيرتوليانوس. ويبدو أن مسير 


309 


البربر البطیء نحو الله الواحد قد انتهی ههنا إلى إعلان الوحدانية الطلقة لله الذي 
يذهب ابن تومرت إلى حد إنكار صفاته (القدير» والرحیم» وال جبار)ء التي يجعلها 
له المسلمون؛ فلربما أوحت بقابلية قدرة الله المطلقة للتقسيم. فتكون النتيجة المحتومة 
لقدرة الله المطلقة بهذا المعنى هي القدر الذي يخضع له سائر الخلوقات؛ فينبغي لكل 
مخلوق أن يظل ينتظر بخضوع واستسلام ما هو مقدر له منذ الأزل. 

وهذا الضرب من الاسلام لا يكن أن یکون إلا مطبوعاً بالتعصب؛ فهو لايتحمل 
تساهلاً في الأخلاق. ولا نسبية في العقيدة» ولا وجوداً للكفار. 

وقد كانت هذه الأمورمما يتفق كثيراً والتصلب والعناد المكينين عند البربر» فهذا 
ما حقق للموحدين النجاح الساحق. ولذلك جاء المد الموحدي على عهد عبد المؤمن 
ليجرف من على المغرب الكبير كل شائبة من دنس. ويبدو أن فى ذلك الوقت كان 
اختفاء آخر الجماعات السيحية من هذه النطقة. | 

وربا ساورنا استغراب أن نری إلى الاسلام الغاربي كيف بقي مطبوعاً بطابع 
مكين من التشدد الوحدي على الرغم من الغلبة التي تحققت للمذهب الالکي 
فيه. وينبغي أن نبحث لهذا الامر عن تفسیر في نفوس المؤمنين» لا في ذکری ذلك 
الإصلاح. 


310 


الدین الشعبي 


لقد بلغ آباء الكنيسة الإفريقية» وکبار الصلحین السلمین في القرون الوسطی 
إلى أعلى مدارج التأمل الديني غير أن الدين الشعبي» خاصة في البوادي والقری 
ظل يتعايش على الدوام مع معتقدات ليست من الدين الصحيح» شديدة تجذر في 
النفوس» بحيث يتعذر أن تندثر أو تزول بالكلية. 

وبينما كان العلو فى التديّن والتأمل اللاهوتى يقود إلى وحدانية تزداد صرامة 
يمكن اعتبار العقيدة الوحدية نتیجّها النهائيةة Ji‏ التدين الشعبي يملأ العالم من 
الكيانات الدنيا. 

فالاسلام يقر بوجود الجن (الجنون)؛ الذين يعيشون بأشكال مختلفة حياة 
موازية لحياة بني البشر. فهم يكوّنون بحق عالماً من بعد مختلف؛ ذلك العالم 
الماورائي» القائم على شبيه بالنظام الذي يقوم عليه عالم ب بنى البشرء لكنه يختلف عنه 
في طبیعته. ففي العالون روساء ومارك :وان کم الانس یتزوجون ویلدون» وأغلب 
الظن آنهم يشاركوننا الشاعر والأحاسیس. فمنهم اللامبالون» ومنهم التسامحون 
ومنهم العشاق» ومنهم الأشرارء أو على الأقل المشاكسون فهم یلطمون أو يصيبون 
برض غامض الإنسي سيء الحظ الذي يكدر عليهم نومهم أو أعمالهم. 

وینحدر عدد من هؤلاء (الجنون»؛ LS‏ تدل علیهم آسماژهم من جن قد 
عاشوا ذ في nu‏ ای ی و كنا ی ور 
الكثيرَ من آيات الاحترام والتوقير» وريا وجدوا منهم العبودية الحقيقية. ومن ذلك 
أننا نرى في البوادي والقرى قد ل (كالحويطة» أو المزارة) 
فالنساء يأتينها فیضعن فيها نذوراً من الآنية الفخارية» التي تعتبر هي نفسها امتدادات 
للخزفيات الصغيرة التي تعود إلى ما قبل التاريخ» أو يجعلن فيها مباخر» أو يكتفين 
بوضع شموع لا تری الناس يحرصون دائماً على إيقادهاء وان يكن للنور والنار دور 
راجح في هذه العبادة» التي لا يجرؤ الناس على إعطائها اسماً. فعلى الشاطىء من 


311 


cti yl 50.112‏ أسفل شجرة مقدسة في تيزي» منطقة مسکرة (الجزائر). 


منطقة الساحل التونسية تری الناس یبتهلون إلى «رجال البحر»؛ فیضعون شموعاً 
في تجاويف ال جبال» أو یقتصرون على حفر : ثقوب في الرمل. وكثيراً ما يصير الثقب 
في صخرةء أو الكوة الطبيعية» أو التجويف في جذع شجرة» مزارات في البوادي 
والقری» يستدل عليها أحياناً من الطلاء الجيري على جدرانها؛ وتلك ممارسة كانت 
جارية كذلك في العصور القديمة. وقد يقتصر الناس على عقد يجعلونها في فروع 
الأشجارء أو يشدونها إلى الأغصان المتدلية من شجرة يسكنها الجن. 

. ولن أطيل الحديث في هذا الشكل البدائي من التدين الشعبي» فهو يكاد يكون 
bte‏ بین سائر الأقوام» ولا یکن اعتباره شيئاً خاصاً بالبربر إلا في قوته؛ التي لا یزال 
عليها من غابر الأزمان. فلقد أمكن له استمرار البقاء في منطقة شمال إفريقيا أكثر 
Le‏ في البلدان المتوسطية الاخری» وإن يكن المتعلمون يتجاهلون وجوده» أو يرونه 
à‏ بوط تسر be de dns‏ 

وان تقدیس الأولیاء» الذي یعتبر امتداداً متقدماً لتقدیس الاسلاف» ممارسة 
ظلت قائمة في | لسيحية وفي الاسلام. وکان السبب في انتشار القباب البیضاء 


312 


نتي آسماها الاوروبیون آولیاء «Marabouts‏ فخلطواء إن جاز لي تتعے۔ بر 
مدز وار وهذه القباب عناصر لا يمكن فصلها عن الشهد المغاربي. وهي 
تکون بناء بسيطاًء لکنه لا یخلو من تألق» تعلوه قبة مربعةء تحتوي على قبر الولي. 
وفي الامکان بوجه عام أن نقع لهذا الولي على بعض ال ثار التاريخية في الروایات 
لشفاهية» وقد نجد له تلك الأثار کذلك في النصوص. وتجاور تلك القباب FAT‏ 
ننصلاء في الأضرحة التي تقام لمؤسس طريقة أو شخصية تحظی باعتبار خاص. 

لكن هنالك أولياء آخرون أدخل في الخرافة؛ فمنهم ذو القبرين أو القبور الكثيرة 
(سيدي عبد الرحمن بوقبرين)» ومنهم الأولياء المبرئون» ومنهم المتخصصون 
كمثل للا تافوغالت (شنوة)ء فهم ضامنون للعفة والإخلاص من النساء؛ وفي ذلك 
تفسير لكثرة الأقفال التي يجعلها الزوار [على شبابيك] أضرحتهم وما يأتون لهم 
من نذور. 
وهنالك أولياء آخرون» وهم الأكثر شهرة» لهم قدرة على علاج العقم عند 


113- (مزارة» في مقبرة قروية» بسيدي محمود» منطقة سطيف (الجزائر). 


313 


لکن توجد مزارات آخری في البوادي والقری لا يكن أن نجزم باحتوائها على 
قبور. وتقوم هذه الزارات بجوار آطلال توسم بالغموض والالغاز: أو هي مزارات 
قد شيدت على جثوات من عهود ما قبل التاریخ» ثم أضفي علیها الطابع الاسلامي 
كما أضفي الطابع السيحي على بعض ال نصاب الحجرية في بريتانيا* . وقد تری العامة 
أحياناً تبالغ في الحيطة والحذر ليلا تغضب ذلك الشخص» الحقيقي أو المفترض» الذي 
لا تعرف له اسماًء فتفرغ عليه لقب «سيدي الخفي» (أي المجهول). 

وفي الأخير فان هنالك آناساً يكونون في حياتهم موضعاً للكثير من التوقير 
وهؤلاء يكونون من الأتقياء الذين يحيون حياة مثالية. وقد استنكر العلماء هذا 
التعظيم الذي يكون ينطوي أحياناً على مخلفات من عبادة الأشخاصء وما هو بالأمر 
المقصور على الإسلام المغاربي. ومن الأشخاص كذلك من اكتسب هذا التعظيم 
بطريق الوراثة إما لإدعائهم أنهم شرفاء ينحدرون من البيت النبوي أو لانتسابهم 
إلى أحد الأولياء المشاهير» فيصيرون يشاركونه البركة. وقد أسيء استعمال مفهوم 
البركة في كتابات المستشرقين وفي اللغة العسکرية إلى درجة أن صارت لا تعني 
أكثر من حظ موصول. والواقع أنهاء وكما يدل عليها اسمهاء نعمة لدنية حقيقية تحیط 
ل ا فيمكن للرجل المیز 
بهذه الصورة عن سائر الخلق أن يكون صانع معجزات. أو مدعياً لهاء أو يكون 
مرشدا أو حامياًء لأن المحبة التي يخص بها تحمله التزامات ثقيلة . فهو في الأوقات 
الضطربة يكون الحكم الطبيعي» والويل للذين لا يمتثلون لحكمه! كما ويمكن لبركته 
أن تظل مقترنة به إلى ما بعد وفاته» ومن ثم تصير مقرونة بقبره؛ فيغدو ملجأ أو مزارة 
على أهمية كبيرة في بعض الأحيان. ولتلك المواسم (أوقات الزيارة في الأطلس 
الکبیر الغربي) شبه کبیر باحتفالات الغفران البريتانية " > وهي تلعب الدور نفسه 
قور ام E‏ الاجتماعي في النطقة. 

فالذى يبدو أن اق ارف تست ای ارون با ی ؛ فنری المقدس 
النتشر في الطبيعة یتجسد أحياناً على صخرةء وینطیع تارة على شجرةء أو یتجلی 
طوراً فى انسان یکون من آولیاء الله. لکن تلك التجلیات لا تعدو أن تکون انعکاسات 
بسيطة لقدرة الله الواحد الطلقة. وأما ا نون وهم امتداد للجن والآلهة الصغار في 
العصور القديية» فیخضعون له کمثل خضوع بني البشر؛ فالله هو الله. 


*- نسبة إلى القاطعة الفرنسية لا المملكة التحدة. 


314 


64 . قافلة صغيرة في عرق ادمر. 


الاسنمراریه الب ربریه 


لم يكن التعریب الذي تعرض 
له معظم قدامى البربر بالظاهرة 
التثاقفية الکاملة. فقد حافظ سكان 
شمال إفريقيا في عاداتهم» كما 
حافظوا في لفتهم وفي تعبيراتهم 
الفنية» خاصة في الأوساط القروية 
على الخصائص والمیزات التي 
كانت لهم قبل أن يتصلوا بالإسلام 
ويقع عليهم التعريب. 


فشمال إفريقيا منغمر عن بكرة أبيه في استمرارية بربرية. وهي استمرارية غير 
لائحة» ولا يكن اعتبارها عاملّ فصل لاختلاق تفرقة بين «العرب» و«البربر». 
فالناطق حتى التي كان يكن للعزلة الجغرافية أن تعزز فيها من نزعة محافظة مكينة 
نراها شهدت على مر القرون» وخاصة في هذا القرن العشرين» تنافذات لم تكن 
تغلب دائماً وأبداً جانب الأعراف والتقاليد المشرقية. 

لكن هذه الاستمرارية للبربرية» التي كثيراً ما وقع التأكيد عليهاء لا تکون واضحة 
على الدوام» ولا هي مقصورة على المجموعات الناطقة بالبربرية. وهي أقل إطلاقية 
وأقل اتساعاً كذلك مما يزعم لها معظم المؤلفين. وجملة القول إن هذه الاستمرارية 
هي ما يكون أصالة المغرب الكبير في العالم العربي وفي العالم الإفريقي على حد 
ورا 

بيد أن الاستمرارية لا تعني المحافظة المطلقة. بل هي تتمثل في استمرار تقاليد 
تقنية کتبت لها الاستمرارية» كما وأنها قد ظلت ظلت على بساطتها ولم تتحول عنها 


319 


وفي بعض LU‏ التفکیر وفي بعض السلو OS‏ الاجتماعية» أو الفنية» التجذرة 
في دخائل الانسان الغاربي» والتي تعود إلى الظهور بأوقات معلومت مهما بدا أن 
الثقافات الوافدة قد ألغتها منذ زمن طویل. فالمجموعات البربرية ليست بالمنغلقة عن 
كل تجديد؛ بل هي على العكس تعرف أحياناً كيف تستوعب التجديدات بسرعة 
كبيرة» وتعرف كذلك كيف تحافظ عليهاء حتى إن الكثير من النتجات والتقنيات 
التي في الإمكان تتبع دخولها من الناحية التاريخية إلى شمال إفريقيا قد صارت اليوم 
ابربریة» خالصة. 

إن البربر یکتسبون بسهولة» لکنهم یهجرون بصعوبة؛ ما جعل الغرب الکبیر 
خاصة مناطقه الجبلية» يصير محفظاً عجيباً للعادات والتقنیات. 

ووقت أن كانت هذه المنطقة a Y‏ ی ی ی ات 
لم كن للرحالة À‏ عالم الأجناس بده وهما يريان الحقائق المغاربية أشدها رسوخاً 

من استحضار الثقافات التوسطية القديمة؛ فتراهما يشبهان القرية القبائلية وجماعتها 
بآئینا... لکن بانتقاص رخام البونتيليك! وقد كان الاصح أن یقارنوا بين أساليب 
عيش الفلاح اليومية وأدواته في جبال جرجرة بثیلاتها لدی الفلاح الاغريقي 
في العصور الغابرة. فسیریانهما اجتمعا على منتجات زراعية واحدة» وآدوات 
واحدة ومیول واحدة إلى الدیکور الهندسی» والتقدیس نفسه لجن التراب والاء 
sois‏ ادات اكنات اة Jaldi idea‏ 
الذي يتغلب عليه الانسان «الاجتماعی» الستعیض بذکائه بل حیلته» عن ضعفه 
He‏ | 

E a‏ هه ار مرازب ار 
فان فیها عناصر شديدة القدم قد کتب لها البقاء لآلاف السنین وما عادت S‏ 
مجرد ذکر» لفرط ما صارت تدخل فى السلمات. وسیکون مبتداً حدیثی منها 
بالكتابة الليبية. | | 


320 


الليبية والتيفناغات 


لقد رأينا أن اللغة البربرية تعتبر» مع اللغة الإثيوبية» التي تشاركها الانتماء 
إلى الأسرة الحامية السامية» هي اللغة الإفريقية الوحيدة الممتلكة لكتابة خاصة بها. 
ولا تزال الكتابة الليبية إلى اليوم متداولة عند الطوارق؛ فهم يسمون *التیفناغات» 
تلك الحروف [الليبية] نفسهاء مهما تكن تعرضت له من التغيرات المحتومة. 

إنها ذاً طريقة في كتابة اللغة قيض لها البقاء [لدى البربر] منذ حوالي ألفين 
وخمسمائة سنة» وإلى ما بعد الاستعمال الذي كان [منهم] للغة البونيقية» واللغة 
اللاتينية» واللغة العربية. 


1 6. كتابة ليبية قديمة لدى عزيب ن |گیس (الأطلس الكبير» 


>i 
m 


115 مسلة من عين کرمات سمین (سوق هراس 
الجزائر). کتابة ليبية من العصر الروماني. 


321 


وان بقاء «التیفناغات» لأمر غریب؛ كما هو بقاء الأبجدية الاترورية étrusque‏ 
لدی بعض القری القصية من جبال الابنین Apennin‏ مع اعتبار الفوارق بين 
الامرین أو بقاء الكتابة الرونية في آحد الاودية الاسكندنافية. 

والااکثر من ذلك أن هذه الكتابة البدائية» التي تغلب فیها الحروف الصوامت 
لم تكن ناقلاً لأي أدب مهما يكن قلیل الشأن. فإذا عبر البربري على غير شواهد 
القبورء أو في غير الكتابات النقوشية؛ من شؤون الحب» كان يستعمل البونيقية على 
عهود الملوك النوميديين والموريين» أو يستعمل اللاتينية على عهد أبوليوسء أو في 
زمن القديس أغسطينوس» أو يتوسل بالعربية أو بالفرنسية. 

وإن بقاء الكتابة الليبية في شكلها الصحراوي الحالي لمما يبعث على الدهشة 
والاستغراب» ولاسيما وهي الموغلة في القدم» والضاربة بجذورها في عهود قبيل 
التاريخ. 


أصول الكتابة الليبية 


لقد اختلط الأمر فى عمر الكتابات النقوشية الليبية إلى أبعد الحدود» بسبب 
من أن اللغة الليبية لم تكن لها منذ العصور القديمة أبجدية واحدة» بل أبجديات 
عديدة؛ تدخل فيها الشرقية» التي كانت مقصورة على تونس وما يعرف حالياً بولاية 
عنابة في الجزائر» والغربية التي كانت تغطي مساحة شاسعة تصل حتى المحيط 
الأطلسي» وكانت لها في المغرب بعض العلامات غير المعروفة» وكانت لها في مناطق 
أخرى أبجدية صحراوية قديمة (هي التيفناغات القديمة)» لم تكن تختلف كثيراً عن 
الأبجدية الغربية» وتدخل فيها كذلك أبجديات التيفناغات الحديثة» التى تنتمى ب 
تأكيد إلى مجموعة واحدة والكتابات النقوشية المكتشفة فى جزر الكناري. وباستثناء 
التیفناغات LL‏ فان حروف الأبجدية المدعاة شرقية هی وحدها التی مك أن 
اعتبارها اکتسبت Lei‏ حقيقية» بفضل الکتابات النقوشية التی اکتشفت فى Go‏ 
الام بن الليبية والبونيقية. | | 

والحال أن الأبجدية الغربية تشتمل على علامات اضافية غير معهودة فى الأبجدية 
الشرقية» كما وأن التیفناغات افيد اوت لش لها كلها ند و نحل و لااتات 
التي تقوم مقامها في الابجدية الشرقية. 


* - 065 وهي حروف الألفباء الستعملة في اللغات الجرمانية القديمة. 


322 


ویعتبر الشمال الشرقي من تونس والقسم الجاور له من الجزائر هما انتضقتت 
الاسیلیتان اللتان تکثر فیهما الکتابات الليبية» وهما کذلك مهد الملكة النوميدية 
وهي التي بقیت اللغة والكتابة الليبية فيهاء كما رأيناء متداولتین ورائجتین لزمن 
طویل. وفي دقة تم الوقوف على الكتابة الليبية الوحيدة الحدد تاریخها تحدیدا 
لالبس فیه؛ وهي عبارة عن تکریس في الضریح الذي أقيم تخليداً لذکری ماسینیسا 
في السنة العاشرة من حکم ابنه میسیبسا (138 ق . م). 

لکن أن تکون الکتابات الشرقية هى الأوف والكتابة الوحيدة الحدد عمرها 
Had data‏ عنه لزوماً آن الابجدية التي كانت متداولة في 
هذه النطقة سابقة وجوداً على الأبجديات التي كانت متداولة في النطقة الغربية» ولا 
هي سابقة حتى على تلك التي كانت متداولة في المنطقة الجنوبية. 

ولو كانت الأبجدية الليبية تنحدر رأساً من الأبجدية الفينيقية» فى الصورة 
التي كانت متداولة بها في آوتیکا (se) Utique‏ آو في قرطاج؛ أو كانت البجدية 
الشرقية» كما زعم [أوطو] ميلتزر Meltzer*‏ في غير تروء شيئاً اختلقه ماسينيسا 
لكان من شأن ذلك أن يقودنا بالفعل إلى اعتبار هذه الابجدية المتكونة من ثلاثة 
وعشرين حرفاً» النموذج الأصلي الذي اشتقت منه المجموعات الليبية الأخرى؛ بيد 
أنهما فرضيتان مردودتان هما الاثنتان. 

والواقع أنه يكاد يكون من المتعذر تحديد أصول الكتابة الليبية. فهذه الأبجدية 
تبدو متحدرة من نماذج أصلية لا تزال غير معلومة للناس» وعنها تولدت الأبجديتان 
الفينيقية والسامية الجنوبية. فانتشار الكتابة في إفريقيا لم يحدث عن طريق البحر 
بالضرورة؛ فقد اكتشفت في النوبة منذ وقت قريب كتابة نقوشية تبدو بحروفها أقرب 
إلى الأبجدية الغربية متها إلى الابجدية النوميدية الشرقية. 

والحاصل أنه لا يبدو لي من باب المستحيل أن تكون الأبجدية الشرقية (الماسيلية» 
شكلاً حور عن الكتابة الاصلية بفعل الاتصال بالكتابة البونيقية» بينما يكون استمر 
خارج البلاد الماسيلية استعمال الأشكال القديمة» وظلت في تحول إلى أن انتهت إلى 
التيفناغات في صورتها الراهنة. 
* - له كتاب عن القرطاجین ‏ 


Meltzer, Otto, Geschichte der Karthager, 1879-1913, Weidmannsche Büchhandlung, Berlin. 
1896. 


323 


قدم الليبية والتیفناغات 

يزيد الامر صعوبة لو آردنا تحديد تاريخ لادخال هذه الکتابة أو تاريخ لظهورها. 
وقد أظهرت بعض الاعمال الحديثة! أن هذه الكتابة أقدم عهداً ما كان يدور في 
الحسبان. وفى مدينة دقة نفسها توجد كتابات سابقة وجوداً بأجيال عديدة على ذلك 
التکریس الذي یعود تازيخة إلى سنة 138ق. م. وفي تیدیس تم العثور علی إثاء 
احتوی على عظام حدد تاریخها بواسطة «کاربون 414" في سنة 250 ق. م.» وقد 
اشتمل ذلك الاناء في جوانبه على كتابة ليبية مرسومة. وتم العثور على إناء آخر في 
مقبرة رشقون عليه علامة من الكتابة الليبية يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد. بل تم 
العثور على كتابة نقوشية جدارية في ياغور (في الأطلس الكبير المغربي) ربا كانت 
أقدم عهداً منها جميعاً. وأما التيفناغات فان من العسير تحديد مبلغ أقدميتهاء بسبب 
من ضعف التحقيب الصحراوي. وقد بات من العروف بفضل أعمال التنقيب 
التي أجريت في بونجيم في طرابلس الغرب. أن الجرمنتيين كانت لهم أبجدية خاصة 

في القرن الثاني اليلادي» ولا يبعد أن يكونوا عرفوا تلك الأبجدية قبل ذلك العهد 
T Lai‏ تم العثور في مقابر جاراما (في فزان) على آنية فخارية مجلوبة تعود إلى 
القرن الأول قبل لیلد وعليها ERA‏ وفي قلب الهقار يقو م 
نصب تين هنان Tin Hinan‏ المقابري المشيد بقطع حجرية عليها كتابات نقوشية من 
التيفناغات «الحديثة». والحال أنها كتابات متقطعة بسبب من التقصيب الذي وقع 
على الحجارة» فتكون سابقة بقة es‏ على القرن الخامس الميلادي؛ وهو تاريخ بناء ذلك 
الضريح . وعليه فان التيفناغات القديمة تضرب بأصولها إلى أبعد بكثير Le‏ كان يفترض 
لهاء فهي تبدو من زمن واحد والكتابات الليبية الشمالية. 


Camps (1975).‏ - 1 
*- يستخدم کربون 14 لتقدیر آعمار احفریات ذات الاساس الحياوي والتي قد یفوق عمرها 000 500 سنة. 


324 


فن یتحدی الزمن 


یقدم لنا الفن آمثلة رائعة عديدة لهذه الاستمرارية البربرية» التي سعی إلى 
استجلائها مؤلفون کثر. 

والواقع أن ما سمي ب الفن البربري» في منطقة شمال إفريقيا وفي الصحراء 
لا يعدو في معظمه عن شکل بدائي في الزخرفة یقوم على تقنیات أولية بسيطة 
ويتكون في عمومه من أشكال هندسية لم تخل منها معظم الثقافات المتوسطية في 
مراحل من تطورهاء وأكثر ما نلاقي منها في بداية العصر الحديدي. والحال أن الفن 
«البربري» قد بقي في كثير من ملامحه فناً من صميم العصر الحديدي. 


7. تيغرمت (القصبة في العربية) دلدینت في منطقة ورزازات (جنوب المغرب). 


325 


قلاع من طين ومخازن جماعية للحبوب 

يتأدى بنا ما ذکرنا إلى التأکید على أن الطابع «البربري» إنما يتجلى في فنون 
الدیکور أو في الفنون الصغری. ولا نجد من استثناءات في غير بعض النشات 
العمارية محدودة النطاق؛ من قبیل «إغرمان» (القلاع ) الکبيرة الشيدة من الطین 
والحجر في جنوب الغرب . وکانت آقدم هذه القلاع على هیثات مهیبة؛ قد جعلت 
لها آبراج مربعة كبيرة ذات شرّافات. وأما واجهاتها التي تبدو الیوم بسيطة وخشنة 
فقد كانت تزینها عقیدات بارزة وزخارف ذات آشکال هندسية شکلت من آجر 
طيني بارز. وتری بعض تلك الزخارف في غاية التنمیق؛ آشبه با نری على الأثاث 
الخشبي في منطقتي القبائل الکبری والصغری» وما نری على النسوجات من GLS‏ 
الالوان والاصناف؛ تجتمع فیها الزرابي» والاغطية والاکیاس الکبيرة (التلالس) 


8. گلعة (هري محصن) بنیان في الأوراس (الجزائر). 


326 


9. زاوية جربة (في تونس) 


التي لايخلو منها بلد من البلدان في منطقة شمال إفريقياء لافرق بين ما يصنع منها 
المقيمون والرحل الناطقون بالبربرية أو بالعربية . وإن هذه القلاع المتداعية: التي ضار 
كثير منها اليو م إلى خراب» وحول بعضها إلى فنادق راقية» قد كانت تتخذ في المقام 
الأول مساكن لعلية القوم . بيد أنها كانت مقصورة على المجتمع القروي؛ فلا تقع في 
أي مكان آخر في شمال إفريقياعلى مثيلة هده المباني المتميزة شموخاً وجمالاً؛ والتي 
عبر بعش شا من Sale‏ قد شيدت بابسط الراد. 

وبینما یطغی الاحمر الآجري على الشاهد العمارية في سوس وفي الأطلس 
الصغیر یغلب الأبيض لدی الاباضیین في مزاب وفي جربة؛ فتراه بارزاً على خلفية 


0. أگادير(هري محصن) الفريفري في تزنيت (جنوب الغرب). 


327 


من زرقة السماء الصافية في معظم الأوقات. وههنا تبدو الاشکال آقل خشونة 
ووحشية وأروح للعین. ثم صارت هذه الباني بتوالي القرون وقد فقدت حتی 
زوایاها» بل فقدت بعض الدرجات في سلالها؛ وانطمرت تحت طبقات كثيفة من 
« الذي ظل کالکفن يغطي رور السنین القباب والبيوت والخزانات» ولم تسلم 
سال A‏ یسکس الظريات: des nd‏ 
والاعتناء الفائقین 

مل dant‏ التعارضات. الظاهرية آکثر Le‏ هي حقيقية. فاننا نقع في 
هذه المناطق الجرداء في أصلهاء والمتاخمة في جهة الجنوب لاغنی الأراضي في بلدان 
المغرب » على عادات واحدة تتبع في إقامة مخازن الحبوب الجماعية» ومعظمها أبنية 
حصينة. فهذه الأبنية الواسعة المتباينة أشكالاً وأسماء؛ فهي ”أگادير» في الجنوب 
الغربي» و«الكلعة» في الأوراس» و«الغرفة» b‏ فى الجنوب التونسي» تشتمل في 
وسطها على مسر من حجيرات لتضع فيها الأسر مدخراتها . وتكون تلك احجیرات 
في «گادیرن» [ج : «أكادير»] في الأطلس الصغير في العادة على صفوف ثلاثة. 
فلکل آسرة حجيرة في کل س Of LV‏ الطلب یکون آکبر علی اللتجيرات 
التي في الطابق الأوسط؛ فهي أقل تعرضاً لعوادي الطبيعة وأقل عرضة للقوارض 
من الحجيرات التي في الطابق السفلي؛ لولا أن ذلك التقسیم الحكيم كان يحول 
دون وقوع أي استئثار أو احتكار. فأنت تجد في هذا الإجراء تطبيقاً للمبد! القديم في 
الساواة الذي كان سائداً في سائر «الجمهوريات» القروية التي مرت على بلاد البربر. 


1. فخاريات كاستيلوشيو (من العصر النحاسي في صقلية). 


328 


الفخار الشکل بالأيدي : عتاقة التقنیات والأشكال 

سنختار فى بلدان الشمال هذه» شكلاً آخر من أشكال الفن؛ أبسط بكثير 

من المعمار» لکنه يتكشف لناء أكثر منه» دون أي شك» عن أكثر الخصائص تمييزا 
للاستمرارية الفريدة للتقنیات في العالم البربري؛ à‏ الفخار الشکل بالايدي. 

يشتهر هذا الفخار باسم تضييقي؛ هو «الفخار القبائلي». وهو یتمیز بخصائص 
تضرب بأصولها في غابر الأزمان» سواء ما دخل منها في صناعته آوما تعلق بشکله 
وزخرفته. 

تقتصر صناعة هذا الفخار على القری والبوادي؛ وتستعمل في تشکیله حبال 
طينية قصيرة یجعل بعضها فوق بعض على قاعدة مسطحة. وهذا النوع من الخزافة 
معروف على آوسع نطاق» وقد كان له وجود في ساثر البلدان المتوسطية» قبل أن 
تعرف دولاب الفخار وینتشر فیها الخزف الحضري ذو الطابع الصناعي. وبینما صار 
دولاب الفخار يقضي بالتدریج على الفخار الشکل بالايدي في سائر جهات البحر 
الأبيض التوسط » ظلت بلدان الغرب هی وحدها التی حافظت على هذه التقنية 
العتيقة رائجة ومتداولة إلى اليوم. ٠‏ | 

يصنع هذا الفخار بأيدي النساء؛ فهن يجعلنه على النار في العراء أو في حفر 
على غير عمق كبير. وهو يبدو قليل تكلفة» ويستجيب إلى الاحتياجات الأسرية. 
ولذلك فقلما یتخذ للتجارة» فى ما عدا بعض الأشكال الخاصة منه» من قبيل الأطباق 
المتخذة من الطين الميكي عند آيت خليلي (في منطقة القبائل)ء والتي كان الرجال 
يبيعونها في القبائل المجاورة. 

والتقنية العتيقة المستعملة في هذا الفخار مطابقة للنقنية نفسها التي كانت 
تستعمل في الأنصاب الفخارية لعهود قبيّل التاريخ (انظر الفصل الثاني)ء وتذكرنا 
لامحالة أشكال هذه الفخاريات بأشكال الفخاريات التي عرفتها البلدان المتوسطية 
في العصرين البرونزي والحديدي؛ خاصة ما تعلق منها بفخاريات صقلية وشبه 
الجزيرة الايطالية. وربا لم يكن التشابه في الأشكال سوى نتيجة طبيعية لاستعمال 
التقنية الواحدة» بيد أن في ذلك التشابه دقاتق تلوح في ظاهرها زهيدة القيمة» وهي 
شديدة البروزء با لاسبيل إلى إهمالها أو تجاهلها. فبعض الآنية ذات مرزشح عمودي 
ينفتح بفم أنبوبي» قد وجدت في مقابر ما قبل التاريخ في قسطل (منطقة تبسة) 
وفي مغراوة (منطقة مکثر)؛ وهي أشكال نادرة وجدت لها نظائر مطابقة داخل القبور 


329 


التي تعود إلى نهاية العصر البرونزي في صقلية وفي بازلیکاتا .Basilicate‏ ولا تزال 
تراهم في الأوراس یجعلون لنتجاتهم الخزفية عروات بواقیات للابهام» وهي آشیاء 
غير معهودة في بقية بلدان الغرب؛ ولها ما یطابقها في الانية الفخارية من نوع 
(بولادا» 2 (من العصر البرونزي في ایطالیا). 

والفخاریات [الغاربية] احالية» كما الآنية القديمة؛ تبين في مجملها عن تشابهات 
لائحة مع المنتجات الفخارية لا قبل التاريخ في صقلية. فنحن نجد فيهما معاً تلك 
الآنية ذات الفم الأنبوبي غير المزود برقبة» والآنية الرضاعية التي ربا تعذر التمييز 
بينها في المنطقتين؛ g‏ ة تشابهها في الأشكال والأحجام . وتعتبر العروات الساكبة 
وهي أفواه تقوم بموازاة لرقبة الاناء وتتصل معه بجسير» من أكثر الخصائص تييزاً 
للفخاريات المغاربية المشكلة بالايدي» وتحضر خاصة لدى المجموعات القبائلية. ومع 
ذلك فهي شكل متوسطي شديد القدم» فقد كان معروفاً منذ العصر الحجري الحديث . 
ولقد صار في انتشار من آسيا الصغرى إلى إسبانيا. وأقرب هذه الأشكال إلينا في 
المكان هي الأشكال القبائلية النموذجية؛ وهي تنتمي إلى ثقافة العصر البرونزي في 
ابسوس Thapsos‏ بصقلية. ويمكن أن نقول الشيء نفسه عن الجرار ذات الرقبة 
الأسطوانية العريضة والقائمة على بطن شبه كروية» ولكن بقاعدة مسطحة. وهذا 


2. آنية بمرشح عمودي من مقبرة قسطل. وجدت فخاريات 
مشابهة لها من العصر البرونزي في صقيلة وجنوب إيطاليا. 


330 


شکل واسع الانتشار في منطقة القبائل الصغری. وهو يمثل نسخة من الانية التي 
كانت معروفة فى صقلية خلال العصر النحاسی 6وناذا»021؛ ویکن التعرف 
على أصولها کذلك في الخزف الذي كان يصنع في العصر الحديدي في إيطاليا 
(الفيلانو في .(*Vellanovien‏ 

وقد اکتشفت في مقبرة كاسيبيلي à‏ و وی ا 
ذات الطوابق» آقداخ ذات أقدام كبيرة» فهي تشبه «المثرد» الغاربي كما اكتشفت 
به فخاريات من تلك الأشكال ال نت عليها في سائر أنحاء شمال إفريقيا. 
ویتوج هذا التشابه بتلبيسات الانية؛ فقد جعلت غليها طبقة صمفية کمثل ما هو 
شائع في الفخاریات القبائلية الزوقة. 


قدم النمنمة الهندسية 

إن هذه املاحظات التي سقناها في قدم آشکال الخز ف البربري الشکل بالأيدي 
والفخاريات القدية لا قبل التاريخ à‏ أو les‏ في منطقة وسط حوض البحر الابیض 
التوسط يزيد من تأكيدها إنعام النظر في الزخرفة؛ فهي لا تزيد عن أشكال هندسية 
مستقيمة على الدوام لكن على تنوع كبير؛ إذ تبين لنا عما لاعد له من الأساليب 
الإقليمية» تتفرع إلى مجموعة من الهيئات والأشكال المحلية» بل الأسرية. ووحده 
التداول الطويل بهذه النتجات الحرفية يسمح بالتعرف على الأساليب الأساسية 
[المائزة] فيها على الرغم من تشابهها الظاهر. ومع ذلك فما أسرع ما نهتدي إلى التمييز 
بين إناء من مسيردة (في طنرارة بمنطقة وهران) وآخر من زرهون (في الغرب) أو 
من شنوة (في الجزائر). فالزخارف التي على إبريق من الأوراس ستختلف عن تلك 
التي على الأباريق في منطقة القبائل» وبالإمكان التمییز في منطقة القبائل نفسها بين 
النتجات التي تعود إلى مختلف القری والبوادي. | 

وهنالك فخاریات ترسم لها زخارفها البنية رأساً على الطينة الملّسة. كذلك 
هو الشأن في بعض الآنية التي تعود إلى قبیل التاریخ؛ ولا تزال تری الشيء نفسه 
كذلك على فخاریات الجنوب التونسي والنمامشة. والشائع في هذه الانية أن 
يجعل لها دهان قبل أن تزوق. وقد يكون الدهان أبيض» وتلك هي العادة المتبعة 


- نسبة إلى الوقع الاثري الكبير فیلانوفا دي كاستيناسو Villanova di Castenaso‏ في منطقة بولون؛ وإلى 
كيان عرقی اشتهر هناك بالاشتغال على العادن خاصة الحديد. 


331 


3. إناء بمنقار انسيابي ومقبضین بواقيتين» شبيه بنتجات خزف العصر 
البرونزي في إيطاليا (أسلوب بالودا). فخاريات تصنع حالياً في الأوراس. 


على الدوام في منطقة القبائل الصغرى؛ وفي شرق الجزائر» وفي الشمال الغربي 
من تزنس» وثرى له شيوعاً كذلك في غير هذه المناطق . وعلى ذلك الدهان الأبيض 
ترسم الاشکال باللونين البني أو الأسود. ویستعمل في منطقة القبائل الكبرى دهان 
أحمر يلس Lasla‏ بعناية فائقة» وثرسم عليه الأشكال بالأسود وقد ترسم عليه استثناء 
بالأبييض. ويستعمل اللونان في هذه المنطقة كذلك في الآنية الكبيرة لتخزين الژونة 
وفي الجرارء ويؤثر استعمال اللون الأحمر للرقاب. وأما الزخارف فترسم باللون 
الأسود. ويفاض علیها من الدهان» Le‏ يسمح زيادة على ذلك بتقطیع سطح الاناء 
وإشباع الزخرفة علیه؛ فتصير متعددة الألوان. 

وتكون الزخارف المرسومة في غاية التنوع» على الرغم من الرتابة الظاهرة 
توحي بها الأشكال الهندسية التي تغلب فيها الثلثات. والتي لها شيوع في سائر هذه 
المناطق. وليس هنالك» حسب ما أعرف» غير ناحية واحدة من القبائل الصغری؛ 
غرب جیجل؛ > هي التي تزيد إلى الزخرفة الهندسية المألوفة على فخارياتها زخارف 
زهرية وق تتداخل مع الأشكال الهندسية في صورة غريبة مع الأشكال 
الهندسية [المألوفة]. وربا بدا هذا الأسلوب الزهري استثناء غير قابل للتفسير 
إذا لم سبقه بالفحص المتمعن الدقیق؛ فنحن نستبين به بعض العلامات الصغيرة 
مبتوتة أحياناً بين زخارف الفخاريات في الناطق الاخری؛ يجتمع فيها الآدميون 
والحيوانات» والخضراوات. وقد بينت لنا دراسة أكثر تعمقاً أن أشكال الزخارف 


332 


124 . فخاریات مزوقة من منطقة القبائل الصغرى» وعلیها رسوم باللونین 
البني والاسودعلی دهان أبيض . 


ذاتهاء التي صارت الیوم یطغی علیها التجرید من کل الوجوه» إن هي الا ثمرة» أو 
بالأحرى بقایا؛ لصور قديمة قد صارت تضعف بالتدریج؛ لأنها لا تعدو عن تمثيلات 
تبسيطية. وهذه الز خارف الهندسية نفسهاء الرسومة على الآنية آو على الجدران 
و التي باتت اليو م لا یفهمها آولئك من الرجال والنساء الذین یعیدون انتاجها على 
نطريقة التقليدية نطالعها کذلك على النسوجات وفي الأوشام. والاسماء الجازية 
تي تجعل لهذه الزخارف (الجنديء والفراشة وعين الحمار...) تشف عن أصولها 
نتصويرية» وتسمح أحياناً بالاهتداء إلى معناها البدائي. 

ولا نرى فائدة في إطالة الحديث عن القرابة المباشرة القائمة بين زخارف 
لفخاريات لقبیل التاريخ وزخارف الفخاريات في الوقت الحاضرء فما زلت إلى 
ليوم تجد آنية تخرف باتباع أسلوب تيديس (الذي يعود إلى القرن الثالث قبل 
الميلاد). ولا يقتصر التطابق فيهما على الرسوم؛ بل يتعداها إلى التكوين» وتقطيع 
الفضاءء وتوازن التصاوير. ولکم كانت دهشتي عظيمة عندما رأيت على صحن 
زوق في سنة 1955 في شمال الونشريس الزخارف نفسها التي كانت AE‏ على 
قشور بيض النعام عند البونيقيين في القرن الرابع قبل الميلاد! 

ولكن لا ينبغي أن نبالغ في القول بقدم الأشكال الهندسية» وهو في المشرق قد م 
أكبر ما في بلدان الغرب . فعلى خلاف ما يمكن أن يذهب إليه الاعتقاد» فالرسوم 
الهندسية البسطة التي يصير فيها الخيال البشري لعبة شيطانية» أو يصير العصفور 
«(aies‏ أو يصير الشجرة حسكة» لم تكن نتيجة لتطور طويل في الزمان. فهذا إناء 
ضغير قد اکتشف في تيديس يظهر كيف أن هذا التبسيط يتم بصورة تكاد تكون 


333 


5. آنية من تیدیس (القرن الثالث ق. م.) تبين الانتقال من الزخرفة 
الجسدة إلى الرسوم البسطة. 


فورية. إنه [ناء عليه زخرف معتدل لنقش یصور طیوراً جعلت في شبکتین. وقد بدأ 
الخزاف برسم ثلاث بطات يكن تمييزها بسهولة وجاء علیها بثلائة مثلثات وجعل لها 
زوائد تمثل الرأس والنقار؛ فصارت هذه الزوائد بعدئذ لا تزید عن خطوط معقوفة. 


الأصول التوسطية للفخاريات الشکلة بالأيدي والزوقة 


تدخل هذه الزخارف» التي تلوح كأنها آلغاز ورموز» في الارث الفني العریق 
للسکان البربر في الشمال. وقد نال التجاهل وجود الخزف الزوق العتیق أمداً 
طويلاً» ولیس ببعيد أن يكون التشابه الکبیر بين النتجات القدية واحديثة أدى 
إلى إهمال النتجات القدية. أو آدی إلى طرحها واستبعادها. ومع ذلك OÙ‏ بعض 
علماء الأعراق وعلماء الاثریات (ماك «Mac Iver „ål‏ وفان جنيب Van Gennep‏ 
وشانتر (Chantre‏ لم یتوانوا عن عقد القارنات بين الخزف الشکل بالايدي والزوق 
في شمال إفريقيا والنتجات الجميلة لا قبل التاریخ أو قبیله» في منطقتي حوض البحر 
الأبيض التوسط والشرق . وتبین الاشکال والزخارف الکونة لختلف هذه الجامیع 
من الأساليب عن تشابهات كبيرة» Le‏ يحمل على الاعتقاد بوجود قرابة بينها. ونلحظ 
في الأسلوب الهندسي في قبرص خاصة وجود قرابة كبيرة له بالنتجات الخزفية لبلاد 
البربر. والحال أنه قد تأکد وجود علاقات بين هذه الجزيرة وشمال افریقیا؛ إذ كان 
بعض القبارصة من ساهموا في بناء قرطاج. 

وما أكثر أولئك الذين قالوا بهذا الافتراض» لكن ليس بينهم من جاء له 
بدراسة متكاملة تسنده و حیط بمختلف الجموعات الفخارية. ومن ذلك أن إ. گ. 
گوبیر E. 0. Gobert‏ ييل إلى الاعتقاد OÙ‏ هذه الخزفيات» المنفصلة عن بعضها 
بالزمان والمكان» تبين عن أوجه تقارب غريبة بفعل تطابق التقنيات التي استعملت 


334 


فیها من ناحيتي التشکیل وال زخرفة؛ ولذلك فلا تعدو تلك التشابهات أن تکون ونينة 
المصادفة. 

غير أن هذا الموقف ماعاد له أساس يقو م عليه بعد أن اکتشفت الفخاريات المزوقة 
داخل الأنصاب المقابرية في شمال إفريقيا والتي تعود إلى عصور قبيل التاريخ. ولقد 
مكنني التجميع الذي قمت به في سنة 1956 لأنواع شتى من الفخاريات المزوقة 
لتي تعود إلى بضعة قرون قبل الیلاد» من إيجاد رابطين بين إدخال تقنية الخزف 
المزوق وخصائص ثقافية تعود بأصولها إلى الجهتين الشرقية والوسطى من حوض 
نبحر الأبيض المتوسط . 

وربا لا غلك أن نجزم بأن خزف شمال إفريقيا يعود بأصوله إلى منتج من 
المنتجات المميزة لجهة من الجهات أو ثقافة من الثقافات بعينهاء ولكنني أميل إلى إيلاء 
أهمية. خاصة إلى فخاريات بداية عصر العادن في صقلية» يسبب من أوجه الشبه 
والقرب الجغرافي بينها ومنطقة شمال إفريقياء وأخص منها الفخاريات من أسلوب 
كاستيلوشيو Castelluccio‏ )1400-1800 ق. م)» الذي انتشر في سائر أنحاء 
هذه الجزيرة» وجرى استنساخه في مالطاء أكثر ما أميل إلى الأخذ بالتأثير القبرصي 
المباشر. ويمكن اعتبار أساليب أخرى متأخرة» يجتمع فيها اسلوب بنتاليكا Pentalica‏ 
وابسوس» وكاسيبيلي لأواخر العصر البرونزي WIS‏ من بين أصول الفخاريات 


6. خريطة تبين تطابق انتشار الفخاريات المشكلة بالأيدي والمزوقة 
في بلدان المغرب بشكل غريب مع امتداد الحكم الروماني. 


335 


البربرية الزوقة. ولا يكن أن نغفل كذلك الغلبة التي كانت للزخرف الهندسي على 
فخاريات جنوب إيطاليا خلال العصر الحديدي. 

والحال أن هذه الأساليب الخزفية» التشابهة على جانبي مضيق صقلية» ليست 
هي السمات الثقافية الوحيدة الناطقة بالعلاقات الموغلة في القدم بين شبه جزيرة 
صقلية والجزر الإيطالية والجهات الشرقية من منطقة شمال إفريقيا. وإن أكثر 
الظواهر دلالة في هذا الصدد. من بعد التصدير الذي كان يقع من قديم الزمان 
في أحجار هذه الجزر إلى إفريقياء وإدخال الدلمنات والأنصاب الصخرية الكبيرة 
التي لها ببعضها علائق ووشائج» لهو ما نرى في شمال تونس وفي شرق الجزائر 
من تلك النواويس الصغيرة الموجودة مثيلة لها فى صقلية. فلقد احتوت هذه 
القبور المكعبة المحفورة في جوانب الصخور في صقلية على مختلف الأساليب 
الفخارية (كاستيلوشيو وكاسيبيلي)» التي رأينا من العقول أن تكون هي الأصل 
للخزف المشكل بالايدي والزوق في بلدان الغرب . 

وهنالك ملاحظة أخرى تزيد من تعزيز القول بالأصل المتوسطي لهذا الخزف 
وتسبغ عليه صفة الوئوق؛ ذلك بأننا نتعجب للتوزيع الغريب ead‏ والذي يبدو أنه 


7 جرة بطلا‌ین آحمر واییض من R‏ ا یی ففظ الوونة من وادیاسن (القبافل 
(القبائل الکبری). الکبری). زخرقة لامعة الطلاء. 


336 


لا یخضع لاي ضرورة جغرافية أو عرقية؛ فما هو بالرتبط بشکل من آشکال المناخ» ما 
دمنا نلاقیه في الناطق شبه الصحراوية؛ في الجنوب التونسي (تطاوین ومدنین)» كما 
نلاقیه في الناطق الطيرة (جبال البابور [في الجزائر]ء و[جبال] القعد [في تونس] ) 
وهذه الفخاریات يقو م على صنعها سکان الجبال (في الأوراسء والقبائل» والریف) 
كما یصنعها سکان السهول (في عين البیضاء)» ویشتغل بصنعها الناطقون بالبربرية 
(القبائليون» والأوراسيون» والریفیون) والناطقون بالعربية (في شمال تونس» وفي 
شرق الجزائرء بفي طرارة بنطقة وهران) . ومع ذلك فان مراکز انتاج هذه الفخاریات 
توجد كلها شمال خط يبتدئ من الجنوب التونسي (تطاوين» ودوز)» ویر جنوب 
النمامشة (نقرین) وجنوب الاوراس؛ ثم یصعد صوب شمال الحضنة؛ لیسیر بوازاة 
الحد الجنوبي للأطلس التلي في غرب الجزائر» ویصل إلى المحيط الاطلسي. وقد 
شمل جبال زرهون شمال غربي مكناس. ومن غريب أن هذا الخط يتوافق والخط 
الحدودي للتحصينات الرومانية في القرن الثالث» وقت أن بلغ الحكم الروماني 
أوج توسعه في إفريقيا. ولا يمكن لهذا التطابق أن يكون وليد الصدفة؛ فالفخاريات 
المشكلة بالأيدي والمزوقة والحكم الروماني ظاهرتان متوسطيتان قد وصلتا كلتاهما 
إلى الصحراء شرق بلاد البربر» بيد أنهما أهملتا السهول الأطلسية والمرتفعات 
الكبرى في المغرب . 

وعلیه» فالخزف المشكل بالايدي والزوق في بلدان المغرب وجذ في مناطق 
شديدة التنوع » كان التأثير الثقافي المتوسطي علیها كبيراً على الدوام؛ فلا يصح 
أن يوسم هذا الخزف بالبربري» وأحرى أن يسمى قبائلياً؛ ذلك OÙ‏ قسماً كبيراً من 
الناطقين بالبربرية في المغرب والصحراء ليس لهم به من معرفةء كما أن هذا الخزف 
تنتجه مجموعات قد عربت منذ وقت طويل. ومع ذلك فان هذا الخزف يشكل الرمز 
الحي لنزعة محافظة تقنية وجمالية في شمال إفريقيا تضرب بجذورها قروناً إلى ما 
قبل التاریخ. فيكون مثالاً عن (الاستمرارنة البربریة. 


الصناديق القبائلية 

يخضع العمل على الخشب» وخاصة نحته بواسطة الحقرء كما تخضع الأنواع 
العديدة من النسوجات. لقواعد جمالية متطابقة» وتمثل فائدة كبيرة للموضوع الذي 
نحن بصدده» لكن ربا تأدى بنا تناولها بالتحليل إلى توسعات تخرج بنا عن إطار 
هذه الدراسة. غير أن ذلك لن يمنعنا أن نتوقف عند تلك الحالة العجيبة التي تمثلها 


337 


الصنادیق القبائلية. وهي قطع أثاث عظيمة» ذات آشکال شديدة البساطة؛ فالصندوق 
بطول مترین وزيادة وعرض ما بين 0,60 إلى 0,70 متر» ویقوم على قوائم غليظة 
وطويلة. وقد كانت هذه القطع » وهي کل الأثاث الذي تشتمل عليه البيوت القبائلية 
تدخل فى استعمالات كثيرة. فهى قد كانت من حيث المبدإ تتخذء كسائر الخزائن 
Bi‏ الملايس AE‏ وسائر الدغرات النفيسة (التي تهيأ لها صندوقة داخلية)» بل 
و تحفظ فیها کذلك البندقية والأسلحة البیضاء وباختصار کل ما یستحق أن یخفی 
عن الأنظار. وتزاد الحماية للممتلکات الوضوعة داخل الصندوق متی كان حجمه 
وصلابته یسمحان لرب الأسرة الحريص بالنوم على غطائه. الذي یجعلونه في قطعة 
واحدة ثقبلة. 

إن هذه الصنادیق نتاج خاص لنطقة القبائل» وأكثر ما تتمیز بالزخرفة التي تزين 
واجهاتها والجوانب الظاهرة على قوائمها. وهي زخرفة ترتبط بشكل أصلي يناسب 
بتقشفه الذوق امحدیث» وفيها تفسير لولع الأوروبيين بهذه الصناديق. 

وعلى الرغم من أن زخرفة هذه الصناديق هندسية صرفة» فانها تختلف كثيراً 
عن زخرفة الفخاريات. فبينما يتطلب شكل الآنية في حد ذاته تنسيقاً أفقياً تتوزع 
فيه الزخارف إلى أشكال متتالية» تستدعي الواجهات المستطلية الطويلة للصناديق 
تنظيماً عمودياً لتلك الزخار ف . وهو تكوين يفرض نفسه بسهولة؛ ولاسيما أن معظم 
العناصر الزخرفية تكون رسوماً صغيرة LE‏ على الصندوق. وعليه فليس من 


338 


نستغرب أن تکون الزخرفة النحوتة على الصنادیق والتي تعزز منها المسمير د ت 
دوو ی ی ويك يو يوان د سياف 
هذا ١‏ الانطباع الك ET ag‏ اناسل يقاب سوب 
بنقوش ذآت سنینات أو مربعات قد جعلت في توازن وتناسق . ونجد الرسوم نفسها 
والروح نفسها غالبة على زخرفة الأبواب الخشبية النحوتة. 

یستعمل الحرفي القبائلي الفرجار في وضع الرسوم المكونة لهذا النحت بطریق 
الحفر. . والفرجار شيء غير معهود في الفخاريات المغاربية. وبهذه الطريقة ترسم 
على الخشب شتى أنواع النجميات» وأكثر أشكالها شيوعاً هو الشكل السداسي ذو 
لست تویجیات. ويحضر فيها شكل آخر أقل شيوعاً؛ یتمثل في الصليب متساوي 
الأضلاع ومدور الأطراف» والذي يجعل في شبكة مقوسة الخطوط تتصل بجوانبه 
وهذا شكل بربري خالص. وعلى الرغم من الطابع الروماني الذي نراه على صناديق 


ia? .130‏ من 6 عناصر (مسدسة) من العهد 1. باب منحوتة من جماعة تمسغيدة (في القبائل 
الروماني في وليلي (الغرب). الکبری). 


339 


كثيرة فسیکون من العبث أن نبحث في هذا الشکل عن صدی للماضي السيحي 
للبربرء لأننا نجد الصلیب *القبائلي» محفوراً على الصخور في الأطلسين الکبیر 
والصغيرء وربا كان يعود بأصوله إلى ألف سنة قبل الميلاد أو نحوهاء بجانب رسو م 
أسلحة تعود إلى العصر البرونزي. 

يمثل هذان الرسمان السداسي والصليب مدور الأضلاع شاهدين جديدين 
وقيمين على هذه الاستمرارية الفنية الدائمة لعالم البربر. ولقد تركت لنا العصور 
القديمة المتأخرة على أحجار الكاتدرائيات المسيحية سلسلة من الرسوم المنحوتة 
لكن طالها الإهمال فى العهد الكلاسى؛ فيها الأشكال السداسية» والنجميات المتنوعة 
والشاريات» والشنینات؛ والزیعات المسقة» وا کرای والخطوظ اکسرک :فن 
نراها تتطابق والزخرفة التي يأتون بها اليوم على خشب الصناديق وعلى الأبواب 
القبائلية. 


132 قطعة منحوتة من باب قبائلية من غرغورء یظهر علیها رمز الصلیب مدور الاطراف. 


133. قطعة منحوتة من باب قبائلية من غرغور» یظهر علیها الشکل السداسي. 


340 


وهكذاء فالزخرفة على الخشب تبدو ضاربة بجذورها في قدي الزمان شأنها 
شأن الزخرفة على الفخاريات المشكلة بالايدي» وان كانت بينهما فروق واختلافات. 
فالرّخرفة على اقب من عمل الرجال»:ويغلت:عليها الطايع 24 ter‏ 
التعقيد. والحال أن الصناديق نفسها التي استعملت في تجسيد هذه الزخارف تعتبر 
شواهد في غاية الإبداع EEP T E r‏ 
التي وصلتنا منها تعود إلى غابر الأزمان. ولكن إذا لم يكن بين أيدينا للتأريخ لها 
إلا [ما نرى من] قدم زخرفتها وأشكالهاء فلا أقل من أن نتساءل عن عمرها وعن 
أصولها الحقيقية. و ری علي A‏ و ی الاستمرارية 
فقي متحف باردو في تونس صندوقان من خشب الارز کانا sd‏ 
تابوتین قد اکر من المقابر البونيقية في قصور الساف (علی الساحل) 
وفي جکتیس Gightis‏ قبالة جربة. ويطابق هذان الصندوقان بشکلهما وحجمهما 
الأثاث القبائلي؛ با ي يعني أن عمر «الاسلوب القبائلي» يزيد عن ألفي سنة! 


4. قفل طوارقي ومفتاحه. 


«الحدادة» : المصوغات الطوارقية 

تسمح لنا منتجات المصوغات التقليدية بالإحاطة بجوانب أخرى من قدم هذه 
التقنية والمحافظة عليها. 

وينبغي أن نترك الصياغة الطوارقية جانباًء وهي التي بقيت في أشكالها كما في 
زخارفهاء منحصرة في هندسة مستقيمة الخطوط لا تخرج عنهاء فهي تضفي على 
حليهاء سواء منها الرجالية أو النسائية» مظهراً في غاية الإثارة. وهذه الأشياء التي 


341 


معظمها أنواط أو قرب للتعاویذ وخواتم» تكون لها زوايا مقرنة . والحدادون (وهو 
الاسم الذي fis‏ [عندهم] على كل من يشتغل بالمعادن) يستخدمون ألواح الفضة 
والميشور؛ فيقطعونها بالمقص وينقشونها بالمنقشء فلا تنم لديهم عن قدرة تخيلية 
كبيرة» الا في صناعة الأقفال الحديدية والنحاسية؛ فهم يفيضون عليها من الزخارف. 

وهذه الأقفال ذات أجسام مستطيلةء ويجعل لها مفتاح أوعدة مفاتيح مزخرفة 
هي الاخری» وهذا نوع من الأقفال يضرب بأصوله في قديم الأزمان» وقد كان 
معروفاً كذلك عند البربر في جنوب المغرب. وكان لهذه الأقفال شيوع في العالم 
الإسلامى خلال القرون الوسطى» ويبدو أنها كانت معروفة كذلك خلال العصور 
القديمة. وكان من عادة نساء الطبقة النبيلة من الطوارق أن يشددن إلى أطراف 
حجبهن مفتاح القفل الذي يجعلنه للجراب الكبير المصنوع من جلد الغزال والذي 
يحفظن فيه المؤن. وقد تولّد عن هذه الممارسة شيء صار يجعل لجرد الزينة» وسمي 
مفتاح اللثام (أسارو أوان أفير). 

وتعلق النساء في أعناقهن الملاقط المشوكةء وهي أعمال فنية بقدر ما هي أشياء 
نفعية؛ وربما اختلط الملقط بحلية » OÙ‏ جسمه يوسع في جوانبه وتجعل له زوائد مقرنة 
لها إيثار حاص في المصوغات الطوارقية. ولاغنى للرجل عن حمل حقيبة («إرمدان» 
وتشتهر باسمها العربي «منکش»)۰ يجعلها في قراب جلدي» وتكون تحتوي دوماً 
على الفط ls‏ وق مو وس CS‏ ملق هد لف ي عله 
بخيط جلدي» فهي ضرورية كمثل محفظة النقود وقراب التميمة والتعويذة. 

وفي ما خلا هذه الأشياء النفعية» التي يكن أن نزيد إليها المطارق النحاسية 
الصغيرة تستعمل في کسر قوالب السكر» فما أسهل ما يكن حصر قائمة أشكال 
الحلي [ [المدينية في منطقة شمال إفريقيا]» شأنها شأن قائمة الزخارف. OY‏ هذه الحلي 

تفتقر إلى أي أسلوب من أساليب الربط» ولا تحمل إلا معلقة» أو ُربط بالأصبع أو 
بالذراع أو تجعل حولهما. والطبيعة البدائية لهذه المصوغات الطوارقية تجعل في حد 
ذاتها من الصعب استبيان أصولها؛ هى التى انضاف فيها مكون إفريقى إلى أساس 
البربري»)؛ ما جعلها على وجه الاجمال لا تمت إلى العالم التوسطي بصلة كبيرة. 


شكلا الحلي القروية الغاربية 
وأما الحلي والمجوهرات القروية في بلدان الغرب فهي أكثر ثراء. وتصنع 
المجوهرات في سائر القرى والجبال الغاربية من الفضة» ويكون بعضها في أحجام 


342 


vues‏ وقد تستبدل أحياناً في العصر الحديث بالعدن الأبيض» کالیشور أو أي مزیج 
حر یستعاض ببریقه على نقص جودته. وقد ظل الصائغون یقتصرون لوقت طویل 
عى تذویب النقود الفضية للتحصل على القدر اللازم من هذا العدن» كما وأنهم 
تنب" ما یعیدون تذویب الحلي القديمة فیحتفظون منها بالأحجار الكريمة من الرجان 
ر jee‏ النفيسة والعناصر الز جاجية. ولقد قامت هذه المارسة الوصولة حائلاً 
ددن الحفاظ على الحلي القديمة. بيد أن صون هذه التقنية قد حافظ للحلي» كما حافظ 
غخاریات» والنسوجات. والأثاث الخشبى» على مظهرها التليد. 

ولقد بات من اليسير علينا بفضل أعمال ه. كامب فابرر H. Camps-Fabrer‏ 
منتجات على قدر كبير من الاختلاف» وان يكن أساسها واحداء ذانكما هما: 
نصوغات المشكلة بالأيدي والمخرمة والمصوغات المرصعة. فأما النوع الأول فهو 
معروف [في بلدان الغرب]» وهوء إذ جاز لنا التعبير» منتوج مغاربي» وأما النوع 
شني فهو محصور النطاق كثيراً؛ إذ لا يتعدى بعض النواحي الصغيرة والمحدودة 
Li:‏ اقتصر وجوده على مجموعة من القرى المتخصصة فيه. وقد كان ترصیع 


5. حلي طوارقية. 


343 


الصوغات لا يزال مارسة جارية في القرن التاسم عشر والنصف الأول من القرن 
العشرین في منطقة القبائل لدی بني ينى"» وفي تونس في بلدة ا مكنين» وفي جزيرة 
جربة» وفي المغرب» في الأطلس الصغیر» وفي تزنيت على وجه التحدید. ولقد 
توقفت المشاغل في المكنين وجربة في الوقت الحالي عن إنتاج هذه الحلي» كما نقص 
إنتاجها كثيراً في الغرب . وحدها منطقة القبائل لاتزال تحافظ بصعوبة على صناعة 
الحلي المرصعة. 


الحلي المشكلة بالأيدي والمخرمة : إرث من العصور القديمة 

لاتعدم الحلي المشكلة بالأيدي خصائص مائزة. فقد كانت هذه الحلي في معظم 
أنحاء المغرب الكبير من عمل حرفيين يهود كانوا يتجولون في هذه البلاد» ويسيرون 
أحياناً في ركاب الرحل يرافقونهم في تنقلاتهم. وان في هذا الغياب لمشاغل ثابتة 


6. طوارقية من تامسنا ( النيجر) تحمل «مفتاح اللثام »۰ لمجرد الزينة. 


*- ورد في الأصل «آیت يني». 


344 


بعض ما یفسر الوحدة الغالبة على هذا الانتاج» لکن في الامکان أن نتعرف في 
هذه الحلي» كما في الفخاریات والنسوجات. إن لم يكن على الأساليب فعلی الأقل 
على الجهات التي تكون فيها هذه الحلي خاضعة لنماذج معلومة أكثر ما في جهات 
أخرى. وينبغى أن نزيد تبياناً أن من الصعب أن نیز فى هذه الصوغات العتيقة 
ذات التقنيات البسيطة بين ما هکن أن یکون فیها راجعاً ای أصول بربرية قديمة وبين 
الإضافات البدوية الطارئة عليها. والأوراس هي أكثر الجهات التي تتيح التعرف على 
الجوانب المائزة لهذه المصوغات. 

وتتسم هذه الحلي بتنوع كبير في الأشكال؛ فبالإضافة إلى العقود» والأساور 
والخلاخيل» والأقراط» التي هي حلي للجسم» نتعرف على نماذج كثيرة من المشابك 
التي تجعل اثنين للملابس» والمشابك الدائرية. ومعظم هذه الحلي تصنع باستعمال 
القوالب. وبالإضافة إلى الرسوم التي تتحصل للصائغ من الصهر يمكنه أن يستعمل 
كذلك طريقة الحزء وقد يستعمل أحياناً الرشم بواسطة منقش محفور. ويقوم 
Goal‏ ف خض RES NE‏ جرف علی اا Fees‏ 
بارزة» كما نراها على القرب التي جعل للتمائم . وأكثر ما تکون الفتيلة العدنية عبارة 
عن سلك محلزن وملحوم إلى القطاعة الصقيلة؛ وهذه صورة مألوفة في الحلي 
الأوراسيةء ثم تسبغ عليها لسات لونية باستعمال أحجار كرية ولالی من الزجاج 
الأحمر أو الأخضر. 

وأكثر الخصائص قييزاً لهذه احلي ما نری فیها من وفرة السلیسلات الدقيقة 
وطولها؛ فهي تتدلى من العقود حول الرقبة» ووفرة الحلقيات» والأقراطء وطولها. 
وحمل هذه السليسلات بأنواط متعددة الأشكال > يكن أن نتعرف فیها على خيالات 
بشرية شديدة البساطةء وأيدء وأهلة» وأسطوانات» ورسوم مستطيلة تسمى «زريعة 
الدلاح»؛ لكنها تتطابق و«الأنواط الخنجرية» التي تعود إلى عهود قبيل التاريخ 
في أوروبا. وبالفعل فإن هذه السلیسلات وأنواطها تذكرنا بجواهر أواخر العصر 
البرونزي والعصر الحديدي الأول» بيد أن هذه الجواهر لم تختف كلياً من مصوغات 
العصور القديمة» بل نراها تعود إلى الظهور وبقدر من القوة في أواخر الامبراطورية 
ولدى البیزنطیین. . والحال أن هنالك تقنية مألوفة في المصوغات الاغريقية الرومانية 
هي المسماة «المخرمات) ٠"‏ وإليها يعود dat‏ آخر من زخرفة الحلي الأوراسية وحلي 


.opus interrasile باليونانية فى الاصل‎ Bg 


345 


الجنوب التونسي + us‏ التقلية في تقطيع لوخ ای de‏ سا 
عليه رسوم في غاية الدقة تغلب عليها الأشكال الهندسية؛ لكن كثيراً ما تستوحی 
رسومها من عالم النبات» ومن عالم الحيوان أيضاً. بل إننا نطالع على هذه المخرمات 
في الجنوب التونسي رسوماً لطيور وأسماك عن طريق القطع اطبرز للحزول نوسي 
رسوم تبدو مستنسخة عن حلي العصور القديمة» أو عن النقيشات في الكنائس 
المسيحية. 


المصوغات الرصعه. بارباریه ویربریه 

تنتمي الصوغات الرصعة. التي رأينا موضعها الغريب» إلى عالم فني آخر. 

غير أن هذه الصوغات. سواء منها التي في جنوب ال مغرب» أو التي في منطقة 
القبائل الکبری» لا تبين عن اختلافات كبيرة في أشكال حليها عن المنتجات التحصلة 
من التقنية الأخرى. بيد أنها تزيد عليها تنوعاً. ومن بين الأشكال المفيزة لهذه 
الصوغات ينبغي أن نشير إلى تلك اللآلئ الكبيرة في حجم البيضة التي نجدها في 
جنوب الغرب» والتي تتخلل حلي الصدر بين المشابك الكبيرة مثلثة الرؤوس. وهذه 
البيضات» ذات القيمة الحققة. لأنها تمثل وقاية من الأمراض» يستعاض بها عن قرب 
التمائم مربعة الزوايا في الحلي القبائلية. وهنالك شكل آخر أصيل؛ نريد به الشّعرية 


7. مشك ثوب بمعلقات من الاوراس. وهی حلی أشبه بمنتجات الصياغة القديمة. 


346 


نكبيرة التي CE‏ إلى غطاء الرأس» وتتخذ في منطقة القبائل أحجاماً على كثير 
من المبالغة ی توت لی هه ميخ et Aus» “ns‏ ای قيرف 
كثيرة من حدبيات مثبتة إلى سلاسل. وأما العقود والأقراط والاساور 5 فهى أكثر عدداً 
ess‏ ويسري الأمر نفسه على الأنواط التي ليست مجرد قُطاعات صقيلة؛ » بل 
هي حلي حقيقية مستقلة في حجم الحبيبات والفتائل العدنية وفي زخرفة شبيهة 
بز خرفتها. وهي Jet‏ على عينة E‏ البلوط؟ والتجوم» والايدي» و«تابرفالت» 
( لآنية الصغیرة). 

وتکون هذه الحلي على وجه الاجمال في أحجام آکبر من أحجام الجموعة 
لأولى. فمشابك الائواب تکون لها دائماً رؤوس مثلثة بالغة الکبر؛ والشابك الدائرية 
تي منظقة RAI‏ يل عم الوا متها إلى fours TT‏ ووزلة تي 800 :وال 
نها تکون دائماً من العیار الرفیع. 

ویحتل المرجان في الصوغات القبائلية مكانة هامة؛ وتتخذ الأجزاء السميكة منه 
برسم الأحجار الكريمة؛ فهي 5 تثبت في كل أنواع الحلي. وقد تقب آجذاژه اأضغيرة 
طولياًء فتكون لآلىء 1 

لكن أكثر ما تتجلى فيه أصالة هذه الضوعات عو بطببية الخال Mass‏ 
زيسبق عملیة الترصيع لحم فتائل معدنية محلزنة» أو أسلاك سميكة تقسم الزخرفة 

ی خانات. وتجعل في تلك الخانات مساحيق لدهانات مختلفة؛ فيها الأصفر 
وی والازرق؛ ثم توضع الحلية في موقد للفحم یسعر الحرفي ناره cas‏ 


8. زخرفة على مشك صدري کبیر من جنوب تونس. 


347 


أو حملاج. وكثيراً ما تری الحرفي في الکنین وفي جربة يقوم بتذهیب الفضة وقد 
يسبغ عليها من اللون الاحمر. وفي جنوب الغرب وفي الکنین یستعاض عن الرجان 
في الصوغات بالأحجار النفيسة والزجاج. 

وهكذاء فإن لكل مركز من مراكز إنتاج المصوغات المرصعة عناصر أصالة 
ce‏ لكنها تشترك في أشكال الحلي وتنسيق المجوهرات التي تمثل الأساس لكل 
المصوغات البربرية في الشمال» كما تشترك في تقنية ترصيعها. غير أن خشونة 
الأشكال؛ والتنافرات الصارخة في ألوان الترصیعات» وتكوين الزخارف في هذه 
الصوغات تجعلها با لاجدال فيه أكثر «بارباریة» من المصوغات المشكلة بالأيدي 
والمقطعة. والحال أننا لا نجد شبيهة بهذه الحلي في شمال إفريقيا خلال العصور 
القديمة» قبل مجيء الوندال. 

Etes‏ القبائلية» وحلي المراكز الأقل أهمية في جنوب المغرب» وفي 
تونس» تنتمي إلى الاسرة الکبيرة من الصوغات ذات الحواجزء أو الفتائل العدنية 
al.‏ ظهرت في الشرق» وعرفت أكبر انتشار لها في آوروبا لدی الماك 
الباربارية من فرنكية «Franc‏ ولومبارية «Lombard‏ ووزقوطية Wisigothique‏ 
خلال العصور الوسطی المبكرة. وعليه فقد أمكن للوندال» وهم قوم آخر من 
الجرمان» أن يدخلوا هذه التقنية إلى إفريقيا. لكن يبدو من الستعبد أن الوندال كان 
لهم» بقلتهم العددية» واقتصار حكمهم على القسم الشرقي من إفريقيا الرومانية لمدة 
لا تزيد عن القرن من الزمن» على وجه التحدید من التأثير ما مكدّن لهذه التقنية 
او وو و ا ال و 


je $ Pise 
: v ۳ 


139 سس 


348 


ولذلك وجدنا مولفین كثرآء أمثال ج. مارسي Marcais‏ .6 ود. جث مرحي 
«D. Jacqus-Meur::‏ وه. کامب فابرر» وان کانوا لا یعترضون على القول برد 
.ل نهذه الصوغات خلال الحقبة الوندالية» فانهم یذهبون إلى الاعتقاد بدخول OÙ‏ 
+4 حدث وأعظم. فنحن نجد الصوغات الرصعة ذات الفتائل العدنية قد بقي لها 
جود غير بعید عن بلدان الغرب لدی السلمین في الأندلس» فکانت نموذجاً اتبع في 
مصوغات الافريقية. ولقد أنتتجت هذه الصياغة عند الناصریین فى غرناطة فى الفترة 
ن القرنین الثالث عشر والخامس عشر CENE A‏ الس ف 
بي عبد الله». واستمر وجود الفن المدجن” إلى وقت لاحق» وحتی الطرد النهائي 
سموریسکیین في مطلع القرن السابع عشر. ثم جاء هوّلاء الذين صاروا یعرفون 
أندلسيين» للاستقرار في الناطق الساحلية من بلدان الغرب» وکان وصولهم إلى 
سث البلدان بوجات متتالية» منذ أن استکمل الاسترداد السیحی للأندلس وحتی 
عمنیات الطرد التي وقعت علیهم في الأعوام ۰1614-1609 وجاءت إلى إفريقيا 
منهم بأكثر من 000 200. والحال آننا نعرف أن بعض الأندلسيين نزلوا في الناطق 
نداخلية من المغرب» وصولاً إلى مراکش» وتارودانت على مشارف جبال الأطلس 
رشکلوا في وسط الجزائر قسماً مهماً من سکان مدينة الجزائر وبجاية على جانبي منطقة 
نقبائل الكبرى. وفي تونس تلقت منهم مدن تونس» وسوسة. والهدية أعداداً كبيرة. 


0 . حلية كبيرة من تزنيت. 


«Mudéjar -*‏ وهو فن مسيحي متأثر بالإسلام في آوروبا. 


349 


عليه» فليس ما ينع من الاعتقاد بمساهمة الأندلسیین في هذا الضمار وأنهم 
آدخلوا إلى بلدان المغربء أو أعادوا إليهاء تقنية كان الوزقوط Wisigoths‏ جاءوا بها 
إلى إسبانياء وظل العرب یحافظون علیها PE‏ طوال قرون. 

وقد كانت الصوغات الزوقة في الغرب وفي تونسء ككل ما یتصل بالاشتغال 
بالعادن النفيسة» شأناً یختص به اليهود. وربا كان هؤلاء هم الوسطاء بين الصائغين 
الأندلسيين» وقد كان معظهم كذلك یهودا والزبائن الغاربیین. لكن من الصعب 
التسليم لهم بهذا الدور في منطقة القبائل؛ حيث يقوم القبائليون بأنفسهم في الوقت 
الحاضر بصنع حليهم . غير أن الأمر لم يكن على هذا الوجه دائماً؛ فبعض القبائل مثل 
آيت خيار قد وجد لديها صائغون يهود ولا يبدو أن اختصاص بني يني بالصياغة 
يعود إلى أكثر من قرنين من الزمن» ومن المحتمل أن يكون هذا التخصص صار 
لديهم بفعل مجيء أولئك الحرفيين من بني عباس من القبائل الصغرى واستقرارهم 
في القبائل الكبرى» وقد كانوا هم أنفسهم على علاقات موصولة ببجاية. 

وأياً ما يكن» فالذي يبدو بالفعل أن الطلاء المزخرف بالفتائل» وهو شيء غريب 
عن منطقة شمال إفريقياء قد أدخل إليها من إسبانيا ابتداء من القرن السادس عشر. 
وقد كانت في آولها تقنية تقنية حضریة» كشأن كل مساهمة أجنبية» ثم انتقلت إلى القرى 
واستمرت متداولة في المناطق البربرية» فيما كانت الدرجة تتغير في المدن» التي هي 
أقل محافظة. 


1 تبزيمت من الحديد المحوجز والمرصع من بني يني (القبائل). 


350 


فمن هذا الذي ذکرنا نتبين كيف آمکن لتقنية مشرقية» ظهرت في مکان ما من 
شمال إيران» أن تنتقل بفعل زیغ غريب في التاریخ» عبر السهول الاوروبية بأيدي 
الجرمان. لیقیض لها البقاء طوال قرون في أقصى الغرب الايبيري؛ قبل أن تدخل 
خلال العصور الحديثة إلى شمال إفريقيا. وتبقی هذه الحلي بتقنیاتها وفخامتها 
الباربارية منتجات من العصور الوسطى في قلب القرن العشرين. 

والأغرب من ذلك أن نرى كيف أمكن لتقنية ساسانية 985920106 فوزقوطية 
ثم إسلامية أندلسية» قبل أن تصير «بربرية» صرفة» أن تندمج ذلك الاندماج الكامل 
[فى منطقة شمال إفريقيا] خلال زمن قصير نسبياً. وفى هذا الباب كذلك تبدو 
الامكيزارية البربرية قد تکونت LOL‏ م قار ة خارف لد الور تقر الساهمانت 
الخارجية. لكن سهولة تقبل البربر لتلك المساهمات توازيها سهولة استيعابهم 
وغثلهم لهاء بحيث يفرغون على المصنوعات الناجزة لمسة بربرية يصعب تمييزها 
بقدر ما يصعب إنكارها. 


351 


142 . 51,41 قبائلية متزينة باخلي 


السلطه بدون الدوله 


لا یقوم الجتمع البربري على نموذج معلوم . ولکن من بين الأشكال السياسية 
الكثيرة التي یعرفها البربر» أو عرفوها على مر القرون» یعتبر ذلك النموذج الشبیه 
بالجمهورية القروية هو الأكثر تمييزاً وشيوعاً لدى المقيمين منهم. والطابع القروي 
لهذه المؤسسات شيء لا يكن إنكاره . 


الجمهورية القروية في منطقة القبائل 

تعود سلطة القرار في القرية إلى «الجماعة»؛ وهي تجمع لأهل القبيلة یستأثر 
إمغارن (الشیوخ» os‏ الأسر) وحدهم بحق الكلام فيه. فهي إذاً ديمقراطية من 
حیث المبدإء لکنها محدودة في الواقع . فالقرار في القرية یکون دائماً بأيدي آسرتین 
اك نو ی N‏ 
المرجعيات التاريخية. وبالإضافة إلى ذلك. فان الحافظة على روابط قوية بين آفراد 
الاسرة الوسعة تضمن تجمع الساکن في أحياء أو قری صغيرة تراها تستبسل في 
الحفاظ على استقلالیتها داخل الجماعة. 

والقرية القبائلية» العروف تنظيمها أكثر من تنظيم سواهاء ليست في حد 
ذاتها سوى فخدة من القبيلة یجعل لها في العادة نسب مصطنع . فیقال : بني يني 
وآيت إراتن» وآيت منقليت . والجماعة تأتلف في مبنى جماعي تتقدمه ساحة أشبه 
ما تكون بأجورا حقيقية مصغرة» ؛ يجتمع فيها الرجال ولا يستثنى منها اليافعون. 
ويستهل الاجتماع بتلاوة آيات من القرآن من قبل أكبر الرجال سنأ وأكثرهم 
نفوذاًء أو من لدن الشيخ ممثل الأسرة المرابطة التي اندمجت في كل قبيلة قبائلية. 
وتجري العادة على أن تلي ذلك التبرك بعض النتف الكلامية بارعة الأسلوب يُطلّق 
فيها العنان للفصاحة المتوسطية. ثم يسير الاجتماع في تدرج من العموميات إلى 
الأمور الخصوصة وحولها يدور النقاش. وقد يطول الاجتماع كثيراً. ويكون 


353 


الخلوص إلى القرار في معظم الاحیان اما بالرضا والقبول الفردي أو بالهتاف 
التلقاتي أو شبه التلقائي . 

وتسري تلك القرارات على حياة الجماعة برمتها. وتقوم الجماعة مقام المحكمة 
فهي تصدر الأحكام» وتحدد الغرامات عن كل مخالفة» أو تحكم بالابعاد» وتحل 
النزاعات بين الجيران العنيدين أو الورثة المتخاصمين. وتقوم الجماعة نفسها مقام 
المجلس البلدي» فهي تحدد مبالغ المساهمات في أوقات الطاعة والامتثال» وتقرر 
الأعمال ذات المصلحة العامت وقد باتت تنحسر اليوم إلى الحدود الدنيا. وكانت 
الجماعة تقوم مقام محكمة عليا؛ فهي تحدد وتوجه العلاقات مع الخارج والعلاقات 
مع القرى الداخلة في القبيلة الواحدة» والعلاقات مع ال جانب »؛ والمراد بهم القبائل 
القبائلية الاخری» والعرب» ثم الغزاة الآتراك» والفرنسيون. 

والجماعة تتخذ كذلك قرارات تتعلق بالحياة اليومية والحياة الفصلية؛ فهى تحدد 
الوقت لبدء احرث ووقت اصاد. وهنالك موعد آکثر آهمية؛ هو الذي یکون 
فيه جنی التين. والجماعة تعلن مقتها الشدید لمن یخالفون تلك القرارات. ویکون 
في ذلك الاعلان الرسمي تأکید لسلطة جماعية لا تتخلص Le‏ من طابعها القدس 
البدائي؛ لکننا نستبین فیها بوادر للديمقراطية. 


التنظیم البلدي في دقة خلال القرن الثاني ق. م 

وعلی صعید أعلى توجد تنظیمات بلدية آکثر تطوراً. ونادرة هي القری الا فريقية 
التي كانت توجد على رأسها تلك التنظیمات؛ وما كانت من صنع الغزاة الاجانب . 

وأكثر تلك التنظیمات البلدية إثارة للاهتمام» لأنه أقدمهاء هو التنظیم الذي 
كان للمدينة النوميدية القوية 0( Thuga‏ (أو «دقة» فى تونس)؛ إحدى المدن 
الرئيسية في ملكة ماسينيسا. وتجیثنا کتابات نقوشية عديدة ثنائية اللغة» من الليبية 
قالبوتفه رو فل كدر که له سکره البلنية فلن عرد للك 
ميسيبسا. فقد كانت تتألف من مجلس للمواطنين» وباسمه کڑس معبد ماسینیسا 
في سنة 138 ق. م. وأما الشخصية الرئيسية في المدينة فهو ملك سنوي («آگیلید» 
0 بالليبية و«مملكت» MMLKT‏ بالبونيقية)» كان يحمل اللقب نفسه الذي 
للملك النوميدي. وقد كانت له مهمة سنوية؛ إذ تسمى السنة التي يحكم فيها 
باسمه» ويمكن أن يعاد له الانتخاب. ويأتى من بعد الملك قاضيان يحملان لقب 
(رئیس IMUSN?) (Ul‏ بالليبية TM,‏ 1 بالبونيقية). وهذان القاضيان 


354 


143 طاحونة للزیتون ومعصرة للزیت في قرية قبائلية. 


شبیهان بقضاة قرطاج» غير أن الترجمة البونيقية تنافي كلياً هذا التطابق. ویعتبر 
ج. فيقريي J. Fevrier‏ هذین القاضیین رئيسين للمجلس. ویکون تحت هذین 
الموسنین 1157 قاض آخر يحمل الاسم الليبي «81>17](» وهي وظيفة لیس لها ما 
یعادلها في التنظیمات البلدية الفينيقية لأن النص البونيقي ینقل الاسم دون ترجمته. 

ومن الأمور الغامضة كذلك تلك الوظائف التي یقوم بها «الگزب» GZB‏ 
و«الگلدگمل» «GLDGMIL‏ اللذان لم یترجَم اسماهما إلى البونيقية بل اقتصر 
فیهما على النقل الحرفي. ویذهب ج. فيفريي إلى أن الاسم الثاني يدل على أحد 
رؤساء القسیسین» أي القسيس الأكبر. 

وتكمن فائدة الكتابات النقوشية التي في دقة في أنها تطلعنا على تنظيم لا يدين 
حسبما يبدو بشيء ذي بال إلى الفینیقیین. غير أن المدن النوميدية الرئيسية ستصير 
علیها؛ تحت حکم خلفاء ماسینیساه إدارة مستنسخة من الژسسات البونيقية. وما 
أكثر الدن التي ستصیر یحکمها قاضیان» وظل ذلك شأنها حتی في العهد الروماني. 
بل إن بعض تلك الدن» من قبیل مکش والدينة «Althiburos‏ وجندوبة Tubrunica‏ 
ودقة» قد كان لها تحت الحكم الروماني کذلك ثلائة قضاة. وتشیر كتابة نقوشية من 
العهد الروماني في قالمة إلى أنه قد اجتمع على هذه الدينة في وقت واحد قاضیان 
و Princeps { PAL‏ يبدو أنه كان المعادل لملك دقة. 


355 


والمؤكد أنه قد كان على رأس المدنء علاوة على القضاة» مجلس یتألف من 
کبار رؤساء الأسرء بل كانت على رأسها جمعية من Jai‏ القبيلة تتحكم في السيادة 
المحلية. فقد كانت هذه المدن» وهی ليست جميعاً بذات الأصل الفينيقى» شديدة 
الحرص على سيادتها. فقد كانت» وهي تحت سلطة الملوك» ثم خلال القرن الأول 
من الحكم الروماني» تقوم بسك نقودها. ونحن نرى الطابع البلدي لنقود بعض المدن 
(المواطنين). 


الجمهورية التريبية المزابية 

سنختار من الزمن الحديث نموذجاً آخر من الجمهورية الحضرية» والجمهورية 
التي نريد قائمة على ترببية موروثة عن التقاليد القروسطية. 

وتعتبر مدن مزاب امس (في الصحراء الجزائرية) آخر وريثة للسيادة 
EI‏ ی us ee‏ هن T E‏ وان 
وبني يزقن؛ وبونوارق والعاطف وهي ذات تاريخ یطبعه التعقید. فقد أسست في 
القرن الحادي عشر من لدن الاباضیین بعد تدمير مملكة تاهرت الرستمية. وکان 
الاباضیون لجأوا أولاً إلى سدراتة (في منطقة ورقلة). لکن منذ تلك اللحظة وقع 
اختیار مجموعة cage‏ با كان لها من شدة جسارة وشدة حيطة» على منطقة وادي 
مزاب النعزلة. ویبدو أن احتلالهم لهذه النطقة كان في مبدئه مطبوعاً بالکثیر من 
الفوضی؛ ذلك بأن كل واحدة من الدن الخمس التی أصبحت تشکل تلك القاطعة 
قد تکونت» فى ما عدا غرداية» من اتحاد قرى كثيرة. وسترغاق ما تعرز :إناضيو 
مزاب مء AU‏ سدراته» الى وقع علیها التدمير في سنة ۰1078 کما تعزز 
جانبهم بروافد متفرقة جاءتهم من جماعات إباضية اخری من جربة وجبل نفوسة. 
وقد كان الزابیون شديدي تعلق بالعقيدة الاسلامیة» فصيّروا مدنهم قلاعاً دينية 
ومنعوا أتباع المذهب المالكي من دخول المزارات والأحياء الدينية. ولهذا السبب 
فالأسواق» وهى فى جوهرها آماکن دنيوية دنسة يتردد علیها الجيران من غير 
الاباضبین؛ من أمعال عرب الشعانبة» کانت تقع خارج أسوان الدينة. وتکون هذه 
المدينة شديدة تحصين» وتشرف علیها مئذنة السجد. ویقع مسجد غرداية» وهو 
قلب المدينة» وسط أقدم أحيائهاء ويحده حالياً شارع يشكل بساره الإهليليجي 
نسخة مطابقة من السور الأول. 


356 


144 رسومات جدارية في بيت قبائلي من وادیاس (القبائل). 


ولقد آفلح الزابیون في صون استقلالهم؛ فقد حافظوا جزئياً على الحكومة 
التريّبية التي كانت تحکم في تاهرت. ولم يعد عندهم إمام» وهو ملك منتخب من 
حيث المبدإء لأن کل مدينة قد صارت تحكم نفسها بنفسهاء لکن السلطة كانت» كما 
في المملكة السابقة علیهم» مرکزة بين أيدي مجلس من رجال الدين؛ هم العزابة» 
و(الطلبة». وكانت هذه الجماعة الترببية تقيم العدل وتحدد مشارطات التحالف 
والعاهدات» وتعاقب عن كل مخالفة للعقيدة وكل إخلال بالعادات. غير أن 
جماعة الطلبة كانت» على غرار المحاكم الدينية في الغرب خلال العصور الوسطى 
تسند تنفيذ أحكامها إلى السلطة الدنيوية التي تتألف من جماعة الشيوخ (جماعة 
الأعوان). وقد كان يتعين على هذه الجماعة أن تكون على معرفة بالعالم الخارجي 
فكانت تجتمع في ساحة السوق» يرأسها حكيم ليست مهامه الشرطية والرقابية على 
السوق بمختلفة كثيراً عن مهام شيخ التجار. وأما القاضي» الذي يقوم مقام قدامى 
الحكام (المشايخ) فقد كانت تقع على كاهله مسؤوليات ثقيلة؛ إذ كان يجمع إلى 
وظيفة القاضي وظائفٌ رئيس الإدارة البلدية. فلاغرابة أن يكون تعيينه من اختصاص 
جماعة الطلبة» التي كانت هي وحدها المخول لها بتغيير القوانين. 

وعلیه» فمهما بدا أن السلطة عند المزابيين كانت برأسين» وتتقاسمها الجماعتان 
فان السلطة الفعلية كانت تتركز بين أيدي رجال الدين. لكننا نجد لدى المزابيين 
كما في مجموع العالم البربري» بعض الظواهر التعويضية التي تصحح هذه النزعة 


357 


التسلطية المز و جة بنزعة تعصبية. ومن ذلك أن رجال الشرطة کانوا یشکلون جماعة 
آخری؛ هي المدعاة جماعة الكاري» وقد كانت كأنها نقابة حقيقية؛ فهي تعترض أحياناً 
على سلطة الطلبة. وعلاوة على ذلك. فالدينة كانت تشهد انقسامات أخرى تخفف 
من السلطة الدينية. فقد كان الزابیون» کساثر الجموعات البربرية منقسمین إلى 
(صفوف» متعادیة وفیها تندمج حتی القبائل الجاورة من غير النتمية إلى الجماعة 
الاباضية. 


التنظیم المجزأ عند آیت Uas‏ 

ليست الجمهورية القروية أو احضرية هي الاساس الذي تقوم عليه السلطة 
فهي تنشغل بمشكلاتها الداخلية» وتتشبث ببقائهاء وغزقها أحياناً نزاعات طاحنة. 
بل السلطة يمتلكها تجمع أهم؛ كالقبيلةء أو اتحاد للقبائل. وقد ظلت هذه التجمعات 
تسعى على مر القرون في تكوين دول. 

ولنضرب مثالاً لهذه التنظيمات القبيلة بالاتحاد القبلي القوي لآيت عطا 
في الجنوب الشرقي من المغرب. وقد ذهب بعض الژلفین» على غرار د. م. 
هارت M. Hart‏ .0 إلى أن آيت عطا يشكلون «قبيلة عليا»» بالنظر إلى أن كل 
الجموعات المكونة لهذه القبيلة تزعم لنفسها الانتساب إلى جد مشترك؛ هو ددا 
عطا» الذي قضى فى محاربته للعرب الرحل. ويعود ظهور هذا الاتحاد إلى القرن 
الان فر وريا بعوة وة إلى عا قك أن تقض الرواياك تبعل ددا عط 
تلمیذا لسيدي سعيد أحنصال الذي عاش في القرن الثالث عشر. 

در عا مات E‏ جاءوا من الصحرای ثم آخذوا في 
التغلغل تدريجياً فى الأودية التى فى الأطلس الكبير (آيت ن أومالو). ویثل جبل 
صاغرو القاحل الأجرد فى الوقت اشالی افرکز لبلاد آیت عطاء لکن فخدات کثيرة 
من هذه القيلة (آیت عطا الصحراه) قد تفرقت فل تافیلات؛ ودرعة» والزيك 
ودادس. ومنها مجموعات أخرى اجتازت جبال الأطلس» واتجهت ناحية الشمال 

وآیت عطا معظمهم من الرحل» ويعيشون على تربية الأغنام» وفي الجنوب على 
رعي الابل. وهم يمارسون نوعاً من السيادة؛ أو إنهم بتعبير أدق يمنحون «حمایتالهم 
(الرعایة) إلى الفلاحين المشتغلين بالنخيل مقابل نسبة 14/1 و 31/1 من المحصول. 
فقد كان آيت عطا مقاتلين آشداء وكانوا في حرب مفتوحة مع معظم جيرانهم 


358 


خاصة مع عرب معقل» كما كانت لهم حروب في القرن الثامن عشر مع المجموعة 
البربرية القوية آيت إفلمان. وكان آيت عطا هم آخر من قبل بالدخول تحت وصاية 
السلطان وما خضعوا للقوات الفرنسية-الشريفة إلا سنة 1934. ويقدر عددهم 
الإجمالي اليوم ب 000 200 نسمة. 

يقوم التنظيم السياسي لآيت عطا على ركيزتين اثنتين. فأما الركيزة الأولى 
فهي آشبه بالقاطعة الاتحادية» وهي فضاء مقدس (حرم) يسمى «تافراوت ن آيت 
عطا؟ في جبل صاغرو. وقد كانت تعقد في إغرم أمزدار محکمتها العليا (ليستناف) 
واحتفظ لنا في تيني أورشام براية.آيت عطا الحمراء ووثيقة من جلد الجمل دونت 
عليها تقسيمات مجموع القبائل إلى خمسة أخماس. 

وتعتبر هذه الأخماس على وجه الدقة هي الركيزة الثانية لتنظيم سياسي في غاية 
التعقيد. فليست الأخماس بتقسيمات ترابية صغرى» بل مكونات يقال إن لها ببعضها 
نسباً ووشيجة. وبعضها انضمت إليها بطريق الاختيار قبائل «أجنبية». وا حالة الأبرز 
ههنا هي التي يمثلها بني محمد» وهي قبيلة عربية انحاشت إلى خمس آيت أونبكي. 
بما يعني أن المجموعات المكونة لأحد هذه الأخماس يمكن أن تكون شديدة تباعد عن 
بعضها ومختلطة بالأخماس الأخرى. 

كان لهذا الاتحاد القبلي «آمغار ن أوفلا»؛ أي رئيس أعلى. وقد كان تعيينه 
حتى سنة 1926 يكون في صورة هي مثال للبراعة في التوازن السياسي. فقد كان 
هذا الرئيس ينتخب في كل سنة من أحد الأخماسء وأما النتخبون فيكونون من 
الأخماس الأخرى» التي لا يكون لها في تلك السنة حق تقديم مرشح عنها. وكان 
هذا الأسلوب المعقد» الدوري والتناوبي في وقت واحد» يسمح من الناحية المبدئية 
بالتخلص من الضغط الذي يكن أن تمارسه العشائر القوية داخل الأخماس لتغليب 
جانب المرشحين المنتسبين إليها. 

وكانت كل مجموعة أو قبيلة من المجموعات والقبائل المشكلة لتلك الأخماس 
تنتخب بطريقة دهقراطية «شيخاً للعام»؛ فيتولى الحكم بمساعدة مجلس يتألف 
حسب القبائل» إما من وجهاء وشیوخ. أو من مجموع الرجال البالغين. 

ولیس هذا التنظیم القطاعي الخماسي بال حالة الفريدة في الحياة السياسية البربرية. 
فهذا د. م. هارت يشير إلى وجود جسیدات عديدة لهذا التنظیم في الغرب وحده 


359 


45 . القرية القبائلية تاوريرت میمون في فصل الشتاء. 


لدی آیت وریاغل في الریف. أو لدی دكالة في السهل الأطلنتي. وقد كان القسم من 
موریتانیا القيصرية. الذي یوافق منطقة القبائل في الوقت الراهن؛ عرف في الثلث 
الأخير من القرن الثالث اتحاداً قوياً كان یسمی لدی المؤرخين الرومان وفي الکتابات 
النقوشية الرسمية باسم -(Quinquegentiani)‏ ولیس هو بالاسم البربري الحرف 
بل تسمية |دارية لتجمع من خمس قبائل .(quinque gentes)‏ عدا أننا نعرف علی 
وجه التقریب آسماء القبائل التي كانت تولف هذا التجمع . فالراجح» حسبما یری 
ل. گالان 02104 .1ء أن یکون تجمعاً خمسياًء على منوال النظام الذي كان لدی 
آیت عطا. ويمكن أن نذكر في هذا الصدد بأسطورة ساقها بولیفیا «Boulifa‏ وتفید 
أن القبائلیین یعتبرون آنفسهم ینحدرون من خمسة آبناء لأحد العمالقة. وقد شکلت 
القبائل الخمس النحدرة من هوّلاء الاشقاء في وقت لاحق اتحاد ازواوة). 


الاتحادات النوميدية والورية 

يمكننا أن نتعرف في العصور القديمة» وفي العصور الوسطی بوجه خاص على 
وجود لتلك القباثل القوية» التي غالبا ما تکون تتحکم في قباثل أخرى» ونتزعم 
الا حادات القبلية. 

ونحن لا نعدم الأمثلة على هذه القبائل. فقد تکونت في نطاق المملكة النوميدية 
بين ما يعرف اليوم بتونس والجزائر» قوة قبلية مهمة على امتداد نهر موثول Muthul‏ 
(وادي ملاق)؛ ذلكم هم المزالمة. وقد اشتهر هوّلاء بثورة تاكفاريناس على عهد 
الامبراطور تيبيريوس ۰110676 ثم صار إقليمهم إلى انحسارء أولاً بسبب الاستعمار 


360 


e iles‏ ثم جری تحدید نطاقه بعناية كبيرة. لکن بقي هذا الاقلیم شاسعاً مترامي 
الأطراف؛ فهو يمتد من مداوروش إلى تبسة» ومن حيدرة Hammaedara‏ إلى 
الجزء الأعلى من وادي مسكيانة. وقد تكونت بلديات ومستعمرات حيدرة وتالة 
ومداوروش» وتبسة» على حساب الزالة. 

وكان هنالك إقليم آخر يكاد يكون على القدر نفسه من الاتساع ؛ لاتحاد نوميدي 
أقل شهرةء ذلك هو اتحاد المسيسيريين «Misiciri‏ الذين كانوا يستوطنون المنطقة 
الغابوية والجبلية فى شمال مجردة على الحدود الجزائرية التونسية. وبالامکان أن 
نتعرف بفضل ثلاث کتابات نقوشية لاتينية واثنتين وستين LUS‏ نقوشية ليبية في 
إقليم المسيسيريين MSKRH)‏ بالليبية) على مجموعات تسمى NBIBH‏ (ربما كانت 
هي الناباب ۵5۵06( الذين يعرف اسمهم في أماكن NNDRMH «(5 Í‏ الذين 
یذکرنا اسمهم باسم ندرومة (في وهران)؛ ; .NFZIH, «NSFHg ‘CRMMH‏ 
فالذي يبدو أن السیسیریین کانوا ینقسمون على آنفسهم إلى خمس عشائر أو قبائل. 
وهذا عنصر جديد ينبغي إضافته إلى احتمال وجود تنظیم خماسي من القبائل العلیا 
أو الاحادات البربرية. 

وعرفت الوریتانیتان تجمعات آکبر وأعظم؛ فلقد يسر لهما تنظیمهما القبلي 
القاومة الطويلة للتغیرات التی جاءت بها عملية الرومنة. ومن تلك التجمعات نذ کر 
الباقار» الذين نجد ما يدل عليهم في مناطق عديدة من موريتانيا القيصرية» بحيث 
يغلب علي الاعتقاد أن فيهم مجموعتين على الأقل؛ إحداهما تقع في جبال البابور 
(ومن المحتمل أن يكونوا منها استمدوا اسمهم) على حدود نوميديا وموريتانيا 
والأخرى توجد في المرتفعات الساحلية إلى الغرب من وهران على مقربة من 
ملویة؛ ذلك النهر الذي قال عنه آحد الکتاب اللاتین من القرن اامس» هو یولیوس 
هونوریوس Julius Honorius‏ إنه هایزهم عن باکوات موریتانیا الطنجية. وکانت 
هنالك مجموعات آخری من البافار تعيش منعزلة» كما في وسط الجزائر (حسبما 
نستفید من الكتابة النقوشية التی فى مليانة» ومن قولة أميين مارسولین. وقد ذهب 
البعض من هذا التشتت الذي كان فيه لباثار إلى الاعتقاد بأنهم کانوا من الرحل» غير 
أن لي رأيا مخالفاً في هذا الباب . فقد كان اسم البافار دائم الورود في مناطق جبلية 
سكنتها من قد الزمان أقوام من المقيمين (البابور» والطرارة» والونشريس). 

فأما بافار الشرق فنحن نتعرفهم من تكريسات كثيرة للحكام الرومان. فهم قد 
شكلوا خلال الثورة المورية الكبيرة لسنوات 262-253 تهديداً» كما شكلوا خطراً 


361 


على الجزء الغربي من نومیدیا . وفي حوالي سنة 255 J5‏ لهم ثلاثة ملوك في معركة 
طاحنة . ثم قاموا بضع سنین بعد باجتیاح شمال نومیدیا يقودهم آربعة ملوك. . فمن 
هذا الذي ذکرنا نستفید أن البافار کانوا قبائل كثيرة» بين خمس وأکثر قد تجمعت 
في اتحاد قوي. 

وأما باثار الغرب فهم الاقدم ذكراً؛ فقد یکون اسمهم جاء على نقش في مدينة 
وليلي یرجع إلى منتصف القرن الثاني» وهم الذين بریدهم كذلك کتاب متأخرون 
آمثال یولیوس هونوريوس» الذي یجعل موضعهم بجوار موریتانیا الطنجية. 

وقد شكل البافار مع الباکوات في ما بين 222 و۰235 تحت امارة الاسکندر 
سيفيروس Alexandre Sévère‏ مجموعة واحدة» وكان للبافار المقدمة في هذا 
الاتحاد. 

ويمكننا تتبع التطور السياسي الذي صارت إليه قبيلة الباكوات بفضل مجموعة 
كبيرة من الوثائق الكتابية النقوشية التي تم العثور عليها في مدينة وليلي. فهي تفيدنا 
أن لقاءات دورية كانت تنعقد بين حكام موريتانيا الطنجية ورؤساء هذه ا 
كما نجد لدى الكتاب» وفي السير الرسمية؛ وفي الدراسات الکونية " حديثاً كثيراً عن 


«Cosmographies -*‏ وهي علوم الدراسات الکونية؛ مع ما يبدو من بعد معناها عن هذا السیاق. 


362 


الباكوات» مع تحریف اسمهم أحياناً» با يرجح أن یکون لهم وجود في موضع م 
في شرق وليلي وفي جنوبها.وربا وجدنا في هذا الأمر تفسيراً للتحالف الذي كان 
منهم تارة مع البافار في وهران وتارة آخری هم الماسينيين Macénites‏ في الأطلس 
المتوسط» والذین شکلوا وإياهم اتحاداً. غير آننا لا نعرف هل کانوا هم آنفسهم 
de‏ 1۱2۱۱۱۱۱ کل ۱۰۱۸۵ اي اب۵0 
اکتشفت في هذه المدينة قاعدة لتمثال فیها تخلید للمقاومة الظافرة التي كانت من 
هذه المدينة. وتجمع كل الوثائق الأخرى الأقرب عهداً على موضعة الباكوات في 
موريتانيا الطنجية. 

وأصبح الباكوات خلال النصف الثاني من القرن الثالث هم وحدهم الذين 
نطالع أسماءهم على هياكل مدينة وليلي» بل تفيدنا هذه الهياكل كذلك أن رئيس 
هذه القبيلة أصبح يسمى بالملك» بعد أن حصل على المواطنة الرومانية في ما بين 
5 و249. وهكذا ففي سنة 277 وقع يوليوس نوفوزي Julius Nuffuzi‏ ابن 
الملك يوليوس ماتيف Julius Matif‏ لا مجرد معاهدة للسلم بل تحالفاً حقيقياً 
«(Foedarata pax)‏ مع الوالي الروماني. وهنالك واقعة أخرى يتجلى فيها الصعود 
الذي تحقق لقبيلة الباکوات والاسرة الحاكمة؛ فاللك ما عاد يشارك فى الفاوضات 
مع الوالي كما كان یفعل أسلافه» بل صار يفوّض لها ابنه. فعندما استدعت الحاجة 
لتأكيد الحلف ثلاث سنین بعذ لقاء جدید! قام یولیوس نوفوزي الذي كان قد خلف 
والده بتفویض آخیه یولیوس ميرزي Julius Mirzi‏ لتمثیله لدی الوالي . 

وشهدت العصور الوسطی تطورات مشابهة» وان على مستوی آکبر. فقد 
كرست بعض القبائل نفسها لخدمة قضایا معينة» کمثل LUS‏ ومجموعات أخرى من 
صنهاجة تلکاتة » واستطاعت أن تسس لها مملكة» أو مالك عديدة؛ ومن جملتها 
تملكة الزیریین ومملكة الحماديين» الذین انتهی بهم الطاف إلى أن یطرحوا عنهم 
القضية الدينية بعد أن کانوا فيها أبطالاً. 

إن الغالبية العظمى من الممالك التي توالت على المغرب الكبير خلال العصور 
الوسطى شديدة التعقيد» ولم تعمر طويلاً» قد قامت على سس دينية وقبلية معا. 


*- كتبها المؤلف كذا: ITakalta‏ 


363 


مجتمع الطوارق الارستقراطي 
لا یزال العصر الحديث یعرف مثيلاً لهذه التنظیمات القبلية التي تحمل 

في بنیاتها بذور الدولة. ذلك هو شأن مجتمع الطوارق» خاصة مجتمع «إهقارن» 
0 الذين من اسمهم (آهقار الهقار) استمد اسم البلاد التي یقطنونها. 

یقوم هذا الجتمع على إقليم شاسم یسمی» علامة على السلطة ب «الطبل» (أو 
الطبول)» الذي هو نوع من الطبول الکبيرة بصندوق نصف كروي. فهذا هو الفسر 
لوجود طبل كل ريلاء وهو الأكثر أهمية ولکن لا یکاد يمايزه شيء عن طبل كل أهقار 
Kel Ahagar‏ (أهل أهقار )» وطبل التجيهي ميليت «Tedjéhé Mellet‏ الذي تقلص 
اليوم إلى شيء زهید. فلا يعدو عن قيادة على قبيلة مفقرة. 

ينقسم طوارق الهقار إلى طبقتين. فأما الأولى فهي الطبقة الأرستقراطية التي 
يكونها الإموهاق 217101107 وتتألف من عدة أنساب تستأثر بالسيادة. نذكر منها 
كل ريلا الذين يقولون بانتسابهم من جهة الأم إلى سلف آنثی» هي تين هنان؛ وهم 
التحکمون في الطبول. ومنهم Ju‏ علی الدوام الأمينو کال sAmenokal‏ آي 
لفاغ 

الطبقة الاخری هي على وجه التحدید طبقة التبع» الامراد 170720 الذين یسمون 
كذلك کل أولى Kell Oulli‏ («أصحاب الاعز» بعکس النبلاء الاموهاق). ویتکون 
الامرادمن قبائل عديدة (تاوسیت) ذات قاعدة ترابية» بعکس قبائل الاموهاق . ویکون 
الإمراد في التنظيم الاجتماعي والاقتصادي التقليدي لمجتمع الطوارق هم الذين 
یضمنون في dd‏ البقاء للنبلاء؛ فهؤلاء يسمونهم بصيغة ابحمع (تامسقیت) : 
القوت. والامراد اجان قد شارك معظمهم في الحملات العسكرية» بل يمثلون 
العمدة فى القوة العسکرية للطبول . 

وينبغي التمییزه حسب م. گاست M. Gast‏ بين وضعین عند هؤلاء التبع 
لايكادان يبينان للملاحظ الأجنبي. فبعض قباثلهم تعود بأصولها إلى آقوام أخضعت 
(ess‏ اهقارن 2174884767 فتنطبق علیهم تسمية الامراد (التبع ). ومن هوّلاء الداق 
رالي Dag Rali‏ القیمون في أتاكورء وهي آشد الناطق ارتفاعاً في الهقار» وآیت 
لواین» وکل آهنت. 

وهنالك قبائل آخری» مثل |ساکامارین «Issaggamarènes‏ لا تعترف Cu‏ 
بوضع التبع ‏ وتعلن رفضها أداء الضريبة (تيوسي) بالغصب. وتدفع إلى الأمينو کال 


364 


ما یعادلها في شکل عطایا تعبيراً عن الولاء لهم. وتجلو لنا هذه التدقیقات اللغوية 
اختلافات ذات ce‏ تاريخي؛ فالفئة الأولی من الامراد تمثل الهزومین أو الخضعین 
والفئة الثانية 25 تفج الو عا جد انه في عرق اوري 

ويكتمل مجتمع كل أهقار بفئات اجتماعية آخری قد اختلطت بالطبقتين 
المذكورتين. فالحرفيون؛ من امین وصائغين» یکونون طائفة شديدة انغلاق تمارس 
في ما بينها زواج الأقارب . وهم يعيشون مع الرحل في ما يكون لهم من منتجعات 
غير أنهم يفضلون منتجعات الأمينوكال. ويمثل الحرفيون نسبة هي دون %2 من 
السكان. وكذلك هم العبيد» الذين أصبحوا بفضل ثورة لغوية يدعون ae‏ فما 
كانوا بالكثيرين في يوم من الأيام. وهؤلاء يكونون أبناء للعبید. أو يتخطفون من 
السودان؛ وقد كان منهم الرعاةء وخدم البيوت والبستانيون؛ وكان الطلبة العارفون 
بالعربية» الذين يزعمون لأنفسهم أنهم أشراف (ينتسبون إلى البيت النبوي) 
والقادمون من تواتء أو من الساقية الحمراء القصية» يقومون على تقديم شيء من 
التعليم الديني» ويعيشون على العطايا العينية يقدمها لهم الرحل والمزارعون. 

فالزارعون يشكلون في الواقع مجتمعاً موازياً غير مندمج اندماجاً حقيقياً 
في التنظيم الاجتماعي والسياسي لإهقارنء الذين جاءوا بهم من توات في القرن 
التاسع عشرء ليقوموا على زراعة بعض الأودية المحيطة. وقد كان للبستانيين في 
النظام القديم وضع الخماسين؛ أي أنهم لا يحوزون غير الخمس من المحصول. ٠‏ ثم 
خولت لهم بعدئذ عقود بصفة المزارعين» وتحقق لهم تحسن جديد في أوضاعهم 
فصار لهم حق الانتفاع من الأراضي الجديدة التي يقومون على زراعتها بإنشاء 
«فقارات»۰ وهي أنفاق جوفية يستعملونها في الري. ثم أصبحوا في الأخير ملاكاً 
كاملي الحقوق في جميع الأراضي التي يقومون لها بالزراعة. فهم اليوم أكثر ثراء 
وأكثر عدداً من السادة السابقين. 

إن هذا المجتمع ذا النظام التراتبي الحکم الموجه لخدمة مصلحة المجموعة 
الغالبة» يبدو على اختلاف كبير عن المجتمع الذي تكونه المجموعات البربرية في 
الشمال. فعلى رأسه يوجد الأمينوكال» وهو سيد يمتلك كثيراً من خصائص الملك 
الاقطاعي» وربا كان لا يزال يحتفظ بالسلطات التي كانت بأيدي أوائل ملوك البربر. 
فهو يأخذ الجزية السنوية (تيوسي) من التبع » ويحصل رسوماً عن القوافل الأجنبية 
التي تمر بمنطقة نفوذه ويعود إليه قسم من غنائم الغارات التي يقوم بها الإمراد 


365 


(لکنه لایقبض شيئاً من غنائم الغارات التي يقو م بها النبلاء)» كما وأنه یحصل على 
الأتاوات من الزارعین. وعلاوة على ذلك فالامینوکال له حق الانتفاع من الخزينة 
العامة؛ وهي تتکون من قطیع الطبول غير قابل للتصرف فیه. وتزود من الأموال 
الشاغرة. 

والأمینو کال هو الذي يقوم على التوزیع السخي للقسم الاکبر من هذه 
النتجات والعطایا العينية. فیکون الأمینو کال یشکل الحماية الادية لجتمع الطوارق 
وهو يحيط نفسه في الحكم والقضاء بمجلس لیس له وضع معلوم بل هو دائرة ضيقة 
من الا قارب والاصدقاء. وکذلك يعود لاستشارة النساء النبیلات اللاتي یتمتعن 
بقدر کبیر من احرية» ویحظین بالکثیر من الاعتبار» وكثيراً ما يعمل بنصائحهن . 

ویدعو الأمینو کال بضرب الطبل إلى ما يشبه الخيمة لاجتماع الرجال الاحرار 
والنبلاء والتبع الذین هم في سن يؤهلهم لحمل السلاح . وعن هذه الجمعية الشعبية 
تنبئق السلطة الفعلية. ويكون لكل شخص الق في الحديث في هذا الاجتماع . 
والأمينوكال يعطي بكل حذق الاهتمام الأكبر إلى أحاديث إمغارن (رؤساء) قبائل 


7. رجل من آيت إسفول (اتحاد آيت عطاء الغرب). 


366 


التبع . ولربما اعتمد علیهم لیعادل السلطة التي يمكن أن تصير لقریب من أقربائه» وهم 
منافسون له کامنون على الدوام OY‏ لهم مثله الحق في تولي القيادة. 

لکن هذا الجتمع القدیم ذا الجوهر العسكري لم يقو على مقاومة التقلبات التي 
حصلت بفعل ظهور أنظمة سياسية واقتصادية جديدة. وقد كان الانحطاط - حتى 
لا نقول السقوط - الذي وقع للنبلاء أمراً يبعث على الاستغراب» ولاسيما أن 
الاموهاق كانوا قبل أقل من قرن يزلزلون الصحراء من أقصاها إلى أقصاها. لقد 
كان ذلك الانحطاط الذي تردى إليه النبلاء نتيجة مباشرة للغزو الفرنسي. فقد أدت 
السيطرة الأوروبية على بلدان المغرب وإفريقيا السوداء (السودان والساحل) إلى 
إضعاف تجارة القوافل؛ والحال أن هذه التجارة كانت تمثل مصدراً مزدوجاً للدخول 
عند الطوارق؛ فقد كانوا یحصلون شتى الرسوم عن الرور أو الحماية» ویشنون 
الغارات المجزية على التجار. 

ولقد أدى الغزو العسكري للصحراء بعد ذلك إلى قطع دابر كل محاولة للقيام 
بتلك الغزوات وصار الزارعون إلى التحرر بالتدريج. ولذلك أصبح الطوارق في 
الهقار قبیّل استقلال الدول الافريقية في ستينيات القرن العشرين وليس لهم غير 
ثلاثة مصادر للدخول : قطعانهم من الاغز والجمال التي ترعى خاصة في الساحل 
وما يقبضون عن محصول البساتين» ومتاجرة زهيدة في الملح الذي يستخرجونه 
من آمادرور Amadror‏ (في شمال شرقي الهقار) أو يقايضونه بالذرة في النيجر. 
ثم صارت هذه الصادر ثلائتها كذلك إلى نقص شدید. Les‏ الاستقلال وبفضل 
البادی الاشتراكية» أصبح العاملون في البساتین ملاكء وصارو لا یدفعون من 
أتاوات. وفقد ملح آمادرور معظم قیمته التجارية بفعل النافسة التي صار یلقاها 
من الإنتاج الصناعي» بحيث لم يعد للمقايضة من نفع. ونقصت القطعان عمليا 
فما عادت تزيد عن القطيع الصغير الوحيد من الماعز الذي بقي في الهقار. وما عاد 
وجود للثروة الكبيرة من الإبلء ولا عاد وجود حتى للثيران التي كانت بأيدي الكل 
ريلا في تامسنا القصية في النيجر. ثم كانت المنغصات الإدارية التي صارت تبدر 
من الدول الناشئة الحريصة على استقلالها على جانبيَّ حدود لم يعترف بها الرحل 
الصحراويون في يوم من الأيام» وجاء بعدها الجفاف الرهيب والطويل الذي 
استوطن الساحل خلال سنوات 1977-1970» فأتى على ما تبقى من القطعان 
التي ما عادت سوى ذكرى باهتة لسلطة بائدة. 


367 


وفى سنة 1975 توفي الباي» أمينو کال كل آهقار» الذي صار له في السنوات 
الاخبرة من حياته وضع مفارق؛ فهو ملك للطوارق ونائب في الجمعية الوطنية 
لجمهورية ديمقراطية شعبية. ثم لم يؤت له بخلف. فما عاد للطوارق آمینوکال 
Les‏ عاد للطوارق وجود... أو انهم على الاقل قد آصبحوا مختلفین . وبعد أن ظل 
الاموهاق لزمن طويل یزدرون الدرسة والحرف اليدوية والنقود» وبعد أن ظلوا 
لزمن طویل یتجولون وسیوفهم متدلية إلى جنبهم» إذا هم قد صارواء كما صار 
الامراد؛ وکما صار الزارعون والحدادون من بعدهم بزمن طویل» یقبلون بالقانون 
العام؛ ذلك القانون القاسي. قانون العمل والاجر. 


368 


إن الناظر إلى الجتمع البربري» في شکله القروي. أو في شکله القبلي؛ يخرج 
بانطباع » مهما كانت تنويعاته» OÙ‏ هذا الجتمع عرف استمرارية طويلة» لم تنل منها 
غير التقلبات الاقتصادية التي شهدها العصر الحديث . وفي المقابل فإن الدول المغاربية 
التي تكونت على مر التاريخ لم تنعم بأي استقرار» وكان عمرها عامة محدوداً في 
الزمان. 


الملكية المستحيلة 
وعليه» فالذي يكن أن نرجم به من المحاولات التي بذلت في بداية عصور 
التاريخ لتنظيم الدولة في المملكتين النوميدية والمورية لا يعطينا غير انطباع مخيب 


8 و149. خرج ودرع طوارقيان. 


369 


بمحاولات طابعها الارتجال على الدوام» أو بالرکون إلى ماذج آجنبية. والناظر إلى 
الصراعات التي كانت تهز المالك والامبراطوریات الاسلامية في العصور الوسطی 
یقع في حيرة شديدة. فما كانت تلك الدول الجنينية غير تجمیعات من قبائل وأقاليم 
لا تستمر في الزمان إلا با تسیر في اتساع؛ وما أسرع ما يعقب اتساعها انحسار 
وانکماش. وقد سبق لابن خلدون. ذلك الملاحظ النبیه» أن كشف عن هذا العجز 
الذي كان من المغاربيين عن تأسيس دول تنعم بالاستقرار. فجيل أول يضع الأسس 
ولشّد ما تكون ضعيفة واهية» للمملكة القابلة» وجيل OÙ‏ يحقق للامبراطورية 
السطوة والنفوذ ويحوز الولاء من الإمارات القصية» ويأتي جيل ثالث يفسده الترف 
فيضعف عن الحفاظ على تلك الإمارات. ولئن كانت الممالك القروسطية لاتستجيب 
جميعاً إلى هذه الرؤية المتشائمة» فالحقيقة أن الانحطاط ثم السقوط اللذين کانا یقعان 
لهذه الدول غير المستحقة لهذه التسمية كانا يحدثان بسرعة لا توازيها إلا السرعة 


150. طوارقي عاجري في لباس احتفالي. 


370 


التي یکون بها اتساعها. ومرد هذا الأمر إلى أن معظم تلك الدول لا یکون لها أساس 
ترابي تقوم علیه. 

فكأن البربري |ذا خرج من !طاره البلدي أو القبلي صار عاجزاً عن تصور 
دولة منظمة» على الرغم من أننا لم نعدم رجال الدولة العظام» من ملوك وسلاطين 
ووزراء» على امتداد تاريخ شمال إفريقيا. 

ويعود أحد الأسباب الرئيسية وراء ضعف الدول فى بلدان البربر إلى 
قواعد - أوغيات قواعد - انتقال السلطة. ذلك OÙ‏ ميدأ التوارث العائلی الذي 
يبدو لنا أمراً بديهياء باعتبارنا أبناء الملكية القفصية. لیس بالبد! الأصيل في الجتمع 
البربري. فهو لايظهر إلا عندما تتجه الدولة إلى تنظيم نفسها على أسس أكثر 
استقراراً. 

ولنمثل لهذا الأمر بأسرة الماسيليين النوميدية. فما كان أسلاف الاسیلیین 
یتوارئون الحكم أباً لابن؛ إذ يبدو أن السلطة الملكية كانت أشبه باللكية في أيدي 
آفراد الأسرة الماسيلية جميعهم» فكانت تنقل في غير انتظام» إلى الأكبر سنا 
بين الرجال. وبذاء فالملك كاياء أبو ماسينيساء لم يكن ابناً لملك» فلما مات في 
حوالي 206-207 ق.م» تولى الملك من بعده أخوه أوزالسيس. ثم لما مات 
أوزالسيس ولم يعمر إلا في الملك إلا قليلاًء تولى من بعده أكبر الذكور في أسرته 
وكان ابته كابوسا. وما قام ماسينيساء وهو ابن الملك» يطالب بحقوقه في العرش في 
مواجهة الشاب لاكومازيس 130117232858 أخي كابوساء إلا بعد موت هذ الأخير 
(انظر الجدول ص. 134). 

وتولت الأسرة الماسيلية الملك من بعد حكم ماسينيساء الذي دام طويلاً» وظلت 
مستأثرة به» لکننا رأينا كيف وقع اقتسامه بين خلفائه في صورة غريبة. فلقد تقاسم 
أبناء ماسينيسا الملوك الثلاثة السلطة» عملا فى ما يبدو بمشيئة روما؛ فميسيبسا وهو 
لابن الاکبر» كانت له السلطة العلا علی المکومة الدنية وگولوسا تولی قيادة 
الجيوش» وماستانبال Mastanabal‏ تولی السلطة القضائية. لکن هؤلاء الاخوة 
كانواء كما تؤكد الکتابات النقوشية التي في سيرتاء لائتهم ملوكاً. ولیس ببعيد عن 
الاحتمال أن يكون سكيبيون إميليان استلهم من هذا التنظيم الثلائي التقليدي في 
تدبير السلطة في مسعاه إلى إضعاف القوة النوميدية. فلقد رأينا حواضر نوميدية 
كثيرة يحكمها ثلاثة ولا Le‏ يخالف التشريع القرطاجي الذي لم يعرف إلا الحكم 


يتولاه ائنان. 


371 


ثم قام میسیبساء الذي عاش بعد آخویه الاکبر منه سناًء بتوحيد السلطة الملكية 
من جدید» حتی إذا توفی ترك المملكة من جدید لثلائة ورثة؛ هما ولداه آدهربال 
وهيمبسال» وابن أخيه يوغرطة» الذي قام بتبنّيه على الرغم من أن هذا الابن قد ولد 
لاستانبال من خليلة. 

لقد كان في تصور الملك الشيخ أن الملكية وحدها يجب أن تقسّم» لا المملكة. 
والواقع أن الملوك الثلائة قررواء من عجزهم عن الاتفاق» أن يقتسموا الأموال 
والتراب معا. ثم وقع اغتيال هیمبسال. فإذا الورثة قد صاروا ائنین؛ فحصل 
يوغرطة على نوميديا الغربية» أي ماسيسيليا سابق واحتفظ أدهربال بالقسم 
الشرقي الذي تکونه ماسیلیا؛ وجعل سیرتا لها العاصمة. ومن المعلوم أن إعاده 
توحيد المملكة من لدن یوغرطة لم یکتب لها أن تعمر طویلا» واضطر من أجل 
التحالف مع نسیبه بوخوس» ملك الوریین إلى التنازل له عن ماسیسیلیا. وما 
أن قام بوخوس نفسه بتسلیم یوغرطة إلى سيلاء حتی أصبح آخوه غير الشقیق 
گوضا ملكا على نوميدياء التي باتت تنحصر في قسمها الشرقي . وفي ذلك الوقت 
صار بوخوس وخلفاؤه یحکمون نوميديي الغرب» الذين لم يلبثوا أن اندغموا في 
الموريين. 

ولم يقيض لا تبقى من مملكة نوميديا أن يحافظ على و حدته؛ فما أن توفي 
گوضا حتى انقسمت المملكة فى ما يبدو إلى شطرین؛ فمملكة يحكمها ماسينيسا 
الثانی «Massinissa IJ‏ وأخری N‏ هيمبسال الثاني ]1 Hiempsal‏ الذي خلفه 
Le‏ الاول» آخر ملوك نومیدیا. | 

ولئن كان أسلوب تناقل السلطة ابتداء من كايا وانتهاء بیوبا الأول» أسلوباً لیس 
فيه استقرار» على الرغم من الحكم الطویل الذي كان لاسینیسا (ستة وخمسون سنة) 
ومیسیبسا (ثلائون سنة). فلأن الملكة النوميدية لم تكن ترتکز إلى أي مؤسسة 
تنعم بالاستقرار. بل يبدو أن السلطة الملكية نفسها لم تكن محددة في الحقيقة؛ إذ 
كانت قابلة لتتشارك . فنحن of‏ نراها قد اشتملت على نظام عتيق» ذي أصول قبلية 
يجعل هذه السلطة ملكية أسرية» ونتعرف فيها عناصر سحرية» ودينية» ربا تعود إلى 
أشخاص عديدين في وقت واحد» ونراها في الأخير تقوم على سلطة مهتزة لسيد 
ذي طابع عسكري» يفرض نفسه بالقوة والبطولة وقد يزيد إليهما هيبة أبوية» على 
رؤساء قبائل Gas‏ حرص على استقلالهم. 


372 


ونحن لا نمتلك معرفة كافية بالتنظیم الذي كانت عليه المالك البريرية السيحية 
عند نهاية العصور القديمة» فنسعی في تعرف الكيفية التي كانت تتداول بها السلطة 
فيها. وقد عرفت الممالك والإمبراطوريات الإسلامية في العصور الوسطى مؤسسات 
عديدة» Le‏ فيها الملكية الانتخابية» التي ظهرت لدى بعض الإمارات الخوارجية. 
وكان من تلك المؤسسات المستمد رأساً من التنظيم الداخلي الذي كان للقبائل 
الحاكمة» ومنها المستنسخ من الخلافة. ويبدو أن تناقل الحكم قد شكل على الدوام 
قل و الدول علی a‏ ای 2 رن ال 
بالضرورة) للأب كانت هي الاتجاه الغالب» ولاسیما أن الاصل الشریف یکون في 
معظم الأحیان هو الفیصل في تولي السلطة. 

ولقد رآیناحتی في العصور المتأخرة أن تناقل السلطة من الأب إلى الابن لایکون 
هو المؤسسة التي تعود إليها الغلبة بالضرورة. فالسلطة عند البایات في تونس وان 
یکونوا ذوي Jya‏ تركية» كانت تنتقل إلى الابن الأكبر للباي الأقدم في الحكم. 
ومهما يكن من تعقد هذا E E‏ ا في تعيين الأمینو کال 
عند الطوارق. فلابد أن يكون الأمينوكال يتمتع بالأحقية في القيادة («الطبل»» أو 
gh‏ 0( أي لابد أن یکون ینحدر من تين e‏ من جهة النساء؛ أي بالنسب 
الأمومي. وقد كان هؤلاء الرؤساء يختارون من الناحية البدئية من بين أبناء هؤلاء 
النساء باتباع الترتيب حسب الأقدمية . غير أن هذا التناقل للسلطة لا يجري بصورة 
آلية ية باي حال» OY‏ الأمينوكال ينتخب من لدن الإموهاق ورؤساء القبائل التابعة. 

تقوم هذه الجمعية» وهي كما أسلفنا القول مصدر حقيقي للسلطة. بالاختيار من 
بین 0 بالعرش من تراه الأقدر على الحفاظ على الطبول. فتتدخل الانتهازية 
السياسية لتصحیح القواعد التبعة في توارث عشوائي للسلطة. 


قبائل الخزن وبلاد السيبة 

إذا كانت الدول تبدو هشة وضعيفة فان القبائل التي PRES‏ تظل في حالة 
P‏ من إعادة التشكل بوتيرة من شتی آنواع الانضمامات والتبنیات والتحالفات 
والتقلبات السياسية. ومع سول E ee‏ ل رد يا 
وقد غيرت اسمها وصفتها العرقية. فعلى امتداد العصور القذعة رایتا فما كبيرا مخ 
النوميديين» ومن بعدهم سائر الإفريقيين غير المترومين» يتحولون إلى موريين. كما 
رأينا في العصور الوسطى معظم الزناتيين قد تعربوا لساناً وأسماء؛ ثم صارت هذه 
الحركة إلى اشتداد في العصور الحديثة. 


373 


ولا يمكن للتجزئة الا أن تکون سبباً فى إضعاف السلطة السياسية؛ إذ تعجز 
هذه SAS‏ ی It‏ فراعت میا فلا تجد بداً من الاعتماد على قبيلة 
أو على تحالف من قبائل دون آخری. ولقد رأينا في العصور الحديثة كيف سعی 
الاتراك في الجزائر وتونس» والعلویون في الغرب إلى اعتماد هذا الشکل من 
الادارة. فکان من القبائل الور ف للدولة» الف من التفضیلات والاعفاء‌ات 
الضريبية؛ فهی تتولی شوون الشرطة وتقوم على تحصیل الضرائب. وتلك هي 
قبائل «الخزن» (الحكومية). ففي الغرب حيث التناقض أوضح وأجلى بين 
الناطق الجبلية الناطقة بالبربرية والسهول الستعربة» نشأ مفهوم بلاد «الخزن» 
الخاضعة كلياً لنفوذ السلطان ومنطقة «السیبة» (الانشقاق) التي تتأبى بادارتها عن 
السلطان؛ وإن يكن كبار رؤسائها التقليديين يقرون بتبعيتهم له. لكن لم يكن من 
حد ثابت يفصل بين بلاد المخزن وبلاد السيبة؛ فقد يتسع نطاق بلاد السيبة حتى 
مشارف مدينة فاس أو مدينة مکناس أو تنحسر رقعته فلا تتجاوز الجبال الشاهقة 
في بلاد البربر؛ حسب ما يطرأ من صراعات قبلية. 

وليس وجود قبائل المخزن بالامر الطارئ في التاريخ السياسي لشمال إفريقيا 
فقد عرفت الإمبراطوريات البربرية خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر شبيهاً 
بهذا التنظيم. وكانت الأسرة الفاطمية تدخل في خدمتها قبائل صنهاجية من تلكاتة 
وتتخذ لخدمتها خاصة قبائل كتامة. وإذا ما ارتددنا إلى ما قبل الرومان رأينا المملكة 
النوميدية عرفت شبيهاً بهذا التنظيم؛ إذ أن قبائل مثل «الموسونيين» (Musuni)‏ 
و«السوبوربور» (Suburbures)‏ كانت تحمل الوسم s(regiani)‏ بما يدفع إلى 
الاعتقاد أن هذه الجماعات كانت تتمایز عن القبائل الأخری بروابط خاصة تجمعها 
ali it‏ 


الصفوف. واللفوف. والتحالفات 

تتدخل بين القبائل والسلطة السياسية للدولت التي لا تفلح في تقوية جانبها 
انفلاقات أخرى لعبت دوراً لا یستهان به في تاريخ شمال إفريقياء وکانت إذا جاز 
لنا التعبیر» عاملاً فى استیطان الفوضی فى هذه النطقة. تلك هی «الصفوف» 
التي تسمی «اللفوف» في المغرب. وهما کلمتان عربیتان (الأولى تعني 


374 


(الصف» والثانية «الغلاف») تدلان على بنية اجتماعية ليست مقصورة على 
البربر وحدهم. 

ذلك بأن القبائل لا تبقی منعزلة» فمعظمها ینخرط في آنواع من العصب 
(الصفوف) التي آبانت عن استمرارية كبيرة. ولکن یجدر بالتبیان أن الفخدات 
المكونة للقبيلة الواحدة يكن أن تنضم إلى صفوف مختلفة. فهي تستجیب إلى 
انقسامات اقتصادية وسياسية تضرب بجذورها في الأزمنة الغابرة» لکن تعود 
لتشتعل بأوقات معلومة بفعل الصراعات الداخلية أو الخارجية التي تقوم بين 
الدول. ففي الجنوب التونسي يوجد صفان تقليديان قد اضطلعا بأدوار مهم وامتدا 
بتفرعاتهما إلى شمال تونس» وإلى قسطنطينة» وطرابلس الغرب؛ ذانکما هما صف 
شداد وصف يوسف. وبودنا لو نبحث هل كان هذا التقسيم ذا أصل عرقي» وهل 
عجان اروم aN aS‏ . فالبعض يذهبون هذا المذهب. فتراهم 
يدخلون صف يوسف في معسکر العرب وصف شداد في معسكر البربرء بيد أن 
هذه الثنائية العرقية الاجتماعية لا تصمد للتحليل. ففي جبل نفوسة نجد رئيسي 
الصفين المتنافسين ينتميان إلى قبيلة المحاميد العربية» وتنتمي قبيلة النوایل» وهي 
الأخرى عربية» إلى صف شداد. وفى الجنوب التونسى» حسبما أفادنا أ. مارتل A.‏ 
«Martel‏ الذي ف افو عسي E‏ إلى الصفوف. يتكون معظم 
صف شداد من العرب بینما یغلب البربر على صف یوسف. 

ویعود هذا الانقسام غير واضح الأصول إلى الظهور تلقائياً مع کل آزمة. ففي 
القرن الثامن عشر أدت الثورة التي كانت من علي باشا على الباي حسین )1729( 
والاضطرابات التي طالت حتی سنة 1756 إلى انقسام التونسیین إلى صفین صف 
«الباشیة». الذي یکونه آنصار علي باشاء وصف «الحسينية»» الذي یکونه آنصار 
حسین. وقد قام صف شداد في الجنوب یناصر الباشية بینما انحاش الیوسفیون 
إلى صف الحسينية. وفي شرق الجزائر كانت عشيرة بن غانة» التي انضمت إلى 
توغرت والأربعاء والحنانشة» تعتمد على عشيرة يوسف؛ وأما خصومهم بوعكاز 
الذين اتبعهم الشعانبة والطرود وواحات تماسين والوادي فقد كانوا يلقون المساندة 
من شداد. وكذلك ظهر هذا الانقسام في ناحية الشرق» كما نراه في بعض الأحلاف 
التي صارت تتكون بالتدريج في مناطق فزان وسرت؛ حيث انخرطت عشيرة أولاد 


375 


سلیمان وعشيرة الفوقي في الحركة التي كانت من صف شداد. بینما صف الغارة 
وصف البحر کانا حليفين للیوسفیین. وبذلك قام من سرت الکبری إلى ورقلة 
تجمعان کبیران Lis‏ على الواجهة بينهماء ثم استمرت تلك الواجهات في ساثر الأمور 
اليا 

وليست الصفوف كلهاعلى قدر واحد من الاتساع والاشعاع اللذين للصفوف 
التي نلاقیها في الجنوب التونسي. فالصفوف التي في منطقة القبائل تجمع قبائل 
لكنها قد تتقسّم قرى وبوادي. 

وكان للفوف فى المغرب الخصائص نفسها والقدر نفسه من الأهمية الاجتماعية. 
وهي تحدث. مثل الصفوفء انفلاقات أفقية في الأحلاف وفي صلب القبائل؛ فهي 
قد جمعت فخدات وأسراً كبيرة في أحلاف منها الذي دام إلى ما بعد زوال الهياكل 
التي قام عليها أول الأمر. 

ولقد تأكدت هذه الأحلاف باتفاقات «طاطا» التي تقيم بين القبائل أو بين 
الفخدات روابط قرابة صورية. ويتم تثبيت هذه القرابة بواسطة بعض الأفعال 
الرمزية» خاصة منها الرضاعة المشتركة. وذلك OL‏ يقيموا وجبة جماعية يتناولون 
فيها الكسكس قد سقي بحليب النساء. وفي الوقت نفسه تتبادل النساء المرضعات 
من الجموعتین آطفالهن الرضع؛ فیغدو الرجال 5 68 ویصیر واجباً علیهم تقدیم 
الساعدة والغوث لبعضهم. ولهذا الشکل من التحالف شأن کبیر عند الناس إذ 
یعتبرون القرابة الترتبة عنه قرابة حقيقية» إلى حد أن التزاوج يصير بها محرماً بين 
الجموعتین التحدتین بالیثاق القدس طاطا. وإذا كان هذا الیثاق یدخل في الطقوس 
البدائيةء فلقد صار في ما بعد إلى آشکال محْمّفة» كما نراها في تبادل أكواب الحليب 
وقطع الثیاب . 

وهنالك شکل أخر غريب یتصل برمزية النعل» وهي رمزية ذات حضور قوي 
في بلدان الغرب وفي الصحراء وفي بلدان الشرق على حد سواء. وتقوم هذه 
المارسة على إخفاء أحذية الا قدام الیمنی لكل مثلي المجموعتين التحالفتین؛ فتجتمع 
ا ران قطن كل ont‏ الو جما ار ن جد اسن كل 
كومة بالتزامن» فيتقدم صاحبا كل حذائين أحدهما نحو الآخر» فيصيران وقد اتحدا 
بذلك الميثاق . 


376 


ویعتبر میثاق «العنایة» نوعاً آخر من الاحتیاط والضمان من الخطر يأتي من 
خارج الجموعة. وقد كان هذا الميثاق يضع الشخص أو الاسرة تحت حماية رجل 
قوي أو رئيس ديني. و کان بمكنة الستفید من تلك الحماية أن يسافر دونما خوف» ولو 
جاز تراب قبيلة معادية» بشرط أن تکون هذه القبيلة تقر بسلطة الرجل الذي صدرت 
عنه تلك «الْعنایة». 

فيكو ن الجتمع البربري بإكثاره من الواثیق والضمانات بين الفرد والفرد؛ و خاصة 
بين الجموعة والجموعة قد أفرز علاجات نجح بها في الحد من تفاقم الفوضی. وان 
لم يفلح في استتصالها. فيكو ن النموذج السياسي الذي قام عليه هذا الجتمع یدخل 
في نوع من الفوضی التوازنة. 


377 


العيش في الجنمع 


الحقيقة أن السواد الاعظم من الناس في الجتمع البربري التقليدي لا يكادون 
يهتمون للمشكلات السياسية الكبرى» وأحرى أن يهتموا لتحديد فلسفة للسلطة. 
فالذي يهم الرء في المقام الأول أن ينخرط بكليته في وسطه الأسري» وفي صفه؛ وفي 
قريته» وفي عشيرته. وتكون هذه العلاقات المتعددة مطبوعة بطابع الإكراه ومحاطة 
في الوقت نفسه بقدر كبير من التكتم والتحفظ. 

ولقد كانت روح التضامن قوية على الدوام لدى البربر» كما عند معظم 
المجتمعات القروية. وكانت تلك الروح هي الأساس الذي قام عليه مبدأ «التويزة» 
العروفة في سائر المناطق من بلدان المغرب . وهي عمل يتطوع له لفائدة المجموعة 
أو لفائدة رئيس الأسرة. وتشمل التويزة كل أنواع الأشغال؛ من تشييد المباني إلى 
اصلاح الطرق ومن حفر قنوات الري إلى الأعمال الزراعية الكبرى LAS‏ أو 
الدرس. 


وضع المرأة 

إن الحياة الاجتماعية عند البربر تحکمها عادات وتقالید. وهي آمور لم يكن 
للشريعة الاسلامية علیها غير تأثير محدود لدی بعض الجموعات البربرية. فليس 
هنالك قانون عرفي بربري» بل أنواع کثيرة من القواعد النظمة للقانون الخاص. 
وتری تأثیر الشريعة الاسلامية في آمور الزواج آظهر ما في غيره من الأمور الاخری 
وان تكن لا تزال تری لبعض التقالید الخاصة وجوداً فى مناطق عديدة. ومن ذلك 
أن للمرأة عند عند كثير من مجموعات البرابر في الغرب حق أن تطلب التطلیق 
من زوجها؛ وهي حرية لیس لها وجود في القانون القرآني. كما تجد مارسة آخری 
غريبة هي المقابل للممارسة السابقة؛ إذ يباح للزوج أن یعترض على أن تتزوج 
زوجته السابقة من جدید. وهو اعتراض كثيراً ما یسقط بقابل مالي. وفي الاطلس 


379 


الکبیر الشرقي یکون للعشرین من آهل الفتاة الأقربين ما يشبه حق الشفعة (آنحاد) 
في الفتاة العذراء» وفي العالم العربي لا يكون هذا SA‏ لعي .ابن العم الباشر. 
وأما من الناحية العملية فإذا لم يتزوج بالفتاة القريب العترض على زواجها من 
«الغريب» فلا يكون لأي قريب آخر أن يمارس هذا الحق. 

والمرأة ليس لها وضع واحد في العالم البربري كله. لكن من المسلّم به أن وضعها 
فيه هو دون الوضع الذي بوأها إليه القانون القرآني. ولكن كثيراً ما بالغ الناس في 
الحديث عن الطابع الجائر لوضع المرأة البربرية؛ لأن تفكيرهم يذهب خاصة إلى وضع 
المرأة القبائلية؛ فهو أكثر ما عرفوا منذ القدم من أوضاع المرأة البربرية. وبالفعل فان 
المصير الذي يحكم به القضاء على المرأة القبائلية مصير في غاية الإجحاف؛ فهو 
لا يحرمها الحق في الارث فحسب. بل ويكاد يجعلها جزءاً من الميراث. فحتى 
وان صارت آرملة لا يكو لهاه من حیث البدا» حق التقربر في آمر نفسها. والرأة 
الطلقة لا تستطیم الزواج من جدید بدون موافقة زوجها السابق» وأكثرما تکون 
تلك الوافقة بمقابل نقدي. 

غير أن هذا الوضع یشکل حالة قصوی. فقد حدث في منطقة القبائل نفسها 
أن كان قرار جماعي من قبائل زواوة في ي القرن الثامن عشر هو الذي حرم النساء 
الق في الميراك الذي تقره لهن الشريعة الإسلامية. وفی المقابل وقعت المبالغة 
في الادغاء باستقلال الرأة الطوارقية وتهتکها. فالطوارقية النبيلة» التي غالباً ما 
تكون أكثر تعلماً من زوجهاء > تحتل بحق موقعاً متميزاً داخل المجتمع » خاصة عندما 
تكون من نسل كل ريلاء فعن طريقها يتناقل الحق في القيادة. D‏ تع شي من 
À‏ 4« وتتردد على ذلك النوع من مجالس اب السمی «أهال»» بيد آنها حرم 
كذلك الحق في الارث. 

وتتمتع الأرامل والمطلقات في الأوراس بقدر كبير من الحرية» ومعظمهن يغدين 
«عزریات». والمعنى الحرفي لكلمة «عزرية» هو «المرأة التي من غير زوج». وما هن 

في الواقع سوى بغايا. وربا كان ذلك الوضع عندهن مؤقتاً؛ إذ يكن ل «العزرية» 
التائبة أن تعود لتبداً من دون صعوبة حياة زوجية عادية. e‏ 
الإقصاء من الحياة الأسرية؛ وكثيراً ما تكون تقيم عند آمها. كما آنها لا تبعل على 
الهامش من المجتمع الشاوي؛ فهي لا تلقى احتقاراً لا من أهلها ولا من النساء 
الأخريات. لكن على الرغم من القانون القرآني المعمول به على نحو صارم في 
منطقة الأوراسء فإن المرأة الشاوية تحرم في الواقع الحق في الارث. 


380 


151. عروس من آيت حدیدو (جبال دادس» جنوب الغرب). 


381 


إن هذا الاقصاء الذي يقع على المرأة في بلاد البربر عامة» والذي یتوافق 
وممارسة سابقة على دخول الإسلامء لا يبعث عليه غير الحرص على حماية الأموال 
الأسرية. وهذا آمر یعرف به ذلك الفلاح الأوراسي الذي كان قال 4 [اثیا] گودري 
M. Gaudry‏ : «لو كانت نساژنا يرثن لأثرين أسر آزواجهن وأفقرن أسرهن». 


القوانين القبائلیه 

لم يفرد العرف مكانة مهمة للإكراه ولا للدفاع عن العالم الصغير المتمثل في 
القرية أو العشيرة. وحيث إن السجن لم يكن معروفاء والقتل يولد الثأر أو يحدث 
له عوضاً نقدياًء فان القانون الجنائى البربري يتجه خاصة إلى تحديد الغرامات. فهذا 
أدى إلى شود E‏ قن جر ادويق الكثير من أحكامه. فبعض امواثیق أكادير) 
في بلاد الشلوح (الأطلس الكبير الغربي) تعود إلى القرن الرابع عشر! وهي؛ كما 
«أزرف» عند مجموعات البرابر» نتصوص جرى تدوينها بالأحرف العربية. وأغرب 
هذه القوانين هى التى فى منطقة القبائل الکبری؛ فان فيها تحديدا دقيقاً لأهون مخالفة 
والعقوبة المترتبة عنها. وإن هي إلا دفاعات واهية يتحصن بها مجتمع منغلق على 
نفسه. ومع ذلك فإن بعض تلك القوانين يقوم دليلاً على نفاذ ثقافة أجنبية إلى قلب 
أهم الجموعات الناطقة بالبربرية في الجزائر. وقد جرى منذ أواخر القرن التاسع 
عشر تحرير بعض تلك القوانين باللغة الفرنسية. وهذا أمر يستحق التنویه» ولاسيما 
أن القوانين التى صيغت على ذلك الوجه كانت غريبة عن القانون الجنائى الفرنسى 
الذي كانت الإدارة الاستعمارية قد شرعت في ذلك الوقت تدخله إلى البلاد. ٠‏ 


الشرف أو الأنف الأشم 

أن يعيش المرء في المجتمع معناه بطبيعة الحال أنه يفقد استقلالیته؛ أي أنه ينخرط 
فى شبكة معقدة من العلاقات تمكن للجماعة أكثر ما کن للفرد؛ أن تعبر عن نفسها 
وتفرض حقوقها. وإنها لعلاقات ماتبسة. فاذا كان من alt‏ أن الجموعة الاجتماعية 
تقوم على التضامن. فان تجاور الوحدات الاسرية في نطاق الفضاء الحدود یکون 
سبباً في مخاطر دائمة من حدوث احتکاك في ما بینها وفي ما بين الأشخاص الکونین 
لها. فهذا يحتم على الرء أن یظل یقظاً على الدوام ومتأهباً للدفاع عن استقلالیته. 
كما ينبغي له أن يتحوّط ليلا يس باستقلالية الآخر. وان هذا التوتر» الذي لسه ساثر 
من عاش في بلدان المغرب» لأمر ثابت؛ وهو المفسر للكثير من السلوكات. فالبربري 


382 


انفعالي غضوب . والانف عند القبائلي حساس بقدر ما كان الشرف عند النبیل 
الاوروبي في القرن السابع عشر. والرء ليلا یفقد مکانته واعتباره يضطر إلى تقدیم 
التضحیات الجسام وتتحمل آسرته أسوأ صنوف الحرمان. 

والشرف الذي يجب على الرء حمایته هو في القام الأول شرف الاسرة 
والقصود à‏ خاصة شرف النساء؛ فهن اللائی من خلالهن تُتناقل الحياة. وشرف 
الزوجة. أو الابنةء أو الاخت: إذا تلطخ لم يغسله إلا الدم . وانزال القتل بالمذنبین 
لايلقى استنكاراًء بل هو شيء يفرضه الإكراه الاجتماعي. 

لكن «الأنف» له اقتضاءات أخرى؛ فلا يتحمل الواحد أن يلقى الإهانة من 
منافس له أو خصم. فسرقة سلة من التين» أو إعطاب آلة» أو كسر سياجء آفعال 
تستتبع لامحالة ردوداً. فإذا كان الضحية لبيباً عرف كيف يسدد رده» وحرص على 
أن يكسب إلى aile‏ حكماء الجماعة والساخرین» وأما المتهور فقد يتمادى ذ في الرد 
فتبتدئ حينئذ عملية قد تنتهي بالقتل. 


وعلى هذه الصورة تنشأ نزاعات أسرية طاحنة؛ فالقتل يستتبع القتل. وإذا لم 
ا ل البو ا ا اي 
المتوسطية الخالصة؛ فإنه قلما يبلغ عند سائر الأقوام مبلغه من الشراسة الراسخة 
لدى الغاربیین. وكثيراً ما يجري الحديث لديهم عن الحرب الطاحنة التي نشبت 
بين قريتين من قبيلة آيت ورياغل في منطقة الريف (في المغرب)ء وهلك فيها من 
أفرادهما عدد كبير. فقد أدت عمليات القتل التواترة لسبع سنين إلى حصد خمسين 
قتيلاً من إحدى تينك القريتين وسبعين من القرية الأخرى. وما كان السبب فى ذلك 
كله غير مقتل كلب وفي آخر الامر اضطرت الجموعة التي نال منها الضعف إلى 
الهاجرة إلى منطقة زرهون الجاورة. وساق أ. ابازیزن 10221260 A.‏ بعض الحالات 
التي تذكرنا بالمأسي الاغريقية آشذها دموية؛ من قبیل تلك السلسلة من أعمال القتل 
التي وقعت في أسرتين متنازعتین من إغيل بوعماس (منطقة القبائل) في سنة 1930 
أو نحوها. ثم كانت عملية انتقامية JS‏ فيها ثلائة یافعین؛ فلم يتبق من الفتيان من 
يقدر على ضمان البقاء للمجموعة. واعترضت أم الضحايا العجوزء كجري التقاليد 
على أن تدفن الجثامين في المقبرة. وجعلت من يحفر قبوراً في أرضية الحجرة الأكبر 
في النزل» ووضعت فوق سداداتها الملابس الملطخة بالدماء» ليكون فيها تذكير يومي 
للصبية الصغار بالجرائم التي سيكون عليهم أن يثأروا لها. 


383 


ا à‏ الدم واجب لا یسقط في التقادم؛ ولیس في مقدور أي رجل 
مستحق لهذه الصفة أن يتخلص من الإكراه الاجتماعي الذي يجبره بدوره على أن 
عو كبر وو سي التالية. 
وكان في الالتزام بالثأر» كما كان في عوامل أخرى لا تمت إلى الشرف بصلة 
وثيقة» ما ساعد على ظهور قتلة مأجورين في منطقة القبائل. ومن حسن الحظ أن 
اختفت هذه المارسة منذ بضع سنين. وقد لاحظ القضاة أن تلك الممارسة عرفت 
الانتشار وقت أن حدت العدالة الفرنسية بإعمالها الصارم للقانون الجنائي من 
استشراء عملية الانتقام. فقد كان القاتل النتقم لقريب له يلقى في المارسة القديمة 


بيت 


2h 


152. ابتسامة فتاة طوارقية. 


384 


التقدیر والاعتبار من آهله وذویه. ثم أصبح الشخص نفسه بعد إعمال القاتون 
الجنائي یتعرض للملاحقة وتنزل به أقسى العقوبات . وأما الافراد العتدون بأنفسهم 
والواثقون من أن الحق إلى جانبهم فانهم يرون تلك العقوبات تتنافی والعدل. 
ولذلك فإذا عن للواحد منهم أن يجمع بين الالتزام بالانتقام وعدم الوقوع تحت 
طائلة عدالة غير متفهمة لم يكن له إلا اللجوء إلى قاتل مأجور؛ فهو حل سهل بقدر 
ماهو حل لاأخلاقي. 


الدية 

إذا كانت الممارسة المتمثلة في الأخذ بالثأر لا تقيم في ما يبدو اعتباراً كبيراً للحياة 
فان لها مع ذلك صلة بوعي عميق بقيمة الإنسان. 

حقاً إن العادات تقوم عند مجموعات بربرية عديدة» كما لدى العرب وأقوام 
غيرهم كثيرة» على دفع تعويض يكون فيه تكفير عن الجريمة أو القتل» ولو وقع عن 
غير عمد. و تحدد قيمة فلك الدية بالتقؤد أو بقطعان الماشية» أو غيرها من الأموال 
حسب المجموعات. وما أن تدفع الدية حتی یتوقف حق التابعة في الحال. والواقع 
أن هذه التسوية لا تخص الأفرادء بقدر ما تعنی الجموعات الاسرية. 

ولقد وقفناعلی مارسة ضاربة في القدم» جری تدوينها في میثاق «آجریف» (في 
الاطلس الکبیر الغربي)؛ وهي تقضي بأن تحصل عشيرة القتیل على امرأة من عشيرة 
القاتل» فتقیم هذه الرأة عندها إلى أن تضع مولوداً ذكراً . فتکون مجموعة الضحية 
تست زر ی الطفل SAUT‏ الذي سلبته بالقتل. Loges‏ كانت هذه الوظيفة 
شبه الالية التي تجعل للمرأة فتنحط بها إلى مجرد [بطن] ولود تصدم الحساسيات 
في الوقت الحاضرء فينبغي الاعتراف بأنها لا تخلو من منطق وشيء من تعظیم. ذلك 
بأن Les‏ إقراراً على الأقل OÙ‏ لحياة الانسان قيمة لا تقاس بالذهب ولا الفضة. فكأنها 
تقول : «لقد سلبناکم رجلاً فاضلاً» ونتیح لکم بهذه المرأة أن تحصلوا له على عوض 
إن شاء الله !». 

وتظهر قيمة الرجل» من حيث هو قوة عمل أو محارب محتمل؛ في صورة 
آوضح من الأولى؛ نراها في مارسة آخری جارية عند البرابر في وسط الغرب نرید 
بها «آمحارس». وذلك أن الجماعة القبلية تسمح بموجب عقد حقيقي لشخص 


385 


الستقبلة له على ما یحتاج في مقامه. ويُجعل عقد يحدد القسط من الارباح الذي 
يمكنه الحصول عليه [عما يقوم به من آشغال] عند انتهاء ذلك العقد كما حدد مدته. 
ولو أن العلاقات اقتصرت على هذه الشروط لما كان في عقد أمحارس ما يدعو 
إلى الاستغراب» والحال أنه يعتبر فى الحقيقة عقداً للتبنی. فرب الأسرة التي تؤوي 
الشخص الفریب ك امرأة من عشیرته: تکون في العادة ابه فیصیر الرجل وقد 
اقترن برباط وثيق بالاسرة التبنية له. وقد كان يجوز لأمحارس من الناحية النظرية 
أن يترك تلك المرأة عند انتهاء مدة العقد؛ وأما من الناحية الفعلية فان الزواج یشرع 
ذلك الاقتران فیغدو به التبني قطعياً ونهائياً. ولذلك فان عقد أمحارس إذ يحفظ على 
المجموعة تجانسهاء يساعد كذلك على زيادة مقدرتها البشرية. ويعتبر «أمزال» في 
الغرب و«مشروط» في الجزائر شکلین آخرین من العقود التي يصدق علیها بزواج 
و ل ل cC‏ 
إليه أهم مصدر من مصادر الثراء ألا وهو الإنسان نفسه ويحافظ عليه. 


386 


الترتیب الزمني [لوجود البربر ] 
من الاصول إلى القرن السادس عشر 


0 ق .م : بداية احضارة الريبيرية الورية. اٍنسان مشتی العربي یحتل الشمال ال فريقي 
als‏ 

0 7000-5 ق . م : الحضارة القفصية. ظهور أوائل التوسطبین. 

0 - 000 2 ق . م : انتشار حضارات العصر الحجري الحديث في الصحراء وفي الغرب 
الكبير. وصول بعض التوسطیین إلى الصحراء (في حوالي سنة 3000 ق.م). بداية 
العلاقات مع البلدان الاوروبية. 

حوالي سنة 1000 ق .م : وصول متوسطیون جدد إلى الغرب الکبیر. بداية توطن الفينيقيين. 

0 - 146 ق.م : قرطاح. 

حوالي 450 ق .م : قرطاج تغدو امبراطورية إفريقية. 

6 ق .م : استیلاء الليبيين والنوميديين الثاثرین على تونس. 

9 ق .م : اللیبیون يشنون ثورة جديدة. 

307-311 ق . م : حملة أكاتوكل على مقاطعة افریقیا. إيليماس ملكا على اللیبیین (النومیدیین 
الاسیلیین؟). 

237-8 ق . م : حرب الرتزقة والنومیدیین. نارافاس أميراً على نومیدیا. 

قبل 203-220 ق .م : حکم سیفاقس» ملك النومیدیین الاسیسیلیین. واستیلاژه سنة 203 
على المملكة الماسيلية. 

القرن الرابع-49 ق.م : تملكة الماسيليين النوميدية. 


3 - 148ق.م ; حکم ماسینیساء الذي وحد نوميدياء واستولى على فسم من أراضي 
قرطاج. 


387 


6 ق .م : تخریب قرطاج. وتأسیس مقاطعة افریقیا الرومانية (في الشمال الشرقي ما يعرف 
حالياً بتونس). 

8- 118 ق .م : حکم يوغرطة. وصراع مع روما. وسقوط الجزء الغربي من نوميديافي قبضة 
بوخوس ملك الموريين. 

8 - 118 ق. م : حكم ميسيبسا. 

قبل 33-203 ق . م : آسرة الب و خوسیین الورية (باجاء وبوخوس JIN‏ وسوسوس» وبوخوس 
الثاني» وبو جود). 

5 - 46 ق . م : الاسرة الاسيلية في الشرق (كوضاء وماستانبار؛ وهیمبسال الثاني وماسینیسا 
الثاني؛ ویوبا الاول). 

46 ق .م : هزية يوبا الأول وموته. إنشاء القاطعة الرومانية لافریقیا الجديدة (مملكة نومیدیا 
سابقاً). 

5 ق.م- 40 : الأسرة الموريتانية (يوبا الثاني وبطليموس). 

2 م : إنشاء المقاطعتين الرومانيتين؛ موريتانيا الطنجية (في المغرب).؛ وموريتانيا القيصرية (في 
وسط الجزائر وغربها). 

6 5 .م۰ - 439 م : السيطرة الرومانية. 

0 م- 400 م : انقلاب قسم کبیر من البربر في مقاطعة افریقیا ونومیدیا إلى السيحية. 

حوالي سنة 225م : السيطرة الرومانية تبلغ آقصاها في إفريقيا. 

0 - 300 م : تمردات عارمة للبربر في موریتانیا. 

5 - 313م : بداية الدوناتية. 

2 - 376م : تمرد فيرموسء الوظف الامبراطوري والقائد الافريقي . 

6 - 430م : القدیس أغسطينوس أسقفاً على هیبون. 

9 - 533م : الملکة الوندالية. 

حوالي 455م : القاند البربري ماستیس یعلن نفسه «إمبراطوراً» في الاوراس. 

حوالي 470م : وصول تين هنان إلى الهقار . وادعاء سلالة نبلاء الطوارق انحدارها من هذه 
الاميرة التي تم العثور على قبرها. 

8 - 535 (؟)م : ماسونا ملكأ على «الموريين والرومان» في موریتانیا القيصرية. 


388 


3 - 647م : السيطرة البيزنطية. 

تکاثر الامارات البربرية. توغل البدو الجمالين من البربر الجدد» زناتة» الذین آغلبهم وثنیون 
وبعضهم من التهوّدین. 

7م : ظهور العرب في (مقاطعة افریقیا). معركة سبيطلة. 

0م : تأسیس القیروان من لدن عقبة وابتدازه الغزو. الاسطورة تفید أنه وصل حتی سواحل 
الحیط . 

683-686 : كسيلة يقود القاومة البربرية ویغدو لثلاث سنین سيداً على افريقية. 

5- 702م : الكاهنة» ملكة جراوة (الأوراس)» تبعد العرب إلى طرابلس الغرب بإعمال 
سياسة الارض الحروقة. لکنها هز م في نهائية الأمرء وتطلب إلى ولديّهاء قبل أن تُقتل» أن 
ينضمًا إلى صفوف الغالبين. 

1م : سوقات من البربر المسلمين» بقيادة طارق» تعبر مضيق جبل طارق» وتقوّض المملكة 
الوزقوطية في إسبانيا. 

حوالي 670م- حوالي 750م : نشر الإسلام بين البربر. ظهور مذهب الخوارج. 

0 - 780م : ثورة الخوارج في إفريقية وفي وسط المغرب الكبير. 


0 - 909م : الأمراء الأغالبة في إفريقية. 


6 - 909م : الأسرة الرستميةء ملكة تاهرت الخوارجية في وسط المغرب الكبير . 

7 - 922م : الأسرة الادريسية في المغرب . 

9م : تأسيس فاس من لدن إدريس الثاني. 

3م : أبو عبد الله يدعو إلى المذهب الشيعي لدى LES‏ (البربر الصنهاجيين في القبائل 
الصغرى). 

2 - 910م : غزو LUS‏ الشيعيين لوسط المغرب الكبير وإفريقية. 

0 -$973 : الأسرة الفاطمية الشيعية. 

3 - 920م : الحملات الاولی على مصر . 

2م : غزو الغرب الاقصی من لدن مكناسة باسم الفاطميين. 

0 - 947م : ثورة الخوارجي آبو يزيد - «صاحب الحمار». 

9 - 973م : غزو مصر ورحیل الفاطمیین إلى القاهرة. 


389 


3- 1060م : الأسرة الزيرية في وسط الغرب الکبیر وفي افريقية. 

3 - 984م : حکم بولوقین وتأسیس مدينة الجزائر. 

5 - 1163م : الاسرة الحمادية في وسط الغرب الکبیر. 

1 - 1088م : حکم الناصرء وتأسیس بجاية. 

0 : بداية الغزوات الهلالية» وإبعاد قبائل ریاح» والائبج» ثم بني سلیم» وبني معقر . 
من مصر وتوغلهم في الغرب الکبیر بموجات متتالية. 

0م : دعوة ابن ياسين عند لتونة الصحراء» مهد حركة الرابطین . 

5 - 1146م : الامپراطورية الرابطية (علی غرب الصحراء والغرب وغرب 
الجزائرء واسبانیا). 

1059 - 1062م : تقویض البدعة البرغواطية. 

1 - 1088م : حکم یوسف بن تاشفین» وتأسیس مراکش. 

5 - 1120م : ابن تومرت يدعو إلى الذهب الوحدي. 

5 - 1269م : الإمبراطورية الوحدية (علی الغرب. والجزائرء وتونس» وإسبانيا) . 

5 - 1160م : غزو عبد المؤمن للمغرب . وزوال آخر الجماعات السيحية من لدی البربر . 

6 : تعیین آبي حفص قائدا على إفريقية. 

6 - 1494م : مملكة الحفصيين في شرق الغرب الکبیر (وعاصمتها تونس). 

5 - 1554م : تملكة عبد الودید في وسط الغرب الکبیر (وعاصمتها تلمسان). 

8 - 1456م : تملكة الرینیین في الغرب الاقصی (وعاصمتها فاس). استمرار 
الصراع والتنافس بين هذه (الممالك وإعادة توحيد مؤقتة للمغرب الکبیر بأيدي 
المرينيين على عهد أبي الحسن (1331-1351م)). 

5 : نزول البرتغالیین بسبتة» ثم طنجة والعرائش )1471( ومسات )1488(« 
وآسفي وأکادیر (1508)» وأزمور )1513( 

7م : (استيلاء الاسبان على مليلية» والمرسى الكبير )1505( ووهران (1509)» 


وجزيرة بينيون الجزائرية (۰)1510 وشرشال» وبدلیس). 


390 


القرنان 15 - 16 : منافسات بين سلاطین بني عباس وملوك کوکو في منطقة القبائل. 

4م : استیلاء التركي عروج على جيجل» ثم على مدينة الجزائر (1516). وخلفاه 
يرسخون للسيطرة التركية على ولایات الجزائر وتونس وطرابلس. وامبراطورية شريفة 
تقوم في الغرب . استمرار وصول مكثف للاجثین الأندلسيين إلى بلدان الغرب طوال 
القرن السادس عشر وحتی بداية القرن السابع عشر. 


391 


153- خريطة الجهات الناطقة بالبربرية 


لمتونة : مناطق ناطقة بالبربرية لم يعد لها وجود --- الحدود القدية للمناطق الناطقة بالبربرية 2222 النطقة 
الناطقة بالبربرية في مطلع القرن العشرین. البرابر : الناطق الناطقة حالیا بالبربرية (في بلدان الغرب). 
توات : المناطق الناطقة حالياً بالبربرية (الصحراء) سوكنة : مركز منعزل ناطق بالبربرية. 


392 


393 


ملاحظات صاحب التوطئة 


في أصل son‏ المتوسطيين والقفصیین (صص . ۰49 وص . 77 وما بعدها). 


لقد دافع غابرييل كامب عن الأطروحة القائلة بالأصل المشرقي لأوائل التوسطیون 
«القنصیین»۰ وهم الذين كانوا الاصل للقسم الأكبر من ساكنة ما يعرف اليوم 
بمنطقة شمال إفريقياء وروج لها LS‏ . وهذه أطروحة قد انبنت في المقام الأول على 
الوضع الذي وقع فيه اکتشاف آولی الواقع القفصیة ودر اها /Capsa)‏ قفصة في 
وي ا د الساكنة قد انتقلت وثقافتها من الشرق 
صوب الغرب» با یسوغ الأطروحة القائلة إنها حلت بالتدريج محل الساكنة المحلية 
(الایبیریین الموريين) التي كانت من قبل تستوطن هذه الأماكن» وتسوغ القول 
باتصال أول للحضارة القفصية بأوائل المتوسطيين من الشرق الأوسط (النطوفيين). 
وأما الاكتشافات الحديثة فهي تجيء للحضارة القفصية بجغرافيا وتردها إلى زمن 
مختلفين كثيراً؛ عمدتها فيهما مواقع لهذه الحضارة لهم أقدم عهداً قد جرى اكتشافها 
في غرب الجزائر. وأما من جهة أخرى فان من المعلوم أن القفصيين والإيبيريين 
الموريين قد اجتمعوا منذ وقت طويل» db‏ وقع بينهم تعايش على المواقع نفسها. 
فلايترك هذا الأمر للأطروحة القائلة بتنقل تلك الساكنة «الخارجية» من الشرق 
صوب الغرب من أساس تقوم عليه. وقد صار اختصاصيون کثر يميلون اليوم إلى 
القول بحدوث تحول إناسي لهذه الساكنة في عين المكان؛ بما يعني وجوب اعتبار 
الأطروحة التي ترد أصول أوائل المتوسطيين إلى المشرق أطروحة ضعيفة. لم تأت لها 
المعطيات الحديثة التي أسفرت عنها الخاصة بعهود ما قبل التاريخ بما يثبتها. 


في صل الكتابة البربرية وتاريخها (ص .319 وما بعدها). 
تجيئنا الأعمال الحديثة بتكملات وإضاءات لمسألة [البحث فى] أصول الكتابة 
البربرية» وهي تمكننا من استجلاء التحليلات التي جاء بها غابرييل كامب . فلا مراء 


395 


في التأثیر الذي كان لابجدية سامية قدية (الراجح أن تکون هي الفينيقية) على 
الكتابة البربرية» غير أن من الستبعد أن يكون وقع بين الکتابتین اقتراض مباشرء 
بل أحرى أن يكون وقع بينهما تأثير وتأثر ومحاكاة على الصعيد الحلي. فالكتابة 
الليبية تتمثل فیها الكثرة الكثيرة من الخصائص التي لا يكن ردها إلى نموذج أصلي 
سام (خاصية معظم الأحرف والهندسية واتجاه الكتابة وغياب الأطوار الوسيطة...؛ 
(انظر في هذا الصدد 2001 .(Chaker et Hachi,‏ ولذلك فان باحثين کثرا باتوا 
يميلون اليوم إلى القول بالتكون الذاتي للكتابة البربرية» من خلال محاكاة لابجدية 
سامية» وبالاعتماد على مواد محلية (علامات» ورموز غير أبجدية» تستعمل علامات 
على الملكية» وأوشام وزخارف شتى). 


396 


ثبت الأعلام والأماکن 


آسماء الاشخاص والأمم وا لقبائل والمذاهب واللفات 


(i) 


أبوليوس» ۰151 ۰207 322. 
أبيانوس» 132 191. 

أبيس (الثور)» 249. 

الأتراك» 47 وف ۰179 180« 185 223« 
4 374. 

الاترورية (الابجدیة)» 322. 
آتغوایشافونتمان (JYI)‏ 241. 
إتيان الأول (الباباک 296. 
الاثیج 174« 178. 

آثينا (الالهة) 252. 

الائيوبية (at)‏ ۰320 321. 
الائیوبیون» ۰85 100« ۰105 ۰106 107« 
6 ۰149 150 ۰151 152. 
الائینیون 192. 

أحنصال» سيدي سعید» 358. 
الادارست 302. 

إدريس [الأول]ء 172 

آدریس HN‏ 1724 227. 
الادريسي [الشریف]؛ 217. 
آدهربال ۰191 372. 

الاربعاء (قبیلة) 375. 
آرتیمیدوروس 144. 
آرکادیوس» 156. 

آرکیش 63. 

الأرمن» 5ک 57 83. 


أبادير (الاله) 254. 

ابازیزن. أ.» 383. 

الاباضية (اللغة» الذهب)۰ 48 172. 
الاباضیون (الاباضیة) ۰217 ۰303 304« 
5 ۰327 356 358. 

.266 (JYI) آبدیشمون‎ 

ابن تاشفین» یوسف» 176. 

ابن تومرت» [المهدي]ء ۰177 ۰229 307« 
8 ۰309 310. 

ابن خديج [معاوية 169. 

ابن خلدون» 258 ۰62 63 ۰143 ۰159 160« 
3 170 ۰174 245« 370. 

ابن رستم» 304. 

ابن سعد [عبد الله]ء ۰167 168. 

ابن عبد الحكم [أبو محمد عبد الله]ء 224. 
ابن عمر [أبو بكر]ء 302. 

ابن كيداد» مخلد (أبو يزيد صاحب (at‏ 
173« 211 

ابن ياسين [عبد الله]ء 4176 ۰229 302. 

آبو بكر [الخليفة]» 303. 

أبو الحسن (الرینی) 179. 

179 حفص (الوحدي):‎ pl 

آبو العباس [شقیق أبى عبد الله]ء 306. 

أبو عبد الله [الأصغر]ء 349. 

أبو عبد الله [الشيعي ]۰ ۰172 229« 306. 


399 


الإغريقية ciali)‏ الحضارة)» 0 194« 
7 285. 
أغسطسء ۰61 200. 


آغسطینوس» القدیس ۰60 ۰194 207« 
209« 215 ۰241 ۰242 243« 251 284« 
7 289« ۰293 ۰296 ۰297 322. 

الافري 127 ۰153 264. 

آفریقوش (آفریقش)» 63. 

الافریقیون (قدامی الافریقیین). ۰45 ۰59 ۰60 
4 4 85« 0106 122« ۰125 ۰126 ۰127 
9 148« 152 ۰154 ۰156 157 159« 
6 ۰189 ۰190 ۰192 ۰195 ۰201 202« 
7 208 ۰210 ۰211 ۰213 ۰215 217« 
3 239 240« ۰241 ۰242 243 244« 
7 ۰248 249 ۰250 ۰253 254 255« 
6 ۰257 ۰259 ۰260 ۰262 ۰268 269. 
272« 274« 275« ۰281 ۰283 284 285. 
6 ۰287 289 290« 292 293 296. 
299« 300 303« 311« ۰321 342« 373. 
الافغان 223. 

الافلاطونیون الجدد. 296. 

تلوس تو فیلوش: 270$ 

الأقباط. 224. 

.134 133 ۰85 کل»‎ sií 

الاکبت» 126. 

الاکراد 223. 

الألبان» 223. 

ألبرتيني» .۰ 201. 

الالبینی (الانسان)» 83. 

ألكمينا (الإلهة)ء 56. 

الألمانء 64. 

الاله الأسدء 246 250. 


الارموریکیون» 67. 

آرنوبیوس» ۰209 ۰250 292. 

الاریان 287. 

الاريوسية» 225. 

الاریوسیون 297. 

ازاگارن» 128. 

.43 (JYI) إزيس‎ 

الأزيليةء (الصناعة) 74. 

الاساباتیون» 229. 

الاسبان 47 49« 74ء ۰140 149« 178 
179« 180« 230. 

الإسبانية (اللغة) 89. 

أستروك» م.ء 141. 

آسدروبال» 140. 

أسكاليس» 146 . 

الاسكندرء 261. 

الاسکندر سيقيروس» 362. 

الإسلام» 46 47 169« 170 ۰171 176 
177« 178« ۰179 180 ۰185 ۰216 217« 
3 224 227« ۰228 229« 230« 241« 
6 ۰287 299« ۰300 ۰301 302 303« 
4 305 ۰306 308« 310« 311« 312« 
4 319« 342« ۰351 ۰356 ۰369 372« 
0 382. 

الاسماعیلیون» 303. 

الاطلنتیون 69. 

الاغالبت 172. 

الاغریق 47 58 ۰60 61 64 65 100« 
1 ۰126 ۰129 ۰130 144« 162« 244« 
2 ۰253 ۰259 ۰261 ۰262 ۰280 320« 
45 383. 


400 


إنکیروزوگلیزے» 266 

اهقارن» 364 365. 

آوائل التوسطیین» ۰82 87« 93. 
الاوتولول» 149. 

الاوراسیون» 337. 

الآوروبیون 49 63 66 68 ۰73 74 
6 179« ۰313 2338 367 383. 
آوروس» بول» 152. 

آوریلیوس یولیانوس» 205. 
آوزالسیس» ۰134 ۰191 371. 
أوزينات» م.» 204. 

آوزیوس» 253. 

الاوستوریون (آوستور آوستوريي؛ 
آوستورياني)» ۰162 163. 
آوستاتیوس» 188. 

الأوسیسیون 251. 

آوغوستوس (آوغوستی)» 257. 
آولاد سلیمان» 7 36 

الاولبیون 61 62. 
الاولوبیلیانیون» 62. 

أوليسقًا (الإله)» 257. 

آوماك 134. 

الأويلالواء 61 

الایبیریون» 119»68» ۰122 ۰192۰147 217. 


الایبیریون ازیریون» ۰82 84. 
الايطاليانية (الثقافت احضارة) 195. 
الایطالیون» ۰49 200. 

الإو كيهيك» 126. 

آیت إراتن» 353. 

آیت اسفول» 366. 

آيت افلمان 359. 


الالهة الافریقیت ۰262 269. 

الالهة الجيتولية» 257. 

آلهة الخصب والفلاحت 244. 

آلهة الرعاةء 241. 

«260 «250 ۰248 246 4244 الشمس.‎ JYI 
.261 

.250 «245 القم‎ JYI 

الالهة المحلية» ۰257 258. 

الالهة المورية» ۰148 ۰195 254 ۰256 257« 
8 ۰259 ۰269 ۰270 272. 

إليسا ديدون» 188. 

الإماجيكن. 127. 

آمازیغ (امازیخن)» 458 ۰188 ۰127 128. 
آمان (JYI)‏ 260. 

أماهق (إموهاي)؛ 128. 

أمبرواز» 296. 

257 «pu 3 32! 

الاموشار» 127. 

آمون رعء 43 247 4248 249 259 
61 ۰262 ۰272 274. 

آمونوس (آمونیانوس)» 262. 

الاموهاق» ۰127 364« 367. 

الآمویون» 301« 302« 306. 

إنجومار» وندال» 221. 

الاندلسیون. 149 ۰178 4230 349« 350. 
الأندونیسیون» 223. 

الانسان العاقل» ۰74 77. 

الانسان العاقل الأول» ۰72 73. 

إنسان مشتی العربي» 71 73 74 75 276 
7 82 83. 

آنطالاس» 163. 

انقیکتوس» 257. 


401 


آیت وریاغل ۰360 383. 
آيت لواین؛ 364. 
الایرانیون» 223. 

ایرو» 4246 272. 

.334 ماك.‎ e al 

إيليماس» ۰133 134. 
اهسال» ۰255 267. 
إيونام» 4257 ۰270 272. 
ايونتي » 61. 

الایونیون 61 192. 


آيت آونبکی» 359. 

.381 ie آيت‎ 

آيت خلیلی» 329. 

آیت خان 350. 

آیت سغروشن» 232. 

آیت عطاء ۰48 ۰232 358 1359 360« 
366. 

آیت عطا الصحرای 358. 

آیت منقلیت» 353. 

آيت ن آومالو؛ 358. 


(=) 


البربر (آوائل» قدامی؛ الستعربة). 43 
44 45 46 147 48 وف 2ک 58,55« 
0 ۰62 63 64 65 68 69« 71« 
2 77« 81« ۰82 86 89« 90« 91« 
8 102 104« ۰105 ۰106 107« 112« 
5 ۰7126 ۰127 ۰128 ۰129 ۰136 ۰138 
8 149 ۰150 ۰153 ۰154 ۰156 ۰157 
9 4 ۰165 ۰166 ۰169 
0 171« 172« 173 ۰174 ۰175 ۰177 
8 180 ۰185 187 ۰189 ۰191 ۰192 
3 195 ۰197 ۰199 ۰206 ۰209 ۰211 
7 219« 220« ۰223 ۰225 ۰226 227« 
8 ۰229 ۰230 ۰231 ۰232 235 239« 
2 ۰243 ۰244 ۰246 ۰256 ۰261 264« 
6 ۰267 ۰268 ۰270 ۰273 ۰275 277« 
9 ۰280 ۰283 284 ۰287 ۰289 290« 
1 292 ۰299 ۰300 ۰301 ۰302 ۰304 
5 ۰307 ۰310 ۰312 ۰319 ۰320 ۰321 
2 ۰324 ۰325 ۰326 ۰329 331 334« 
6 ۰337 ۰339 ۰342 ۰345 ۰348 ۰350 
1 ۰353 ۰359 ۰361 ۰365 ۰370 ۰373 


باتریوس (باتريي)» 257. 

باجاء ۰140 146. 

الباربان: 43« ۰257 ۰258 ۰261 348 351. 
باربارا (بربري بارباري) ۰64 257. 
الباسكية (اللغة) 68 89. 

باسي. أ.» ۰90 91. 

باسي. ر .» ۰191 260. 

الباثار ۰155 ۰210 362. 

باکاکس أغسطسء ۰242 4255 269. 
الباکستانیون» 223. 

الباکوات» ۰155 ۰210 ۰361 ۰362 363. 
بالیدیر (بعل أدير)» 4254 ۰269 270. 
بانئى» 255. 

البانيور» 149 

البایات 368. 

بتاح» 43. 

البتر» ۰169 172. 


البرابره 44 48 382 385. 
براس. ک. ج.. 128. 


البراکسیون. 294. 
البرانس» 58. 


402 


بنو کنعان» 63. 

بنو معقل» 446 47 86 174« 230« 232« 
359. 

بتو هلال (الهلالیون)» 46 ۰86 ۰161 ۰174 
175« 78 211 ۰217 ۰230 231. 
بني عباس » 350. 

بنى محمد 359. 

بنى مکیلد» 48 232. 

بنى ينىء 344, 2350 353. 

بوجودء ۰140 146. 

بوخوس (الأول). 140« ۰145 ۰146 ۰148 
4 199 372. 

بوخوس الثاني (الاصغر) ۰140 ۰146 200. 
بودملقرت» 254. 

بورگینات» ج.ء 68. 

بوسیدونیوس» 143 . 

بوشار» 144 . 

بوعكاز (قبیلة) 375. 

بوكوريس الموري (الإله)» 255. 

بولوقين بن زيري» 173. 

بولیبوس» ۰58 4147 188 . 


بولیتیکوس. 5 270. 
بوليفاء 360. 


پومبونیوس میلا» 38. 


البومبیون» 200. 
بونشور» 4 255 271. 


البونيقية (اللغة» الثقافة» الحضارة)ء 45 56« 
0 90 ۰126 129« 159« 193« 194« 
5 196 4199 245 ۰254 ۰266 284 
5 21 322 323 354. 

البونيقية subi‏ (اللغة) 126. 

البونیقیون 49 2ک 59« ۰77 116 118 
129« 131« 132« 133« ۰134 135« 136« 


.383 «382 ۰380 ۰379 5 

البربرية (اللغة) 44 کف 46« 47 49« 
5 ۰67 69« ۰86 89« 490 91« 92« 114« 
5 127« ۰208 ۰230 ۰232 ۰235 253« 
2 ۰266 ۰285 302« ۰319 320« 321« 
7 ۰337 374« 382. 

البرتغالیون ۰179 180. 

برغواطف ۰176 ۰301 302. 

برنس [صنهاج بن بربر ]» 160. 

برنو (انسان) TT‏ 

بروسبيري» 257. 

بروكوبيوس. ۰59 ۰60 ۰63 64 ۰155 159 
3 ۰194 225. 


البروکیون 203. 

برونر بي [ف.]۰ 68. 

بریسیانوس القيصري» 58. 

بطلیموس» ۰58 ۰61 62« 147« ۰148 ۰154 
0 265. 

بعل حمون. ۰195 ۰227 ۰246 ۰259 261« 
2 ۰265 ۰276 277. 

.152 ۰108 ۰102 ۰96 95 البقریون,‎ 
«249 217 ۰163 63 [use si] البكري‎ 
.307 «302 

البلقانیون» 47 

بلوتارك ۰61 62. 

بلين (الأكبر)» 58 144« 164 ۰241 242« 
45 250. 

بن غانة (عشیرة) 375. 

بنو (سرائیل 63. 

بنو أمية» 171. 

بنو سليمء 446 47 186 174« 230. 

بنو عبد الودید 179. 


403 


البیرورسیون 58. 

البيريجي» دونيس» 58. 

بیربیتو (الشهیدة) ۰284 285. 

البیزنطیون (الروم) 9 85 ۰125 ۰157 


۰187 ۰170 ۰148 ۰147 «142 141 8 
۰197 ۰196 ۰193 ۰192 ۰191 ۰190 9 
«264 ۰262 ۰261 ۰250 ۰241 ۰227 1 
«281 ۰280 ۰277 ۰275 ۰272 ۰270 909 


3 341. 3 167« ۰168 ۰170 ۰185 ۰216 217« 
البونیقیون الجدد» 4192 195. 9 224 225« ۰226 227« ۰228 231« 
بیتس. آو.» 261. 4 345. 
البیدق [محمد بن أبى بكر الصنهاجی] 308. بیس .۰ 67. 
i ateata‏ البيض» السکان» ۰48 496 ۰97 102« 105 
بیرئولون[ل.] 65 89. 6 107« 126« 150« 152. 
الییرسیون» 58. البیلاجیون 287 296. 
البیروسیون 58. بيليزير» 59. 
(ت) 
set‏ 151: التونسیون 375. 
تاکفاریناس» 151« ۰152 ۰210 360. تيبيريوس» 360: 
تانيت (ogs)‏ ۰195 ۰246 ۰252 ۰262 تيت لیف» 132« ۰133 ۰140 ۰146 149« 
215 7 266. 
التحنو» 43. التیدا (لغة)» 45. 
تراجان» 215. تیراس ه.» 160 . 
ثراساموند 225. تیرتولیانوس» 4209 ۰215 ۰262 ۰264 287« 
تروگلیتاء حناء 163. 23 294 295 309. 
التماشق (لغة). 44 4105 127. انس :255 
التمحو 143 46 67. التیفناغات, 45 0321 0322 323 324. 
التوبو 45 ۰105 ۰105 107. تیلوس (IYI)‏ 244 253. 
توغرت (قبيلة)» 375. تين هنان ۰324 364. 
تونانس» 262. 
(ث) 
الثراسیون. ۰89 203. تیتیسوت» 250. 


ثيودوس» 6 164. 


ثیلیلوا (ليلى).254: 


404 


(z) 


جوبيتر حمون» 262. 

جوستینوس: 188. 

جو ستينيانوس» 226. 

جونون» 262. 

الجيتول (الأويولايواء الجيتولوا) 49» 55« 
6 58 ۰61 102 ۰125 ۰126 ۰138 149« 
0 ۰151 ۰152 ۰166 ۰207 ۰281 307. 
جیلدا (الالهة) 253. 

جیلدون 156 157 ۰210 291. 

جینیوس آوبوروتینسیوم» 255. 

جینیوس أوسوم» 255 

یوس کی :255 

255 ا0ر‎ OTTA 

جینیوس سوموس اسوني» 256. 

جینیوس مونیتس روفینا» 256. 


جالوت» 63. 

جراوة (قبیلة) 169. 

احرمان» ۰128 ۰213 ۰217 348« 351. 
الجرمنتيون» ۰100 ۰102 120« 150« 152« 
5 161 ۰216 324. 

جشم. 174. 

جن الأنهار» 256. 

جن الکان» 206 

جن موراء 263. 

الجن النوميدي» 265. 

جغرافی رافیناء 58. 

جلیمیر» 219. 

الجمالون. 48 ۰152۰102 ۰160 ۰161 164 
5 166 206« ۰216 ۰217 4219 225. 
جنیب» فان» 334. 

جوبیتی 249« ۰255 ۰260 266. 


(z) 


الحماديون (بنو حماد» الملکة الحمادية)» 
3 174 176 179 363. 


الحامية السامية (اللغة)» ۰91 ۰92 126« 
06 320« 321. 


حانون» 147. حمیر» ۰63 170. 
النانشة» 375. 

الحرائين (ازغارن) ۰104 ۰106 ۰107 150 . 
خرائین (ازغار الحنفية» 180. 
الحسن الوزان (ليون الافریقی) 128 244. 

.43 VS PE 5 g 
.243 ا حسين (بن علي)؛ 303- حوریات الاء والغاب»‎ 
.61 حويلةء‎ .375 (SUI) حسین‎ 
.188 الفصیون 309. حیارباص»‎ 

(&) 


الخيليون» 5 96 ۰.97 99. 100« 101« 
102. 


الخوارج (الذهب الخوارجي)ء 171 172 
173« 228« 229 294 301 302+ 303« 
4 305 356 372. 


405 


(3) 


دي بیکلار» خوان» 216. 

دي تیر» ماکسیم. 241. 

دي قيتاء .۰ 60 64. 

دي فيتاء فیکتور.» ۰219 231. 
دیانا المورية» 255. 

دیانا آوغوستا المورية» 263. 
دیبیناث ]4[ 73. 

دیتور» أ 76. 

دي تيجاقاء تیباسیوس» 285. 
دیساغ» ج.. 58 188. 
دیسیوس (الامبراطور) 295. 
ديميتر (الاله) 244. 
دیودوروس الصقلی» 61« ۰85 4245 249. 
پوس ۰2156 ۰ 


دیوسکوریس (الالهان التو أمان)ء 250. 


6) 


«223 4221 «219 «216 «215 «214 2 
«247 ۰246 ۰243 ۰241 ۰239 «226 4 
«262 ۰260 ۰259 ۰258 ۰256 ۰255 2 
«281 ۰277 ۰274 ۰273 ۰272 270 9 
«335 4321 ۰294 ۰293 ۰292 ۰290 9 
«361 4356 355 348 ۰345 339 7 
.374 ۰373 3 

الرومان الافریقیون (الأفارق)ء ۰52 ۰216 
6 227. 

الرومانیة (اللغة) 217. 

الرونية (الابجدیة) 322. 

ریاح» ۰174 178. 

ریبوفا. ر .» 161. 


رر [گ. [. 64. 


الداق رالى» 364. 

دد 43. 

ددا عطاء 358. 

دراكو (الثعبان)» ۰249 250. 

الدرويدية (الأنصاب)» 66. 

الدوارون 290ء 291. 

الدوري (الفن)ء 197. 

دوسان. ج.» 262. 

دو فوكوء ش.ء 128. 

الدوناتية» ۰171 ۰215 ۰225 ۰287 ۰288 
890 ۰290 ۰291 ۰294 303 ۰304 305. 
دوناتوس» 288. 

الدوناتیون» ۰288 ۰289 ۰291 296 . 
الدوناتية (اللهجات) 291 

دي بارادي» فینتور» 91. 


راکوب e.‏ ف.» ۰265 268. 

ربیعت 174. 

الرستمیون (المملكة الرستمیة) 4172 304. 
الرگیبات» 47 232. 

رمسیس الثالث» 67. 

رمسیس الثاني» 42. 

روزي [ک. .]۰ 66. 

الرومان ۰56 ۰58 ۰60 ۰66 ۰77 85 86« 
5 ۰127 ۰129 131 ۰136 ۰137 ۰141 
2 143 144 ۰148 ۰149 ۰151 153« 
5 ۰156 ۰157 ۰159 ۰160 ۰161 162« 
5 ۰166 ۰169 ۰170 ۰171 172 ۰179 
0 ۰185 ۰195 ۰196 ۰199 ۰200 201« 
2 ۰205 ۰206 ۰208 ۰209 ۰210 ۰211 


406 


رين [1.] ۰129 145. 


G) 


الزوکس» 128. 

زيدوتيناء 204. 

زيري [بن [ike‏ 173. 

الزیریون (الملكة الزیریة) 174« 176 
6 363. 

زیلالسان» 134. 

ز2590 

زیوس آمون 261. 


الریفیون 235 337. 
ريكولوسء 249. 


زایان 232. 

زغبة» 174 178. 

الزگرنسیون 4204 205. 

زناتق» ۰86 ۰160 ۰166 ۰172 ۰175 ۰176 
8 ۰179 ۰219 ۰226 ۰227 ۰228 231« 
4 305 373. 

الزنوج (وآشباه الزنوج)» 468 ۰78 82« 
5 96 ۰102 ۰105 ۰107 108. 

زواوة (قبائل) 360« 380. 


(س) 


سترابون» 8 61, 64 ۰129 ۰131 ۰139 


«150 ۰146 ۰145 ۰144 ۰143 ۰141 0 
.151 

ستیلیکون» 156 . 

السرديون (فرقة) 203. 

السقويون» 235. 

سکیبیون امیلیان (كورنيليوس).» ۰138 ۰140 
9 1 ۰199 ۰245 ۰246 371. 

سکیبیون» میتیلو س» 250- 

سکیلاکس» بسودو 189. 

السکیلیون» 284. 

السلبيسية (الدرسة) 287. 

السلتیون» 467 221. 

سمن (اشمون) 266. 

سنیفیر» 163 . 


السوبوربور» 374. 
سوجن (JYI)‏ ۰253 255 267. 


السابلیانیت 287. 

ساتورن (فروجیفیر 195 ۰227 241 
6 248 249« 250 251 253 259 
0 ۰262 ۰269 ۰277 283. 

ساتورنیوس» سالوستیوس» 270. 
ساتوروس» 285. 

2241 TRE A | 

سارنیلی. 2.» 128 

الساسانیون؛ 351. 

سالسة (القدیسة)» 285 289. 
اوتا 357 

سالوستيوس» 55 56 157 464 126« 149› 
9 ۰207 ۰212 236. 

ساماك» 156 157. 

السامية (اللغةء الحضارة)ء 60 91 92 
4 189« 195« 209 241 248 262 
323 


سانکتوس (سانکتي)» 257. 


407 


لوسیوس سیفیروس» 204- 

سیتی الاول» 46. 

سیتیوس» ۰151 200 . 

سيدي عبد الزيعمن بوفبرین» 313. 
سیرتوریوس» 146. 


سیستون. و .۰ 204. 
سیسیلیانوس» 288. 
سيفاقس. ۰131 ۰132 ۰135 ۰138 ۰139 
0 ۰141 ۰142 ۰143 ۰144 ۰154 268. 


السیکول» 6 117. 
سيلا 59« ۰135 137 ۰148 ۰274 372. 


سیمون» A‏ 60. 
سینیسیوس» 162 . 
سینیقیر » 163. 


( 


الشلوح؛ 44 47 235 382. 

شو [ج. ک. .]۰ 66. 

.292 «246 ۰245 ۰201 ۰142 شیشیرون:‎ 
ATA :0172 CN a) ال‎ 
` 306 303 29 


) 


سوجن (الأمیر) 257. 

السود. 104 ۰105 ۰106 ۰150 ۰180 223. 
السودانیون» ۰98 ۰105 106. 

السوریون» ۰165 264. 


سوسوس. 146. 
شوافع تیست:: 191: 


سولومون 59. 
سومان ش.» ۰60 189. 
السومرية (اللغة)» 89. 
السومریون 69. 


سویتنکن» 148 160. 
سیبریانوس (الورخ)» 9 2215 264« 
7 2293 295 296. 


یاس رو 2845237 


شاكر. س.» ۰90 128. 

شامبولیون 91. 

شاملاء م. 4.5 75 ۰76 ۰77 278 83 84. 
شانتر. ۰,۱ 65 334. 

الشاويةء 47 127 ۰235 380. 

الشعانبة 47 356 375. 


(we) 


صف یوسف» ۰375 376. 

الصفریت ۰171 305. 

الصلیبیون 179. 

صنهاجت 63 ۰160 ۰166 ۰172 ۰173 
6 ۰179 ۰227 ۰306 ۰358 374. 

صنهاجه تلكاتة» 374. 

تیاه العف اب 307 

صنهاجة ندرومة» 177. 


صالح (زعيم برغواطة)» ۰301 302. 
الصحراویون. 48 ۰100 101 ۰104 ۰176 
1 322 324 . 

صف الباشية» 375 377. 

صف البحر 377. 

صف الحسينية» 2375 377. 

صف شداد» ۰375 376. 

صف المغارة» 376. 


408 


(ض) 


(d) 


۰242 ۰229 ۰166 ۰164 ۰128 ۰127 1 
«344 343 ۰342 ۰341 ۰320 ۰279 1 
.384 ۰370 ۰367 ۰366 365 4 

الطورانية (اللغة)» 89. 


طارق [بن زياد]ء 170. 

الطروادیون» 61. 

الطروده 375. 

الطوارق» 44« 82« 83« 198 102« 103 


(2 


العربية (اللغة) 44 45 46 48 63 64 
9 ۰159 227« 230« ۰233 ۰235 321« 
2 ۰327 382. 

العروبة (التعریب)» 185 ۰223 231 234 
319. 

عشتروت. 264. 

عقبة بن نافع » 169 229. 

على باشا؛ 375. 

۳ [بن أبي on‏ ۰171 ۰172 172 
177« 303 305 306. 

العلویون 374. 

عمر [بن الخطاب [« 303. 

عميروش [آيت حمودة]» 211. 


العاتيري» الانسان 273 75. 

العباسیون» ۰172 174« 306. 

عبد القادر (الامیر) 98. 

عبد الكريم [الخطابي]ء 211. 

عبد المؤمن (بن «Ce‏ 7 15 308. 
عثمان [بن [ols‏ ۰167 303. 

عدي» 174. 

العرب (المستعربة)» 46 47 49« 52 63« 
1 86 91« ۰125 144« 148. 153« 157« 
9 160 ۰166 ۰167 ۰168 ۰169 170« 
171« 174« 175« 176« 185 ۰217 219« 
3 224« 226 227« 230« 231« 232« 
5 245 ۰299 319« 350 354 358« 
5 385. 


(©) 


الغالیون الرومان» 6 68. 


الخالیون 66 67. 


409 


(ف) 


فلسطین (انسان) 74. 

فلسطین (من إخوة البربر) 63. 

الفنلندية (اللغة) 89. 

فودینا (الالهة)» 257. 

الفوقي (عشیرة) 379. 

الفولانیون 96 ۰105 ۰107 108. 
فویلومو ج.» 141. 

فير موس ۰ 6 4 ۰267 291. 

فیرمینا (قيرميناد)» 143« 154. 

فيروء ل. ش.ء 66. 

في ريمباخ » 754.5 

فیفریی» ج. 355. 

فیلیسیتی (الشهيدة)؛ 4284 285. 

فيمينياء 236. 

الفينيقية (اللغة» الابجدیة) 59 196« 323. 
الفینیقیون (ما قبل الفینیقیین). ۰59 ۰60 64ء 
6 126 136 ۰141 ۰142 147 159« 
160« 185« 187« ۰189 ۰191 ۰192 193« 
194« 209 266 275 355 356. 


فاجوراء 205. 
فاراکسن» 211 

فارسوتینا المورية» ۰255 264. 
فارسیسیما (فارسیس)۰ ۰254 271. 
فاريكالاء بلوتوء 255 270. 

فاطمة [الزهراء]۰ 0172 303 306. 


الفاطمیون (الدولة القاطمیة) ۰172 ۰173 
4 179 211, ۰229 ۰304 ۰305 ۰306 
374. 


قاليريانوس» 296. 
الفرس» 5 56 57 59, 69 ۰172 ۰223 
304. 


الفرنجة» 68 228. 

الفرنسية (اللغة)» 44 809 ۰322 382. 
الفرنسیون» 49 64 ۰66 67 83 ۰128 
9 185 ۰232 354 ۰359 ۰367 384. 
فرونتون» 207. 

الفریسیون ۰58 459 150. 


فلافيوس» جوزیف» 61. فیهینام» 27 

(ق) 
فبائل الخزن» 374. قسطنطين (الامبراطور) 8 289. 
القبائلیون» 7 ۰48 ۰127 ۰235 280« قسطنطين الثاني (الامپراطور) 226. 


القفصیون (الملكية» الصناعة القفصية)» 
5 78 79« 80 81 84, 85 193 94« 
64 371. 

القونشیون» 45 47 69 74« 230 241 
3 260. 

قيصرء 164 200« 207. 


0 337 ۰339 ۰350 ۰352 ۰360 383. 
القبارصت 334. 

القبطية (اللغة). 91. 

القرطاجیون» ۰56 ۰126 ۰127 ۰131 ۰132 
3 34 ۰136 ۰137 ۰138 ۰146 ۰148 
4 188 ۰189 ۰190 ۰191 ۰192 ۰193 
4 ۰195 197 ۰199 ۰295 371. 


410 


(S) 


کل أهقار» 364 365 368. 

کل أولي» 364. 

كل ريلا (قبيلة)» ۰251 364 367. 
کلوفیس 157. 

كليوباتراء 200. 

كليوباترا سيليني؛ 200. 

EE E 

کنعان بن حام بن نوح» 63. 

الکنعانیون (شنانيسي شنانیون) ۰60 64« 
0 194. 

كوبير» |. ك.» 334. 

كوئيي» !. ذ.» 165. 

کودري» مب 382. 

کوییدیوس ماکسیموس» 204. 

کورتوا» ش.. 60 ۰194 ۰210 ۰220 225. 
گوردیان 208. 

کورزیل 163 249« ۰251 ۰272 274. 
كورنيفير» 262. 

كوري (الاله) 244. 

کوریبوس» ۰163 216 ۰225 ۰249 274. 
کوش 61. 

الكوشيةء 91. 

گوضا ۰200 372. 

كولوساء ۰265 371. 

کومب کابل (إنسان)» 77. 

کومودوس 4205 284. 
کونسیرفاتوریس» 257. 

کوهین م.. 91. 

گویون [ج. د. ج.]» 66. 

الكيهيك 126. 


کاباون 225. 

کابوساء 1133 ۰134 ۰140 371. 

الکاپیتول (آلهة) 295. 

الکائوليك ۰289 292. 

الکائولیکیف 289. 

کارکوبینو» ج.. 244. 

الكارديالية (الحضارة)ء 119. 

.220 cJ pa 

گاست. م.» 364. 

کاستوریس موري (کاستوریبوس» موریس)؛ 
7 271. 

کاسیلیانوس» 295. 

گالان .۰ 360. 

کالتبرونر [د.]۰ 64. 

گالندو [ألبرتو فلوریس]» 241. 

کالیستیس» ۰262 ۰263 264. 

کامب غابرییل» 73. 

کامب-قابرر.» ھ.» 343« 349. 

الکاهنة (الداهیة) ۰169 170. 

.371 ۰135 135 «133 LŚ 

كتامة (الأوکوتامنیون) 63 ۰172 ۰173 
176« 177« ۰216 ۰229 229« ۰305 363« 
374. 

کرومانیون انسان» ۰72 473 ۰74 ۰75 77. 
كريستي [ه.] 66. 

گریکوار (البطریق)» ۰168 224. 

گریکوار السابع (الباباک 216. 

کسلوحیم بن مصرایم بن حام» 63. 

كسيل» س. 56 58 60 ۰126 ۰128 ۰133 
144« 150« 151 189« 199. 

.169 iles 


411 


(J) 


لوکبوس فیروس: 204. 

179 a لولس‎ 

لويكى» ت.» 21 

الليبو (الریبو) 43 126 127. 

الليبية (اللغةء الثقافة)ء 45 59 89« 90 
91« 129« 130« 192« 193« 195« 1199 
4 266 273 274 279 ۰280 281 


اللاتين» 49 64 125 127 4130 142« 
2 163 201 207« ۰208 209« 216« 
7 227 253 255 259 262 284 
5 361. 

اللاتينية (اللغة» الثقافة), 45 67 89 90« 
5 129 140« 157« ۰170 4194 201 
8 209« 217« 219 ۰264 265 321 


2 361. 0 21 ۰322 ۰323 ۰324 354 361. 
اللطینی الافریقی (اللسانء» اللاتينية اللیبیون» 43 55ء 56 57 59 64 67« 
الافريقية 217 100« 126« 127« 133 144« 150« 187« 
لارتی» ۰۰۱ 66. 189« 188« 191« ۰192 ۰211 244« 261« 

لاکتانس» 264 292. 272« 281. 
لاکومازیس» ۰134 371. اللیبیون البربر» 106. 
للا تافوغالت 313. اللیبیون الفینیقیون» 64« 4116 ۰153 217« 
لمتونة (اللمتونیون) ۰176 ۰228 307. 281 
لواتة (الاگواس لاگواتان» لیواتة» لفاتة» اللیبیون النومیدیون» 130. 
اللواتیون)» ۰63 486 ۰216 4249 274. الليقالوازية» 72. 
لوگلي مب 261. اللیمیتینیون (الجنود)» 206. 
)^( 
ماتیلام 254 255 271. الارسیونیون 294. 
مائوس (ماثو)ء 210. مارشین (الشهية1) 285. 
ماجوریانوس» 288. مارسیلوس (الشهید)» 285. 
مادغیس» 160. مارك آنطوان» 200. 
الادیس» 58. مارکوس آوریلیوس» ۰194 ۰204 205« 
مارتل. أ.» 375. 207. 
مارتان. c.a‏ 67. الاریوسیون 151. 


ماریوس» 151. 
مازيباء 152 


مازیتول» ۰133 134. 


مارتي (مارس) كانابفاري ۰255 270. 
مارسولین أميين» 4162 ۰267 361. 
مارسی. > 349. 


412 


ماکورگوم» 255 271 

المالكية (المذهب المالكى)ء 310 356. 
الانویق 277 292 300. 

المانويون» 287 296. 

التوسطیون» 75 77 84« 186 87« 96 
7 98 102 105« 106« 111 117 
2 123« ۰125 ۰152 ۰165 188 192 
4 242 244« 261« 324 1325 329 
0 336 ۰337 342 383. 

التوسطیون الاطلنتیون 83. 

الحامید (قبیلة)» 375. 

محمد (النبي» الرسول)» 4167 6171 172 
177« 229« 230 231 300« ۰303 306 
307. 

06 ا‎ DE ENS DE 
307 «302 «299 ۰229 228 «179 «177 
308 

مري» 43. 

الرینیون (بنو مرین) 178. 

الزابیون ۰47 48 357 358. 

الزالت 151 152« 155 203 279 360 
361 

.179 [ål عبد‎ pi] الستنصر‎ 

السعودي [أبو الحسن علي بن الحسين بن 
على]؛ 63. 

مسكافاء 255 266 268. 

المسلمون» 446 47 167 169« 0176 223 
8 304 310 349. 

السلمون» 288. 

المسيح» 93 226 ۰283 287 289 300. 
المسيحيةء اه 170» 170ء 171« 177« 
8 209« 215 217 219« 220« 223 


الازیس ۰58 ۰127 ۰128 ۰188 267. 

مازیغ (مادیغ)» 58 ۰59 63. 

مازيك» 128. 

مازيكاء 128. 

الازییس» 58 127. 

ماستانبال» 371 372. 

ماستیس» ۰157 225. 

ماستیکاس» 220. 

ماسوناء ۰157 ۰171 ۰220 225. 

ماسيديسي (فاسيديسي)» 253. 

ماسیزیل» 156 157. 

الاسیسیلیون ۰123 131 138 ۰139 ۰140 
3 144 268. 

الاسیلیون» ۰127 ۰131 ۰132 ۰133 134« 
6 137 ۰140 ۰143 ۰144 ۰189 191« 
2 ۰200 ۰264 ۰265 ۰323 371. 

ماسینیساء ۰98 ۰131 ۰132 ۰133 134« 
5 137 ۰139 ۰140 ۰144 ۰146 ۰154 
8 ۰189 ۰190 ۰191 ۰193 194 ۰199 
45 ۰264 ۰265 ۰266 ۰268 ۰281 ۰323 
354« 4371 372. 

312% Last 

الاسینیون» 363 

ما قبل التوسطی (الإنسان)» 49 77ء 78 
81 84 85 

الاکسیتانیون» 188. 

الاکسیس: 58. 

ماکسیمپانوس» فالیوس» 205. 
ماکسیمیلیانوس (الشهید) 285. 

ماگنا فیر گو کیلستیس 264. 

ماکورتوم (ماکورتام)» 254 255 257 
0 272. 


413 


مكناسة» 173« 305. 

ملقرت» 56 246. 

منیبتاح» 43 67. 

الهدي عبید càl‏ ۰172 ۰173 306. 

الهدي [المنتظر]ء ۰172 ۰177 ۰306 307. 
الوارنت 224. 

.255 (JYI) موغانیوس‎ 

الوحدون (الامبراطورية الوحدیة)» ۰115 
4 175 177 178 ۰179 217« 229« 
8 309 310« 311. 

مورا (الالهة) ۰263 270. 

الورية (المملكة» المالك)» ۰145 ۰146 ۰147 
149« 154« 155« 170« ۰189 ۰193 200« 
369. 

الوریسکیون» ۰178 349. 

الوریون» 55 ۰57 ۰59 61 64« 125« 
9 ۰139 144« 145« 146« 148« 149« 
152« 153« 157« ۰159 ۰163 ۰166 170« 
180« 193« 194 199« 203« 219« 225 
6 227« ۰255 ۰258 ۰259 ۰264 266« 
8 274« 322 ۰361 372« 373. 

الوستيرية (الصناعة)» 272 73. 
الوسونیون» ۰62 374. 

موفرز» [ف. ش.]۰ 64. 

مونا (الالهة) 255. 

الونتانیف 284 294. 

الونتانیون» 287. 

المونوفيزية» 287. 

مونيك (والدة آأغسطینوس) 297. 

مونیی» د. ج.ء 349. 

الیدیون 55 57 58 59 69. 

.255 (JYI) میرکور‎ 


«269 «241 239 228 ۰227 226 4 
«293 ۰292 287 286 ۰285 ۰283 1 
«312 «304 «300 «299 296 «295 «294 
.373 «346 «340 4 

السیحیون» 125« 157 170« 171« 176« 
9 209« 217« ۰219 225 239« 241« 
3 255 ۰264 1266 ۰268 ۰277 287« 
2 293 294« 295« 310 349. 

المسيسيريون» 361. 

الشرقیون 4120 147« 4159 4170 174« 
179« 187« 188« 189« 191« 195« 197« 
208. 

المشوش» ۰43 458 127. 

المصرية القديمة (اللغت الحضارة)ء 91« 92« 
127. 

249 «247 126 4101 68 58 cò y al 
.259 «251 

مصمودة 177 4229 309. 

مصمودة الأطلس الکبیر» 176. 

مطماط 47« 235. 

معاوية [بن أبى سفيان]» 4169 4171 303. 
معاوية بن حدیج» 169. 

العترلف 305. 

العز [الفاطمی] 174. 

الغاربیون» 46« 48 74« 81« 86« 149 
174« 177« 180 180 4185 228« 229« 
2 269« 305« 310« 312« 314« 320« 
0 1331 ۰339 342 4343 350 369« 
383. 

المكدلينية (الصناعة)» 74. 

الکسیس ۰57 61 127. 

الکلیون 252. 


414 


الميغاليثية (الحضارة)» 67. 
ميلتزر [أوطو]ء 323. 
مينو سيوس فیلیکس» ۰264 292. 


ميسرة السقای ۰301 304. 
ميسيبساء 135« 138 140 193« 194« 
4 ۰265 268 ۰323 ۰354 ۰371 372. 


(o) 


«138 ۰137 135 ۰133 ۰131 ۰130 9 
«152 ۰151 ۰149 ۰146 ۰145 ۰144 0 
۰192 ۰190 ۰188 ۰166 ۰159 154 3 
«244 ۰217 ۰214 ۰207 ۰195 ۰194 3 
355 1354 322 281 ۰274 268 65 
.373 372 371 61 

النوميديون السیلیون» 0154 268. 

نومين الوريتانية (الإلهة)» 255. 


الناباب» 361. 

نارافاس» 4134 191 
الناسامونیون 150 279. 
الناصریون» 349. 

انبجني (توریس اااي 215. 
النساطرة» ٠.224‏ 

التصرانية» 285 292 294. 
الظطوفيرة: 705 


نفتيس» 43 نومين المورية (الالهة) ۰257 270. 
النكارية» 305. النويري [أحمد بن عبد الوهاب]ء 
النوایل (قبيلة)» 375. 168. 
نوبل» فلائیوس» ۰156 157. نیاندرتال» إنسان (النیاندرتالیون) ۰72 75. 
النورماندیون ۰179 230. نیقولاس دي داماس» 244. 
نوملولی» 249. نيمادي 129. 
التوميدية (الابجدیة)» 323. y‏ 237. 
النوميديون (النوماد) ۰49 56 57« 125 نيبتون» 243. 
(ه) 
هارت. د. م.» 358 359. 272 
هامیلکان 191. الهلينية (اللغ الثقافة» العبادة) 89« 191 
هانیبال ۰149 190. 6 244. 
هرغة ۰177 307. الهلینیون» ۰65 261. 
هرقلیس (هرقلیوس)» ۰55 ۰56 ۰57 ۰61 الهندية الامريكية (اللغة) 89. 
226. الهنود 61. 
هرقلیس (هيركولي) ارسيتي» ۰255 6269 هوسبیتس» 257. 
272 ا رر 50 


هونوریوس» یولیوس» 361« 362. 
هیرا (الالهة) 202 


هلال (جد بني هلال)» 174. 
الهلینستیون» 143« 195« 197« 261« 270 


415 


الهيكسوسء 64 97. 
هيلديريك 226. 


هیمبسال» 56 ۰265 267 ۰268 372. 
هیبمسال الثانی» 4267 372. 


هیرمینگوند» سویف» 221. 
هیرودوت 56 57 61« 121« ۰126 127« 


8 ۰130 150 ۰244 ۰251 279. 
الهیر وغليفيت 43. 
هيكاتي » دي ميلى» 61 114 127. 


(2) 


ورفجومة (قبیلة) 305. 

الوزقوط 350 351. 

الوزقوطية (الملکة) 348. 

الوندال 49« 66 68 85 149« 157 
2 185 209« 216 219 225 226 
0 231 348« 349. 


الوادي (قبيلة)» 375. 

الوارلیقارا 64. 

واكريكيش» 63. 

الوثنية» ۰163 ۰216 ۰217 ۰230 ۰240 292« 
294. 

الوثنيون» ۰125 287. 


(ي) 
ياكش (åI)‏ 302. يوباليني 267. 
اليعاقبة» 224. لسغيو > 375 376 
العف 63. يوشع » ابن نافي» 59. 
الیهود 63 125 170 177« 277 293« يوغرطة» 145 148 151 199« 372. 
4 350. یولیان (یولیانوس)» 4169 204. 


یولیانوس (الزگرنسی) ۰204 205. 
پوس اف 363 

یولیوس ميرزي» 363. 

یولیوس نوفوزي» 363. 

يونس (حفید صالح)» 302. 


اليهودية» ۰170 ۰177 227. 
يوبا الأول. 164 ۰194 ۰200 255 264« 
6 267« ۰268 272. 

يوبا الثانی» ۰61 140 147« ۰193 200« 
266« 272. 


416 


آسماء البلدان والدن والواضع الجغراقية 


0 


آسيا الصغرى» 64 ۰69 330. 

آشباه الجزر الایطالیت ۰69 ۰82 86 116« 
9 336. 

.85 «at 

الاصنام (أورلیانفیل) 142. 

الاطلس (بلدانء (Jka‏ 57 ۰114 146« 
0 ۰152 ۰235 ۰241 ۰242 260« 261« 
8 337 349 358. 

الاطلس التلي؛ ۰234 337. 


الاطلس الصحراوي» ۰120۰100 ۰235 247. 
الاطلس الصغيرء ۰233 ۰327 328 340« 


.348 44 

الاطلس الکبیر» ۰118 ۰119 ۰127 ۰176 
7 241« ۰321 324« 0340 ۰379 382« 
385. 

«358 ۰232 ۰116 48 «Lt الاطلس‎ 
.363 

الاطلنتید» 69. 

الاعراش» 163. 

أعمدة هرقل» ۰59 129 144« 189. 

اغرم آمزدار: 359. 

اغیل بوعماس» 383. 

إفريقياء 44 49« 455 56 57 58 59 
0 64 66 68 72« 76 ۰80 ۰86 89« 
7 ۰107 ۰116 ۰122 ۰126 ۰131 141« 


|باریسن» 121. 

أبري خین؛ 95. 

الأبنين (جبال)» 322. 

أييز :272 273 274. 

أتاكارتيس (الالهة) 264. 

أتاكور (الهقار) 364. 

آثيناء 320. 

إثيوبياء 150 . 

أجريف» 385. 

الأخضرية (بالسترو)؛ 84. 

الإدريسية (الملکة) 173. 

أراوان (مالی)» 95. 

.3 (J) ارحود‎ 

الارخبیل الیونانی» AT‏ 

آرلس (مجمع )» 288. 

آریاس 68. 

اريس 225: 

إسبانياء 47 52 455 56 57 67 74« 
2 87« ۰119 ۰122 ۰138 ۰141 142« 
149« 170« 176« ۰178 ۰217 230« 276« 
5 ۰309 ۰330 ۰350 350. 

إساكامارين» 364. 

الاسکندرية 308. 

إسكندتاقياء 322. 

آسیا» 67. 


417 


الاندلسیات [منتجع ]۰ 141. 

آهریر» 96. 

آوتیکا (عتیقة) 323. 

أوجلة (واحة) 150. 

الاوراس (أورس» آوراسیوس). 44. 4T‏ 
1 117« 127« ۰136 137« ۰145 157 
3 169 ۰214 225 ۰235 ۰278 305« 
6 328 330« ۰331 ۰332 ۰337 345« 
6 348 380 382. 

أوروباء ۰67 69 72 74« 477 87 167« 
3 217 229 348« 351. 

آوروبا الغربية» 72. 

أوزياء 253 262. 

آولاد نایل 121. 

الاولب» 257. 

إهرير» 95. 

آومال 67. 

.162 «Li 

إيجة (بحر) 465 69. 

ایران 351. 

إيطالياء ۰68 ۰82 ۰117 ۰118 120« 262« 
0 331 32 336. 

ایکجان» 306. 

.141 (شرشال)»‎ dal 

ایهرن 95 97. 98. 

أيير (جبل)» ۰103 ۰127 242. 


2 147« 148 149« ۰۱150 4153 154« 
6 ۰161 ۰163 164« 4165 ۰166 ۰167 
0 171« 174« 178« 188« 189« 191« 
3 194« 195« ۰۱196 199« 201« 202« 
3 ۰206 207« 208 ۰209 211« 212« 
3 ۸214 216« ۰219 ۰224 225 226« 
9 231 ۰250 ۰253 ۰258 ۰259 261« 
2 264 ۰270 ۰285 ۰286 ۰287 288« 
0 291« 293« ۰295 ۰300 301« 319« 
3 336 337 348 349 354 367. 
افريقية (أفريقية)» 63 4125 ۰167 ۰169 
171« 4172 174« ۰175 ۰177 179« 230« 
6 309. 

آفلو 256. 

آگادیر الفريفري» ۰327 328. 

إگادن آررنی» 103. 

أكوا سبتمياناء 243. 

.250 «LS أكوا‎ 

الإكوزيوم» 156. 

ألابرايا (البرتغال)» 118. 

آلتافا (حجر الروم» لامورسییر) ۰171 6225 
258. 

إليزي» ۰112 130. 

آمادرون 367. 

آمساگا» 139. 

الاندلس 47« ۰176 178 349. 


(ب) 
البابور (جبال)» ۰116 ۰216 ۰306 337« بثر الحمايريةء 81. 
361. بثر pi‏ علي» 162. 
بالکارنسیس» 241. باج ۰172 ۰253 ۰254 ۰258 ۰269 270« 
بالوداء ۰326 332. 271« 272. 
بانونياء 213. 59 (متحف)۰ 341. 


418 


7 371 374« 382. 
بلاد السیبت 374. 

.69 colas بلاد‎ 

بلاد گیتون (منیرفیل)» 156. 
بلاد المخزن» 374. 

بلاد الغال» 67« 157 221. 
بناصة (طاولة)ء 147« 204 205 272. 
بنتاليكاء 4116 335. 

بنی رنان» 141« 197« 268. 
NT‏ 

بنی مسوس؛ 466 67. 

بني يزقن» 4301 356. 
بوشین (موقع )۰ 274. 
بوطالب (جبل)» 210. 
بوقرنین (جبل) 241. 
بوعالم» 247. 

بولاداء 330. 

بوماریا؛ 171. 

بونوارة» ۰115 118 356. 
البویت 278 279. 

بثر بروطة» 243. 

بئر بورقبة» 250. 

البولاي» 263 ۰264 270. 
البونتيليك» 320. 

البیبان» 267. 

بیرصاء 188 196. 
بیزاسین» 4163 ۰168 ۰208 225. 


بازليكاتاء 330. 

باقوس موكسي. 188. 

البانيور» 149. 

بترا» 156. 

بجاية (صلدا)ء 141 156 263 2308 
9 350. 

البحر الابیض المتوسط (تري فرت)» 43« 
4 45 48 66 ۰72 86 ۰115 ۰116 
7 180 ۰329 ۰331 334 335. 

البرانس (جبال)ء 67. 

بربیر 64. 

OPR 

.119 «Jus 

برج بوعریر ج» ۰266 267 


برج القصر» ۰2 274. 
برقة» 7 ۰126 ۰152 ۰162 ۰163 167« 


.262 .261 9 

بریتانیا (القاطعة الفرنسیة)» 314. 

بسكرة» 122. 

بشار» 4153 278. 

بعل بوقرنين» 241. 

بغدادء 174« 308. 

بکردا (مجردة) 4116 4137 ۰250 361. 
بلاد البربر» 93 ۰112 ۰115 116« 118 
9 ۰122 ۰123 ۰125 127« ۰129 131« 
2 ۰139 142« ۰144 145« 146« 151« 
2 ۰175 210« ۰212 ۰216 ۰217 220« 
7 ۰229 ۰270 ۰314 328 334 337« 


(ت) 


تازة» 3 308. 
تاسیلی نعاجرء 92« 93« 95 96 497 199 
0 ۰105 ۰108 ۰150 370. 


تابر اکا (طبرقة) 1 ۰117 270. 
ابسوس» 0 335. 
تارودانت 349. 


419 


«135 «133 «131 «130 «128 «125 «120 
«168 ۰166 ۰163 «162 «154 ۰153 «149 
«205 «195 «180 «179 «174 «172 «169 
234 «233 225 «217 «213 ۰212 6 
275 ۰271 268 «249 243 ,242 5 
«308 «305 ۰294 293 291 281 7 
«331 ۰328 «327 323 «322 «312 «309 
347 1346 1344 341 337 336 2 
«374 361 360 354 350 349 8 
.376 5 

تونس (الدینة)» 169. 

تيارت» ۰142 163« 169. 

تیبازا (ابحزاثر)» ۰193 289. 

تیبازا (موریتانیاک 180 211« 250« 285 
286. 

تیبستی» 45 93 497 107. 

تیجمایین 68. 

تیجیسیس» 39. 

التبجیهی میلیت» 364. 

تیدیس 113 280 281 284 285 
6 288 324 333 334. 

تيرميتين» ۰62 336. 

تيزي أوزوء 84« 311. 

.208 «207 205 (e$) تیسدروس‎ 

تیسمار (صخرة مقدسة)» 241. 

تیغرمت دلدینت (القصبة) 325. 

تيمقاد» ۰210 243. 

تیموشنت (عین)» 263. 

تينزولين» ۰150 178. 

تنبل (مسجد)» 177. 

تين هانا کاتن» 95. 

تيني آورشام 359. 

تینیریف (رأس)۰ 241. 


تاغاست (سوق آهراس) 209. 

تافیلالت» ۰119 ۰172 ۰232 ۰278 358. 
تافناء ۰139 141. 

تالة» 361. 

تامجرت» 102. 

تامسنا (النیجر)۰ 4344 367. 

.93 (Je) lab 

تاهرت» ۰169 ۰170 ۰172 ۰304 ۰356 337. 
تاوریرت میمون» 360 . 

تبلبالاء 245. 

تبست ۰132 ۰154 ۰163 ۰220 ۰226 ۰258 
7 ۰269 ۰283 ۰285 ۰329 361. 

تریتون (تریتونیس) ۰56 457 139 245 
252. 

تزنيت» ۰327 1343 1344 349. 

تشاد 44 ۰102 150 . 

تطاوین» 337. 

تکلات» 267. 

تكنيكاء 249. 

التل الجزائري» 47 ۰120 235. 

التل (كروميري) ۰82 ۰85 ۰120 ۰212 234. 
تلکات 363. 

تلمسان» ۰171 ۰177 ۰179 ۰217 308. 
تماسين» 375. 

تمسغيدة» 339. 

تنس 363 . 

تهودق 169 . 

توات» 106 365. 

توبرسیکو بوري (تبرسق)» 193 

توبرسیکو نومیداروم [خميسة]ء 214 6215 
265. 

«78 ۰75 66 61 57 47 46 45 4 5 5 
۰118 ۰117 ۰116 ۰113 ۰112 ۰96 «85 2 


420 


(+) 


الثلاثاء (وادي)ء 139. بلس ەو 242 
رج( 


22715 ۰249 ۰247 ۰235 ۰225 224 2 
«311 ۰308 ۰305 ۰289 ۰288 284 3 
«336 «332 ۰326 ۰323 ۰322 «321 3 
«374 363 2361 360 ۰356 ۰349 7 
.386 382 5 

الجزائر (المدينة)» ۰66 4113 ۰156 176« 
299, 349. 

الجزر الاورويية (آشباه)؛ 187. 

الجزر الإيطاليةء 334. 

الجزر البریطانیت 67. 

جزر الكناري» 45 47 48 69 74 76 
77« 82« 187« 188 ۰230 ۰241 322. 
جکتیس 341. 

جلفت 278. 

جميلة (کویکول سابقاً)» 201. 

جندوبة» 355, 

جولا (بونجیم) 4161 ۰262 ۰270 324. 
جيتولياء 150) ۰151 152. 

جو کوندوس 220. 

جیجل ۰117 122 332. 


o" 


جاراما (جرمة) ۰161 324. 

الجامع الکبیر (القیروان) 4167 299. 
جبارین» کهف» 108. 

الجبل الاخضی 224. 

للا غنو (جثوة) 145. 

جرب 65 ۰172 ۰252 ۰305 ۰327 ۰328 
1 344 356. 

جرجیس» 328. 

جرف التربة» ۰153 ۰278 279. 

جرمان (وادي)» 137. 

جرجرة (جبال) 320. 

جرش (وادي)» 279. 

ارمانیتان 213. 

جریبون (جبل) 242. 

الجريد (شط )۰ ۰57 ۰252 304. 

الجزائرء 44 445 61 ۰62 66 67« 71« 
6 477 478 ۰79 81 84, 90 96« ۰113 
5 4116 117« ۰118 ۰120 ۰121 ۰129 
1 ۰132 ۰140 ۰142 ۰149 ۰153 ۰154 
5 ۰157 ۰168 ۰170 ۰172 ۰174 ۰176 
7 ۰180 ۰187 ۰190 ۰195 ۰201 ۰210 


(z) 


احمامات» 113. 
حیدرة» 3 361. 


.170 «jt! 
.337 122 116 الحضنة؛‎ 
.138 الحفرة»‎ 


421 


(&) 


خنشلة» 256. 
الخنقة (عین» وادي)» 5 ۰137 274« 
275. 


(3) 


دکالت 360. 

الدلتا (النیل)» 43. 

دکان. 64. 

دمشق 308. 

دوز» 337. 

دوکان (سو (IS‏ ۰253 254. 
دیبیلون 100. 

الدیر (جبل) 279. 


خبية كلاريون» 81. 
اخروب (ضریح)» 5 ۰138 ۰196 263« 
65 268. 


دادس» ۰358 381. 

دار السلطان» ۰73 75. 

داسياء 213. 

الداموس الأحمرء 76. 

الدانوب (نهر)» 213. 

درعت 358. 

درعة (وادي) 120. 

2193 135 «134 133 132 (ثقتاء‎ à 
«323 «322 ۰268 266 264 4 
.355 354 4 


(3) 


(ر) 


رشقون» 141« 324. 

الركنية» 68 118 132. 

روسوکوری 192. 

روما 59« 131 154 ۰156 157 161« 
199« 200 201 206« 207« ۰209 210« 
211« 225« 296 371. 

ريثياء 213. 

الريف (جبال)» 47« 82« 127 140« 188 
3 337« 360« 383. 


الذهب (وادي) 151. 


رات (جبل)» 242. 
رافيناء 52. 

رأس أم القعود. 188 . 
رأس بوقارون» 139. 
رأس تریتون 139 . 

رس تینیریف» 241. 
رأس عين بومرزوق؛ 66. 
الراین (نهر) 213. 
الرباط 73. 

الرستمية (الملکة) 356. 


422 


0) 


زفزة (وادي)» 101. 


زاوية جربة» 327. 


زرهون» 3 ۰331 ۰337 383. زوکابار» 193. 
زلیتن» 211. cu‏ (جبل) 275 276. 
زغوان 242. الزيك. 358. 
(س) 
ساتائیس» 270. السنغال (البلد» النهر)» 44« ۰102 127« 


.228 6 0 

السودان» 64 95 98 ۰105 107« ۰152 
172« ۰305 ۰307 365. 

.303 ۰264 ۰224 ۰223 ۰69 64 63 ch j gu 
.327 4308 169 سوس»‎ 

سوسة 165 ۰228 294 349 . 

سوق آهراس» 321. 

سومور» 66. 


سیبوس» 116. 
سیجاء ۰139 ۰140 ۰141 ۰143 ۰192 193. 


سيدي سلیمان (الغرب)» 118. 

سيدي عقبة (مسجد). 168. 

سيدي Lie‏ (الدینة) 169. 

سيدي فر ج» 66. 

سيدي محمود 313. 

سیراقوسة 331. 

سيرتاء ۰59 ۰129 ۰132 ۰135 ۰136 ۰137 
0 141« ۰151 ۰192 ۰193 ۰200 ۰207 
5 1 372. 

سیقوس 59 ۰269 270. 

سیکا (الکاف)» 292. 


سیلیغ» 251. 
سيليوم (القصرين)» 137- 
سيوة (واحة) 48 4259 ۰261 262. 


الساحل الاطلنتی» ۰76 ۰82 ۰107 111« 
9 147« 151« 301« 360. 

.365 278 cel padl الساقية‎ 

سالا (سلاک 147. 

سان لوء 141. 

الساورة (وادي)ء 172. 

سایس (مصر): 174. 

سبو (وادي)» ۰114 147. 

سبيطلة (سوفيتولة)» 168« 213« 215 
220« 224« 291 

سجلماسة (مدینة» ملکة) 0172 ۰176 305. 
DES‏ 

سدراتة 305 356. 

سرادیب الاموات» 294. 

سرت الکبری» ۰56 152 189 ۰249 376. 


سرديئياء ۰116 ۰117 118. 


سرنی» 147. 

طقف 313138172 

295 nie 

سعيدة» 225. 

سكيلي (سکیلیو م)» 284. 

السنة (المذهب السني)ء 172 ۰174 228 


.303 0 


423 


( 

«91 85 84 82 81 ۰76 475 «72 1 
۰127 ۰126 ۰118 ۰115 ۰114 111 58 
«170 ۰154 ۰153 ۰149 145 «144 9 
۰193 ۰185 ۰179 ۰178 ۰177 ۰174 3 
«249 ۰248 ۰242 ۰233 ۰230 ۰223 7 
«324 ۰320 ۰319 ۰312 ۰296 ۰277 1 
«337 «336 335 1334 ۰331 ۰327 5 
.374 «371 ۰351 350 2 

شمتو (سیمیئو؛ معبد) ۰256 ۰268 270. 
شنوق 331. 


) 
الشام 46« 63« 141« 303. 

شبه الجزيرة الایبیریف 68 69 119« 142« 
351 

شبه الجزيرة العربیة» 46 ۰69 4170 224. 
شبه القارة الهنديةء 64. 

الشرق الادنی ۰74 ۰75 278 84ء 86 98ء 
6 224. 

.255 ۰242 (J) شطابة‎ 

الشلف (مرتفعات) ۰113 ۰121 122. 
الشلف (وادي) 0142 212. 

۰67 66 65 57 49 46 La 51 شمال‎ 


(ص) 
صاغرو (جبل) 48 232 358 359. الصحراء السودانيةء 97. 
صبرات 162 197. الصحراء الغربی 176 ۰232 278. 
الصحراء 43 44 45 46 47 48 وف الصحراء المالية» 76. 


صفرو. 244. 

صقلية (شبه جزیرة)» ۰68 ۰112 ۰116 ۰117 
8 ۰173 ۰179 ۰328 ۰329 ۰330 331« 
5 336. 

صور ۰189 191. 

الصومالء 64. 

الصومام (وادي)» 156. 

صیدا 189 . 


۰102 .96 .95 .93 ۰87 .85 ۰82 72 9 
۰116 ۰111 «107 ۰106 ۰105 ۰104 3 
۰160 ۰155 ۰153 ۰152 ۰150 ۰122 1 
۰215 ۰212 ۰206 ۰166 ۰165 ۰162 1 
۰304 ۰278 ۰251 ۰232 ۰231 ۰229 0 
۰367 ۰358 ۰356 ۰337 ۰325 ۰324 5 

.376 


الصحراء الجزائرية» 245. 


(də) 


«262 ۰216 212 «211 206 ۰180 7 
.375 1324 305 4 

طرارق 331 337« 361. 

طنج 45 113 119« 146« 169« 285 
2 356. 

طيبة» 248 261. 


طارق (جبل)» 170 . 

الطاوز» ۰119 278. 

.242 جبل (بوحمدان)‎ calb 

طراقياء 69. 

طرابلس» ۰161 165. 

طرابلس الغرب» ۰86 ۰138 ۰161 ۰162 


424 


(=) 


الظهير (التونسي)» ۰137 163. الظهرة» ۰142 ۰156 244. 
ع( 
العاطف: 356. عبت ان 397 
العراق» 223 224. عين بومرزوق» 66. 
عرق اد 315. عين الد کارت 78. 
عزیب ان اگیس E‏ عن رقادة» 272. 
العلمت 255. عين کرمات سمین» 321. 
عمور (جبل) 145. العين الكبيرة» 59. 
عنابة» 322. عين مليلة» 81. 
عين ایکر: 104. 
)غ( 
غات (جبل)» 252. 30 
غار ابهماعق 242. الغرفة (مخزن)» 328. 
غردایت 303 338 356. غرناطة» 349. 
(ف) 
فاس» 172« ۰177 ۰227 308 374. فضنون» 105. 
فج الكوشة» 279. فلسطين» 163 64 75 223. 
فرطاس (Je)‏ ۰76 135 ولیبلیس (ولیلی)» ۰62 147 148« 155 
فرندة» 170 224. 159« 160« 171 172« 193 272« 339 
فرنساء 66. 2 363. 


فیتالیس (كنيسة)» 291. 
فیلاریکوس» ۰141 190. 
فیمینیا (صخرة مقدسة) 241. 
فیهینام 271 


الفرنكية (الفرنکیون الملکة) 348. 
فریداریوم (معبد) 243. 

فزان 97« ۰100 101« 106« 120« 122« 
127« 150« 161« 169 229 ۰252 324. 


425 


(ق) 


قرطبة» 308 

فرقنة (جزر كيرونيس)» ST‏ 

قسطل» ۰113 152 279« 283 329« 330 
قسطنطینة 59 460 66« 129« 132« 136« 
7 138 151« 172 242 255 274« 
5 284« 288 295. 

القسطنطينيةء 156 225. 

قشقاش» 272. 

ف ا 

فور السات فر تمن 341: 

.235 (JL) القصور‎ 

قطار العیش» 255. 

قلعة بنی حماد» 173. 

قري اران 213: 

قوس تراجان» 208. 

قوس النصرء 194 

القوقاز» 68. 

و 

القيروان» 167+ 169 170ء 172« 174ء 
6 227« 229« 243« 305. 

قيصرية (شرشال)» 0156 ۰264 285. 


قادس 141 . 

قارة الجنون» 242. 

قالمة (UYS)‏ ۰187 4193 4253 355. 
القاهرة» ۰173 211. 

القبائل (منطقة). 47« ۰62 ۰82 ۰83 84, 89« 
121« 4122 156« ۰235 ۰267 273 ۰320 
9 331 1337 ۰338 2339 ۰340 341« 
44 346 347 348 ۰350 353 354« 
5 357 359« ۰360 ۰376 380« 383« 
384. 

القبائل الصغری؛ ۰172 ۰233 ۰305 326« 
1 332 333 350. 

القبائل الکبری» ۰160 ۰272 ۰326 332« 
6 346 349 350 382. 

قبر المسيحيةء ۰267 268. 

قبرص» 65 334 335. 

قرطاج (المدينة والاقلیم) ۰56 ۰57 60( 64« 
8 118« 129« 131« 132« 137 141« 
3 154 159« 163« ۰169 188« 189« 
0 191« 192« ۰193 194 ۰195 196« 
197« 199« ۰211 ۰217 ۰258 ۰262 284« 
5 288 ۰290 ۰293 ۰295 ۰296 323. 


(ك) 
الکابیتول (معبد) 213. کاسیسیاکو م» 297. 
گادیوفالا (قصر صباحى)» 265. كاف البليدة» 276. 
كاستيلوم تنجيتانوم (آوریانفیل ٠.267‏ كافصا (قفصة)ء 78 151. 
کاستلیو م دييدي 243. گالیسیا؛ 82. 
کاستیلو م فوینسیو م» 242. الکتبية (صومعة) ۰175 177. 
کاستیلوشیو» ۰328 335 336. الكتبية الثانية» 177 
كاسيبيلي» ۰116 331 335 336. کدالق 307. 


426 


الكنيسة الرومانية الوريتانية 181 
کوبوس» 61. 


کر کوان» 196. 
کریت (جزیرة)» 276 


كف الزاوي 81. الکور 171 225. 
گلعة بنیان ۰326 328. کوسینیوس (سوق) 201. 
کل أهنت» 4 . الكوشة (فج)» 279. 
گلموز الابیض» 248. کولومناتا» 76. 
کناریا الکبری (جزیرة) 241. کولو (شبه جزيرة)» 139. 
کنبس (وادي (elas‏ 57. كيس (وادي) 139. 
كنيسة القديسة سالست 286. 

(J) 


اللومباردية (اللومبارد» الملکة) 348- 
ليبياء 44 46 157 59 61 ۰69 ۰122 
0 243« 261. 

ليبيا الشرقية» 57. 

لیبیا الخربیق 57. 

للا غنو (موقع )» 145. 

لیکسوس (العرائش)» ۰120 4147 356. 


(^) 


مالی» 44 95 172. 

الجاز إثنان» 75 77ء 78. 

المحلزنات» 78ء 81. 

المحيط الأطلسىء 44ء 56ء 57ء 69« ۰115 
147« 152 169« ۰176 180« 212 322 
337. 

مدار السرطان 82« 105 

مداخ (مرسی)» 141. 

مداوروش» ۰151 207 254 258 284 
85 361. 

الدراسن» 136 189« 196 197 266 
268 


لاس ناقاس دي تولوز» 178. 

لافیزیر (وادي) 66. 

لبسیس (لبدة) 4126 ۰127 138 194. 
لبسیس LŚ‏ (لبدة الکبری)» ۰57 ۰161 
2 207. 

لبنان 4223 224. 

یز 169 202« 258. 


ماجیفا (قصر البوم) 253 254 267« 
9 270. 

ماسکولا» 270. 

ماسول» 137. 

ماسیسیلیا (المملكة الاسیسیلیة) 129 ۰137 
0 141« ۰142 ۰143 ۰144 146« 154« 
372 

ماسیلیا (الملکت الاسرة الاسیلیة) 6127 
9 131 ۰132 133« 134« ۰135 137« 
8 140« ۰146 ۰217 323 371 372 . 
ماکوماد» 193 . 

.335 118ء‎ «LL 


427 


«147 ۰145 ۰144 ۰140 ۰123 ۰122 0 
۰175 ۰172 ۰171 ۰169 ۰153 ۰150 9 
۰233 ۰232 ۰230 ۰193 ۰179 ۰178 6 
«302 ۰301 ۰249 244 ۰243 ۰240 5 
۰325 ۰324 ۰322 ۰321 ۰307 ۰305 4 
۰342 ۰339 ۰337 ۰333 ۰328 ۰327 6 
۰358 ۰357 ۰350 349 ۰348 ۰346 4 
۰383 ۰381 ۰376 ۰375 ۰374 366 9 
.386 5 

الغرب الکبیر (بلدان الغرب)» 45 49« 
4 74« 77« ۰78 ۰81 ۰82 83 184 ۰86 
7 93 ۰97 ۰98 ۰106 ۰111 ۰113 ۰115 
3 ۰127 ۰153 ۰160 ۰163 ۰164 ۰166 
9 771 ۰172 ۰173 ۰174 ۰175 ۰176 
7 ۰179 ۰180 ۰185 ۰211 ۰220 ۰228 
0 4231 232 ۰305 ۰306 ۰310 ۰319 
0 328 ۰329 ۰330 ۰335 ۰336 ۰337 
2 343 ۰344 ۰349 ۰350 ۰363 ۰367 
6 382. 

مقاطعة إفريقياء ۰127 ۰148 ۰149 ۰151 
5 ۰200 ۰201 ۰209 ۰212 ۰214 223« 
1 253. 

المقبرة البحرية» 286. 

مقبرة القديسة سالسة 286. 

المقعد (جبال)» 337. 

القطع (موقع 6 80. 

مک ۰300 ۰306 307 . 

مکثر» ۰112 ۰117 ۰127 ۰132 ۰187 ۰192 
3 194 ۰196 ۰290 ۰329 355. 

مکناس» ۰171 ۰225 ۰337 358 374. 
الکنین. 344 348 . 

ملالت 308. 

ملوية (نهر)» ۰116 ۰122 ۰139 ۰140 361. 


مدنين» 337. 

الدینة» 168. 

الدينة (آلیبوروس) 355. 

مدينة الاصنام (آورلیانقیل)» 190. 

مراکش» ۰175 4176 ۰177 308 349. 
الرسی الکبیر (مرسی الالهة) 141. 

الغيطي (موریتانیا)» 278. 

مزاب 44 4172 231 301« 303« 305 
7 338 356 362. 

مزاب (وادي)» 356. 

مزورة» 119. 

مستيري (جبل) 152. 

السرح الداثري ۰205 285. 

مسکرة 311. 

مسكيانة (وادي) 361. 

معبد الالهة (ماجیفا) 269. 

مسیردة 331. 

مسیل (وادي)» 137. 

مشالةء 61. 

مشتی العربي (موقع ). 71. 

الشرق» 57 64 69 74 77« 81« 118 
71 185 191 194 195 4209 225 
8 ۰287 ۰300 ۰305 306 319 333« 
4 348+ 350 376. 

مصر 44 48 52 56 159 63 64 67 
7 167 172 173« ۰174 4197 223 
0 261 305 306. 

مصقله 258. 

مضیق جبل طارق» ۰59 168 ۰74 ۰86 146« 
7 170« 230. 

مضیق صقلیت 87. 

الغرب (الأقصى ). 444 45 47 48 69 
3 82« 85« ۰86 112« 113« 4118 119« 


428 


202 «201 200 4193 ۰156 ۰155 4 
253 223 «220 «214 «212 211 6 
.361 «360 8 

موریتانیا الطنجيةء 61 44[ 148 149 
5 ۰2006 202 204 210 210 212 
4 223 258 272 361 362« 363. 
موستی» 257 ۰258 271. 

موكادور (الصويرة)؛ 120« 147. 

مولوشاء 139. 

الموناستير» ۰228 234. 

Das 

.296 « SA 


ملیانف 361. 

مليكة (مدینة)» 356. 

تمفيس» 43. 

منقوب (تونس)۰ 271. 

الهدية (تونس) ۰172 ۰174 349. 

موثول (وادي ملاق) 360. 

موريتانياء 458 61 93 ۰106 ۰129 ۰143 
6 ۰148 ۰149 ۰154 ۰180 200« 211« 
3 ۰250 ۰258 ۰262 ۰264 ۰265 267« 
58 2860 ۰307 361. 

موریتانیا السطيفيةء 210- 

موریتانیا القيصرية» ۰139 ۰142 ۰148 ۰149 


(ò) 


154 «151 «149 148 139 132 «131 
202 «199 197 196 «193 «189 69 
265 «264 262 250 223 212 6 
«362 ۰361 360 323 ۰288 285 6 
.374 372 371 9 
Sites 

النیجی 44 45 102 103 150 344« 
367 

النیجر (نهر) 48. 

النيل (وادي» النيل السودانی» بلاد) 43« 
44« 64 95« 96 122« 126 174« 224. 


نابل» 65. 

النجیلف 216. 

ندرومت 177« 308 361. 

نفوسة (جبل) ۰172 ۰305 356 375. 
النفيضة 117. 

نقاوس» 248. 

نقرین» ۰278 ۰279 337. 

النمامشت ۰331 337. 

نمنشة. 113. 

النوبةء 497 323. 


نوملولي» 249. 
نوميديا (المملكة النوميدية)» 90 60« 61« 


(ه) 


هنشير رمضان ۰254 2257 258. 

هيبو أكراء 61. 

هيبون (عنابة)» ۰60 61 90 194« 209« 
1 243 296. 


الهقار: 68 69 93 102 104 128« 
0 229 ۰242 ۰324 364 367. 

الهند. 64 69. 

هنشير البلدة» 266. 

هنشیر بوسکیکین» 255. 


429 


(و) 


الواد (موقع (« 79. ورزازات» 325. 

وادیاس» ۰336 357. الونشریس ۰156 ۰231 ۰233 333 361- 

الوادي الکبیر» 139. الوطن القبلی 116. 

5, 45« ۰217 ۰305 356 376. وهران» 13 6 112« 113« ۰119 ۰122 

.363 ۰361 ۰337 ۰331 ۰225 41 3 .308 «52 3 
($) 

یاغور (جبل)› ۰241 324. اليونان» 166. 


430 


1. رأس محارب ليبي. نحت مصري من عصر رمسیس الثاني (متحف اللوفر). 42. 

2 رژساء من التمحو (اللیبیین)؛ في رسم من قبر سيتي الأول (الاسرة التاسعة)» حوالي 1300 
ق . م. 46. 

3. خريطة بلاد البربر. 51-50. 

4 جرة مزوقة من تيرميتين في القبائل (الجزائر). 62. 

5. صخور بازلتية في تيجمايين (الهقار). 68. 

6 و7. جمجمة انسان من نوع مشتی العربي (من موقع باسمه» شرق الجزائر) من قبل ومن 


8 جمجمة إنسان قفصي من النوع المتوسطي شبه القديم (موقع الجاز إثنان) من قبل ومن 


0. مصنوعات حجرية من العصر القفصي النموذجي (موقع الواد» شرق الجزائر). 79. 

1 . منحوتات قفصية صغيرة من المقطع . 80. 

2. قطع من قشور بيض النعام مزينة بنقوش هندسية من العصر القفصي الاعلی (مواقع كف 
المزاوي» وشر الحمايرية» وخبية کلاریون» شرق الجزائر وفي تونس). 51. 

3. إناء من نوع الزخرف الصدفي من أشقار (المغرب). 85. 

4. نصب ليبي من منطقة هيبون (عنابة» الجزائر). 90. 

5 . منظر نموذجي لتاسيلي نعاجر. 92. 

16. خطاف عظمي من العصر الحجري من أراوان (مالي). 94. 

7. منظر لطقوس من الرقص والقفز البهلواني حول ثور. رسم من الأسلوب البقري. تين. 
Lla‏ كاتن. (تاسيلي نعاجر). 94. 

8. صيد الأسود. أسلوب بقري حديث من إيهرن (تاسيلي نعاجر). 95. 

9 . متأنقات من تاسيلي» من الأسلوب البقري الحديث» في إيهرن (هذا المشهد والذي قبله 
مأخوذان من جدارية واحدة» وهو يمثل أشخاصاً من النوع التوسطي). 96. 


431 


0. ثيران حمالة في إيهرن (تاسيلي نعاجر). 97. 

1 راع وصیاد معاً من النوع التوسطي مزین برسوم وجهية» ومسلح برمح وعصا للقذف. 
الخروف ينتمي إلى النوع الکبیر Ovis Longipes‏ على غرار الخراف الطوارقية 
والسودانية في الوقت الحاضر. ایهرن. (تاسيلي نعاجر).98. 

2 رسو م من الأسلوب الخيلي في تامجرت (تاسيلي نعاجر). 99. 

3. عربة بأربعة خیول من رسوم وادي زفزة (فزان). 101. 

4. محارب وحصانه. نقيشة من إكادن أررني» [جبل] آییر (النیجر). 103. 

5. أدبني (نصب مقابري من الحجر لا يشده شيء) بتفرعات على الحور؛ من منطقة عين 
إيكر (الهقار). 104. 

6. آدبني بأسوار على شكل V‏ من منطقة عين ایکر . 104. 

7: نصب کبیر في مسور فضنون (تاسيلي نعاجر). الحور الکبیر يبلغ 78 متراً. 105. 

8 زوج من الحراثين» الزارعین السود في الواحات. 106. 

9 قواسون زنوجیون من عصر البقریین. الثیران تحمل فوق قرونها هیاکل آکواخ» وهي 
عارسة ظلت جارية عند الفولانیین. مخبأ جبارین (تاسيلي نعاجر). 108. 

0. حوانیت (نواویس) محفورة في حجر صواني في سجنان (تونس). 112. 

1. تقع القابر الكبيرة من الحقبة قبیل التاريخية الشتملة على فخاریات في منطقة الزراعة 
البورية للحبوب . 114. 

2. دلن على قاعدة متدرجة في بونوارة (الجزائر). 115. 

3. تصمیم ومقطع لنصب مركب من الحجر الکبیر من مکثر (تونس). 117. 

4. إناءان جرسیان من نوع «کازویلا». الذي إلى اليمين من آلابرایا (البرتغال) والذي إلى 
الیسار من سيدي سلیمان الغرب (الغرب). 118. 

5. آنواع مختلفة من الأطبار محفورة على الاطلس الکبیر (الغرب). 118. 

6. جثوة ذات مصلی في الطاوز (تافيلالت» الغرب). 119. 

7. قبور جرمنتية (فزان). 120. 

8. آنواع مختلفة من «البازینات» في مرتفعات الشلف وفي أولاد نايل (وسط الجزائر). 121. 

9. مدخل لمر مغطی في منطقة القبائل» اباریسن (الجزائر). 121. 

0. نصب كبير مر مکشوف في |ليزي (تونس). 130. 

41. دلن في الرکنیه؛ شرق جزائر. 132. 

2. الضريح النوميدي في دقة (تونس). 135. 

3. قسطنطينة» سيرتا القديمة» تشرف على الحلوق العميقة في الرمل. 136. 

4. مسلة كبيرة لرئيس ماسيلي في عين الخنقة» منطقة قسطنطينة. 137. 


432 


5. مسلة بونيقية من الحفرة (قسطنطینة) تمثل مجموعة أسلحة تطابق الاسلحة الموجودة في 
ضریح الخروب (مقبرة میسیبسا؟). 138. 

46. نقود ماسینیسا. 139. 

47. إناء مصنوع باستعمال الدولاب الدوارء وجد في الجثوة الكبيرة للا غنو- الغرب . 145. 

8. كتابة نقوشية بونيقية في وليلي (الغرب). 147. 

9. فارس یصطاد الها. نقيشة من تینزولین (جنوب المغرب). 150. 

0. مسلة منقوشة من قبر بمصلى في جرف التربة قرب بشار (غرب الجزائر). 153. 

51. بربر شمال إفريقيا الأوائل. 154. 

2. کلوسترابثر pi‏ علي» آحد مکونات خطوط التحصینات الرومانية في الجنوب التونسي . 162. 

3. الطوارقي» وهو التسلح برمحه العدني (إلير) وسیفه (تاکوبا) مقبضه ذي الشکل الصليبي 
لا یکاد یختلف عن الجمالين الرحل الذین دخلوا إلى الغرب الکبیر ابتداء من القرن الخامس 
اليلادي. 164. 

54. جمال في JEE‏ صغیر من الطین الحروق في متحف سوسة (تونس). وهو واحد من 
الشواهد النادرة على وجود الجمل فى إفريقيا القديمة. 165. 

5 الجامع الکبیر فى القیروان» ول مشاه للمسلمین في ]فريقية: 167. 

6. مسجد سيدي عقبة من الداخل (الجزائر). 168. 

7. أطلال قصر النار قلعة بني حماد» عاصمة المملكة الصنهاجية الحمادية. 173. 

8. الكتبية» مثذنة السجد الوحدي في مراکش. 175. 

9. رسم تقريبي لثلاثة محاریب موحدية : الأول من الكتبية في مراکش» والثاني من مسجد 
تینمل في الأطلس الکبیر» والثالث من الكتبية الثانية. 177. 

0. فرسان من تینزولین (جنوب الغرب). 178. 

61 فسیفساء تمثل آسری موریین» كانت تغطي أرضية الكنيسة الرومانية الوريتانية الكبيرة في 
تیبازا (الجزائر). 181. 

2. مسلتان بونیقیتان في مکثر (تونس) وفي قالة (الجزائر). 187. 

64-63 نقوش على قشور بیض النعام من العصر البونيقي في فیلاریکوس. ورسم ناتی على 
صحن من الوقت الحاضر من منطقة الأصنام (الجزائر). 190 . 

5 مسلة بونيقية جديدة في مكثر. 192 

6 باب وهمية من الدراسن» ومسلات من قرطاج» وهي التي منها استوحیت. 196. 

7 جميلة (کویکول سابقاً)» الجزائر. طاولة للقیاس في سوق کوسینیوس. 203. 

8 رواق من الطابق الأول للمسرح الداثري في الجم (تیسدروس). تونس.205. 

9. تیمجاد (الجزائر)» القوس السمی قوس تراجان» من داخل الدينة. 208. 


433 


70. طنف وافر الز خرف من میدان تیمجاد (الجزائر). 210 

71. سبيطلة (تونس). قوس انطونان ومعبد الکابیتول. 213. 

2. افریقیا الرومانية. الدن الرئيسية» والطرق» و خطوط التحصینات في القرن الثالث . 214. 

3 معصرة للزیت من العهد المتأخر في أحد شوارع سوفيتولة (سبيطلة). في القدمة إلى 
اليمين طاحونة الزيتون» وفي الخلف مسطحتان للضغط » وقائمان لتثبیت عمود الضعط . 
215 

4. نقشان مقابریان من القیروان یعود آحدهما إلى 1019 والاخر إلى 1064. 216. 

5 عمود من كنيسة مسيحية في منطقة تبسة (شرق الجزائر). الزخرفة الحفورة مستوحاة من 
النحت البربري على الخشب . 220. 

6. عتبة» أو عارضة مزخرفة من مصلی جوکوندوس (القرن السادس) في سبیطلة. ویظهر 
علیها التشوه الذي لحق ال خرفة الكلاسية. 220. 

7 شاهد قبر سويف هیرمینگوند زوجة وندال إنجومارء في هیبون (عناب الجزائر). 221. 

8. الجدار (1) من الجبل الأحضرء في منطقة فرندة (الجزائر). 224. 

9. زراعات على مدرجات في جبال الاطلس الصغیر الغربي. 233. 

LU, 0‏ الوناستیر (تونس). 234. 

1 . تاغنجاء «عروس الطر». وتتخذ من مغارف خشبية تغطی بثوب» ویطاف بها استدراراً 
للأمطار. تبلبالا (الصحراء الجزائرية). 245. 

2 نقش صخري من العصر الحجري الحديث یصور AS‏ «برأس شبه کرویة» في بوعالم 
(الجزائر). 247. 

3. کباش برووس شبه كروية» في گلموز الأبيض (الجزائر). 248. 

4. مسلة مكرسة لساتورن» في سیلیغ (بني فوجة). الرب جالساً فوق أسدء حيوانه الوصوف 
به» وعسکاً الحطب» رمز الوت والخصب . 251. 

5. لهة برأس آسد في ثينيسوت (بثر بورقبة» تونس). تمثال من الطین الحروق من الحجم 
الیشری: 252: 

6. مسلة ليبية أعيد استعمالها في العهد الروماني. على الجبهية تمثيلات لقرابین . منطقة عنابة 
(الجزائر). 256. 

87. نصب لساتورن. الکباش والثور هي القرابین القدمة في العادة إلى الاله الافريقي 
العظیم. 260. i‏ | 

8. ضریح الخروب في الوقت الحاضر. 263. 

9. ضريح الخروب» تصميم لف. راكوب . من المحتمل أنه قبر اللك ميسيبسا. 265. 

0. الدارسن» ضريح ملكي في نوميديا. قطر القاعدة 59 متراً. 266. 


434 


1. قبر السيحية. ضریح ملكي في موریتانیا. قطر القاعدة 62 متراً. 267. 

2. معبد سیمیثو (شمتو. تونس). معبد نوميدي من الحتمل أنه یعود إلى زمن يوب و-. 
إعادة تکوین لف. راکوب . 268. 

3. نقيشة وتکریس للآلهة السبعة في باجة (تونس). 271. 

4. مسلة آبیزار (منطقة القبائل الجزائر). 273. 

5. نصب عظیم من عين الخنقة (الجزائر). الارتفاع الأصلي لهذه السلة الحجرية من العصر 
الحجري الحديث كان یصل إلى 4,13 أمتار. 273. 

6. جدارية في ناووس (حانوت) من كاف البليدة (تونس). 276. 

7. نقيشة في منقوب (تونس). 277. 

8. مسلة مرسومة من جرف التربة. 278. 

9. آنية مزوقة من جئواث قسطل (منطقة تبسة الجزائر). 283. 

100 آنية مرسومة من بازينة في تيديس (منطقة قسطنطينية» الجزائر). 284. 

1. رسو م على آنية من أسلوب تيديس. 286. 

2. إناء مزوق من بازينة فى تيديس (منطقة قسطنطينة). 288. 

8 فور هن مقيرة القديسة سسالمية فن يازا (الجزائر). 289. 

4 . حوض التعميد فى كنيسة فيتاليس فى سبيطلة (تونس). 291. 

5. الكتيسة القدية الأولی في حيدرة (تونس). كانت الدينة تشتمل علق حمس منها على 
الاقل. 293. 

6. الراعي الصالح. لوحة من الرخام من سرادیب الاموات في سوسة (تونس). 294. 

7 . إناء رفاتي من فخاریات منطقة قسطنطيئة. 295. 

108 أحد الاروقة الجانبية من الجامع الکبیر في الجزائر العاصمة (العصر الرابطي) . 299. 

9. قبور قديمة من مقبرة بني يزقن (مزاب). 301. 

0 . غرداية» عاصمة مزاب . النارة الطلة على الدينة الاباضية القدسة والسوق في الخارج 
یرمزان بوضوح إلى وظائف هذه الدينة. 303. 

1. تاج عمود حفصي (تونس). 309. 

2. «مزارة» آسفل شجرة مقدسة في تيزى» منطقة مسکرة (الجزائر). 312. 

3. «مزارة» في مقبرة قروية» بسيدي محمود. منطقة سطیف (الجزائر). 313. 

4. قافلة صغيرة في عرق ادمر. 315. 

5 .. مسلة من عين کرمات سمين (سوق آهراس الجزائر). كتابة ليبية من العصر الروماني . 321. 

6 كتابة ليبية قديمة لدی عزیب ن إكيس (الاطلس الكبير» الغرب). 321. 

7 تیغرمت (القصبة في العربية) د لدینت. في منطقة ورزازات (جنوب الغرب). 325. 


435 


8. کلعة (هري محصن) بنیان فى الأوراس (ازاثر). 326. 

9 زاوية جربة (في تونس). 327. 

0 أكادير (هري محصن) الفريفري في تزنيت (جنوب الغرب). 327. 

1 . فخاریات کاستیلوشیو (من العصر النحاسي في صقلیة). 328. 

2 آنية بمرشح عمودي من مقبرة قسطل. وجدت فخاریات مشابهة لها من العصر البرونزي 
في صقيلة وجنوب إيطاليا. 330. 

3. إناء بمنقار انسيابي ومقبضين بواقيتين» شبيه بمنتجات خزف العصر البرونزي في إيطاليا 
(أسلوب بالودا). فخاريات تصنع حالياً في الأوراس. 332. 

4. فخاريات مزوقة من منطقة القبائل الصغرىء وعليها رسو م باللونين البني والأسود على 
دهان أبيض. 333. 

5. آنية من تيديس (القرن الثالث ق. م.) تبين الانتقال من الزخرفة المجسدة إلى الرسوم 
المبسطة. 334. 

6. خريطة تبين تطابق انتشار الفخاريات المشكلة بالأيدي والزوقة في بلدان المغرب بشكل 
غريب مع امتداد الحكم الروماني. 335. 

7. جرة بطلاءين أحمر وأبيض من ترميتين (القبائل الكبرى). 336. 

8. إناء کبیر حفظ المؤونة من وادياس (القبائل الكبرى). زخرفة لامعة الطلاء. 336. 

9. رسوم على بساط من غرداية (مزاب). 338. 

130 . نجمية من 6 عناصر (مسدسة) من العهد الروماني في وليلي (المغرب). 339. 

1. باب منحوتة من جماعة تمسغيدة (في القبائل الكبرى). 339. 

132 . قطعة منحوتة من باب قبائلية في غرغورء يظهر عليها رمز الصليب مدور الأطراف. 340. 

3 . قطعة منحوتة من باب قبائلية من غرغور» يظهر عليها الشكل السداسي. 340. 

4. قفل طوارقي ومفتاحه. 341. 

135. حلي طوارقية.343. 

6. امرأة طوارقية من تامسنا (النيجر) تحمل «مفتاح اللثام»» لجرد الزينة. 344. 

137. مشك ثوب بمعلقات من الأوراس. وهي حلي آشبه بمنتجات الصياغة القديمة. 346. 

8. زخرفة على مشك صدري كبير من جنوب تونس. 347. 

9.. سوار من المخرمات من الأوراس. 348. 

0. حلية كبيرة من تزنيت. 349. 

1. تبزهت من الحديد المحوجز والمرصع من بني يني (القبائل). 350. 

2. امرأة قبائلية متزينة بالحلي. 352. 

3. طاحونة للزيتون ومعصرة للزيت في قرية قبائلية. 355. 


436 


4 . رسومات جدارية في بيت قبائلي من وادیاس (القبائل). 357 
5 . القرية القبائلية تاوریرت میمون في فصل الشتاء. 360. 

146 . طفلتان من مزاب . 362. 

147. رجل من آيت اسفول slt)‏ آیت عطاء الغرب). 366. 

8 و149. خرج ودرع طوارقیان. 369 

0. طوارقي عاجري في لباس احتفالي. 370 . 

151. عروس من آیت حدیدو (جبال دادس» جنوب الغرب). 381. 
152. ابتسامة فتاة طوارقية. 384. 

3 . خريطة الجهات الناطقة بالبربرية. 393-392. 


437 


مصادر أساسية 


BASSET, A. : La Langue berbère, Londres-Oxford, IAI, 1952 (réédité 1969). 

BATES, O. : The Eastern Libyans, an essay, Londres, Cass, 1914. 

BERTRAND, A. : Tribus berbères du Haut-Atlas, Lausanne, Edita Vilo, 1977. 

BRUNSCHWIG, R. : La Berbérie orientale sous les Hafsides, Paris, 
Maisonneuve, t. I, 1940, t. II, 1942. 

CAMPS, G. : Aux origines de la Berbérie : monuments et rites funéraires 
protohistoriques, Paris, Arts et métiers graphiques, 1961. 

— Aux origines de la Berbérie : Massinissa ou les Débuts de l'Histoire, Alger, 

Imprimerie officielle, 1962. 

— Les Civilisations préhistoriques de l'Afrique du Nord et du Sahara, Paris, 
Doin, 1974. 

— L'Afrique du Nord au féminin : héroïnes du Maghreb et du Sahara, Paris, 
Perrin, 1992. 

CAMPS-FABRER, H. : Les Bijoux de Grandes Kabylie, Paris, Arts et métiers 
graphiques, 1970. 

— Bijoux berbères d'Algérie, Aix, Edisud, 1990 

CAPOT-REY, R. : Le Sahara français, Paris, Presses universitaires de France, 
1953. 

CHAKER, S.: Textes en linguistique berbère. Introduction au domaine 
berbère, Paris, CNRS, 1984. 

— (sous la dir.) : Etudes touarègues, Aix-en-Provence, Edisud et IREMAM/ 
LAPEMO), 1988. 

— Une décennie d'études berbères (1980-1990), Alger, Bouchène, 1992. 
Linguistique berbère : études de syntaxe et de diachronie, Paris/Louvain, 
Peeters, 1995. 

— Berbères aujourd'hui, Paris, L'Harmattan, 1998 (2° édition revue et 
augmentée). 

CHAKER, S., et HACHI, S., « A propos de l’origine de l’écriture lybico- 
berbère», Etudes berbères et chamito-sémitiques. Mélanges offerts à 
Karl-G. Prasse, Paris/Louvain, Peeters, 2000, p. 95-111. 


439 


COLTELLONI-TRANNOY, M. : Le Royaume de Maurétanie sous Juba IT et 
Ptolémée, Paris, CNRS (Études d’antiquités africaines), 1997. 

COURTOIS, Ch. : Les Vandales et l'Afrique, Paris, Arts et métiers graphiques, 
1955. 

DESPOIS, J. : L'Afrique du Nord, Paris, Presses universitaires de France, 
1949. 

DESPOIS, J. et RAYNAL, R. : Géographie de l'Afrique du Nord-Ouest, Paris, 
Payot, 1967. 

DERMENGHEM, E. : Le Culte des saints dans l'islam maghrébin, Paris, 
Gallimard, 1954. 

DESANGES, J. : Catalogue des tribus africaines de l'Antiquité classique à 
louest du Nil, Université de Dakar, 1962. 

— Recherches sur l’activité des Méditerranéens aux confins de l'Afrique, Ecole 

française de Rome, 1978. 

FAUCOULD, Ch. de, et CALASSANTI-MOTYLINSKI, A. de: Textes 
touaregs en prose, édition critique avec traduction par S. Chaker, H. 
Claudot, M. Gast, Aix, Edisud, 1984. 

GALAND, L.: Langues et littératures berbères (vingt-cinq ans d'études), 
Paris, CNRS, 1979. 

— Etudes de linguistique berbère, Paris/Louvain, Peeters (Société de 

linguistique de Paris), 2002. 

GAST, M. : Alimentation des populations de l’Ahaggar. Etude ethnographique, 
Paris, Arts et métiers graphiques, 1968. 

GAUDRY, M. : La Femme chaouïa de l’Aurès. Etude de sociologie berbère, 
Paris, Geuthner, 1929. 

GOICHON, A.-M. : La Vie féminine au Mzab, Paris, Geuthner, t. I, 1927, t. 
II, 1930. 

GOLVIN, L. : Le Maghreb central à l'époque des Zirides. Recherche 
d'archéologie et d'histoire, Paris, Arts et métiers graphiques, 1957. 

GSELL, S. : Histoire ancienne de l'Afrique du Nord, Paris, Hachette, t. I, 
1913, t. VIII, 1929. 

HANOTEAU, A., et LETOURNEAUX, A., : La Kabylie et les Coutumes 
kabyles, Paris, Challamel, 1893. Nouvelle édition intégrale (avec 
présentation d’ A. Mahé et T. Hannemann), Saint-Denis, Bouchènes, 2003. 

IBN KHALDOUN : Histoire des Berbères, trad. De Slane, Paris, 1890 (1925- 
1956). 

JACQUES-MEUNIÉ, D. : Le Prix du sang chez les Berbères de l'Atlas, Paris, 
Imprimerie nationale, 1954. 


440 


— Architectures et habitas du Dadès, Maroc présaharien, Paris, Klincksieck, 
1962. 

1۸۵۲۲91, ۲. : Mots et choses berbères. Notes de linguistique etd ethnographie, 
Paris, 1920. 

LAOUST-CHANTREAUX, G. : Kabylie, côté femmes. La vie féminine à Aït 
Hichem (1937-1939), Aix, Edisud, 1990. 

LASSERRE, J.-M.: Ubique Populus. Peuplement et mouvements de 
population dans l'Afrique romaine, Paris, CNRS, 1977. 

LEGLAY, M. : Saturne africain, Paris, De Boccard, 1966. 

LHOTE, H. : Les Touaregs du Hoggar, Paris, Payot, 1944. 

MARCAIS, G. : La Berbérie musulmane et l'Orient au Moyen Age, Paris, 
Aubier, 1946. 

MODERAN, Y.: Les Maures et l'Afrique romaine (IV°-VIF siècle), Ecole 
française de Rome, 2003. 

MONTAGNE, R. : Les Berbères et le Makhzen dans le Sud du Maroc, Paris, 
Alcan, 1930. 

PICARD, G. : Les Religions de l'Afrique antique, Paris, Plon, 1955. 
La Civilisation de l’ Afrique romaine, Paris, Plon, 1959. 


441 


الأعمالالكاملة 
لغابرييل كامب 


: المؤلفات‎ 
1961 - Camps G., Aux origines de la Berbérie : Massinissa ou les dé- 
buts de l'Histoire, Alger, Imprimerie officielle, 320 ۰ 
1961 - Camps G., Aux origines de la Berbérie, monuments et rites funé- 
raires protohistoriques, Paris, Arts et métiers graphiques, 629 p. 
1964 - Camps G., Corpus des poteries modelées retirées des monu- 
ments funéraires protohistoriques de 1° Afrique du Nord, Paris, 
Arts et métiers graphiques, 108 p. (Travaux du CRAPE ; 3). 
1964 - Camps G., Camps-Fabrer H., La nécropole mégalithique du dje- 
bel Mazela à Bou Nouara, Paris, Arts et métiers graphiques, 92 ۰ 
(Mémoire du CRAPE ; 3). 
1967 - Camps G., Le Bardo, Alger : musée d'ethnographie et de préhis- 
toire, Alger, Imprimerie officielle, 72 p. 
1967 - Camps G., Céramique protohistorique du Maghreb : types 1 à 38, 
Paris / Alger, Arts et métiers graphiques / Centre de recherches an- 
thropologiques préhistoriques et ethnologiques, 38 fiches recto- 
verso (Fiches typologiques africaines, 5°" cahier : fiches 129- 
166). 
1969 - Camps G., Amekni, néolithique ancien du Hoggar, Paris, Arts et 
métiers graphiques, 232 p. (Mémoire du CRAPE ; 10). 
1970 - Camps G., Olivier G. (Dir.), L Homme de Cro-Magnon : anthro- 
pologie et archéologie, Paris, Arts et métiers graphiques, 219 p. 
1972 - Schwabedissen H., Roche J., Camps G., Camps-Fabrer H., et al., 
Die Anfänge des Neolithokums vom Orient bis Nordeuropa. T. 7 : 
Westliches mittelmeergebiet und Britische Inseln, Köln, Böhlau, 
250 p. (Fundamenta : Monographien zur Urgeschichte. Reihe A / 
Institut für Ur-und Frühgeschichte der Universität zu Köln ; 3). 


443 


1974 - Camps G., Les civilisations préhistoriques de l'Afrique du nord 
et du Sahara, Paris, Doin, 374 p. 

1975 - Camps G. (Dir), L'Epipaléolithique méditerranéen : actes du 
colloque d’Aix-en-Provence, juin 1972, Paris, Centre national de 
la Recherche scientifique, 214 p. 

1976 - Camps G. (Dir.), Chronologie et synchronisme dans la préhistoi- 
re circum-méditerranéenne : prétirage, Paris, Centre national de 
la recherche scientifique, 179 p. (Union internationale des scien- 
ces préhistoriques et protohistoriques. Congrès; 9, Nice 1976 - 
Colloque ; 2). 

1978-1990 - Camps G., Camps-Fabrer H. (Dir.), Atlas préhistorique du 
Midi méditerranéen, Paris, Centre national de la Recherche scien- 
tifique / Laboratoire d’anthropologie et de préhistoire des pays de 
la Méditerranée occidentale - Université de Provence. 

1979 - Camps G., Manuel de recherche préhistorique, Paris, Doin, 
458 p. 

1979 - Camps G. (Dir.), Recherches sahariennes, Aix-en-Provence / 
Paris, G.I.S. «Sciences humaines sur l’aire méditerranéenne» - 
Maison de la Méditerranée, 224 p. (Cahier ; 1). 

1980 - Camps G., Berbères : aux marges de l’histoire, Toulouse, Édi- 
tions des Hespérides, 340 p. (Archéologie, horizons neufs). 

1982 - Camps G., La préhistoire : à la recherche du paradis perdu, Pa- 
ris, Librairie académique Perrin, 463 p. (Histoire et décadence). 

1982 - Camps G., Gast M. (Dir.), Les chars préhistoriques du Sahara : 
archéologie et techniques d'attelage ۰ actes du colloque de Sé- 
nanque, 21-22 mars 1981, Aix-en-Provence, Maison de la Médi- 
terranée, 200 p. (Programme Marges désertiques). 

1985 - Camps G., Gragueb A., Harbi-Riahi M., M’timet A., Zoughlami 
J., Atlas préhistorique de la Tunisie. 1 : Tabarka, Rome, Ecole 
française de Rome, 24 p., 1 carte h. t. (Collection de l’Ecole fran- 
çaise de Rome ; 81 / Recherches d’archéologie africaine publiées 
par l’Institut national du Patrimoine de Tunis). 

1985 - Gragueb A., Camps G., Harbi-Riahi M., M’timet A., Zoughlami 
J., Atlas préhistorique de la Tunisie. 2 : Bizerte, Rome, Ecole 
française de Rome, 38 p., 1 carte h.t. (Collection de l’Ecole fran- 
çaise de Rome ; 81 / Recherches d’archéologie africaine publiées 
par l’Institut national du Patrimoine de Tunis). 


444 


۱95 - Harbi-Riahi M., Gragueb A., Camps G., M’timet A., Zoughlami 
J.. Atlas préhistorique de la Tunisie. 8 : Maktar, Rome, Eco- 
le française de Rome, 37 p., 1 carte h.t. (Collection de l’Ecole 
française de Rome ; 81 / Recherches d’archéologie africaine pu- 
bliées par l’Institut national du Patrimoine de Tunis). 


1985 - M’timet A., Gragueb A., Camps G., Harbi-Riahi M., Zoughlami 
J., Atlas préhistorique de la Tunisie. 7 : Le Kef, Rome, Ecole 
française de Rome, 28 p., 1 carte h.t. (Collection de l’Ecole fran- 
çaise de Rome ; 81 / Recherches d’archéologie africaine publiées 
par l’Institut national du Patrimoine de Tunis). 


1985 - Zoughlami J., Harbi-Riahi M., Gragueb A., Camps G., Atlas 
préhistorique de la Tunisie. 23 : Gabès, Rome, Ecole française 
de Rome, 31 p., 1 carte h.t. (Collection de l’Ecole française de 
Rome; 81 / Recherches d’archéologie africaine publiées par 
l’Institut national du Patrimoine de Tunis). 


1987 - Camps G., Les Berbères : mémoires et identité, Paris, Errance, 
261 p. 

1987 - Camps G., Gragueb A., Harbi-Riahi M., M’timet A., Zoughlami 
J., Atlas préhistorique de la Tunisie. 3 : Cap Bon, Rome, Eco- 
le française de Rome, 23 p., 1 carte h.t. (Collection de l’Ecole 
française de Rome ; 81 / Recherches d’archéologie africaine pu- 
bliées par l’Institut national du Patrimoine de Tunis). 


1987 - Gragueb A., Camps G., Harbi-Riahi M., M’timet A., Zoughlami 
J., Atlas préhistorique de la Tunisie. 5 ۰ Tunis, Rome, Ecole fran- 
çaise de Rome, 73 p., 1 carte h.t. (Collection de l’Ecole française 
de Rome ; 81 / Recherches d’archéologie africaine publiées par 
l’Institut national du Patrimoine de Tunis). 


1987 - Harbi-Riahi M., Gragueb A., Camps G., M’timet A., Zoughla- 
mi J., Atlas préhistorique de la Tunisie. 6 : La Goulette, Rome, 
Ecole française de Rome, 80 p., 1 carte h.t. (Collection de l’Eco- 
le française de Rome ; 81 / Recherches d’archéologie africaine 
publiées par l’Institut national du Patrimoine de Tunis). 

1988 - Camps G., Préhistoire d'une ile : les origines de la Corse, Paris, 
Errance, 284 p. (Collection des Hespérides). 

1988 - Camps G., Vigne J.-D., Cesari J., Gauthier A., et al., Terrina et le 
Terrinien : recherches sur le chalcolithique de la Corse, Roma, 
Ecole française de Rome, 397 p. (Collection de l’Ecole française 
de Rome ; 109). 


445 


1989 - Zoughlami J., Camps G., Harbi-Riahi M., Gragueb A., M’timet 
A., Atlas préhistorique de la Tunisie. 4 : Souk el Arba, Rome, 
Ecole française de Rome, 23 p., 1 carte h.t. (Collection de l’Eco- 
le française de Rome ; 81 / Recherches d’archéologie africaine 
publiées par l’Institut national du Patrimoine de Tunis). 

1990 - Bonifay E., Gauthier A., Weiss M.C., Camps G., et al., Préhis- 
toire de la Corse, Ajaccio, Centre régional de Documentation 
pédagogique, 125 p. 

1990 - Camps G., avec la collaboration de Chenorkian R., Camps-Fa- 
brer H., Mahieu E., Manuel de recherche préhistorique, 2™ édi- 
tion, Paris, Doin, 501 p. 

1992 - Camps G., L'Afrique du Nord au féminin, Paris, Perrin, 353 p. 

1992 - M’timet A., Gragueb A., Harbi-Riahi M., Camps G., Zoughlami 
J., Atlas préhistorique de la Tunisie. 9 : Sousse, Rome, Ecole 
française de Rome, 56 p., 1 carte h.t. (Collection de l’Ecole fran- 
çaise de Rome ; 81 / Recherches d’archéologie africaine publiées 
par l’Institut national du Patrimoine de Tunis). 

1994 - Camps G., Introduction à la préhistoire: à la recherche du para- 
dis perdu, Paris, Seuil, 466 p. (Points-Histoire). 

1995 - Camps G., Gragueb A., Harbi-Riahi M., M’Timet A., Zoughlami 
J., Atlas préhistorique de la Tunisie. 12 : El Djem, Rome, Ecole 
française de Rome, 26 p. (Collection de l’Ecole française de 
Rome ; 81). 

1996 - Camps G., Des rives de la Méditerranée aux marges méridiona- 
les du Sahara. Les Berbères, Tunis, Alif, 89 p. (Encyclopédie de 
la Méditerranée). 

1996 - Camps G., I berberi della riva del Mediterraneo ai confini del 
Sahara, Milano, Jaca Book, 89 p. (Encyclopédie de la Méditer- 
ranée). 

1998 - Camps G., Le Néolithique méditerranéen. Techniques et genres 
de vie, Tunis / Aix-en-Provence / Casablanca, Alif / Edisud / 
Toubkal, 95 p., 13 photo. h.-t. (Encyclopédie de la Méditerra- 
née-Série Histoire). 

1998 -Camps G. (Dir.), L'homme préhistorique et la mer, Paris, Co- 
mité des Travaux historiques et scientifiques, 488 p. (Actes du 


12095“ Congrès national des Sociétés savantes, Aix-en-Provence 
1995). 


446 


القالات 

1945-1946 - Camps G., «Inscriptions d’Altava (Lamoricière)», in : Bul- 
letin de la Société de Géographie et d'Archéologie d'Oran, t. 
66-67, p. 35-38. 

1953 - Camps G., «Les dolmens de Beni Messous», in Libyca : Anthro- 
pologie Archéologie préhistorique, t. 1, p. 239-372. 

1954 - Camps G., «Gisement atérien en relation stratigraphique directe 
avec un niveau à Strombus bubonius : prise de date», in : Bulle- 
tin de la Société préhistorique française, t. 51, p. 105. 

1954 - Camps G., «Gisement atérien en relation stratigraphique directe 
avec un Strombus bubonius LK au Camp Franchet-d’Esperey 
près d’ Arzew», in : Bulletin de la Société d Histoire naturelle de 
l'Afrique du Nord, t. 45, p. 95-97. 

1954 - Camps G., «Des dolmens à 20 km d’ Alger», in : Algéria, p. 5-10. 

1954 - Camps G., «L’ inscription de Béjà et le problème des Dii Mauri», 
in : Revue africaine, t. 98, p. 233-260. 

1955 - Camps G., «Recherches sur l’antiquité de la céramique modelée 
et peinte en Afrique du Nord», in : Libyca : Anthropologie Ar- 
chéologie préhistorique, t. 3, p. 345-390. 

1955 - Camps G., «Abri sous roche de Bou Nouara», in : Bulletin de la 
Société préhistorique française, t. 52, p. 10-11. 

1955 - Camps G., «Escargotières du Capsien supérieur de la région de 
Colbert (département de Constantine, au sud de Sétif)», in : Bul- 
letin de la Société préhistorique française, t. 52, p. 22-. 

1955 - Camps G., «Recherches sur les relations du Capsien supérieur et 
de l’Ibéromaurusien dans le Constantinois», in : Bulletin de la 
Société d'Histoire naturelle de l'Afrique du Nord, t. 46, p. 88- 
97. 

1955 - Camps G., «Le gisement atérien du Camp Franchet d’Esperey 
(Arzew)», in : Libyca : Anthropologie Archéologie préhistori- 
que, t. 3, p. 17-56. 

1955-Camps G., «Les Bavares, peuples de Maurétanie césarienne», in : 
Revue africaine, t. 99, p. 241-288. 

1955 -Camps G., «La céramique des monuments mégalithiques : col- 
lections du Musée du Bardo (Alger)», in : Congrès panafricain 
de préhistoire, Alger 1952 ۰ actes de la 2*۳۶ session, Balout L. 
(Dir.), Alger, Direction de l’Intérieur et des Beaux-Arts-Service 
des Antiquités, p. 514-550. 


447 


1955 -Camps G., «Du nouveau sur l’archéologie du Fezzan», Travaux 
de l’Institut de Recherches sahariennes, t. 13, p. 189-198. 
1955-Camps G., «La nécropole de Draria-el-Achour», in : Libyca : Ar- 

chéologie Epigraphie, t. 3, p. 225-264. 

1956 -Camps G., «La céramique des sépultures berbères de Tiddis», 
in: Libyca: Anthropologie Préhistoire Ethnographie, t. 4, 
p. 155-203. 

1956 -Camps G., «Inscriptions de Maurétanie sitifienne», in : Libyca : 
Archéologie Epigraphie, t. 4, p. 91-99. 

1956 -Camps G., «Compte rendu de «E.G. Gobert - Remarques sur les 
tatouages nord-africains»», in : Libyca : Anthropologie Préhis- 
toire Ethnographie, t. 4, p. 376-378. 

1956 -Camps G., «Compte rendu de J. Meunié et C. Allain - Quelques 
gravures et monuments funéraires de l’extrême sud-est maro- 
cain», in : Libyca ۰ Anthropologie Préhistoire Ethnographie, t. 
4, p. 378-380. 

1957 - Camps G., «La céramique modelée et peinte des dolmens et tumu- 
lus nord-africains», in : Congrès préhistorique de France - 15°"° 
session, Poitiers-Angoulême 1956, Société Préhistorique Fran- 
çaise (Dir.), Paris, Société préhistorique française, p. 334-343. 

1957 -Camps G., «Compte rendu de «P. Mieg de Boofzheim - Grotte 
Peltier aux Tamaris : notes préliminaires», in : Libyca : Anthro- 
pologie Préhistoire Ethnographie, t. 5, p. 277-278. 

1957 -Camps G., Compte rendu de «J. Desanges - Le triomphe de Cor- 
nelius Balbus (19 av. J.-C.), in : Libyca : Anthropologie Préhis- 
toire Ethnographie, t. 5, p. 275-277. 

1957 -Camps G., «Compte rendu de «G. Germain - Qu'est ce que le 
périple d’Hannon ?»», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire 
Ethnographie, t. 5, 1957, p. 275-277. 

1958 - Camps G., Céramique nord-africaine et collections archéologi- 
ques, in : Bulletin de la Société préhistorique française, t. و55‎ 
p. 686-687. 

1958 - Camps G., Le grand vase de Zouzoudinga : remarques sur une 
technique de décoration ancienne, in : Travaux de l'Institut de 
Recherches sahariennes, t. 17, p. 195-201. 

1958 - Camps G., «Compte rendu de «L. Balout - Algérie préhistori- 
que»», Revue africaine, t. 103, p. 162-164. 


448 


1958-1959 - Camps G., «Compte rendu de «D. Jacques-Meunié - La 
nécropole de Foum-el-Rjem»», in : Libyca : Anthropologie Pré- 
histoire Ethnographie, t. 6-7, p. 286-287. 

1958-1959 - Camps G., «Compte rendu de «D. Férembach - A propos 
d’un crâne trépané trouvé à Timma (Israël) : origine de certaines 
tribus berbères»», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire Eth- 
nographie, t. 6-7, p. 284-286. 

1958-1959 - Camps G., «Compte rendu de différentes études de A. Jo- 
din», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire Ethnographie, t. 
6-7, p. 283-284. 

1959 - Camps G., «Sur trois types peu connus de monuments funéraires 
nord-africains (notes de protohistoire)», in Bulletin de la Société 
préhistorique française, t. 56, p. 101-108. 

1960 - Camps G., «Compte rendu de «Miguel Fusté - Contribution à 
l’anthropologie de la Grande Canarie»», in : Libyca : Anthropo- 
logie Préhistoire Ethnographie, t. 8, p. 354-. 

1960 - Camps G., «Sur une pratique funéraire protohistorique en Afri- 
que du Nord», in : Bulletin - Société d'études et de recherches 
préhistoriques et Institut pratique de préhistoire Les Eyzies, t. 
10, p. 1-11. 

1960 - Camps G., «Un mausolée marocain, la grande bazina de Souk 
el-Gour», in : Bulletin d'Archéologie marocaine, t. 4, p. 47-92. 


1960 - Camps G., «Les traces d’un Age du bronze en Afrique du Nord», 
in : Revue africaine, t. 104, p. 31-55. 


1960 - Camps G., «Compte rendu de J. Malhomme - Corpus des gravures 
rupestres du Grand Atlas», Hespéris, Tamuda, t. 1, p. 592-594. 


1960 - Camps G., «A propos d’une inscription punique : les suffètes de 
Volubilis aux 111“ et II° siècles av. J.-C.», in : Bulletin d’Archéo- 
logie marocaine, t. 4, p. 423-426. 

1960 - Camps G., Giot P.-R., «Un poignard chalcolithique au cap Che- 
noua», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire Ethnographie, t. 
8, p. 263-276. 

1961 - Camps G., «Données nouvelles sur les tombeaux du Djebel Mis- 
tiri d’après une note de M. Latapie», in : Libyca : Anthropologie 
Préhistoire Ethnographie, t. 7, p. 229-242. 

1961 - Camps G., «Les origines préhistoriques de la céramique berbè- 


re», in : Bericht über den V. internationalen Kongress für Vor- 
und Frühgeschichte, Hamburg 1958, p. 173-179. 


449 


1961-1962 - Camps G., «Remarques sur les stèles funéraires anthropo- 
morphes en bois de l’Afrique du nord», in : Libyca : Anthropo- 
logie Préhistoire Ethnographie, t. 9-10, p. 205-221. 

1961-1962 - Camps G., «Travaux du laboratoire d’Anthropologie du 
CRAPE)», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire Ethnographie, 
t. 9-10, p. 205-221. 

1961-1962 - Camps G., «Compte rendu de «J. Desanges - Catalogue 
des tribus africaines de l’ Antiquité classique»», in : Libyca : An- 
thropologie Préhistoire Ethnographie, t. 9-10, p. 277-279. 

1963 - Camps G., «A propos d’une étude sur la protohistoire en Tu- 
nisie», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire Ethnographie, t. 
11, p. 295-306. 

1963 - Camps G., «Notes de protohistoire nord-africaine», in : Libyca : 
Anthropologie Préhistoire Ethnographie, t. 11, p. 169-176. 

1963 - Camps G., «La préhistoire en Algérie et les activités du CRAPE 
en 1962-1963», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire Ethno- 
graphie, t. 11, p. 269-290. 

1963 - Camps G., «Bracelets en bronze trouvés aux Montagnes Rouges 
(Orléansville)», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire Ethno- 
graphie, t. 11, p. 174-176. 

1963 - Camps G., Lefebvre G., «Un vase de Fedj Mzala à décor rare», 
in: Libyca: Anthropologie Préhistoire Ethnographie, t. 11, 
p. 189-197. 

1963-1964 [paru 1966] - Camps G., «La préhistoire en Algérie et les 
activités scientifiques du CRAPE», in : Bulletin archéologique 
du Comité des Travaux historiques et scientifiques, p. 231-251. 

1964 - Camps G., «Recherches récentes sur le Paléolithique inférieur 
des Hautes-Plaines constantinoises», in : Libyca : Anthropolo- 
gie Préhistoire Ethnographie, t. 12, p. 9-42. 

1964 - Camps G., «La préhistoire en Algérie et les activités du CRAPE 
durant l’année 1964», in: Libyca ‘Anthropologie Préhistoire 
Ethnographie, t. 12, p. 361-392. 

1964 - Camps G., «Industrie en obsidienne de l’ Afrique du Nord», Liby- 
ca : Anthropologie Préhistoire Ethnographie, t. 12, p. 293-297. 

1965 - Camps G., «Rapport sur les activités scientifiques du centre 
d’Alger de recherches anthropologiques, préhistoriques et eth- 
nographiques durant les mois d’octobre, novembre et décembre 


450 


1962», in : Actes du 88°" Congrès national des sociétés savan- 
tes, Clermont-Ferrand 1963 : Section d'Archéologie, Comité 
Des Travaux Historiques Et Scientifiques (Dir.), Paris, Imprime- 
rie nationale, p. 63-75. 


1965 - Camps G., «Les recherches protohistoriques en Afrique du Nord 
de 1952 à 1962», in : 6°” Congrès de l’Union internationale 
des Sciences préhistoriques et Protohistoriques (UISPP), Rome 
1962, p. 343-346. 

1965 -Camps G., «Une civilisation préhistorique : le Capsien», in : Bul- 
letin d'Information historique de la Faculté de Lettres d'Alger, 
t. 3, p. 6-8. 


1965 - Camps G., «La préhistoire en Algérie et les activités du CRAPE 
durant l’année 1965», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire 
Ethnographie, t. 13, p. 351-365. 

1965 - Camps G., «Note sur les peignes touareg à une dent», in : Liby- 
ca : Anthropologie Préhistoire Ethnographie, t. 13, p. 333-336. 


1965 -Camps G., «Relations protohistoriques entre la Berbérie orien- 
tale et les îles italiennes», in : Congrès préhistorique de France 
- 16% session, Monaco 1959, Le Mans, Imprimerie Monnoyer, 
p. 329-330. 

1965 -Camps G., «Les monuments funéraires à niche et à chapelle dans 
la protohistoire nord-africaine», in : Congrès préhistorique de 
France - 16°" session, Monaco 1959, Le Mans, Imprimerie 
Monnoyer, p. 321-328. 


1965 -Camps G., «Essai de classification des monuments funéraires 
protohistoriques de l’Afrique du Nord», in : Bulletin de la So- 
ciété préhistorique française, t. 62, p. 476-481. 

1965 - Camps G., Les dolmens marocains», in : Libyca : Anthropologie 
Préhistoire Ethnographie, t. 13, p. 235-247. 

1965 -Camps G., «Le tombeau de Tin Hinan, Travaux de l'Institut de 
Recherches sahariennes, t. 24, p. 65-83. 

1965 - Camps G., «Le premier congrès des études nord-africaines, Ca- 
gliari, janvier 1965», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire 
Ethnographie, t. 13, p. 385-386. 

1966 - Camps G., «Le gisement de Rachgoun (Oranie}», in : Libyca : 
Anthropologie Préhistoire Ethnographie, t. 14, p. 161-187. 

1966 - Camps G., «Sur la valeur chronologique des pointes de flèches 
dites «sahariennes» du littoral nord-africain», in : Congrès pré- 
historique de France-18*™ session, Ajaccio 1966, Paris, Société 
préhistorique française, p. 135-142. 


451 


1966 -Camps G., «Nouvelles données par le carbone 14 concernant la 
préhistoire récente en Algérie (Capsien supérieur et Néolithi- 
que)», in : Bulletin de la Société préhistorique française, t. 63, 
p. LXXXIV-LXXXVIIL. 

1966 -Camps G., «La préhistoire en Algérie et les activités du CRAPE 
durant l’année 1966», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire 
Ethnographie, t. 14, p. 437-468. 


1966 -Camps G., «Les monuments à déambulatoire dans 1’ Afrique du 
Nord antéislamique», in : Atti del primo congresso internaziona- 
le di studi nord-africani, Cagliari 1965, Cagliari, G. Fossataro, 
p. 37-43. 


1966 -Camps G., «Aumassip G., Roubet C., Présentation de deux in- 
dustries à lamelles des régions sahariennes», in : Bulletin de la 
Société préhistorique française, t. 63, p. 631-642. 

1967 -Camps G., «Le Néolithique de tradition capsienne au Sahara», 
in : Travaux de l'Institut de Recherches sahariennes, t. 26, ۰ 
85-96. 


1967-Camps G., «Missions effectuées par l’Institut de recherches saha- 
riennes en 1967», in : Travaux de l'Institut de Recherches saha- 
riennes, t. 26, p. 133-161. 


1967 -Camps G., «Le Centre de Recherches Anthropologiques, Préhis- 
toriques et Ethnographiques d’ Alger ; quatre années d’activité», 
in : L’ Anthropologie (Paris), t. 71, p. 279-289. 

1967 -Camps G., «La Préhistoire en Algérie et les activités du CRAPE 
durant l’année 1967», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire 
Ethnographie, t. 15, p. 373-409. 

1967 - Camps G., «Origine du royaume massyle», in : Revue d'Histoire 
et de Civilisation du Maghreb, t. 3, p. 29-38. 

1967 -Camps G., «Précisions sur le combat dit de Sidi Khalef (24 juin 
1930)», in : Revue d Histoire et de Civilisation du Maghreb, t. 3, 
p. 56-58. 

1968 -Camps G., «Tableau chronologique de la préhistoire récente du 
Nord de l’Afrique : première synthèse des datations absolues ob- 
tenues par le carbone 14», in : Bulletin de la Société préhistori- 
que française, t. 65, p. 609-622. 

1968 -Camps G., «Le Capsien supérieur : état de la question», in : La 
Préhistoire : problèmes et tendances, Paris, Centre national de la 
Recherche scientifique, p. 87-101. 


452 


1968 -Camps G., «Mouvements de populations et civilisations préhis- 
toriques et protohistoriques au Sahara depuis le Xè”? millénaire», 
in : Revue d'Histoire et de Civilisation du Maghreb, p. 7-11. 

1968 -Camps G., «La préhistoire en Algérie et les activités du CRAPE 
durant l’année 1968», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire 
Ethnographie, t. 16, p. 235-248. 

1968 -Camps G., «Compte rendu de «Marie - Claude Chamla - Aksha 
III : la population méroïtique»», in : Libyca ۰ Anthropologie Pré- 
histoire Ethnographie, t. 16, p. 265-266. 

1968 - Camps G., «Compte rendu de «Bruce Howe et coll. - The 
Palaeolithic of Tangier, Morocco: excavations of Cape 
Ashakar 1939 - 1947», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire 
Ethnographie, t. 16, p. 266. 

1968 -Camps G., Delibrias G., Thommeret J., «Chronologie absolue et 
succession des civilisations préhistoriques dans le nord de 1 Afri- 
que», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire Ethnographie, t. 
16, p. 9-28. 

1969 - Camps G., «Le Néolithique de tradition capsienne au Sahara», 
in : Actes du 1” Colloque international d'Archéologie africaine, 
Fort-Lamy, décembre 1966, Fort-Lamy, République du Tchad : 
Institut national tchadien pour les sciences humaines, p. 81-94 
(Etudes et documents tchadiens-Mémoire ; 1). 

1969 - Camps G., «L Homme de Mechta el-Arbi et sa civilisation : 
contribution à l’étude des origines guanches», in : Simposio in- 
ternacional conmemorativo del centenario del descubrimiento 
del primer hombre de Cro-Magnon, Madrid / Las Palmas, Pa- 
tronato de la Casa de Colón, p. 257-272 (Anuario de estudios 
atlanticos ; 15). 

1970 -Camps G., «Notes de protohistoire nord-africaine et saharienne 
V : dates absolues concernant la protohistoire du Maghreb et du 
Sahara)», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire Ethnographie, 
t. 18, p. 235-239. 

1970 -Camps G., «Recherches sur les origines des cultivateurs noirs du 
Sahara», in : Revue de l'Occident musulman et de la Méditerra- 
née, t. 7, p. 35-45. 

1970 - Camps G., «Formation des populations méditerranéennes de 
l’ Afrique du Nord», in : Biologie et génétique de l’homme mé- 
diterranéen : Colloque international, Hammamet 1968, Societé 


453 


De Biologie Humaine Et De Transfusions Sanguines (Dir.), Tu- 
nis, Imprimerie officielle, p. 51-57. 

1971 -Camps G., «Compte rendu de «Raymond Vaufrey - Préhistoire de 
l’Afrique. Tome 2 : au nord et à l’est de la Grande Forêt»», in : 
Cahiers de Tunisie, t. 19, p. 259-263. 


1971 -Camps G., «A propos du néolithique ancien de la Méditerranée 
occidentale», in : Bulletin de la Société préhistorique française, 
t. 68, p. 48-50. 


1972 -Camps G., «Harratin-Ethiopiens : réflexions sur les origines des 
négroïdes sahariens», in : Biologie des populations sahariennes, 
Société De Biologie Humaine D’afrique Et Du Moyen-Orient 
(Dir.), Alger, Ministère de la Santé publique, p. 11-17. 

1972 - Camps G., «Extension territoriale des civilisations épipaléoli- 
thiques et néolithiques de l’Afrique du Nord et du Sahara», in : 
Congrès panafricain de préhistoire, Dakar 1967 : actes de la 
6*۳۴ session, Hugot H.-J. (Dir.), Chambéry, Imprimeries réunies, 
p. 284-287. 

1972 - Camps G., «Art paléolithique et manifestation de la personna- 
lité», in : Actas del Simposium internacional de arte rupestre, 
Santander 1970, Almagro Basch M., Garcia Guinea M.A. (Dir.), 
Santander, U.I.S.P.P., p. 139-146. 


1972 -Camps G., «Sosus ou Mastanesosus, roi de Maurétanie», in : En- 
cyclopédie berbère - Cahier, t. 5, 7 ۰ 

1972 - Camps G., Camps-Fabrer H., «L’Epipaléolithique récent et le 
passage au Néolithique dans le nord de 1° Afrique», in : Funda- 
menta (4/3), t. 7, p. 19-59. 

1972-Camps G., Espérandieu G., «L’éléphant berbère», in : Encyclopé- 
die berbère - Cahier, t. 2, 10 p. 

1972 -Camps-Fabrer H., Camps G., «Perspectives et orientation des re- 
cherches sur le Néolithique saharien», in : Revue de l'Occident 
musulman et de la Méditerranée, t. 11, p. 21-30. 

1973 -Camps G., «Pour une encyclopédie berbère», in : Actes du ler 
Congrès d'études des cultures méditerranéennes d'influence 
arabo-berbères, Malte 1972, Galley M. (Dir.), Alger, Société na- 
tionale d’Edition et de Diffusion, p. 475-477. 

1973 -Camps G., «Une «société archéologique» à Fez au XVI siècle : 
les Canesin de Jean-Léon l’Africain», in : Mélanges Le Tour- 


454 


neau, Aix-en-Provence, Association pour l’étude des sciences 
humaines en Afrique du Nord, p. 211-216 (Revue de l'Occident 
musulman et de la Méditerranée ; 13-14). 

1973 -Camps G., «L'âge de l’Atérien nord-africain et saharien», in : 
Estudios dedicados al Prof. Dr. Luis Pericot, Barcelona, Instituto 
de Arqueologia y prehistoria, p. 29-46 (Publicaciones eventua- 
les ; 23). 

1973 -Camps G., «Une frontière inexpliquée, la limite de la Berbérie 
orientale de la protohistoire au Moyen-Age», in : Maghreb et Sa- 
hara : études géographiques offertes à Jean Despois, Planhol X. 
de (Dir.), Paris, Société de Géographie, p. 59-67. 

1973 -Camps G., «Nouvelles observations sur l’architecture et l’âge du 
Médracen, mausolée royal de Numidie», in : Comptes Rendus de 
l’Académie des Inscriptions et des Belles Lettres, p. 470-517. 

1973 - Camps G., «Les phénomènes de néolithisation en Méditerra- 
née occidentale et dans le nord de } Afrique, in : Actes du ۴ 
Congrès international des Sciences préhistoriques et protohisto- 
riques, Belgrade 1971, p. 381-385. 

1973 -Camps G., Delibrias G., Thommeret J., «Chronologie des civili- 
sations préhistoriques du nord de l’Afrique d’après le radiocar- 
bone», in : Libyca : Anthropologie Préhistoire Ethnographie, t. 
21, p. 65-89. 

1974 -Camps G., «L’âge du tombeau de Tin Hinan, ancêtre des Touareg 
du Hoggar», in : Zephyrus, t. 25, p. 497-516. 

1974 -Camps G., «Tableau chronologique de la préhistoire récente du 
nord de l’ Afrique : deuxième synthèse des datations absolues ob- 
tenues par le carbone 14», in : Bulletin de la Société préhistori- 
que française, t. 71, p. 261-278. 

1974 -Camps G., «Le Gour, mausolée berbère du VIIe siècle», in : An- 
tiquités africaines, t. 8, p. 191-208. 

1974 -Camps G., «Compte rendu de «Georges Souville - Atlas préhis- 
torique du Maroc I : le Maroc atlantique»», in : Bulletin de la 
Société préhistorique française, t. 71, p. 166-167. 

1974 - Camps G., «Nouvelles remarques sur l’âge de l’Atérien», in : 
Bulletin de la Société préhistorique française, t. 71, p. 163-164. 

1974 -Camps G., «Compte rendu de «Jean Guilaine et al. (Dir) - Pre- 
mières communautés paysannes en Méditerranée occidentale», 
in : Bulletin de la Société préhistorique française, t. 85, p. 87-. 


455 


1974 - Camps G., «Compte rendu de «Barbara Barich - Archaeology 
and environment in the Libyan Sahara», in : Bulletin de la So- 
ciété préhistorique française, t. 85, p. 85-86. 

1974-1975 [paru 1977] - Camps G., «Recherches sur les plus ancien- 
nes inscriptions libyques de 1 Afrique du nord et du Sahara», in : 
Bulletin archéologique du Comité des Travaux historiques et 
scientifiques (n.s.) - B : Afrique, t. 10-11, p. 143-166. 

1975 -Camps G., «La place de la Corse dans la préhistoire méditerra- 
néenne», in : Etudes corses, t. 3, p. 109-134. 


1975 - Camps G., Les industries épipaléolithiques du Maghreb et du 
Sahara septentrional», in : L'Epipaléolithique méditerranéen : 
actes du colloque d’Aix-en-Provence, juin 1972, Paris, Centre 
national de la Recherche scientifique, p. 83-117. 


1975 -Camps G., «Nouvelles remarques sur le Néolithique du Sahara 
central et méridional, in : Libyca : Anthropologie Préhistoire 
Ethnographie, t. 23, p. 123-132. 


1975 - Camps G., «Symboles religieux dans l’art rupestre du nord de 
l’ Afrique», in : Les religions de la préhistoire : Actes du Valca- 
monica symposium 18-23 septembre 1972, Anati E. (Dir.), Capo 
di Ponte, Centro camuno di Studi prehis-torici, p. 324-333. 


1975 -Camps G., «The prehistoric cultures of North Africa : radiocarbon 
chronology», in : Problems in prehistory : north Africa and the 
Levant, Wendorf F., Marks A.E. (Dir.), Dallas, Southern Method- 
ist University Press, p. 181-192. 

1975 -Camps G., «Sur les prétendues représentations de cervidés dans 
l’art rupestre du Maroc méridional», in : Bollettino del Centro 
Camuno di Studi preistorici, t. 12, p. 160-163. 

1975 - Camps G., «Les représentations humaines du type orant à bras 
et jambes écartés», in : Bollettino del Centro Camuno di Studi 
preistorici, t. 12, p. 13-14. 

1976 -Camps G., «La question des navigations préhistoriques dans le 
bassin occidental de la Méditerranée», in : Congrès préhistori- 
que de France-20*™ session Provence 1974, Paris, Société pré- 
historique française, p. 53-62. 

1976-Camps G., «Dix ans de recherches préhistoriques au Sahara», in : 
Le Courrier du CNRS, t. 21, p. 34-41. 

1976-Camps G., «Navigations et relations inter-méditerranéennes pré- 
historiques», in : Chronologie et synchronisme dans la préhistoi- 


456 


re circum-méditerranéenne : prétirage, Camps G. (Dir.), Paris, 
Centre national de la recherche scientifique, p. 168-177 (Union 
internationale des sciences préhistoriques et protohistoriques. 
Congrès ; 9, Nice 1976 - Colloque ; 2). 

1976-Camps G., «La navigation en France au Néolithique et à l’ Age du 
bronze», in : La Préhistoire française. Tome II : Les civilisations 
néolithiques et protohistoriques de la France, Guilaine J. (Dir.), 
Paris, Editions du CNRS, p. 192-201. 


1976 -Camps G., «Nouvelles observations sur Age du fer indigène 
en Afrique du Nord», in : L'Age du fer en Méditerranée : Col- 
loque d Ajaccio 1974, Association Archéologique De La Corse, 
Direction Régionale Des Antiquités De La Corse (Dir.), Ajaccio, 
Maison de la Culture, p. 37-48. 

1976 - Camps G., Souville G., «Mise au point sur les pointes de flè- 
ches du littoral nord-africain et leur valeur chronologique», in : 
Congrès préhistorique de France-20?"* session Provence 1974, 
Paris, Société préhistorique française, p. 63-68. 

1977 -Camps G., «Trois problèmes de la préhistoire corse», in : Sau- 
tuola II, Santander, Dirección general del patrimonio artistico, 
archivos y museos, p. 175-187 (Publicaciones del patronato de 
las cuevas prehistéricas de la Provincia de Santander ; 15). 


1977 -Camps G., «Ten years of archaeological research in the Sahara 
(1965-1975)}»,in: WestAfricanJournalofArchaeology,i.7,p. 1-15. 

1977 -Camps G., Castel A., «Les Capsiens, le plâtre et l’ocre», in : Bul- 
letin de la Société préhistorique française, t. 74, p. 264-266. 

1978 -Camps G., «Amekni und die neolithische Sahara», in : Sahara : 
10.000 Jahre zwischen Weide und Wüste, Köln, Museen der 
Stadt, p. 181-188. 

1978 -Camps G., «Origines de la domestication en Afrique du Nord et 
au Sahara», in : Revue française d'Histoire d'Outre-Mer, t. 63, 
p. 363-376. 

1978 -Camps G., «Twelve years of prehistoric research in the Sahara», 
in : CNRS Research, t. 9, p. 40-48. 

1978 -Camps G., «La préhistoire dans la région d’Aléria : le Terrinien, 
faciès ancien du Chalcolithique de Corse», in : Archeologia cor- 
sa : études et mémoires, t. 4, p. 3-21. 

1978 -Camps G., Riser J., «Le Gisement de l’Oued Neffid dans le Tin- 
zouline (vallée moyenne du Dra) : un exemple de l’Acheuléen 


457 


du Sud-Est marocain», in : Bulletin de la Société préhistorique 
française, t. 75, p. 291-302. 

1979 - Camps G., «Aperçu sur la préhistoire corse et ses problèmes», 
in : Bulletin de la Société d'Etudes et de Recherches préhistori- 
ques des Eyzies, t. 28, p. 1-22. 

1979 -Camps G., «Les relations du monde méditerranéen et du monde 
sud-saharien durant la préhistoire et la protohistoire», in : Re- 
cherches sahariennes, G.I.S. «Sciences Humaines Sur L’aire 
Méditerranéenne» (Dir.), Aix-en-Provence / Paris, Centre natio- 
nal de la Recherche scientifique, p. 9-18 (Cahier ; 1). 


1979 -Camps G., «Les Numides et la civilisation punique», in : Antiqui- 
tés africaines, t. 14, p. 43-53. 

1979 - Camps G., «Les premiers navigateurs méditerranéens», in : 
L'Histoire, t. 13, p. 6-13. 

1979 -Camps G., D’ Anna A., «Recherches sur les navigations préhisto- 
riques en Méditerranée occidentale», in : Actes de la Table ronde 
«Navigation et gens de mer en Méditerranée de la Préhistoire 
à nos jours», G.I.S. «Sciences Humaines Sur L’aire Méditerra- 
néenne» (Dir.), Paris, CNRS-Maison de la Méditerranée, p. 1-16 
(Cahier ; 3). 

1979-80 [paru 1984] - Camps G., «Une monnaie de Capussa, roi des 
Numides massyles», in : Bulletin archéologique du Comité des 
Travaux historiques et scientifiques (n.s.) - B : Afrique, t. 15-16, 
p. 29-32. 

1979-1980 -Camps G., «Dix ans de recherches préhistoriques au Sahara 
(1965-1975)», in : Ampurias, t. 41-42, p. 427-441. 

1980 - Camps G., «El Neolitico», in : Historia universal, Barcelona, 
Salvat, p. 79-106. 

1981 -Camps G., «Origines de la domestication en Afrique du Nord et 
au Sahara», in : Le Sol, la parole et l'écrit : 2000 ans d'histoire 
africaine : mélanges en hommage à Raymond Mauny, Paris, So- 
ciété française d'Histoire d'Outre-Mer, p. 547-560 (Bibliothèque 
d'Histoire d'Outre-Mer (n.s.) - Etudes ; 5-6). 

1981-Camps G., «Le peuplement préhistorique des îles de la Méditer- 
ranée occidentale», in : [les de la Méditerranée, G.I.S. «Scien- 
ces Humaines Sur L’aire Méditerranéenne» (Dir.), Paris, CNRS 
- Maison de la Méditerranée, p. 1-7 (Cahier ; 4). 


458 


1981 -Camps G., «L'origine des Berbères», in : Islam et société : an- 
thropologie du Maghreb, Paris, CNRS, p. 9-33. 

1981-Camps G., «Fouilles préhistoriques à Aléria : le Terrinien, faciès 
chalcolithique corse», in: L'archéologie en Provence-Alpes- 
Côte d'Azur : lettre d'information, t. 3-4, p. 127-135. 

1981-Camps G., «Le Laboratoire d’ Anthropologie et de Préhistoire des 
Pays de la Méditerranée occidentale et la recherche archéologi- 
que au Sahara», in : La Nouvelle revue anthropologique, p. 17-25. 

1981 - Camps G., «Cadenat P., «Nouvelles données sur le début de 
l’âge des métaux en Afrique du Nord»», in : Bulletin de la So- 
ciété d Etudes et de Recherches préhistoriques des Eyzies, t. 30, 
p. 40-51. 

1981 [paru 1984 [ -Camps G., «Les derniers rois numides : Massinissa II 
et Arabion», in : Bulletin archéologique du Comité des Travaux 
historiques et scientifiques (n.s.) - B : Afrique, t. 17, p. 303-311. 

1982 - Camps G., «Libya II : inscriptions libyco-berbères», in : Ency- 
clopédie de l'Islam. 5. - nouvelle édition, Leiden / Paris, Brill / 
Maisonneuve et Larose, p. 753-757. 

1982- Camps G., «La préhistoire dans la région ď’Aléria : le Terrinien, 
faciès ancien du chalcolithique de Corse», in : Congrès préhisto- 
rique de France - 21°% session, Montauban-Cahors 1979, Paris, 
Société préhistorique française, p. 28-41. 

1982-Camps G., «Réflexions sur l’origine des juifs des régions nord-sa- 
hariennes», in : Communautés juives des marges sahariennes du 
Maghreb, Abitbol M. (Dir.), Jérusalem, Institut Ben Zvi, p. 57-67 
(Publication du Centre de recherche sur les juifs d’Afrique du 
Nord). 

1982 -Camps G., «Beginnings of pastoralism and cultivation in north- 
west Africa and the Sahara : origins of the Berbers», in : Cam- 
bridge History of Africa, t. 1, p. 548-623. 

1982 -Camps G., «Le cheval et le char dans la préhistoire nord-afri- 
caine et saharienne», in : Les chars préhistoriques du Sahara : 
archéologie et techniques d'attelage, Camps G., Gast M. (Dir.), 
Aix-en-Provence, Maison de la Méditerranée, p. 9-22 (Actes du 
colloque Sénanque, 21-22 mars 1981). 


459 


1982 - Camps G., «Hachid M., Un quadrige peint dans la région de 
Djelfa», in : Les chars préhistoriques du Sahara : archéologie et 
techniques d'attelage, Camps G., Gast M. (Dir.), Aix-en-Proven- 
ce, Maison de la Méditerranée, p. 153-160 (Actes du colloque 
Sénanque, 21-22 mars 1981). 

1982 -Camps G., Rostand E., «Les poteries à perforations en ligne à 
propos du faciès terrinien du Chalcolithique corse», Bulletin de 
la Société préhistorique française, t. 79, p. 240-249. 

1982 (1988) - Camps G., «Nouvelles observations sur l’inscription du 
roi Masuna à Altava», in : Bulletin archéologique du Comité des 
Travaux historiques et scientifiques (n.s.) - B : Afrique, t. 18, 
p. 153-157. 

1983 -Camps G., «L’Afrique du nord avant la révolution néolithique», 
Archéologia, t. 184, p. 42-54, 

1983 -Camps G., «Le cheval et le char dans la préhistoire nord-africaine 
et saharienne», in : Mélanges Édouard Delebecque, Aix-en-Pro- 
vence, Université de Provence, p. 43-59. 

1983 -Camps G., «Comment la Berbérie est devenue le Maghreb ara- 
be», in : Revue de l'Occident musulman et de la Méditerranée, 
t. 35, p. 7-24. 

1983 - Camps G., Morel J., «Recherches sur l’alimentation en Afrique 
du Nord durant les temps épipaléolithiques», in : Bulletin de la 
Société d Etudes et de Recherches préhistoriques des Eyzies, t. 
32, p. 37-49. 

1983 (1985) -Camps G., «De Masuna à ۵6۵112. Les destinées de la 
Maurétanie au VI et VIT siècles», in : Bulletin archéologique du 
Comité des Travaux historiques et scientifiques (n.s.) - B: Afri- 
que, t. 19, p. 307-325. 

1984 -Camps G., «Les tumulus à chapelle du Sahara protohistorique : 
tombes-sanctuaires des Gétules», in : Eléments de pré et proto- 
histoire européenne : hommages à Jacques-Pierre Millotte Les 
Belles Lettres, p. 561-571 (Annales littéraires de l’Université de 
Besançon ; 299). 


460 


1984-Camps G., «Quelques réflexions sur la représentation des équidés 
dans l’art rupestre nord-africain et saharien», in : Bulletin de la 
Société préhistorique française, t. 81, p. 371-381. 

1984 -Camps G., «Rex Gentium maurorum et romanorum : recherches 
sur les royaumes de Maurétanie des 6° et 7° siècles», in : Antiqui- 
tés africaines, t. 20, p. 183-218. 

1984 - Camps G., «Les relations entre l’Europe et l’ Afrique du Nord 
pendant le Néolithique et le Chalcolithique», in : Francisco Jor- 
da Oblata, Salamanca, Universidad, p. 187-208 (Scripta praehis- 
torica). 

1984 - Camps G., «La défécation dans l’art paléolithique», in : ۵ 
contribution de la zoologie et de l'éthologie à l'interprétation 
de l'art des peuples chasseurs préhistoriques : 3° colloque de la 
Société suisse des sciences humaines, 1979, Bandi H.-G. (Dir.), 
Fribourg, Suisse, Editions universitaires, p. 251-261. 

1984 - Camps G., «A propos des chars sahariens», in : Bulletin de la 
Société préhistorique française, t. 81, p. 44-48. 

1985 -Camps G., «Le peuplement préhistorique des îles de la Méditer- 
ranée occidentale», in : L homme méditerranéen et la mer : actes 
3° Congrès international d'études de la Méditerranée occiden- 
tale, Jerba, avril 1981, Ladjimi Sebai L., Galley M. (Dir.), Tunis, 
Salammbé, p. 9-19. 

1985 -Camps G., «Pour une lecture naïve d’ Hérodote : les récits libyens 
(IV, 168-199)», Storia della storiagrafia : rivista internazionale, 
t. 7, p. 38-59. 

1985-Camps G., «Les Croyances protohistoriques en Afrique du Nord», 
in : Mythes et croyances du monde entier. Tome 2 : le monothéis- 
me, Akoun A. (Dir.), Paris, Lidis-Brepols, p. 304-319. 

1985 - Camps G., «Poterie peinte et araire manche-sep en Afri- 
que du Nord», in : Histoire des techniques et sources do- 
cumentaires, Aix-en-Provence, Institut de Recherches médi- 
terranéennes, p. 173-178 (Cahiers du Groupement d’Intérêts 
scientifiques ; 7). 


461 


1985 -Camps G., L’ Araire berbère, in : Histoire et archéologie de l’Afri- 
que du Nord : actes du 3*™ Colloque international réuni dans le 
cadre du 110°" Congrès national des Sociétés savantes, Mont- 
pellier 1985, Paris, Comité des Travaux historiques et scientifi- 
ques, p. 177-184. 

1985 - Camps G., «Un thème religieux dans l’art rupestre nord-afri- 
cain : le bélier à sphéroïde», in : Studi di paletnologia in onore di 
Salvatore M. Puglisi, Liverani M., Palmieri A., Peroni R. (Dir.), 
Roma, Università La Sapienza, p. 345-357. 

1986 - Ben Ouezdou H., Camps G., Gragueb A., Mahjoub K., Zouari 
K., «Sur les dépôts du Pléistocène supérieur et de l’Holocène 
de la région des chotts et de la plaine côtière du Golfe de Gabès 
(Tunisie) et leur place dans la stratigraphie du Quaternaire», in : 
Comptes Rendus de l’Académie des Sciences, Paris (2), t. 302, 
p. 659-664. 

1986 -Camps G., «Préhistoire», in : Dictionnaire des sciences histori- 
ques. Tome 2, Paris, Presses universitaires de France, p. 537-543. 

1986 - Camps G., «Funerary monuments with attached chapels from 
the northern Sahara», in : The African Archaeological Review, t. 
4, p. 151-164. 

1986 - Camps G., «Le jeune mouton et la mer», in : Diogène, t. 136, p. 
19-45. 

1986 - Camps G., «Les relations trans-sahariennes durant la Pré-et la 
Protohistoire», in : Archéologie africaine et sciences de la nature 
appliquées à l'archéologie : 1” symposium international, Bor- 
deaux 1983, Bordeaux, CRIAA-Université Bordeaux III, p. 29-34. 

1986 - Camps G., «Oreilles de zèbre ou oreilles d’âne ?», in : Bulletin 
de la Société préhistorique française, t. 83, p. 166-167. 

1986 - Camps G., Walker S.C., «The young sheep and the sea : early 
navigation in the Mediterranean», in : Diogène, t. 136, p. 19-45. 

1986-1989 - Camps G., «Elevage du mouton et premières navigations 
en Méditerranée occidentale», in : Empúries, t. 48-50, p. 164- 
175. 


462 


1987 - Camps G., «Protohistoire de l’Afrique du Nord : questions de 
terminologie et de chronologie», in : Travaux du LAPMO 1986, 
Etude 11 : 12 f. 

1987 -Camps G., «La naissance du sentiment religieux durant les temps 
préhistoriques et les premiers pélerinages», in : Histoire des pè- 
lerinages non chrétiens : entre magique et sacré, le chemin des 
dieux, Branthomme H., Chélini J. (Dir.), Paris, Hachette, p. 25-34. 

1987 - Camps G., «Protohistoire de 1° Afrique du Nord : questions de 
terminologie et de chronologie», in : REPPAL - Revue d'Etudes 
phéniciennes, puniques et des Antiquités libyques, t. 3, p. 43-70. 

1987 -Camps G., «Le jeune mouton et la mer : recherches sur les pre- 
mières navigations en Méditerranée», in : Travaux du LAPMO 
1986, Etude 6, 18 f. 

1987 -Camps G., «Un scénario de «Préhistoire catastrophe» : l’odyssée 
des Atériens et le retour des Ibéromaurusiens», in : Bulletin de la 
Société préhistorique française, t. 84, p. 67-69. 

1987 -Camps G., «Le problème de la représentation de l’Equus mauri- 
tanicus dans l’art rupestre nord-africain et saharien», in : Paléoé- 
cologie des régions sahariennes, Alger, Centre national d’Etudes 
historiques (C.N.E.H.), p. 185-198. 

1987 -Camps G., «Compte rendu de «Ginette Aumassip - Le Bas Sa- 
hara dans la préhistoire»», in : Revue de l'Occident musulman et 
de la Méditerranée, t. 43, p. 153-154. 

1987 -Camps G., «(Compte rendu de «A. Muzzolini - L’ Art rupestre des 
massifs centraux sahariens»», in : Revue de l'Occident musul- 
man et de la Méditerranée, t. 44, p. 148-149. 

1988 -Camps G., «La faune de l’Afrique du Nord et du Sahara d’après 
Hérodote», in : Espacio, Tiempo y Forma (serie II ۰ Historia An- 
tigua), t. 1, p. 209-221. 

1988 -Camps G., «Chars protohistoriques de l’Afrique du Nord et du 
Sahara. Engins de guerre ou véhicules de prestige ?», in : Actes 


du 113°" Congrès national des Sociétés Savantes, Strasbourg, 


463 


1988 - 4° colloque sur l’histoire et l'archéologie de l'Afrique du 
Nord, t. 2, p. 267-288. 

1988 -Camps G., «Les chars sahariens : images d’une société aristocra- 
tique», in : Travaux du LAPMO 1987, p. 107-124. 

1988 -Camps G., «Le Docteur Arnal et le Chasséen», in : Le Chasséen 
en Languedoc oriental : hommage à Jean Arnal : actes des jour- 
nées d'études, Montpellier, 25-27 oct. 1985, Boutié P. (Dir.), 
Montpellier, Publication de la Recherche-Université Paul Valéry, 
p- 7-9 (Préhistoire U.P.V., 1). 

1988 -Camps G., «Espaces berbères», in : Revue de l'Occident musul- 
man et de la Méditerranée, t. 48-49, p. 38-60. 

1988 -Camps G., «Scènes de caractère religieux dans l’art rupestre de 
l’Afrique du Nord et du Sahara», in : Mélanges Pierre Lévêque, 
Mactoux M.-M., Geny É. (Dir.), Besançon, Université de Besan- 
çon, p. 65-82 (Annales littéraires de l’université de Besançon. 
Centre de recherche d’histoire ancienne ; 79). 

1989 -Camps G., «La Corse à l’âge du fer», Travaux du LAPMO 1988, 
p. 175-184. 

1989 -Camps G., «Le bestiaire libyque d’Hérodote», in : Bulletin ar- 
chéologique du Comité des Travaux historiques et scientifiques 
(n.s.) - B ۰ Afrique, t. 20-21, p. 17-27. 

1989 -Camps G., «La Provence préhistorique», in : La Provence des 
origines à l’an mil : histoire et archéologie, Février P.-A. (Dir.), 
[Rennes], Ouest-France, p. 55-166. 

1989 -Camps G., «Le sepulture neolitiche dell’ Africa settentrionale», 
in : Archeologia ۰ culture e civiltà del passato nel mondo eu- 
ropeo ed extraeuropeo, Fasani L. (Dir.), Milano, Mondadori, 
p. 297-332. 

1989 -Camps G., «Les chars sahariens : images d’une société aristocra- 
tique», in : Antiquités africaines, t. 25, p. 11-40. 

1989 -Camps G., «La Corse des origines», in : Le Temps de la Préhis- 
toire, Mohen J.-P. (Dir.), Paris, Société préhistorique française / 
Archéologia, p. 40-43. 


464 


1989 -Camps G., «Premiers cultes agraires : mort et fertilité», in : De 
Lascaux au Grand Louvre : archéologie et histoire en France, 
Goudineau C., Guilaine J. (Dir.), Paris, Errance, p. 480-483. 

1989 -Camps G., «Compte rendu de «Paul-Albert Février - Approches 
du Maghreb romain»», in : Revue du Monde musulman et de la 
Méditerranée, t. 51, p. 157-159. 

1990 -Camps G., «La faune des temps néolithiques et protohistoriques 
de l’Afrique du Nord: critique des données», in : Travaux du 
LAPMO 1989, p. 59-70. 

1990 -Camps G., «Qui sont les Dii mauri ?», in : Antiquités africaines, 
t. 26, p. 131-153. 

1990 -Camps G., «Des incertitudes de l’art aux erreurs d’Hérodote : la 
faune des temps néolithiques et protohistoriques de l’Afrique du 
Nord», in : Comptes Rendus de l’Académie des Inscriptions et 
des Belles Lettres, p. 35-57. 

1990 - Camps G., «Statues-menhirs corses et Shardanes : la fin d’un 
mythe», in : La Bretagne et l'Europe préhistoriques : Mémoire 
en hommage à Pierre-Roland Giot, L’helgouach J. (Dir.), Ren- 
nes, Association pour la diffusion des recherches archéologiques 
dans l’ouest de la France, p. 207-212 (Revue archéologique de 
l’Ouest. Supplément). 

1990 -Camps G., Cesari J., «Découverte d’un tesson campaniforme en 
Corse», in : Travaux du LAPMO 1989, p. 213-216. 

1990-91 -Camps G., «Les creusets de Terrina (Aléria, Haute Corse)», 
in : Le Chalcolithique en Languedoc : ses relations extra-régio- 
nales, Saint-Mathieu-de-Tréviers 1990, Ambert P. (Dir.), Lattes, 
Fédération archéologique de l’ Hérault, p. 41-49 (Archéologie en 
Languedoc - Colloque international Hommage à Jean Arnal). 

1990-92 (1994) -Camps G., «Punica lingua» et épigraphie libyque dans 
la Numidie d’Hippone», in : Bulletin archéologique du Comité 
des Travaux historiques ef scientifiques (n.s.) - B : Afrique, t. 23, 
p. 33-49. 


465 


1991 -Camps G., «Le peuplement prénéolithique de la Corse», in : Mé- 
solithique et néolithisations en France et dans les régions limi- 
trophes, Paris, Comité des Travaux historiques et scientifiques, 
p. 37-51 (Actes du 113ème Congrès national des Sociétés savan- 
tes (Strasbourg, 5-9 avril 1988)-Commission de Pré-et Protohis- 
toire). 

1991 -Camps G., «Une découverte importante dans la région de Mar- 
seille : la grotte ornée de Sormiou», in : Comptes Rendus de 
l’Académie des Inscriptions et des Belles Lettres, p. 585-590. 

1991 -Camps G., «Cro-Magnon, une découverte en perpétuel devenir», 
in : Les Dossiers de l’Archéologie, t. 156, p. 4-12. 

1991 -Camps G., «Paul-Albert Février», in : Revue du Monde musul- 
man et de la Méditerranée, t. 59-60, p. 266-267. 

1991 -Camps G., «Cesari J., Découverte d’un tesson campaniforme en 
Corse du Sud», in : Bulletin de la Société des Sciences histori- 
ques et naturelles de la Corse, t. 111, p. 31-38. 

1992 - Camps G., «L’Age du bronze en Afrique du Nord : état de la 
question», in : Atti del 3° Convegno di studi : Un millennio di 
relazioni fra la Sardegna e i paesi del Mediterraneo, Selargius- 
Cagliari 1987, p. 527-549. 

1992 - Camps G., «Le Mort rassembleur de foules : une fonction mé- 
connue des nécropoles protohistoriques de 1’ Afrique du Nord», 
in : Anthropologie préhistorique : résultats et tendances. Actes 
du colloque de Sarrians, septembre 1989, Mahieu E. (Dir.), Mar- 
seille, E.P.A. / Commune de Sarrians / Conseil général du Vau- 
cluse, p. 91-96. 

1992 - Camps G., «Originalité de la Provence au Paléolithique», in : 
Provence Historique, t. 167-168, p. 11-23. 

1992 - Camps G., «Guerre ou paix ? Origines des conflits intraspéci- 
fiques humains», in : Préhistoire Anthropologie méditerranéen- 
nes, t. 1, p. 9-15. 

1992 -Camps G., «Le Cerf en Afrique du Nord», in : Préhistoire An- 
thropologie méditerranéennes, t. 1, p. 127-133. 


466 


1992 - Camps G., «Maghreb-Sahara», in : Néolithique : la première 
révolution sociale, Paris, Excelsior, p. 140-146 (Science & Vie 
Hors-série ; 178). 

1992 -Camps G., «Le coq et la coquille», in : Bulletin archéologique 
du Comité des Travaux historiques et scientifiques (n.s.) - B : 
Afrique, t. 22, p. 56-61. 

1992 -Camps G., «Documents et filtres culturels : à propos de la faune 
néolithique et protohistorique de l’ Afrique du Nord», in : The li- 
mitations of archaeological knowledge, Shay T., Clottes J. (Dir.), 
Liège, Université - Service de Préhistoire, p. 211-224 (Etudes et 
recherches archéologiques de l’Université de Liège ; 49). 

1992 -Camps G., «Lionel Balout (1907-1992)», in : Préhistoire Anthro- 
pologie méditerranéennes, t. 1, p. 225-227. 

1992 -Camps G., «Compte rendu de «S. Lancel - Carthage»», in : Revue 
du Monde musulman et de la Méditerranée, t. 63-64, p. 274-276. 

1992-1993 (1994) - Camps G., «Liste onomastique libyque d’après les 
sources latines», in : REPPAL - Revue d'Etudes phéniciennes, 
puniques et des Antiquités libyques, t. 7-8, p. 39-73. 

1993 -Camps G., «Réflexions sur l’origine protohistorique des cités en 
Afrique du Nord», in : La città mediterranea ۰ eredita antica © 
apporto arabo-islamico sulle rive del Mediterraneo occidentale 
e in particolare nel Maghreb : atti del Congresso internazionale 
di Bari, 4-7 maggio 1988, Serra L. (Dir.), Napoli, Istituto univer- 
sitario orientale, p. 73-81. 

1993 -Camps G., «Hérodote et l’art rupestre. Recherches sur la Faune 
des temps néolithiques et protohistoriques de l’ Afrique du nord», 
in : L'arte e l’ambiente del Sahara : dati © interpretazioni, Mila- 
no, Società Italiana di Scienze Naturali / Museo Civico di Storia 
Naturale, p. 125-134 (Memorie ; 26/2). 

1993 - Camps G., «Les recherches dans la grotte Cosquer (Sormiou, 
Marseille) : premiers résultats», in : Comptes Rendus de l'Aca- 


démie des Inscriptions et des Belles Lettres, p. 201-202. 


467 


1993 -Camps G., «Compte rendu de «V. Fayolle - La poterie modelée 
du Maghreb oriental, de ses origines au XX°"° siècle»», in : Bul- 
letin de la Société préhistorique française, t. 90, p. 9-10. 

1993 -Camps G., «Fiches pédagogiques : La Corse préhistorique I & 
II - La Corse protohistorique I & Il», in : Archéologia, t. 290, 
p. 67-70. 

1993 - Camps G., «À la recherche des Misiciri : cartographie et ins- 
criptions libyques», in : À la croisée des études libyco-berbères : 
mélanges offerts à Paulette Galand-Pernet et Lionel Galand, 
Drouin J., Roth A. (Dir.), Paris, Geuthner, p. 113-126. 

1994 -Camps G., «Encore et toujours le monument de Tin Hinan à Aba- 
lessa», in : Le Saharien, t. 131, p. 36-39. 

1994 - Camps G., «Remarques sur la toponymie de la Maurétanie cé- 
sarienne occidentale», in : L Afrique, la Gaule, la religion à 
l’époque romaine. Mélanges à la mémoire de Marcel Le Glay, 
Le Bohec Y. (Dir.), Bruxelles, Revue d’Etudes latines, p. 81-94 
(Latomus ; 226). 

1994 - Camps G., «Compte rendu de «Jean Clottes - Les cavernes de 
Niaux : art préhistorique en Ariège»», in : Préhistoire Anthropo- 
logie méditerranéennes, t. 3, p. 225-226. 

1994 -Camps G., «Amon-Rä et les béliers à sphéroïde de l’Atlas», in : 
Hommages à Jean Leclant, Berger C., Clerc G., Grimal N. (Dir.), 
Le Caire, Institut français d’ Archéologie orientale, p. 29-44 (Mé- 
moire ; 4). 

1994 - Camps G., «Mito o permanencia bereber», in : /mazighen del 
Magreb entre Occidente y Oriente : introducciôn a los berebe- 
res, Ahmed R.R. (Dir.), Granada, Institut français d’ 6 
orientale, p. 11-19. 

1994 -Camps G., «Els Berbers. Mite o realitat», in : Les cultures del 
Magreb, Roque M.A., Arkoun M. (Dir.), Barcelona, Institut Ca- 
talà d’Estudis Mediterranis, p. 75-96 (Estudis i Simposis). 

1994 -Camps G., «Les mausolées princiers de Numidie et de Mauréta- 
nie», in : Archéologia, t. 298, p. 50-59. 


468 


1995 -Camps G., «Préface», in : Le Gisement paléolithique moyen de 
la grotte des Cèdres (Le Plan-d’Aups, Var), Defleur A., Crégut- 
Bonnoure E. (Dir.), Paris, Maison des sciences de l’homme, 
p. 7-8 (Documents d’Archéologie française ; 49). 

1995 -Camps G., «Compte rendu de «Méthodes d’approche de la pré- 
histoire saharienne. Les gisements, reconnaissance et exploita- 
tion»», in: Préhistoire Anthropologie méditerranéennes, t. 4, 
p. 232. 

1995 -Camps G., «Les nécropoles mégalithiques de 1° Afrique du Nord», 
in : L'Afrique du Nord antique et médiévale : Monuments funé- 
raires, institutions autochtones, Trousset P. (Dir.), Paris, Comité 
des Travaux historiques et scientifiques, p. 17-31 (6*™ Colloque 
international sur l’histoire et l’archéologie de l’Afrique du Nord, 
Pau 1993). 

1995 -Camps G., «Modèle hellénistique ou modèle punique ? Les des- 
tinées culturelles de la Numidie», in : Actes du 3°" Congrès in- 
ternational des Etudes phéniciennes et puniques, Tunis 1991, 
Volume 1, Fantar M., Ghaki M. (Dir.), Tunis, Institut national du 
Patrimoine, p. 235-248. 

1995 - Camps G., «Les chars sahariens : images d’une société aristo- 
cratique», in : Cavalieri dell’Africa : storia, iconografia, sim- 
bolismo, Pezzoli G. (Dir.), Milano, Centro Studi Archeologica 
africana, p. 141-160. 

1996 -Camps G., «La vie à Terrina (Aléria, Haute Corse) au Chalco- 
lithique», in : La vie préhistorique, Société Préhistorique Fran- 
çaise (Dir.), Dijon, Faton, p. 100-103. 

1996-Camps G., «Compte rendu de «Yves Gauthier et al. - L'art du Saha- 
ra», in : Préhistoire Anthropologie méditerranéennes, t. 5, p. 239-. 

1996 -Camps G., «Les Touaregs descendent-ils des anciens Garaman- 
tes ?», in: Voyages au sein du mystérieux, Paris, Sélection du 
Reader’s Digest, p. 44-45. 

1997 - Camps G., «Le chacal de Ti-n Affelfelen (Ahaggar, Algérie). 
Gravures rupestres et ensembles funéraires protohistoriques», 
in : Sahara. Preistoria e Storia del Sahara, t. 9, p. 35-50. 


469 


1997 -Camps G., «Le style de Gastel : étude des céramiques d’une né- 
cropole protohistorique d’ Algérie», in : Antiquités africaines, t. 
33, p. 39-48. 

1997 -Camps G., «Tin Hinan et sa légende. A propos du tumulus prin- 
cier d’Abalessa (Ahaggar, Algérie)», in : Bulletin archéologique 
du Comité des Travaux historiques et scientifiques (n.s.) - B: 
Afrique, t. 24, p. 173-195. 

1997 -Camps G., «Le voyage manqué du jeune Baquate», in : Bulletin 
archéologique du Comité des Travaux historiques et scientifiques 
(n.s.) - B : Afrique, t. 24, p. 256-257. 

1997 -Euzennat M., Camps G., «Remarques sur l’inscription latine ré- 
cemment trouvée à Timissao (Sahara central)», in : Bulletin ar- 
chéologique du Comité des Travaux historiques et scientifiques 
(n.s.) - B : Afrique, t. 24, p. 235-236. 

1998 -Camps G., «Peuplement des îles et navigations préhistoriques», 
in : L homme préhistorique et la mer, Paris, Comité des Travaux 
historiques et scientifiques, p. 129-132 (120ème Congrès CTHS, 
Aix-en-Provence, octobre 1995). 

1998 - Camps G., «Les représentations de Canidés dans l’art rupestre 
saharien», in : Rivista di Scienze preistoriche, t. 49, p. 197-212. 

1998 -Camps G., «Le «mariage de chacal» ; à propos de la représen- 
tation des canidés dans l’art rupestre saharien», in : Bulletin ar- 
chéologique du Comité des Travaux historiques et scientifiques 
(n.s.) - B : Afrique, 25, p. 132-134. 

1998 -Camps G., «Les noms divins et les noms théophores chez les an- 
ciens africains», in : Bulletinarchéologique du Comité des Travaux 
historiques et scientifiques (n.5.) - B : Afrique, t. 25, p. 138-140. 

1998 -Camps G., «Chaker S., Laporte J.-P., Deux nouvelles stèles kaby- 
les au cavalier», in : Bulletin archéologique du Comité des Tra- 
vaux historiques et scientifiques (n.s.) - B : Afrique, t. 25, p. 19-32. 

1999 -Camps G., «La Corse à Age du fer», in : Archéologie des Cel- 
tes. Mélanges à la mémoire de René Joffroy, Chaume B., Mohen 
J.-P., Périn P. (Dir.), Montagnac, Monique Mergoil, p. 29-40. 


470 


199 -Camps G.. «Essai de cartographie culturelle : à propos de la fron- 
uere de Numidie et de Maurétanie», in : Frontières et limites 
géographiques de 1’ Afrique du Nord antique : hommage à Pierre 
Salama, Lepelley C., Dupuis X. (Dir.), Paris, Publications de la 
Sorbonne, p. 43-70 (Histoire ancienne et médiévale ; 56). 

2000-Camps G., «Les haouanet : petits hypogées de l’ Afrique du nord», 
in : L'ipogeismo nel Mediterraneo : origini, sviluppo, quadri 
culturali, Melis M.G. (Dir.), Sassari, Università degli Studi-Fa- 
coltà di Lettere e Filosofia, p. 139-184. 

2000 -Camps G., «Contribution de la cartographie à l’étude des phéno- 
mènes culturels berbères», in : Hommes et terres d Islam : mélan- 
ges offerts à Xavier de Planhol, Balland D. (Dir.), Téhéran / Lou- 
vain, Institut français de recherche en Iran / Peeters, p. 377-390. 

2002 -Camps G., «Le cerf en Afrique», in : /thyphalliques, traditions 
orales, monuments lithiques et art rupestre au Sahara : homma- 
ges à Henri Lhote, Le Quellec J.-L. (Dir.}), Saint-Lizier, AARS / 
AFU, p. 75-82 (Cahiers ; 7). 


«الموسوعة البريرية» 


1984 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, I : Abadir-Acridophagie, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 1-112. 

1984 - Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, 11: Ad-Aguh-n-Tahlé, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 113-270. 

1986 - Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, III : Ahaggar-Ali ben 
Ghaniya, Aix-en-Provence, Edisud,, p. 269-448. 

1987 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, IV : Alger-Amzwar, Aix- 
en-Provence, Edisud, p. 447-629. 

1987 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, V : Anacutas-Anti-Atlas, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 631-791. 

1989 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, VI : Antilopes-Arzuges, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 793-952. 


471 


1989 - Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, VII : Asarakae-Aurès, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 953-1095. 

1990 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, VIII ۰ Aurès-Azrou Ad- 
dendum réédition Asura-Ahaggar-Ajjer, Aix-en-Provence, Edi- 
sud, p. 1097-1287. 

1991 - Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, IX : Baal-Ben Yasla, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 1289-1449. 

1991 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, X : Beni Isguen-Bouzeis, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 1451-1601. 

1992 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, XI : Bracelets-Capra- 
rienses, Aix-en-Provence, Edisud, p. 1603-1756. 

1993 - Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, XII : Capsa-Cheval, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 1757-1911. 

1994 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, XIII : Chèvre-Columna- 
tien, Aix-en-Provence, Edisud, p. 1913-2067. 

1994 - Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, XIV : Conseil-Danse, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 2069-2222. 

1995 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, XV : Daphnitae-Djado, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 2223-2374. 

1995 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, XVI : Djaziya-Dougga, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 2375-2528. 

1996 - Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, XVII : Douiret - Ero- 
paei, Aix-en-Provence, Edisud, p. 2529-2682. 

1997 - Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, XVIII : Escargotière- 
Figuig, Aix-en-Provence, Edisud, p. 2683-2837. 

1998 - Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, XIX : Filage-Gastel, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 2839-2993, 

1998 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, XX ۰ Gauda-Girrei, Aix- 
en-Provence, Edisud, p. 2995-3148. 

1999 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, XXI : Gland-Hadjarien, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 3149-3304. 

2000 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, XXII : Hadrumetum-Hi- 
djaba, Aix-en-Provence, Edisud, p. 3305-3462. 


472 


2000 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère XXIII : Hiempsal-Ico- 
sium, Aix-en-Provence, Edisud, p . 3463-3618. 

2001 -Camps G. (Dir.), Encyclopédie berbère, XXIV : Ida-Issamada- 
nen, Aix-en-Provence, Edisud, p. 3619-3782. 


الوجزات 

1984 -Camps G., «Avertissement : être Berbère - Origines des Berbères 
- Les mécanismes de l’arabisation», in : Encyclopédie berbère, 1, 
Aix-en-Provence, Edisud, p. 7-48. 

1984 -Camps G., «Notices : Abadir - Abd el Salam - Abilar - Abigas 
- Abizar - Abu Hakim Yacub - Acridophagie», in : Encyclopédie 
berbère, I, Aix-en-Provence, Edisud. 

1984 -Camps G., «Notices : Adebni - Adrar - Adrar des Iforas - Adrar 
de Mauritanie - Aethiopes - Afariq - Africanae - Agadir - Agellid 
- Aghmat», in : Encyclopédie berbère, Il, Camps G. (Dir.), Aix- 
en-Provence, Edisud. 

1986 -Camps G., «Notices : Ahaggar (préhistoire) - Ahl al Kaf - Aily- 
mas - Aïn Metterchem - Aïn Roua - Aïn Temouchent - Albulae 
- Akkar - tombeau - Akreijit - Akus», in : Encyclopédie berbère, 
III, Camps G. (Dir.), Aix-en-Provence, Edisud. 

1987 -Camps G., «Notices : Alger (préhistoire) - Alimentation des Palé- 
oberbères - Allées couvertes (Kabylie) - Amalécites - Amazones 
- Amekni - Amergou - Ammon - Amour (Djebel)», in : Encyclo- 
pédie berbère, IV, Camps G. (Dir.), Aix-en-Provence, Edisud. 

1987 -Camps G., «Notices : Andalouses (Les) - Ane - Animisme - An- 
naba (Hippo Regius) - Antalas - Antée», in : Encyclopédie ber- 
bère, V, Camps G. (Dir.), Aix-en-Provence, Edisud. 

1989 -Camps G., «Notices : Anzar - Aphther - Apiculture - Arabion - 
Aradion - Araire - Arganier - Armes (partie) - Art rupestre (par- 
tie) - Arzew», in : Encyclopédie berbère, VI, Camps G. (Dir.), 


Aix-en-Provence, Edisud. 


473 


1989 -Camps G., «Notices : Ascalis - Aspis - Ateban - Athèna - Atte- 
lage - Aulisua», in : Encyclopédie berbère, VII, Camps G. (Dir.), 
Aix-en-Provence, Edisud. | 

1990 - Camps G., «Notices : Aurès (préhistoire) - Autels - Auzia - Azib 
- Azriva», in : Encyclopédie berbère, VIII, Camps G. (Dir.), Aix- 
en-Provence, Edisud. 

1991 - Camps G., «Notices : Babor - Bacax - Baga - Baldir/Balidir - 
Ballene praesidium - Bavares - Bazinas - Bélier à sphéroïde», in : 
Encyclopédie berbère, IX, Camps G. (Dir.), Aix-en-Provence, 
Edisud. 

1991 - Camps G., «Notices : Beni Messous - Beni Rhénan - Bisaltia 
- Bocchus - Bogud - Bou Alem - Bouclier», in : Encyclopédie 
berbère, X, Camps G. (Dir.), Aix-en-Provence, Edisud. 

1992 - Camps G., «Notices : Branès - Breshk - Bubalus antiquus - Buc- 
cures - Burnous»,, in : Encyclopédie berbère, XI, Camps G. (Dir.), 
Aix-en-Provence, Edisud. 

1993 - Camps G., «Notices : Capussa - Casablanca - Cercles de pierre 
- Cereres - Cerf - Chacal - Chars - Cheffia - Chettaba - Cheval», 
in : Encyclopédie berbère, XII, Camps G. (Dir.), Aix-en-Proven- 
ce, Edisud. 

1994 - Camps G., «Notices : Croissant - Cubos - Cynophagie - Dahar 
- Da’i - Danse des cheveux», in : Encyclopédie berbère, XIV, 
Camps G. (Dir.), Aix-en-Provence, Edisud. 

1994 - Camps G., «Notices : Chouchet - Cinq - Cité - Citrus - Cochon 
- Colactation - Colombe - Columnata - Columnatien», in : En- 
cyclopédie berbère, XIII, Camps G. (Dir.), Aix-en-Provence, 
Edisud. 

1995 - Camps G., «Notices : Dar bel Ouar - Darbouka - Dasibari - Dat- 
tes / dattiers - Daya - Debdou - Demnat - Dépôts rituels - Deren 
- Devinettes - Diana veteranorum - Didon - Dieux africains et Dii 
mauri - Dioscures - Dir», in : Encyclopédie berbère, XV, Camps 
G. (Dir.), Aix-en-Provence, Edisud. 


474 


1995 -Camps G., «Notices : Djaziya - Djedar - Djedi - Djellaba - ۲ 
- Djidiouïa - Djohala - Djorf Torba - Djurdjura - Dolmens - 
Dorsale tunisienne - Dougga», in : Encyclopédie berbère, XVI, 
Camps G. (Dir.), Aix-en-Provence, Edisud. 

1996 - Camps G., «Notices : Dromadaire - Ecriture - Edeyen - Edough 
- Egide - Egorgement - Ehen n - Fatima («Tente de Fatima») 
- Elassolithique - Ellès - Enfida - Enfous (El Richa, El Hamra) 
- Ennayer - Epée - Epipaléolithique - Equidiens»), in : Encyclopé- 
die berbère, XVII, Camps G. (Dir.), Aix-en-Provence, Edisud. 

1997 -Camps G., «Notices : Escargotières - Etoile - Faraxen - Fatimites 
- Fedala (Fadala, AI Muhammadiyya) - Fedj El - Koucha - Fen- 
nec (Fennecus zerda Zim.) - Fer (âge du) - Feriana - Fès (Fas) 
- Fezzân (Phasania, Targa). Préhistoire et art rupestre du Fezzân 
- Figuig», in : Encyclopédie berbère, XVIII, Camps G. (Dir.), 
Aix-en-Provence, Edisud. 

1997 -Camps G., «Notices : Filfila - Firmus - Flissa / Iflissen - Forge- 
rons : les forgerons du Maghreb - Foum Le - Rjam - Four - Foyer 
- Fraichich (Frechich) - Fudina - Fut (Oued Tensift) - Gabès - 
Gaia - Gastel», in : Encyclopédie berbère, XIX, Camps G. (Dir.), 
Aix-en-Provence, Edisud. 

1998 -Camps G., «Notices : Gétulien - Gauda - Gharb (Rharb) - Ghada- 
mès - Ghât (Rhat) - Ghorfa - Ghana - Ghaniya - Ghiata - 2 
(Ghumara, Ghmara) - Gibraltar - Gazelle - Genette - Giddaba 
(Mont) - Giri (Mont)», in : Encyclopédie berbère XX, Camps G. 
(Dir.), Aix-en-Provence, Edisud. 

1999 - Camps G., «Notices : Gland (Abellud en kabyle) - Goraa (Dje- 
bel) - Gour - Gubul - Gudâla/Guezula - Gulussa - Gunugu - Gur- 
zil - Hachereau - Hadiddou (Ayt) - Hadjar en - Nesr (Le Rocher 
du Vautour)», in : Encyclopédie berbère XXI, Camps G. (Dir.), 
Aix-en-Provence, Edisud. 

2000 - Camps G., «Notices : Haouanet - Haouz - Hafsides - Haha (Iha- 
hane) - Hammam Guergour - Hammam Meskoutine : Aquae Thi- 
bilitanae - Hammam ez Zouakra - Hammamet - Haos - Henchir 


475 


(Anschir) - Hiarbas», in : Encyclopédie berbère XXII, Camps G. 
(Dir.), Aix-en-Provence, Edisud. 

2000 - Camps G., «Notices : Ibéromaurusien - Hiempsal - Hilaliens - 
Hodna - Ibadites - Ibarissen - Ibn Battûta - Ibn Khaldoun - Ibn 
Toumart - Ichoukkâne», in : Encyclopédie berbère, XXIII, Camps 
G. (Dir.), Aix-en-Provence, Edisud. 

2001 -Camps G., «Notices : Iheren (ou Eheren) - Incinération - In Ha- 
beter / Messak - Inhumation», in : Encyclopédie berbère XXIV, 
Camps G. (Dir.), Aix-en-Provence, Edisud. 


476 


الفهرس 


أساطير قديمة وحديثة ست و اک( 
- هرقليس وأسطورة الأصلين الفارسي والميدي 55. - الأصول الكنعانية 59. 
- أصول أخرى أسطورية من العصور القديمة 60. - أساطير قروسطية عن 
أصول البربر 62. - كنعانيون أم هنود ؟64. - البربرء والغاليون» والدلنات 65. 
- أصول «شمالية» 67. - من القوقاز إلى الاطلنتید 68. 

العطیات الاناسية 08 ee Sh‏ 
- الانسان العاقل في الغرب الکبیر : الانسان العاتيري 72. - انسان مشتی 
العربي 73. - تطور إنسان مشتی العربي 76. -المتوسطيون الأوائل القفصیون: 
أكلة احلزونات 77. - احضارة القفصية 78. - استقرار آوائل البربر 81. 
- تعقد وتنوع 83. - ضغط مستمر من الشرق 84. - الساهمات التوسطية 86. 


العطیات اللغوية ا EU EERE SESS A AE‏ 
- تحوط لازم 89. - الکتابات النقوشية الليبية 90. - قرابة البربرية [إلى لغات 
آخری]91. 


477 


غزو أوائل البرير للصحراء O3 E a‏ 
- الصحراء في العصر الحجري الحديث 93. - الفنانون البقریون»» وظهور 
التوسطیین 95. - «الخيليون»» سائقو العربات 97. - الفرسان اللیبیون البربرء 
أسلاف الطوارق 102. - الزارعون السود 104. 


الفصل الثاني 
أقوام على هامش التاريخ 
آوائل البربر في عهود قبیل التاریخ E EA A‏ 116 


- الانصاب القابرية 111. -الأثاث القابري وأساليب في العيش 112. - الخصائص 
الاقليمية لبلاد البربر قبیل التاریخ 114. - شرق بلاد البربر 116. - غرب بلاد 
البربر 119. - الجهة شبه الصحراوية من بلاد البربر 120. - وسط بلاد البربر 122. 
البریر في العصور القديمة LS PR RSS‏ 
- اسم ملغز : (بربر» أم باربار»؟ 125. - اللیبیون» : اسم بقدم التاریخ 126. 
- الاسم الحقيقي للبربر 127. - أصل اسم النوميديين» ۰129 - مملكة مامینیسا 
ویوغرطة الاسيلية 131. - بلاد اماسیلیین بلاد الدلنات 131. - الاسرة الماسيلية 
ومدينة دقة 132.- سیر تامهد القوةالماسيلية 134. تملكة سیفاقس الماسيسيلية 138. 
سعة الملكة 139. - سیجا والدن الاسيسيلية 140. - تنظیم المملكة 
الاسيسيلية 143. - الوریون» غربیو إفريقيا 144. - مملكة شبه مجهولة من 
باجا إلى بوجود 146. - الاسم الذي کتب له البقاء 148. - الجيتول 149. 
- استمرار التقسیمات الاقليمية 153. - إدارة القبائل في العهد الروماني 155. 
- غموض الوظائف الادارية والرئاسات البربرية في أواخر الامبراطورية 156. 


البرير في العصور الوسطی LIers LR‏ 

- الحصول على سلف 159. - قبل الإعصار» صحراء هادئة 161. 
- لفاتة ولواتة: خطر الجمالين 162. - الجمل في الصحراء : استجلاب أم 
استکدار ؟ 164. - البتر والبرانس» صنهاجة وزناتة 165. - الغزو العربي: 
الحملات الأولى 167. - عقبة» الفارس الغامر في سبیل الله 169. - نشر الاسلام 
وزوال المالك البربرية السيحية 169. - القرن الخوارجي 174. - ملحمة كتامة 
والخلافة الفاطمية 172. - عقاب الزیریین» والكارثة البدوية 173. - مغامرة 
الرابطین» البربر الصحراویون في إسبانيا 175. - الامبراطورية الوحدية 176. 
- نهاية سيطرة البربر على ا مغرب الکبیر 178. 


478 


الفصل الثالث 
السيطرة الأجنبية وعملیات المثاقفة 


البربر والحضارة البونيقية» مثاقفة ناجحة ومحهولة EE E‏ 
- الدولة الق طاجية والمالك الحلية 188. - الدن مراکز للثقافة البونيقية 191. 
- تعايش ناجح طویل 193. 

رومنة إفريقياء فشل ذریع ی A‏ ی 


- غزو حذر وطویل 199. - الدن والترقي الاجتماعي 200. - الجيش» 
آداة للاحتواء 202. - مثال من السياسة الحلیة» : طاولة بناصة 204. 
- مدی الرومَنة 206. - رفض LU‏ 209. - وجها |فریقیا الرومانية 211. 
یام هش رون 215. 


عابرون دون عقب ثقافي» الوندال والبیزنطیون neue‏ و 
الاسللام وتعریب بلاد البربر. A‏ «اتسطو اتح ساون A E E‏ 


- نشر الاسلام ليس نشر العربية 223. - نهاية عالم 224. - التحول إلى 
الاسلام 227. - آليات التعریب 230. - تأکیدات وحقاتق 232. 


الفصل الرابع 


البرير والدین 


من الا لهة الورية قديما إلى الجن حديثا AAE RTS‏ 
- جبال وکهوف وصخور مقدسة 240. - ماء السماء ونسغ الارض 243 
- الکواکب والنجوم 244. - الحيوانات والقدس 247. - الانسان أساس 
القدس 252. - جمهرة الالهة الصغيرة الحلية 253. - تکریسات الالهة 
الورية 256. - الاله آمون ومکانته من مجمع الالهة الإفريقية 259. - الملوك 
الولهون. الشواهد 264. - الاسماء الثيوفورية عند البربر 266. - قراین 
وشواهد للالهة 269. - العابد وتمثيل الالهة 270. - الديانة المقابرية» زخرفة 
الحوانيت 275. - البازینات والجثوات ذات الصلیات 277. - الفخاریات 
القابرية الزوقة في قسطل وتیدیس 279. 


479 


RIRE LR ل‎ GARE ا‎ Et ne تعارضات المسيحية الإفريقية‎ 


- تقديس الشهداء 283. - الدوناتية أبرز مثال للانشقاقات 287. 


- قادة الفكر 292. 


بلاد البریر لسلمة وحدانية الله وانقسام الأناسي N‏ 


انشقاق آخر نموذجى 302. - آبو عبد الله وولاء کتامة 305. - ابن 


دولة 307 
الدين الشعبي REBER DRESSES‏ 
الاستمرارية البريرية 
الليبية والتيفناغات 00001012 0 E O‏ 


- أصول الكتابة الليبية 322. - قدم الليبية والتيفناغ 324. 


فن بتحدی الزمن Si RO‏ مع اا Osea eae Ce at aes‏ 
- قلاع من طين ومخازن جماعية للحبوب 326. - الفخار الشکل بالايدي: 
عتاقة التقنیات والاشکال 329. - قدم النمنمة الهندسية 331. - الاصول 
التوسطية للفخاریات الشکلة بالايدي والزوقة 334 - الصنادیق 
القبائلية 337. - «الحدادة» : الصوغات الطوارقية 341. - شکلا الحلي 
القروية الغاربية 342. - الحلي المشكلة بالايدي والخرمة : إرث من العصور 

القدية 344. - الصوغات الرصعة باربارية وبربرية 346. 
السلطه بدون اندو له ان TT‏ هو و هه ی 


- الجمهورية القروية في منطقة القبائل 353. - التنظیم البلدي في دقة خلال 
القرن الثاني ق . م 354. - الجمهورية الترببية الزابية 356. - التنظیم Í jad!‏ 
عند آیت عطا 358. - الا تحادات النوميدية والورية 360. - مجتمع الطوارق 
الارستقراطی 364. 


480 


الفوضى التوازنة SERS‏ الوه كن د مه لد و و وم لاروك ها BATA‏ !300 
- الملكية المستحيلة 369. - قبائل المخزن وبلاد السيبة 373. - الصفوف 


واللفوف والتحالفات 374. 
العيش في المجتمع ea‏ لطاع و ی STR‏ 


- وضع المرأة379. - القوانين القبائلية 382. - الشرف أو الأنف الاشم 382. 
- الدية 385. 


الترتيب الزمني [لوجود البرير] من الأصول إلى القرن السادس عشر ZRT , rst.‏ 
خريطة الجهات الناطقة بالبريرية es don ne rs‏ 3232 39 
ملاحظات صاحب التوطئة III ni SOON mer en‏ 
ثبت الاعلام والأماكن AA ES cr‏ ا N eu‏ ۱9 
ثبت الصور ا ا 1 1 1 1 ا 1۰ 
مصادر أساسية که 
الاعمال الكاملة لفابرييل کامب ام و شم و اش اه کی 21437۰ 
الفهرس REESE a as‏ کت AID‏ 


481 


سر 


ذاكرة وهوية 


يكتسي هذا الكتاب آهمية خاصة, لاعتبارات عديدة؛ يأتي في مقدمتها ما صار للبربر (الأمازيغ) 
اليوم من المكانة المتعاظمة في البلدان المغاربية عامةء وفي المغرب بوجه خاص؛ كما نرى بعض أوجهه 
في اتساع نطاق الحضور الثقافي والإعلامي الذي صار يحوزه المكون البربري (الأمازيغي) في هذه 
البلدان». والاهتمام الكبير الذي صارت alab‏ اللغة البريرية (الأمازيغية) في دساتيرها do‏ برامجها 
التعليمية. فهي اعتبارات قد عرزت من الحاجة إلى مزيد تعرّف على أصول البربر» ورحلتهم المديدة 
في التاریخ» وإبراز ما كان لهم فيه من آلوان الساهمات. والتعرف إلى تقالیدهم» وأساليبهم في العيش 
واستكناه العناصر المكونة لثقافتهم واجتماعهم. 

وفوق هذه الاعتبارات الراهنة. هنالك اعتبار آخر بالغ الأهمية» وقد كان WIS‏ من موحّهات 
كامب إلى الاشتغال بهذا الموضوع؛ نريد خصوصية البربر المائزة لهم بين سائر الأقوام التي عمّرت 
Lille‏ من قديم الأزمان. فالبرير قد عمَّروا فوق ما pac‏ سواهم كثيرون. والبربر قد صمدوا لتقلبات 
التاریخ» وغزو الغزاة. ومحاولات الاحتواء. والطمسء والتذويب؛ فكأنهم المجرى الثابت الذي ظل 
موصولاً بعد انقضاء الحضارات والدول والإمبراطوريات التي تعاقبت على منطقة شمال إفريقيا. 
ولا تزال ترى للبربر اليوم وجوداً في أكثر من اثني عشر dsl‏ وعلى نطاق يمتد من غرب مصر إلى أقصى 
الشمال الافريقي» ومن البحر الأبيض التوسط إلى جنوب النیجر. 

وکامپ يروم بهذا الکتاب استجلاء تاريخ هذه الأقوام» بعد أن كان الجهل سائداً بمعظم 
جوانب تكوّنها وخصوصيتهاء وهي التي يصل تعداد أفرادها اليوم إلى حوالي ستة عشر مليوناً 
ويبحث في الأسباب من وراء ذلك الاحتواء الصارخ الذي وقع على البربر خاصة من الحضارة العربية 
الإسلامية. وجاء كامب يفكك الأساطير والخرافات التي نسجها الأجانب والعرب سواء بسواء بشأن 
البربر وثقافتهم وأصولهم. والكتاب يمثل أول محاولة في مقاربة تاريخ هذه الأقوام بالتوسل بجماع 
من العلوم - تدخل فيها الحفريات» والجغرافياء والعراقةء واللسانيات» إلخ. — وهاجس تركيبي 
لائح للملمة شعث تاريخ من الصراع لصون الهوية البربرية من رياح الاجتياحات الأجنبية لأقوام 
ضاربة بجذورها في أغوار التاريخ الإنساني. 


ISBN 9981-25-752-8 


۱ 


Peinture acrylique sur toile Polyptique, 
Aissa ۱ 
La poésie dans le sillage de la peinture.